المسائل المنتخبة

آية الله العظمى السيد علي السيستاني

المسائل المنتخبة

المؤلف:

آية الله العظمى السيد علي السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ١٤
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: ٥٥١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

والاجتهاد ، أو مستنداً الى الحجة الشرعية فوجوب اخراج البدل مبني على الاحتياط ، وإذا سلَّم الزكاة الى الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها باعتقاد انه مصرف لها برئت ذمة المالك ، ولا يجب عليه اخراجها ثانياً.

( مسألة ٥٥٨ ) : يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر ، وإذا كان في بلد الزكاة مستحق كانت اجرة النقل على المالك ، ولو تلفت الزكاة بعد ذلك ضمنها ، وإذا لم يجد المستحق في بلده فنقلها لغاية الايصال إلى مستحقه استجاز الحاكم الشرعي ، أو وكيله في احتساب الأجرة على الزكاة لم يضمنها إذا تلفت بغير تفريط.

( مسألة ٥٥٩ ) : يجوز عزل الزكاة من العين أو من مال آخر فيتعين المعزول زكاة ويكون أمانة عنده ، ولا يضمنه حينئذٍ الا إذا فرط في حفظه أو أخر أداءه مع وجود المستحق من دون غرض صحيح ، وفي ثبوت الضمان إذا كان التأخير لغرض صحيح كما إذا أخّره لإنتظار مستحق معين ، أو للإيصال الى المستحق تدريجاً اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.

( مسألة ٥٦٠ ) : لا يجوز للمالك أن يسترجع من الفقير ـ بشرط ، أو بدونه ـ ما دفعه اليه من الزكاة مع عدم طيب نفسه بذلك ، كما لا يجوز للفقير ان يصالح المالك على تعويض الزكاة بشيء قبل تسلمها.

( مسألة ٥٦١ ) : اذا اتفق تلف شيء من الأنعام اثناء الحول فان نقص الباقي عن النصاب لم تجب الزكاة فيه ، والا وجبت الزكاة فيما بقي منها ، ولو كان التلف بعد تعلق الزكاة به فان نقص به النصاب حسب التالف من الزكاة ومن مال المالك بالنسبة اذا لم يكن بتفريط منه ، وان لم ينقص به النصاب كان التلف من المالك فحسب على ـ الأحوط لزوماً ـ ويجري نظير

٢٤١

هذا الحكم في النقدين والغلات أيضاً.

( مسألة ٥٦٢ ) : إذا باع المالك ما تعلقت به الزكاة قبل اخراجها صح البيع ، سواء وقع على جميع العين الزكوية ، أو على بعضها المعين أو المشاع ، ويجب على البائع اخراج الزكاة ولو من مال آخر ، وأما المشتري القابض للمبيع فان اعتقد ان البائع قد اخرجها قبل البيع ، أو احتمل ذلك لم يكن عليه شيء والا فيجب عليه اخراجها ، فان اخرجها وكان مغروراً من قبل البائع جاز له الرجوع بها عليه.

٢٤٢

( موارد صرف الزكاة )

تصرف الزكاة في ثمانية موارد :

( الأوّل والثاني : الفقراء والمساكين ) والمراد بالفقير من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله لنفسه وعائلته ، لا بالفعل ولا بالقوة ، فلا يجوز اعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي ـ ولو بالتجارة والاستنماء ـ بمصرفه ومصرف عائلته مدة سنة ، أو كانت له صنعة أو حرفة يتمكن بها من اعاشة نفسه وعائلته وان لم يملك ما يفي بمؤونة سنته بالفعل ، والمسكين أسوأ حالاً من الفقير كمن لا يملك قوته اليومي.

( مسألة ٥٦٣ ) : يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا علم فقره سابقاً ولم يعلم غناه بعد ذلك ، ولو جهل حاله من أول أمره ـ فالأحوط لزوماً ـ عدم دفع الزكاة اليه الا مع الوثوق بفقره ، وإذا علم غناه سابقاً فلا يجوز ان يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة.

