الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ٣

الشيخ جعفر السبحاني

الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٤٥

علياً». (١)

القرينة الرابعة : قوله ـ عليه‌السلام ـ عقيب لفظ الحديث : «الله أكبر على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضا الربّ برسالتي ، والولاية لعلي بن أبي طالب».

وفي لفظ شيخ الإسلام الحمّوئي (٢) : «الله أكبر ، تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية عليّ بعدي».

فأي معنى تراه يكمل به الدين ، ويتمّ النعمة ، ويُرضي الربَّ في عداد الرسالة غير الإمامة التي بها تمام أمرها وكمال نشرها وتوطيد دعائمها؟! إذن فالناهض بذلك العبء المقدّس أولى الناس منهم بأنفسهم.

القرينة الخامسة : قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قبل بيان الولاية : «كأنّي دُعيتُ فأجبتُ» ، أو : «أنّه يوشك أن أُدعى فأُجيب» ، أو «ألا وإنّي أُوشك أن أُفارقكم» ، أو : «يوشك أن يأتي رسول ربّي فأُجيب».

وهو يُعطينا علماً بأنّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كان قد بقي من تبليغه مهمّة يُحاذر أن يدركه الأجل قبل الإشادة بها ، ولو لا الهتاف بها بقي ما بلّغه مُخدَجاً ، ولم يذكر ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بعد هذا الاهتمام إلاّ ولاية أمير المؤمنين وولاية عترته الطاهرة الذين يَقْدمهم هو ـ صلوات الله عليه ـ كما في نقل مسلم (٣) ، فهل من الجائز أن تكون تلك المهمّة المنطبقة على هذه الولاية إلاّ معنى الإمامة المصرّح بها في غير واحد من الصحاح؟ وهل صاحبها إلاّ أولى الناس بأنفسهم؟ ....

__________________

(١) الغدير ، ج ١ ، ص ٦٥٦.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ٣١٥ ، باب ٥٨ ، ح ٢٥٠.

(٣) صحيح مسلم : ٥ / ٢٥ ، ح ٣٦ ، كتاب فضائل الصحابة.

٤٨١

القرينة السادسة : قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بعد بيان الولاية : «فليبلّغ الشاهد الغائب» ، أوَتحسب أنّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يؤكّد هذا التأكيد في تبليغ الغائبين أمراً علمه كلُّ فرد منهم بالكتاب والسنّة من الموالاة والمحبّة والنصرة بين أفراد المسلمين مشفوعاً بذلك الاهتمام والحرص على بيانه؟ لا أحسب أنّ ضئولة الرأي يُسفُّ بك إلى هذه الخطّة ، لكنّك ولا شك تقول : إنّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لم يُرد إلاّ مهمّة لم تُتَح الفرص لتبليغها ولا عرفته الجماهير ممّن لم يشهدوا ذلك المجتمع ، وما هي إلاّ مهمّة الإمامة التي بها كمال الدين ، وتمام النعمة ، ورضا الربّ ، وما فهم الملأ الحضور من لفظه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إلاّ تلك ، ولم يؤثر له ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لفظ آخر في ذلك المشهد يليق أن يكون أمره بالتبليغ له ، وتلك المهمّة لا تساوق إلاّ معنى الأولى من معاني المولى. (١)

الغدير في الكتاب الكريم

شاء سبحانه أن يبقى حديث الغدير غضّاً طرياً لا يبليه الحدثان ، فأنزل حوله آيات ناصعة البيان ، نقتصر على ذكر آيتين منها :

١. آية البلاغ

قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ). (٢)

صرّح غير واحد من الحفاظ والمحدّثين بنزول الآية يوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة حجة الوداع لمّا بلغ النبي الأعظم غدير خُمّ فأتاه جبرئيل فقال : يا

__________________

(١) الغدير : ١ / ٦٥٦ ـ ٦٥٨.

(٢) المائدة : ٦٧.

٤٨٢

محمد إنّ الله يقرئك السلام ويقول : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).

١. قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يوم غدير خم ، في علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ. (١)

٢. أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنّا نقرأ على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أنّ علياً مولى المؤمنين (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ). (٢)

٣. أخرج أبو إسحاق الثعلبي النيسابوريّ بسنده عن ابن عباس : في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...). الآية ، قال : نزلت في عليّ ، أُمر النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أن يُبلّغ فيه ، فأخذ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بيد علي ، فقال : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه». (٣)

٤. روى أبو الحسن الواحديّ النيسابوري بسنده عن أبي سعيد الخُدريّ قال : نزلت هذه الآية يوم غدير خُمّ في عليّ بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ. (٤)

٥. روى الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل وقواعد التفضيل والتأويل «بإسناده عن الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس وجابر الأنصاري قالا : أمر الله تعالى محمّداً ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أن ينصب عليّاً للناس ، فيخبرهم بولايته فتخوّف النبي

__________________

(١) الدر المنثور : ٣ / ١١٧.

(٢) الدر المنثور : ٣ / ١١٧.

(٣) الكشف والبيان : ٤ / ٩٢ ، تفسير سورة المائدة ، آية ٦٧.

(٤) أسباب النزول : ١٣٥.

٤٨٣

أن يقولوا : حابى ابن عمّه ، وأن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) الآية ، فقام رسول الله بولايته يوم غدير خُمّ. (١)

٦. قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره عند ذكر الوجوه حول الآية : العاشر : نزلت الآية في فضل عليّ ولمّا نزلت هذه الآية أخذ بيده وقال : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه». فلقيه عمر فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وهو قول ابن عبّاس ، والبراء بن عازب ، ومحمد بن عليّ. (٢)

إلى غير ذلك من الحفّاظ والمحدثين والمفسرين الذين نقلوا أنّ سبب نزول الآية كان حول حديث الغدير.

٢. آية إكمال الدين

قال سبحانه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً). (٣)

قد نقل غير واحد من علماء التفسير وأئمّة الحديث نزول الآية يوم الغدير.

يؤيد ذلك ما نقله الرازي وقال : قال أصحاب الآثار لمّا نزلت هذه الآية على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لم يعمّر بعد نزولها إلاّ أحداً وثمانين يوماً أو اثنين وثمانين يوماً ، ولم يحصل في الشريعة زيادة ولا نسخ ولا تبديل ، وكان ذلك جارياً مجرى إخبار النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ عن قرب وفاته. (٤)

__________________

(١) مجمع البيان : ٣ / ٣٤٤.

(٢) التفسير الكبير : ١٢ / ٤٩.

(٣) المائدة : ٣.

(٤) التفسير الكبير : ١١ / ١٣٦.

٤٨٤

هذا من جانب ومن جانب آخر ذكر المؤرِّخون من أهل السنّة ، كالبخاري في صحيحه (١) أنّ وفاته ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في الثاني عشر من ربيع الأوّل.

فمن يوم الغدير الذي كان في الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام إلى الثاني عشر من ربيع الأوّل يكون بضعاً وثمانين يوماً.

وأمّا المحدّثون فقد نقلوا أنّ سبب نزول الآية في غير واحد من كتبهم ، نظراء :

١. أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : لمّا نصب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ عليّاً يوم غدير خم فنادى له بالولاية ، هبط جبريل عليه بهذه الآية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).

٢. أخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة قال : لمّا كان يوم غدير خم وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة ، قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» فأنزل الله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ). (٢)

٣. وأخرج أيضاً الحميدي وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان البيهقي في سننه عن طارق بن شهاب قال : «قالت اليهود لعمر : إنّكم تقرءون آية في كتابكم ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيداً قال : وأي آية؟ قالوا : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) قال عمر : والله إنّي لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فيه والساعة التي نزلت فيها. نزلت على رسول الله عشية عرفة في يوم الجمعة. (٣)

__________________

(١) البخاري : ٤ ، رقم الحديث ٤١٤٥.

(٢) الدر المنثور : ٦ / ١٩.

(٣) نفس المصدر ، ص ١٧.

