غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٢

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٢

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: عباس تبريزيان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-250-5
الصفحات: ٦٣١

الجواز ، والثانية على الكراهة (١).

أقول : والظاهر الاتّحاد ، لأنّ محمّد بن عبد الله الحميري كان كاتب صاحب الأمر عليه‌السلام ، فالمراد بالفقيه هو عليه‌السلام ، فالأحوط ترك التساوي.

ويؤيّده أنّه أطبق بالسؤال عمّا في الحديث الأوّل ، ويمكن أن يقال بسقوط كلمة «لا» عمّا قبل يصلّي عن يمينه فيتطابقان.

والأحوط عدم التقدّم في غير الصلاة أيضاً.

وأمّا ما رواه الصدوق في العلل في الحسن لإبراهيم بن هاشم ، عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام قال ، قلت له : الصلاة بين القبور ، قال : «بين خللها ، ولا تتخذوا شيئاً منها قبلة ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ذلك وقال : لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً ، فإنّ الله لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٢).

وروى في الفقيه كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله مرسلاً ، إلّا أنّه قال : «لُعن اليهود لأنّهم اتّخذوا» (٣) الحديث ، فنحملها على المنع من جعلها كالكعبة يصلّى إليها من كلّ جانب.

السابع : تكره الصلاة في مواضع وورد في الأخبار المنع عن الصلاة في أكثرها ؛ حمله الأصحاب على الكراهة ، ومنها ما قيل فيه بالتحريم أيضاً.

فمنها : جوف الكعبة ، وحرّمها بعضهم (٤) ، وكذلك سطحها ، وسيأتي الكلام فيه (٥).

ومنها : جوادّ الطرق ، بخلاف الظواهر الّتي بين الجوادّ ، وقال المفيد

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٥٥ ذ. ح ١ ، ٢.

(٢) علل الشرائع : ٣٥٨ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٤٥٥ أبواب مكان المصلّي ب ٢٦ ح ٥ بتفاوت يسير.

(٣) الفقيه ١ : ١١٤ ح ٤٣٢ ، الوسائل ٣ : ٤٥٥ أبواب مكان المصلّي ب ٢٦ ح ٣.

(٤) كالشيخ في الخلاف ١ : ٤٣٩ مسألة ١٨٦ ، والقاضي في المهذّب ١ : ٧٦.

(٥) ص ٣٧١.

٢٢١

بالتحريم (١) ، كما تفيده ظواهر الأخبار الصحيحة وغيرها (٢).

وليس ما ينافيها من الأخبار ظاهراً إلّا صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «لا بأس أن يصلّى بين الظواهر ، وهي الجوادّ جوادّ الطريق ، ويكره أن يصلّى في الجوادّ» (٣) إلّا أن عمل الأكثر يرجّحها (٤).

وبعض الأخبار يدلّ على كراهة مطلق الطريق ، وبعضها على كراهة ظهر الطريق أيضاً (٥).

ومنها : مرابط الخيل والبغال ، ومعاطن الإبل ، بل مطلق مباركها ، بل مرابض الغنم والبقر أيضاً.

وترتفع كراهتها أو تقلّ بالكنس والرشّ بالماء كمعاطن الإبل كما في الأخبار (٦).

ويظهر من صحيحة الحلبي جواز الصلاة في مرابض الغنم من دون كراهة (٧) ، وفي موثّقة سماعة : «إن نضحته بالماء وقد كان يابساً فلا بأس» (٨).

وفي الذكرى عن أبي الصلاح أنّها لا تحلّ في كل ذلك (٩).

ومنها : بيت فيه خمر أو مسكر ، لموثّقة عمّار (١٠) ، حملاً لها على الكراهة ، لعدم

__________________

(١) المقنعة : ١٥١.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٤٤ أبواب مكان المصلّي ب ١٩.

(٣) الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ ح ١٥٦٠ ، الوسائل ٣ : ٤٤٤ أبواب مكان المصلّي ب ١٩ ح ١.

(٤) منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٨٥ ، والعلامة في التذكرة ٢ : ٤٠٨ ، والمنتهى ١ : ٢٤٧ ، والإرشاد ١ : ٢٤٨ ، والكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٣٦ ، وصاحب المدارك ٣ : ٢٣٣.

(٥) الوسائل ٣ : ٤٤٤ أبواب مكان المصلّي ب ١٩.

(٦) الوسائل ٣ : ٤٤٢ أبواب مكان المصلّي ب ١٧.

(٧) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٥ ، الفقيه ١ : ١٥٧ ح ٧٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ ح ٨٦٥ ، الوسائل ٣ : ٤٤٣ أبواب مكان المصلّي ب ١٧ ح ٢.

(٨) التهذيب ٢ : ٢٢٠ ح ٨٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ ح ١٥٠٦ ، الوسائل ٣ : ٤٤٣ أبواب مكان المصلّي ب ١٧ ح ٤.

(٩) الكافي في الفقه : ١٤١ ، الذكرى : ١٥٢.

(١٠) الكافي ٣ : ٣٩٢ ح ٢٤ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ ح ١٥٦٨ ، الاستبصار ١ : ١٨٩ ح ٦٦٠ ، الوسائل ٣ : ٤٤٩ أبواب مكان المصلّي ب ٢١ ح ١.

٢٢٢

مقاومتها للعمومات والأصل.

وعن المقنع : لا يجوز أن يصلّى في بيت فيه خمر محصور في إنية ، قال : وروى أنّه يجوز (١) ؛ ورواية الجواز وإنّ كانت مجهولة إلا أنّ العمل وما تقدّم يرجّحها.

ومنها : ما في تجاهه نار ، مُضرمة كانت أو غير مُضرمة ، والمُضرمة منها كالسراج أشدّ ، والمرتفع منها آكد شدّة ، لموثّقة عمّار (٢) المحمولة على الكراهة ، جمعاً بينها وبين صحيحة عليّ بن جعفر (٣) ، ورواية عمرو بن إبراهيم الهمداني (٤).

وحرّمها أبو الصلاح لظاهر النهي (٥).

