المسائل المنتخبة

آية الله العظمى السيد علي السيستاني

المسائل المنتخبة

المؤلف:

آية الله العظمى السيد علي السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ١٤
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: ٥٥١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

( أحكام الوصية )

( مسألة ١٢٨٩ ) : الوصية على قسمين :

أ ـ الوصية التمليكية وهي ان يجعل الانسان شيئاً مما له من مال أو حق لغيره بعد وفاته.

ب ـ الوصية العهدية وهي ان يعهد الانسان بتولي شخص بعد وفاته أمراً يتعلق به أو بغيره كدفنه في مكان معين أو تمليك شيء من ماله لأحد أو القيمومة على صغاره ونحو ذلك.

( مسألة ١٢٩٠ ) : يعتبر في الموصي البلوغ والعقل والرشد الإختيار ، فلا تصح وصية المجنون والمكره ، ولا وصية السفيه في امواله وتصح في غيرها كتجهيزه ونحوه مما لا تعلق له بمال ، وكذا لا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشر سنين فانه تصح وصيته في المبرّات والخيرات العامة كما تصح وصيته لأرحامه وأقربائه ، وأما الغرباء ففي نفوذ وصيته لهم اشكال ، كما يشكل نفوذ وصية البالغ سبع سنين في الشيء اليسير ، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.

ويعتبر في الموصي أيضاً أن لا يكون قاتل نفسه متعمداً على وجه العصيان ، فاذا اوصى بعد ما احدث في نفسه ما يجعله عرضة للموت من جرح أو تناول سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته في ماله وتصح في غيره من تجهيز ونحوه مما لا تعلق له بالمال ، وكذا تصح فيما إذا فعل ذلك خطأ أو سهواً أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله أو مع ظن

٤٦١

السلامة فاتفق موته به ، وكذا إذا عوفي ثم أوصى ، أو أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات ، أو أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم احدث فيها وان كان قبل الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.

( مسألة ١٢٩١ ) : لا يعتبر في صحة الوصية التلفظ بها أو كتابتها ، بل يكفي كل ما يدل عليها حتى الإشارة المفهمة للمراد وإن كان الشخص قادراً على النطق ، ويكفي في ثبوت الوصية وجود مكتوب للميت يعلم من قرائن الأحوال أنه اراد العمل به بعد موته ، وأما إذا علم أنه كتبه ليوصي على طبقه بعد ذلك فلا يلزم العمل به.

( مسألة ١٢٩٢ ) : إذا ظهرت للانسان علامات الموت وجب عليه اُمور :

( منها ) ردّ الأمانات إلى أصحابها أو اعلامهم بذلك على تفصيل تقدم في المسألة ( ٩٢٠ ).

و ( منها ) الاستيثاق من وصول ديونه إلى أصحابها بعد مماته ، ولو بالوصية بها والاستشهاد عليها ، هذا في ديونه التي لم يحل اجلها بعد أو حلّ ولم يطالبه بها الديان أو لم يكن قادراً على وفائها وإلاّ فتجب المبادرة إلى أدائها فوراً وإن لم يخف الموت.

و ( منها ) الوصية بأداء ما عليه من الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة والمظالم إذا كان له مال ولم يكن متمكناً من ادائها فعلاً أو لم يكن له مال واحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يؤدي ما عليه بعض المؤمنين تبرعاً واحساناً ، وأما إذا كان له مال وكان متمكناً من الأداء وجب عليه ذلك فوراً من غير تقيد بظهور أمارات الموت.

و ( منها ) : الاستيثاق من أداء ما عليه من الصلاة والصوم والكفارات ونحوها بعد وفاته ولو بالوصية به إذا كان له مال ، بل إذا لم يكن له مال

٤٦٢

واحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يقضيها شخص آخر عنه تبرعاً وجبت عليه الوصية به أيضاً ، وربما يغني الاخبار عن الايصاء كما لو كان له من يطمئن بقضائه لما فات عنه ـ كالولد الأكبر ـ فيكفي حينئذٍ إخباره بفوائته.

و ( منها ) : اعلام الورثة بما له من مال عند غيره أو في ذمته أو في محل خفي لا علم لهم به إذا عد تركه تضييعاً لحقهم ، ولا يجب على الأب نصب القيّم على الصغار إلاّ إذا كان اهمال ذلك موجباً لضياعهم أو ضياع أموالهم فإنه يجب على الأب والحالة هذه جعل القيّم عليهم ، ويلزم أن يكون أميناً.

