غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٢

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٢

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: عباس تبريزيان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-250-5
الصفحات: ٦٣١

ادّعاه بعضهم إن كان مستنداً إلى هذه القاعدة كما هو الظاهر فحاله ظاهر ، سيّما مع مخالفة الفضل بن شاذان ، وإلّا فيمكن الاعتماد عليه ، فلم يبق إلّا الشهرة والروايتان المتقدّمتان في المكان ، وقد عرفت حالهما ، والاحتياط مما لا ينبغي أن يترك على كلّ حال.

الثاني عشر : تكره الصلاة في أُمور :

منها ثوب فيه تمثال ، وكذلك الخاتم ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال في المبسوط : إذا كان فيه تماثيل وصور لا تجوز الصلاة فيه.

وقال فيه : لا يصلّى في ثوب فيه تماثيل ولا في خاتم كذلك (١).

وعن ابن البرّاج تحريم الصلاة في الخاتم الذي فيه صورة (٢).

والأقوى الكراهة ، جمعاً بين الأخبار المانعة والمجوّزة مثل صحيحة ابن بزيع : إنّه سأل الرضا عليه‌السلام عن الثوب المعلم فكره ما فيه التماثيل (٣).

وموثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام : عن الثوب يكون في علمه مثال طير أو غير ذلك ، أيصلّى فيه؟ قال : «لا» وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك ، قال : «لا تجوز الصلاة فيه» (٤).

وما رواه في المحاسن في الصحيح ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام ، قال : وسألته عن الثوب يكون فيه التماثيل أو في علمه ، أيصلّى فيه؟ قال : «لا يصلّى فيه» (٥).

__________________

(١) المبسوط ١ : ٨٣.

(٢) المهذّب ١ : ٧٥.

(٣) الفقيه ١ : ١٧٢ ح ٨١٠ ، الوسائل ٣ : ٣١٨ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٤.

(٤) الفقيه ١ : ١٦٥ ح ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢٠ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ١٥.

(٥) المحاسن : ٦١٧ ح ٤٩ ، الوسائل ٣ : ٣٢٠ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ١٦.

٣٤١

وفي قرب الإسناد بسنده ، عن عليّ بن جعفر ، عنه عليه‌السلام ، قال : وسألته عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل ، سبع أو طير ، أيصلّى فيه؟ قال : «لا بأس» (١).

وصحيحة البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : في حديث أنّه أراه خاتم أبي الحسن عليه‌السلام وفيه وردة وهلال في أعلاه (٢) ، إلى غير ذلك مما ورد في النهي والرخصة.

ثمّ إنّ ظاهر الأكثر عدم الفرق بين صورة الحيوان وغيره ، وخصّه ابن إدريس بصورة الحيوان (٣).

ولا يبعد ترجيح مذهب ابن إدريس ، نظراً إلى تتبّع الأخبار واستفادة إرادة ذي الروح منها ، وكذلك بالنظر إلى كلام بعض اللغويين (٤) ، وإن كان ظاهر أكثرهم العموم.

وقال في المصباح المنير : وفي ثوبه تماثيل ، أي صور حيوانات مصوّرة (٥).

ويؤيّده كلّ ما دلّ على جواز تصوير غير ذوات الأرواح من الآية والأخبار المتظافرة المعتبرة ، وكلّ ما دلّ من الأخبار على أنّ إحداث نقص في صورة الحيوان يكفي في رفع الكراهة ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام ، قال : «لا بأس أن تكون التماثيل في الثوب إذا غيّرت الصورة منه» (٦).

ويستفاد من بعض الأخبار الواردة في الصلاة على البساط أنّ الصورة إذا كانت لها عين واحدة لا تضرّ (٧) ، وفي بعضها الاكتفاء بكسر رؤس التماثيل ، فإنّ الحيوان

__________________

(١) قرب الإسناد : ٩٤ ، الوسائل ٣ : ٤٦٣ أبواب مكان المصلّي ب ٣٢ ح ١٠.

(٢) الكافي ٦ : ٤٧٣ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ٣٢٢ أبواب لباس المصلّي ب ٤٦ ح ١.

(٣) السرائر ١ : ٢٧٠.

(٤) الصحاح ٥ : ١٨١٦.

(٥) المصباح المنير ٢ : ٥٦٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٣ ، الوسائل ٣ : ٣٢٠ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ١٣.

(٧) الكافي ٣ : ٣٩٢ ح ٢٢ ، التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٦ ، الوسائل ٣ : ٣١٨ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٧.

٣٤٢

الناقص ليس بأقل من صورة شجرة وغيرها (١).

وأما الدراهم التي فيها التماثيل ؛ فالمشهور فيها أيضاً كراهة استصحابها في الصلاة ، وتزول أو تخفّ بشدّها في هميان أو خرقة وشدّها في وسطه بحيث تكون الدراهم خلفه ، كما يستفاد من الأخبار (٢) ، لا بمعنى أن يضعها خلفه. ولعلّ النكتة أنّ ذلك أبعد من توهّم عبادة غيره تعالى ، فلا يجعل بينه وبين القبلة شيئاً.

والأخبار الواردة في المنع ، أكثرها ظاهرة في الكراهة ، واردة بمثل لفظ «لا أحب» و «لا أشتهي» ونحو ذلك.

فمن جملة ما ورد صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الصادق عليه‌السلام : أنّه سأل عن الدراهم السود تكون مع الرجل وهو يصلّي مربوطة أو غير مربوطة ، فقال : «ما أشتهي أن يصلّي ومعه هذه الدراهم التي فيها التماثيل» ثم قال : «ما للناس بدّ من حفظ بضائعهم ، فإن صلّى وهي معه فلتكن من خلفه ، ولا يجعل شيئاً منها بينه وبين القبلة» (٣)

وصحيحة حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الدراهم السود الّتي فيها التماثيل ، أيصلّي الرجل وهي معه؟ فقال : «لا بأس بذلك إذا كانت مواراة» (٤).

