حرمان علي.
فقال عبد الرحمان لعلي وعثمان : أيّكما يخرج نفسه من الخلافة ويكون إليه الأختيار في الأثنين الباقيين؟ فلم يتكلّم منهما أحد ، فقال عبد الرحمان : اشهدكم انّني قد أخرجت نفسي من الخلافة على أن أختار أحدكما ، فامسكا فبدأ بعلي عليهالسلام وقال له : اُبايعك على كتاب اللّه وسنّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيرة الشيخين : أبي بكر وعمر ، فقال : بل على كتاب اللّه وسنّة الرسول واجتهاد رأيي ، فعدل عنه الى عثمان فعرض عليه ذلك ، فقال : نعم فعاد إلى علي عليهالسلام فأعاد قوله ، وفعل ذلك عبد الرحمان ثلاثاً ، فلمّا رأى أنّ علياً غير راحع عمّا قاله وأنّ عثمان يَنْعم له بالاجابة صفّق على يد عثمان ، وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فيقال : إنّ عليّاً عليهالسلام قال له : واللّه ما فعلتها إلا لأنّك رجوت منه ما رجاه صاحبكما من صاحبه دقَّ اللّه بينكما عطر « منشم ».
قيل : ففسد ذلك بين عثمان وعبد الرحمان فلم يكلّم أحدهما صاحبه حتى مات عبد الرحمان (١).
إذا ألقيت نظرة على كيفية تشكيل الشورى وأعضائها أدركت أنّها كانت لعبة سياسية وكان الهدف منها تسليم الخلافة إلى عثمان ولكن بصبغة شرعية وقانونية. إذ لم تكن الظروف تسمح بتنصيبه أو الايصاء به صريحاً. فدقّ الخليفة باب الشورى
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٣ ، الجزري : الكامل ٣ وشرح بن أبي الحديد ١ / ١٨٨ ، و« منشم » اسم امرأة عطَّارة بمكة وكانت خزاعة وجرهم إذا أرادوا القتال تطيّبوا بطيبها وكانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فكان يقال أشأم من عطر منشم ، لاحظ الصحاح للجوهري.