( مسألة ١٢٩٣ ) : الحج الواجب على الميت بالاستطاعة والحقوق المالية ـ وهي الأموال التي اشتغلت بها ذمته كالديون والزكاة والمظالم ـ تخرج من أصل المال سواء اوصى بها الميت أم لا ، نعم إذا اوصى باخراجها من ثلثة تخرج من الثلث كما سيأتي.

( مسألة ١٢٩٤ ) : إذا زاد شيء من مال الميت ـ بعد أداء الحج واخراج الحقوق المالية ان وجب ـ فان كان قد اوصى باخراج الثلث أو الاقل منه فلا بد من العمل بوصيته ، والا كان تمام الزائد للورثة ولا يجب عليهم صرف شيء منه عليه حتى في ابراء ذمته مما تعلق بها من الواجبات المتوقفة على صرف المال كالكفارات والنذورات المالية والصلاة والصيام استيجاراً.

( مسألة ١٢٩٥ ) : لا تنفذ الوصية بغير حجة الاسلام والحقوق المالية فيما يزيد على ثلث التركة ، فمن اوصى بنصف ماله مثلاً لزيد أو للصرف في الاستيجار للصلاة والصيام عنه توقف نفوذها في الزائد على الثلث على امضاء الورثة ، فان امضوا في حياة الموصي أو بعد موته ولو بمدة صحت الوصية ، والا بطلت في المقدار الزائد ، ولو امضاها بعضهم دون بعض

٤٦٣

نفذت في حصة المجيز خاصة.

( مسألة ١٢٩٦ ) : إذا أوصى باداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون وباستئجار من يقضي فوائته من الصلاة والصيام وبالصرف في الأمور المستحبة كاطعام المساكين كل ذلك من ثلث ماله ، وجب أداء الديون اولاً ، فان بقي شيء صرف في اجرة الصوم والصلاة ، فان زاد صرف الزائد في المصارف المستحبة ، فاذا كان ثلثه بمقدار دينه فقط ولم يجز الوارث وصيته في الزائد على الثلث بطلت الوصية في غير الدين.

( مسألة ١٢٩٧ ) : إذا اوصى باداء ديونه وبالاستئجار للصوم والصلاة عنه وبالاتيان بالامور المستحبة ولم يذكر اخراج ذلك من ثلث ماله وجب أداء ديونه من اصل المال ، فان بقي منه شيء صرف الثلث في الاستئجار للصلاة والصوم والاتيان بالامور المستحبة اذا وفى الثلث بذلك ، والا فان أجاز الورثة الوصية في المقدار الزائد وجب العمل بها ، وان لم يجزها الورثة وجب الاستئجار للصلاة وللصيام من الثلث ، فان بقي منه شيء يصرف في المستحبات.

( مسألة ١٢٩٨ ) : إذا اوصى بوصايا متعددة وكلها من الواجبات التي لا تخرج من الأصل أو كلها من التبرعات والخيرات فان زادت على الثلث ولم يجز الورثة جميعها ورد النقص على الجميع بالنسبة ما لم تكن قرينة حالية أو مقالية على تقديم بعضها على البعض عند التزاحم.

( مسألة ١٢٩٩ ) : إذا اوصى باخراج ثلثه ولم يعين له مصرفاً خاصاً عمل الوصي وفق ما تقتضيه مصلحة الميت ، كأداء ما علُقَ بذمته من الواجبات مقدماً على المستحبات ، بل يلزمه مراعاة ما هو اصلح له مع تيسر فعله على النحو المتعارف ، ويختلف ذلك باختلاف الأموات ، فربما يكون الأصلح

٤٦٤

اداء العبادات الاحتياطية عنه وربما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات.

( مسألة ١٣٠٠ ) : إذا اوصى باخراج ثلثه ، فان نصّ على ارادة ابقاء عينه وصرف منافعه أو وجدت قرينة حالية أو مقالية على ذلك تعيّن العمل بموجبه ، والا وجب اخراج الثلث عيناً أو قيمة وصرفه في موارده من غير تأخير في ذلك وان توقف على بيع التركة ، نعم إذا وجدت قرينة على عدم ارادة الموصي التعجيل في الإخراج جاز التأخير فيه بمقدار ما تقتضيه القرينة ، مثلاً لو أوصى باخراج ثلثه مع الالتفات إلى أن الإسراع فيه يتوقف على بيع الدار السكنية لورثته المؤدي إلى تشردّهم ـ وهو ما لا يرضى به يقيناً ـ كان ذلك قرنية على اذنه في التأخير إلى الزمان الذي يتمكن فيه الورثة أو وليهّم من تحصيل مسكن لهم ولو بالايجار.

