المسائل المنتخبة

آية الله العظمى السيد علي السيستاني

المسائل المنتخبة

المؤلف:

آية الله العظمى السيد علي السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ١٤
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: ٥٥١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

يعرف ربه ولا يترك معصية إلاّ ركبها ولا يترك حرمة إلاّ انتهكها ولا رحماً ماسة إلاّ قطعها ولا فاحشة إلاّ أتاها وإن شرب منها جرعة لعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون وإن شربها حتى سكر منها نزع روح الايمان من جسده وركبت فيه روح سخيفة خبيثة ولم تقبل صلاته أربعين يوماً ).

( مسألة ١٢٣٥ ) : يحرم عصير الزبيب اذا غلى بنفسه أو بالنار أو بالشمس فان لم يصر بذلك مسكراً تزول حرمته بذهاب ثلثيه ، وأما إذا صار مسكراً فلا تزول حرمته الا بالتخليل.

واذا طبخ العنب نفسه فان حصل العلم بغليان ما في جوفه من الماء حرم على الأحوط والا لم يحرم ، كما لا يحرم ما يسمى بالعصير الزبيبي وان غلى الا ان يصير مسكراً فيحرم عندئذٍ ولا تزول حرمته الا بالتخليل.

( مسألة ١٢٣٦ ) : يحرم الفقاع وهو شراب معروف يوجب النشوة عادة لا السكر ويسمى اليوم بالبيرة.

( مسألة ١٢٣٧ ) : يحرم الدم من الحيوان ذي النفس السائلة حتى الدم في البيضة وما يتخلف في الأجزاء المأكولة من الذبيحة ، نعم لا اشكال مع استهلاكه في المرق ونحوه.

( مسألة ١٢٣٨ ) : يحرم لبن الحيوان المحرم أكله ـ ولو لعارض ـ وكذلك بيضه ، وأما لبن الانسان فالأحوط ترك شربه.

( مسألة ١٢٣٩ ) : يحرم الأكل من مائدة يشرب عليها شيء من الخمر أو المسكر ، بل يحرم الجلوس عليها أيضاً على الأحوط لزوماً.

( مسألة ١٢٤٠ ) : إذا أشرفت نفس محترمة على الهلاك أو ما يدانيه لشدة الجوع أو العطش وجب على كل مسلم انقاذها بأن يبذل لها من الطعام أو الشراب ما يسدّ به رمقها.

٤٤١

( آداب الأكل والشرب )

( مسألة ١٢٤١ ) : قد عدّ من آداب أكل الطعام أمور : أن يغسل يديه معاً قبل الطعام وبعده وينشفهما بالمنديل بعده ، وأن يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع ويمتنع بعد الجميع ، وأن يبدأ في الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه إلى أن يتم الدور على من في يساره ، وأن يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب الطعام إلى أن يتم الدور على صاحب الطعام ، وأن يسمّي عند الشروع في الطعام ولو كانت على المائدة الوان من الطعام استحبت التسمية على كل لون بانفراده ، وأن يأكل باليمين ، وبثلاث أصابع أو أكثر ولا يأكل باصبعين ، وان يأكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة ولا يتناول من قدام الآخرين ، وان يصغّر اللقم ويطيل الأكل والجلوس على المائدة ، ويجيد المضغ ، وأن يحمد الله بعد الطعام ، وأن يلعق الأصابع ويمصها ، ويخلّل بعد الطعام ولا يكون التخلل بعودة الريحان وقضيب الرمان والخوص والقصب ، وأن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة ويأكله إلاّ في البراري والصحاري فإنّه يستحب فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات والطيور ، وأن يكون أكله غداة وعشياً ويترك الأكل بينهما ، وأن يستلقي بعد الأكل على القفا ويجعل الرجل اليمنى على اليسرى ، وأن يفتتح ويختتم بالملح وأن يغسل الثمار بالماء قبل أكلها ، ولا يأكل على الشبع ، ولا يمتلئ من الطعام ، ولا ينظر في وجوه الناس لدى الأكل ، ولا يأكل الطعام الحار ، ولا ينفخ في الطعام والشراب ، ولا ينتظر بعد

٤٤٢

وضع الخبز في السفرة غيره ، ولا يقطع الخبز بالسكين ، ولا يضع الخبز تحت الإناء ، ولا ينظف العظم من اللحم الملصق به على نحو لا يبقى عليه شيء من اللحم ، ولا يقشر الثمار التي تؤكل بقشورها ، ولا يرمي الثمرة قبل أن يستقصي أكلها.

