مفاتيح الجنان

الشيخ عباس القمي

مفاتيح الجنان

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤

مَلَكٌ وَتَحَرَّكَ لَكَ فَلَكٌ صَلاةً تُنْمى وَتَزِيدُ وَلاتَفْنى وَلاتَبِيدُ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَلِيِّ بْنِ مُوسى الرِّضا وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ المُرْتَضى الإماميْنِ المُطَهَّرَيْنِ المُنْتَجَبَيْنِ ، فَصَلِّ عَلَيْهِما ماأَضاءَ صُبْحٌ وَدامَ صَلاةً تُرَقِّيهِما إِلى رِضْوانِكَ فِي العِلِّيِّينَ مِنْ جِنانِكَ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَلِيّ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّاشِدِ وَالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الهادِي القائِمَيْنِ بِأَمْرِ عِبادِكَ المُخْتَبَرَيْنِ بِالمِحَنِ الهائِلَةِ وَالصَّابِرَيْنِ فِي الاِحَنِ المائِلَةِ ، فَصَلِّ عَلَيْهِما كِفاءَ أَجْرِ الصَّابِرِينَ وَإزاءِ ثَوابِ الفائِزِينَ صَلاةً تُمَهِّدُ لَهُما الرِّفْعَةَ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ يا رَبِّ بِإِمامِنا وَمُحَقِّقِ زَمانِنا اليَوْمِ المَوْعُودِ وَالشَّاهِدِ المَشْهُودِ وَالنُّورِ الاَزْهَرِ وَالضِّياءِ الاَنْوَرِ المَنْصُورِ بِالرُّعْبِ وَالمُظَفَّرِ بِالسَّعادَةِ ، فَصَلِّ عَلَيْهِ عَدَدَ الثَّمَرِ وَأَوْراقِ الشَّجَرِ وَأَجْزاءِ المَدَرِ وَعَدَدَ الشَّعْرِ وَالوَبَرِ وَعَدَدَ ماأَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَأَحْصاهُ كِتابُكَ صَلاةً يَغْبِطُهُ بِها الأوّلُونَ وَالآخِرُونَ ، اللّهُمَّ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ وَاحْفَظْنا عَلى طاعَتِهِ وَاحْرُسْنا بِدَوْلَتِهِ وَأَتْحِفْنا بِوِلايَتِهِ وَانْصُرْنا عَلى أَعْدائِنا بِعِزَّتِهِ وَاجْعَلْنا يا رَبِّ مِنَ التَّوَّابِينَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللّهُمَّ وَإِنَّ إِبْلِيسَ المُتَمَرِّدَ اللّعِينَ قَدِ اسْتَنْظَرَكَ لاِغْواءِ خَلْقِكَ فَأنْظَرْتَهُ وَاسْتَمْهَلَكَ لاِضْلالِ عَبِيدَكَ ، فَأَمْهَلْتَهُ بِسابِقِ عِلْمِكَ فِيهِ وَقَدْ عَشَّشَ وَكَثُرَتْ جُنُودُهُ وَازْدَحَمَتْ جُيُوشُهُ وَانْتَشَرَتْ دُعاتُهُ فِي أَقْطارِ الاَرْضِ ، فَأَضَلُّوا عِبادَكَ وَأَفْسَدُوا دِينَكَ وَحَرَّفُوا الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَجَعَلُوا عِبادَكَ شِيَعاً مُتَفَرِّقِينَ وَأَحْزابا مُتَمَرِّدِينَ ، وَقَدْ وَعَدْتَ نَقْضَ بُنْيانِهِ وَتَمْزِيقَ شَأْنِهِ فَأَهْلِكْ أَوْلادَهُ وَجُيُوشَهُ وَطَهِّرْ بِلادَكَ مِنْ اخْتِراعاتِهِ وَاخْتِلافاتِهِ وَأَرِحْ عِبادَكَ مِنْ مَذاهِبِهِ وَقِياساتِهِ وَاجْعَلْ دائِرَةَ السُّوءِ عَلَيْهِمْ ، وَابْسُطْ عَدْلَكَ وَأظْهِرْ دِينَكَ وَقَوِّ أَوْلِيائَكَ وَأَوْهِنْ أَعْدائَكَ وَأَوْرِثْ دِيارَ إِبْلِيسَ وَدِيارَ أَوْلِيائِهِ أَوْلِيائَكَ وَخَلِّدْهُمْ فِي الجَحِيمِ وَأَذِقْهُمْ مِنَ العَذابِ الاَلِيمِ ، وَاجْعَلْ

٦٢١

لَعائِنَكَ المُسْتَوْدَعَةَ فِي مَناحِسِ (١) الخِلْقَةِ وَمَشاوِيهِ الفِطْرَةِ دائِرَةً عَلَيْهِمْ وَمُوَكَّلَةً بِهِمْ وَجارِيَةً فِيهِمْ كُلَّ صَباحٍ وَمَساءٍ وَغُدُوٍّ وَرَواحٍ ، رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرةِ حَسَنَةً وَقِنا بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثم ادع بما تحبّ لنفسك ولاخوانك (٢).

زيارة أم القائم عليها‌السلام

ثم تزور مليكة الدنيا والآخِرة أُمَّ القائم عليه‌السلام وقبرها خلف ضريح مولانا الحسن العسكري عليه‌السلام فتقول :

السَّلامُ عَلى رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصَّادِقِ الاَمِينِ السَّلامُ عَلى مَوْلانا أَمِيرِ المُوْمِنِينَ السَّلامُ عَلى الأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ الحُجَجِ المَيامِينَ ، السَّلامُ عَلى وَالِدَةِ الإمام وَالمُودَعَةِ أَسْرارَ المَلِكِ العَلامِ وَالحامِلَةِ لاَشْرَفِ الأنامِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الصِّدِّيقَةُ المَرْضِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا شَبِيهَةَ أُمِّ مُوسى وَابْنَةَ حَوارِيَّ عِيسى السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الرَّضِيَّةُ المَرْضِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها المَنْعُوتَةُ فِي الاِنْجِيلِ المَخْطُوبَةُ مِنْ رُوحِ الله الاَمِينِ وَمَنْ رَغِبَ فِي وُصْلَتِها مُحَمَّدٌ سَيِّدُ المُرْسَلِينَ وَالمُسْتَوْدَعَةُ أَسْرارَ رَبِّ العالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ وَعَلى آبائِكَ الحَوارِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكِ وَعَلى بَعْلِكِ وَوَلَدِكِ السَّلامُ عَلَيْكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ الطَّاهِرِ. أَشْهَدُ أَنَّكِ أحْسَنْتِ الكَفالَةَ وَأَدَّيْتِ الاَمانَةَ وَاجْتَهَدْتِ فِي مَرْضاتِ الله وَصَبَرْتِ فِي ذاتِ الله وَحَفِظْتِ سِرَّ الله وَحَمَلْتِ وَلِيَّ الله وَبالَغْتِ فِي حِفْظِ حُجَّةِ الله وَرَغِبْتِ فِي وُصْلَةِ أَبْناءِ رَسُولِ الله عارِفَةً بِحَقِّهِمْ مُؤْمِنَةً بِصِدْقِهِمْ مُعْتَرِفَةً بِمَنْزِلَتِهِمْ مُسْتَبْصِرَةً بِأَمْرِهِمْ مُشْفِقَةً عَلَيْهِمْ مُؤْثِرَةً هَواهُمْ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتِ عَلى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكِ مُقْتَدِيَةً بِالصّالِحِينَ راضِيَةً تَقِيَّةً نَقِيَّةً زَكِيَّةً فَرَضِيَ الله عَنْكِ وَأَرْضاكِ وَجَعَلَ الجَنَّةَ

_________________

١ ـ مناحيس ـ خ ـ.

٢ ـ مصباح الزائر : ٤٠٩ ـ ٤١٣.

٦٢٢

مَنْزِلَكِ وَمَأواكِ ، فَلَقَدْ أَولاكِ مِنَ الخَيْراتِ ماأَوْلاكِ وَأَعْطاكِ مِنَ الشَّرَفِ ما بِهِ أَغْناكِ فَهَنَّأَكِ الله بِما مَنَحَكِ مِنَ الكَرامَةِ وَأَمْرَاكِ.