ويدلّ على الجواز صريحاً صحيحة ابن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يصلّي وفي ثوبه دراهم فيها تماثيل ، فقال : «لا بأس بذلك» (٥).

وفي الخصال في حديث الأربعمائة عن عليّ عليه‌السلام : «ولا يعقد الرجل

__________________

(١) قرب الإسناد : ٨٧ ، الوسائل ٣ : ٣٢١ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٢٠ ، ٢١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٢٦ ح ٨٩١ ، وص ٣٧٠ ح ١٥٤١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ ح ١٥٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣١٨ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٦.

(٣) الكافي ١ : ٤٠٢ ح ٢١ ، الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٧٩ ، الوسائل ٣ : ٣١٧ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٣.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٢ ح ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ح ١٥٠٨ ، الوسائل ٣ : ٣١٩ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٨.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٧ ، الوسائل ٣ : ٣١٩ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٩.

٣٤٣

الدراهم التي فيها صورة في ثوبه وهو يصلّي ، ويجوز أن تكون الدراهم في هميان أو في ثوب إذا خاف ويجعلها في ظهره» (١).

ومنها : استصحاب الحديد ، خاتماً كان أو غيره ، للنصوص المستفيضة إلّا إذا كان مستوراً.

وقال الشيخ في النهاية : لا تجوز الصّلاة إذا كان مع الإنسان شي‌ء من حديد مشتهر ، مثل السكين والسيف ، وإن كان في غمد أو قراب فلا بأس بذلك (٢) ، ويؤدّي مؤدّاه كلام ابن البراج (٣).

والأوّل أقرب ، حملاً للأخبار المانعة على الكراهة ، لأنّها بين ضعيفة في السند وقاصرة في الدلالة ، مع أنّ جمهور الأصحاب حملوها على ذلك ، وفهمهم قرينة واضحة ، منها موثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام : في الرجل يصلّي وعليه خاتم حديد ، قال : «لا ، ولا يتختّم به الرجل ، فإنّه من لباس أهل النار» (٤).

ورواية السكوني وقد مرّت (٥).

ورواية النميري (٦).

وفي مرسلة أحمد بن محمّد بن أبي الفضل المدائني عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «لا يصلّي الرجل وفي تكّته مفتاح حديد» (٧) قال الكليني : وروى إذا كان

__________________

(١) الخصال : ٦٢٧ ، الوسائل ٣ : ٣١٨ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٥.

(٢) النهاية : ٩٨.

(٣) المهذّب ١ : ٧٥.

(٤) الفقيه ١ : ١٦٤ ح ٧٧٣ ، التهذيب ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨ ، علل الشرائع : ٣٤٨ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ٥.

(٥) الكافي ٣ : ٤٠٤ ح ٣٥ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ ح ٨٩٥ ، علل الشرائع : ٣٤٨ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ١.

(٦) الكافي ٣ : ٤٠٠ ح ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ ح ٨٩٤ ، الوسائل ٣ : ٣٠٤ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ٦.

(٧) الكافي ٣ : ٤٠٤ ح ٣٤ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ٢.

٣٤٤

المفتاح في غلاف فلا بأس (١).

ويظهر من هذه الرواية عدم الاكتفاء بالستر بالثياب ، فلا يكفي كون المفتاح في الكيس مثلاً حتّى يلفّ في خرقة أو يدرج في غلاف ، لأنّ الغالب أنّ التكّة مستورة بالقميص.

وقال المحقّق : وتسقط الكراهة مع ستره ، وقوفاً بالكراهة على موضع الوفاق ممن كرهه (٢).

ولا يبعد الاكتفاء بمطلق الستر كما هو ظاهر الأصحاب ، لما رواه الطبرسي في الاحتجاج ، عن الحميري : أنّه كتب إلى صاحب الزمان عليه‌السلام يسأله عن الفصّ الخماهن ، هل تجوز فيه الصلاة إذا كان في إصبعه؟ فكتب الجواب : «فيه كراهية أن يصلّى فيه».

وسأله عن الرجل يصلّي وفي كمّه أو سراويله سكّين أو مفتاح حديد ، هل يجوز ذلك؟ فكتب في الجواب : «جائز» (٣).

والخماهن : هو الحجر الأسود الذي يجعل منه الفصّ كما ذكره بعض أهل اللغة (٤) ، وقيل : هو الحديد الصيني (٥) ، ولعلّهما واحد.

والأحوط الاجتناب عن الحديد في غير الغلاف والخرقة ، سيّما الخاتم ، للتأكيد الوارد في الأخبار.

ومنها : الصلاة في ثوب مَن لا يتحرّز عن النجاسة ، للأخبار الكثيرة ، منها صحيحة عبد الله بن سنان قال : سأل أبي أبا عبد الله عليه‌السلام عن الذي يعير ثوبه

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٤ ح ٣٥ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ٣.

(٢) المعتبر ٢ : ٩٨.

(٣) الاحتجاج : ٤٨٣ ، الوسائل ٣ : ٣٠٥ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ١١.

(٤) انظر فرهنك معين ١ : ١٤٤٠.

(٥) دهخدا ٦ : ٨٧٣٦.

٣٤٥

لمن يعلم أنّه يأكل الجرّي ويشرب الخمر فيرده ، أيصلّي فيه قبل أن يغسله؟ قال : «لا يصلّي فيه حتّى يغسله» (١).

وصحيحة العيص بن القاسم عنه عليه‌السلام : في الرجل يصلّي في إزار المرأة وفي ثوبها ويعتم بخمارها ، قال : «نعم إذا كانت مأمونة» (٢) إلى غير ذلك.

وإنّما حملناها على الكراهة ، للأصل والاستصحاب ، والأخبار الكثيرة الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا بيقين ، فقد روى عبد الله بن سنان في الصحيح ، عنه عليه‌السلام ، قال : سأل أبي أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر : إنّي أُعير الذمّي ثوبي وأنا أعلم أنّه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيردّه عليّ ، فأغسله قبل أن أُصلي فيه؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «صلّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك ، فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ، ولم تستيقن أنّه نجّسه» (٣).