٤٨٥

ما نسب إلى الخليفة أنّها نزلت في عشية عرفة يخالف ما نقله الرازي عن أصحاب الآثار أنّه لمّا نزلت هذه الآية على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لم يعمّر بعد نزولها إلاّ أحداً وثمانين يوماً أو اثنين وثمانين يوماً.

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : مكث النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بعد ما نزلت هذه الآية إحدى وثمانين ليلة. (١)

ووجه المخالفة أنّ النبي حسب ما اتّفق عليه الجمهور توفّي في الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل ، فإذا افترضنا انّ الآية تنزلت يوم عرفة يبقى هناك عشرين يوماً ، فإذا أُضيف إليه ـ أعني : محرم الحرام وصفر المظفر واثنا عشر يوماً من شهر ربيع الأوّل ـ يكون الحد الفاصل بين نزول الآية ويوم وفاة النبي ٩٢ يوماً ونوضحه كالتالي :

من شهر ذي الحجة الحرام

من شهري محرم وصفر

من شهر ربيع الأوّل

المجموع

٢٠ يوماً

٦٠ يوماً

١٢ يوماً

٩٢ يوماً

فلو افترضنا كون الشهرين ٢٩ يوماً يكون الحدّ الفاصل ٩٠ يوماً مع أنّ المذكور عن أصحاب الآثار انّ الرسول لم يعمّر إلاّ ٨١ ليلة. بخلاف ما إذا اخترنا الروايات الدالة على أنّها نزلت في الثامن عشر من شهر ذي الحجة حيث يكون الحدّ الفاصل نحو إحدى وثمانين أو قريباً منه.

__________________

(١) الدر المنثور : ٦ / ٢٠.

٤٨٦

لما ذا أعرض الصحابة عن مدلول حديث الغدير؟

أقوى مستمسك لمن يريد التخلّص من الأخذ بالنصّ المتواتر الجليّ في المقام ، هو انّه لو كان الأمر كذلك فلما ذا لم تأخذه الصحابة مقياساً بعد النبي؟ وليس من الصحيح إجماع الصحابة وجمهور الأُمّة على ردّ ما بلَّغه النبيّ في ذلك المحتشد العظيم.

والجواب عنه انّ من رجع إلى تاريخ الصحابة يرى لهذه الأُمور نظائر كثيرة في حياتهم السياسية ، وليكن ترك العمل بحديث الغدير من هذا القبيل ، منها «رزيّة يوم الخميس» رواها الشيخان وغيرهما (١) ، ومنها سريّة أُسامة (٢) ، ومنها صلح الحديبية واعتراض لفيف من الصحابة (٣) ، ولسنا بصدد استقصاء مخالفات القوم لنصوص النبي وتعليماته ، فإنّ المخالفة لا تقتصر على ما ذكر ، بل تربو على نيّف وسبعين مورداً ، استقصاها بعض الأعلام. (٤)

وعلى ضوء ذلك لا يكون ترك العمل بحديث الغدير ، من أكثريّة الصحابة دليلاً على عدم تواتره ، أو عدم تماميّة دلالته.

__________________

(١) أخرجه البخاري في غير مورد لاحظ ج ١ ، باب كتابة العلم ، الحديث ٣ ، وج ٤ / ٧٠ وج ٦ / ١٠ من النسخة المطبوعة سنة ١٣١٤ ه‍ ؛ والإمام أحمد في مسنده : ١ / ٣٥٥.

(٢) طبقات ابن سعد : ٢ / ١٩٢١٨٩ ؛ الملل والنحل للشهرستاني : ١ / ٢٣.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ٨١ ، كتاب الشروط ؛ صحيح مسلم : ٥ / ١٧٥ ، باب صلح الحديبية ؛ والطبقات الكبرى لابن سعد : ٢ / ١١٤.

(٤) لاحظ كتاب النص والاجتهاد للسيد الإمام شرف الدين.