ثم ترفع رأسك وتقول : اللّهُمَّ إِيَّاكَ اعْتَمَدْتُ وَلِرِضاكَ طَلَبْتُ وَبِأَوْلِيائِكَ إِلَيْكَ تَوَسَّلْتُ وَعَلى غُفْرانِكَ وَحِلْمِكَ اتَّكَلْتُ وَبِكَ اعْتَصَمْتُ وَبِقَبْرِ أُمِّ وَلِيِّكَ لُذْتُ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْفَعْنِي بِزِيارَتِها وَثَبِّتْنِي عَلى مَحَبَّتِها وَلاتَحْرِمْنِي شَفاعَتَها وَشَفاعَةَ وَلَدِها وَارْزُقْنِي مُرافَقَتَها وَاحْشُرْنِي مَعَها وَمَعَ وَلَدِها كَما وَفَّقْتَنِي لِزِيارَةِ وَلَدِها وَزِيارَتِها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِالأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالحُجَجِ المَيامِينِ مِنْ آلِ طهَ وَيَّس أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ المُطْمَئِنِّينَ الفائِزِينَ الفَرِحِينَ المُسْتَبْشِرِينَ الَّذِينَ لاخَوفٌ عَلَيْهُمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ قَبِلْتَ سَعْيَهُ وَيَسَّرْتَ أَمْرَهُ وَكَشَفْتَ ضُرَّهُ وَآمَنْتَ خَوْفَهُ ، اللّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَتِي إِيَّاها ، وَارْزُقْنِي العَوْدَ إِلَيْها أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي وَإِذا تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِها وَأَدْخِلْنِي فِي شَفاعَةِ وَلَدِها وَشَفاعَتِها ، وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُوْمِناتِ وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرةِ حَسَنَةً وَقِنا بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا سادَتِي وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ (١).

زيارة السيدة حكيمة عليها‌السلام

أقول : روي عن زيد الشحام قال قلت للصادق عليه‌السلام : ما لمن زار واحداً منكم؟ قال : كمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢). وقد أسلفنا الرواية عن الصادق عليه‌السلام قال : من زار إماما مفترض الطاعة وصلّى عنده أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة. وقد ذكرنا في كتاب هدية الزائر فضائل حكيمة بنت الإمام محمد التقي عليه‌السلام وقبرها الشريف مما يلي رجلي العسكريِّيْن عليه‌السلام

_________________

١ ـ مصباح الزائر : ٤١٣ ـ ٤١٥.

٢ ـ كامل الزيارات : ٢٧٨ ، ح ١ ، باب ٥٩.

٦٢٣

متصل بضريحهما. وقلنا هناك إنّ كتب الزيارة لم تخصها بزيارة خاصة مع مالها من رفيع المنزلة فينبغي أن تزار بالزيارة العامة لأولاد الأئمة عليهم‌السلام أو تزار بما ورد لزيارة عمّتها الكريمة فاطمة بنت موسى عليه‌السلام بان تستقبل القبلة وتقول :

السَّلامُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَى نُوحٍ نَبِيِّ الله السَّلامُ عَلَى إِبْراهِيمَ خَلِيلِ الله السَّلامُ عَلَى مُوسى كَلِيمِ الله السَّلامُ عَلَى عِيسى رُوحِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَيْرَ خَلْقِ اللهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّد بْنَ عَبْدِ الله خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ وَصِيَّ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا سِبْطَي الرَّحْمَةِ وَسَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ سَيِّدَ العابِدِينَ وَقُرَّةَ عَيْنِ النَّاظِرِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ باقِرَ العِلْمِ بَعْدَ النَّبِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ البارَّ الاَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُوسى بْنَ جَعْفَرٍ الطَّاهِرَ الطُّهْرَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِيَّ بْنَ مُوسى الرِّضا المُرْتَضى السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ التَّقِيَّ السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّقِيَّ النَّاصِحَ الاَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ السَّلامُ عَلى الوَصِيِّ مِنْ بَعْدِهِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى نُورِكَ وَسِراجِكَ وَوَلِيِّ وَلِيِّكَ وَوَصِيِّ وَصِيِّكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ. السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ فاطِمَةَ وَخَدِيجَةَ السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَمِيرِ المُوْمِنِينَ السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ وَلِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا أخْتَ وَلِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا عَمَّةَ وَلِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ مُحَمَّدٍ بْنَ عَلِيٍّ التَّقِيِّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. السَّلامُ عَلَيْكِ عَرَّفَ الله بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فِي الجَنَّةِ وَحَشَرَنا فِي زُمْرَتِكُمْ وَأَوْرَدَنا حَوْضَ نَبِيِّكُمْ وَسَقانا بِكَأْسِ جَدِّكُمْ مِنْ يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُ الله عَلَيْكُمْ ، أَسْأَلُ الله أَنْ يُرِينا فِيكُمُ السُّرُورَ وَالفَرَجَ وَأَنْ يَجْمَعَنا وَإِيَّاكُمْ فِي زُمْرَةِ جَدِّكُمْ

٦٢٤

مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَنْ لايَسْلُبَنا مَعْرِفَتَكُمْ إِنَّهُ وَلِيُّ قَدِيرٌ ، أَتَقَرَّبُ إِلى الله بِحُبِّكُمْ وَالبَرائةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ وَالتَّسْلِيمِ إِلى الله راضِياً بِهِ غَيْرَ مُنْكِرٍ وَلامُسْتَكْبِرٍ ، وَعَلى يَقِينٍ ماأَتى بِهِ مُحَمَّدٌ وَبِهِ راضٍ نَطْلُبُ بِذلِكَ وَجْهَكَ يا سَيِّدِي اللّهُمَّ وَرِضاكَ وَالدَّارَ الآخِرةَ. يا حَكِيمَةُ اشْفَعِي لِي فِي الجَنَّةِ فَإِنَّ لَكِ عِنْدَ الله شَأْنا مِنَ الشَّأْنِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَخْتِمَ لِي بِالسَّعادَةِ فَلا تَسْلُبْ مِنِّي ما أَنا فِيهِ وَلاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ ، اللّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنا وَتَقَبَّلْهُ بِكَرَمِكَ وَعِزَّتِكَ وَبِرَحْمَتِكَ وَعافِيَتِكَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أقول : عند قبر العسكريِّيْن عليهما‌السلام على المشهور قبور عصبة من السادة العظام منهم حسين ابن الإمام علي النقي عليه‌السلام وإني لم أقف على حال الحسين هذا وقوفاً ، ويبدو لي أنّه من أعاظم السادة وأجلائهم فقد استفدت من بعض الأحاديث أنه كان يعبر عن مولانا الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام وأخيه الحسين هذا بالسِّبطين تشبيها لهما بسبطي نبيِّ الرحمة جدَّيهما الإمامين الحسن والحسين عليهم‌السلام. وقد ورد في حديث أبي الطيب أن صوت الحجة (صَلَوات الله عَليه) كان يشبه صوت الحسين عليه‌السلام (١).

والفقيه المحدّث الحكيم السيد أحمد الأردكاني اليزدي قال في كتاب شجرة الأولياء عند ذكره أولاد الإمام علي النقي عليه‌السلام : إن ابنه الحسين كان من الزُهّاد والعُبّاد وكان يقر لأخيه بالإمامة ولعل المتتبع البصير يعثر على غير ما وقفنا عليه ممّا يومي إلى فضله وجلاله.

[زيارة السيد محمد بن الإمام علي النقي عليه‌السلام]

واعلم أيضاً أنّ للسيد محمد بن الإمام علي النقي عليه‌السلام مزار مشهور قرب قرية (البلد) وهو معروف بالفضل والجلال وبما يبديه من الكرامات الخارقة للعادات ، ويتشرف بزيارته عامة الخلائق ينذرون له النذور ويهدون إليه الهدايا الكثيرة ويسألون عنده حوائجهم. والعرب في تلك المنطقة تهابه وتخشاه وتحسب له الحساب. وقد برز منه كما يحكى كرامات كثيرة لا يسع المقام ذكرها ويكفيه فضلاً وشرفاً أنّه كان أهلا للإمامة وكان أكبر أولاد الإمام الهادي عليه‌السلام وقد

_________________

١ ـ أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ٤.