( مسألة ١٢٤٢ ) : قد عدّ من آداب شرب الماء أمور : أن يشرب الماء مصاً لاعباً ، ويشربه قائماً بالنهار ولا يشربه قائماً بالليل ، وان يسمّي قبل شربه ويحمّد بعده ويشربه بثلاثة أنفاس وعن رغبة وتلذذ ، وأن يذكر الحسين وأهل بيته عليهم‌السلام ويلعن قتلته بعد الشرب ، وأن لا يكثر من شرب الماء ، ولا يشربه على الأغذية الدسمة ، ولا يشرب من محل كسر الكوز ومن محل عروته ، ولا يشرب بيساره.

٤٤٣

٤٤٤

( أحكام النذر )

( مسألة ١٢٤٣ ) : النذر هو ( ان يجعل الشخص لله على ذمته فعل شيء أو تركه ).

( مسألة ١٢٤٤ ) : لا ينعقد النذر بمجرد النية بل لابد فيه من الصيغة ويعتبر في صيغة النذر اشتمالها على لفظ ( لله ) أو ما يشابهه من اسمائه المختصة به ، فلو قال الناذر مثلاً ( لله عليَّ أن آتي بنافلة الليل ) أو قال ( للرحمان عليّ أن اتصدق بمائة دينار ) صح النذر ، وله أن يؤدي هذا المعنى بأية لغة اُخرى غير العربية ، ولو اقتصر على قوله ( علي كذا ) لم ينعقد النذر وان نوى في نفسه معنى ( لله ) ، ولو قال ( نذرت لله أن اصوم ) أو ( لله عليّ نذر صوم ) ففي انعقاده اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.

( مسألة ١٢٤٥ ) : يعتبر في الناذر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر عن التصرف في متعلق النذر ، فيلغو نذر الصبي وإن كان مميزاً ، وكذلك نذر المجنون ـ ولو كان ادوارياً ـ حال جنونه ، والمكره ، والسكران ، ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد أو الإختيار ، والمفلس إذا تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء من امواله ، والسفيه سواء تعلق نذره بمال خارجي أو بمال في ذمته.

( مسألة ١٢٤٦ ) : يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون مقدوراً للناذر حين العمل ، فلا يصح نذر الحج ماشياً ممن ليس له قدرة على ذلك ، وكذلك يعتبر فيه أن يكون راجحاً شرعاً حين العمل كأن ينذر

٤٤٥

فعل واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه ، وأما المباح فإن قصد به معنى راجحاً كما لو نذر أكل الطعام قاصداً به التقوّي على العبادة مثلاً انعقد نذره وإلاّ لم ينعقد ، كما ينحل فيما إذا زال رجحانه لبعض الطوارئ كما لو نذر ترك التدخين لتتحسن صحته ويقوى على خدمة الدين ثم ضرّه تركه.

( مسألة ١٢٤٧ ) : لا يصح نذر الزوجة بدون إذن زوجها فيما ينافي حقه في الإستمتاع منها ، وفي صحة نذرها في مالها من دون اذنه ـ في غير الحج والزكاة والصدقة وبرّ والديها وصلة رحمها ـ اشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه ، ويصح نذر الولد سواء أذن له الوالد فيه أم لا ، ولكن إذا نهاه أحد الأبوين عما تعلق به النذر فلم يعد بسببه راجحاً في حقه انحل نذره ولم يلزمه الوفاء به ، كما لا ينعقد مع سبق توجيه النهي إليه على هذا النحو.