وروى في إكمال الدين في سند قويّ ، عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي فيما ورد عليه من محمّد بن عثمان العمري ، عن صاحب الزمان عليه‌السلام في جواب مسائله : «وأمّا ما سألت عنه من أمر المصلّي والنار والصورة والسراج بين يديه ، وأنّ الناس قد اختلفوا في ذلك قِبَلَكَ ؛ فإنّه جائز لمن لم يكن من أولاد عَبَدَةِ الأصنام والنيران» (٦).

ورواه الطبرسي في الاحتجاج عن أبي الحسين محمّد بن جعفر ، وزاد : «ولا يجوز ذلك لمن كان من أولاد عَبَدَةِ الأوثان والنيران» (٧).

ومقتضى الرواية عدم الكراهة لبني هاشم.

ومنها : ما يواجه تماثيل وصور ، للأخبار المستفيضة (٨) ، وتخفّ أو تزول

__________________

(١) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٧.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٥ ح ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ح ٨٨٨ ، الوسائل ٣ : ٤٥٩ أبواب مكان المصلّي ب ٣٠ ح ٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩١ ح ١٦ ، الفقيه ١ : ١٦٢ ح ٧٦٣ ، الوسائل ٣ : ٤٥٩ أبواب مكان المصلّي ب ٣٠ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٢٦ ح ٨٩٠ ، الوسائل ٣ : ٤٥٩ أبواب مكان المصلّي ب ٣٠ ح ٤.

(٥) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٦) إكمال الدين : ٥٢١ ح ٤٩ ، الوسائل ٣ : ٤٦٠ أبواب مكان المصلّي ب ٣٠ ح ٥.

(٧) الاحتجاج ٢ : ٤٨٠.

(٨) الوسائل ٣ : ٤٦١ أبواب مكان المصلّي ب ٣٢.

٢٢٣

بالتغطية والتغيير.

وفي أخبارٍ كثيرة النهي عن الصلاة في بيتٍ فيه تمثال. ويمكن تخصيصها بما يواجه القبلة كما يظهر من صحيحة محمّد بن مسلم (١) وغيرها.

وعن أبي الصلاح أنّها لا تحلّ (٢).

وفي مرسلة ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن الصادق عليه‌السلام : في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلّي ، قال : «إن كان بعين واحدة فلا بأس ، وإن كان له عينان فلا» (٣) وفي معناها غيرها من الأخبار (٤).

والأولى تغطيتها أيضاً.

ومنها : بيت فيه كلب أو إناء يُبال فيه.

ومنها : بيوت النار ، وحرّمها أبو الصلاح (٥) ، وخصّصها في المدارك بما كان معدّاً لعبادتها (٦) ، وعمّمها العلّامة لكلّ بيت معدّ للنار ، لأنّ في الصلاة فيها تشبيهاً بعبادتها (٧) ، ولا تحضرني الان رواية تدلّ عليه.

ومنها : ما واجهه مصحف مفتوح ، لموثّقة عمّار (٨) ، وحرّمها أبو الصلاح (٩).

ورواية عليّ بن جعفر في قرب الإسناد تعطي كراهة ما يشغله من خاتم منقوش

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩١ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢٢٦ ح ٨٩١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ ح ١٥٠٢ ، المحاسن : ٦١٧ ح ٥٠ ، الوسائل ٣ : ٤٦١ أبواب مكان المصلّي ب ٣٢ ح ١.

(٢) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٢ ح ٢٢ ، الوسائل ٣ : ٤٦٢ أبواب مكان المصلّي ب ٣٢ ح ٦.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٦١ أبواب مكان المصلّي ب ٣٢.

(٥) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٦) المدارك ٣ : ٢٣٢.

(٧) التذكرة ٢ : ٤٠٧ ، المنتهي ١ : ٢٤٧.

(٨) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٥ ح ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ٨٨٨ ، الوسائل ٣ : ٤٥٦ أبواب مكان المصلّي ب ٢٧ ح ١.

(٩) الكافي في الفقه : ١٤١.

٢٢٤

أو كتاب أو نحو ذلك (١).

ومنع أبو الصلاح عن الإنسان المواجه والباب المفتوح (٢).

ويمكن استفادة الحكم الأوّل ممّا ورد في اتّخاذ السترة ، وكذلك الثاني أيضاً ، فإنه شاغل له ، وتكفي فتوى أبي الصلاح في الكراهة.

ومنها : بيت فيه مجوسيّ ، ولا بأس باليهودي ، والنصراني ، لرواية أبي أُسامة (٣).

وكذلك بيوت المجوس ، للأخبار الكثيرة المرخّصة للصلاة فيها بعد الرشّ بالماء ، المؤذنة بالكراهة من دون ذلك (٤).

وكذلك البِيَع والكنائس ، ولعلّ العلّة في الكراهة هي مظنّة النجاسة ، فإن الاستقراء يقتضي أنّ الرشّ بالماء مطهّر للقذارة المكروهة والنجاسة الموهومة كما مرّ في محلّه ، ومع ذلك فلا يبعد إلحاق بيت اليهودي والنصراني.

وفي صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة على بواري اليهود والنصارى الذين يقعدون عليها في بيوتهم ، أتصلح؟ قال : «لا يصلّى عليها» (٥).

ومنها : البيت المعدّ للبول والغائط ، أو ما نزّ حائط قبلته من البالوعة ، لرواية عبيد بن زرارة (٦) في الأوّل ، ورواية محمّد بن أبي حمزة (٧) ورواية ابن أبي نصر (٨)

__________________

(١) قرب الإسناد : ٨٩ ، الوسائل ٣ : ٤٥٧ أبواب مكان المصلّي ب ٢٧ ح ٢.

(٢) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ٦ ، الوسائل ٣ : ٤٤٢ أبواب مكان المصلّي ب ١٦ ح ١.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٣٩ أبواب مكان المصلّي ب ١٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥١ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٦ ، مسائل عليّ بن جعفر : ٢٢٧ ح ٥٢٠.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٥٩ ح ٧٢٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤١ ح ١٦٩٩ ، الوسائل ٣ : ٤٦١ أبواب مكان المصلّي ب ٣١ ح ٢.