٦٢٥

شق جيبه في عزائه الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام (١).

وكان شيخنا ثقة الإسلام النوري نور الله مرقده يعتقد في زيارته اعتقاداً راسخاً وهو قد سعى لتعمير بقعته الشريفة وضريحه وكتب على ضريحه الشريف هذا مرقد السيد الجليل أبي جعفر محمد ابن الإمام أبي الحسن علي الهادي عليه‌السلام عظيم الشأن جليل القدر وكانت الشيعة تزعم أنّه الإمام بعد أبيه عليه‌السلام فلمّا توفى نصّ أبوه على أخيه أبي محمد الزّكي عليه‌السلام وقال له : أحدث للهِ شكراً فقد أحدث فيك أمراً (٢). خلّفه أبوه في المدينة طفلاً وقدم عليه في سامراء مشتداً ونهض إلى الرجوع إلى الحجاز ولما بلغ (بلد) على تسعة فراسخ مرض وتوفى ومشهده هناك (٣). ولما توفي شق أبو محمد عليه‌السلام عليه ثوبه وقال في جواب من عابه عليه : قد شق موسى على أخيه هارون (٤) ، وكانت وفاته في حدود اثنين وخمسين بعد المائتين (٥).

وعلى أيّ حال فإذا شئت أن تودع العسكريِّيْن عليهما‌السلام فقف على القبر الطاهر وقل :

السَّلامُ عَلَيْكُما يا وَلِيَّي الله اسْتَوْدِعُكُما الله وَأقْرَأُ عَلَيْكُما السَّلامُ ، آمَنَّا بِالله وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتُما بِهِ وَدَلَلْتُما عَلَيْهِ ، اللّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ اللّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَتِي إِيّاهُما وَارْزُقْنِي العَوْدَ إِلَيْهِما وَاحْشُرْنِي مَعَهُما وَمَعَ آبائِهِما الطَّاهِرِينَ وَالقائِمِ الحُجَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِما يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

المقام الثاني

في آداب السرداب الطاهر

وصفة زيارة حجة الله على العباد وبقية الله في البلاد الإمام المهدي

الحجة بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه

وعلينا أن نصدِّر المقصد بالتنبيه على أمر تحدّثنا عنه في كتاب الهديّة نقلاً عن كتاب التحيّة وهو

_________________

١ ـ ارشاد المفيد ٢ / ٣١٨.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٧٣ ، الجزء ١٠ ، باب ١ ، ح ١٣.

٣ ـ المجدي العلوي النسّابة ١٣٠ / ١٣١ عند ذكر أبي محمّد الحسن العسكري عليه‌السلام.

٤ ـ مناقب ابن شهر آشوب ٤ / ٤٦٧.

٥ ـ انظر المجدي العلوي ك ١٣٠ في المتن والهامش.

٦ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ٩٤ باب ٤٥.

٦٢٦

أن هذا السرداب الطاهر هو قسم من دارهما عليهما‌السلام وقبلما يشيد هذا البناء الحديث (الصحن والحرم والقبّة) كان المدخل إلى السرداب خلف القبر عند مرقد السيدة نرجس (نرجس خاتون) ولعله الان واقع في الرواق فكان ينحدر إلى مسلك مظلم طويل ينتهي بباب يفتح وسط سرداب الغيبة. والسرداب في عصرنا الحاضر مزخرف بالمرايا وله في جانب القبلة نافذة إلى صحن العسكريين عليهما‌السلام ، وموضع الباب السابق معلَّم بصورة المحراب منقوشة بالقاشاني فكانت الزيارات وغيرها لهؤُلاءِ الأئمة الثلاث تؤدى كلها من حرم واحد ولذلك نجد الشهيد الأول في (المزار) يعقب زيارة العسكريين عليهما‌السلام بزيارة السرداب ثم يذكر زيارة السيدة نرجس ومنذ مائة وبضعة سنين تأهب للبناء المؤيد المسدد أحمد خان الدّنبلي وأفرز بما أنفقه من المبلغ الخطير صحن الإمامين عليهما‌السلام كما هو الان وشيد الروضة والرواق والقبّة الشامخة وأسّس للسرداب الطاهر الصحن الخاص والإيوان والمدخل والدِّهليز كما شيد للنساء سرداباً خاصاً كما هو قائم الان فطمست معالم ما كان من قبل المدخل والدّرج والباب وانمحى جميع آثاره (١) فزال بذلك بعض الآداب المأثورة ولكن أصل السرداب الشريف وهو موضع جملة من الزيارات باقٍ لم يتغير. وأما الاستئذان لدخول السرداب فلم يسقط‍ بانسداد المدخل السابق ، فلكل زيارة استئذان كما دلّ عليه الاستقراء ونجد العلماء كذلك يصرّحون بلزوم الاستئذان تأدباً للدخول من أي باب اعتيد الدخول منه إلى حرم إمام من الأئمة عليهم‌السلام والان نبدأ في صفة الزيارة.

إعلم أنّ الاستئذان الخاص المأثور لدخول السرداب هو الزيارة الآتية التي مفتتحها :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيفَةَ اللهِ ، وتنتهي بالاستئذان ويزار بها على باب السرداب قبل النزول إليه وقد أورد السيد ابن طاووس (رض) استئذانا آخر (٢) يقرب من الاستئذان العام الأول الذي أوردناه في الفصل الثاني من باب الزيارات. وأورد العلامة المجلسي (رض) استئذانا آخر حكاه عن نسخة قديمة وأوّلها : اللّهُمَّ إِنَّ هذِهِ بُقْعَةٌ طَهَّرْتَها وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَها (٣) ... ، وهو ماعقبنا به الاستئذان العام المذكور فارجع إليه واستأذن به ثم انزل إلى السرداب وزره عليه‌السلام بما روي عنه نفسه الشريفة كما عن الشيخ الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج أنّه خرج من الناحية المقدسة إلى محمد الحميري بعد الجواب عن المسائل التي سألها : بِسْمِ الله

_________________

١ ـ إلّا ما يشاهد في الموضع المشهور في عصرنا باسم : بيت الأخباريين.

٢ ـ مصباح الزائر : ٤١٨.

٣ ـ البحار ١٠٢ / ١١٥.

٦٢٧

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا لاِمْرِهِ تعْقِلوُنَ وَلا مِنْ أَوْلِيائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِي النُّذُرُ السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ الله الصَّالِحِينَ. إذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى :

سَلامٌ عَلى آلِ يَّس ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا داعِيَ الله وَرَبَّانِيَّ آياتِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ الله وَدَيَّانَ دِينِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيفَةَ الله وَناصِرَ حَقِّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله وَدَلِيلَ إِرادَتِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا تالِيَ كِتابِ الله وَتَرْجُمانَهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ فِي آناءِ لَيْلِكَ وَأَطْرافِ نَهارِكَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَقِيَّةَ الله فِي أَرْضِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا مِيثاقِ الله الَّذِي أَخَذَهُ وَوَكَّدَهُ السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَعْدَ الله الَّذِي ضَمِنَهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها العَلَمُ المَنْصُوبُ وَالعِلْمُ المَصْبُوبُ وَالغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الواسِعَةُ وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِيْنَ تَقْعُدْ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَتُبَيِّنُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّيَ وَتَقْنُتُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَتَسْتَغْفِرُ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصْبِحُ وَتُمْسِي السَّلامُ عَلَيْكَ فِي اللَيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الإمام المَأْمُونُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها المُقَدَّمُ المَأْمُولُ السَّلامُ عَلَيْكَ بِجَوامِعِ السَّلامِ. أُشْهِدُكَ يا مَوْلايَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لاحَبِيبَ إِلاّ هُوَ وَأَهْلُهُ ، وَأُشْهِدُكَ يا مَوْلايَ (١) أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ المُوْمِنِينَ حُجَّتُهُ وَالحَسَنَ حُجَّتُهُ وَالحُسَيْنَ حُجَّتُهُ وَعَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ حُجَّتُهُ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَمُوسى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَعَلِيَّ بْنَ مُوسى حُجَّتُهُ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَعَلِيِّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَالحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ الله أَنْتُمْ الأوَّلُ وَالآخِرُ ، وَأَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقُّ لارَيْبَ فِيها يَوْمَ لايَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً ،

_________________

١ ـ وأشهدك أنّ عليّاً ـ خ ـ.

