الصوت اللغوي في القرآن

الدكتور محمد حسين علي الصّغير

الصوت اللغوي في القرآن

المؤلف:

الدكتور محمد حسين علي الصّغير


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٥

في المهموسات فلا تتغير ، وهو لا يتحقق في المجهورات ، ويستعاض في تمييزها على ما يسميه بصوت الصدر. « ولعل هذا الصوت هو صدى الذبذبات التي تحدث في الوتريين الصوتيين بالحنجرة » (١).

وتشبيه ابن جني لجهاز النطق بالناي في انفتاحه وانطباقه تارة ، وبوتر العود في تشكيله الأصداء المختلفة والأصوات المتنوعة « إلا أن الصوت الذي يؤديه الوتر غفلاً غير محصور ... فالوتر في هذا التمثيل كالحلق ، والخفقة بالمضراب عليه كأول الصوت من أقصى الحلق ، وجريان الصوت فيه غفلاً غير محصور كجريان الصوت في الألف الساكنة » (٢).

يمكن أن يفيد الباحث منه إشارته للوترين الصوتيين في حالة الصوت المجهور الذي يحركهما عند الانفتاح ، وحالة الصوت المهموس الذي لا يحركهما عند الانطباق ؛ هذا في تشبيه جهاز النطق بالمزمار. وفي شكيل مجموعة الأصداء المتفاوتة عند ضرب أو حصر آخر الوتر من قبل ضارب العود.

هذا وذاك مما يدلنا على معرفة علماء العربية بالوترين الصوتيين ولو على وجه الإجمال في الإدراك.

وثم تقسيم هائل للأصوات باعتبار مخارجها ، وقد امتاز بابتكاره الخليل بن أحمد الفراهيدي ( ت : ١٧٥ هـ ) وهو في نظرنا من أدق مبتكراته ، لأنه انطلق مع الأصوات من مخارجها ، وحقق القول في مساحاتها ، ووضع كل صوت موضعه في تتبع فريد لم يستطع العلم الحديث أن يتخطاه بكل أجهزته المتخصصة والأهم من هذا أن الأدمغة المبدعة في أوروبا لم تستطيع الخروج على مسميات الخليل الصوتية ، ولم تخالفه إلا فيما يتعلق بتقعيد بعض المصطلحات دون تغيير حقائقها بما يتناسب مع اللغة التي انتظمت عليها ، ومع ذلك فهي الأصل الأول لمصطلحات أقسام الأصوات التي سبق إليها الخليل في تطبيق التسميات منطلقة من مسمياتها التي تحدث تلك الأصوات.

__________________

(١) إبراهيم أنيس ، الأصوات اللغوية : ١٢٣.

(٢) ابن جني ، سر صناعة الاعراب : ٩ـ ١٠.

٢١

يمكن القول بأن تقسيم الأصوات عند الخليل بالإضافة إلى مخارجها ؛ تشتمل على مخطط تفصيلي لعملية إخراج الأصوات وإحداثها ، في شتى تقلباتها المكانية بدءاً من الرئتين في تدفق الهواء وانتهاء بالشفتين عند الميم ، تضاف إليها المميزات الأخرى والخصائص المتعلقة بالأصوات وفضائها ، وفي المستطاع تصنيف مناطق انطلاق الأصوات كما خططه الخليل على النحو الآتي :

١ ـ الذلق : تخرج من ذلق اللسان ، وهو تحديد طرفي اللسان أو طرف غار الفم ، وهي : ( ر. ل. ن ).

٢ ـ الشفوية : تخرج من بين الشفتين خاصة ( ف. ب. م ).

٣ ـ الحلق : مبدؤها من الحلق ( ع. ح. هـ. خ. غ ).

٤ ـ أقصى الحلق : الهمزة وحدها ، ومخرجها من أقصى الحلق مهتوتة مضغوطة.

٥ ـ الجوف : مخرجها من الجوف هاوية في الهواء وهي : ( الياء والواو والألف والهمزة ).

٦ ـ حروف اللين : مخرجها من الرئتين ( ي. و. ا ).

٧ ـ اللهوية : مبدؤها من اللهاء ( ق. ك ).

٨ ـ الشجرية : مبدؤها من شجر الفم ، أي : مخرج الفم ( ج. ش. ض ).

٩ ـ الأسلية : مبدؤها من أسلة اللسان ، وهي مستدق طرف اللسان ( ص. س. ز ).

١٠ ـ النطعية : مبدؤها من نطع الغار الأعلى ( ط. ت. د ).

١١ ـ اللثوية : مبدؤها من اللثة ( ظ. ذ. ث ).

ويضيف إلى هذه الأقسام نوعين من الأصوات هما :

أ ـ الصحاح وهي خمسة وعشرون حرفاً عدا الجوف.