(٧) الفقيه ١ : ١٧٩ ح ٨٤٧ ، الوسائل ٣ : ٤٤٤ أبواب مكان المصلّي ب ١٨ ح ١.

(٨) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢١ ح ٨٧١ ، الوسائل ٣ : ٤٤٤ أبواب مكان المصلّي ب ١٨ ح ٢.

٢٢٥

في الثاني.

وفي رواية الفضيل : التنحّي عن العذرة إذا كانت في جانب القبلة ما استطعت (١) ، وحرّمها أبو الصلاح (٢).

وكذا استقبال السلاح المشهور ، لما رواه في الخصال عن عليّ عليه‌السلام : «ولا يصلّينّ أحدكم وبين يديه سيف ، فإنّ القبلة أمن» (٣) وحرّمه أبو الصلاح أيضاً (٤).

وكذا يكره استقبال مطلق الحديد ؛ لما ورد في بعض الأخبار (٥).

ومنها : الحمّامات ، وحرّمها أبو الصلاح أيضاً (٦) ، والأصل فيه الأخبار ، مثل رواية عبد الله بن الفضل : «عشرة مواضع لا يصلّى فيها : الطين والماء والحمّام» (٧) الحديث.

وحديث النوفلي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الأرض كلّها مسجد إلّا الحمّام والقبر» (٨).

وأما صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام : عن الصلاة في بيت الحمّام ، فقال : «إذا كان الموضع نظيفاً فلا بأس» (٩) وموثّقة عمّار (١٠) ، بمعناها ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩١ ح ١٧ ، الوسائل ٣ : ٤٦٠ أبواب مكان المصلّي ب ٣١ ح ١.

(٢) الكافي في الفقه : ١٤١

(٣) الخصال : ٦١٦ ، الوسائل ٣ : ٤٦٠ أبواب مكان المصلّي ب ٣٠ ح ٦.

(٤) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٥) الوسائل ٣ : ٤٥٨ أبواب مكان المصلّي ب ٣٠.

(٦) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٧) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٢ ، الفقيه ١ : ١٥٦ ح ٧٢٥ ، الخصال : ٤٣٤ ح ٢١.

(٨) المحاسن : ٣٦٥ ح ١١٠ ، الوسائل ٣ : ٤٢٢ أبواب مكان المصلّي ب ١ ح ٣.

(٩) الفقيه ١ : ١٥٦ ح ٧٢٧ ، الوسائل ٣ : ٤٦٦ أبواب مكان المصلّي ب ٣٤ ح ١.

(١٠) التهذيب ٢ : ٣٧٤ ح ١٥٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ ح ١٥٠٥ ، الوسائل ٣ : ٤٦٦ أبواب مكان المصلّي ب ٣٤ ح ٤.

٢٢٦

فحملها الشيخ على بيت المسلخ (١) ، وكذلك الصدوق (٢) ، وقال في الاستبصار : أو على ضرب من الرخصة (٣).

والتحقيق : أنّ حمل النظيف على الطهارة الشرعيّة بمعنى اشتراط طهارة المكان غير واضح ، لأنّه لا اختصاص بالحمّام في المنع عن الصلاة في الموضع النجس ، سيّما إذا كان مسرياً.

مع أنّه لا معنى للكراهة حينئذٍ ، فلا بد أن تحمل على الخلوّ من الشبهة وخوف الرشاش (٤) ، فلو فرض حصول اليقين بطهارة الموضع ، ومنه ما لو قام على ساجة مطهرة ولو كان صحن الحمام نجساً أيضاً فلا كراهة.

وتختصّ الكراهة بما لو كان معرضاً للرشاش أو مظنون النجاسة ، ويكون الحكم الوارد في الحمّام بالمنع مطلقاً وارداً مورد الغالب ، هذا إذا كانت العلّة في المنع عن الحمّام هي احتمال النجاسة.

وإن كانت هي كونه مأوى الشياطين كما ذكره الصدوق (٥) أو غير ذلك ، فلا بدّ أن تحمل الروايتان على تقليل الكراهة ، وهو أظهر بالنسبة إلى الإطلاقات والشهرة والعمل.

ولذلك حملها الشيخ (٦) والصدوق (٧) على المسلخ مع بُعد الحمل ، لأنّ المتبادر من الحمّام هو البيت الحارّ.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٧٤ ذ. ح ١٥٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥.

(٢) الفقيه ١ : ١٥٦ ذ. ح ٧٢٧.

(٣) الاستبصار ١ : ٣٩٥.

(٤) الرشاش ما يتناثر من الماء (المصباح المنير : ٢٢٧).

(٥) الفقيه ١ : ١٥٦ ذ. ح ٧٢٦.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٧٤ ذ. ح ١٥٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥.

(٧) الفقيه ١ : ١٥٦ ذ. ح ٧٢٧.

٢٢٧

ومنها : بُطون الأودية ، لرواية أبي هاشم الجعفري (١) ، وقد يعلّل بكونها مظنّة السيل ، وكذلك كلّ ما ذكر في مرسلة عبد الله بن الفضل (٢).

ومنها : الطين ، والماء ، وقُرى النمل ، ومجرى الماء ، والسبَخ ، والثلج.

وعلّل السبَخ والثلج بعدم استقرار الجبهة.

وفي رواية داود الصرمي : «إن أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد ، وإن لم يمكنك فسوّه» (٣) والظاهر أنّ المراد الدقّ والتسوية للاستقرار والتمكّن ، لا للرخصة في السجود.

وفي صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة في السبخة لِمَ تكرهه؟ قال : «لأنّ الجبهة لا تقع مستوية» فقلت : إن كان فيها أرض مستوية؟ فقال : «لا بأس» (٤).

ومنها : ما اشتملت عليه صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «الصلاة تكره في ثلاثة مواطن من الطريق : البيداء وهي ذات الجيش ، وذات الصلاصل ، وضجنان» (٥) الحديث.