٦٢٨

وَأَنَّ المَوْتَ حَقُّ وَأَنَّ ناكِراً وَنَكِيراً حَقُّ وَأَشْهَدُ أَنَّ النَّشْرَ حَقُّ وَالبَعْثَ حَقُّ وَأَنَّ الصِّراطَ حَقُّ وَالمِرْصادَ حَقُّ وَالمِيزانَ حَقُّ وَالحَشْرَ حَقُّ وَالحِسابَ حَقُّ وَالجَنَّةَ حَقُّ وَالنَّارَ حَقُّ وَالوَعْدَ وَالوَعِيدَ بِهِما حَقُّ. يا مَوْلايَ شَقِيَ مَنْ خالَفَكَ وَسَعِدَ مَنْ أَطاعَكَ ؛ فَاشْهَدْ عَلى ماأَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَأَنا وَلِيُّ لَكَ بَرِيٌ مِنْ عَدُوِّكَ ، فَالحَقُّ مارَضَيْتُمُوهُ وَالباطِلُ ماأَسْخَطْتُمُوهُ وَالمَعْرُوفُ ماأَمَرْتُمْ بِهِ وَالمُنْكَرُ مانَهَيْتُمْ عَنْهُ فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِالله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَبِكُمْ يا مَوْلايَ أَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ وَنُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ وَمَوَدَّتِي خالِصَةٌ لَكُمْ آمِينَ آمِينَ.

الدعاء عقيب هذا القول (١) :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ وَكَلِمَةِ نُورِكَ وَأَنْ تَمْلا قَلْبِي نُورَ اليَّقِينِ وَصَدْرِي نُورَ الإيْمانِ وَفِكْرِي نُورَ النِّيَّاتِ وَعَزْمِي نُورَ العِلْمِ وَقُوَّتِي نُورَ العَمَلِ وَلِسانِي نُورَ الصِّدْقِ وَدِينِي نُورَ البَّصائِرِ مِنْ عِنْدِكَ وَبَصَرِي نُورَ الضِّياءِ وَسَمْعِي نُورَ الحِكْمَةِ وَمَوَدَّتِي نُورَ المُوالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ عليهم‌السلام ، حَتّى أَلْقاكَ وَقَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَمِيثاقِكَ فَتُغَشِّيَنِي رَحْمَتُكَ يا وَلِيُّ يا حَمِيدُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ (٢) حُجَتِّكَ فِي أَرْضِكَ وَخَلِيفَتِكَ فِي بِلادِكَ وَالدَّاعِي إِلى سَبِيلِكَ وَالقائِمِ بِقِسْطِكَ وَالثَّائِرِ بِأَمْرِكَ وَلِيِّ المُؤْمِنِينَ وَبَوارِ الكافِرِينَ وَمُجَلِّي الظُّلْمَةِ وَمُنِيرِ الحَقِّ وَالنَّاطِقِ بِالحِكْمَةِ وَالصِّدْقِ وَكَلِمَتِكَ التَّامَّةِ فِي أَرْضِكَ المُرْتَقِبِ الخائِفِ وَالوَلِيِّ النَّاصِحِ ، سَفِينَةِ النَّجاةِ وَعَلَمِ الهُدى وَنُورِ أَبْصارِ الوَرى وَخَيْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدى وَمُجَلِّي العَمى (٣) الَّذِي يَمْلاُ الاَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَابْنِ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ فَرَضْتَ طاعَتَهُمْ وَأَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ ،

_________________

١ ـ في المصدر : بسم الله الرحمن الرحيم.

٢ ـ محمّدٍ : خ.

٣ ـ الغمّاء ـ خ ـ.

٦٢٩

وَاذْهَبْتَ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً ، اللّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ لِدِينِكَ وَانْصُرْ بِهِ أَوْلِيائَكَ وَأَوْلِيائهُ وَشِيعَتَهُ وَأَنْصارَهُ وَاجْعَلْنا مِنْهُمْ ، اللّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ باغٍ وَطاغٍ وَمِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ وَاحْرُسْهُ وَامْنَعْهُ مِنْ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولُكَ وَآلَ رَسُولَكَ وَأَظْهِرْ بِهِ العَدْلَ وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ ناصِرِيهِ وَاخْذُلْ خاذِلِيهِ وَاقْصِمْ قاصِميهِ وَاقْصِمْ بِهِ جَبابِرَةَ الكُفْرِ وَاقْتُلْ بِهِ الكُفَّارَ وَالمُنافِقِينَ وَجَمِيعَ المُلْحِدِينَ حَيْثُ كانُوا مِنْ مَشارِقِ الاَرْضِ وَمَغارِبِها بَرِّها وَبَحْرِها ، وَأَمْلاْ بِهِ الأرْضَ عَدْلاً وَأظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَاجْعَلْنِي اللّهُمَّ مِنْ أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ وَأَتْباعِهِ وَشِيعَتِهِ ، وَأَرِنِي فِي آلِ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام مايَأْمَلُونَ وَفِي عَدُوِّهِمْ مايَحْذَرُونَ ؛ إِلهَ الحَقِّ آمِينَ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

زيارة أخرى منقولة عَنْ الكتب المعتبرة : قف على باب حرمه الشريف وَقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيفَةَ الله وَخَلِيفَةَ آبائِهِ المَهْدِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِيَّ الأَوْصِياء الماضِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا حافِظَ أَسْرارِ رَبِّ العالَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَقِيَّةَ الله مِنَ الصَّفْوَةِ المُنْتَجَبِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ الاَنْوارِ الزَّاهِرَةِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ الاَعْلامِ الباهِرَةِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ العِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ العُلُومِ النَّبَوِيَّةِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ الله الَّذِي لايُؤْتى إِلاّ مِنْهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَبِيلَ الله الَّذِي مِنْ سَلَكَ غَيْرَهُ هَلَكَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا ناظِرَ شَجَرَةِ طُوبى وَسِدْرَةِ المُنْتَهى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله الَّذِي لايُطْفى السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله الَّتِي لاتَخْفى السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله عَلى مَنْ فِي الاَرْضِ وَالسَّماء السَّلامُ عَلَيْكَ سَلامَ مَنْ عَرَفَكَ بِما عَرَّفَكَ بِهِ الله

_________________

١ ـ الاحتجاج ٢ / ٥٩١ ـ ٥٩٥ برقم ٣٥٨.