٤٨٧

الأمر السابع

السنّة النبويّة

 والأئمّة الاثنا عشر

إنّ النبيّ الأكرم ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لم يكتف بتنصيب علي ـ عليه‌السلام ـ منصب الإمامة والخلافة ، كما لم يكتف بإرجاع الأُمّة الإسلامية إلى أهل بيته وعترته الطاهرة ، ولم يقتصر على تشبيههم بسفينة نوح ، بل قام ببيان عدد الأئمّة الّذين يتولّون الخلافة بعده ، واحداً بعد واحد ، حتّى لا يبقى لمرتاب ريب ، فقد روي في الصحاح والمسانيد بطرق مختلفة عن جابر بن سمرة انّ الخلفاء بعد النبيّ اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، وإليك ما ورد في توصيفهم من الخصوصيات :

١. لا يزال الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة.

٢. لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة.

٣. لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة.

٤. لا يزال الدين ظاهراً على من ناوأه حتى يمضي من أُمّتي اثنا عشر خليفة.

٥. لا يزال هذا الأمر صالحاً حتى يكون اثنا عشر أميراً.

٤٨٨

٦. لا يزال الناس بخير إلى اثني عشر خليفة. (١)

وقد اختلفت كلمة شرّاح الحديث في تعيين هؤلاء الأئمّة ، ولا تجد بينها كلمة تشفي العليل ، وتروي الغليل ، إلاّ ما نقله الشيخ سليمان البلخي القندوزي الحنفيّ في ينابيعه عن بعض المحقّقين ، قال :

«إنّ الأحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده اثني عشر شخصاً ، قد اشتهرت من طرق كثيرة ، ولا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من الصحابة ، لقلّتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الأُمويّين لزيادتهم على الاثني عشر ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز ... ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسيين لزيادتهم على العدد المذكور ولقلّة رعايتهم قوله سبحانه :

(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). (٢)

فلا بد من أن يحمل على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته ، لأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم ، وأجلّهم ، وأورعهم ، وأتقاهم ، وأعلاهم نسباً ، وأفضلهم حسباً ، وأكرمهم عند الله ، وكانت علومهم عن آبائهم متصلة بجدّهم ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وبالوراثة اللّدنية ، كذا عرّفهم أهل العلم والتحقيق ، وأهل الكشف والتوفيق.

ويؤيّد هذا المعنى ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثّرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها». (٣)

__________________

(١) راجع صحيح البخاري : ٩ / ٨١ ، باب الاستخلاف ؛ صحيح مسلم : ٦ / ٣ ، كتاب الأمارة ، باب الناس تبع لقريش ؛ مسند أحمد : ٥ / ١٠٨٨٦ ؛ مستدرك الحاكم : ٣ / ٦١٨.

(٢) الشورى : ٢٣.

(٣) ينابيع المودَّة : ٤٤٦ ، ط استنبول ، عام ١٣٠٢.

٤٨٩

أقول : الإنسان الحرّ الفارغ عن كلّ رأي مسبق ، لو أمعن النظر في هذه الأحاديث وأمعن في تاريخ الأئمّة الاثني عشر من ولد الرسول ، يقف على أنّ هذه الأحاديث لا تروم غيرهم ، فإنّ بعضها يدلّ على أنّ الإسلام لا ينقرض ولا ينقضي حتّى يمضي في المسلمين اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ؛ وبعضها يدلّ على أنّ عزَّة الإسلام إنّما تكون إلى اثني عشر خليفة ؛ وبعضها يدلّ على أنّ الدين قائم إلى قيام السّاعة وإلى ظهور اثني عشر خليفة ، وغير ذلك من العناوين.

وهذه الخصوصيات لا توجد في الأُمّة الإسلامية إلاّ في الأئمّة الاثني عشر المعروفين عند الفريقين (١) ، خصوصاً ما يدلّ على أنّ وجود الأئمّة مستمرّ إلى آخر الدهر ومن المعلوم انّ آخر الأئمّة هو المهدي المنتظر الذي يعدّ ظهوره من أشراط الساعة.

ثمّ إنّه قد تضافرت النصوص في تنصيص الإمام السابق على الإمام اللاحق ، فمن أراد الوقوف على هذه النصوص ، فليرجع إلى الكتب المؤلّفة في هذا الموضوع. (٢)

__________________

(١) وهم : علي بن أبي طالب ، وابناه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة ، وعلي بن الحسين السجاد ، ومحمّد بن علي الباقر ، وجعفر بن محمّد الصادق ، وموسى بن جعفر الكاظم ، وعلي بن موسى الرضا ، ومحمّد بن علي التقي ، وعلي بن محمّد النقي ، والحسن بن علي العسكري ، وحجّة العصر المهدي المنتظر ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ.

