الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ٢

الشيخ جعفر السبحاني

الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-062-2
الصفحات: ٦٢٨

إلى غير ذلك ممّا يعد من صلاحيات الحاكم الشرعي التي خوّلت إليه بغية تنظيم أُمور المجتمع في إطار الأحكام الأوّلية والثانوية.

وبذلك يظهر ما في كلام الأُستاذ عبد الوهاب خلاف حيث استدلّ على الاستصلاح بسيرة الصحابة وقال : «إنّ أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لمّا طرأت لهم بعد وفاته حوادث وجدّت لهم طوارئ ، شرّعوا لها ما رأوا أنّ فيه تحقيق المصلحة وما وقفوا عن التشريع لأنّ المصلحة ما قام دليل من الشارع على اعتبارها ، بل اعتبروا انّ ما يجلب النفع أو يدفع الضرر حسبما أدركته عقولهم هو المصلحة واعتبروه كافياً لأن يبنوا عليه التشريع والأحكام.

١. فأبو بكر جمع القرآن في مجموعة واحدة.

٢. حاربَ مانعي الزكاة.

٣. ودرأ القصاصَ عن خالد بن الوليد.

٤. وعمر أوقع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة.

٥. ووقّف تنفيذ حدّ السرقة في عام المجاعة.

٦. وقتل الجماعة في الواحد.

٧. وعثمان حدّد أذاناً ثانياً لصلاة الجمعة. (١)

يلاحظ عليه : أنّ ما قاموا به من الاعمال بين ما لها رصيد في القرآن والسنّة أو هي بدعة في الدين ورفض لحكم الكتاب والسنّة.

فمن الأوّل ، جمع القرآن في عصر من العصور قال سبحانه : (ثم (إِنَّ عَلَيْنا

__________________

(١) مصادر التشريع الإسلامي : ٧٥. كما في الأُصول العامة للفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم : ٣٨٩.

٥٢١

جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) ، (١) فالآية تدلّ على أنّ جمع القرآن أمر محبوب لله وهو سبحانه ينفِّذ إرادته من خلال أعمال عباده ، ونظيره محاربة مانعي الزكاة ، فانّه من شعب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويقرب منها ، وقف تنفيذ حد السرقة في عام المجاعة ، فلعلّه كان لأجل انصراف أدلّة الحد عن هذه الصورة.

ومن الثاني ، إيقاع الطلاق الثلاث وتنفيذها ثلاثاً ، فقد خالف كتاب الله وسنّة رسوله ، والرأي العام للصحابة ذاك اليوم ، وندم على ما فعل في أُخريات عمره ، نعم ندم حينما لا ينفعه الندم وقد بلغ السيلُ الزبى ، وقد مرّ تفصيله في هذا الجزء.

وأمّا درء القصاص عن خالد بن الوليد حيث قتل «مالك بن نويرة ، ثمّ نزا على امرأته» فكان خطيئة ، إذ كيف يمكن درء هذه الخطيئة التي لا تغسل عن ثوب المقترف بماء البحار ، ولذلك قال عمر بن الخطاب لخالد عند ما دخل المدينة : «قتلتَ امرأً مسلماً ، ثمّ نزوت على امرأته والله لأرجمنك بأحجارك» وأقصى ما كان عند أبي بكر من العذر هو ما قال في جواب عمر : «ما كنتُ لأغمد سيفاً سلّه الله عليهم» أي وإن فعل ما فعل ، وإن كانت الغاية من سل السيف صيانة دماء المسلمين وأعراضهم ، لا سفك دمائهم واستباحة نواميسهم ، فما قيمة هذا السيف الذي يستعمل السلّ ضد الإسلام والمسلمين.

وحصيلة البحث :

١. أنّ المصلحة لو كانت مستفادة من المنصوص والقواعد العامة فيحكم

__________________

(١) القيامة : ١٩.

٥٢٢

على وفقها ، ولكنّه عندئذ لا يكون الاستصلاح دليلاً مستقلاً بل يعدّ عملاً بالسنّة.