( مسألة ١٢٤٨ ) : إذا نذر المكلف الإتيان بالصلاة في مكان بنحو كان منذوره تعيين هذا المكان لها لا نفس الصلاة ، فإن كان في المكان جهة رجحان بصورة أولية ـ كالمسجد ـ أو بصورة ثانوية طارئة مع كونها ملحوظة حين النذر كما إذا كان المكان أفرغ للعبادة وأبعد عن الرياء بالنسبة إلى الناذر صح النذر وإلاّ لم ينعقد وكان لغواً.

( مسألة ١٢٤٩ ) : إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين وجب عليه التقيد بذلك الزمان في الوفاء ، فلو أتى بالفعل ـ قبله أو بعده ـ لم يعتبر وفاءً ، فمن نذر أن يتصدق على الفقير إذا شفي من مرضه ، أو أن يصوم اول كل شهر ، ثم تصدق قبل شفائه ، أو صام قبل اول الشهر أو بعده لم يتحقق الوفاء بنذره.

( مسألة ١٢٥٠ ) : إذا نذر صوماً ولم يحدده من ناحية الكمية كفاه صوم يوم واحد ، وإذا نذر صلاة من دون تحديد كيفيتها أو كميتها كفته صلاة

٤٤٦

واحدة حتى مفردة الوتر ، وإذا نذر صدقة ولم يحددها نوعاً وكماً اجزأه كل ما يطلق عليه اسم الصدقة ، وإذا نذر التقرب إلى الله بشيء ـ على وجه عام ـ كان له أن يأتي بأيّ عمل قربي ، كالصوم أو الصدقة أو الصلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل ، ونحو ذلك من طاعات وقربات.

( مسألة ١٢٥١ ) : إذا نذر صوم يوم معين جاز له أن يسافر في ذلك اليوم ولو من غير ضرورة فيفطر ويقضيه ولا كفارة عليه ، وكذلك إذا جاء عليه اليوم وهو مسافر فإنه لا يجب عليه قصد الاقامة ليتسنى له الصيام ، بل يجوز له الإفطار والقضاء ، وإذا لم يسافر فإن صادف في ذلك اليوم أحد موجبات الإفطار كمرض أو حيض أو نفاس أو اتفق احد العيدين فيه أفطر وقضاه ، أما إذا أفطر فيه ـ دون موجب ـ عمداً فعليه القضاء والكفارة ، وهي كفارة حنث النذر الآتي بيانها.

( مسألة ١٢٥٢ ) : إذا نذر المكلف ترك عمل في زمان محدود لزمه تركه في ذلك الزمان فقط ، وإذا نذر تركه مطلقاً أي قاصداً الالتزام بتركه في جميع الأزمنة لزمه تركه مدة حياته ، فإن خالف وأتى بما التزم بتركه عامداً أثم ولزمته الكفارة وقد بطل نذره ولا إثم ولا كفارة عليه فيما أتى به خطأ أو غفلة أو نسياناً أو اكراهاً أو اضطراراً ، ولا يبطل بذلك نذره فيجب الترك بعد ارتفاع العذر.

( مسألة ١٢٥٣ ) : إذا نذر المكلف التصدق بمقدار معين من ماله ومات قبل الوفاء به ، لم يخرج ذلك المقدار من أصل التركه ، والأحوط استحباباً لكبار الورثة اخراجه من حصصهم والتصدق به من قبله.

( مسألة ١٢٥٤ ) : إذا نذر الصدقة على فقير لم يجزه التصدق بها على غيره ، وإذا مات الفقير المعين قبل الوفاء بالنذر لم يلزمه شيء وكذلك إذا

٤٤٧

نذر زيارة أحد الأئمة عليهم‌السلام معيناً فإنه لا يكفيه أن يزور غيره وإذا عجز عن الوفاء بنذره فلا شيء عليه.

( مسألة ١٢٥٥ ) : من نذر زيارة أحد الأئمة (ع) لا يجب عليه الغسل لها ولا أداء صلاتها الا إذا كان ذلك مقصوداً له في نذره والتزامه.