(٢) لاحظ الكافي : ج ١ ، كتاب الحجّة ؛ كفاية الأثر ، لعلي بن محمد بن الحسن الخزاز القمي من علماء القرن الرابع ؛ إثبات الهداة للشيخ الحرّ العاملي ، وهو أجمع كتاب في هذا الموضوع.

٤٩٠

الفصل العاشر

عدالة الصحابة بين العاطفة والبرهان

٤٩١
٤٩٢

اتجاهان حول الصحبة والصحابة

لقد احتدم النزاع منذ عصر مبكّر حول الصحبة والصحابة ، أعني : الذين التفّوا حول النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وخاضوا معه المعارك والمغازي ، ورفعوا رايةَ الإسلام خفّاقة في أحلك الظروف ، وأشد المواقف ، وجاهدوا بين يديه بأنفسهم ونفيسهم حتّى نشروا الإسلام في ربوع الأرض.

ولا شكّ في أنّ هذا يثير مشاعر كلّ مسلم واع يعتزّ بدينه وشريعته ورسوله وقرآنه ، ويشدّه. إلى حبّهم وودّهم حتّى صار حب الصحابة من مظاهر حب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، وقد اشتهر بأنّ من أحب شيئاً أحبّ آثاره ولوازمه ، فمن أحب الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فقد أحب المتعلّمين على يديه والمجاهدين دونه.

هذا ممّا لا سترة ولا خلاف فيه ، إنّما الكلام في أنّ مجرّد صحبة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ سواء أكانت قصيرة الأمد أم طويلته ، هل تجعل الصحابي إنساناً مثالياً بعيداً عن المعاصي ، صغيرها وكبيرها ، جليلها وحقيرها طول عمره؟!

أو انّ صحبة الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ تؤثر في سلوك الصحابي وأخلاقياته ، وأنّ كلّ من صحبه يستضيء بنوره وبيانه حسب قابلياته واستعداداته؟!

ولأجل ذلك ظهر هنا اتجاهان :

٤٩٣

أحدهما : عدالة الصحابة برُمّتهم استغراقاً في حبهم ونزولاً عند حكم العاطفة لصاحب الشريعة وأنصاره ، وهو خيرة جمهور أهل السنّة.

ثانيهما : انّ صحبة الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ تؤثر في سلوك الصحابي وأخلاقياته حسب قابلياته ، فمنهم من بلغ قمة الكمال حتّى أصبح يُستدرّ به الغمام ، ومنهم من لم يبلغ هذا الشأو ولكن استضاء بنور النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وحسنت صحبته وسلمت سريرته ، ومنهم من لم ينل إلاّ حظاً قليلاً ، وما هذا إلاّ لتفريطه وتقصيره.

والنظرية الثانية هي خيرة الشيعة الإمامية ولفيف من غيرهم.

فالغاية من تأليف هذه الرسالة هو القضاء بين هذين الاتجاهين على ضوء القرآن الكريم والسنّة الشريفة والتاريخ الصحيح والعقل الحصيف بأسلوب موضوعي بعيد عن التعصّب والعاطفة.

ويأتي ما هو المقصود ضمن أُمور :

٤٩٤

١

 من هو الصحابي

اختلفت كلمة جمهور أهل السنّة في تعريف الصحابي مع اتّفاقهم على عدالته ، فاتّفقوا على حكم (عدالة الصحابي) لم يُحدَّد موضوعه سعة وضيقاً عندهم. وإليك نصوصهم في هذا الشأن :

١. قال سعيد بن المسيب : الصحابي ، ولا نعدّه إلاّ من أقام مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين.

٢. قال الواقدي : رأينا أهل العلم يقولون : كلّ من رأى رسول الله وقد أدرك فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممّن صحب رسول الله ، ولو ساعة من نهار ، ولكن أصحابه على طبقاتهم وتقدّمهم في الإسلام.