٦٣٠

وَنَعَتَكَ بِبَعْضِ نُعُوتِكَ الَّتِي أَنْتَ أَهْلُها وَفَوْقَها. أَشْهَدُ أَنَّكَ الحُجَّةُ عَلى مَنْ مَضى وَمَنْ بَقِيَ وَأَنَّ حِزْبَكَ هُمُ الغالِبُونَ وَأَوْلِيائَكَ هُمُ الفائِزُونَ وَأَعْدائَكَ هُمُ الخاسِرُونَ ، وَأَنَّكَ خازِنُ كُلِّ عِلْمٍ وَفاتِقُ كُلِّ رَتْقٍ وَمُحَقِّقُ كُلِّ حَقٍّ وَمُبْطِلُ كُلِّ باطِلٍ ؛ رَضَيْتُكَ يا مَوْلايَ إِماماً وَهادِيا وَوَلِيَّا وَمُرْشِداً لاأَبْتَغِي بِكَ بَدَلاً وَلا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِكَ وَلِيّاً ، أَشْهَدُ أَنَّكَ الحَقُّ الثَّابِتُ الَّذِي لاعَيْبَ فِيهِ وَأَنَّ وَعْدَ الله فِيكَ حَقُّ لاارْتِيابَ لِطُولِ الغَيْبَةِ وَبُعْدِ الاَمَدِ وَلا أَتَحَيَّرُ مَعَ مَنْ جَهِلَكَ وَجَهِلَ بِكَ ، مُنْتَظِرٌ مُتَوَقِّعٌ لأيّامِكَ وَأَنْتَ الشَّافِعُ الَّذِي لاتُنازَعُ وَالوَلِيُّ الَّذِي لاتُدافَعُ (١) ذَخَرَكَ الله لِنُصْرَةِ الدِّينِ وَإِعْزازِ المُؤْمِنِينَ وَالاِنْتِقامِ مِنْ الجاحِدِينَ المارِقِينَ. أَشْهَدُ أَنَّ بِوِلايَتِكَ تُقْبَلُ الأعْمالُ وَتُزَكّى الاَفْعالُ وَتُضاعَفُ الحَسَناتُ وَتُمْحى السَيِّئاتُ فَمَنْ جاءَ بِوِلايَتِكَ وَاعْتَرَفَ بِإِمامَتِكَ قُبِلَتْ أَعْمالُهُ وَصُدِّقَتْ أَقْوالُهُ وَتَضاعَفَتْ حَسَناتُهُ وَمُحِيَتْ سَيِّئاتُهُ ، وَمَنْ عَدَلَ عَنْ وِلايَتِكَ وَجَهِلَ مَعْرِفَتَكَ وَاسْتَبْدَلَ بِكَ غَيْرَكَ كَبَّهُ اللهُ عَلى مَنْخَرِهِ فِي النَّارِ وَلَمْ يَقْبَلِ الله لَهُ عَمَلاً وَلَمْ يُقِمْ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ وَزْنا أُشْهِدُ الله وَأُشْهِدُ مَلائِكَتَهُ وَأُشْهِدُكَ يا مَوْلايَ بِهذا ظاهِرُهُ كَباطِنِهِ وَسِرِّهِ كَعَلانِيَّتِهِ ، وَأَنْتَ الشَّاهِدُ عَلى ذلِكَ وَهُوَ عَهْدِي إِلَيْكَ وَمِيثاقِي لَدَيْكَ إِذْ أَنْتَ نِظامُ الدِّينِ وَيَعْسُوبُ المُتَّقِينَ وَعِزُّ المُوَحِّدِينَ وَبِذلِكَ أَمَرَنِي رَبُّ العالَمِينَ ، فَلَوْ تَطاوَلَتِ الدُّهُورُ وَتَمادَتِ الاَعْمارُ (٢) لَمْ أَزْدَدْ فِيكَ إِلاّ يَقِيناً وَلَكَ إِلاّ حُبّاً وَعَلَيْكَ إِلاّ مُتَّكَلاً وَمُعْتَمَداً (٣) وَلِظُهُورِكَ إِلاّ مُتَوَقِّعاً وَمُنْتَظِراً (٤) وَلِجِهادِي بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَرَقِّباً (٥) ؛ فَأَبْذُلْ نَفْسِي وَمالِي وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَجَمِيعَ ماخَوَّلَنِي رَبِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَالتَّصَرُّفَ بَيْنَ أَمْرِكَ وَنَهْيِكَ. مَوْلايَ فَإِنْ أَدْرَكْتُ أَيَّامَكَ الزَّاهِرَةَ وَأَعْلامَكَ الباهِرَةَ فَها

_________________

١ ـ لا ينازع ... لا يدافع ـ خ ـ.

٢ ـ الاعصار ـ خ ـ.

٣ ـ توكّلاً واعتماداً : خ.

٤ ـ توقّعاً وانتظاراً ـ خ ـ.

٥ ـ إلّا ترقّباً ـ خ ـ.

٦٣١

أَنا ذا عَبْدُكَ المُتَصَرِّفُ بَيْنَ أَمْرِكَ وَنَهْيِكَ أَرْجُو بِهِ الشَّهادَةَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَالفَوْزَ لَدَيْكَ ، مَوْلايَ فَإِنْ أَدْرَكَنِي المَوْتُ قَبْلَ ظُهُورِكَ فَإِنِّي أَتَوَسَّلُ بِكَ وَبِآبائِكَ الطَّاهِرِينَ إِلى الله تَعالى وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ يَجْعَلَ لِي كَرَّةً فِي ظُهُورِكَ وَرَجْعَةً فِي أَيّامِكَ لاَبْلُغَ مِنْ طاعَتِكَ مُرادِي وَأَشْفِي مِنْ أَعْدائِكَ فُؤادِي ، مَوْلايَ وَقَفْتُ فِي زِيارَتِكَ مَوْقِفَ الخاطِئِينَ النَّادِمِينَ الخائِفِينَ مِنْ عِقابِ رَبِّ العالَمِينَ وَقَدْ اتَّكَلْتُ عَلى شَفاعَتِكَ وَرَجَوْتُ بِمُوالاتِكَ وَشَفاعَتِكَ مَحْوَ ذُنُوبِي وَسَتْرَ عُيُوبِي وَمَغْفِرَةَ زَلَلِي ، فَكُنْ لِوَلِيِّكَ يا مَوْلايَ عِنْدَ تَحْقِيقِ أَمَلِهِ وَاسْأَلِ الله غُفْرانَ زَلَلِهِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِحَبْلِكَ وَتَمَسَّكَ بِوِلايَتِكَ وَتَبَرَّأَ مِنْ أَعْدائِكَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْجِزْ لِوَلِيِّكَ ماوَعَدْتَهُ ، اللّهُمَّ أظْهِرْ كَلِمَتَهُ وَأعْلِ دَعْوَتَهُ وَانْصُرْهُ عَلى عَدُوِّهِ وَعَدُوِّكَ يا رَبَّ العالَمِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاظْهِرْ كَلِمَتَكَ التَّامَّةَ وَمُغَيَّبَكَ فِي أَرْضِكَ الخائِفَ المُتَرَقِّبَ ، اللّهُمَّ انْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً ، اللّهُمَّ وَأَعِزَّ بِهِ الدِّينَ بَعْدَ الخُمُولِ وَأَطْلِعْ بِهِ الحَقَّ بَعْدَ الاُفُولِ وَأَجْلِ بِهِ الظُّلْمَةَ وَاكْشِفْ بِهِ الغُمَّةَ ، اللّهُمَّ وَآمِنْ بِهِ البِلادَ وَاهْدِ بِهِ العِبادَ ، اللّهُمَّ امْلاء بِهِ الاَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ. السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله إِئْذَنْ لِوَلِيِّكَ فِي الدُّخُولِ إِلى حَرَمِكَ صَلَواتُ الله عَلَيْكَ وَعَلى آبائِكَ الطَّاهِرِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ (١).

ثم ائت سرداب الغيبة وقف بين البابين ماسكا جانب الباب بيدك ثم تنحنح كالمستأذن وقل : بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وانزل بسكينة وحضور قلب وصل ركعتين في عرصة السرداب وقل :

الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَعَرَّفَنا أَوْلِيائَهُ وَأَعْدائَهُ وَوَفَّقَنا لِزِيارَةِ أَئِمَّتِنا ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ المُعانِدِينَ

_________________

١ ـ المزار الكبير : ٥٨٦ ـ ٥٨٩ ، البحار ١٠٢ / ١١٦ ـ ١١٨ عن المفيد والشهيد.