( مسألة ٥٦٤ ) : لا يضر بصدق عنوان ( الفقير ) التمكن من تأمين مؤونته بالتكسب بمهنة ، أو صنعة لا تناسب شأنه ، كما لا يضر به كونه مالكاً رأس مال لا يكفي ربحه بمؤونته وان كانت عينه تكفي لذلك ، وكذلك لا يضرُّ به تملكه داراً لسكناه واثاثاً لمنزله وسائر ما يحتاج اليه من وسائل الحياة اللائقة بشأنه ، نعم إذا كان له من ذلك اكثر من مقدار حاجته وكانت تفي بمؤونته لم يعد فقيراً ، بل لو كان يملك داراً فخمة ـ مثلاً ـ تندفع حاجته باقل منها

٢٤٣

قيمة وكان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يعد فقيراً اذا بلغت الزيادة حد الإسراف بان خرج عما يناسب حاله كثيراً والا لم يمنع من ذلك.

ومن كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بمؤونته لا يجوز له ـ على الأحوط ـ ترك التعلم والأخذ من الزكاة ، نعم يجوز له الأخذ منها في فترة التعلم ، بل يجوز له الأخذ ما لم يتعلم وإن كان مقصراً في تركه ، وكذلك من كان قادراً على التكسب وتركه تكاسلاً وطلباً للراحة حتى فات عنه زمان الاكتساب بحيث صار محتاجاً فعلاً الى مؤونة يوم ، أو أيام فانه يجوز له ان يأخذ من الزكاة وان كان ذلك العجز قد حصل بسوء اختياره.

( الثالث : العاملون عليها ) من قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الامام عليه‌السلام أو الحاكم الشرعي أو نائبه.

( الرابع : المؤلفة قلوبهم ) وهم طائفة من الكفار يتمايلون الى الاسلام ، أو يعاونون المسلمين بإعطائهم الزكاة ، أو يُؤمَن بذلك من شرهم وفتنتهم ، وطائفة من المسلمين شكاك في بعض ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيعطون من الزكاة ليحسن اسلامهم ويثبتوا على دينهم ، أو قوم من المسلمين لا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها ، ولا ولاية للمالك في صرف الزكاة على المذكورين في المورد الثالث والرابع ، بل ذلك منوط برأي الامام عليه‌السلام أو نائبه.

( الخامس : العبيد ) فانهم يعتقون من الزكاة ، على تفصيل مذكور في محله.

( السادس : الغارمون ) فمن كان عليه دين وعجز عن ادائه جاز أداء دينه من الزكاة ، وان كان متمكناً من إعاشةِ نفسه وعائلته سنة كاملة بالفعل

٢٤٤

أو بالقوة.

( مسألة ٥٦٥ ) : يعتبر في الدين ان لا يكون قد صرف في حرام ، والا لم يجز اداؤه من الزكاة ـ والأحوط لزوماً ـ اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته ، فلو كان عليه دين مؤجل لم يحل اجله فلا يترك الاحتياط بعدم ادائه من الزكاة ، وكذلك ما إذا قنع الدائن بادائه تدريجاً وتمكن المديون من ذلك من دون حرج.

( مسألة ٥٦٦ ) : لا يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الدين ، بل لا بد من ثبوته بعلم أو بحجة معتبرة.

( السابع : سبيل الله ) ويقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد الطرق ، وبناء الجسور والمستشفيات ، وملاجىء للفقراء ، والمساجد والمدارس الدينية ، ونشر الكتب الاسلامية المفيدة وغير ذلك مما يحتاج اليه المسلمون ، وفي ثبوت ولاية المالك على صرف الزكاة فيه اشكال ، فلا يترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي.

( الثامن : ابن السبيل ) وهو المسافر الذي نفدت نفقته ، أو تلفت راحلته ولا يتمكن معه من الرجوع الى بلده وان كان غنياً فيه ، ويعتبر فيه ان لا يجد ما يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله الى بلده ، وان لا يتمكن من الاستدانة بغير حرج ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ اعتبار ان لا يكون متمكناً من بيع ، او ايجار ماله الذي في بلده ، ويعتبر فيه أيضاً ان لا يكون سفره في معصية ؛ فإذا كان شيء من ذلك لم يجز ان يعطى من الزكاة.

( مسألة ٥٦٧ ) : يجوز للمالك دفع الزكاة الى مستحقيها مع استجماع الشرائط الآتية :

٢٤٥

(١) الإيمان ، ولا فرق في المؤمن بين البالغ وغيره ، ويصرفها المالك على غير البالغ بنفسه ، أو بتوسط أمين ، أو يعطيها لوليه.

