وصول الأخيار إلى اصول الأخبار

الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي

وصول الأخيار إلى اصول الأخبار

المؤلف:

الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي


المحقق: السيد عبد اللطيف الحسيني الكوه‌كمري الخوئي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢١١

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله موصل الخيرات للاشرار والاخيار ، المفيض لعباده الاقران والاغيار ، الذي أرسل الانبياء للهداية والدراية. ونصليي ونسلم على الانبياء والمرسلين ، سيما على خاتمهم سيد الانجبين ، وعلى وصيه وخليفته علي أمير المؤمنين ، وعلى أولاه الطاهرين الطيبين ، لا سيما على ناموس الدهر وصاحب الزمان والعصر مبير الظالمين وعون المظلومين.

اللهم عجل فرجه الشريف ، واملأ به الارض قسطا وعدلا. آمين يا رب العالمين.

ان فضيلة الاحاديث النبوية الشريفة والاخبار الولوية الرفيعة لا تخفى على كل ذي فراسة وفهم وانصاف بعد كلام الله المجيد ، لانها صدرت من منبع الرسالة وجرت عن ينبوع الولاية ، وفيها صلاح الدنيا وفلاح الاخرة ، وبها يدرك مراده تعالى من الايات الكريمة التي نزلت على صدر الرسول الشريف ووقعت في نفسه الكريمة ، وهو صلى الله عليه وآله وسلم تحمل أثقالها وتكلف أعباءها ، وعنده أسرار هذه الايات مكشوفة ومعانيها معلومة ، وهو صلى الله عليه

٣

وآله وسلم أعطى كل ما عنده من العلوم وشؤونات الرسالة ـ عند رحلته عن هذه الدنيا الدنية الحق علي أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ، الا أنه لا نبى بعده صلى الله عليه وآله ، وعلمه أبواب العلوم ودرسه فصولها كلها.

وانتقلت هذه الشؤونات الى أولاده الطاهرين المعصومين عليهم السلام واحداً بعد واحد ، ولا فرق بينهم عليهم السلام في ذلك بالزيادة والنقصان ، أولهم آخرهم وآخرهم أولهم ـ أولنا محمد وآخرنا محمد وأوسطنا محمد وكلنا محمد ـ فهم (ع) عدل الكتاب ومبينيوه ، وهم يعرفون آياته ظاهرها وباطنها ومطلقها ومقيدها ، وهم يعلمون أنها في أي وقت نزلت وأين نزلت وكيف نزلت ولم نزلت.

قال السيوطي في الاتقان ٢ / ١٨٧ عند ذكر طبقات المفسرين وأن في الطبقة الاولى الخلفاء الاربعة : وأما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن ابى طالب [سلام الله وصلواته عليه] والرواية عن الثلاثة نزرة جداً. وقال : ولا أحفظ عن أبى بكر في التفسير الا آثاراً قليلة جداً لا تكاد تجاوز العشرة.

أقول : نعم كيف يفسر القرآن من لا يعرف (اباً) ومن أقر على أن المخدرات عرفانهن أجدر منه.

قال : وأما علي [عليه السلام] فروي عنه الكثير ، وقد روى معمر عن وهب ابن عبد الله عن ابى الطفيل قال : شهدت علياً يخطب وهو يقول : سلوني فو الله لا تسألون عن شئ الا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية الا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال : ان القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف الاوله ظهر وبطن ، وان علي بن ابى طالب عنده منه الظاهر والباطن.

٤

وأخرج أيضاً من طريق ابى بكر بن عياش عن نصير بن سليمان الاحمسي عن أبيه عن علي [عليه السلام] قال : والله ما نزلت آية الا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت ، ان ربى وهب لي قلباً عقولا ولساناً سؤلا. انتهى ما عن السيوطي.