٦٣٢

النَّاصِبِينَ وَلا مِنَ الغُلاةِ المُفَوِّضِينَ وَلا مِنَ المُرْتابِينَ المُقَصِّرِينَ. السَّلامُ عَلى وَلِيِّ الله وَابْنَ أَوْلِيائِهِ السَّلامُ عَلى المُدَّخَر لِكَرامَةِ أَوْلِياء الله وَبَوارِ أَعْدائِهِ السَّلامُ عَلى النُّورِ الَّذِي أَرادَ أَهْلُ الكُفْرِ إِطْفأَهُ فَأَبى الله إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ بِكُرْهِهِمْ وَأَيَّدَهُ بِالحَياةِ حَتّى يُظْهِرَ عَلى يَدِهِ الحَقَّ بِرَغْمِهِمْ ، أَشْهَدُ أَنَّ الله اصْطَفاكَ صَغِيراً وَأَكْمَلَ لَكَ عُلُومَهُ كَبِيراً وَأَنَّكَ حَيُّ لاتَمُوتَ حَتّى تُبْطِلَ الجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وعَلى خُدَّامِهِ وَأَعْوانِهِ وَعَلى غَيْبَتِهِ وَنَأْيِهِ وَاسْتُرْهُ سَتْراً عَزِيزاً وَاجْعَلْ لَهُ مَعْقِلاً حَرِيزاً وَاشْدُدِ اللّهُمَّ وَطْأَتَكَ عَلى مُعانِدِيهِ وَاحْرُسْ مَوالِيهِ وَزائِرِيهِ ، اللّهُمَّ كَما جَعَلْتَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ مَعْمُوراً فَاجْعَلْ سِلاحِي بِنُصْرَتِهِ مَشْهُوراً ، وَإِنْ حالَ بَيْنِي وَبَيْنَ لِقائِهِ المَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْما وَأَقْدَرْتَ بِهِ عَلى خَلِيقَتِكَ رَغْما فَابْعَثْنِي عِنْدَ خُرُوجِهِ ظاهِراً مِنْ حُفْرَتِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي حَتّى أُجاهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّفِّ الَّذِي أَثْنَيْتَ عَلى أَهْلِهِ فِي كِتابِكَ فَقُلْتَ : (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (١). اللّهُمَّ طالَ الاِنْتِظارُ وَشَمُتَ مِنّا الفُجّارُ وَصَعُبَ عَلَيْنا الاِنْتِصارُ ، اللّهُمَّ أَرِنا وَجْهَ وَلِيِّكَ المَيْمُونَ فِي حَياتِنا وَبَعْدَ المَنُونِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدِينُ لَكَ بِالرَّجْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ صاحِبِ هذِهِ البُقْعَةِ الغَوْثَ الغَوْثَ يا صاحِبَ الزَّمانِ! قَطَعْتُ فِي وُصْلَتِكَ الخُلاّ نَ وَهَجَرْتُ لِزِيارَتِكَ الاَوْطانَ وَأَخْفَيْتُ أَمْرِي عَنْ أَهْلِ البُلْدانِ ، لِتَكُونَ شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي وَإِلى آبائِكَ وَمَوالِيَّ فِي حُسْنِ التَّوْفِيقِ لِي وَإسْباغِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ وَسَوْقِ الاِحْسانِ إلى ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَصْحابِ الحَقِّ وَقادَةِ الخَلْقِ وَاسْتَجِبْ مِنِّي مادَعَوْتُكَ وَأَعْطِنِي مالَمْ أَنْطِقْ بِهِ فِي دُعائِي مِنْ صَلاحِ دِينِي وَدُنْيايَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ.

ثم ادخل الصّفة فصل ركعتين وقل :

اللّهُمَّ عَبْدُكَ الزَّائِرُ فِي فَناءِ وَلِيِّكَ المَزُورِ الَّذِي فَرَضْتَ طاعَتَهُ عَلى العَبِيدِ وَالاَحْرارِ ،

_________________

١ ـ الصف : ٦١ / ٤.

٢ ـ بنا : خ.

٦٣٣

وَأَنْقَذْتَ بِهِ أَوْلِياءَكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْها زِيارَةً مَقْبُولَةً ذاتَ دُعاءٍ مُسْتَجابٍ مِنْ مُصَدِّقٍ بِوَلِيِّكَ غَيْرِ مُرْتابٍ ، اللّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ بِهِ وَلا بِزِيارَتِهِ وَلاتَقْطَعْ أَثَرِي مِنْ مَشْهَدِهِ وَزِيارَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ ، اللّهُمَّ أَخْلِفْ عَلَيَّ نَفَقَتِي وَانْفَعْنِي بِما رَزَقْتَنِي فِي دُنْيايَ وَآخِرَتِي لِي وَلاِخْوانِي وَأَبَوَيَّ وَجَمِيعِ عُتْرَتِي أَسْتَوْدِعُكَ الله أَيُّها الإمام الَّذِي يَفُوزُ بِهِ المُؤْمِنُونَ وَيَهْلِكُ عَلى يَدَيْهِ الكافِرُونَ المُكَذِّبُونَ يا مَوْلايَ يا أبْنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ جِئْتُكَ زائِراً وَلاَبِيكَ وَجَدِّكَ مُتَيَقِّنا الفَوْزَ بِكُمْ مُعْتَقِداً إِمامَتَكُمْ ، اللّهُمَّ اكْتُبْ هذِهِ الشَّهادَةَ وَالزِّيارَةَ لِي عِنْدَكَ فِي عِلِّيِّينَ وَبَلِّغْنِي بَلاغَ الصَّالِحِينَ وَانْفَعْنِي بِحُبِّهُمْ يا رَبَّ العالَمِينَ (١).

زيارة أخرى : وهي مارواها السيّد ابن طاووس ، تقول :

السَّلامُ عَلى الحَقِّ الجَدِيدِ وَالعالِمِ الَّذِي عِلْمُهُ لايَبِيدُ السَّلامُ عَلى مُحْيي المُؤْمِنِينَ وَمُبِيرِ الكافِرِينَ السَّلامُ عَلى مَهْدِيِّ الاُمَمِ وَجامِعِ الكَلِمِ السَّلامُ عَلى خَلَفِ السَّلَفِ وَصاحِبِ الشَّرَفِ ، السَّلامُ عَلى حُجَّةِ المَعْبُودِ وَكَلِمَةِ المَحْمُودِ السَّلامُ عَلى مُعِزِّ الأوْلِياء وَمُذِلَّ الأعداء السَّلامُ عَلى وَارِثِ الأنْبِياءِ وَخاتَمِ الأوْصِياءِ ، السَّلامُ عَلى القائِمِ المُنْتَظَرِ وَالعَدْلِ المُشْتَهَرِ السَّلامُ عَلى السَّيْفِ الشَّاهِرِ وَالقَمَرِ الزَّاهِرِ وَالنُّورِ الباهِرِ (٢) ، السَّلامُ عَلى شَمْسِ الظَّلامِ وَبَدْرِ (٣) التَّمامِ السَّلامُ عَلى رَبِيعِ الأنامِ وَنَضْرَةِ (٤) الأيّامِ السَّلامُ عَلى صاحِبِ الصَّمْصامِ وَفَلا قِ الهامِ ، السَّلامُ عَلى الدِّينِ المَأْثُورِ وَالكِتابِ المَسْطُورِ السَّلامُ عَلى بَقِيَّةِ الله فِي بِلادِهِ وَحُجَّتِهِ عَلى عِبادِهِ المُنْتَهى إِلَيْهِ مَوارِيثُ الأَنْبِياءِ وَلَدَيْهِ مَوْجُودٌ آثارُ الأصْفِياء ، السلام على (٥) المُؤْتَمَنِ

_________________

١ ـ مصباح الزائر : ٤٤٤ ـ ٤٤٦ ، الزيارة السادسة.

٢ ـ والنور الباهر ـ خ ـ.

٣ ـ والبدر ـ خ ـ.

٤ ـ وفطرة ـ خ ـ.

٥ ـ السلام على : خ.

٦٣٤

عَلى السِّرِّ وَالوَلِيِّ لِلاَمْرِ السَّلامُ عَلى المَهْدِيِّ الَّذِي وَعَدَ الله عَزَّوَجَّل بِهِ الاُمَمَ أَنْ يَجْمَعَ بِهِ الكَلِمَ وَيَلُمَّ بِهِ الشَّعَثَ وَيَمْلأَ بِهِ الاَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً وَيُمَكِّنَ لَهُ وَيُنْجِزَ بِهِ وَعْدَ المُؤْمِنِينَ. أَشْهَدُ يا مَوْلايَ أَنَّكَ وَالأَئِمَّةِ مِنْ آبائِكَ أَئِمَّتِي وَمَوالِيَّ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الاَشْهادُ ، أَسْأَلُكَ يا مَوْلايَ أَنْ تَسْأَلَ الله تَبارَكَ وَتَعالى فِي صَلاحِ شَأْنِي وَقَضاء حَوائِجِي وَغُْفرانِ ذُنُوبِي وَالاَخْذِ بِيَدِي فِي دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي لِي وَلاِخْوانِي وَأَخَواتِي المُؤْمِنِينَ وَالمُوْمِناتِ كافَّةً إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