( مسألة ١٢٥٦ ) : المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة إذا لم يقصد الناذر له مصرفاً معيناً يصرف في مصالحه ، فينفق منه على عمارته أو انارته ، أو لشراء فراش له أو لأداء أُجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما إلى ذلك من شؤون المشهد ، فان لم يتسير صرفه فيما ذكر واشباهه أو كان المشهد مستغنياً من جميع الوجوه صرف في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطريق أو تعرضوا لطارئ آخر.

( مسألة ١٢٥٧ ) : المال المنذور لشخص صاحب المشهد ـ من دون أن يقصد الناذر له مصرفاً معيناً ـ يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له كأن ينفق على زواره الفقراء أو على مشهده الشريف أو على ما فيه احياء ذكره ونحو ذلك.

( مسألة ١٢٥٨ ) : لو نذر التصدق بشاة معينة ـ مثلاً ـ فنمت نمواً متصلاً كالسمن كان النماء تابعاً لها في اختصاصها بالجهة المنذورة لها ، وإذا نمت نمواً منفصلاً كما إذا اولدت شاة اخرى أو حصل فيها لبن فالنماء للناذر إلاّ إذا كان قاصداً للتعميم حين انشاء النذر.

( مسألة ١٢٥٩ ) : إذا نذر المكلف صوم يوم إذا برئ مريضه أو قدم مسافره فتبين برء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شيء.

( مسألة ١٢٦٠ ) : إذا نذر الأب أو الأم تزويج بنتهما من هاشمي أو من غيره في أوان زواجها لم يكن لذلك النذر أثر بالنسبة إليها وعدّ كأن لم يكن.

٤٤٨

( احكام اليمين )

( مسألة ١٢٦١ ) : اليمين على ثلاثة أنواع :

١ ـ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً للأخبار عن تحقّق أمرٍ أو عدم تحققه في الماضي أو الحال أو الاستقبال ، والايمان من هذا النوع أما صادقة وأما كاذبة ، والايمان الصادقة ليست محرمة ولكنها مكروهة بحد ذاتها ، فيكره للمكلف أن يحلف على شيء صدقاً أو ان يحلف على صدق كلامه ، وأما الايمان الكاذبة فهي محرمة ، بل قد تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى ، ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع الظلم عن نفسه أو عن سائر المؤمنين ، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه ، ولكن اذا التفت إلى إمكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسرة له فالأحوط وجوباً ان يورّي في كلامه ، بان يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده ، فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسألة عن مكانه وأين هو ؟ يقول ( ما رأيته ) فيما إذا كان قد رآه قبل ساعة ويقصد انه لم يره منذ دقائق.

٢ ـ ما يقرن به الطلب والسؤال ويقصد به حث المسؤول على انجاح المقصود ويسمى ب‍ ( يمين المناشدة ) كقول السائل : ( اسألك بالله ان تعطيني ديناراً ). واليمين من هذا النوع لا يترتب عليها شيء من اثم ولا كفارة لا على الحالف في احلافه ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم انجاح

٤٤٩

مسؤوله.

٣ ـ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً لما بنى عليه والتزم به من ايقاع امر أو تركه في المستقبل ويسمى ( يمين العقد ) كقوله ( والله لأصومنّ غداً ) أو ( والله لأتركن التدخين ).

وهذا اليمين هي التي تنعقد عند اجتماع الشروط الآتية ويجب الوفاء بها وتترتب على حنثها الكفارة وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، وفي حال العجز عن هذه الامور يجب صيام ثلاثة أيام متواليات.

واليمين من هذا النوع هي الموضوع للمسائل الآتية.

( مسألة ١٢٦٢ ) : يعتبر في إنعقاد اليمين ان يكون الحالف بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق اليمين ، نظير ما تقدم في النذر.

( مسألة ١٢٦٣ ) : لا تنعقد اليمين الا باللفظ أو ما هو بمثابتة كالاشارة من الأخرس ، وتكفي أيضاً الكتابة من العاجز عن التكلم بَلْ لا يترك الاحتياط في الكتابة من غيره.