ب ـ الهوائية وهي الياء والواو والألف والهمزة لأنها لا يتعلق بها

٢٢

شيء (١). إن هذا النحو المستفيض لطبيعة تقسيم الأصوات ، وتبويب ذلك في مجالات متعددة ، تتلمس حقيقة الصوت مرة كما في الصوائب والصوامت ، وتنظر علاقة الصوت بوتري الصوت مرة كما في المجهور والمهموس ، وتراعي مخارج الأصوات بالنسبة لأجهزة النطق أو التصويت بعامة ، إن هو إلا أصالة صوتية لا تدانيها أصالة بالنسبة لبيئة انطلاق هذه المعلومات معتمدة على النظر والحس والتمحيص الشخصي ، دون الاستعانة بأي رعيل من الأجهزة أو المختبرات.

نتيجة هذا الجهد الشخصي لعلماء العربية ، وصفت لنا شخصية كل صوت باستقلالية تامة ، وذلك كل ما توصل إليه الأوروبيين بعد جهد وعناء ومثابرة جماعية لا فردية.

يقول إبراهيم أنيس « ولقد كان للقدماء من علماء العربية بحوث في الأصوات اللغوية شهد المحدثون الأوروبيين أنها جليلة القدر بالنسبة إلى عصورهم ، وقد أرادوا بها خدمة اللغة العربية والنطق العربية ، ولا سيما في الترتيل القرآني ، ولقرب هؤلاء العلماء من عصور النهضة العربية ، واتصالهم بفصحاء العرب كانوا مرهفي الحس ، دقيقي الملاحظة ، فوصفوا لنا الصوت العربي وصفاً أثار دهشة المستشرقين وإعجابهم » (٢).

وكان الوصف ما رأيت في الأقسام السالفة.

تطور الصوت اللغوي :

تنتاب اللغات الحية تطورات أصواتية ، تنشأ عنها تغيرات أساسية في اللغات ، فيخيم عن ذلك تغيير ملحوظ بطبيعة الصيغ الكلامية ، ويحدث تطوير في الوحدات التركيبية ، وأهم من ذلك ما ينشأ من تغيير في الأصوات ، يمكن حصره باختصار كبير في عاملين أساسيين هما : التحوّل التأريخي والتحول التركيبي.

التحول التأريخي عبارة عن تغيير وتحوير في القواعد والأصول لنظام

__________________

(١) قارن في هذا عند الخليل ، العين : ٥١ ـ ٦٠.

(٢) إبراهيم أنيس ، الأصوات اللغوية : ٥.

٢٣

الأصوات في اللغة ، نابع عن تحولات المجتمعات البشرية من ساذجة إلى متطورة ، أو من بدائية إلى متحضرة ، وما يرافق هذا التحول من تحول بالعلاقات الاجتماعية ، والمناخ القومي العام ، مما ينطبع أثره على الظواهر الاجتماعية وأبرزها اللغة لأنها أكبر ظواهره التفاهمية والتخاطبية ، فتتحول تدريجياً إلى لغة متطور في كثير من أبعادها المرتبطة بتطور مجتمعها ، إذ لا يمكن أن ينفصل التفكير في تحول مسار لغة ما عن التفكير في تحوّل مسار متكلمي تلك اللغة ، فاللغة في تطورها جزء لا يتجزأ من المحيط في تطوره ، وليس بالضرورة التطور إلى الأفضل بل قد تتطور اللغة إلى شيء آخر يعود بها التدهور والانحطاط ، تفقد فيه جملة من خصائصها الفنية أو الصوتية أو الجمالية ، وتنسلخ فجأة عن ملامحها الذاتية وتستبدلها بما هو أدنى قيمة لغوية.

وقد تزدهر ازدهاراً يفوق حد التصور إذا كانت بسبيل من حماية أصالتها كما هي الحال في اللغة العربية إذ يحرسها القرآن العظيم.

التحول التأريخي هذا لا يعنينا الاهتمام بأمره كثيراً في ظاهرة الصوت اللغوي ، وإنما تعنى هذه الدراسة بالشق الآخر من التحول وهو التحول التركيبي الذي ينشأ عادة نتيجة لظواهر تغيير أصوات اللغة الواحدة ، واستبدال صوت منها بصوت آنياً أو دائمياً ، فما استجاب للإبدال الصوتي الموقت يطلق عليه مصطلح المماثلة ، وما استجاب للإبدال الصوتي الدائم يطلق عليه مصطلح المخالفة. هذا ما يبدو لي في التحول التركيبي ، وهذه علة هذين المصطلحين ، وقد يوافق هذا الفهم قوماً ، وقد لا يرتضيه قوم آخرون ، ولكنه ما توصلت إليه في ظاهرتي المماثلة والمخالفة في التراث العربي واللغة منه بخاصة.