(٢) ان لا يصرفها الآخذ في حرام ، فلا يعطيها لمن يصرفها فيه ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ اعتبار ان لا يكون في الدفع اليه اعانة على الإثم واغراء بالقبيح ، وان لم يكن يصرفها في الحرام ، كما ان ـ الأحوط لزوماً ـ عدم اعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر ، أو المتجاهر بالفسق.

(٣) ان لا تجب نفقته على المالك ، فلا يعطيها لمن تجب نفقته عليه كالولد والأبوين ، والزوجة الدائمة ، ولا بأس باعطائها لمن تجب نفقته عليهم ، فإذا كان الوالد فقيراً وكانت له زوجة تجب نفقتها عليه جاز للولد ان يعطي زكاته لها.

( مسألة ٥٦٨ ) : يختص عدم جواز اعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته عليه بما إذا كان الاعطاء بعنوان الفقر ، فلا بأس باعطائها له بعنوان آخر ، كما إذا كان مديوناً أو ابن سبيل.

( مسألة ٥٦٩ ) : لا يجوز اعطاء الزكاة للزوجة الفقيرة اذا كان الزوج باذلاً لنفقتها ، أو كان قادراً على ذلك مع امكان اجباره عليه ، كما أن ـ الأحوط لزوماً ـ عدم اعطاء الزكاة للفقير الذي وجبت نفقته على شخص آخر مع استعداده للقيام بها من دون منة لا تتحمل عادة.

(٤) ان لا يكون هاشمياً ، فلا يجوز اعطاء الزكاة للهاشمي من سهم الفقراء أو من غيره ، وهذا شرط عام في مستحق الزكاة وان كان الدافع اليه هو الحاكم الشرعي ، ولا بأس بأن ينتفع الهاشمي ـ كغيره ـ من المشاريع الخيرية المنشأة من سهم سبيل الله ، ويستثنى مما تقدم ما إذا كان المعطي هاشمياً ، فلا تحرم على الهاشمي زكاة مثله ، وأما إذا اضطر الهاشمي إلى

٢٤٦

زكاة غير الهاشمي جاز له الأخذ منها ولكن ـ الأحوط لزوماً ـ تحديده بعدم كفاية الخمس ونحوه والاقتصار على قدر الضرورة يوماً فيوماً مع الامكان.

( مسألة ٥٧٠ ) : لا بأس بان يعطى الهاشمي ـ غير الزكاة ـ من الصدقات الواجبة أو المستحبة ، وان كان المعطي غير هاشمي ـ والأحوط الأولى ـ ان لا يعطى من الصدقات الواجبة كالمظالم والكفارات.

( مسألة ٥٧١ ) : لا تجب على المالك قسمة الزكاة على جميع الموارد التي يجوز له صرفها فيها ، بل له ان يقتصر على صرفها في مورد واحد منها فقط.

( مسألة ٥٧٢ ) : يجوز ان يعطى الفقير ما يفي بمؤونته ومؤونة عائلته سنة واحدة ، ولا يجوز ان يعطى اكثر من ذلك دفعة واحدة على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما إذا اعطي تدريجاً حتى بلغ مقدار مؤونة سنة نفسه وعائلته فلا يجوز اعطاؤه الزائد عليه بلا اشكال.

٢٤٧

( أحكام زكاة الفطرة )

تجب الفطرة على كل مكلف بشروط :

(١) البلوغ.

(٢) العقل وعدم الإغماء.

(٣) الغنى ـ وهو يقابل الفقر الذي تقدم معناه في ص (٢٤٣) ـ ويعتبر تحقّق هذه الشرائط آناً ما قبل الغروب إلى أول جزء من ليلة عيد الفطر على المشهور ، ولكن لا يترك الاحتياط في ما إذا تحققت الشرائط مقارناً للغروب بل بعده أيضاً ما دام وقتها باقياً ، ويجب في ادائها قصد القربة على النحو المعتبر في زكاة المال وقد مر في الصفحة (٢٤٠).

( مسألة ٥٧٣ ) : يجب على المكلف اخراج الفطرة عن نفسه وكذا عمن يعوله في ليلة العيد سواء في ذلك من تجب نفقته عليه وغيره وسواء فيه المسافر والحاضر ، والصغير والكبير.