وروى العلامة المحدث الفيض الكاشاني في الصافي عن الكافي والعياشي واكمال الدين عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول ـ وساق الحديث الى أن قال : ما نزلت آية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها ، فأكتبها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها ، ودعى الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها ، وما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه علي فكتبته منذ دعا وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون من طاعة أو معصية الا علمنيه وحفظته فلم أنس منه حرفا واحداً ، ثم وضع يده على صدري ودعى الله أن يملا قلبى علماً وفهماً وحكمة ونوراً ، فقلت : يا رسول الله بأبى أنت وأمي مذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شئ لم أكتبه أو تتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال : لست أتخوف عليك نسياناً ولا جهلا.

وبهذا يظهر أن علم دراية الحديث أشرف العلوم ، لانه وضع لمعرفة الاحاديث الشريفة من حيث الصحة والوثوق والحسن والضعف وغيرها من شئون الاحاديث والاخبار ، والعلماء رضوان الله تعالى عليهم تصدوا الى تعليم وتعلم هذا العلم الشريف في كل عصر وزمان وكتبوا في مطويات تصنيفاتهم ، وبعضهم ألف كتابا مستقلا في ذلك العلم.

وكان من جيد ما ألف في موضوع الدراية كتاب (وصول الاخيار الى أصول

٥

الاخبار) الذي هومن مؤلفات علامة زمانه ومحدث أوانه الشيخ الاديب الفاضل المحقق المدقق عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي.

وكنت منذ أمد أفكر في احيائه واخراجه بطبع جيد ، الا أن الشواغل والموانع تمنعني عن تحقق هذه الامنية ، وانتظرت الفرصة حتى من الله تعالى علي بها في هذه الايام ، فقابلته على نسخة مخطوطة وعلقت عليه بالضروري اللازم واكتفيت في التعاليق بالاهم الاليق.

والله عز شأنه المسؤول في أن يوقفنا لما فيه الخير والصلاح ويجنبنا عن مواضع الخطأ والخطل وهو المجيب للدعوات الاخذ بأيدي عباده.

قم ١٥ ربيع الاول ١٤٠١

عبد اللطيف الحسينى الكوهكمرى

عفى عنه

٦

تعريف الكتاب

قال في رياض العلماء : ومن مؤلفاته كتاب (وصول الاخيار الى أصول الاخبار) ، وهو كتاب حسن طويل الذيل جداً في علم الدراية ، وقد ذكر في أوله أدلة الامامة وأطال البحث فيها ، وقد رأيته بساري وطهران وغيرهما. وهو كثير الفوائد والمطالب ، وهو ثاني مؤلف في علم الدراية من طريقة أصحابنا ، وقد سبقه استاده الشهيد الثاني بذلك. انتهى.

وقال ايضاً في ترجمة استاذه الشيخ زين الدين الشهيد : ثم اعلم أن الشيخ زين الدين هذا هو أول من نقل علم الدراية من كتب العامة وطريقتهم الى كتب الخاصة ، وألف فيه الرسالة المشهورة ثم شرحها كما صرح به جماعة ممن تأخر عنه ، ويلوح من تتبع كتب الاصحاب أيضاً ، ثم ألف بعده تلميذه الشيخ حسين ابن عبد الصمد الحارثي وبعده ولده الشيخ البهائي وهكذا.

ثم قال بعيد هذا : وهو ـ أي الشهيد الثاني ـ أول من صنف من الامامية

٧

في دراية الحديث ، لكنه نقل الاصطلاحات من كتب العامة كما ذكره ولده وغيره.

وقال السيد الصدر رحمه الله تعالى في تأسيس الشيعة : ان أول من دون علم دراية الحديث هو أبو عبد الله الحاكم النيسابوري الامامي الشيعي ، قال في كشف الظنون في باب حرف الميم : (معرفة علم الحديث) أول من تصدى له الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ النيسابوري المتوفى سنة ٤٠٥ ـ الى أن قال ـ وتبعه ابن الصلاح. انتهى قوله.