( مسألة ١٢٦٤ ) : لا تنعقد اليمين الا اذا كان المحلوف به هو الذات الالهية سواء بذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة ( الله ) وما يلحقه كلفظ ( الرحمن ) ، أو بذكر وصفه أو فعله المختص به الذي لا يشاركه فيه غيره ( مقلب القلوب والابصار ) و ( الذي فلق الحبة وبرأ النسمة ) ، أو بذكر وصفه أو فعله الذي يغلبُ إطلاقه عليه بنحو ينصرف اليه تعالى وإن شاركه فيها غيره بل يكفي ذكرُ فعله أو وصفه الذي لا ينصرف اليه في حد نفسه ولكن ينصرف إليه في مقام الحلف كالحي والسميع والبصير.

واذا كان المحلوف به بعض الصفات الإلهية أو ما يلحق بها كما لو

٤٥٠

قال ( وحق الله ، أو بجلال الله أو بعظمة الله ) لم تنعقد اليمين إلاّ إذا قصد ذاته المقدسة.

( مسألة ١٢٦٥ ) : لا يحرم الحلف بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام وسائر النفوس المقدسة والقرآن الشريف والكعبة المعظمة وسائر الأمكنة المحترمة ولكن لا تنعقد اليمين بالحلف بها ، ولا يترتب على مخالفتها إثم ولا كفارة.

( مسألة ١٢٦٦ ) : يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدوراً في ظرف الوفاء بها ، فلو كان مقدوراً حين اليمين ثم عجز عنه المكلف ـ لا لتعجيز نفسه ـ فان كان معذوراً في تأخيره ولو لاعتقاد قدرته عليه لاحقاً انحلت يمينه وإلاّ أثم ووجبت عليه الكفارة ، ويلحق بالعجز فيما ذكر الضرر الزائد على ما يقتضيه طبيعة ذلك الفعل أو الترك والحرج الشديد الذي لا يتحمل عادة ، فانه تنحل اليمين بهما.

( مسألة ١٢٦٧ ) : تنعقد اليمين فيما اذا كان متعلقها راجحاً شرعاً كفعل الواجب والمستحب وترك الحرام والمكروه ، وتنعقد أيضاً اذا كان متعلقها راجحاً بحسب الأغراض العقلائية الدنيوية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية للحالف بشرط ان لا يكون تركه راجحاً شرعاً.

وكما لا تنعقد اليمين فيما اذا كان متعلقها مرجوحاً كذلك تنحل فيما اذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحاً ، كما لو حلف على ترك التدخين أبداً ثم ضرّه تركه بعد حين فانه تنحل يمينه حينئذٍ ، ولو عاد إلى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها.

( مسألة ١٢٦٨ ) : لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد ، ولا يمين الزوجة مع منع الزوج ، ولا يعتبر في إنعقاد يمينهما اذن الوالد والزوج فلو حلف الولد أو الزوجة ولم يطّلعا على حلفهما أو لم يمنعا مع علمهما به صح

٤٥١

حلفهما ووجب الوفاء به.

( مسألة ١٢٦٩ ) : إذا ترك المكلف الوفاء بيمينه نسياناً أو اضطراراً أو اكراهاً أو عن جهل يعذر فيه لم تجب عليه الكفارة ، مثلاً اذا حلف الوسواسي على عدم الاعتناء بالوسواس ، كما اذا حلف ان يشتغل بالصلاة فوراً ، ثم منعه وسواسه عن ذلك فلا شيء عليه اذا كان الوسواس بالغاً إلى درجة يسلبه الإختيار والا لزمته الكفارة.

٤٥٢

( احكام العهد )

( مسألة ١٢٧٠ ) : لا ينعقد العهد بمجرد النية بل يحتاج إلى الصيغة ، فلا يجب العمل بالعهد القلبي وان كان ذلك احوط استحباباً ، وصيغة العهد ان يقول ( عاهدت الله ، أو عليّ عهد الله أن أفعل كذا أو اترك كذا ).