والمراد بالطريق طريق مكّة ، وضجنان بالمعجمة والألف بين النونين جبل بناحية مكّة.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٤٢ ح ٥ ، الوسائل ٣ : ٤٥٨ أبواب مكان المصلّي ب ٢٩ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٢ ، الفقيه ١ : ١٥٦ ح ٧٢٥ ، الخصال : ٤٣٤ ح ٢١ ، عبد الله بن الفضل ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : عشرة مواضع لا يصلّى فيها : الطين ، والماء ، والحمّام ، والقبور ، ومسانّ الطريق ، وقرى النمل ، ومعاطن الإبل ، ومجرى الماء ، والسبخ ، والثلج.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٤ ، الوسائل ٣ : ٤٥٧ أبواب مكان المصلّي ب ٢٨ ح ٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٢١ ح ٨٧٣ ، الوسائل ٣ : ٤٤٨ أبواب مكان المصلّي ب ٢٠ ح ٧.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ١٠ ، الوسائل ٣ : ٤٥١ أبواب مكان المصلّي ب ٢٣ ح ٢ ، والبيداء اسم لأرضٍ ملساء بين مكّة والمدينة ، وهي إلى مكّة أقرب. وذات الصلاصل : اسم لموضعٍ مخصوص في طريق مكّة. وضجنان : هو موضع أو جبل بين مكّة والمدينة (انظر معجم البلدان ١ : ٥٢٣ ، وج ٣ : ٤٥٣ ، ومجمع البحرين ٥ : ٤٠٧).

٢٢٨

ومنها : وادي الشقرة لمرسلة ابن فضال (١) ، وهي بضمّ الشين وسكون القاف بادية في المدينة خسف بأهلها.

قال في الذكرى : وقيل : إنّها والبيداء وضجنان وذات الصلاصل مواضع خسف (٢) ، قال في التذكرة : وكذا كلّ موضع خسف به (٣) ، انتهى.

ويؤيّده أنّ عليّاً عليه‌السلام ترك الصلاة في أرض بابل لذلك حتى عبر وصلّى في الموضع المشهور بعد ما رُدّت له الشمس إلى وقت الفضيلة (٤).

الثامن : لا تجوز صلاة الفريضة راكباً وماشياً ، سفراً وحضراً مع الاختيار قال في المعتبر : إنّه مذهب العلماء كافّة (٥) ، وتدلّ عليه الأخبار المعتبرة (٦).

ويجوز مع الاضطرار ؛ من مرض أو خوف أو وحل أو مطر أو غيره ، والظاهر أنّه أيضاً إجماعيّ ، وتدلّ عليه الأخبار الصحيحة المستفيضة وغيرها (٧).

وقوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) (٨).

وفي صحيحة الحميري : «يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة» (٩).

والظاهر أنّ المعيار هو ما يلزم منه العُسر الذي يصعب تحمّله غالباً كما هو مقتضى إطلاق سائر الأخبار.

ومقتضى إطلاق الأخبار وكلام الأصحاب تعميم الفريضة لغير اليوميّة ، ففي

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١١ ، الوسائل ٣ : ٤٥٢ أبواب مكان المصلّي ب ٢٤ ح ١.

(٢) الذكرى : ١٥٢.

(٣) التذكرة ٢ : ٤١٠.

(٤) التذكرة ٢ : ٤١٠.

(٥) المعتبر ٢ : ٧٥.

(٦) الوسائل ٣ : ٢٣٦ أبواب القبلة ب ١٤.

(٧) الوسائل ٣ : ٢٤٤ أبواب القبلة ب ١٦.

(٨) البقرة : ٢٣٩.

(٩) التهذيب ٣ : ٢٣١ ح ٦٠٠ ، الوسائل ٣ : ٢٣٧ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٥.

٢٢٩

موثّقة عبد الله بن سنان : «لاتصلّ شيئاً من المفروض راكباً» (١) وتقرب منه روايته الأُخرى ، وفيها : «إلّا من ضرورة» (٢).

وظاهرهم عدم الفرق بين المنذورة وغيرها. وقال في الذكرى : لا تصحّ الفريضة على الراحلة اختياراً إجماعاً ، لاختلال الاستقبال وإن كانت منذورة ، سواء نذرها راكباً أو مستقرّاً على الأرض ، لأنّها بالنذر أُعطيت حكم الواجب (٣).

وربّما يفرّق بين الواجب بالأصل وبالنذر ، عملاً بالأصل ، وتؤيّده رواية عليّ بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل جعل لله عليه أن يصلّي كذا وكذا ، هل يجزئه أن يصلّي ذلك على دابته وهو مسافر؟ قال : «نعم» (٤) وهو قريب لو لم يثبت الإجماع على خلافه.

والإشكال في خصوص ما نذره راكباً أظهر ، بل الأظهر جوازه حينئذٍ ، بل تعيّنه عملاً بالنذر إذا كان المنذور الفعل المقيّد ؛ لأنفس القيد كما أشرنا إليه سابقاً.

ويجب الاستقبال فيه مهما أمكن كما صرّح به المحقّق (٥) ومن تأخّر عنه (٦) ، للاية (٧) والعمومات (٨) ، وخصوص صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «لا يصلّي على الدابة الفريضة إلا مريض يستقبل القبلة ، وتجزئه فاتحة الكتاب ، ويضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شي‌ء ،

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٣١ ح ٥٩٨ ، الوسائل ٣ : ٢٣٨ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٧.

(٢) التهذيب ٣ : ٣٠٨ ح ٩٥٤ ، الوسائل ٣ : ٢٣٧ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٤.

(٣) الذكرى : ١٦٧.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٣١ ح ٥٩٦ ، الوسائل ٣ : ٢٣٨ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٦.

(٥) المعتبر ٢ : ٧٥.

(٦) كالعلامة في المنتهي ١ : ٢٢١ ، والشهيد في الذكرى : ١٦٨ ، وصاحب الرياض ٣ : ١٤٧.

(٧) البقرة : ١٥٠.

(٨) الوسائل ٣ : ٢٣٦ أبواب القبلة ب ١٤.

٢٣٠

ويومئ في النافلة إيماء» (١).