( مسألة ٥٧٤ ) : لا يجب أداء زكاة الفطرة عن الضيف إذا لم يعد عرفاً ممن يعوله مضيفه ـ ولو موقتاً ـ سواء أنزل بعد دخول ليلة العيد أم نزل قبل دخولها ، وأما إذا عدّ كذلك فيجب الأداء عنه بلا اشكال فيما إذا نزل قبل دخول ليلة العيد وبقي عنده ، وكذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط لزوماً.

( مسألة ٥٧٥ ) : لا تجب الفطرة على من تجب فطرته على غيره ، لكنه إذا لم يؤدها من وجبت عليه وجب على الأحوط اداؤها على نفسه إذا كان

٢٤٨

مستجمعاً للشرائط المتقدمة.

( مسألة ٥٧٦ ) : الغني الذي يعيله فقير تجب فطرته على نفسه مع استجماعه لسائر الشروط ، ولو اداها عنه المعيل الفقير لم تسقط عنه ولزمه إخراجها على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة ٥٧٧ ) : لا يجب أداء الفطرة عن الأجير ، كالبناء ، والنجار والخادم إذا كانت معيشتهم على انفسهم ولم يعدوا ممن يعولهم المستأجر وإلاّ فيجب عليه أداء فطرتهم.

( مسألة ٥٧٨ ) : لا تحل فطرة غير الهاشمي للهاشمي ، والعبرة بحال المعطي نفسه لا بعياله ، فلو كانت زوجة الرجل هاشمية وهو غير هاشمي لم تحل فطرتها لهاشمي ، ولو انعكس الأمر حلت فطرتها له.

(مسألة ٥٧٩ ) : يستحب للفقير اخراج الفطرة عنه وعمن يعوله ، فإن لم يجد غير صاع واحد جاز له ان يعطيه عن نفسه لأحد عائلته وهو يعطيه إلى آخر منهم ، وهكذا يفعل جميعهم حتى ينتهي إلى الأخير منهم وهو يعطيها إلى فقير غيرهم.

٢٤٩

( مقدار الفطرة ونوعها )

الضابط في جنس زكاة الفطرة ان يكون قوتاً شايعاً لأهل البلد ، يتعارف عندهم التغذي به وان لم يقتصروا عليه ، سواء أكان من الأجناس الأربعة ( الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ) أم من غيرها كالأرز والذرة ، وأما ما لا يكون كذلك ـ فالأحوط لزوماً ـ عدم اخراج الفطرة منه وان كان من الأجناس الأربعة ، كما أنّ ـ الأحوط لزوماً ـ ان لا تخرج الفطرة من القسم المعيب ، ويجوز اخراجها من النقود عوضاً عن الأجناس المذكورة ، والعبرة في القيمة بوقت الإخراج ومكانه ، ومقدار الفطرة صاع وهو أربعة أمداد ، ويكفي فيها اعطاء ثلاث كيلوغرامات.

( مسألة ٥٨٠ ) : تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور بين الفقهاء (رض) ويجوز تأخيرها إلى زوال شمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد ـ والأحوط لزوماً ـ عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها ، وإذا عزلها ولم يؤدها إلى الفقير لنسيان ، أو لانتظار فقير معين مثلاً جاز أداؤها إليه بعد ذلك ، وإذا لم يعزلها حتى زالت الشمس لم تسقط عنه على ـ الأحوط لزوماً ـ ولكن يؤديها بقصد القربة المطلقة من دون نية الأداء والقضاء.

( مسألة ٥٨١ ) : يجوز اعطاء زكاة الفطرة بعد دخول شهر رمضان ، وان كان ـ الأحوط إستحباباً ـ أن لا يعطيها قبل حلول ليلة العيد.

٢٥٠

( مسألة ٥٨٢ ) : تتعين زكاة الفطرة بعزلها ، فلا يجوز تبديلها بمال آخر ، وان تلفت بعد العزل ضمنها إذا وجد مستحقاً لها واهمل في ادائها إليه.

( مسألة ٥٨٣ ) : يجوز نقل زكاة الفطرة إلى الإمام عليه‌السلام أو نائبه وان كان في البلد من يستحقها ، والأحوط عدم النقل إلى غيرهما خارج البلد مع وجود المستحق فيه ، ولو نقلها ـ والحال هذه ـ ضمنها ان تلفت ، وأما إذا لم يكن فيه من يستحقها ونقلها ليوصلها إليه فتلفت من غير تفريط لم يضمنها ، وإذا سافر من بلده إلى غيره جاز دفعها فيه.