أ ـ المماثلة : Assimilation ، ظاهرة أصواتية تنجم عن مقاربة صوت لصوت ، فكلما اقترب صوت من صوت آخر ، اقتراب كيفية أو مخرج ، حدثت مماثلة ، سواء ماثل أحدهما الآخر أو لم يماثله.

والمماثلة أنواع أبرزها :

١ ـ المماثلة الرجعية ، ومعناها : أن يماثل صوت صوتاً آخر يسبقه.

٢٤

٢ ـ المماثلة التقدمية ، ومعناها : أن يماثل الصوت الأول الصوت الثاني.

٣ ـ المماثلة المزدوجة ، ومعناها : أن يماثل صوت الصوتين اللذين يحوطانه(١).

والمماثلة في أنواعها متناسقة الدلالة في اللغة العربية في حالات الجهر والهمس ، والشدة والرخاوة ، والانطباق والانفتاح ، مما يتوافر أمثاله في مجال الصوت ، وتنقل مجراه.

إن انتقال حالة الجهر في الصوت العربي إلى الهمس في المماثلة الرجعية شائع الاستعمال في أزمان موقوتة لا تتعداها أحياناً إلى صنعة الملازمة والدوام ، وإنما تتبع حالة المتكلم عند الممازجة بين الأصوات أو في حالة الإسراع ، وهناك العديد من الكلمات العربية قد أخضعت لقانون المماثلة الرجعية ، وهي أوضح فيما اختاره عبدالصبور شاهين ، فالكلمة ( أخذت ) مثلاً مما نظّر له عنها ، ( أخذت ) حينما تنطق آنياً ( أخَتُ ) فقد آثرت التاء في ( أخذت ) وهي مهموسة ، في الذال قبلها وهي مجهورة ، فأفقدتها جهرها ، وصارت مهموسة مثلها ، وتحولت إلى تاء ، ثم أدغم الصوتان.

أما عن المماثلة التقدمية ، فإن في العربية باباً تقع فيه هذه المماثلة بصورة قياسية ، في صيغة « افتعل ـ افتعالاً » حيث يؤثر الصامت الأول في الثاني ، قال تعالى : ( واًدّكَرَ بَعدَ أمَّة أنَا أنَبّئُكُم بتَأويله فَأَرسلُون ) (٢). الفعل : هو ذكر ، وصيغة ( افتعل ـ افتعالاً ) منه ( إذتكر ـ إذتكاراً ) إذ تزاد الألف في الأول ، والتاء تتوسط بين فاء الفعل وعينه ، فيكون الفعل ( إذتكر ) والذال مجهورة ، والتاء مهموسة ، فتأثرت التاء بجهر الذال ، فعادت مجهورة ، والتاء إذا جهر بها عادت دالاً ، فتكون : ( إذ دكر ) والدال تؤثر في الذال بشدتها ، فتتحول الذال من صامت رخو إلى صامت شديد ( دال ) ثم تدغم الدالان ، فتكون « إدَّكَرَ » (٣).

__________________

(١) ظ : مالمبرج ، علم الأصوات : ١٤١بتصرف وأختصار.

(٢) يوسف : ٤٥.

(٣) ظ : عبد الصبور شاهين ، علم الأصوات الدراسة : ١٤٥ بإضافة وتصرف.

٢٥

ب ـ وأما المخالفة : Dissimilation فتطلق عادة على أي تغيير أصواتي يهدف إلى تأكيد الاختلاف بين وحدتين أصواتيتين ، إذا كانت الوحدات الأصواتية موضوع الخلاف متباعدة (١) أو تؤدي إلى زيادة مدى الخلاف بين الصوتين (٢).

وقد وهم الدكتور إبراهيم أنيس رحمه‌الله بعدّه علماء العربية القدامى لم يفطنوا لظاهرة المخالفة في الأصوات ولم يعنوا بها عناية بالغة (٣).

بينما يدل الاستقراء المنهجي لعلم الأصوات عند العرب أن قوانين علم الصوت العربي لم تفتها ظاهرة المخالفة بل تابعتها بحدود متناثرة في كتب اللغة والنحو والتصريف ، وهو ما فعله علماء العربية في التنظير للمخالفة تارة ، وبدراستها تارة اخرى ، منذ عهد الخليل بن أحمد ( ت : ١٧٥ هـ ) حتى ابن هشام الأنصاري ( ت : ٧٦١ هـ ).

يقول الدكتور عبد الصبور شاهين « عرفت العربية ظاهرة المخالفة في كلمات مثل : تظنّن ، حيث توالت ثلاث نونات ، فلما استثقل الناطق ذلك تخلص من أحدها بقلبها صوت علة فصارت : تظنى .. ولها أمثلة في الفصحى مثل : نفث المخ : أنفثته نفثاً ، لغة في نقوته ، إذا استخرجته ، كأنهم أبدلوا الواو تاءّ » (٤).