ثم السيد ذكر تصريح عدة من علماء السنة على تشيع الحاكم المزبور منهم السمعاني وابن تيمية والحافظ الذهبي وابن طاهر وابو اسماعيل الانصاري. ثم بعد هذا رد قول جلال الدين السيوطي في (الوسائل في الاوائل) : انه أول من رتب أنواعه ابن الصلاح في مختصره المشهور ، فقال : ان ما بين ابى عمر وعثمان بن عبد الرحمن المشهور بابن الصلاح والحاكم النيسابوري بنحو مائتي سنة ، فالحاكم هو المتقدم في وضع أنواع الحديث لا ابن الصلاح التابع له في ذلك.

الى أن قال : فاعلم أن أول من صنف فيه بعد الحاكم المؤسس : السيد جمال الدين احمد بن موسى بن طاوس أبو الفضائل المتقدم المتوفى سنة ٦٧٣ وهو استاد العلامة ابن المطهر الحلي ، وهو واضع الاصطلاح الجديد للامامية في صحيح الحديث وحسنه وموثقه وضعيفه كما نص عليه كل علماء الرجال في ترجمته.

ثم ان السيد رحمه الله ذكر علماء الدراية وقال : وأما الذين صنفوا في علم الدراية فكثيرون ، منهم :

٨

السيد علي بن عبد الحميد النجفيي ، له شرح أصول دراية الحديث من علماء أول المائة الثامنة ، يروي عن العلامة الحلي ، وهواستاد ابن فهد الحلي ـ الى آخر كلام السيد رحمه الله.

أقول : بعد ما سمعت هذه الاقوال فقد ظهر لك أنه ليس أول من ألف في علم الدراية هو الشهيد الثاني حتى يكون المترجم له ثانيهما وان لم نقل بتشيع الحاكم النيسابوري ، فأول من ألف في علم الدراية من الشيعة الامامية هو السيد جمال الدين احمد بن طاوس ، ثم بعده السيد علي بن عبد الحميد النجفي النيلي ، وهكذا الى أن قام شيخنا المترجم له فألف كتابه هذا بأحسن اسلوب وأتقن طريق حري ان يكتب بالنور على خدود الحور.

جمع في هذا الكتاب محاسن مسائل علم الدراية ، وأدرج فيه مكارم مباحثه لا سيما في أول الكتاب ـ أضاف نوراً على نوره ـ حيث بحث عن مسألة الامامة وأثبت وجوب التبعية للائمة المعصومين عليهم السلام وأخبارهم وأحاديثهم والمنع عن غيرهم بالادلة المتقنة والبراهين المحكمة من الكتاب والسنة والعقل والاجماع.

٩

ترجمة المؤلف

هو العالم الفاضل التقي الزكي الا لمعي اللوذعي المولى الشيخ عز الدين الحسين بن عبد الصمد بن شمس الدين محمد بن علي بن الحسين بن صالح الحارثي الهمداني العاملي الجبعي ثم الخراساني ، والد شيخنا البهائي رحمهما الله. كان فاضلا عالماً متضلعاً متبحراً متتبعاً اصولياً فقيهاً محدثاً متكلماً شاعراً ماهراً في صنعة اللغز ، وله ألغاز مشهورة في بعضها خاطب بها ولده البهائي فأجابه البهائي أيضاً بلغز أحسن من لغز والده ، وهما مشهوران وفي المجامع مسطوران.

كلمات العلماء فيه :

في أمل الامل : كان عالماً ماهراً محققاً مدققاً متحبراً جامعاً أديباً منشئاً شاعراً عظيم الشان جليل القدر ، ثقة ثقة ، من فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد الثاني وقد أجازه الشيخ الشهيد الثاني اجازة مطولة مفصلة.

١٠

وفي اللؤلؤة : كان عالماً ماهراً متبحراً عظيم الشأن. ثم نقل ما قاله الشهيد في الاجازة الكبيرة له ، قال : قال في أولها (ثم ان الاخ في الله المصطفى في الاخوة المختار في الدين المترقى عن حضيض التقليد الى أوج اليقين الشيخ العالم الاوحد ذالنفس الطاهرة الزكية والهمة الباهرة العلية والاخلاق الزاهرة الانسية) الى آخر ما قال.