( مسألة ٥٨٤ ) : ـ الأحوط لزوماً ـ اختصاص مصرف زكاة الفطرة بفقراء المؤمنين ومساكينهم مع استجماع الشرائط المتقدمة في المسألة (٥٦٧) ، وإذا لم يكن في البلد من يستحقها منهم جاز دفعها إلى غيرهم من المسلمين ، ولا يجوز اعطاؤها للناصب.

( مسألة ٥٨٥ ) : لا تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر ، وكذلك لتارك الصلاة ، أو المتجاهر بالفسق على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ٥٨٦ ) : لا تعتبر المباشرة في أداء زكاة الفطرة فيجوز ايصالها إلى الفقير من غير مباشرة ، والأولى اعطاؤها للحاكم الشرعي ليضعها في موضعها ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يدفع للفقير من زكاة الفطرة أقل من صاع إلاّ إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ، واكثر ما يدفع له منها ما ذكرناه في زكاة المال في المسألة (٥٧٢).

( مسألة ٥٨٧ ) : الأولى تقديم فقراء الأرحام والجيران على سائر الفقراء وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل.

٢٥١
٢٥٢

( أحكام الخمس )

وهو في أصله من الفرائض المؤكدة المنصوص عليها في القرآن الكريم ، وقد ورد الاهتمام بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم ، وفي بعضها اللعن على من يمتنع عن ادائه وعلى من يأكله بغير استحقاق.

( مسألة ٥٨٨ ) : يتعلق الخمس بانواع من المال :

( الأوّل : ما يغنمه المسلمون من الكفار في الحرب من الأموال المنقولة وغيرها ) إذا كانت الحرب باذن الامام عليه‌السلام وإلاّ فجميع الغنيمة له ، نعم الأراضي التي ليست من الأنفال فيء للمسلمين مطلقاً.

( مسألة ٥٨٩ ) : في جواز تملك المؤمن مال الناصب واداء خمسه اشكال ـ فالأحوط لزومّاً ـ تركه.

( مسألة ٥٩٠ ) : ما يؤخذ من الكفار سرقة ، أو غيلة ونحو ذلك ـ مما لا يرتبط بالحرب وشؤونها ـ لا يدخل تحت عنوان الغنيمة ؛ ولكنه يدخل في ارباح المكاسب ويجري عليه حكمها ( وسيأتي بيانه في الصفحة ٢٥٦ ) ، هذا إذا كان الأخذ جائزاً وإلاّ ـ كما إذا كان غدراً ونقضاً للأمان الممنوح لهم ـ فالأحوط لزوماً ـ رده إليهم.

( مسألة ٥٩١ ) : لا تجري احكام الغنيمة على ما في يد الكافر إذا كان المال محترماً كأن يكون لمسلم أو لذمي أَودعه عنده.

٢٥٣

( الثاني : المعادن ) فكل ما صدق عليه المعدن عرفاً بان تعرف له مميزات عن سائر اجزاء الأرض توجب له قيمة سوقية ـ كالذهب والفضة والنحاس والحديد ، والكبريت والزئبق ، والفيروزج والياقوت ، والملح والنفط والفحم الحجري وامثال ذلك ـ فهو من الأنفال ( أي إنّها مملوكة للإمام عليه‌السلام ) وان لم يكن ارضه منها ، ولكن يثبت الخمس في المستخرج منه ويكون الباقي للمخرج إذا كان في ارض مملوكة له ، او كان في ارض خراجية مع اذن ولي المسلمين ، او كان في أرض الأنفال ولم يمنع عنه مانع شرعي ، وان استخرجه من أرض مملوكة للغير بدون اذنه ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يتراضيا بشأن ما زاد على الخمس منه.

( مسألة ٥٩٢ ) : يعتبر في وجوب الخمس فيما يستخرج من المعادن بلوغه حال الإخراج ـ بعد استثناء مؤونته ـ قيمة النصاب الأوّل في زكاة الذهب ( أي خمسة عشر مثقالاً صيرفياً من الذهب المسكوك ) فإذا كانت قيمته أقل من ذلك لا يجب الخمس فيه بعنوان المعدن ، وإنما يدخل في أرباح السنة.