٢. ولو كانت مستفادة من حكم العقل فيعمل بها ، ولا يكون دليلاً مستقلاً بل عملاً بحكم العقل.

وإن لم يكن مستفادة من الشرع ولا العقل ، ولم ينص الشارع عليها ولم يلغها ، فلا يكون مصدراً للتشريع ، لاحتمال وجود مانع من جعل الحكم ، أو لأنّها فاقدة لبعض الشرائط ، فمثل هذه المصلحة المظنونة لا يصلح دليلاً للحكم الشرعي ، والشكّ في حجّية ذلك الظن ، يساوق القطع بعدم حجّيتها.

٥٢٣

مصادر التشريع فيما لا نصّ فيه عند أهل السنّة

٤ ـ سدّ الذرائع

إنّ سدّ الذرائع من الأُصول المعتبرة لدى المالكية والحنابلة دون غيرهما.

وقبل الدخول في صلب الموضوع نقدّم أُموراً :

١. سدّ الذرائع لغة واصطلاحاً

«الذريعة» في اللغة ، بمعنى الوسيلة التي يتوصّل بها إلى الشيء ، سواء أكان الشيء محبوباً أم مبغوضاً ، أم أمراً مباحاً غير محبوب ولا مبغوض. و «السدّ» يقابل الفتح ، وبما انّ البحث في المقام مركز على «سد الذرائع» في مقابل «فتح الذرائع» الذي سيوافيك بيانه في البحث القادم ، يكون المراد من الشيء في المقام هو الأمر المحرّم أو المكروه ، ولا يعمّ ما يقع ذريعة للواجب والمستحبّ ، فضلاً عن المباح.

وعلى ضوء هذا ، فأفضل التعاريف ما ورد في ألسنة المتأخّرين ، أعني : «ما يتوصّل به إلى شيء ممنوع مشتمل على مفسدة». (١)

__________________

(١) المدخل للفقه الإسلامي : ٢٦٦.

٥٢٤

٢. سدّ الذرائع من مصادر التشريع مستقلاً

يبدو من أصحاب سدّ الذرائع كالمالكية والحنابلة ، انّ سدّ الذرائع أصل برأسه ومصدر مستقل وراء الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، لكن لو قلنا بدلالة النهي عن الشيء ، على حرمة مقدّمته دلالة لفظيّة ، أو قلنا بوجود الملازمة العقلية بين الحرمتين ، لرجع الأصل إلى أحد المصدرين ، ولا يعدّ مصدراً مستقلاً.

٣. تعريفه وأقسامه

وقد عُرّف بتعاريف منها :

«العمل الذي يعدّ حلالاً في الشرع ، لكن الفاعل يتوصل به إلى فعل محظور».

أو :

التذرّع بفعل جائز إلى عمل غير جائز.

إلى غير ذلك من التعاريف التي جمعها محمد هاشم البرهاني في كتابه «سد الذرائع في الشريعة الإسلامية». (١)

وأوضحها الشاطبي بالمثال التالي :

إذا اشترى شخص غنماً من رجل بعشرة إلى أجل ، ثمّ باعها منه بثمانية نقداً ، فقد صار مآل هذا العمل مقدمة لأكل الربا ، لأنّ المشتري أخذ ثمانية ودفع عشرة عند حلول الأجل. فالقائل بسد الذرائع يمنع البيع الأوّل تجنّباً عن الربا. (٢)

__________________

(١) انظر ص ٧٤.

(٢) الموافقات : ٤ / ١١٢.

٥٢٥

ومع أنّ القائلين بالقاعدة ركّزوا على قسم واحد وهو ما عرفته ، لكن ذكر ابن القيم للذريعة أقساماً أربعة :

١. الوسائل الموضوعة للإفضاء إلى المفسدة كشرب الخمر المفضي إلى مفسدة السكر ، والزنا المفضي إلى اختلاط المياه وفساد الفراش.

٢. الوسائل الموضوعة للأُمور المباحة ، إلاّ انّ فاعلها قصد بها التوصّل إلى المفسدة كما يعقد البيع قاصداً الربا (كما في مثال الشاطبي).