وقال في الرياض نقلا عن تاريخ عالم آرا : وكان من مشائخ عظام جبل عامل ، وكان فاضلا كاملا في جميع العلوم ، ولا سيما الفقه والتفسير والحديث لو العربية ، وصرف خلاصة أيام شبابه في خدمة الشهيد الثاني ، وكان في تصحيح الحديث والرجال وتحصيل مقدمات الاجتهاد وكسب الكمال مشاركا له ومساهما معه.

وقال أيضا نقلا عن المولى نظام الدين التفريشي تلميذ الشيخ البهائي في كتاب نظام الاقوال : الشيخ العالم الاوحد ، صاحب النفس الطاهرة الزكية والهمة الباهرة العلية ، من أجلة مشائخنا ، كان عالماً فاضلا مطلعاً على التواريخ ماهراً في اللغات مستحضراً للنوادر والامثال ، وكان ممن جدد قراءة كتب الاحاديث ببلاد العجم.

وقال أيضاً نقلا عن المولى مظفر علي تلميذ البهائي : قد كان في زمانه بين مشاهير فحول العلماء الاعلام والفقهاء الكرام ، وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الاصول والفروع مشاركاً ومعاصراً للشهيد الثاني ، بل لم يكن له في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره.

الى غير ذلك من عبرات الاطراء التي قيلت في حقه.

١١

انتقاله من وطنه الى ايران :

قال في الرياض نقلا عن المولى مظفر علي المذكور :

وقد توجه هذا الشيخ في زمن السلطان الشاه طهماسب الصفوي من جبل عامل مع جميع توابعه وأهل بيته الى أصبهان ، وأقام بها ثلاث سنين مشتغلا بافادة العلوم الدينية وافاضة المعارف اليقينية ويستفيد منه فيها علماء عراق العجم ولما اطلع الشيخ علي الملقب بالمنشار ـ وكان هو شيخ الاسلام باصبهان والسلطان المبرور قد كان في بلدة قزوين ـ عرض عليه خبر ورود هذا الشيخ بأصبهان ، ثم لما سمع السلطان المذكور هذا الخبر كتب السلطان المرحوم بخط نفسه الى الشيخ حسين هذا وأرسل له الخلعة وطلب حضوره الى بلدة قزوين مقر سلطنته في تلك الاوقات ، ولما توجه هذا الشيخ الى قزوين ووصل الى خدمة السلطان المبرور عظمه وبجله غاية التعظيم والتبجيل وجعله شيخ الاسلام بقزوين.

واستمر على ذلك سبع سنين ، وكان يقيم بها صلاة الجمعة بدل الظهر فانه ممن يعتقد وجوب صلاة الجمعة عيناً كما هو اعتقاد شيخه الشهيد الثاني المذكور أيضا ، ثم بعد ذلك قد فوض إليه منصب شيخ الاسلامية والاقامة بالمشهد المقدس الرضوي ، فأقام فيه مدة.

ثم لما كان اكثر أهل هراة في تلك الاوقات عارين عن معرفة الائمة الاثني عشر وعن التدين بمذهب أهل البيت عليهم السلام ، أمره السلطان المزبور بالتوجه الى بلدة هراة والاقامة بها لارشاد ضلال أهل الضلال لتلك الناحية وأعطاه ثلاث قرايا من قرى تلك البلدة ، وقد أمر السلطان المذكور الامير شاه قلي سلطان يكان ـ أعني حاكم بلاد خراسان ـ بأن يحضر كل جمعة بعد الصلاتين

١٢

السلطان محمد خدا بنده ميرزا ولد السلطان المزبور المذكور في المسجد الجامع الكبير بهراة الى خدمة هذا الشيخ لاستماع الحديث وينقاد لا وامر هذا الشيخ ونواهيه بحيث لا يخالف أحد هذا الشيخ.