( مسألة ٥٩٣ ) : انما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء مؤونة الإخراج وتصفيته ، مثلاً : إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين مثقالاً من الذهب المسكوك وقد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر مثقالاً وجب الخمس في الباقي وهو خمسة عشر مثقالاً.

( الثالث : الكنز ) فعلى من ملكه بالحيازة ان يخرج خمسه ، ولا فرق فيه بين الذهب والفضة المسكوكين وغيرهما ، ويعتبر فيه بلوغه نصاب أحد النقدين في الزكاة ، وتستثنى منه أيضاً مؤونة الإخراج على النحو المتقدم في المعادن.

٢٥٤

( مسألة ٥٩٤ ) : إذا ملك ارضاً ووجد فيها كنزاً فان كان لها مالك قبله ـ وكان ذا يدٍ عليها واحتمل كونه له احتمالاً معتداً به ـ راجعه فان ادعاه دفعه إليه وإلاّ راجع من ملكها قبله كذلك وهكذا ، فان نفاه الجميع جاز له تملكه وأخرج خمسه.

( الرابع : الغوص ) فمن اخرج شيئاً من البحر ، أو الأنهار العظيمة مما يتكون فيها ، كاللؤلؤ والمرجان ، واليسر بغوص وبلغت قيمته ديناراً ( اي ¾ المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك ) وجب عليه اخراج خمسه ، وكذلك إذا كان بآلة خارجية على الأحوط ، وما يؤخذ من سطح الماء ، أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت عنوان الغوص ويجري عليه حكم ارباح المكاسب ، نعم يجب اخراج الخمس من العنبر المأخوذ من سطح الماء.

( مسألة ٥٩٥ ) : الحيوان المستخرج من البحر ـ كالسمك ـ لا يدخل تحت عنوان الغوص ، وكذلك إذا استخرج سمكة ووجد في بطنها لؤلؤاً أو مرجاناً ، وكذلك ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكونة فيه ، كما إذا غرقت سفينة وتركها اربابها واباحوا ما فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه شيئاً منها فان كل ذلك يدخل في الأرباح.

( الخامس : الحلال المخلوط بالحرام ) في بعض صوره وتفصيلها انه :

١ ـ إذا علم مقدار الحرام ولم تتيسر له معرفة مالكه ـ ولو اجمالاً في ضمن اشخاص معدودين ـ يجب التصدق بذلك المقدار عن مالكه قلّ أو كثر ـ والأحوط وجوباً ـ الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.

٢ ـ إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام وعلم مالكه ، فان امكن التراضي معه بصلح أو نحوه فهو ، وإلاّ اكتفى برد المقدار المعلوم إليه إذا لم

٢٥٥

يكن الخلط بتقصير منه ، وإلاّ لزم رد المقدار الزائد إليه أيضاً على ـ الأحوط لزوماً ـ هذا إذا لم يتخاصما وإلاّ تحاكما إلى الحاكم الشرعي.

٣ ـ إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم انه لا يبلغ خمس المال وجب التصدق عن المالك بالمقدار الذي يعلم انه حرام إذا لم يكن الخلط بتقصير منه ، وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ التصدق بالمقدار المحتمل أيضاً ولو بتسليم المال كله إلى الفقير قاصداً به التصدق بالمقدار المجهول مالكه ثم يتصالح هو والفقير في تعيين حصة كل منهما ـ والأحوط لزوماً ـ أن يكون التصدق باذن من الحاكم الشرعي.

٤ ـ إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم انه يزيد على الخمس فحكمها حكم الصورة السابقة ولا يجزي اخراج الخمس من المال.

٥ ـ اذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه واحتمل زيادته على الخمس ونقيصته عنه يجزئ اخراج الخمس وتحل له بقية المال ـ والأحوط وجوباً ـ اعطاؤه بقصد الأعم من الخمس والصدقة عن المالك إلى من يكون مصرفاً للخمس ومجهول المالك معاً.

( السادس : الأرض التي تملكها الكافر من مسلم ببيع ، أو هبة ونحو ذلك ) على المشهور بين الفقهاء (رض) ، ولكن ثبوت الخمس فيها بمعناه المعروف لا يخلو عن اشكال.