( مسألة ١٣٠١ ) : إذا اوصى من لا وارث له الا الإمام عليه‌السلام بجميع ماله للمسلمين والمساكين وابن السبيل لم تنفذ الا بمقدار الثلث منه كما هو الحال فيما إذا اوصى بجميعه في غير الامور المذكورة وسبيل الباقي سبيل سهم الامام عليه‌السلام من الخمس.

( مسألة ١٣٠٢ ) : إذا اوصى بوصيةٍ تمليكية أو عهدية ثم رجع عنها بطلت ، فلو اوصى لزيد مثلاً بثلث ماله ثم عدل عن وصيته بطلت الوصية ، وإذا اوصى إلى شخص معين ليكون قيّماً على صغاره ثم اوصى إلى غيره بذلك بطلت الوصية الأولى وتصح الثانية.

( مسألة ١٣٠٣ ) : يكفي في الرجوع عن الوصية كل ما يدل عليه ، فلو اوصى بداره لزيد مثلاً ثم باعها بطلت الوصية ، وكذا اذا وكلّ غيره في بيعها مع التفاته إلى وصيته.

( مسألة ١٣٠٤ ) : إذا اوصى بثلثه لزيد ثم اوصى بنصف ثلثه لعمرو كان

٤٦٥

الثلث بينهما بالسوية ، ولو اوصى بعين شخصية لزيد ثم اوصى بنصفها لعمرو كانت الثانية مبطلة للأولى بمقدار النصف.

( مسألة ١٣٠٥ ) : إذا وهب بعض امواله في مرض موته واقبضه واوصى ببعضها الآخر ثم مات ، فان وفى الثلث بهما أو امضاهما الورثة صحّا جميعاً ، وإلاّ يحسب المال الموهوب من الثلث فان بقي شيء حسب منه المال الموصى به.

( مسألة ١٣٠٦ ) : إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه فان لم يكن متّهماً في اعترافه يخرج المقدار المعترف به من اصل التركة ، ومع الاتهام يخرج من الثلث ، والمقصود بالاتّهام وجود امارات يُظن معها بكذبه ، كأن يكون بينه وبين الورثة معاداة يظن معها بانه يريد بذلك اضرارهم ، أو كان له محبة شديدة مع المقرّ له يظن معها بانه يريد بذلك نفعه.

( مسألة ١٣٠٧ ) : إذا اوصى لشخص بمال فقبل الموصى له الوصية ملك المال بعد موت الموصي وان كان قبوله في حياته ، ولا يكفي مجرد عدم رفضه للوصية في دخول المال في ملكه بوفاة الموصي.

( مسألة ١٣٠٨ ) : إذا لم يردّ الموصى له الوصية ومات في حياة الموصي أو بعد موته قامت ورثته مقامه فاذا قبلوا الوصية ملكوا المال الموصى به إذا لم يرجع الموصي عن وصيته.

( مسألة ١٣٠٩ ) : لا يعتبر في الوصية العهدية وجود الموصى له في حال الوصية أو عند موت الموصي ، فلو اوصى باعطاء شيء من ماله الى من سيوجد بعد موته ـ كولد ولده ـ فان وُجد أُعطي له والا كان ميراثاً لورثة الموصي ، نعم إذا فهم منه ارادة صرفه في مورد آخر اذا لم يوجد الموصى له صرف في ذلك المورد ولم يكن ارثاً.

٤٦٦

وأما الوصية التمليكية فلا تصح للمعدوم إلى زمان موت الموصي ، فلو اوصى بشيء من ماله لما تحمله زوجة ابنه بعد وفاته لم تصح ، وتصح للحمل حين وجود الوصية فان ولد حياً ملك المال بقبول وليه وإلا بطلت ورجع إلى ورثة الموصي.

( مسألة ١٣١٠ ) : إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذ وصيته تعيّن ويسمى ( الوصي ) ، ويعتبر ان يكون عاقلاً ويطمأن بتنفيذه للوصية إذا تضمّنت أداء الحقوق الواجبة عن الموصي بل مطلقاً على الأحوط لزوماً ، والمشهور بين الفقهاء ( رضي الله عنهم ) انه لا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً وان كان كذلك إذا اراد منه التصرف في حال صباه مستقلاً ، ولكن هذا لا يخلو من اشكال ، فلو اوصى اليه كذلك فالأحوط لزوماً توافقه مع الحاكم الشرعي في التصرف ، واما إذا اراد ان يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع اذن الوليّ فلا بأس بذلك.