فأقام هذا الشيخ بهراة ثمان سنين على هذا المنوال مشتغلا بافادة العلوم الدينية واجراء الاحكام الشرعية واظهار الامور والاوامر الملية ، فتشيع لذلك خلق كثير ببركة أنفاسه قدس سره بهراة ونواحيه ، ودخل في مذهب الامامية حتى تطهر تلك الناحية عن لوث المخالفين ، وقد توجه الى حضرته الطلبة بل العلماء والفقهاء من الاطراف والاكناف من أهل ايران وتوران لاجل مقابلة الحديث وأخذ العلوم الدينية وتحقيق المعارف الشرعية.

ثم توجه هذا الشيخ بعد مدة من الزمان من هراة الى قزوين لا دراك خدمة السلطان المذكور بها ثانياً ، واسترخص من السلطان لزيارة بيت الله ولم يرخص ولده الشيخ البهائي ، ولذلك أمره باقامته هناك واشتغاله بتدريس العلوم الدينية فتوجه هذا الشيخ الى زيارة البيت ، ولما تشرف بزيارة البيت وزيارة المدينة رجع من طريق بحرين وأقام بتلك البلدة وتوطن بها ثم كتب الى ولده الشيخ البهائي المذكور ما معناه :

انك ان تطلب محض الدنيا تذهب الى الهند ، وان كنت تريد العقبى فلابد أن تجئ الى بحرين ، وان كنت لا تريد الدنيا ولا العقبى فتوطن ببلاد عراق العجم.

وبالجملة فقد أقام هذا الشيخ في بلاد بحرين واشتغل بتدريس العلوم الدينية برهة من الزمان الى أن توفي بها.

١٣

ولادته ووفاته :

في الرياض عن المولى نظام الدين التفريشي تلميذ ولده الشيخ البهائي قال في كتابه (نظام الاقوال) بعد ما أثنى عليه رحمه الله قال : ولد أول محرم الحرام سنة ثماني عشر وتسعمائة.

وقال الافندي : ورأيت في أردبيل أيضاً على ظهر نسخة من ارشاد العلامة نقلا عن خط الشيخ حين هذا ـ الى أن قال ـ : ومولد هذا الفقير الكاتب أول يوم من محرم سنة ثماني عشر وتسعمائة.

وقال أيضاً بعيد هذا : وكتب ولده الشيخ البهائي بخطه الشريف تحت مولد أبيه : انه انتقل الى دار القرار ومجاورة النبي والائمة الاطهار في ثامن ربيع الاول سنة أربع وثمانين وتسعمائة ، فكان عمره ستاً وستين سنة وشهرين وسبعة أيام قدس الله روحه.

وكانت وفاته بالبحرين بقرية المصلى من قرى هجر ودفن بها ، ولما اتصل خبر وفاته الى ولده الشيخ البهائي رثاه بمرثية لطيفة معروفة ، منها هذه الابيات :

يا جيرة هجروا واستوطنوا هجرا

واها لقلب المعنى بعد كم واها

يا ثاوياً بالمصلى من قرى هجر

كسيت من حلل الرضوان أضفاها

أقمت يا بحر بالبحرين فاجتمعت

ثلاثة كن أمثالا وأشباها

ثلاثة أنت أنداها وأغزرها

حواست جمع كن

جوداً وأعذبها طعماً وأصفاها

حواست جمع كن

حويت من درر العلياء ما حويا

لكن درك أعلاها وأغلاها

وقال في الرياض : وأصل تلك المرثية هكذا :

قف بالطلول وسلها أين سلماها

ورو من جرع الاجفان جرعاها

١٤

وردد الطرف في أطراف ساحتها

وارح الروح من أرواح أرجاها

الى آخرها.