وفي صحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام : عن الصلاة في ثوب المجوس ، قال : «يرشّ بالماء» (٤).

ويمكن تخصيص الكراهة بغير الأثواب التي ينسجها الكفّار ، كالثياب السابريّة وغيرها ، لشيوع البلوى ، وعِظم الابتلاء ، فقد روى معاوية بن عمّار في الصحيح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الثياب السابريّة تعملها المجوس وهم أخباث يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ، ألبسها ولا أغسلها وأُصلّي فيها؟ قال : «نعم».

قال معاوية : فقطعت له قميصاً وخطته وفتلت له أزراراً ورداء من السابري ، ثمّ

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٥ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٦١ ح ١٤٩٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ ح ١٤٩٨ ، الوسائل ٢ : ١٠٩٥ أبواب النجاسات ب ٧٤ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٢ ح ١٩ ، الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٨١ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ح ١٥١١ ، الوسائل ٣ : ٣٢٥ أبواب لباس المصلّي ب ٤٩ ح ١.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٦١ ح ١٤٩٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ح ١٤٩٧ ، الوسائل ٢ : ١٠٩٥ أبواب النجاسات ب ٧٤ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦٢ ح ١٤٩٨ ، الوسائل ٢ : ١٠٩٣ أبواب النجاسات ب ٧٣ ح ٣.

٣٤٦

بعثت بها إليه في يوم الجمعة حين ارتفع النهار ، فكأنّه عرف ما أُريد ، فخرج فيها إلى الجمعة (١).

ومنها : ما مرّ من كراهة الصلاة فيما يشترى من مستحلّ الميتة بالدباغ من المسلمين ، وفي الثوب الذي يلي الفراء المعمول من جلود الثعالب وأشباهها ، وقيل فيه بالتحريم (٢) ، وهو ضعيف.

ومنها : الإمامة بغير رداء عند أكثر الأصحاب (٣) ، ومطلق الصلاة عند الشهيدين (٤) ، وهو أظهر ، ولكنه لقليل الثوب أو رقيقه ، أو لمن كان عليه سراويل فقط ، أو إزار فقط آكد ، حتّى أنّه يضع تكّة على عاتقه أو حبلاً إن لم يجد غيرهما.

وقال بعض المتأخّرين : إنّ الّذي يظهر من الأخبار أنّ الرداء إنما يستحبّ للإمام وغيره إذا كان في ثوب واحد لا يستر منكبيه ، أو يكون صفيقاً وإن ستر منكبيه ، لكنه في الإمام آكد. وإذا لم يجد ثوباً يرتدي به مع كونه في إزار أو سراويل فقط يجوز أن يكتفي بالتكة والسيف والقوس ونحوها. ويمكن القول باستحباب الرداء مع الأثواب المتعدّدة أيضاً (٥).

لكن الذي ورد التأكيد الشديد فيه يكون مختصّاً بما ذكرنا.

وأما ما هو الشائع من جعل منديل أو خيط على الرقبة في حال الاختيار مع لبس الأثواب المتعدّدة ففيه شائبة بدعة.

واستدلّ على ذلك بصحيحة سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أمّ قوماً في قميص ليس عليه رداء ، فقال : «لا ينبغي إلّا

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٦٢ ح ١٤٩٧ ، الوسائل ٢ : ١٠٩٣ أبواب النجاسات ب ٧٣ ح ١.

(٢) شرائع الإسلام ١ : ٥٩.

(٣) كالمحقّق في الشرائع ١ : ٦٠ ، والمختصر النافع ١ : ٢٥ ، والعلامة في التذكرة ٢ : ٥٠٤ ، وصاحب المدارك ٣ : ٢١٠.

(٤) الشهيد الأوّل في الذكرى : ١٤٧ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١١ ، والروضة البهيّة ١ : ٥٣١.

(٥) البحار ٨٠ : ١٩٠.

٣٤٧

أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها» (١).

ورواية أبي مريم الأنصاري قال : صلّى بنا أبو جعفر عليه‌السلام في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة ، فلمّا انصرف قلت له : عافاك الله صلّيت بنا في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة؟! فقال : «إنّ قميصي كثيف ، فهو يجزي أن لا يكون عليّ إزار ولا رداء ، وإنّي مررت بجعفر وهو يؤذّن ويقيم فلم أتكلّم فأجزأني ذلك» (٢).

وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام ، أنّه قال : «أدنى ما يجزئك أن تصلّي فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطّاف» (٣).

وصحيحة عبد الله بن سنان قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل ليس معه إلّا سراويل ، قال : «يحلّ التكّة منه فيطرحها على عاتقه ، ويصلّي» قال : «وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائماً» (٤).

وصحيحة محمّد بن مسلم (٥) ورواية جميل (٦) أيضاً تدلّان على استحباب أن يجعل على عاتقه حبلاً أو منديلاً أو نحو ذلك لمن صلّى في سراويل أو إزار.

وأنت خبير بأن هذه الأخبار لا تنفي استحباب الرداء في غير الصور المذكورة كما لا يخفى على المتأمّل ، لأنّ غاية السبب الخاصّ إفادة حكم الخاص فقط لو لم يكن الجواب عامّاً ، وأما نفيه عن الغير فلا.

فإن قلت : نعم ، ولكن ثبوته في الغير يحتاج إلى دليل.

قلت : يمكن الاستدلال بصحيحة زرارة المتقدّمة ، فإنّها مطلقة لا اختصاص لها

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٤ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٦٦ ح ١٥٢١ ، الوسائل ٣ : ٣٢٩ أبواب لباس المصلّي ب ٥٣ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٠ ح ١١١٣ ، الوسائل ٣ : ٢٨٤ أبواب لباس المصلّي ب ٢٢ ح ٧.