وإذا كان الموصي مسلماً اعتبر ان يكون الوصي مسلماً ايضاً على الأحوط لزوماً.

( مسألة ١٣١١ ) : يجوز للموصي ان يوصي إلى اثنين أو أكثر ، وفي حالة تعدد الأوصياء ان نصّ الموصي على أنّ لكل منهم صلاحية التصرف بصورة مستقله عن الآخرين أو على عدم السماح لهم بالتصرف الا مجتمعين اخذ بنصّه ، وكذا إذا كان ظاهر كلامه احد الأمرين ولو لقرينة حالية أو مقالية ، وإلا فلا يجوز لأيّ منهم الاستقلال بالتصرف ولا بدّ من اجتماعهم.

وإذا تشاح الوصيان بشرط الانضمام ولم يجتمعا بحيث كان يؤدي ذلك إلى تعطيل العمل بالوصية فان لم يكن السبب فيه وجود مانع شرعي

٤٦٧

لدى كل واحد منهما عن اتباع نظر الآخر اجبرهما الحاكم الشرعي على الاجتماع ، وان تعذر ذلك او كان السبب فيه وجود المانع عنه لدى كليهما ضمّ الحاكم إلى احدهما شخصاً آخر حسب ما يراه من المصلحة وينفذ تصرفهما.

( مسألة ١٣١٢ ) : لا يجب على من يعينه الموصي لتنفيذ وصيته قبول الوصاية بل له ان يردها في حياة الموصي بشرط ان يبلغه الرد ، بل الأحوط لزوماً اعتبار تمكنه من الايصاء إلى شخص آخر ايضاً ، فلو كان الردّ بعد موت الموصي أو قبل موته ولكن لم يبلغه حتى مات فلا أثر له وتكون الوصاية لازمة ، وكذلك إذا بلغه الردّ ولم يتمكن من الايصاء إلى غيره لشدّة ، المرض مثلاً على ـ الأحوط وجوباً ـ ، نعم إذا كان العمل بالوصية حرجياً على الموصى اليه جاز له ردّها.

( مسألة ١٣١٣ ) : ليس للوصي ان يفوض امر الوصية إلى غيره بمعنى ان يعزل نفسه عن الوصاية ويجعلها له ، كما ليس له ان يجعل وصياً لتنفيذها بعد موته إلا إذا كان مأذوناً من قبل الموصي في الايصاء ، نعم له ان يوكّل من يثق به في القيام بما يتعلق بالوصية مما لم يكن مقصود الموصي مباشرة الوصي له بشخصه.

( مسألة ١٣١٤ ) : إذا اوصى إلى اثنين مجتمعين ومات احدهما أو طرأ عليه جنون أو غيره مما يوجب إرتفاع وصايته أقام الحاكم الشرعي شخصاً آخر مكانه ، واذا ماتا معاً نصب الحاكم اثنين ويكفي نصب شخص واحد ايضاً إذا كان كافياً بالقيام بشؤون الوصية.

( مسألة ١٣١٥ ) : إذا عجز الوصي عن انجاز الوصية ـ لكبر السنّ ونحوه ـ حتى على سبيل التوكيل او الاستيجار ضمّ اليه الحاكم الشرعي من يساعده

٤٦٨

في ذلك.

( مسألة ١٣١٦ ) : لا بأس بالايصاء إلى عدة اشخاص على الترتيب ، كأن يقول ( زيد وصيي فأن مات فعمرو وصيي ) ، فوصاية عمرو تتوقف عندئذٍ على موت زيد.

( مسألة ١٣١٧ ) : الوصي امين ، فلا يضمن مايتلف في يده الا مع التعدي او التفريط ، مثلا : إذا اوصى الميت بصرف ثلثه على فقراء بلده فنقله الوصي إلى بلد آخر وتلف المال في الطريق ضمنه لتفريطه بمخالفة الوصية.

( مسألة ١٣١٨ ) : تثبت دعوى مدعي الوصية له بمال بشهادة مسلمين عدلين ، وبشهادة مسلم عادل مع يمين المدعي ، وبشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين ، وبشهادة اربع مسلمات عادلات ، ويثبت ربع الوصية بشهادة مسلمة عادلة ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين وثلاثة ارباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات كما تثبت الدعوى الآنفة الذكر بشهادة رجلين ذميين عدلين في دينهما عند الضرورة وعدم تيسّر عدول المسلمين.