وأما صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام ، قال : «الذي يخاف اللصوص والسبع يصلّي صلاة المواقفة إيماء على دابته» ثمّ قال : «ويجعل السجود أخفض من الركوع ، ولا يدور إلى القبلة ، ولكن أينما دارت دابته ، غير أنّه يستقبل القبلة بأوّل تكبيرة» (٢) فهي ظاهرة في حال التعذّر أو التعسّر.

وكذلك الكلام في أفعال الصلاة يؤتى بها على حسب المقدور ، فإنّه لا يترك الميسور بالمعسور (٣) ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه (٤) ، وهو المستفاد من تتبّع الأخبار ، مثل صحيحة عبد الرحمن المتقدّمة.

ورواية محمّد بن عذافر : في الصلاة في المحمل للغير المتمكّن من الأرض : «هو بمنزلة السقيفة إن أمكنه قائماً ، وإلّا قاعداً ، وكلّ ما كان من ذلك فالله أولى بالعذر ، يقول الله عزوجل (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (٥)» (٦).

ويؤيّده ما سيجي‌ء في صلاة العاجز عن القيام والركوع والسجود.

فما ورد في الأخبار الكثيرة من الاكتفاء بالإيماء (٧) فهو محمول على حال العجز إلّا عنه ، بل هو ظاهر تلك الأخبار ، بل صريح بعضها.

ولو تمكّن من الركوب والمشي في الفريضة ففي تقديم أيّهما إشكال ، والأقرب تقديم أكثرهما استيفاءً للأفعال ، وإن تساويا فالتخيير.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٠٨ ح ٩٥٢ ، الوسائل ٣ : ٢٣٦ أبواب القبلة ب ١٤ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٤٥٩ ح ١ فيه ذيل الحديث ، الفقيه ١ : ٢٩٥ ح ١٣٤٨ ، التهذيب ٣ : ١٧٣ ح ٣٨٣ ، الوسائل ٥ : ٤٨٤ أبواب صلاة الخوف ب ٣ ح ٨.

(٣) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.

(٤) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٧.

(٥) القيامة : ١٤.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٣٢ ح ٦٠٣ ، الوسائل ٣ : ٢٣٧ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٢ بتفاوت.

(٧) انظر الوسائل ٣ : ٢٣٦ أبواب القبلة ب ١٤.

٢٣١

ثم هل يعمّ النهي عن الصلاة راكباً ما لو فرض التمكّن من جميع الأفعال حينئذٍ؟ المشهور نعم ، لإطلاقات الأخبار (١) ، ولانصراف الأوامر الواردة بالصلاة إلى الأفراد الغالبة الشائعة من القرار على الأرض وما في معناه.

وربّما يستدلّ بقوله تعالى (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) (٢) فإن الدابّة معرض التزلزل ونقصان الأفعال.

وقيل بالصحّة ، لعدم انصراف أخبار المنع إلى ذلك ، وصدق الامتثال (٣).

وتؤيّده صحيحة عليّ بن جعفر : في الرَّفّ المعلّق بين النخلتين : «إن كان مستوياً يقدر على الصلاة عليه فلا بأس» (٤) ولا يخلو من قوّة.

ومن أفراد ذلك السرير المعلّق بين دابتين ، وهما تمشيان.

وأمّا الصلاة على الدابة المعقولة بحيث لا تتحرّك فمنعه في الذكرى أيضاً (٥) ، لأنّه ليس من القرار المعهود. والأظهر الصحّة ، سيّما مع ظنّ استقراره إلى الإتمام ، للإطلاقات ، والتعليل المستفاد من صحيحة عليّ بن جعفر (٦).

وأمّا الصلاة في السفينة فتجوز مع عدم الاستطاعة للخروج بالإجماع والصحاح المستفيضة وغيرها (٧). ويجب الاستقبال مطلقاً إن أمكن ، وإلّا فبالتكبيرة وبما أمكن ، ثمّ حيث توجّهت ، ويتحرّى القبلة. وكذلك القيام والركوع والسجود ، ومع العجز يومئ كما يستفاد من الأخبار (٨).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٢٣٦ أبواب القبلة ب ١٤.

(٢) البقرة : ٢٣٨.

(٣) نهاية الإحكام ١ : ٤٠٤ ، المدارك ٣ : ١٤٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥٣ ، قرب الإسناد : ٨٦ ، الوسائل ٣ : ٤٦٧ أبواب مكان المصلّي ب ٣٥ ح ١.

(٥) الذكرى : ١٦٧.

(٦) المتقدّمة في ه ٤.

(٧) الوسائل ٣ : ٢٣٣ أبواب القبلة ب ١٣.

(٨) الوسائل ٣ : ٢٤٤ أبواب القبلة ب ١٦.

٢٣٢

وأمّا مع الاستطاعة ففيه قولان ، فعن الأكثر الجواز ، لروايات ، منها صحيحة جميل ، إنه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : تكون السفينة قريبة من الجدّ (١) فأخرج وأُصلّي؟ قال : «صلّ فيها ، أما ترضى بصلاة نوح عليه‌السلام» (٢).

وعن أبي الصلاح (٣) وابن إدريس (٤) المنع ، لحسنة حمّاد بن عيسى (٥) ، ورواية عليّ بن إبراهيم (٦). والأقرب حملهما على صورة عدم التمكّن من الاستقبال والقيام في السفينة كما هو ظاهر الروايتين ، أو على الاستحباب.

وأمّا النوافل فيجوز فعلها في السفينة ، للأخبار (٧) ، وكذلك على الدابّة وماشياً ، في الضرورة والاختيار ، بلا خلاف في السفر والحضر ، إلّا عن ابن أبي عقيل في الحضر (٨).

والأخبار الصحيحة وغيرها المستفيضة جدّاً ناطقة بذلك وبعضها مصرّحة بحكم الحضر (٩) ، وإن كان الأفضل الاستقرار ، لصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج : «فإنّ صلاتك على الأرض أحبّ إليّ» (١٠).

ويستحبّ الاستقبال بتكبيرة الإحرام ، لصحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل ، قال : «إذا

__________________

(١) الجد : شاطئ النهر (النهاية لابن الأثير ١ : ٢٤٥).

(٢) الفقيه ١ : ٢٩١ ح ١٣٢٣ ، الوسائل ٣ : ٢٣٣ أبواب القبلة ب ١٣ ح ٣.