( مسألة ١٢٧١ ) : يعتبر في منشئ العهد ان يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق العهد على حذو ما تقدم اعتباره في النذر واليمين.

( مسألة ١٢٧٢ ) : لا يعتبر في متعلق العهد ان يكون راجحاً شرعاً كما مرّ اعتباره في متعلق النذر ، بل يكفي ان لا يكون مرجوحاً شرعاً مع كونه راجحاً بحسب الأغراض الدنيوية العقلائية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية مثل ما مرّ في متعلق اليمين.

( مسألة ١٢٧٣ ) : اذا انشأ العهد مطلقاً أي غير مُعلِّق على تحقّق امرٍ وجب الوفاء به على أي حال ، واذا انشاه معلقاً على قضاء حاجته مثلاً كما لو قال ( عليّ عهد الله أن أصوم يوماً اذا برئ مريضي ) وجب عليه الوفاء به اذا قضيت حاجته.

ومتى خالف المكلف عهده بعد انعقاده لزمته الكفارة ، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً.

٤٥٣
٤٥٤

( أحكام الوقف )

( مسألة ١٢٧٤ ) : الوقف هو ( تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ) واذا تمّ بشروطه الشرعية خرج المال الموقوف عن ملك الواقف واصبح مما لا يوهب ولا يورث ولا يباع الا في موارد معينة يجوز فيها البيع كما تقدم في المسألة (٦٧٤) وما بعدها.

( مسألة ١٢٧٥ ) : لا يتحقق الوقف بمجرد النية ، بل لابد من انشائه بلفظ ك‍ ( وقفت هذا الفراش على المسجد ) أو بفعل كاعطاء الفراش إلى قيمّ المسجد بنية وقفه ، ومثله تعمير جدار المسجد أو بناء أرض على طراز ما تُبنى به المساجد بقصد كونه مسجداً فانه يكون وقفاً بذلك.

( مسألة ١٢٧٦ ) : يعتبر في الواقف : البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، وعدم الحجر عن التصرف في الموقوف لسفه أو فلس ، فلا يصح وقف الصبي والمجنون والمكره والغافل والساهي والمحجور عليه.

( مسألة ١٢٧٧ ) : يعتبر في الوقف أمور :

أ ـ عدم توقيته بمدة ، فلو قال ( داري وقف على الفقراء إلى سنة ) بطل وقفاً ، ويصح حبساً اذا قصد ذلك.

ب ـ ان يكون منجزاً ، فلو قال ( هذا وقف بعد مماتي ) لم يصح ، نعم اذا فهم منه عرفاً انه اراد الوصية بالوقف وجب العمل بها اذا كانت الوصية نافذة فيجعل وقفاً بعد وفاته.

ج ـ ان لا يكون وقفاً على نفس الواقف ولو في ضمن آخرين ، فلو

٤٥٥

وقف أرضاً لأن يدفن فيها لم يصح ، ولو وقف دكاناً لأن تصرف منافعه بعد موته على من يقرأ القرآن على قبره ويهدي اليه ثوابه صحّ ، واذا وقف بستاناً على الفقراء لتصرف منافعه عليهم وكان الواقف فقيراً حين الوقف أو أصبح كذلك بعده جاز له الانتفاع بمنافعه كغيره الا اذا كان من قصده خروج نفسه.

د ـ قبض العين الموقوفة إذا كان من الاوقاف الخاصة ، فلا يصح الوقف إذا لم يقبضها الموقوف عليه أو وكيله أو وليّه ، نعم يكفي قبض الطبقة الموجودة عن الطبقات اللاحقة ، بل يكفي قبض الموجود من الطبقة الأولى عمن يوجد منها بعد ذلك ، وإذا وقف على اولاده الصغار واولاد اولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقّق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر.

ولا يعتبر القبض في صحة الوقف على العناوين العامة ، فلو قال ( وقفت هذه الارض مقبرة للمسلمين ) صارت وقفّا وان لم تقبض من قبل المتولي أو الحاكم الشرعي.