(٣) الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٨٣ ، الوسائل ٣ : ٣٣٠ أبواب لباس المصلّي ب ٥٣ ح ٦.

(٤) الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٨٢ ، التهذيب ٢ : ٣٦٦ ح ١٥١٩ ، الوسائل ٣ : ٣٢٩ أبواب لباس المصلّي ب ٥٣ ح ٣.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٣ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢١٦ ح ٨٥٢ ، الوسائل ٣ : ٢٨٣ أبواب لباس المصلّي ب ٢٢ ح ٢.

(٦) الكافي ٣ : ٣٩٥ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٦ ح ١٥١٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢٩ أبواب لباس المصلّي ب ٥٣ ح ٤.

٣٤٨

بالعاري أو رقيق الثوب ، وقوله عليه‌السلام : «أدنى ما يجزئ» يشعر بإرادة الرداء الاضطراري.

مع أنّه يمكن ادّعاء الظهور للإمام مطلقاً من صحيحة عليّ بن جعفر قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يجمع طرفي ردائه على يساره؟ قال : «لا يصلح جمعهما على اليسار ، ولكن اجمعهما على يمينك أو دعهما» وسألته عن السيف هل يجري مجرى الرداء يؤمّ القوم في السيف؟ قال : «لا يصلح أن يؤمّ في السيف إلّا في حرب» (١).

وفي رواية اخرى : «إنّ عليّاً عليه‌السلام ، قال : السيف بمنزلة الرداء تصلّي فيه ما لم ترَ فيه دماً ، والقوس بمنزلة الرداء» (٢).

بل يمكن ادّعاء أنّه يظهر من الأخبار كون ذلك شعاراً للمسلمين مطلقاً ، وأنّ هذا كان من جهة استفادتهم ذلك من الشرع ، مع أنّ الشيخ أبا الفتح الكراجكي روى في كنز الفوائد عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال لنوف البكالي : «هل تدري من شيعتي؟» قال : لا والله ، قال : «شيعتي الذُّبل الشفاه ، الخُمص البطون ، الذين تعرف الرهبانيّة والرّبانيّة في وجوههم ، رهبان باللّيل ، اسد بالنّهار ، الّذين إذا جنّهم الليل اتّزروا على أوساطهم ، وارتدوا على أطرافهم ، وصفّوا على أقدامهم ، وافترشوا جباههم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم» (٣) الحديث.

وربما يستشكل بأنّ الظاهر من صحيحة محمّد بن مسلم وما في معناها : أنّ المصلّي لا يحسن أن يكون منكبه مكشوفاً ، لا استحباب الرداء ، وتؤيّده رواية أبي بصير أنّه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما يجزئ الرجل من الثياب أن يصلّي فيه؟ فقال : «صلّى الحسين بن علي عليهما‌السلام في ثوب قد قلص عن نصف ساقه

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥١ ، الوسائل ٣ : ٣٣٤ أبواب لباس المصلّي ب ٥٧ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٧١ ح ١٥٤٦ ، الوسائل ٣ : ٣٣٤ أبواب لباس المصلّي ب ٥٧ ح ٢.

(٣) نقله عنه في البحار ٦٥ : ١٩١ باب صفات الشيعة ح ٤٧.

٣٤٩

وقارب ركبتيه ، ليس على منكبيه منه إلّا قدر جناحي الخطّاف ، وكان إذا ركع سقط عن منكبيه ، وكلّما سجد يناله عنقه فردّه على منكبيه بيده ، ولم يزل ذلك دأبه ودأبه مشتغلاً به حتّى انصرف» (١).

وفيه : مع ما فيه من خلاف الظاهر وعدم ظهور التأييد أنّ رواية جميل تدفعه ، قال : سأل مرازم أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر معه ، عن الرجل الحاضر يصلّي في إزار مؤتزراً به ، قال : «يجعل على رقبته منديلاً أو عمامة يرتدي بها» (٢).

وأما كيفية الارتداء فهو أن يلقي الثوب على المنكبين ، ثم يفعل بطرفيه ما تضمّنته صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة.

ويظهر من الصحيحة وغيرها مثل رواية ابن بكير الّتي رواها الصدوق جواز الإسدال (٣).

فأما الإسدال المنهي عنه في الأخبار المحكوم عليه بالكراهة في كلام الأكثر ، فربّما فسّر بأن يضع وسط الرداء على رأسه ، ويرسل طرفيه ، والذي لا ضرر فيه هو فيما لو وضع وسطه على المنكبين.

وربّما فسرّ بأن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك.

وروى الصدوق بسنده ، عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : «خرج أمير المؤمنين عليه‌السلام على قوم فرآهم يصلّون في المسجد قد أسدلوا أرديتهم ، فقال لهم : ما لكم قد سدلتم ثيابكم كأنّكم يهود وقد اخرجوا من فهرهم ، يعني بِيَعهم ، إيّاكم وسدل ثيابكم» (٤) وجعل ابن الأثير مبنى هذا الحديث هو التفسير الأوّل (٥).

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٧ ح ٧٨٤ ، الوسائل ٣ : ٢٨٤ أبواب لباس المصلّي ب ٢٢ ح ١٠.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٥ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٦ ح ١٥١٨ ، الوسائل ٣ : ٢٨٣ أبواب لباس المصلّي ب ٢٢ ح ٤.

(٣) الفقيه ١ : ١٦٩ ح ٧٩٦ ، الوسائل ٣ : ٢٩٠ أبواب لباس المصلّي ب ٢٥ ح ٤.

(٤) الفقيه ١ : ١٦٨ ح ٧٩١ ، الوسائل ٣ : ٢٩٠ أبواب لباس المصلّي ب ٢٥ ح ٣.

(٥) النهاية لابن الأثير ٢ : ٣٥٥.