٣. قال أحمد بن حنبل : أصحاب رسول الله كلّ من صحبه شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه.

٤. قال البخاري : من صحب رسول الله أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه.

٥. وقال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب : لا خلاف بين أهل اللغة في أنّ الصحابي مشتق من الصحبة ، قليلاً كان أو كثيراً ، ثمّ قال : ومع هذا فقد تقرر للأُمّة عرف ، فإنّهم لا يستعملون هذه التسمية إلاّ فيمن كثرت صحبته ، ولا

٤٩٥

يجيزون ذلك إلاّ فيمن كثرت صحبته لا على من لقيه ساعة أو مشى معه خطى ، أو سمع منه حديثاً ، فوجب ذلك أن لا يجري هذا الاسم على من هذه حاله ، ومع هذا فإنّ خبر الثقة الأمين عنه مقبول ومعمول به وإن لم تطل صحبته ولا سمع عنه إلاّ حديثاً واحداً.

٦. وقال صاحب الغوالي : لا يطلق اسم الصحبة إلاّ على من صحبه ثمّ يكفي في الاسم من حيث الوضع ، الصحبةُ ولو ساعة ولكن العرف يخصّصه بمن كثرت صحبته.

قال الجزري بعد ذكر هذه النقول ، قلت : وأصحاب رسول الله على ما شرطوه كثيرون ، فإنّ رسول الله شهد حنيناً ومعه اثنا عشر ألف سوى الأتباع والنساء ، وجاء إليه «هوازن» مسلمين فاستنقذوا حريمهم وأولادهم ، وترك مكة مملوءة ناساً وكذلك المدينة أيضاً ، وكلّ من اجتاز به من قبائل العرب كانوا مسلمين فهؤلاء كلّهم لهم صحبة ، وقد شهد معه تبوك من الخلق الكثير ما لا يحصيهم ديوان ، وكذلك حجة الوداع ، وكلّهم له صحبة. (١)

إنّ التوسع في مفهوم الصحابي على الوجه الذي عرفته في كلماتهم ممّا لا تساعد عليه اللغة والعرف العام ، فإنّ صحابة الرجل عبارة عن جماعة تكون لهم خلطة ومعاشرة معه مدّة مديدة ، فلا تصدق على من ليس له حظ إلاّ الرؤية من بعيد ، أو سماع الكلام أو المكالمة أو المحادثة فترة يسيرة ، أو الإقامة معه زمناً قليلاً.

وأعجب منه كما تقدّم انّهم اتّفقوا على عدالة كل صحابي مع أنّهم اختلفوا في مفهوم الصحابي اختلافاً واسعاً ، ومن الواضح انّ اتّفاقهم على العدالة رهن اتّفاقهم على تعريف محدد وجامع للمفهوم الصحابي.

__________________

(١) أُسد الغابة : ١ / ١٢١١ ، طبع مصر.

٤٩٦

٢

الصحبة

وملاكات الاختلاف

لا شكّ انّ للصحبة تأثيراً في النفوس من غير فرق بين كون المصاحَب مصاحَب سوء أو غيره ، فلذلك نرى أنّ المجرم يوم القيامة يتمنّى عدم اتخاذ فلان صديقاً ، يقول سبحانه حاكياً عنه : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (١) ، ويقول أيضاً حاكياً عن الخلّة والصحبة : (الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) (٢) ، فإذا كان لصحبة السوء تأثير في تكوين شخصية الإنسان ، فلصحبة الأخيار تأثير في النفوس القابلة المستعدة ، فربما ترفعه إلى منزلة عالية ، وهذا شيء يلمسه كلّ إنسان في واقعه العملي.

لا شكّ انّ لصحبة الأخيار أثراً تربوياً ، ولكن مدى تأثيرها يختلف حسب اختلاف عناصر ثلاثة ، هي :

١. السن.

٢. الاستعداد.

__________________

(١) الفرقان : ٢٨.

(٢) الزخرف : ٦٧.

٤٩٧

٣. مقدار الصحبة.