(٣) الكافي في الفقه : ١٤٧.

(٤) السرائر ١ : ٣٣٦.

(٥) الكافي ٣ : ٤٤١ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٧٠ ح ٣٧٤ ، الاستبصار ١ : ٤٥٤ ح ١٧٦١ ، الوسائل ٣ : ٢٣٥ أبواب القبلة ب ١٣ ح ١٤.

(٦) التهذيب ٣ : ١٧٠ ح ٣٧٥ ، الاستبصار ١ : ٤٥٥ ح ١٧٦٢ ، الوسائل ٣ : ٢٣٤ أبواب القبلة ب ١٣ ح ٨.

(٧) الوسائل ٣ : ٢٣٣ أبواب القبلة ب ١٣.

(٨) نقله عنه في الذكرى : ١٦٨.

(٩) الوسائل ٣ : ٢٣٩ أبواب القبلة ب ١٥ ، ١٦.

(١٠) التهذيب ٣ : ٢٣٢ ح ٦٠٥ ، الوسائل ٣ : ٢٤١ أبواب القبلة ب ١٥ ح ١٢.

٢٣٣

كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثمّ كبّر وصلّ حيث ذهب بك بعيرك» (١) الحديث.

وأوجبه ابن إدريس ، ونقله عن جماعة (٢) ، وتدفعه الإطلاقات الكثيرة ، وخصوص موثّقة الحلبي : أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن صلاة النافلة على البعير والدابة ؛ فقال : «نعم ، حيث ما كان متوجّهاً» قلت : أستقبل القبلة إذا أردتُ التكبير؟ قال : «لا ، ولكن تكبّر حيثما كنت متوجّهاً ، وكذلك فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٣).

وفي الصحيح عن أبان بن عثمان ، عن إبراهيم الكرخي ، عنه عليه‌السلام قال ، قلت له : إنّي أقدر على أن أتوجّه إلى القبلة في المحمل ، فقال : «ما هذا الضيق ، أما لك برسول الله أُسوة؟!» (٤).

والأخبار الواردة في تفسير قوله تعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٥) أنّها في النافلة في السفر ؛ المذكورة في مجمع البيان (٦) وتفسير العياشي (٧) وغيرهما (٨).

ويجزئ الإيماء عن الركوع والسجود وإن أمكن له. ولكن سجوده أخفض من ركوعه كما نطقت به صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٩) المتقدّمة وغيرها من الأخبار الكثيرة.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٣٣ ح ٦٠٦ ، الوسائل ٣ : ٢٤١ أبواب القبلة ب ١٥ ح ١٣.

(٢) السرائر ١ : ٢٠٨.

(٣) الكافي ٣ : ٤٤٠ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٢٨ ح ٥٨١ ، الوسائل ٣ : ٢٤٠ أبواب القبلة ب ١٥ ح ٦.

(٤) الفقيه ١ : ٢٨٥ ح ١٢٩٥ ، التهذيب ٣ : ٢٢٩ ح ٥٨٦ ، الوسائل ٣ : ٢٣٩ أبواب القبلة ب ١٥ ح ٢.

(٥) البقرة : ١١٥.

(٦) مجمع البيان ١ : ٢٢٨ ، الوسائل ٣ : ٢٤٢ أبواب القبلة ب ١٥ ح ١٨.

(٧) تفسير العيّاشي ١ : ٥٦ ح ٨٠ ، الوسائل ٣ : ٢٤٣ أبواب القبلة ب ١٥ ح ٢٣.

(٨) النهاية : ٦٤ ، الوسائل ٣ : ٢٤٢ أبواب القبلة ب ١٥ ح ١٩.

(٩) التهذيب ٣ : ٣٠٨ ح ٩٥٢ ، الوسائل ٣ : ٢٣٦ أبواب القبلة ب ١٤ ح ١.

٢٣٤

ولو ركع الماشي وسجد مستقبلاً للقبلة كان أفضل ، لصحيحة معاوية بن عمّار (١) ، هذا.

ويظهر من المحقّق جواز النافلة مستقرّاً على الأرض إلى غير القبلة (٢) ، وهو مشكل ، لما عرفت أنّ الأخبار المفسّرة للاية مقيّدة بحال السفر (٣) ، وإن وجد فيها مطلق فيحمل عليها.

مع أنّ الصدوق قال : إنّها وردت في قبلة المتحيّر (٤). والظاهر أنّ هذا الكلام من تتمّة صحيحة معاوية بن عمّار الّتي ذكرها ، ولا دليل آخر يوجِب التعدّي عن الأصل الموظّف في الشرع.

خاتمة :

يستحبّ اتّخاذ المساجد ، لقوله تعالى (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) (٥) الآية ، وللأخبار المستفيضة ، منها حسنة أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة» قال أبو عبيدة : فمرّ بي أبو عبد الله عليه‌السلام في طريق مكّة وقد سوّيت بأحجار مسجداً ، فقلت له : جعلت فداك ، نرجو أن يكون هذا من ذلك ، قال : «نعم» (٦).

ورواه عنه في الفقيه وزاد : «من بنى مسجداً كمفحص قطاة» (٧).

وهو إجماعيّ ، بل هو بديهي الدين.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٢٩ ح ٥٨٥ ، الوسائل ٣ : ٢٤٤ أبواب القبلة ب ١٦ ح ١.

(٢) المعتبر ٢ : ٧٥.

(٣) المتقدّمة في ص ٢٣٤.

(٤) الفقيه ١ : ١٧٩.

(٥) التوبة : ١٨.

(٦) الكافي ٣ : ٣٦٨ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٢٦٤ ح ٧٤٨ ، الوسائل ٣ : ٤٨٥ أبواب أحكام المساجد ب ٨ ح ١.

(٧) الفقيه ١ : ١٥٢ ح ٧٠٤.

٢٣٥

وأن تكون مكشوفة ، ويكره أن تكون مسقّفة ؛ لحسنة عبد الله بن سنان (١) وغيرها من الأخبار.