٣. الوسائل الموضوعة للأُمور المباحة ، والتي لم يقصد بها التوصّل إلى المفسدة لكنّها مفضية إليها غالباً ، كسبّ آلهة المشركين المفضي إلى سبّ الله سبحانه وتزين المتوفى عنها زوجها في زمن عدّتها.

٤. الوسائل الموضوعة للمباح وقد تفضي إلى المفسدة ومصلحتها أرجح من مفسدتها ، كالنظر إلى المخطوبة ، أو المشهود عليها. (١)

هذا ولكن المالكية ثمّ الحنابلة الذين هم الأصل لتأسيس هذا الأصل ، يركزون على القسم الثاني من تلك الأقسام ، وهي الوسائل المباحة التي يقصد التوصّل بها إلى المفسدة. والحقّ اختصاص القاعدة به ، وذلك لأنّ القسم الأوّل في كلام ابن القيّم خارج عن محط البحث ، إذ مضافاً إلى أنّ نفس شرب المسكر حرام سواء أدّى إلى السكر أم لا ، انّ لازم ذلك ، دخول عامّة المحرمات النفسية الواردة في الكتاب والسنّة تحت هذا الأصل وبالتالي انقلابها من الواجب النفسي إلى الواجب الغيري بناء على القول بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، ومن المعلوم أنّ الغاية من تأسيس ذاك الأصل غير المحرمات النفسية.

كما أنّ الثالث ممّا مثل به من سب آلهة المشركين أو تزيّن المتوفّى عنها زوجها

__________________

(١) اعلام الموقعين : ٣ / ١٤٨.

٥٢٦

في زمن عدتها ، حرام بالذات كما سيوافيك بيانه.

وأمّا الرابع فليس بحرام قطعاً وانحصر مورد الأصل بالصورة الثانية ، وقد أكثر الإمام مالك العمل بهذه القاعدة حتّى أفتى لمن رأى هلال شوال وحده ، أن لا يفطر لئلاّ يقع ذريعة إلى إفطار الفسّاق ، محتجّين بما احتجّ به ، ولكن كان في وسع الإمام أن لا يُحرِّم عليه الإفطار عملاً بالسنّة : «صوموا عند الرؤية وأفطروا عند الرؤية» (١) وفي الوقت نفسه يمنعه عن التظاهر به ويجمع بين القاعدتين ، ولعلّ هذا مراد الإمام.

وممّن أطنب فيه الكلام ، ابن القيم حيث استدلّ على القاعدة بوجوه بلغت تسعة وتسعين وجهاً ، فمن أراد فليرجع إلى اعلام الموقعين. (٣) ونحن نقتصر بالوجوه الأربعة المستمدة من الأدلّة الأربعة.

أدلّة القاعدة

وقد استدلّوا على القاعدة بالكتاب والسنّة والإجماع والعقل :

الاستدلال بآيات أربع من الكتاب

١. آية النهي عن سبّ الآلهة

قال سبحانه : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ). (٣)

__________________

(١) بلوغ المرام برقم ٢٧١ باختلاف يسير.

) اعلام الموقعين : ٣ / ١٧١١٤٩.

(٣) الأنعام : ١٠٨.

٥٢٧

وقد نهى سبحانه عن سب آلهة المشركين لئلاّ يقع ذريعة لسبِّه سبحانه بغير علم.

٢. آية النهي عن القول ب «راعنا»

قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ). (١)

وإنّما مُنعوا من مخاطبة الرسول بقولهم : «راعنا» لئلا يكون ذريعة لاستعمال اليهود إيّاه شتيمة له على ما ذكره المفسرون.

قال الزمخشري في تفسير الآية : كان المسلمون يقولون لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إذا ألقى إليهم شيئاً من العلم «راعنا» يا رسول الله ، أي راقبنا وانتظرنا وتأنّى بنا حتى نفهمه ونحفظه ، وكانت لليهود كلمة يتسابّون بها عبرانية أو سريانية ، فلمّا سمعوا بقول المؤمنين «راعنا» اغتنموا الفرصة وخاطبوا به الرسول ، وهم يعنون به تلك المسبَّة ، فنُهي المؤمنون عنها وامروا بما هو في معناه وهو انظرنا.