أمّا الأوّل فلا شكّ انّ الإنسان الواقع في إطار التربية إذا كان إنساناً يافعاً أو شاباً في عنفوان السن يكون قلبه وروحه كالأرض الخالية تنبت ما أُلقي فيها ، فربما تُكوّن الصحبةُ شخصية كاملة تعدّ مثلاً للفضل والفضيلة ، وهذا بخلاف ما إذا كان طاعناً في السن ، واكتملت شخصيّته الروحية والفكرية ، فانّ النفوذ في النفوس المكتملة الشخصية والتأثير عليها والثورة على أفكارها وروحياتها واتجاهاتها أمر صعب ، فيكون تأثير الصحبة أقل بمراتب من الطائفة الأُولى.

وأمّا الثاني ـ أعني : الاختلاف في الاستعداد ـ فهو أمر لا يحتاج إلى البيان ، فكما أنّ البشر يختلفون في تقبّل العلم ، فهكذا هم يختلفون في مقدار قبول الهداية الإلهية ، ولهذا نرى أنّ من تخرّجوا عن مدرسة الرسول يختلفون إيماناً وإيثاراً وأخلاقاً وسلوكاً.

وأمّا الثالث أي مقدار الصحبة فقد كانوا مختلفين فيه ، فبعضهم صحب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من بدء البعثة إلى لحظة الرحلة ، وبعضهم أسلم بعد البعثة وقبل الهجرة ، وكثير منهم أسلموا بعد الهجرة وربما أدركوا من الصحبة سنة أو شهراً أو أيّاماً أو ساعة فهل يصحّ أن نقول : انّ صحبة ما ، قلعت ما في نفوسهم جميعاً من جذور غير صالحة وملكات ردية ، وكوّنت منهم شخصيات ممتازة أعلى وأجل من أن يقعوا في إطار التعديل والجرح.

وهذه العوامل تؤيد الاتجاه الثاني القائل بأنّ تأثير الصحبة في صحابة الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لم يكن على نحو يجعل الجميع على حدّ سواء من الإيمان والفضل والتقوى والإيثار والزهد والخير ، وما دامت هذه الاختلافات سائدة عليهم فمن البعيد أن نجعلهم على غرار واحد ونزن الكل بصاع معيّن ، ونحكم على الكلّ

٤٩٨

بصفاء النفس ، والتجافي عن زخارف الدنيا.

إنّ صحبة الصحابة لم تكن أشدّ ولا أقوى ولا أطول من صحبة امرأة نوح وامرأة لوط ، فقد صحبتا زوجيهما الكريمين ، ولبثتا معهما ليلاً ونهاراً ولكن هذه الصحبة ـ للأسف ـ ما أغنت عنهما من الله شيئاً ، قال سبحانه : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ). (١)

إنّ التشرّف بصحبة النبي لم يكن أكثر امتيازاً وتأثيراً من التشرّف بزوجية النبي ، وقد قال سبحانه في شأنها : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً). (٢)

وأنت ترى الكتاب العزيز يندّد بنساء النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لأجل كشف سره ويعاتبهنّ في ذلك.

يقول سبحانه : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ* إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ* عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً). (٣)

فأي عتاب أشدّ من قوله سبحانه : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) أي مالت قلوبكما عن الحقّ ، كما أنّ قوله : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) يعرب عن وجود

__________________

(١) التحريم : ١٠.

(٢) الأحزاب ٣٠.

(٣) التحريم : ٥٣.

٤٩٩

أرضية فيهن للتظاهر ضدّ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وخلافه ، وهو سبحانه أخبر عن إحقاق أُمنيتهنّ ، لأنّ الله ناصر النبي وجبرئيل وصالح المؤمنين والملائكة.

كلّ ذلك ينبئ عن أنّ الصحبة ليست علّة تامة لتحويل المصاحب إلى إنسان عادل صالح خائف من الله ، ناء عن اقتراف السيّئات حقيرة كانت أو كبيرة ، بل هي مقتضية لصلاح الإنسان إذا كان فيه قابلية للاستضاءة ، وعزم للاستفاضة.

ومعنى هذا انّ للصحبة تأثيراً متفاوتاً وليست على وتيرة واحدة.

٥٠٠