وهذا ما ذهب إليه الأستاذ فندريس في ظاهرة المخالفة صوتياً ، وكأنه يترجم تطبيق العرب بأن « يعمل المتكلم حركة نطقية مرة واحدة ، وكان من حقها أن تعمل مرتين » (٥). فإذا تركنا هاتين الظاهرتين إلى مصطلحين صوتيين آخرين يعنيان بمسايرة تطور الصوت في المقطع أو عند المتكلم ، وهما : النبر والتنغيم ، لم نجد العرب في معزل عن تصورهما تصوراً أولياً إن لم يكن تكاملياً ، وإن لم نجد التسمية الاصطلاحية ، ولكننا قد نجد مادتها التطبيقية في شذرات ثمينة.

__________________

(١) ظ : مالمبرج ، علم الأصوات : ١٤٨.

(٢) ظ : تمام حسان ، مناهج البحث في اللغة : ١٣٤.

(٣) ظ : إبراهيم أنيس ، الأصوات اللغوية : ٢١١.

(٤) عبد الصبور شاهين ، علم الأصوات الدراسة : ١٥٠.

(٥) فندريس ، اللغة : ٩٤.

٢٦

النبر يُعنى عادة بمتابعة العلو في بعض الكلمات لأنه لا يسم وحدة أصواتية واحدة ، بل منظومة من الوحدات الأصواتية (١).

والتنغيم ـ كما أفهمه ـ يعني عادة بمتابعتة صوت المتكلم في التغيرات الطارئة عليه أصواتياً بما يلائم توقعات النفس الإنسانية للتعبير عن الحالات الشعورية واللاشعورية.

وكان المستشرق الألماني الدكتور براجشتراس قد وقف موقف المتحير حيناً ، والمتسائل حيناً آخر ، من معرفة علماء العربية بمصطلح النبر ، فهو لم يعثر على نص يستند عليه ، ولا أثر يلتجىء إليه في إجابة العربية عن هذا الأمر (٢).

والحق أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود كما يقال ؛ غير أن القدماء من العرب لم يدرسوا النبر في تأثيره في اللغة ، بل لأنه يعنى بضغط المتكلم على الحرف ، وبذلك ربطوه بالتنغيم أحياناً ، وبالإيقاع الذي يهز النفس ، ويستحوذ على التفكير ، وقد اختار عبد الصبور شاهين مقطعاً من خطبة تروى لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام أثبتها وعقب عليها ، قال الإمام علي فيما روي عنه : « من وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال : فيم؟ فقد ضمَّنه ، ومن قال : علام؟ فقد أخفى منه ، كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شيء لا بمقارنة ، وغير كل شيء لا بمزاولة ». وللقارىء أن يتخيل أداء هذه الجمل المتتابعة موقعة على نحو يشد إليها أسماع الناس ، ويستأثر بإعجابهم » (٣).

الحق أن اللحاظ المشترك بين النبر والتغنيم عند العرب القدامى يجب أن يكون موضع عناية من الناحية النظرية ، مع فرض توافره تطبيقاً

__________________

(١) ظ : مالمبرج ، علم الأصوات : ١٨٧.

(٢) ظ : براجشتراسر ، التطور النحوي : ٤٦.

(٣) عبد الصبور شاهين ، علم الأصوات الدراسة : ٢٠٠.

٢٧

قرأنياً في سور متعددة ، وخطابياً عند النبي عليه‌السلام والأئمة والصحابة وفصحاء العرب في جملة من الخطب.

اتضح لزميلنا الدكتور خليل العطية أن ابن جني ( ت : ٣٩٢ هـ ) في عبارته ( التطويح والتطريح والتفخيم والتعظيم ) (١) يمكن أن يشار عنده بها إلى مصطلحي النبر والتنغيم ، بما تتفتّق معاني ألفاظ العبارة من دلالات لغوية فقال :

« وتشير ألفاظ التطويح والتطريح والتّفخيم من خلال معانيها اللغوية إلى رفع الصوت وانخفاضه والذهاب به كل مذهب ، وهي على هذا إشارة الى النبر ، وليس النبر غير عملية عضوية يقصد فيها ارتفاع الصوت المنبور وانخفاضه ، كما أن تمطيط الكلام ، وزوي الوجه وتقطيبه ، مظهر من المظاهر التي تستند عليها ظاهرة التنغيم » (٢).

فإذا نظرنا إلى تعريف التنغيم عند الأوروبيين بأنه « عبارة عن تتابع النغمات الموسيقية أو الإيقاعات في حدث كلامي معين » (٣) ، ثبت لدينا أن هذا التعريف الفضفاض لا يقف عند حدود في التماس ظاهرة التنغيم وضبطها ، لأن تتابع النغمات والإيقاعات بإضافتها إلى الحدث الكلامي تختلف في هبوطها وصعودها نغماً وإيقاعاً ، فهي غير مستقرة المستويات حتى صنف مداها عند الدكتور تمام حسان إلى اربعة منحنيات : « مرتفع وعال ومتوسط ومنخفض » (٤).