٣. آية النهي عن حيازة الحيتان

قال سبحانه : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). (٢)

نهاهم عن حيازة الحيتان يوم السبت لئلاّ تقع ذريعة للاصطياد.

__________________

(١) البقرة : ١٠٤.

(٢) الأعراف : ١٦٣.

٥٢٨

٤. آية النهي عن التقرب من الشجرة

قال سبحانه : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ). (١)

نهاهم عن التقرب ، لأنّها ذريعة للأكل.

يلاحظ على الاستدلال بأنّه لا دليل على أنّ التحريم في هذه الموارد ، تحريم غيريّ ، بل ظاهر الآيات انّها محرمة تحريماً نفسيّاً ، وفي الوقت نفسه ، له غايات كما في تحريم سب آلهة المشركين ، فانّ الغاية من تحريمه ، عدم إثارة حفيظة المشركين ، لسبّ الله عدواً ، وكون التحريم لغاية صحيحة لا يكون سبباً لكونه تحريماً غيريّاً ، وإلاّ تصبح عامة المحرمات ، واجبة غيرية ، حرمت لغايات قصوى.

الاستدلال بالسنّة

قد استدلّوا ـ وراء الكتاب ـ بما ورد في السنّة أوضحها : ما رواه معاذ بن جبل قال : كنت رديف رسول الله على حمار يقال له عفير قال : فقال : «يا معاذ تدري ما حقّ الله على العباد ، وما حقّ العباد على الله؟» قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : «فإنّ حقّ الله على العباد أن يعبدوا الله ، ولا يشركوا به شيئاً ، وحقّ العباد على الله عزّ وجلّ أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً» ، قال : قلت يا رسول الله : أفلا أبشر الناس؟ قال : «لا تبشرهم فيتّكلوا». (٢)

مناقشة حديث معاذ

أ. انّ ما نقله عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من حقّ العباد على الله وأمره بكتمانه ، فقد جاء

__________________

(١) البقرة : ٢٥.

(٢) شرح النووي على صحيح مسلم : ١ / ٢٣٢.

٥٢٩

في الذكر الحكيم ولم يكتمه سبحانه حيث قال : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١) ، وقوله سبحانه : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٢) ، وقوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (٣) أي في حالة كونهم ظالمين وعاصين ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على غفرانه سبحانه لذنوب عباده.

ب. لو صحّ الحديث ، فقد أمر النبي معاذاً بالكتمان ، فلما ذا أفشى سره وارتكب الحرام مع أنّه كسائر الصحابة عدل؟!

الاستدلال بالإجماع

اتّفقوا على النهي عن إلقاء السم في أطعمة المسلمين المبذولة للتناول ، بحيث يعلم أو يظن انّهم يأكلونها فيهلكون ، والمنع عن حفر بئر خلف باب الدار في الظلام الدامس لئلا يقع فيها الداخل.

يلاحظ عليه : أنّ النهي في هذه الموارد نفسيّ وإن كان لغاية أُخرى ، كما شأن عامة النواصي في المصدرين.

الاستدلال بالعقل

يقول ابن قيم الجوزية في تقرير القاعدة : فإذا حرّم الربُّ تعالى شيئاً ، وله طرق ووسائل تُفضي إليه ، فانّه يحرّمها ويمنع منها تحقيقاً لتحريمه وتثبيتاً له ، ومنعاً أن يقرب حماه ، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضاً

__________________

(١) النساء : ٤٨.

(٢) الزمر : ٥٣.

(٣) الرعد : ٦.

٥٣٠

للتحريم ، وإغراءً للنفوس به ، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كلّ الإباء ، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك ، فانّ أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثمّ أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه لعدّ متناقضاً ، ولحصل من رعيته وجنده ضدّ مقصوده ، وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه ، وإلاّ فسد عليهم ما يرومون إصلاحه ، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال ، ومن تأمّل مصادرها ومواردها علم أنّ الله تعالى ورسوله سدّ الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرّمها ونهى عنها.