ه‍ ـ ان يكون الموقوف عيناً خارجية ومما يمكن الانتفاع بها مدة معتداً بها منفعة محللة مع بقاء عينها ، فلا يصح وقف الدين ولا وقف الأطعمة ونحوها مما لا نفع فيه الا باتلاف عينه ولا وقف الورد للشم مع انه لا يبقى الا مدة قصيرة ، ولا وقف الآت اللهو المحرّم.

و ـ وجود الموقوف عليه حال الوقف إذا كان من الاوقاف الخاصة ، فلا يصح الوقف على المعدوم في حين الوقف ، كما إذا وقف على من سيولد له من الأولاد ، وفي صحة الوقف على الحمل قبل ان يولد اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، نعم إذا لوحظ الحمل بل المعدوم

٤٥٦

تبعاً لمن هو موجود بالفعل بان يجعل طبقة ثانية أو مساوياً للموجود في الطبقة بحيث لو وجد لشاركه صح الوقف.

( مسألة ١٢٧٨ ) : لا يعتبر قصد القربة في صحة الوقف ولا سيما في الوقف الخاص كالوقف على الذرية ، كما لا يعتبر القبول في الوقف بجميع انواعه وان كان اعتباره احوط استحباباً.

( مسألة ١٢٧٩ ) : يجوز للواقف في وقف غير المسجد ان يجعل في ضمن انشاء الوقف تولية الوقف ونظارته لنفسه مادام الحياة أو الى مدة محددة وكذلك يجوز ان يجعلها لغيره ، كما يجوز ان يجعل أمر التولية لنفسه أو لشخص آخر بان يكون المتولي كل من يعيّنه نفسه أو ذلك الشخص ، ولو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول سواء أكان حاضراً في مجلس ايقاع الوقف أم كان غائباً ثم بلغه ذلك ، ولو قبل التولية تعين ووجب عليه العمل بما قرره الواقف من الشروط ، ولكن له ان يعزل نفسه عن التولية بعد ذلك.

( مسألة ١٢٨٠ ) : يعتبر في متولي الوقف ان تكون له الكفاية لأدارة شؤونه ولو بالاستعانة بالغير ، كما يعتبر ان يكون موثوقاً به في العمل وفق ما يقتضيه الوقف.

( مسألة ١٢٨١ ) : إذا لم يجعل الواقف متولياً للوقف ولم يجعل حق نصبه لنفسه أو لغيره فالعين الموقوفة ان كانت وقفاً على أفراد معينين على نحو التمليك كأولاد الواقف ـ مثلاً ـ جاز لهم التصرف فيها بما يتوقف عليه انتفاعهم منها من دون اخذ اجازة أحد فيما إذا كانوا بالغين عاقلين رشيدين ، وان لم يكونوا كذلك كان زمام ذلك بيد وليّهم الشرعي ، وأما التصرف في العين الموقوفة بما يرجع الى مصلحة الوقف ومراعاة مصلحة

٤٥٧

البطون اللاحقة من تعميرها واجارتها على الطبقات اللاحقة فالأمر فيه بيد الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.

وإذا كانت العين الموقوفة وقفاً على جهة عامة أو خاصة أو عنوان كذلك كالبستان الموقوف على الفقراء أو الخيرات فالمتولي له في حال عدم نصب الواقف احداً للتولية وعدم جعل حق النصب لنفسه أو لغيره هو الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.

( مسألة ١٢٨٢ ) : تختص المساجد بانه لا تولية لأحد عليها ، فليس لواقف الارض مسجداً ان ينصب متولياً عليه ، نعم تجوز التولية لموقوفات المسجد من بناء وفرش والآت انارة وتبريد وتدفئة ونحوها.

( مسألة ١٢٨٣ ) : إذا ظهرت خيانة من المتولي للوقف كعدم صرفه منافع الوقف في الموارد المقررة في الوقفية ضمّ اليه الحاكم الشرعي من يمنعه عنها ، وأن لم يمكن ذلك عزله ونصب شخصاً آخر متوليّا له.