( السابع : أرباح المكاسب ) وهي كل ما يستفيده الانسان بتجارة أو صناعة ، أو حيازة أو أي كسب آخر ، ويدخل في ذلك ما يملكه بهدية أو وصية ومثلهما على ـ الأحوط لزوماً ـ ما يأخذه من الصدقات الواجبة والمستحبة من الكفارات ، ومجهول المالك ورد المظالم وغيرها عدا

٢٥٦

الخمس والزكاة ، ولا يجب الخمس في المهر وعوض الخلع وديات الأعضاء ، ولا في ما يملك بالارث عدا ما يجوز اخذه للمؤمن بعنوان ثانوي كالتعصيب ـ والأحوط وجوباً ـ اخراج خمس الميراث الذي لا يحتسب من غير الأب والابن.

( مسألة ٥٩٦ ) : يختص وجوب الخمس في الأرباح ـ بعد استثناء ما صرفه من مال مخمّس ، أو ممّا لم يتعلّق به الخمس في سبيل تحصيلها ـ بما يزيد على مؤونة سنته لنفسه وعائلته ، ويدخل في المؤونة المأكول والمشروب ، والمسكن والمركوب ، وأثاث البيت ، وما يصرفه في تزويج نفسه أو من يتعلق به ، وفي الزيارات والأسفار والهدايا والإطعام ونحو ذلك ، ويختلف كل ذلك باختلاف الأشخاص ، والعبرة في كيفية الصرف وكميته بما يناسب شأن الشخص نفسه ، فإذا كان شأنه يقتضي أن يصرف في مؤونة سنته مائة دينار لكنه صرف أزيد منها على نحو يعد سفهاً واسرافاً منه عرفاً وجب عليه الخمس فيما زاد على المائة ، وأما إذا قتّر على نفسه فصرف خمسين ديناراً وجب عليه الخمس فيما زاد على الخمسين ، ولو كان المصرف راجحاً شرعاً ولكنه غير متعارف من مثل المالك ؛ وذلك كما إذا صرف جميع ارباحه اثناء سنته في عمارة المساجد أو الزيارات ، أو الانفاق على الفقراء ونحو ذلك ـ فالأحوط وجوباً ـ أن يدفع خمس الزائد على المقدار المتعارف.

( مسألة ٥٩٧ ) : العبرة في المؤونة المستثناة عن الخمس بمؤونة سنة حصول الربح ، فلا يُستثنى مؤن السنين اللاحقة ، فمن حصل لديه ارباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار ، وفي الثانية حديداً ، وفي الثالثة مواد انشائية أخرى وهكذا ، لا يكون ما اشتراه من المؤن

٢٥٧

المستثناة لأنّه مؤونة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى فعليه تخميس تلك الأعيان ، نعم إذا كان المتعارف لمثله بحسب العرف الذي يعيش فيه تحصيل الدار تدريجاً على النحو المتقدم بحيث انه لو لم يفعل ذلك لعدّ مقصراً في حق عائلته ومتهاوناً بمستقبلهم مما ينافي ذلك شأنه عدّ ما اشتراه في كل سنة من مؤونته في تلك السنة.

ومثل ذلك ما يتعارف إعداده لزواج الأولاد خلال عدة سنوات إذا كان تركه منافياً لشأن الأب أو الأم ولو لعجزهما عن تحصيله لهم في اوانه.

( مسألة ٥٩٨ ) : الظاهر أن رأس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة فيجب اخراج خمسه إذا اتخذه من ارباحه وإن كان مساوياً لمؤونة سنته ، نعم إذا كان بحيث لا يفي الاتجار بالباقي ـ بعد اخراج الخمس ـ بمؤونته اللائقة بحاله فالظاهر عدم ثبوت الخمس فيه ، إلاّ إذا امكنه دفعه تدريجاً ـ بعد نقله إلى الذمة بمراجعة الحاكم الشرعي ـ فانه لا يعفى عن التخميس في هذه الصورة.

( مسألة ٥٩٩ ) : إذا آجر نفسه سنين كانت الأجرة الواقعة بازاء عمله في سنة الاجارة من ارباحها ، وما يقع بازاء العمل في السنين الآتية من ارباح تلك السنين ، وأما إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع ، ووجب فيه الخمس بعد المؤونة وبعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة.