يلاحظ عليه : بأنّ الحرام ـ كما سيوافيك ـ الجزء الأخير من المقدّمة الذي لا ينفك عن ذيها.

إذا وقفت على أدلّة القائلين بهذا الأصل وما فيه فلنرجع إلى تحليل القاعدة.

أقول : يقع الكلام في مقامين :

الأوّل : تحليل القاعدة وتبيين مكانتها في علم الأُصول.

الثاني : دراسة الأمثلة الّتي فرّعوها عليها.

١. مكانة القاعدة في علم الأُصول

إنّ قاعدة سدّ الذرائع ليست قاعدة مستقلة وإنّما ترجع لإحدى القاعدتين :

الأُولى : وجود الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدّمته.

فمغزى القاعدة عبارة عن أنّه إذا حُرِّم الشيء ، حرِّمت مقدّماته وذرائعه التي يتوصل الإنسان بها ، وهي مطروحة في كتب الأُصول ، فمنهم من حرّم مطلقَ المقدّمة ، ومنهم من حرّم المقدّمة الموصلة ، ومنهم من حرّم الجزء الأخير من المقدّمة

٥٣١

بمعنى العلّة التامة التي لا تنفك عن ذيها ، والأخير هو المتعيّن ، لأنّ قبح الذريعة أو ممنوعيتها لأجل كونها وسيلة للوصول إلى الحرام ، فلا توصف بالحرام إلاّ إذا كانت موصلة لا غير ، ولا يتحقّق الإيصال إلاّ بالجزء الأخير الذي يلازم وجود المبغوض.

وعلى ضوء ذلك فلا يصحّ لنا الحكم بحرمة كلّ مقدمة للعمل المحظور ، إلاّ إذا انتهى إلى الجزء الأخير من المقدمة الذي لا ينفك عن المحظور.

الثانية : الإعانة على الإثم التي أفتى الفقهاء بحرمتها ، مستدلّين بقوله سبحانه : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ). (١) بناءً على انّ التعاون يعمّ الإعانة الجماعية والفرديّة ، ومن هذا القبيل سبّ آلهة المشركين الذي يثير حفيظتهم إلى سبّ الله سبحانه ، أو خطاب النبي بقولهم : «راعنا» والذي يحرك الآخرين لاستعماله في هتك حرمة النبي ، فليس لنا أصل باسم سدّ الذرائع ، وإنّما مرجعه إلى إحدى القاعدتين.

٢. دراسة بعض الفروع المبنية عليها

ثمّ ذكر بعض الكتّاب المعاصرين تطبيقات عملية لهذه القاعدة نسرد بعضها :

١. الاجتهاد لاستنباط أحكام الوقائع أمر مقرر مشروع ، لكنَّ في الاجتهاد الفردي في هذه الأيّام مفسدة ينبغي التحرّز عنها وسدّ أبوابها بأن تؤلف مجالس تَضُم كبارَ العلماء المختصين في مختلف علوم الشريعة وأبوابها ويسند إليها أمر الاجتهاد.

__________________

(١) المائدة : ٢.

٥٣٢

أقول : إنّ الحقيقة بنت البحث ، والاختلاف إذا نشأ عن نيّة صادقة يؤدي إلى نضج العلم وتكامله ، ولذلك يُعدّ الاجتهاد الجماعي أوثقَ وأقوى ، ولكن إذا بلغ الرجل مبلغَ الاجتهاد ، فمنعه عن الاجتهاد والعمل برأيه والإفتاء به ، أمر بالمنكر وصدّ عن العمل بالواجب.

٢. ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية فزعم القائل عدم جوازه سدّاً لذريعة التبديل والتغيير والتحريف. مضافاً إلى أنّ اللغات الأجنبية لا تسع لمعاني القرآن العميقة والدقيقة.