وأما دعوى القيمومة على الصغار من قبل ابيهم او جدهم او الوصاية على صرف مال الميت فلا تثبت الا بشهادة عدلين من الرجال ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات ولا منضمات إلى الرجال.

٤٦٩
٤٧٠

( أحكام الكفارات )

( مسألة ١٣١٩ ) : الكفارات على خمسة أقسام : فانها اما ان تكون معيّنة أو مرتبة أو مخيّرة أو ما اجتمع فيها الترتيب والتخيير أو تكون كفارة الجمع ، وفيما يلي امثلة للجميع :

أ ـ كفارة القتل خطأً مرتبة وهي عتق رقبة فان عجز صام شهرين متتابعين فان عجز اطعم ستين مسكيناً ، وايضاً كفارة من افطر في قضاء شهر رمضان بعد الزوال مرتبة وهي اطعام عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة ايام.

ب ـ كفارة من تعمد الإفطار في يوم من شهر رمضان أو خالف العهد مخيرة ، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً.

ج ـ كفارة حنث اليمين والنذر اجتمع فيها التخيير والترتيب وهي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فان عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

د ـ كفارة قتل المؤمن عمداً وظلماً كفارة جمع وهي عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكيناً.

ه‍ ـ كفارة من حلف بالبراءة من الله أو من رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو من دينه أو من الأئمة عليهم‌السلام ثم حنث كفارة معينة وهي اطعام عشرة مساكين.

( مسألة ١٣٢٠ ) : إذا اشترك جماعة في القتل العمدي وجبت الكفارة على كل واحد منهم ، وكذلك في قتل الخطأ.

( مسألة ١٣٢١ ) : إذا ثبت على مسلم حدّ يوجب القتل كالزاني المحصن

٤٧١

واللائط فقتله غير الامام أو المأذون من قبله وجبت الكفارة على القاتل ، نعم لا كفارة في قتل المرتد إذا لم يتب.

( مسألة ١٣٢٢ ) : لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يتصدق لكل يوم بمدّ ( ٧٥٠ غراماً تقريباً ) من الطعام على مسكين ، أو يدفع له مدين ( ٥ / ١ كيلو غراماً تقريباً ) من الطعام ليصوم عنه.

( مسألة ١٣٢٣ ) : العجز عن العتق الموجب للإنتقال إلى الصيام ثم الإطعام في الكفارة المرتبة متحقق في هذا الزمان لعدم الرقبة المملوكة ، وأما العجز عن الصيام الموجب لتعين الطعام فيتحقق بالتضرر به أو بكونه شاقاً مشقة لا يتحمل عادة ، وأما العجز عن الإطعام والإكساء في كفارة اليمين ونحوها الموجب للانتقال إلى الصيام فيتحقق بعدم تيسر تحصيلهما ولو لعدم توفر ثمنهما أو احتياجه إليه في نفقة نفسِهِ أو واجبي النفقة عليه.

( مسألة ١٣٢٤ ) : المدار في الكفارة المرتبة على حال الأداء ، فلو كان قادراً على الصوم ثم عجز أطعم ولا يستقر الصوم في ذمته ، ويكفي في تحقّق العجز الموجب للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت التكفير فلو كان عجزه لمدة قصيرة كإسبوع مثلاً لزمه الانتظار ، ولو صدق العجز عرفاً فأتى بالبدل ثم طرأت القدرة اجتزأ به ، بل يكفي الشروع فيه ، فاذا عجز عن الصوم فدخل في الإطعام ثم تمكّن منه اجتزأ باتمام الإطعام.

( مسألة ١٣٢٥ ) : يجب التتابع في صوم الشهرين من الكفارة المخيّرة والمرتبة وكفارة الجمع ، كما يجب التتابع بين صيام الأيام الثلاثة في كفارة اليمين والنذر ، والمقصود بالتتابع عدم تخلّل الإفطار ولا صوم آخر غير الكفارة بين ايامها ، فلا يجوز الشروع في الصوم في زمان يعلم انه لا يسلم له بتخلل العيد أو تخلل يوم يجب فيه صوم آخر الا إذا كان ذلك الصوم

٤٧٢

مطلقاً ينطبق على صوم الكفارة كما لو نذر قبل تعلق الكفارة بان يصوم اليوم الأوّل من شهر رجب فان صومه لا يضرُّ بالتتابع بل يحسب من الكفارة ايضاً مع قصدها ، بخلاف ما إذا نذر ان يصومه شكراً ـ مثلاً ـ فانه يضرّ بالتتابع.