٣٥٠

وأما سدل الثوب مطلقاً كما في العباءة فوق الأثواب والممطرة والفراء وغير ذلك فالظاهر عدم الكراهة ، وتدلّ عليه موثّقة ابن بكير أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلّي ويرسل جانبي ثوبه ، قال : «لا بأس» (١).

وفي قرب الإسناد ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليه‌السلام ، قال : «إنّما يكره السدل على الأُزر بغير قميص ، وأما على القميص والجباب فلا بأس» (٢).

ومنها : الصلاة في العمامة من دون حنك إجماعاً كما في المعتبر والمنتهى (٣) ، وبعبارة اخرى تكره الصلاة مقتعطاً وفي الطابقية ، لا أنّ الصلاة تكره في القلنسوة الخالية أيضاً ، فمن حاول التعمّم ينبغي أن لا يترك التحنّك ، إلّا على القول بكون ترك المستحبّ مكروهاً.

وعن الصدوق القول بالتحريم ، قال : وسمعت مشايخنا رضي‌الله‌عنهم يقولون : لا تجوز الصلاة في الطابقية ، ولا يجوز للمعتمّ أن يصلّي إلّا وهو متحنّك (٤).

وقد ذكر جماعة من أصحابنا أنّه لا نصّ في خصوص استحباب العمامة للصلاة (٥) ، وليس كذلك ، بل الروايات موجودة ، منها ما ذكره في مكارم الأخلاق عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «ركعتان بعمامة أفضل من أربع بغير عمامة» (٦) وفي كتاب عوالي اللئالي (٧) وكتاب جامع الأخبار (٨) أيضاً ما يدلّ على ذلك.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٩ ح ٧٩٦ ، الوسائل ٣ : ٢٩٠ أبواب لباس المصلّي ب ٢٥ ح ٤.

(٢) قرب الإسناد : ٥٤ ، الوسائل ٣ : ٢٩١ أبواب لباس المصلّي ب ٢٥ ح ٨ بتفاوت.

(٣) المعتبر ٢ : ٩٧ ، المنتهي ١ : ٢٣٣.

(٤) الفقيه ١ : ١٧٢.

(٥) البحار ٨٠ : ١٩٩.

(٦) مكارم الأخلاق : ١١٩ ، الوسائل ٣ : ٣٧٨ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠ ح ٨.

(٧) عوالي اللآلي ٢ : ٢١٤ ح ٦ ، وج ٤ : ٣٧ ح ١٢٨.

(٨) جامع الأخبار : ٩١ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٣١ أبواب لباس المصلّي ب ٤٤ ح ١.

٣٥١

وكذلك ذكروا أنّه لاخبر يدلّ على كراهة العمامة بدون التحنّك في الصلاة ، بل ما يدلّ على ذلك عام لجميع الأوقات (١) ، وعن عوالي اللئالي أيضاً أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «من صلّى بغير حنك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلّا نفسه» (٢).

ثمّ إنّ الظاهر من التحنّك الوارد في الأخبار هو أن يدير جزء من العمامة تحت الحنك ويغرزه في الطرف الأخر ، وهو صريح كلام اللغويين (٣).

وقال في البحار : الذي نفهمه من الأخبار هو إرسال طرف العمامة من تحت الحنك وإسداله ، وأورد شطراً من الأخبار الدالّة على كيفية عمامة رسول الله صلّى الله وآله والملائكة المسوّمين ، وكيفيّة عمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الغدير ، وعمامة عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، والأخبار الواردة في تعميم الميّت ، فإنّها كلّها مشتملة على إسدال طرف العمامة (٤)

ويظهر من بعضها استحباب إسدال الطرفين أحدهما الذي بين الكتفين أقصر من الذي على الصدر.

فلنذكر منها ما رواه الكليني في الصحيح عن الرضا عليه‌السلام : في قول الله عزوجل (مُسَوِّمِينَ) (٥) قال : «العمائم ، اعتمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسدلها من بين يديه ومن خلفه ، واعتمّ جبرئيل عليه‌السلام فسدلها من بين يديه ومن خلفه» (٦).

وما رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قال : «عمّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً عليه‌السلام بيده فسدلها من بين يديه ، وقصّرها من خلفه قدر أربع

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٢٩١ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦.

(٢) عوالي اللآلي ٤ : ٣٧ ح ١٢٨ ، الذكرى : ١٤٩.

(٣) الصحاح ٤ : ١٥٨١.

(٤) البحار ٨٠ : ١٨٩.

(٥) آل عمران : ١٢٥.

(٦) الكافي ٦ : ٤٦٠ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ٣٧٧ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠ ح ١.

٣٥٢

أصابع ، ثمّ قال : أدبر ، فأدبر ، ثمّ قال : أقبل ، فأقبل ، ثمّ قال هكذا تيجان الملائكة» (١)

وما رواه ابن طاوس عن كتاب الولاية لابن عقدة بإسناده إلى عبد الله بن بشير صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خُم إلى عليّ عليه‌السلام فعمّمه وأسدل العمامة بين كتفيه ، وقال : «هكذا أيّدني ربّي يوم حنين بالملائكة معمّمين قد أسدلوا العمائم ، وذلك حجز بين المسلمين والمشركين» إلى آخر الخبر (٢).

وفي مقابل هذه الأخبار أخبار كثيرة تدلّ بظاهرها على إدارة العمامة تحت الحنك ، مثل ما رواه الكليني في الحسن عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن الصادق عليه‌السلام : «من تعمّم ولم يتحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلّا نفسه» (٣).

وعن عيسى بن حمزة قال : «من اعتمّ فلم يدِر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلّا نفسه» (٤).

وروى الصدوق بسنده ، عن عمّار الساباطي ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «من خرج في سفر فلم يدِر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلّا نفسه» (٥).