ثم صلّ صلاة الزيارة بما قدمناه ، أي اثنتي عشرة ركعة ، تسلّم بعد كل ركعتين منها ، وتسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام ، واهدها إليه عليه‌السلام فإذا فرغت من صلاة الزيارة فقل :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ فِي أَرْضِكَ وَخَلِيفَتِكَ فِي بِلادِكَ الدَّاعِي إِلى سَبِيلِكَ وَالقائِمِ بِقِسْطِكَ وَالفائِزِ بِأَمْرِكَ وَلِيِّ المُؤْمِنِينَ وَمُبِيرِ الكافِرِينَ وَمُجَلِّي الظُّلْمَةِ وَمُنِيرِ الحَقِّ وَ (١) الصَّادِعِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَالصِّدْقِ ، وَكَلِمَتِكَ وَعَيْبَتِكَ وَعَيْنِكَ فِي أَرْضِكَ المُتَرَقِّبِ الخائِفِ الوَلِيِّ النَّاصِحِ سَفِينَةِ النَّجاةِ وَعَلَمِ الهُدى وَنُورِ أَبْصارِ الوَرى وَخَيْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدى وَالوِتْرِ المَوْتُورِ وَمُفَرِّجِ الكَرْبِ وَمُزِيلِ الهَمِّ وَكاشِفِ البَلْوى ، صَلَواتُ الله عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ الأَئِمَّةِ الهادِينَ وَالقادَةِ المَيامِينَ ماطَلَعَتْ كَواكِبُ الأسحارِ وَأَوْرَقَتِ الاَشْجارِ وَأَيْنَعَتْ الاَثْمارِ وَأَخْتَلَفَ اللَيْلُ وَالنَّهارُ وَغَرَّدَتِ الاَطْيارُ ، اللّهُمَّ انْفَعْنا بِحُبِّهِ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ وَتَحْتَ لِوائِهِ إِلهَ الحَقِّ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.

الصلاة عليه عليه‌السلام :

اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ الحَسَنِ وَوَصِيِّهِ وَوارِثِهِ القائِمِ

_________________

١ ـ من قوله : بقسطك الى هنا في نسخة.

٦٣٥

بأَمْرِكَ وَالغائِبِ فِي خَلْقِكَ وَالمُنْتَظِرِ لاِذْنِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَقَرِّبْ بُعْدَهُ وَأَنْجِزْ وَعْدَهُ وَأَوْفِ عَهْدَهُ وَاكْشِفْ عَنْ بَأسِهِ حِجابَ الغَيْبَةِ وَأَظْهِرْ بِظُهُورِهِ صَحائِفَ المحْنَةِ ، وَقَدِّمْ أَمامَهُ الرُّعْبَ وَثَبِّتْ بِهِ القَلْبَ وَأَقِمْ بِهِ الحَرْبَ وَأَيِّدْهُ بِجُنْدٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ وَسَلِّطْهُ عَلى أَعْداء دِينِكَ أَجْمَعِينَ ، وَأَلْهِمْهُ أَنْ لايَدَعَ مِنْهُمْ رُكْناً إِلاّ هَدَّهُ وَلا هَاماً إِلاّ قَدَّهُ وَلا كَيْداً إِلاّ رَدَّهُ وَلا فاسِقاً إِلاّ حَدَّهُ وَلا فِرْعَوْنَ إِلاّ أَهْلَكَهُ وَلا سِتْراً إِلاّ هَتَكَهُ وَلا عَلَماً إِلاّ نَكَّسَهُ وَلا سُلْطاناً إِلاّ كَسَبَهُ وَلا رُمْحاً إِلاّ قَصَفَهُ وَلا مِطْرَداً (١) إِلاّ خَرَقَهُ وَلاجُنْداً إِلاّ فَرَّقَهُ وَلا مِنْبَراً إِلاّ أَحْرَقَهُ وَلا سَيْفاً إِلاّ كَسَرَهُ وَلا صَنَماً إِلاّ رَضَّهُ وَلادَماً إِلاّ أَراقَهُ وَلا جَوْراً إِلاّ أَبادَهُ وَلا حِصْناً إِلاّ هَدَمَهُ وَلا باباً إِلاّ رَدَمَهُ وَلا قَصْراً إِلاّ خَرَّبَهُ (٢) وَلا مَسْكَناً إِلاّ فَتَّشَهُ وَلا سَهْلاً إِلاّ أَوْطَأَهُ وَلا جَبَلاً إِلاّ صَعِدَهُ وَلا كَنْزاً إِلاّ أَخْرَجَهُ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٣).

أقول : أورد المفيد الزيارة السالفة التي أولها : الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ .... ثم قال : روي بطريق آخر تقول عند نزول السرداب : السَّلامُ عَلى الحَقِّ الجَدِيدِ ، فأورد الزيارة إلى موضع صلاتها ثم قال : ثم تصلي صلاة الزيارة اثنتي عشرة ركعة كل ركعتين بتسليمة ثم تدعو بعدها بالدعاء المروي عنه عليه‌السلام وهو : اللّهُمَّ عَظُمَ البَلاُء وَبَرِحَ الخَفاءُ وَانْكَشَفَ الغِطاءُ وَضاقَتِ الاَرْضُ وَمُنِعَتِ السَّماء وَإِلَيْكَ يا رَبِّ المُشْتَكى وَعَلَيْكَ المُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الَّذِينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ فَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ ، فَرِّجْ عَنَّا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً كَلَمْحِ البَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ ذلِكَ يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ انْصُرانِي فَإِنَّكُما ناصِرانَ وَاكْفِيانِي فَإِنَّكُما كافِيانَ ، يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ الغَوْثَ الغَوْثَ الغَوْثَ أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي

_________________

١ ـ المطرد : الرمح الصغير.

٢ ـ أخربه ـ خ ـ.

٣ ـ مصباح الزائر : ٤٤١ ـ ٤٤٣ ، الزيارة الخامسة.

٦٣٦

أَدْرِكْنِي (١).

أقول : هذا دعاء شريف وينبغي أن يكرر الدّعاء به في ذلك الحرم الشريف وفي غيره من الأماكن. ونحن قد أثبتناه في الباب الأول باختلاف يسير.

الزيارة الاُخِرى : ما رواه السيد ابن طاووس قال : صلّ ركعتين وقل بعدها : سَلامُ الله الكامِلُ التَّامُّ الشَّامِلُ ... الخ (٢). ونحن قد أثبتناها في الفصل السابع من الباب الأول تحت عنوان الاستغاثة به عليه‌السلام نقلاً عن كتاب الكلم الطيب فراجعها هناك ص ١٧٦.

أقول : أفرد السيد ابن طاووس في كتاب مصباح الزائر فصلاً لاعمال السرداب المقدس فأثبت فيه ست زيارات ثم قال : ويلحق بهذا الفصل دعاء الندبة وما يزار به مولانا صاحب الأمر عليه‌السلام في كل يوم بعد فريضة الفجر وهي السابعة من الزيارات ، ودعاء العهد الذي أُمرنا بتلاوته في زمان الغيبة ومايدعى به عند إرادة الخروج من ذلك الحرم الشّريف. ثم بداً في ذكر هذه الأمور الأربعة ونحن نتابعه في هذا الكتاب المبارك بذكر تلك الأمور :

الأمر الأول : دعاء الندبة : ويستحب أن يدعى به في الأعياد الأربعة (أي عيد الفطر والأضحى والغدير ويوم الجمعة) وهو :

الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ وَصَلّى الله عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسليماً ، اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ عَلى ماجَرى بِهِ قَضاؤُكَ فِي أَوْلِيائِكَ الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ إِذْ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ ماعِنْدَكَ مِنَ النَّعيمِ المُقيمِ الَّذِي لا زَوالَ لَهُ وَلا اضْمِحْلالَ ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنيا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرجِها ، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الوَفاءَ بِهِ فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ العَلِيَّ وَالثَّناءَ الجَلِيَّ وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ وَكَرَّمْتَهُم بِوَحْيِكَ وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرِيعَةَ (٣) إِلَيْكَ وَالوَسِيلَةَ إِلى رِضْوانِكَ فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إِلى أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنها ، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ (٤) آمَنَ مَعَهُ مِنَ الهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ

_________________

١ ـ رواه المفيد كما في البحار ١٠٢ / ١١٩.

٢ ـ مصباح الزائر : ٤٣٥.

٣ ـ الذّرائع ـ خ ـ.

٤ ـ مع من ـ خ ـ.