يلاحظ عليه : لا شكّ انّ ترجمة القرآن بأيّ لغة كانت لا تواكب معاني القرآن العميقة ، وهذا أمر ليس بحاجة إلى برهنة ، ولكن الحيلولة بين القرآن وترجمته ، يوجب سدَّ باب المعرفة للأُمم التي لا تجيد اللغة العربية ، فإذا أقر المترجم في مقدمة ترجمته بما ذكرناه وانّ ترجمته اقتباس ممّا جاء في الذكر الحكيم فعندها سترتفع المفسدة ، فتكون الترجمة ذات مصلحة خالية عن المفسدة.

ثمّ إنّ النص القرآني محفوظ بين المسلمين فهو المرجع الأصيل دون الترجمة.

٣. تدّخل الدولة في أيّام الأزمات والحروب لتحديد الأسعار ، والأُجور والخدمات وتنظيم الحياة العامة على نحو معين لحماية الضعفاء من أرباب الجشع والطمع على أن يتجاوز حدّ الضرورة.

أقول : المراد من مصادر التشريع ، ما يقع في طريق استنباط الأحكام الشرعية التي أمر النبي بإبلاغها ، للناس ، وهي أحكام ثابتة عبر الأجيال والقرون.

وأمّا تحديد الأسعار ، فليس من الأحكام الشرعية بالمعنى المتقدّم ، بل هو حكم حكومي ، يعدّ من حقوق الحاكم واختياره ، فلو مسّت الحاجة إلى التسعير

٥٣٣

قام به ، وإلاّ ترك الناس والأجناس بحالها ، فعدّ سدّ الذرائع من مصادر التشريع ، واستنتاج جواز تحديد الأسعار منه واقع في غير محلّه.

حصيلة البحث

إنّ سدّ الذرائع ، ليس دليلاً مستقلاً في عرض سائر الأدلّة الأربع ، فانّ حرمة المقدمة إمّا مستفادة من نفس النهي عن ذيها ، فتدخل في السنّة حيث إنّ النهي عن ذيها ، يدلّ بإحدى الدلالات على تحريم المقدّمة.

أو مستفادة من العقل الحاكم بالملازمة بين التحريمين وانّه إذا حرم الشيء ، يجب أن يحرم ما يتوصّل به إليه. أو هي من فروع الإعانة على الإثم والعدوان.

وعلى كلّ تقدير فليس سدّ الذرائع أصلاً برأسه.

٥٣٤

مصادر التشريع فيما لا نصّ فيه عند أهل السنّة

٥ ـ الحيل

(فتح الذرائع)

إنّ فتح الذرائع من أُصول الحنفية كما أنّ سدّ الذرائع من أُصول المالكية ، ويسمّى الأوّل بالمخارج من المضائق ، والتحيّل على إسقاط حكم شرعي ، أو قلبه إلى حكم آخر.

وقد صارت هذه القاعدة مثاراً للنزاع وسبباً للطعن بالحنفية ، حيث إنّ التحيّل لإبطال المقاصد الشرعية لأجل أحد أمرين :

إمّا نفي الحكمة المقصودة من الأحكام الشرعية حتى يصير المكلّف ناظراً إلى الصور ، والألفاظ لا إلى المقاصد والأغراض.

وأمّا الاجتراء على إبطال الحكمة الشرعية بما يُرضي العامة ، وهذه نزعة إسرائيلية معروفة تشهد بها آية السبت في سور مختلفة. (١)

__________________

(١) ذُكرت قصة أهل السبت في مواضع خمسة من القرآن : البقرة : ٦٥ ـ ٦٦ ، النساء : ١٥٤ ـ ١٥٥ ، الأعراف : ١٦٣ ، النحل : ١٢٤ ، وقد جاء لعنهم في سورة النساء : ٤٧ قال سبحانه : (أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ).