قال الصدوق : وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الفرق بين المسلمين والمشركين التلحي بالعمائم» قال الصدوق : وذلك في أوّل الإسلام وابتدائه (٦). وفي معنى

__________________

(١) الأمان : ٩١ ، الوسائل ٣ : ٣٧٩ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠ ح ١٢.

(٢) الأمان : ١٠٣ ، الوسائل ٣ : ٣٧٩ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠ ح ١١ ، وب ٤٣ ح ٦.

(٣) الكافي ٦ : ٤٦٠ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢١٥ ح ٨٤٦ ، الوسائل ٣ : ٢٩١ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٤٦١ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٢١٥ ح ٨٤٧ ، المحاسن : ٣٧٨ ح ١٥٧ ، الوسائل ٣ : ٢٩١ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦ ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ١٧٣ ح ٨١٤ ، الوسائل ٣ : ٢٩٢ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦ ح ٥.

(٦) الفقيه ١ : ١٧٣ ح ٨١٧ ، الوسائل ٣ : ٢٩٢ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦ ح ٨.

٣٥٣

ما ذكر أخبار أُخر لا حاجة إلى ذكرها (١).

وأنت خبير بأنّ ظاهر هذه الأخبار الإدارة تحت اللحيين ، وما أوّله صاحب البحار بأنّ في صورة الإسدال أيضاً إدارة من الخلف إلى جانب الصدر (٢) ، فهو خروج عن ظاهر هذه الأخبار ، وعن كلام اللغويين ، فلاحظ كلماتهم (٣).

وجمع في الوسائل بين الأخبار بجعل هذه محمولة على وقت إرادة السفر والحاجة (٤).

والسيد ابن طاوس جعل الروايات الأُول في بيان العمامة التي يعتمّ بها المسافر ليأمن عن خطر السفر (٥).

وظنّي أنّ كليهما حسن ، والجمع بينهما أحسن.

ثمّ إنّ التحنّك لمّا صار في أمثال هذه البلاد مهجوراً ، فربّما يقال : إنّ فعله صار من لباس الشهرة المنهيّ عنه في الأخبار ، مثل حسنة أبي أيّوب الخزّاز ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «إنّ الله يبغض شهرة اللباس» (٦).

ورواية ابن مسكان ، عن رجل ، عنه عليه‌السلام ، قال : «كفى بالمرء خزياً أن يلبس ثوباً لشهرة ، أو يركب دابة لشهرة» (٧).

وفي رواية أُخرى : «من لبس ثوباً يشهره كساه الله يوم القيمة ثوباً من النار» (٨).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٢٩١ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦.

(٢) بحار الأنوار ٨٠ : ١٩٩.

(٣) الصحاح ٤ : ١٥٨١.

(٤) الوسائل ٣ : ٢٩١.

(٥) الأمان : ٩١.

(٦) الكافي ٦ : ٤٤٤ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب أحكام الملابس ب ١٢ ح ١.

(٧) الكافي ٦ : ٤٤٥ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب أحكام الملابس ب ١٢ ح ٢.

(٨) الكافي ٦ : ٤٤٥ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب أحكام الملابس ب ١٢ ح ٤.

٣٥٤

وفي اخرى عن الصادق عليه‌السلام : «الشهرة خيرها وشرّها في النار» (١).

وربّما يؤيّد ذلك : بأنّ مضامين أكثر الأخبار المرغّبة في التحنّك مشتملة على أنّ تاركه يصيبه داء لا دواء له ، وما نراه بالعيان خلاف ذلك ، بل ربّما نرى غير المتحنّكين أسلم من المتحنّكين ، فلعله لأجل أنّه صار من لباس الشهرة.

ومنها : اشتمال الصمّاء ، ففي الحسن عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «إيّاك والتحاف الصمّاء» قلت : وما التحاف الصمّاء؟ قال : «أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد» (٢) ورواه في معاني الأخبار بسند صحيح (٣).

وكلام أهل اللغة مختلف فيه ، فقيل : أن تجلّل جسدك بثوبك نحو شملة الأعراب بأكسيتهم ، ويَرُدّ الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر ، ثمّ يَرُدّه ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن ، فيغطّيهما جميعاً (٤).

وقيل : أن يشتمل الرجل بثوب يجلّل به جسده كلّه ولا يرفع منه جانباً يخرج منه يده (٥).

وقال في التذكرة : وتعبير الفقهاء أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ثمّ يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه ، فربّما يبدو منه فرجه ، والفقهاء أعرف بالتأويل لما ورد عن الأئمة (٦) ، وهكذا نقله أبو عبيدة أيضاً عن الفقهاء (٧).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٤٥ ح ٣ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب أحكام الملابس ب ١٢ ح ٣.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٤ ح ٤ ، الفقيه ١ : ١٦٨ ح ٧٩٢ ، التهذيب ٢ : ٢١٤ ح ٨٤١ ، الاستبصار ١ : ٣٨٨ ح ١٤٧٤ ، الوسائل ٣ : ٢٨٩ أبواب لباس المصلّي ب ٢٥ ح ١.

(٣) معاني الأخبار : ٣٩٠ ح ٣٢.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ١٤٢.

(٥) نقله عن الهروي في الذكرى : ١٤٧.

(٦) التذكرة ٢ : ٥٠٣.

(٧) الصحاح ٥ : ١٩٦٨ ، لسان العرب ١٢ : ٣٤٦.

٣٥٥

وكيف كان ، فكراهة ذلك إجماعيّة بين العلماء ، والأحوط الاجتناب عن الجميع ، سيّما ما لا تنافيه الحسنة المتقدّمة.

ومنها : الاتزار فوق القميص ، كما نقل عن أكثر الأصحاب (١) ، وقيل : لا تستفاد كراهته من الأخبار (٢) ، بل الظاهر منها عدمها ، وإنّما ورد فيها النهي عن التوشّح فوق القميص ، وهو غير الاتّزار ، قال الجوهري : توشّح الرجل بثوبه وسيفه إذا تقلّد بهما (٣).