( مسألة ٦٠٠ ) : إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فزادت قيمته ولو لزيادة متصلة تستوجبها لم يجب فيه الخمس ، نعم إذا باعه خلال سنته أو استغنى عنه فيها مطلقاً ـ فالأحوط لزوماً ـ أداء خمسه ، إذا زاد على مؤونته

٢٥٨

السنوية مثلاً : إذا اشترى بشيء من أرباحه فرساً لركوبه واستخدمه في ذلك فزادت قيمته السوقية لم يجب الخمس فيه ما لم يبعه خلال سنته ، أو يستغن عنه فيها بالمرة وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ أداء خمسه مع زيادته على مؤونته ، ولو باعه خلال سنته ، أو بعدها وربح فيه فلا اشكال في ثبوت الخمس في الربح إذا كان زائداً على مؤونة سنة حصوله. وأما الزيادات المنفصلة فهي داخلة في الأرباح ، فيجب فيها الخمس ان لم تصرف في المؤونة ، فإذا ولد الفرس ـ في مفروض المثال ـ كان النتاج من الأرباح ، ومن هذا القبيل ثمر الأشجار واغصانها المعدة للقطع ، وصوف الحيوان ووبره وحليبه وغير ذلك ، وفي حكم الزيادة المنفصلة الزيادة المتصلة إذا عدت عرفاً مصداقاً لزيادة المال كما لو سمن الحيوان المعّد للاستفادة من لحمه كالمسمى ب‍ ( دجاج اللحم ).

( مسألة ٦٠١ ) : من اتخذ رأس ماله مما يقتنى للاكتساب بمنافعه مع المحافظة على عينه ـ كالفنادق والمحلات التجارية وسيارات الأجرة والحقول الزراعية ، والمعامل الانتاجية ، وبعض اقسام الحيوان كالأبقار التي يكتسب بحليبها ـ لم يجب الخمس في زيادة قيمته السوقية ، إذا كان متخذاً من مال مخمس ، أو غير متعلق للخمس ، نعم لو كان قد ملكّه بالمعاوضة كالشراء فباعه بالزائد تدخل الزيادة في ارباح سنة البيع ، كما انه تدخل في الأرباح زيادته المنفصلة ، وكذا المتصلة الملحقة بها حكماً فيما يفرض له مثلها.

( مسألة ٦٠٢ ) : الأموال المعدة للاتجار بعينها كالبضائع المعروضة للبيع تعد زيادة قيمتها السوقية ربحاً وان لم يتم بيعها بعدُ بالزيادة ـ وكذلك ما

٢٥٩

يفرض لها من زيادة منفصلة ، أو ما بحكمها من الزيادة المتصلة ـ فلو اشترى كمية من الحنطة قاصداً الإكتساب ببيعها فحلّ رأس سنته الخمسية وقد زادت قيمتها عما اشتراها به وجب اخراج خمس الزيادة إذا كان بمقدوره بيعها واخذ قيمتها اثناء السنة.

( مسألة ٦٠٣ ) : إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة أو استدان مبلغاً لاضافته إلى رأس ماله ونحو ذلك لم يجب فيه الخمس ما لم يؤد دينه ، فإن أدّاه من ارباح سنته وكان بدله موجوداً عدّ البدل من ارباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها اذا كان زائداً على مؤونتها.

( مسألة ٦٠٤ ) : رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطها في معاشه ـ كالذي يعيله شخص آخر ـ وحصل له فائدة اتفاقاً أول زمان حصولها ؛ فمتى حصلت جاز له صرفها في مؤونته اللاحقة إلى عام كامل ، وأما من له مهنة يتعاطاها في معاشه كالتاجر والطبيب ، والموظف والعامل ، واضرابهم ـ فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق ، ولا يحق له صرف شيء من الربح الحاصل قبل نهاية السنة في مؤونة السنة التالية إلاّ بعد تخميسه.

( مسألة ٦٠٥ ) : إذا كان لديه مال لا يجب فيه الخمس ، كما لو كان عنده ارث من أبيه لم يجب عليه صرفه في مؤونته ، ولا توزيع المؤونة عليه وعلى الارباح ، بل جاز له ان يصرف ارباحه في مؤونة سنته ، فإذا لم تزد عنها لم يجب فيها الخمس ، نعم إذا كان عنده ما يغنيه عن صرف الربح كأن كانت عنده دار لسكناه فسكنها مدة لم يجز له احتساب اجرتها من المؤونة واستثناء مقدارها من الربح ، كما ليس له ان يشتري داراً أخرى من الأرباح

٢٦٠