وأما مطلق التظليل فلا بأس به كالعريش ، كما تضمّنته الحسنة المذكورة وغيرها.

وأمّا صحيحة الحلبي قال : سألته عن المساجد المظلّلة يكره القيام فيها؟ قال : «نعم ، ولكن لا تضرّكم الصلاة فيها اليوم ، ولو كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» (٢) فهي محمولة على المسقّفة ، لما يظهر من الأخبار أنّ القائم عليه‌السلام إذا ظهر يكسر السقوف ويجعلها عريشاً كعريش موسى (٣).

ويشكل ذلك في أكثر البلاد الّتي لا يمكن الانتفاع بالمسجد غالباً إلّا مع السقف ، فلعلّ المراد من المنع هو تسقيف جميع المسجد أو خصوص بعض الأمكنة.

مع أنّه يمكن أن يقال : بأنّ الاهتمام في التردّد إلى المساجد يرتفع بالثلج والمطر ونحوه ، لقوله عليه‌السلام : «إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال» (٤) ولكن يبقى مع ذلك الاحتياج من جهة الحرّ والبرد إذا لم يتيسّر اندفاعهما بالعريش.

وأن تُجعل الميضاة للحدث والخبث في أبوابها ، لا في وسطها ، لرواية إبراهيم بن عبد الحميد عن الكاظم عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبَيعكم وشراءكم ، واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم» (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٩٥ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٢٦١ ح ٧٣٨ ، الوسائل ٣ : ٤٨٧ أبواب أحكام المساجد ب ٩ ح ١.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٥٣ ح ٦٩٥ ، الوسائل ٣ : ٤٨٨ أبواب أحكام المساجد ب ٩ ح ٢ ، وفي الكافي ٣ : ٣٦٨ ح ٤ بتفاوت.

(٣) انظر الفقيه ١ : ١٥٣ ح ٧٠٧ ، والإرشاد للشيخ المفيد : ٣٦٥ ، والوسائل ٣ : ٤٨٨ أبواب أحكام المساجد ب ٩ ح ٤ ، وص ٤٩٤ ب ١٥ ح ٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٤٦ ح ١٠٩٩ ، الوسائل ٣ : ٤٧٨ أبواب أحكام المساجد ب ٢ ح ٤.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٥٤ ح ٧٠٢ ، الوسائل ٣ : ٥٠٥ أبواب أحكام المساجد ب ٢٥ ح ٣ ولكن الرواية فيها عن عبد الله الدهقان عن عبد الحميد عن أبي إبراهيم.

٢٣٦

وجه الاستدلال : اشتراك الطهارة فيصير مجملاً ، والامتثال به لا يحصل إلّا بمراعاة معنييه ، سيّما بانضمام ما دلّ على عدم إدخال الخبث في المساجد واستحباب عدم دخول المساجد إلّا طاهراً ومتطهّراً (١).

هذا كلّه إذا كان ذلك قبل البناء ، وإلّا فلا يجوز التوسيط جزماً.

وأن تكون المنارة مع الحائط ؛ فيكره تطويلها زيادة عن سطح المسجد ، لرواية السكوني أنّ علياً عليه‌السلام مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها ، ثمّ قال : «لا تُرفع المنارة إلّا مع سطح المسجد» (٢) وهذه الرواية تشير إلى المنع عن التوسيط أيضاً.

وأمّا التوسيط بعد البناء فهو حرام.

ومنعه الشيخ مطلقاً (٣) ، ولا يظهر وجهه إلّا من جهة كونه مانعاً عن رؤية الإمام والصفّ المتقدّم ونحو ذلك.

ولا دليل على استحباب وضع المنارة ، بل صريح رواية عليّ بن جعفر عدمه (٤).

وتكره تعليتها تأسّياً بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث كان جدار مسجده قامة (٥).

وأن يجعل لها شُرَفاً ، لرواية طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليه‌السلام ، وفيها أنّه عليه‌السلام ، قال : «إنّ المساجد تبنى جمّا لا تشرّف» (٦) ورواية أبي بصير المروية في إرشاد المفيد أيضاً (٧).

وأن يجعل لها محاريب ، لرواية طلحة بن زيد أيضاً عنه عليه‌السلام : إنّه كان

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥٠٤ أبواب أحكام المساجد ب ٢٤.

(٢) الفقيه ١ : ١٥٥ ح ٧٢٣ ، التهذيب ٣ : ٢٥٦ ح ٧١٠ ، الوسائل ٣ : ٥٠٥ أبواب أحكام المساجد ب ٢٥ ح ٢.

(٣) النهاية : ١٠٩.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٤ ح ١١٣٤ ، الوسائل ٣ : ٥٠٥ أبواب أحكام المساجد ب ٢٥ ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ٢٩٥ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٢٦١ ح ٧٣٨ ، الوسائل ٣ : ٤٨٧ أبواب أحكام المساجد ب ٩ ح ١.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٥٣ ح ٦٩٧ ، الوسائل ٣ : ٤٩٤ أبواب أحكام المساجد ب ١٥ ح ٢.

(٧) الإرشاد للشيخ المفيد : ٣٦٥.

٢٣٧

يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد ، ويقول : «كأنّها مذابح اليهود» (١).

وربما قيّدت المحاريب في كلام الفقهاء بالداخلة في المسجد ، وربما قيّدت بالداخلة في الحائط.

ولعلّه مرادهم بحيث يكون الإمام بأجمعه داخلاً في الحائط ، والظاهر أنّهم فهموه من الكسر المذكور في الرواية ، والأوّل أنسب بها.

وتكره زخرفتها وتصويرها ، لرواية عمرو بن جميع (٢).

والمتبادر من المصوّرة فيها هي ذوات الأرواح.

وعن المعتبر تحريم النقش مطلقاً ، مستدلا بهذه ، وبأنّه لم يفعل في زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا الصحابة فهو بِدعة (٣) ، وهو ضعيف.

وتستحبّ عمارتها بالمرمّة والعبادة ، للاية (٤) ، وصحيحة عليّ بن جعفر المروية في العِلل (٥) ، ورواية السكوني المروية في ثواب الأعمال (٦).