( مسألة ١٣٢٦ ) : انما يضر الإفطار في الأثناء بالتتابع فيما إذا وقع على وجه الإختيار ، فلو وقع لعذر كالمرض وطرّو الحيض والنفاس ـ لا بتسبيب منه ـ والسفر الاضطراري دون الاختياري ونسيان النية إلى فوات وقتها لم يجب الإستيناف بعد زوال العذر بل يبني على ما مضى.

( مسألة ١٣٢٧ ) : يكفي في تتابع الشهرين من الكفارة صيام شهر ويوم واحد متتابعاً ، ويجوز له التفريق بعد ذلك لأيّ عارض يعدُّ عذراً عرفاً وان لم يبلغ درجة الضرورة ، واما التفريق إختياراً لا لعذر اصلاً فالأحوط لزوماً تركه.

( مسألة ١٣٢٨ ) : من وجب عليه صيام شهرين يجوز له الشروع فيه في اثناء الشهر ولكن ـ الأحوط وجوباً ـ حينئذٍ ان يصوم ستين يوماً وان كان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه ناقصين أو مختلفين ، وأما لو شرع فيه من أول الشهر فيجزيه شهران هلاليان وان كانا ناقصين.

( مسألة ١٣٢٩ ) : يتخير في الإطعام الواجب في الكفارات بين تسليم الطعام إلى المساكين واشباعهم ، ولا يتقدر الإشباع بمقدار معين بل المدار فيه عرض الطعام الجاهز عليهم بمقدار يكفي لإشباعهم مرة واحدة قلّ أو كثر ، وأما نوعه فيجب ان يكون مما يتعارف التغذي به لغالب الناس من المطبوخ وغيره وان كان بلا ادام وهو ما جرت العادة باكله مع الخبز ونحوه ، والأفضل ان يكون مع الإدام وكل ما كان اجود كان افضل.

٤٧٣

وأما في التسليم فاقل ما يجزي تسليم كل واحد منهم مد (٧٥٠ غراماً تقريباً ) والأفضل بل الأحوط استحباباً مدان ( ٥ / ١ كيلو غرام تقريباً ) ويكفي فيه مطلق الطعام كالتمر والأرز والزبيب والماش والذرة والحنطة وغيرها ، نعم الأحوط لزوماً في كفارة اليمين والنذر الاقتصار على تسليم الحنطة أو دقيقها.

( مسألة ١٣٣٠ ) : التسليم إلى المسكين تمليك له وتبرأ ذمة المكفّر بمجرد ذلك ، ولا تتوقف على اكله الطعام فيجوز له بيعه عليه أو على غيره.

( مسألة ١٣٣١ ) : يتساوى الصغير والكبير في الإطعام إذا كان بنحو التسليم ، فيعطى الصغير مد كما يعطى الكبير وان كان اللازم في الصغير التسليم إلى وليّه الشرعي ، وأما إذا كان الإطعام بنحو الاشباع فاللازم احتساب الاثنين من الصغار بواحد إذا كانوا منفردين بل وان اجتمعوا مع الكبار على الأحوط وجوباً ، ولا يعتبر فيه اذن من له الولاية والحضانة إذا لم يكن منافياً لحقه.

( مسألة ١٣٣٢ ) : يجوز التبعيض في التسليم والإشباع فيشبع البعض ويسلم إلى الباقي ، ولا يجوز التكرار مطلقاً بان يشبع واحداً مرات متعددة أو يدفع اليه امداداً متعددة من كفارة واحدة ويجوز من عدة كفارات ، كما لو افطر تمام شهر رمضان فيجوز له اشباع ستين مسكيناً معينين في ثلاثين يوماً أو تسليم ثلاثين مداً من الطعام لكل واحد منهم.

( مسألة ١٣٣٣ ) : اذا تعذر اكمال العدد الواجب في الإطعام في البلد وجب النقل إلى غيره ، وان تعذر لزم الانتظار ولا يكفي التكرار على العدد الموجود على الأحوط وجوباً.

( مسألة ١٣٣٤ ) : الكسوة لكل مسكين ثوب وجوباً ، وثوبان استحباباً ،

٤٧٤

ولا يكتفى فيها بكسوة الصغير جداً كابن شهرين على الأحوط لزوماً.

( مسألة ١٣٣٥ ) : لا تجزي القيمة في الكفارة لا في الإطعام ولا في الكسوة بل لا بد في الإطعام من بذل الطعام اشباعاً أو تمليكاً ، كما انه لا بد في الكسوة من بذلها تمليكاً.

