مع ان أهميّة هذه الحادثة العجيبة كانت تستوجب أن تكون مضبوطة التفاصيل من جميع الجهات ، إلاّ أنها تعرضت للاختلاف ـ مع ذلك ـ من بعض الجهات ومنها تحديد تاريخ وقوعها.
فقد ادّعى كاتبا السيرة المعروفان : « إبن اسحاق » و « ابن هشام » أنها وقعت في السنة العاشرة من البعثة الشريفة.
وذهب المؤرخ الكبير « البيهقي » إلى أنها وقعت في السنة الثانية عشرة من البعثة.
وذهب آخرُون إلى أنها وقعت في أوائل البعثة ، بينما قال فريق رابع : أنها وقعت في أواسطها.
وربما يقال في الجمع بين هذه الأقوال : أنه كان لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم معارج متعددة.
ولكنّنا نعتقد أنّ المعراج الّذي فُرِضَت فيه الصلاة وَقع بعد وفاة أبي طالب عليهالسلام في السنة العاشرة قطعاً.
لأنّ من مسلَّمات الحديث والتاريخ أن اللّه تعالى أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ليلة المعراج أن تصلّي اُمّة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كلَّ يوم وليلة خمس صلوات.
كما أنه يُستفاد من ثنايا التاريخ أيضاً أن الصلاة لم تُفرَض مادام أبو طالب عليهالسلام على قيد الحياة بل فُرِضت بعد وفاته ، لأنّه حضر عنده ـ ساعة وفاته ـ سراة قُريش وأسيادها ، وطلبوا منه أن يبت لهم في أمر ابن أخيه « محمّد » ويمنعه من فعله ، فيعطونه ـ في قبال ذلك ـ ما يريد فقال لهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك المجلس : نعم كلمة واحدة تعطونيها : « تقولون لا إله إلاّ اللّه وتخلعون ما تعبدون من دونه » (١).
__________________
١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٤١٧.