ونقل عن بعضهم أنّ التوشّح إدخال الثوب تحت اليد اليمنى وإلقاؤه على المنكب الأيسر كما يفعله المحرم (٤) ، وقيل غير ذلك (٥).

أقول : والأخبار واردة في كليهما ، ففي صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «لا ينبغي أن تتوشّح بإزار فوق القميص وأنت تصلّي ، ولا تتّزر بإزار فوق القميص إذا أنت صلّيت ، فإنّه من زيّ الجاهلية» (٦) فهذه الرواية تدلّ على كراهة الاتّزار أيضاً ، والأخبار الدالة على المنع من التوشّح كثيرة (٧).

وأما صحيحة موسى بن القاسم قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام يصلّي في قميص قد اتّزر فوقه بمنديل وهو يصلّي (٨).

وصحيحة موسى بن عمر بن بزيع قال ، قلت للرضا عليه‌السلام : أشدّ الإزار

__________________

(١) الذكرى : ١٤٨ ، المدارك ٣ : ٢٠٣.

(٢) المعتبر ٢ : ٩٦.

(٣) الصحاح ١ : ٤١٥.

(٤) لسان العرب ٢ : ٦٣٣.

(٥) قال ابن الأثير في النهاية ٥ : ١٨٧ إنّه كان يتوشّح بثوبه أي يتغشّى به.

(٦) الكافي ٣ : ٣٩٥ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٢١٤ ح ٨٤٠ ، الوسائل ٣ : ٢٨٧ أبواب لباس المصلّي ب ٢٤ ح ١.

(٧) الوسائل ٣ : ٢٨٧ أبواب لباس المصلّي ب ٢٤.

(٨) التهذيب ٢ : ٢١٥ ح ٨٤٣ ، الاستبصار ١ : ٣٨٨ ح ١٤٧٦ ، الوسائل ٣ : ٢٨٨ ، أبواب لباس المصلّي ب ٢٤ ح ٦.

٣٥٦

والمنديل فوق قميصي في الصلاة ، فقال : «لا بأس» (١) فمحمولتان على الرخصة والجواز ، فلا ينافي الكراهة ، مع احتمال إرادة التحزّم كما يشهد به الاتّزار بالمنديل وعليه يحمل ما نقلناه عن كتاب الكراجكي ، وعلى الاتّزار تحت القميص ، فإنّه لا كراهة فيه إجماعاً كما نقله العلامة (٢).

وأما صحيحة حمّاد بن عيسى قال : كتب الحسن بن عليّ بن يقطين إلى العبد الصالح عليه‌السلام ، هل يصلّي الرجل الصلاة وعليه إزار متوشّح به فوق القميص؟ فكتب : «نعم» (٣) فهي محمولة على الرخصة جمعاً بين الأخبار.

ومنها : القباء المشدود في غير الحرب ، ذكره أكثر الأصحاب ، وحرّمه ابن حمزة (٤).

وقال المفيد : لا يجوز لأحد أن يصلّي وعليه قباء مشدود إلّا أن يكون في الحرب فلا يتمكّن أن يحلّه ، فيجوز ذلك للاضطرار (٥).

وقال الشيخ في التهذيب بعد نقل العبارة : ذكر ذلك عليّ بن الحسين بن بابويه ، وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ، ولم أعرف به خبراً مسنداً (٦).

وربّما فهم منه المحزم (٧) ، واستدلّ عليه بما رواه العامّة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا يصلّي أحدكم وهو محزّم» (٨).

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٨٠ ، التهذيب ٢ : ٢١٤ ح ٨٤٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٨ ح ١٤٧٥ ، الوسائل ٣ : ٢٨٨ أبواب لباس المصلّي ب ٢٤ ح ٥.

(٢) المنتهي ١ : ٢٣٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٢١٥ ح ٨٤٤ ، الاستبصار ١ : ٣٨٨ ح ١٤٧٧ ، الوسائل ٣ : ٢٨٨ أبواب لباس المصلّي ب ٢٤ ح ٧.

(٤) الوسيلة : ٨٨.

(٥) المقنعة : ١٥٢.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٣٢.

(٧) كالشهيد في الذكرى : ١٤٨.

(٨) مسند أحمد ٢ : ٢٣٢.

٣٥٧

وردّ بأنّه لا دلالة فيه على ذلك (١).

ومنهم من فهم منه مشدود الأزرار.

وردّ بأنّ ظاهر الأخبار كراهة حلّ الأزرار في الصلاة ، وأنّه من عمل قوم لوط (٢).

وفيه : أنّ الظاهر من الأخبار المانعة عن الصّلاة في الثوب المحلول الأزرار هو ما يكون مظنّة لتكشّف العورة ، وما دلّ على أنّه من عمل قوم لوط الظاهر منه إرادة الحلّ بين الصلاة ، فإنّه من العبث كسائر أعمالهم ، أو تكون العلّة فيها أيضاً ما ذكرنا معلّلاً بأنّه من عمل قوم لوط.

أقول : ويحتمل إرادة الضيق الذي يوجب عدم حضور القلب ويمنع من بعض الاداب ، سواء حصل الضيق بسبب شدّ الأزرار أو غيره أيضاً.

ومنها : الصلاة في الثوب الرقيق الغير الحاكي للّون ، لأخبارٍ كثيرة ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام صلّى في إزار واحد ليس بواسع قد عقده على عاتقه ، فقلت له : ما ترى للرجل يصلّي في قميص واحد؟ فقال : «إذا كان كثيفاً فلا بأس» (٣) وغيرها (٤).

فإن حكى لون العورة فلا تجوز الصلاة فيه.

وفيما حكى الحجم قولان ، أظهرهما الكراهة ، للأصل ، وحصول الستر عرفاً ، ولما يظهر من الأخبار المعتبرة جواز الاكتفاء بقميص واحد إذا كان كثيفاً ، والغالب أنّ القميص الكثيف قد يحكي الحجم ، سيّما إذا كان رطباً ، وخصوصاً في النسوان ، فإن أبدانهن عورة.