وفي الحديث القدسي : «إنّ بيوتي في أرضي المساجد ، وإنّ زوّاري فيها عمّارها ، فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي ، فحقّ على المزور أن يكرم زائره» (٧).

وكثرة الاختلاف إليها وملازمتها ، ولا يتأكّد إذا كانت الأرض مبتلّة.

والجلوس فيها ؛ سيّما لانتظار الصلاة.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٥٣ ح ٧٠٨ ، التهذيب ٣ : ٢٥٣ ح ٦٩٦ ، علل الشرائع : ٣٢٠ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٥١٠ أبواب أحكام المساجد ب ٣١ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٦٩ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٥٩ ح ٧٢٦ ، الوسائل ٣ : ٤٩٣ أبواب أحكام المساجد ب ١٥ ح ١.

(٣) المعتبر ٢ : ٤٥١.

(٤) التوبة : ١٨.

(٥) علل الشرائع : ٥٢١ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٤٨٦ أبواب أحكام المساجد ب ٨ ح ٥.

(٦) ثواب الأعمال : ٢١١ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٤٨٦ أبواب أحكام المساجد ب ٨ ح ٣.

(٧) المقنع : ٢٧ ، الوسائل ٣ : ٤٨٢ أبواب أحكام المساجد ب ٣ ح ٥.

٢٣٨

ودخولها متطهّراً ، والتطهّر في البيت قاصداً لها ، كلّ ذلك للأخبار (١).

وتعاهد النعل عند أبوابها ، وحفظها من النجاسة ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في رواية عبد الله بن ميمون القدّاح : «تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم» (٢). وقد مرّ الكلام في تحريم إدخال النجاسة في المسجد وإزالتها فيه في كتاب الطهارة.

وتقديم الرجل اليمنى عند الدخول ، واليسرى عند الخروج ، والدعاء بالمأثور (٣).

وكنسها ، سيّما في يوم الخميس وليلة الجمعة.

والإسراج فيها ، كلّ ذلك للأخبار (٤).

والتحيّة فيها بركعتين ، لرواية أبي ذر المروية في معاني الأخبار والخصال وفي مجالس الشيخ (٥).

وروى في الذكرى ، عن أبي قتادة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتّى يركع ، وليدعُ الله عقبهما ، وليصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٦) الحديث.

ويكره الدخول فيها مع الرائحة المؤذية كالثوم والبصل وغيرهما ، للأخبار (٧) ، ويتأكّد في الثوم.

والبصاق ، وفي رواية غياث بن إبراهيم : «أنّه خطيئة ، وكفّارته دفنه» (٨) وفي

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥١٥ أبواب أحكام المساجد ب ٣٩.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٥٥ ح ٧٠٩ ، الوسائل ٣ : ٥٠٤ أبواب أحكام المساجد ب ٢٤ ح ١.

(٣) الوسائل ٣ : ٥١٥ أبواب أحكام المساجد ب ٣٩.

(٤) الوسائل ٣ : ٥١١ أبواب أحكام المساجد ب ٣٢ ، ٣٤.

(٥) معاني الأخبار : ٣٣٢ ح ١ ، الخصال : ٥٢٣ ح ١٣ ، أمالي الطوسي ٢ : ١٥٢ ، وانظر الوسائل ٣ : ٥١٨ أبواب أحكام المساجد ب ٤٢ ح ١.

(٦) الذكرى : ١٥٦.

(٧) الوسائل ٣ : ٥٠١ أبواب أحكام المساجد ب ٢٢ ح ١.

(٨) التهذيب ٣ : ٢٥٦ ح ٧١٢ ، الوسائل ٣ : ٤٩٩ أبواب أحكام المساجد ب ١٩ ح ٤.

٢٣٩

الروايات : إنّ الباقر عليه‌السلام فعل ذلك ولم يدفن حتّى في المسجد الحرام (١).

والتنخّم ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عنه كما في حديث المناهي في الفقيه (٢).

وفي المجازات النبويّة عنه عليه‌السلام ، قال : «إنّ المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة من النار إذا انقبضت واجتمعت» (٣).

ويستحبّ أن يردّها في جوفه ، لروايات ، منها رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام : «من تنخّع في المسجد ثمّ ردّها في جوفه لم تمرّ بداءٍ إلّا أبرأته» (٤).

وقتل القمل فتدفنه ، ونسبه في الذكرى إلى الجماعة (٥) ، ويمكن أن يستدلّ عليه بصحيحة أبان ، عن محمّد بن مسلم ، قال : كان أبو جعفر عليه‌السلام إذا وجد قملة في المسجد دفنها في الحصى (٦).

ويكره إنشاد الشعر ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في رواية جعفر بن إبراهيم : «من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا : فضّ الله فاك ، إنّما نصبت المساجد للقران» (٧).

وفي رواية عليّ بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : «لا بأس به» (٨).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٩٨ أبواب أحكام المساجد ب ١٩ ح ١ ، ٣.

(٢) الفقيه ٤ : ٢ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٥٠٠ أبواب أحكام المساجد ب ٢٠ ح ٣.

(٣) المجازات النبويّة : ٢١١ ح ١٧٣ ، الوسائل ٣ : ٥٠٠ أبواب أحكام المساجد ب ٢٠ ح ٥.

(٤) الفقيه ١ : ١٥٢ ح ٧٠٠ ، التهذيب ٣ : ٢٥٦ ح ٧١٤ ، ثواب الأعمال : ٣٥ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ٥٠٠ أبواب أحكام المساجد ب ٢٠ ح ١.

(٥) الذكرى : ١٥٧.

(٦) الكافي ٣ : ٣٦٧ ح ٤ ، الوسائل ٤ : ١٢٧١ أبواب قواطع الصلاة ب ٢٠ ح ٤.

(٧) الكافي ٣ : ٣٦٩ ح ٥ ، الوسائل ٣ : ٤٩٢ أبواب أحكام المساجد ب ١٤ ح ١.

(٨) التهذيب ٣ : ٢٤٩ ح ٦٨٣ ، الوسائل ٣ : ٤٩٢ أبواب أحكام المساجد ب ١٤ ح ٢.

٢٤٠