( مسألة ١٢٨٤ ) : إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن الوقفية ولا يجوز بيعها وان تعذر تعميره إلى الابد ، واما غير المسجد من الاعيان الموقوفة مثل البستان والدار فتبطل وقفيتها بالخراب الموجب لزوال العنوان إذا كانت الوقفية قائمة بذلك العنوان كوقف البستان مادام كذلك وعندئذٍ يرجع ملكاً للواقف ومنه إلى ورثته حين موته ، وهذا بخلاف ما إذا كان الملحوظ في الوقفية كلاًّ من العين والعنوان ـ كما هو الغالب ـ فانه إذا زال العنوان فان امكن تعمير العين الموقوفة واعادة العنوان من دون حاجة إلى بيع بعضها ـ كأن يصالح شخص على اعادة تعميرها على أن تكون له منافعها لمدة معينة ولو كانت طويلة نسبياً ـ لزم ذلك وتعين ، وان توقف اعادة عنوانها على بيعِ بعضها ليعمر الباقي فالأحوط لزوماً تعينه ، وان تعذر

٤٥٨

اعادة العنوان اليها مطلقاً ولكن أمكن إستنماء عرصتها بوجه آخر فهو المتعين ، وان لم يمكن بيعت ، والأحوط لزوماً ان يشترى بثمنها ملك آخر ويوقف على نهج وقف الأوّل ، بل الأحوط لزوماً أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأوّل مع الإمكان وإلا فالاقرب اليه ، وان تعذر هذا ايضاً صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها.

( مسألة ١٢٨٥ ) : ما يوقف على المساجد والمشاهد ونحوهما من آلات الإنارة والتكييف والفرش ونحوها لا يجوز نقلها إلى محل آخر مادام يمكن الانتفاع بها في المكان الذي وقفت عليه ، وأما لو فرض استغناؤه عنها بالمرة بحيث لا يترتب على ابقائها فيه إلا الضياع والتلف نقلت إلى محل آخر مماثل له ، بان يجعل ماللمسجد لمسجدٍ آخر وما للحسينية في حسينية اخرى ، فان لم يوجد المماثل أو استغنى عنه بالمرة جعل في المصالح العامة.

هذا إذا امكن الانتفاع به باقياً على حاله ، وأما لو فرض انه لا ينتفع إلا ببيعه بحيث لو بقي لضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحل الموقوف عليه ان كان في حاجة اليه وإلا ففي المماثل ثم المصالح العامة مثل ما مرّ.

( مسألة ١٢٨٦ ) : لا يجوز صرف منافع المال الموقوف على ترميم مسجد معين في ترميم مسجد آخر ، نعم إذا كان المسجد الموقوف عليه في غنى عن الترميم إلى أمد بعيد ولم يتيسر تجميع عوائد الوقف وادخارها إلى حين احتياجه فالأحوط لزوماً صرفها فيما هو الأقرب إلى مقصود الواقف من تأمين سائر احتياجات المسجد الموقوف عليه أو ترميم مسجد آخر حسب اختلاف الموارد.

( مسألة ١٢٨٧ ) : إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم

٤٥٩

لأجل بقائها وحصول النماء منها ، فان لم يكن لها ما يصرف عليها في ذلك صرف جزء من نمائها وجوباً مقدماً على حق الموقوف عليهم ، وإذا احتاج إلى تمام النماء في التعمير أو الترميم بحيث لولاه لا يبقى للطبقات اللاحقة صرف النماء بتمامه في ذلك وان أدى إلى حرمان الطبقة الموجودة.

( مسألة ١٢٨٨ ) : إذا أراد المتولي للوقف بيعه بدعوى وجود المسوغ للبيع لم يجز الشراء منه إلا بعد التثبت من وجوده ، واما لو بيعت العين الموقوفة ثم حدث للمشتري أو لطرف ثالث شك في وجود المسوغ للبيع في حينه جاز البناء على صحته ، نعم إذا تنازع المتولي والموقوف عليه مثلاً في وجود المسوغ وعدمه فرفعوا أمرهم إلى الحاكم الشرعي فحكم بعدم ثبوت المسوغ وبطلان البيع لزم ترتيب آثاره.

٤٦٠