٥٣٥

إنّ ذهاب الحنفية إلى هذه القاعدة أثار حفيظة الآخرين ، ممّا حدا بالبخاري أن يعقد باباً خاصّاً للرد على القاعدة معبّراً عن أبي حنيفة ، بقوله : «قال بعض الناس» وإليك الباب وما فيه :

«باب» إذا غصب جارية فزعم أنّها ماتت ، فقُضي بقيمة الجارية الميتة ، ثمّ وجدها صاحبها فهي له ويرد القيمة ، ولا تكون القيمة ثمناً ـ ثمّ أضاف البخاري قائلاً : وقال بعض الناس : الجارية للغاصب لأخذه القيمة ، وفي هذا احتيال لمن اشتهى جارية رَجل لا يبيعها فغصبها واعتلّ بأنّها ماتت حتى يأخذ ربُّها قيمتها ، فيطيب للغاصب جارية غيره ، قال النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : «أموالكم عليكم حرام ، ولكلّ غادر لواء يوم القيامة». (١)

ومن أكثر الناس ردّاً للحيل الحنابلة ، ثمّ المالكية ، لأنّهم يقولون بسدِّ الذرائع ، وهو أصل مناقض للحيل تمام المناقضة.

يقول ابن القيم : إنّ هؤلاء المحتالين الذين يُفتون بالحيل التي هي كفر أو حرام ، ليسوا مقتدين بمذهب أحد من الأئمّة ، وانّ الأئمّة أعلم بالله ورسوله ودينه وأتقى له من أن يفتوا بهذه الحيل (٢) ، فقد قال أبو داود في مسائله : سمعتُ أحمد وذكر أصحاب الحيل يحتالون لنقض سنن رسول الله ، وقال في رواية أبي الحارث الصانع : هذه هي الحيل التي وضعوها ، عَمِدوا إلى السنن واحتالوا لنقضها.

والشيء الذي قيل لهم انّه حرام احتالوا فيه حتى أحلّوه ، قالوا : الرهن لا

__________________

(١) صحيح البخاري : ٩ / ٣٢ ، كتاب الإكراه.

(٢) لا يخفى ما في كلامه من المبالغة فإنّ الحنفية ـ وعلى رأسهم أبو حنيفة ـ قد ابتدعت تلك القاعدة ، فكيف نزّهه عنها؟

٥٣٦

يحلّ أن يستعمل ، ثمّ قالوا : يحتال له حتى يستعمل فكيف يحل ما حرم الله ورسوله بالحيلة؟

وقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : «لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشحوم ، فأذابوها ، فباعوها ، وأكلوا أثمانها ، أذابوها حتى أزالوا عنها اسم الشحم». (١)

ثمّ إنّ ابن القيم لمّا كان من المتعصبين للمذهب الحنبلي خصّص الجزء الثالث وقسماً من الرابع في القاعدتين ، فاستدلّ على قاعدة سد الذرائع بتسعة وتسعين وجهاً. (٢)

كما بسط الكلام في قاعدة الحيل ، واستوعب قسماً كبيراً من الجزء الثالث وقسماً من الجزء الرابع فخصص ٣٦١ صفحة لإبطال هذه القاعدة ، وضرب أمثلة كثيرة لها ناهزت ١١٦ مثالاً.

وقد استدلّ المثبتون لها بالكتاب والسنّة :

الاستدلال بالكتاب :

١. قوله سبحانه : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ). (٣)

روى المفسرون أنّ أيّوب قد حلف على ضرب امرأته بمائة سوط ، فأمره سبحانه أن يجمع مائة من شماريخ (٤) ويجعلها ضِغثاً ، ويضربها مرة واحدة ، وكأنّه

__________________

(١) اعلام الموقعين : ٣ / ١٩١.

(٢) اعلام الموقعين : ٣ / ١٤٧ ـ ١٧١.

(٣) سورة ص : ٤٤

(٤) جمع الشمراخ غصن دقيق ينبت في أعلى الغصن الغليظ.

٥٣٧

ضربها مائة سوط ، فذلك تحلّة أيمانه.

يلاحظ عليه : أنّ الاستدلال بالآية غير صحيح ، لاحتمال أن يكون ذلك الحكم تخفيفاً من الله سبحانه في حقّ أيّوب لمّا صبر طيلة سنين متمادية حتى وصفه الله سبحانه بقوله : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ) فهذا النوع من التخفيف كان جزاءً له على صبره ، وتخفيفاً عن امرأته ورحمة بها.

ولو كان هذا الحكم عاماً لما خفي على أيوب وهو نبيّ من أنبيائه سبحانه ، وسّع الله صدره بالعلم.