ومعنى هذا أن ليس بالإمكان قياس مسافة التنغيم ليوضع له رمز معين ، أو إشارة معلمة عند العرب ، لهذا فقد كان دقيقاً ماتوصل إليه زميلنا الدكتور طارق الجنابي باعتباره التنغيم « قرينة صوتيية لا رمز لها ، أو يعسر أن تحدد لها رموز ، ومن ثم لم يكن موضع عناية اللغويين القدامى ، ولكنه وجد من المحدثين اهتماماً خاصاً بعد أن أضحت اللغات المحكية

__________________

(١) ابن جني ، الخصائص : ٢|٣٧٠.

(٢) خليل إبراهيم العطية ، في البحث الصوتي عند العرب : ٦٧ وما بعدها.

(٣) ماريو باي ، أسس علم اللغة : ٩٣.

(٤) ظ : تمام حسان ، اللغة العربية معناها ومبناها : ٢٢٩.

٢٨

موضع دراسة في المختبرات الصوتية » (١).

وفقدان موضع العناية لا يدل على فقدان الموضوع ، فقد كان التنغيم مجال دراسة لجملة من فنون العربية في التراكيب والأساليب ، في تركيب الجملة لدى تعبيرها عن أكثر من حالة نفسية ، وأسلوب البيان لدى تعبيره عن المعنى الواحد بصور متعددة ، وهذا وذاك جزء مهم في علمي المعاني والبيان نحواً وبلاغة ؛ وهي معالم أشبعها العرب بحثا وتمحيصاً ، وإن لم يظهر عليها مصطلح التنغيم.

__________________

(١) طارق عبد عون الجنابي ، قضايا صوتية في النحو العربي : « بحث ».

٢٩

نظرية الصوت اللغوي

وليس جديداً القول بسبق العرب إلى تأصيل نظرية الصوت اللغوي ، واضطلاعهم بأعباء المصطلح الصوتي منذ القدم ، لقد كان ما قدمناه في « منهج البحث الصوتي عند العرب » وإن كان جزئي الإنارة ، فإنه كاف ـ في الأقل ـ للتدليل على أصالة هذا المنهج ، وصحة متابعته الصوتية في أبعاد لا يختلف بها إثنان.

نضيف إلى ذلك ظاهرة صوتية متميزة في أبحاث العرب لم تبحث في مجال الصوت ، وإنما بحثت في تضاعيف التصريف ، ذلك أن صلة الأصوات وثيقة في الدرس الصّرفي عند العرب في كل جزئياته الصوتية ، فكان ما توصل إليه العرب في مضمار البحث الصرفي عبارة عن استجابة فعلية لمفاهيم الأصوات قبل أن تتبلور دلالتها المعاصرة ، فإذا أضفنا إلى ذلك المجموعة المتناثرة لعناية البحت النحوي بمسائل الصوت خرجنا بحصيلة كبيرة متطورة تؤكد النظرية الصوتية في التطبيق مما يعد تعبيراً حيّاً عن الآثار الصوتية في أمهات الممارسات العربية في مختلف الفنون.

« ولقد كان للقدماء من علماء العربية بحوث في الأصوات اللغوية شهد المحدثون الأوروبيين أنها جليلة القدر بالنسبة إلى عصورهم ، وقد أرادوا بها خدمة اللغة العربية والنطق العربي ، ولا سيما في الترتيل القرآني ، ولقرب هؤلاء العلماء من عصور النهضة العربية ، وإيصالهم بفصحاء العرب كانوا مرهفي الحسّ ، دقيقي الملاحظة ، فوصفوا لنا الصوت العربي وصفاً أثار دهشة المستشرقين وإعجابهم » (١).

__________________

(١) إبراهيم أنيس ، الأصوات اللغوية : ٥.

٣٠

وهذه البحوث الصوتية التي سبق إليها علماء العربية فأثارت دهشة المستشرقين ، وأفاد منها الأوروبيين في صوتياتهم الدقيقة التي اعتمدت أجهزة التشريح ، وقياس الأصوات في ضوء المكتشفات ، قد أثبتت جملة من الحقائق الصوتية ، كان قد توصل إليها الأوائل عفوياً ، في حسّ صوتي تجربته الذائقة الفطرية ، وبعد أن تأصلت لديهم إلى درجة النضج ، قدّمت منهجاً رصيناً رسّخ فيه المحدثون حيثيثات البحث الصوتي الجديد في المفردات والعرض والأسلوب والنتائج على قواعد علمية سليمة.