( مسألة ١٣٣٦ ) : يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد ، فلا يجوز ان يكفّر بجنسين كأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً في كفارة الإفطار في شهر رمضان.

( مسألة ١٣٣٧ ) : المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير المستحق للزكاة ، ويشترط فيه الاسلام بل الايمان على الأحوط لزوماً ، ولكن يجوز دفعها إلى الضعفاء من غير أهل الولاية ـ عدا النُصّاب ـ إذا لم يجد المؤمن ، ولا يجوز دفعها إلى واجب النفقة كالوالدين والاولاد والزوجة الدائمة ، ويجوز دفعها إلى سائر الاقارب بل لعله أفضل.

( مسألة ١٣٣٨ ) : من عجز عن بعض الخصال الثلاث في كفارة الجمع اتى بالبقية وعليه الاستغفار على الأحوط لزوماً ، وان عجز عن الجميع لزمه الاستغفار فقط.

( مسألة ١٣٣٩ ) : اذا عجز عن الإطعام في كفارة القتل خطأً فالأحوط وجوباً ان يصوم ثمانية عشر يوماً ويضم اليه الاستغفار ، فان عجز عن الصوم اجزأه الاستغفار وحده.

( مسألة ١٣٤٠ ) : إذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفارة المخيرة لإفطار شهر رمضان عمداً فعليه التصدق بما يطيق ، ومع التعذر يتعين عليه الاستغفار ، ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الأحوط وجوباً.

وإذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفارة المخيرة لحنث العهد

٤٧٥

فليصم ثمانية عشر يوماً ، فان عجز لزمه الاستغفار.

( مسألة ١٣٤١ ) : إذا عجز عن صيام ثلاثة أيام في كفارة الإفطار في قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، وفي كفارة اليمين والنذر فعليه الاستغفار ، وهكذا الحال لو عجز عن اطعام عشرة مساكين في كفارة البراءة.

( مسألة ١٣٤٢ ) : يجوز التأخير في أداء الكفارة المالية وغيرها بمقدار لا يعدّ توانياً وتسامحاً في أداء الواجب ، وان كانت المبادرة إلى الأداء احوط استحباباً.

( مسألة ١٣٤٣ ) : يجوز التوكيل في أداء الكفارات المالية ولا يجزئ التبرع فيها على ـ الأحوط لزوماً ـ أي لا يجزي اداؤها عن شخص من دون طلبه ذلك ، كما لا يجزي التبرع عنه من الكفارة البدنية أي الصيام وان كان عاجزاً عن اداءه ، نعم يجوز التبرع عن الميت في الكفارات المالية والبدنية مطلقاً.

٤٧٦

( أحكام الإرث )

( مسألة ١٣٤٤ ) : الأرحام في الإرث ثلاث طبقات ، فلا يرث أحد الأقرباء في طبقة إلا إذا لم يوجد للميت أقرباء من الطبقة السابقة عليها ، وترتيب الطبقات كما يلي :

( الطبقة الأُولى ) : الأبوان والأولاد مهما نزلوا ، فالولد وولد الولد كلاهما من الطبقة الأولى ، غير أن الولد يمنع الحفيد والسبط عن الإرث عند اجتماعهما مع الولد.

( الطبقة الثانية ) : الأجداد والجدات مهما تصاعدوا ، والأُخوة والأخوات أو أولادهما عند فقدهما ، وإذا تعدد أولاد الأخ منع الأقرب منهم الأبعد عن الميراث ، فإبن الأخ مقدم في الميراث على حفيد الأخ ، وهكذا كما أن الجد يتقدم على أبي الجد.

( الطبقة الثالثة ) : الأعمام والأخوال والعمات والخالات ، وإذا لم يوجد أحد منهم قام أبناؤهم مقامهم ولوحظ فيهم الأقرب فالأقرب ، فلا يرث الأبناء مع وجود العم أو الخال أو العمة أو الخالة إلا في حالة واحدة ، وهي أن يكون للميت عم لأب أي يشترك مع أبي الميت في الأب فقط ، وله ابن عم من الأبوين أي يشارك أبا الميت في الوالدين معاً ، فإن ابن العم ـ في هذه الحالة ـ يقدم على العم بشرط ان لا يكون معهما عم للأبوين ولا للأم ولا عمة ولا خال ولا خالة ، ولو تعدد العم للأب أو ابن العم للأبوين أو كان معهما زوج أو زوجة ففي جريان الحكم المذكور اشكال فلا يترك

٤٧٧

مقتضى الاحتياط في ذلك.