وما ربما يقال من أنّ الخصوصية لا تثبت إلاّ بدليل (١) ، وإن كان صحيحاً ولكن الدليل على الخصوصيّة هو التعليل الوارد في الآية.

٢. وقوله سبحانه : (وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). (٢)

حيث أمر يوسف ـ عليه‌السلام ـ بجعل صواع الملك في رحل أخيه ليتوصل بذلك إلى أخذه وكيد إخوته. (٣)

يلاحظ عليه : أنّ يوسف توصّل بالحلال إلى الحلال ، وهو أخذ الأخ ولم يكن غير راض بذلك في الواقع ، كما ولم يكن قصده بذلك إيذاء إخوته ولا إيذاء أبيه.

أمّا الأوّل (إيذاء الإخوة) فواضح إذ لو كان قاصداً لذلك لعاقبهم بغير هذا

__________________

(١) الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي : ٢ / ٤٩١.

(٢) يوسف : ٦٢.

(٣) اعلام الموقعين : ٣ / ٢٢٤.

٥٣٨

الأُسلوب ، وأمّا الثاني (إيذاء الأب) فلأنّ الوالد كان واقفاً على أنّ أخا يوسف سيُحاصر ، حيث قال لهم : (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ). (١)

والظاهر من الكتاب العزيز أنّ يوسف قام بذلك بأمر من الله سبحانه حيث قال : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٢) ، أمره سبحانه بذلك ليبلغ الكتاب أجله ويتم البلاء الذي أحاط بيعقوب ويوسف وتبلغ حكمة الله تعالى التي قضاها لهم نهايتَها.

وهل يكون ذلك دليلاً على الجواز لعامة الناس لغايات سخيفة؟!

الاستدلال بالسنّة

استدلّوا من السنّة بما رواه البخاري ، عن أبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ استعمل رجلاً على خيبر ، فجاءه بتمر جنيب ، فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : أكلُّ تمر خيبر هكذا؟» قال : لا والله يا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ انّا لنأخذ الصاعَ من هذا ، بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة ، فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : «لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثمّ ابتع بالدراهم جنيباً». (٣)

والجمع نوع من تمر خيبر رديء ، والجنيب نوع جيد ، ولم يفصّل بين أن يكون البيع من رجلين أو رجل واحد.

وسيوافيك الكلام فيها فانتظر.

__________________

(١) يوسف : ٦٦.

(٢) يوسف : ٧٦.

(٣) اعلام الموقعين : ٣ / ٢٠٢ ؛ ولاحظ بلوغ المرام برقم ٨٥٥.

٥٣٩

القول الحاسم في فتح الذرائع (الحيل)

إنّ الموافق والمخالف لفتح الذرائع قد أطنبوا الكلام في المقام ، وكلّ تمسك وجوه من الأمثلة الفقهية ، فلنذكر ما يحسم الموقف ويزيل الخلاف فنقول :

إنّ الحيل التي يتوصّل بها على أقسام :

١. أن يكون التوصل بالوسيلة منصوصاً في الكتاب والسنّة ، وليس المكلّف هو الذي يتحيّلها بل أنّ الشارع هو الذي جعلها سبباً للخروج عن المضائق ، نظير تجويز السفر في شهر رمضان لغاية الإفطار ، قال سبحانه : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). (١)

فَخيَّر المكلّف بين البقاء في بلده فيصوم ، والخروج عنه فيفطر ، فالخروج عن ضيق الصوم بالسفر ، ممّا أرشده إليه الشارع. وليس بإيعاز من المكلّف نفسه.

ونظير تجويز نكاح المطلّقة ثلاثاً بعد التحليل ، إذ من المعلوم أنّه من طلّق زوجته ثلاثاً حرمت عليه أبداً قال سبحانه : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) وفي الوقت نفسه إنّ الشارع قد أرشده إلى الخروج من هذا المأزق بقوله : (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ). (٢)

__________________

(١) البقرة : ١٨٥.

(٢) البقرة : ٢٣٠.

٥٤٠