٦٣٧

خَلِيلاً وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الآخِرينَ فَأَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً ، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِداً وَوَزِيراً ، وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنَ غَيْرِ أَبٍ وَآتَيْتَهُ البَيِّناتِ وَأيَّدْتَهُ بِرُوحِ القُدُسِ ، وَكُلٌ (١) شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياء (٢) مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ مِنْ مُدَّةٍ إِلى مُدَّةٍ إِقامَةً لِدِينِكَ وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ ، وَلِئَلا يَزُولَ الحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الباطِلُ عَلى أَهْلِهِ وَلا (٣) يَقُولَ أَحَدٌ لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى ، إِلى أَنْ إِنْتَهَيْتَ بِالأَمْرِ إِلى حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله فَكانَ كَما انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ وصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ. قَدَّمْتَهُ عَلى أَنْبِيائِكَ وَبَعَثْتَهُ إِلى الثَّقَلَينِ مِنْ عِبادِكَ وَأَوْطأْتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ وَسَخَّرْتَ لَهُ البُراقَ وَعرَجْتَ بِرُوحِهِ (٤) إِلى سَمائِكَ وَأوْدَعْتَهُ عِلْمَ ماكانَ وَمايَكُونُ إِلى انْقَضاء خَلْقِكَ ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرائِيلَ وَمِيكائِيلَ وَالمُسَوِّمِينَ مِن مَلائِكَتِكَ وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ، وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ (أَوَّلَ بَيْتٍ وَُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٥) ، وَقُلْتَ : (إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٦). ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتابِكَ فَقُلْتَ : (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبى) (٧) ، وَقُلْتَ : (ماسَأَلْتُكُمْ مِنْ أجْرٍ فَهُو لَكُمْ) (٨) ، وَقُلْتَ : (ما أسْأَلُكُمْ

_________________

١ ـ وكّلا ـ خ ـ.

٢ ـ أوصياءه ـ خ ـ.

٣ ـ ولئلّا ـ خ ـ.

٤ ـ وعرجت به ـ خ ـ.

٥ ـ آل عمران : ٣ / ٩٦ و ٩٧.

٦ ـ الاحزاب : ٣٣ / ٣٣.

٧ ـ الشورى : ٤٢ / ٢٣.

٨ ـ سبأ : ٣٤ / ٤٧.

٦٣٨

عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاّ مَنْ شاءَ أنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (١) ؛ فَكانُوا هُمُ السَّبِيلَ إِلَيْكَ وَالمَسْلَكَ إِلى رِضْوانِكَ. فَلَمّا انْقَضَتْ أَيّامُهُ أَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً إِذْ كانَ هُوَ المُنْذِرَ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ، فَقالَ وَالمَلاَ أَمامَهُ : مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيُّ مَوْلاهُ ، اللّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ، وَقالَ : مَنْ كُنْتُ أَنا نَبِيَّهُ فَعَلِيُّ أَمِيرُهُ ، وَقَالَ : أَنَا وَعَلِيُّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَسائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتّى. وَأَحَلَّهُ مَحلَّ هارُونَ مِنْ مُوسى فَقالَ لَهُ : أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى إِلاّ أَنَّهُ لانَبِيَّ بَعْدِي ، وَزَوَّجَهُ إِبْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ ، وَأحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ ، وَسَدَّ الابْوابَ إِلاّ بابَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ فَقالَ : أَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعَلِيُّ بابُها فَمَنْ أَرادَ المَدِينَةَ وَالحِكْمَةَ فَلْيَأْتِها مِنْ بابِها. ثُمَ قالَ : أَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَارِثِي ، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي وَدَمُكَ مِنْ دَمِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي وَحَرْبُكَ حَرْبِي ، وَالإيْمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَما خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي ، وَأَنْتَ غَداً عَلى الحَوْضِ خَلِيفَتِي وَأَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَتُنْجِزُ عِداتِي ، وَشِيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وَُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الجَنَّةِ وَهُمْ جِيرانِي ، وَلَوْلا أَنْتَ يا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ المُؤْمِنُونَ بَعْدِي. وَكانَ بَعْدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ وَنُوراً مِنَ العَمى وَحَبْلَ الله المَتِينَ وَصِراطَهُ المُسْتَقِيمَ لايُسْبَقُ بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ وَلا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ وَلا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ ، يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلّى الله عَلَيْهِما وَآلِهِما وَيُقاتِلُ عَلى التَأوِيلِ وَلا تَأخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لائِمٍ ؛ قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَناديدَ العَرَبِ وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ وَناوَشَ (٢) ذُؤْبانَهُمْ فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ ، فَأَضَبَّتْ (٣) عَلى عَداوَتِهِ وَأَكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ حَتى قَتَلَ

_________________

١ ـ الفرقان : ٢٥ / ٥٧.

٢ ـ وناهش ـ خ ـ.

٣ ـ فأصنّت ، فأصنَّ ـ خ ـ.

٦٣٩

النَّاكِثِينَ وَالقاسِطِينَ وَالمارِقِينَ. وَلَمَّا قَضى نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقى الآخِرينَ يَتْبَعُ أَشْقَى الأوّلِينَ (١) لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فِي الهادِينَ بَعْدَ الهادِينَ ، وَالاُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقْتِهِ مُجْتَمِعَةٌ عَلى قَطِيعَةِ رَحِمِهِ وَإِقْصاءِ وُلْدِهِ إِلاّ القَلِيلَ مِمَّنْ وَفى لِرِعايَةِ الحَقِّ فِيهِمْ ، فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ وَجَرى القَضاء لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ المَثُوبَةِ ، إِذْ كانَتِ الارْضُ للهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَسُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً وَلَنْ يُخْلِفَ الله وَعْدَهُ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ. فَعَلى الاطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلّى الله عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْكِ الباكُونَ وَإِيّاهُمْ فَليَنْدُبِ النّادِبُونَ وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ (٢) الدُّمُوعُ وَلِيَصْرُخِ الصارِخُونَ وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ وَيَعِجَّ العاجُّونَ! أَيْنَ الحَسَنُ أَيْنَ الحُسَيْنُ أَيْنَ أَبْناءُ الحُسَيْنِ؟ صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ! أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ أَيْنَ الخِيَرَةُ بَعْدَ الخِيَرَةِ؟ أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ؟ أَيْنَ الاَقْمارُ المُنِيرَةُ؟ أَيْنَ الاَنْجُمُ الزّاهِرَةُ؟ أَيْنَ أَعْلامُ الدِّينِ وَقَواعِدُ العِلْمِ؟ أَيْنَ بَقِيَّةُ الله الَّتِي لاتَخْلُو مِنَ العِتْرَةِ الهادِيَةِ؟ أَيْنَ المُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ؟ أَيْنَ المُنَتَظَرُ لاِقامَةِ الاَمْتِ وَالعِوَجِ (٣)؟ أَيْنَ المُرْتَجى لاِزالَةِ الجَوْرِ وَالعُدْوانِ؟ أَيْنَ المُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الفَرائِضِ وَالسُّنَنِ؟ أَيْنَ المُتَخَيَّرُ (٤) لاِعادَةِ المِلَّةِ وَالشَّرِيعَةِ؟ أَيْنَ المُؤَمَّلُ لاِحْياءِ الكِتابِ وَحُدُودِهِ؟ أَيْنَ مُحْيِي مَعالِمِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ؟ أَيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ المُعْتَدِينَ؟ أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِرْكِ وَالنِّفاقِ؟ أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الفُسُوقِ وَالعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ؟ أَيْنَ حاصِدُ فُروعِ الغَيِّ وَالشِّقاقِ (٥) أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغ‌ِ وَالاَهْواءِ؟ أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلَ الكِذْبِ وَالاِفْتِراءِ؟ أَيْنَ مُبِيدُ العُتاةِ وَالمَرَدَةِ؟ أَيْنَ مُسْتَأصِلُ أَهْلِ العِنادِ وَالتَّضْلِيلِ

_________________

١ ـ وقتله أشقى الاشقياء من الاولين والاخرين ـ خ ـ.

٢ ـ فلتدرّ.

٣ ـ الامت والعوج : بمعنى واحد.

٤ ـ المتّخذ ـ خ ـ.

٥ ـ والنفاق ـ خ ـ.

٦ ـ الكذب ـ خ ـ.

٦٤٠