هذه الاُمّة لأهل بيت نبيّها وأتباعهم ، مظهراً من مظاهر التواضع لجلاله والبخوع لحكمه ، وبهذا كان سبباً للمغفرة.
ثمّ إنّ ابن حجر قد أوضح حقيقة التشبيه في كلامه وقال : « ووجه تشبيههم بالسفينة أنّ من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرّفهم ، وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعيم ، وهلك في مفاوز الطغيان ـ إلى أن قال : ـ وبباب حطة ـ يعني ووجه تشبيههم بباب حطة ـ انّ اللّه جعل دخول ذلك الباب الذي هوباب أريحا أوبيت المقدس مع التواضع والاستغفار سبباً للمغفرة ، وجعل لهذه الاُمّة مودّة أهل البيت سبباً لها » (١).
وفي هذه الأحاديث الخمسة غنى وكفاية لطلاّب الحق.
إنّ هناك روايات تحدّد وتعيّن عدد الأئمّة بعد الرسول ، وإن لم تذكر أسماءهم ، ولكنّها تذكر سماتهم وهذه هي أحاديث الأئمة الاثني عشر رواها أصحاب الصحاح والمسانيد نذكرها إكمالاً للبحث ، وهي على وجه لا ينطبق إلاّ على من عيّنهم الرسول ووصفهم بالخلافة والزعامة ، ولذلك نذكرها في عداد أدلّة التنصيص على الخلافة. والإمعان فيها يرشد القارىء إلى الحق ، ويأخذ بيده حتّى يرسي مركبه على شاطىء الأمان والحقيقة.
__________________
١ ـ لاحظ الصواعق ( الباب الحادي عشر ) : ٩١ ، وقد علّق سيّدنا الإمام شرف الدين على كلام ابن حجر وقال : قل لي لماذا لم يأخذ بهدي أئمّتهم في شيء من فروع الدين وعقائده ، ولا شيء من اُصول الفقه وقواعده ، ولا شيء من علوم السنّة والكتاب ، ولا في شيء من الأخلاق والسلوك والآداب فلماذا تخلّف عنهم فأغرق نفسه في بحار كفر النعم ، وأهلكها في مفاوز الطغيان ( المراجعات ٢٥ ).