__________________

(١) كما في المدارك ٣ : ٢٠٨.

(٢) الوسائل ٣ : ٢٨٥ أبواب لباس المصلّي ب ٢٣.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٤ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢٤٣ ح ١٠٨١ ، التهذيب ٢ : ٢١٧ ح ٨٥٥ ، الوسائل ٣ : ٢٨٢ أبواب لباس المصلّي ب ٢٢ ح ١.

(٤) الوسائل ٣ : ٢٨١ أبواب لباس المصلّي ب ٢١ ، ٢٢.

٣٥٨

وقيل بالبطلان (١) ، محتجّاً بمرفوعة أحمد بن حمّاد عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «لاتصلّ فيما شفّ أو وصف» (٢) يعني الثوب الصيقل.

قال في المدارك : كذا فيما وجدناه من نسخ التهذيب (٣) ، وذكر الشهيد في الذكرى أنّه وجده بلا «واو» بخط الشيخ أبي جعفر رحمه‌الله ، وأنّ المعروف أو وصف بواوين ، قال : ومعنى شفّ لاحت منه البشرة ، أو وصف حكى الحجم (٤).

وقريبة منها مرفوعة محمّد بن يحيى (٥).

ولا يعارض بذلك ما قدّمناه من الأدلّة ، وقد مرّ الإشكال في حديث التستّر بالنورة ، والظاهر عدم الاكتفاء به في الصلاة.

ومنها : اللثام للرجل والنقاب للمرأة ، لصحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام قال ، قلت له : أيصلّي الرجل وهو متلثم؟ فقال : «أما على الأرض فلا ، وأما على الدابة فلا بأس» (٦) ويظهر منه خِفّة الكراهة في حال الركوب ، وقد مرّت موثّقة سماعة في مباحث ستر العورة ، وهاهنا أخبار كثيرة تدلّ على الجواز (٧) ، ووجه الجمع بينها وبين ما ذكرنا الكراهة.

وأما صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال : «لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة» (٨) وفي معناها

__________________

(١) الذكرى : ١٤٦ ، جامع المقاصد ٢ : ٩٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٢١٤ ح ٨٣٧ ، الذكرى : ١٤٦ ، الوسائل ٣ : ٢٨٢ أبواب لباس المصلّي ب ٢١ ح ٤.

(٣) المدارك ٣ : ١٨٧.

(٤) الذكرى : ١٤٦.

(٥) الكافي ٣ : ٤٠٢ ح ٢٤ ، التهذيب ٢ : ٢١٤ ح ٨٣٨ ، الوسائل ٣ : ٢٨٢ أبواب لباس المصلّي ب ٢١ ح ٣.

(٦) الكافي ٣ : ٤٠٨ ح ١ ، الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٧٨ ، التهذيب ٢ : ٢٢٩ ح ٩٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ ح ١٥١٦ ، الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب لباس المصلّي ب ٣٥ ح ١.

(٧) الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب لباس المصلّي ب ٣٥.

(٨) الكافي ٣ : ٣١٥ ح ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٧٨ ، التهذيب ٢ : ٢٢٩ ح ٩٠٣ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ ح ١٥١٩ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب لباس المصلّي ب ٣٥ ح ٣.

٣٥٩

روايات أُخر (١) ، فالظاهر أنّ المراد من مفهومها التحريم بناءً على وجوب إسماع المصلّي نفسه. وأما إذا منعا عن القراءة أو الأذكار الواجبة فلا ريب في حرمتهما.

ومنها : صلاة المرأة في خلخال له صوت ، لصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل صلّى وفي كمّه طير ، قال : «إن خاف الذهاب عليه فلا بأس» وقال : سألته عن الخلاخل هل يصلح للنساء والصبيان لبسها؟ فقال : «إن كانت صمّاء فلا بأس ، وإن كان لها صوت فلا يصلح» (٢).

وعن ابن البراج : أنّه لا تصحّ الصلاة فيه (٣) ، والرواية لا تدلّ عليه.

قيل : والرواية تفيد الكراهة مطلقاً ، فلا وجه للتخصيص بحال الصلاة (٤) ، ويمكن استشعار ذلك بمناسبة صدر الرواية.

ومنها : صلاة المرأة عُطُلاً بضم العين والطاء المهملتين وتنوين اللام أي خالٍ جيدها من القلائد ، ففي رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : «لا تصلّي المرأة عطلاً» (٥).

وفي الفقيه قال الصادق عليه‌السلام : «لا ينبغي للمرأة أن تعطّل نفسها ، ولو أن تعلّق في عنقها قلادة ، ولا ينبغي لها أن تدع يدها من الخضاب ، ولو أن تمسحها بالحناء مسحاً وإن كانت مسنّة» (٦) وفي بعض الأخبار : «ولو تعلقن في أعناقهن سيراً» (٧).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب لباس المصلّي ب ٣٥.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٤ ح ٣٣ ، الفقيه ١ : ١٦٤ ح ٧٧٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣٦ أبواب لباس المصلّي ب ٦٠ ح ١ ، وب ٦٢ ح ١.

(٣) المهذّب ١ : ٧٥.

(٤) روض الجنان : ٢١٢ ، مجمع الفائدة ٢ : ٩١.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٧١ ح ١٥٤٣ ، الوسائل ٣ : ٣٣٥ أبواب لباس المصلّي ب ٥٨ ح ١.

(٦) الفقيه ١ : ٧٠ ح ٢٨٣ ، الوسائل ٣ : ٣٣٥ أبواب لباس المصلّي ب ٥٨ ح ٢.

(٧) دعائم الإسلام ٢ : ١٦٢ ح ٥٨٠ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٢٩ أبواب لباس المصلّي ب ٤٠ ح ١.

٣٦٠