لقد قدم العرب والمسلمين مفصّلاً صوتياً مركباً من مظاهر البحث الصوتي يمثل غاية في الدقة والتعقيد ، لم يستند إلى أجهزة متطورة ، بل ابتكرته عقول علمية نيرة ، وأذهان صافية ، تجردت للحقيقة ، وتمحضت للبحث العلمي ، مخلصة فيه النية ، وكانت الخطوط العريضة لهذا العطاء على وجه الإجمال عبارة عن مفردات هائلة ، ونظريات متراصة ، يصلح أن يشكل كل عنوان منها فصلاً من باب ، أو باباً في كتاب ، يستقرىء به الباحث ما قدمه علماء العربية من جهد صوتي متميز واكبه الغربيون بعد ان عبّد طريقه العرب والمسلمون ، هذه المفردات في عنوانات ريادية تمثل الموضوعات الآتية في نظرية الصوت :

١ ـ ظاهرة حدوث الصوت.

٢ ـ معالم الجهاز الصوتي عند الإنسان.

٣ ـ أنواع الأصوات العالمية.

٤ ـ درجات الأصوات في الاهتزازات.

٥ ـ بدايات الأصوات عند المخلوقات.

٦ ـ علاقة الأصوات باللغات الحيّة.

٧ ـ أعضاء النطق وعلاقتها بالأصوات.

٨ ـ الأصوات الصادرة دون أعضاء نطق.

٩ ـ علاقة السمع بالأصوات.

٣١

١٠ ـ مقاييس الأصوات امتداداً أو قصراً.

١١ ـ تسميات الأصوات وأصنافها.

١٢ ـ الأصوات الزائدة على حروف المعاجيم.

١٣ـ الزمان والصوت ( مسافت الصوت ).

١٤ـ المكان والصوت ( مساحة الصوت ).

١٥ ـ المقاطع الصوتية بالإضافة إلى مخارج الأصوات.

١٦ ـ النقاء الصوتي.

١٧ ـ الموسيقي والصوت.

١٨ ـ العروض والصوت.

١٩ ـ النبر والصوت.

٢٠ ـ التنغيم والصوت.

٢١ ـ التقريب بين الأصوات.

٢٢ ـ الرموز الكتابية والأصوات.

٢٣ ـ إئتلاف الحروف وعلاقته بالأصوات.

هذه أهم مفردات المصطلح الصوتي في نظرية الصوت اللغوي عند العرب توصلنا إليها من خلال عروض القوم في كتبهم ، وطروحهم في بحوثهم ، وأن لم يشتمل عليها كتاب بعينه ، وإنما جاءت استطراداً في عشرات التصانيف ، ونحن لا نريد حصرها بقدر ما نريد من التنبيه ، أن هذه الموضوعات التي سبق إليها العرب ، هي التي توصل إليها الأوروبيين اليوم ، ومنها استقوا معلوماتهم الأولية ، ولكنهم أضافوا وجددوا وأبدعوا ، وتمرست عندهم المدارس الصوتية الجديدة ، تدعمها أجهزة العلم ، والأموال الطائلة ، والخبرات الناشئة ، مع الصبر على البحث ، والأناة في النتائج.

لقد كان ما قاله المرحوم الأستاذ مصطفى السقا وجماعته في

٣٢

مقدمتهم لسر صناعة الإعراب ملحظاً جديراً بالاهتمام ... « والحق أن الدراسة الصوتية قد اكتملت وسائلها وموضوعاتها ومناهجها عند الأوروبيين ، ونحن جديرون أن نقفو آثارهم وننتفع بتجاربهم ، كما انتفعوا هم بتجارب الخليل وسيبويه وابن جني وابن سينا في بدء دراساتهم للأصوات اللغوية » (١). فالأوروبيون أفادوا من خبراتنا الأصيلة. فهل نحن منتفعون؟

لقد توصل العرب حقاً إلى نتائج صوتية مذهلة أيدها الصوت الغوي الحديث في مستويات هائلة نتيجة لعمق المفردات الصوتية التي خاض غمارها الروّاد القدامى ، وقد أيد هذا التوصل إثنان من كبار العلماء الأوروبيين هما : المستشرق الألماني الكبير الدكتور براجشتراسر ، والعالم الانكليزي اللغوي المعروف الأستاذ فيرث.

أ ـ يقول الدكتور براجشتراسر في معرض حديثه عن علم الأصوات :

« لم يسبق الأوروبيين في هذا العلم إلا قومان : العرب والهنود » (٢).

ب ـ ويقول الأستاذ فيرث :

« إن علم الأصوات قد نما وشب في خدمة لغتين مقدستين هما : السنسكريتية والعربية » (٣).

والعرب مقدمون على الهنود في النص الأول لأنهم أسبق ، والسنسكريتية في النص الثاني لغة بائدة آثارية ، والعربية خالدة.