وله رحمه الله أشعار وقصائد ، ومن شعره قوله من قصيدة طويلة :

محمد المصطفى الهادي المشفع في

يوم الجزاء وخير الناس كلهم

كفاك فضلا كمالات خصصت بها

أخاك حتى دعوه بارئ النسم

والبيض في كفه سود غوائلها

حمر غلائلها تدلى على القمم

بيض متى ركعت في كفه سجدت

لها رؤوس هوت من قبل للصنم

ولا ألومهم ان يحسدوك فقد

حلت نعالك منهم فوق هامهم

مناقب ادهشت من ليس ذا نظر

وأسمعت في الورى من كان ذا صمم

من لم يكن ببنى الزهراء مقتديا

فلا نصيب له من دين جدهم

أقصر حسين فلا تحصي فضائلهم

لو أن في كل عضو منك ألف فم

مشائخه واساتذته :

قال في اللؤلؤة : وكان الشيخ حسين المذكور يروي عن جملة من المشائخ منهم ـ وهو أعظمهم وأشهرهم ومن كثرت ملازمته له وقراءته عليه ـ الشيخ الجليل زين الدين بن علي بن احمد بن محمد بن جمال الدين بن صالح المعروف يابن الحجة والمشهور بالشهيد الثاني نور الله روحه ونور ضريحه.

أقول : ومن مشائخه العظام العالم الكامل وفقيه أهل البيت عليهم السلام السيد حسين بن جعفر الكركي.

تلامذته والراوون عنه :

١ ـ ولده العالم العارف الفقيه النبيه بهاء الملة والدين الشيخ محمد بن

١٥

الحسين المعروف بالشيخ بالهائي.

٢ ـ السيد الجليل العالم النبيل السيد حسن بن علي بن الحسن بن الشدقم الحسيني المدني.

٣ ـ ولده الاخر أبو تراب عبد الصمد بن الحسين بن عبد الصمد.

٤ ـ السيد السند الحبر المعتمد المفتي ببلدة اصبهان السيد حسين بن حيدر الحسيني الكركي.

٥ ـ السيد الامجد الحكيم الممجد الفقيه المعتمد السيد محمد باقر المشهور بالمير داماد.

٦ ـ الشيخ العالم الفاضل أبو محمد بن عنايت الله الشهير بأبى يزيد البسطامي الثاني.

٧ ـ العالم الكامل الميرزا تاج الدين حسين الصاعدي.

٨ ـ العالم الفاضل المولى معاني التبريزي.

٩ ـ السيد الحسيب السيد شجاع الدين محمود بن علي الحسيني المازندراني.

١٠ ـ السيد العالم الفاضل السيد حيدر بن علاء الدين الحسيني البيروي [النيروبي الحسني] التبريزي.

١١ ـ السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني الموسوي الشهير بأبى الحسن.

١٢ ـ أبو منصور الشيخ حسن بن زين الدين العاملي صاحب المعالم.

١٣ ـ الشيخ العالم المولى رشيد الدين بن ابراهيم الاصبهاني.

١٤ ـ السيد علاء الدين محمد بن هدايت الله الحسيني الحسني الجيروي.

١٥ ـ العالم الكامل المولى ملك علي. لعله والد المولى ملك حسين بن

١٦

ملك علي التبريزي المجاز من الشيخ البهائي.

آثاره وتآليفه :

١ ـ شرح القواعد للعلامة الحلي.

٢ ـ حاشية الارشاد للعلامة الحلي ، لم يوفق لا تمامها.

٣ ـ شرح الالفية للشهيد ، قال المولى النظام التفريشي : لم يعمل مثله.

٤ ـ كتاب الاربعين حديثاً.

٥ ـ الرسالة الوسواسية.

٦ ـ الرسالة الطهماسبية في بعض المسائل الفقهية.

٧ ـ الرسالة الرضاعية.

٨ ـ رسالة في مناظرته مع بعض علماء حلب من العامة في مسألة الامامة.

٩ ـ رسالة في مسألتي تطهير الحصر والبواري من النجاسة وفي كيفية مصرف سهم الامام الصاحب عليه السلام. في الاعيان عدهما اثنتين.

١٠ ـ رسالة في الواجبات الملكية.