وإذا لم يوجد للميت أقرباء من هذه الطبقات ورثته عمومة أبيه وامه وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما وابناء هؤلاء مع فقدهم ، وإذا لم يوجد للميت أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جده وجدته واخوالهما وعماتهما وخالاتهما ، وبعدهم أولادهم مهما تسلسلوا بشرط صدق القرابة للميت عرفاً والأقرب منهم يقدم على الأبعد.

وهناك بإزاء هذه الطبقات الزوج والزوجة ، فإنهما يرثان بصورة مستقلة عن هذا الترتيب على تفصيل يأتي.

٤٧٨

( إرث الطبقة الأولى )

( مسألة ١٣٤٥ ) : إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى إلاّ ابناؤه ورثوا المال كله ، فإن كان له ولد واحد ـ ذكراً كان أو انثى ـ كان كل المال له ، وإذا تعدد أولاده وكانوا جميعاً ذكوراً أو اناثاً تقاسموا المال بينهم بالسوية ، وإذا مات عن أولاد ذكور واناث كان للولد ضعف البنت ، فمن مات عن ولد وبنت واحدة قسم ماله ثلاثة أسهم واعطي للولد سهمان ، وللبنت سهم واحد.

( مسألة ١٣٤٦ ) : إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى غير أحد ابويه فقط أخذ المال كله ، ومع وجود الأبوين معاً يأخذ الأب ثلثي المال وتأخذ الأم الثلث مع عدم الحاجب ، ومع وجود الحاجب من الأقرباء ينقص سهم الأم من الثلث إلى السدس ويعطى الباقي للأب ، والمقصود بالحاجب ان يكون للميت اخوة أو أخوات تتوفر فيهم الشروط الآتية ، فانهم عندئذٍ وإن لم يرثوا شيئاً إلاّ أنهم يحجبون الأم عن الثلث فينخفض سهمها من الثلث إلى السدس ، والشروط هي :

١ ـ وجود الأب حين موت الولد.

٢ ـ أن لا يقلوا عن اخوين ، أو اربع اخوات ، أو أخ واختين.

٣ ـ أن يكونوا إخوة الميت لأبيه وامه أو للأب خاصة.

٤ ـ أن يكونوا مولودين فعلاً ، فلا يكفي الحمل.

٥ ـ أن يكونوا مسلمين.

٤٧٩

٦ ـ أن يكونوا احراراً.

( مسألة ١٣٤٧ ) : لو اجتمع الأبوان مع الأولاد فلذلك صور :

( منها ) أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة ولا تكون للميت اخوة تتوفر فيهم الشروط المتقدمة للحجب فيقسم المال خمسة أسهم ، فلكل من الأبوين سهم واحد وللبنت ثلاثة أسهم.

و ( منها ) أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة وللميت اخوة تجتمع فيهم الشروط المتقدمة للحجب فذهب بعض الفقهاء (رض) إلى ان حكمها حكم الصورة السابقة فيقسم المال خمسة أسهم ايضاً ولا أثر لوجود الأخوة ، ولكن المشهور قالوا ان الأخوة يحجبون الأم فيقسم المال اسداساً ، وتعطى ثلاثة اسهم كاملة منها للبنت كما تعطى ايضاً ثلاثة أرباع سدس آخر ، وتنخفض حصة الأم إلى السدس فتكون حصة الأب السدس وربع السدس ، فبالنتيجة يقسم المال أربعة وعشرين حصة : تعطى أربعة منها للأم وخمسة منها للأب ، والباقي ـ وهو خمس عشرة حصة ـ للبنت ، والمسألة لا تخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيما به التفاوت بين الخمس والسدس من حصة الام.

و ( منها ) أن يجتمع الأبوان مع ابن واحد ، فيقسم المال إلى ستة أسهم ، يعطى كل من الأبوين منها سهماً ، ويعطى الولد سهاماً أربعة ، وكذلك الحال إذا تعدد الأولاد مع وجود الأبوين ، فإن لكل من الأب والام السدس وتعطى السهام الأربعة للأولاد يتقاسمونها بينهم بالسوية إن كانوا جميعاً ذكوراً أو اناثاً وإلاّ قسمت بينهم للذكر ضعف ما للأنثى.

( مسألة ١٣٤٨ ) : إذا اجتمع احد الأبوين مع الأولاد فله صور ايضاً :

( منها ) : أن يجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة ، فيعطى ربع المال

٤٨٠