وـ أقف عند رأيين في نظرية الصوت اللغوي :

الأول : توصل الدكتور العطية « أن بعض مباحث العرب في البحث الصوتي داخلة في ( علم الصوت : phonetics ) لاشتماله على دراسة التكوين التشريحي لجهاز النطق والصوت ومكوناته وعناصره وصفاته العامة والخاصة على مستوى المجموعة البشرية. كما أن بعض جوانب ( علم الصوت

__________________

(١) مصطفى السقا وآخرون ، سر صناعة الاعراب ، مقدمة التحقيق : ١٩.

(٢) براجشتراسر ، التطور النحوي : ٥٧.

(٣) ظ : أحمد مختار عمر ، البحث اللغوي عند العرب : ١٠١ وانظر مصدره.

٣٣

الوظيفي phonolgy ) تبدو جلية في دراسة قوانين التأثر والتأثير ، واستكناه النبر والتنغيم ، وطول الصوت وقصره ، سواء أكان طوله صفة دائمة أم آنية عارضة » (١).

الثاني : إن الصوت قد فرض نفسه عند العرب في دراسات قد لا تبدو علاقتها واضحة بالصوت ، وقد وقف الدكتور الجنابي عند جملة « من مسائل النحو عرض لها النحويون وتأولوها ، واعتلوا لها بعلل لا تقنع باحثاً ، ولا ترضي متعلماً ، ولكن التفسير الصوتي هو الذي يحل الإشكال ويزيل اللبس بمعزل عن القرائن أو العلاقات المعنوية بين المفردات ، فلا صلة للتغيير الحركي بالفاعلية والمفعولية مثلاً ، ولا رابطة له بالأساليب. وإنما هو لون من الانسجام مع التغيير التلقائي الذي أشرت إليه » (٢).

هذان الرأيان نلمح بهما تمكن الدرس الصوتي عند العرب ، فجملة مباحثهم صوتياً داخلة في علوم الصوت ، وما لم يجدوا له تعليلاً فيحل إشكاله التفسير الصوتي ، وهذان ملحظان جديران بالتأمل.

أما خلاصة تجارب الأروبيين في المصطلح الصوتي فقد كانت نتيجة حرفية لمداليل النظرية الصوتية عند العرب في نتائج ما توصل إليه علماؤهم الأعلام.

هذه النظرية الصوتية عند العرب عبارة عما توصل إليه العرب من خلال تمرسهم وتجاربهم بنظريات نحوية وصرفية وبيانية وصوتية وإيقاعية وتشريحية شكلت بمجموعها « نظرية الصوت » وهي في تصور تخطيطي تشمل المنظور الآتي :

أ ـ النظرية العربية في الأبجدية الصوتية على أساس المخارج والمدارج والمقاطع كما عند الخليل وسيبويه والفرّاء.

ب ـ النظرية العربية في أجهزة النطق وأعضائه ، وتشبيهه بالناي تارة ، وبالعود في جسّ أوتاره تارة أخرى كما عند ابن جني.

__________________

(١) خليل إبراهيم العطية ، في البحث الصوتي عند العرب : ١٠٨.

(٢) طارق عبد عون الجنابي ، قضايا صوتية في النحو العربي « بحث ».

٣٤

ج ـ النظرية العربية في التمييز بين الأصوات عن طريق إخفاء الصوت.

د ـ النظرية العربية في ربط الإعلال والإبدال ، والترخيم والتنغيم ، والمدّ والأشمام بعميلة حدوث الأصوات وإحداثها.

هـ ـ النظرية العربية في التلاؤم بين الحروف وأثره في سلامة الأصوات ، والتنافر فيها وأثره في تنافر الأصوات.

وـ النظرية العربية في أصول الأداء القرآني ، وعروض الشعر والإيقاع الموسيقي ، وعلاقة ذلك بالأصوات.

زـ النظرية العربية في التوصل إلى معالجة التعقيدات النحوية ، والمسوغات الصرفية في ضوء علم الأصوات.

هذا العرض الإشاري لنظرية الصوت اللغوي ، يكفي عادة للتدليل على أصالة النظرية عند العرب ، دون حاجة إلى استجداء المصطلحات الأجنبية ، أو استحسان الجنوح إلى الموارد الأوروبية ، فبحوث العرب في هذا المجال متوافرة ، وقد يقال إن التنظيم يعوزها ، وأنها تفتقر إلى الترتيب الحديث ، للاجابة عن هذه المغالظة نضع بين أيدي الباحثين المنصفين : الفصل الثاني من هذا الكتاب بين يدي الموضوع ، والذي أطمح أن يكون مقنعاً بأمانة وإخلاص في إثبات تنظيم البحث الصوتي ، وسلامة مسيرة الصوت اللغوي ، وموضوعية العرض دون تزيد أو ابتسار في علم الأصوات وعالمها.