١١ ـ الغرر والدرر. قال في الرياض : نسبه إليه بعض العلماء في مسألة صلاة الجمعة.

١٢ ـ تعليقات على الصحيفة الكاملة السجادية.

١٣ ـ تعليقات على خلاصة الرجال للعلامة.

١٤ ـ شرح الالفية الشهيدية. قال في الرياض : رأيته في هراة والظاهر أنه غير الشرح السابق الذكر. وقال في الهامش : سماه (المقاصد العلية في شرح الرسالة الثمنية).

١٧

١٥ ـ رسالة التحفة الطهماسبية في المواعظ الفقهية.

١٦ ـ العقد الطهماسبي. لعله (الرسالة الطهماسبية) والله يعلم.

١٧ ـ وصول الاخيار الى أصول الاخبار. هو هذا بين يديك.

١٨ ـ رسالة تحفة أهل الايمان في قبلة أهل عراق العجم والخراسان.

١٩ ـ الرسالة الرحلتية. فيما اتفق في سفره.

٢٠ ـ رسالة في عينية صلاة الجمعة.

٢١ ـ رسالة في الاعتقادات الحقة. ذكرهما في الروضات.

٢٢ ـ تعليقات عديدة على كتب الفقه والحديث غير مدونة كما ذكرها في الرياض.

٢٣ ـ فتاوى كثيرة متفرقة متشتتة. قال في الرياض : رأيت بعضها.

٢٤ ـ اصلاح جامع البين من فوائد الشرحين. الشرحان هما «شرح تهذيب الوصول للعلامة» للسيد عميد الدين عبد المطلب واخيه السيد ضياء الدين ابني السيد ابى الفوارس ، ثم جمع بينهما الشهيد الثاني فسماه (جامع البين في فوائد الشرحين) ثم أصلحه المترجم له فسماه (اصلاح جامع البين من فوائد الشرحين).

٢٥ ـ جوابات الاعتراضات العشرة على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (اني أحب من دنيا كم ثلاثاً النساء والطيب وقرة عيني الصلاة).

٢٦ ـ جواب كتاب السلطان سليمان العثماني الى الشاه طهماسب الصفوي يطلب منه اطلاق ولده فكتب الجواب المترجم والجواب في كتاب (فضائل السادات) موجود.

٢٧ ـ ديوان الشعر.

١٨

٢٨ ـ حواشي على كتب الرياضي.

٢٩ ـ تعليقات أخر ومنشئات كثيرة جداً. كذا ذكر في الرياض.

٣٠ ـ وله اجازات لتلاميذه.

٣١ ـ مشائخ الشيعة. بدأ فيه بعلي بن ابراهيم بن هاشم القمي وختمه بشيخه زين الدين الشهيد ، رآه صاحب مصفى المقال عند السيد حسن الصدر.

١٩

تحقيق الكتاب

طبع هذا الكتاب لاول مرة على الحجر في سنة ١٣٠٦ بخط احمد بن الحسين التفريشي واهتمام ميرزا حسين الكجوري المازندراني وتصحيح السيد محمد مهدي بن الحسن الموسوي التستري الجزائري ، ولكن بالرغم من الجهد المبذول في تصحيحه لم يسلم من التحريفات والتصحيفات بل والسقطات الكثيرة. وقابلناه على نسخة مصححة موجودة في مكتبة سماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي دام ظله الوارف ، بقم برقم () ، وهي قد كتبت على نسخة كتبت على نسخة المصنف : وهي بخط حسين بن عبد السيد ابن خليفة بن احمد بن منصور كتبها في شهر ربيع الاخر سنة ١٠٧٢ ، وجاء في آخرها (بلغت هذه النسخة بأصلها مقابلة بحسب الجهد والطاقة والحمد لله رب العالمين).

هذا ، وقد خرجنا الايات الكريمة والاحاديث الشريفة وعلقنا على الكتاب تعاليق لابد منها مراعين فيها الاختصار لئلا يطول الكلام وتسبب ملل القارئ الكريم.

٢٠