والله ولي التوفيق.

٣٥
٣٦

الفصل الثاني

منهجية البحث الصوتي

١ـ الخليل بن أحمد ومدرسته الصوتية

٢ـ الصوت في منهجية سيبويه

٣ـ الفكر الصوتي عند ابن جني

٤ ـ القرآن والصوت اللغوي

٣٧

٣٨

الخليل ومدرسته الصوتية

ذهب استاذنا الدكتور المخزومي : « أن الخليل أول من التفت إلى صلة الدرس الصوتي بالدراسات اللغوية الصرفية ، الصرفية والنحوية ، ولذلك كان للدراسة الصوتية من عنايته نصيب كبير ، فقد أعاد النظر في ترتيب الأصوات القديمية ، الذي لم يكن مبنياً على أساس منطقي ، ولا على أساس لغوي ، فرتبها بحسب المخارج في الفم ، وكان ذلك فتحاً جديداً ، لأنه كان منطلقاً إلى معرفة خصائص الحروف وصفاتها » (١).

لم تكن هذه الأولية اعتباطية ، ولا الحكم بها مفاجئاً ، فهما يصدران عن رأي رصين لأن الخليل بن أحمد الفراهيدي ( ت : ١٧٥ هـ ) هو أول من وضع الصوت اللغوي موضع تطبيق فني في دراسته اللغوية التي انتظمها كتابه الفريد ( العين ) بل هو أول من جعل الصوت اللغوي أساس اللغة المعجمي ، فكان بذلك الرائد والمؤسس.

لا أريد التحدث عن أهمية كتاب العين في حياة الدرس اللغوي ولكن أود الإشارة أن كتاب العين ذو شقين : الأول المقدمة ، والثاني الكتاب بمادته اللغوية وتصريفاته الإحصائية المبتكرة التي اشتملت على المهمل والمستعمل في لغة العرب.

والذي يعنينا في مدرسة الخليل الصوتية مواكبة هذه المقدمة في منهجيتها لتبويب الكتاب ، وبيان طريقته في الاستقراء ، وإبداعه في

__________________

(١) المخزومي ، في النحو العربي ، قواعد وتطبيق : ٤.

٣٩

الاحصاء ، ورأيه في الاستنباط ومسلكية التصنيف الجديد ، والأهم الذي نصبو إليه « إن مقدمة العين على إيجازها ؛ أول مادة في علم الأصوات دلت على أصالة علم الخليل ، وأنه صاحب هذا العلم ورائده الأول » (١).

يبدأ الخليل المقدمة بالصوت اللغوي عند السطر الأول بقوله : « هذا ما ألفه الخيل بن أحمد البصري من حروف :

أ. ب. ت. ث ... » (٢).

وأضاف أنه لم يمكنه « أن يبتدىء التأليف من أول : أ ، ب ، ت ، ث ، وهو الألف ، لأن الألف حرف معتل ، فلما فاته الحرف الأول كره أن يبتدىء بالثاني ـ وهو الباء ـ إلا بعد حجة واستقصاء النظر ، فدبّر ونظر إلى الحروف كلها ، وذاقها فوجد مخرج الكلام كله من الحلق ، فصيّر أولاها بالابتداء أدخل حرف في الحلق » (٣).

ومعنى هذا أن الخليل قد أحاط بالترتيب ( الألفبائي ) من عهد مبكر ، ولم يشأ أن يبتديء به مع اهتدائه إليه ، لأن أول حرف في هذا النظام حرف معتل ، ولا معنى أن يبتدىء بما يليه وهو الباء لأنه ترجيح بلا مرجح ، وتقديم دون أساس ، فذاق الحروف تجريبياً ، فرأى أولاها بالابتداء حروف الحلق ، وذاقها مرة أخرى ، فرأى ( العين ) أدخل حرف منها في الحلق ، بل في أقصى الحلق.

قال ابن كيسان : ( ت :٢٩٩ هـ ) سمعت من يذكر عن الخليل أنه قال : « لم أبدأ بالهمزة لأنها يلحقها النقص والتغيير والحذف ، ولا بالألف لأنها لا تكون في ابتداء كلمة لا في اسم ولا فعل إلا زائدة أو مبدلة ، ولا بالهاء لأنها مهموسة خفية لا صوت لها ، فنزلت إلى الحيز الثاني وفيه العين والحاء ، فوجدت العين أنصع الحرفين فابتدأت به ليكون أحسن في التأليف » (٤).

__________________

(١) مقدمة التحقيق لكتاب العين :١|١٠.

(٢) الخليل : كتاب العين : ١|٤٧.

(٣) نفس المصدر :١|٤٧.

(٤) السيوطي : المزهر : ١|٩٠.

٤٠