مفاتيح الجنان

الشيخ عباس القمي

مفاتيح الجنان

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤

أعمال مسجد السهلة

فمن المسنون فيه الصلاة ركعتين بين العشائين عن الصادق عليه‌السلام ماصلاها مكروب ودعا الله إِلاّ فرج الله كربته (١). وعن بعض كتب الزيارة أنه إذا أردت أن تدخل المسجد فقف على الباب وقل :

بِسْمِ الله وَبِالله وَمِنَ الله وَإِلىالله وَماشاءَ الله وَخَيْرُ الاَسَّماء للهِ تَوَكَّلْتُ عَلى الله وَلاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ عُمَّارِ مَساجِدِكَ وَبُيُوتِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجِي فَاجْعَلْنِي ، اللّهُمَّ بِهِمْ عِنْدَكَ وَجِيها في الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْ صَلاتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً وَذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً وَرِزْقِي بِهِمْ مَبْسُوطاً وَدُعائِي بِهِمْ مُسْتَجاباً وَحَوائِجِي بِهِمْ مَقْضِيَّةً ، وَانْظُرْ إلى بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ نَظْرَةً رَحِيمَةً أسْتَوْجِبُ بِها الكَرامَةَ عِنْدَكَ ثُمَّ لاتَصْرِفْهُ عَنِّي أَبَداً بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالاَبْصارِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ وَدِينِ نَبِيِّكَ وَوَلِيِّكَ وَلا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهّابُ ، اللّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَمَرْضاتَكَ طَلَبْتُ وَثَوابَكَ ابْتَغَيْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ فَأقْبِلْ بِوَجْهِكَ إلى وَأَقْبِلْ بِوَجْهِي إِلَيْكَ. ثم اقرأ آية الكرسي والمعوّذتين وسبّح الله ... سبع مرّات واحمده سبعاً وهلّل سبعاً وكبّر سبعاً ، أي كرّر كلّ جملة من : سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ سبع مرات. ثم قل : اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلى ماهَدَيْتَنِي وَلَكَ الحَمْدُ عَلى مافَضَّلْتَنِي وَلَكَ الحَمْدُ عَلى ماشَرَّفْتَنِي وَلَكَ الحَمْدُ عَلى كُلِّ بَلاءٍ حَسَنٍ ابْتَلَيْتَنِي ، اللّهُمَّ تَقَبَّلْ صَلاتِي وَدُعائِي وَطَهِّرْ قَلْبِي وَاشْرَحْ لِي صَدْرِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ (٢).

_________________

١ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ٣٨ ح ٢١ من باب ١٠ مع مغايرة لفظيّة.

٢ ـ عمدة الزائر للسيد حيدر الحسيني الكاظمي : ١٢٦ ـ ١٢٧.

٥٠١

وقال السيد ابن طاووس (رض) : إذا أردت أن تمضي إلى السهلة فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الآخِرة من ليلة الأَربعاء وهو أفضل من غيره من الأوقات. فإذا أتيته فصلّ المغرب ونافلتها ثم قم فصلّ ركعتين تحية المسجد قربة إلى الله تعالى فإذا فرغت فارفع يديك إلى السماء وقل :

أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مُبْدِيُ الخَلْقِ وَمُعِيدُهُمْ وَأَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ خالِقُ الخَلْقِ وَرازِقُهُمْ وَأَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ القابِضُ الباسِطُ وَأَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مُدَبِّرَ الاُمُورِ وَباعِثَ مَنْ فِي القُبُورِ أَنْتَ وَارِثُ الأَرضِ وَمَنْ عَلَيْها ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المَخْزُونِ المَكْنُونِ الحَيِّ القَيُّومِ وَأَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ عالِمُ السِّرِّ وَأَخْفى ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ أَجِبْتَ وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ ، وأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَبِحَقِّهِمْ الَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ لِي حاجَتِي السَّاعَةَ السَّاعَةَ ، يا سامِعَ الدُّعاءِ يا سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ يا غِياثاهُ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَو اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عَلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَنا السَّاعَةَ يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالاَبْصارِ يا سَمِيعَ الدُّعاءِ. ثم اسجد واخشع وادع الله بما تريد ثم صلّ في الزاوية الغربية الشمالية ركعتين وهي موضع دار إبراهيم الخليل عليه‌السلام حيث كان يذهب منها إلى قتال العمالقة فإذا فرغت من الصلاة فسبح ثم قل بعد ذلك : اللّهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ البُقْعَةِ الشَّرِيفَةِ وَبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيها قَدْ عَلِمْتَ حَوائِجِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْضِها ، وَقَدْ أَحْصَيْتَ ذُنُوبِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْها ، اللّهُمَّ أَحْيِنِي ماكانَتْ (١) الحَياةُ خَيْراً لِي وَأَمِتْنِي (٢) إِذا كانَتِ الوَفاةُ خَيْراً لِي عَلى مُوالاةِ أَوْلِيائِكَ وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ وَافْعَلْ بِي ماأَنْتَ أَهْلُهُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. ثم تصلي ركعتين في الزاوية الغربية الآخِرى التي هي في سمت القبلة. ثم ترفع يديك فتقول :

_________________

١ ـ ما اذا كانت ـ خ ـ.

٢ ـ وتوفّني ـ خ ـ.

٥٠٢

اللّهُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ هذِهِ الصَّلاةَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ وَطَلَبَ نائِلِكَ وَرَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلْها مِنِّي بِأَحْسَنِ قَبُولٍ وَبَلِّغْنِي بِرَحْمَتِكَ المَأْمُولَ وَافْعَلْ بِي ماأَنْتَ أَهْلُهُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. ثم أهو إلى السجود وضع خدّيك على التراب ثم امض إلى الزاوية الشرقية فصلّ ركعتين وابسط يديك وقل :

اللّهُمَّ إِنْ كانَتْ الذُّنُوبُ وَالخَطايا قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِي عِنْدَك فَلَمْ تَرْفَعْ لِي إِلَيْكَ صوَتا وَلمْ تَسْتَجِبْ لِي دَعْوَةً ، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَ يا الله فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَكَ أَحَدٌ وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُقْبِلَ إلىَّ (١) بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ وَتُقْبِلَ بِوَجْهِي إِلَيْكَ (٢) وَلاتُخَيِّبْنِي حِينَ أَدْعُوَك وَلاتَحْرِمْنِي حِينْ أَرْجُوكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٣).

أقول : نقل عن كتاب غير معروف من كتب الزيارات أنّه : ثم تمضي إلى الزاوية الشرقية الآخِرى وتصلي هناك ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ يا الله أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ خَيْرَ عَمَلِي آخِرَهُ وَخَيْرَ أَعْمالِي خَواتِيمَها وَخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقاكَ فِيهِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ ، اللّهُمَّ تَقَبَّلْ دُعائِي وَاسْمَعْ نَجْوايَ يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ يا قادِرُ يا قاهِرُ يا حَيّاً (٤) لايَمُوتُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَلا تَفْضَحْنِي عَلى رُؤُوسِ الاَشْهادِ وَاحْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لاتَنامُ وَارْحَمْنِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلى الله عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ يا رَبَّ العالَمِينَ (٥). ثم تصلّي في البيت الذي في وسط المسجد ركعتين وتقول : يا مَنْ هُوَ (٦) أَقْرَبُ إلى مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ يا فَعَّالاً لِما يُرِيدُ يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَحُلْ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَنْ

_________________

١ ـ عليَّ ـ خ ـ.

٢ ـ إليك : خ.

٣ ـ مصباح الزائر : ١٠٥ ـ ١٠٦.

٤ ـ يا حيُّ ـ خ ـ.

٥ ـ عمدة الزائر للكاظمي : ١٣١.

٦ ـ من هو : خ.

٥٠٣

يؤُذْيِنا بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، يا كافِياً (١) مِنْ كُلِّ شَيٍْ وَلايَكْفِي مِنْهُ شَيٌْ اكْفِنا المُهِمَّ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا وَالآخِرةِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. ثم ضع جانبي وجهك على التراب (٢).

أقول : هذه البقعة الشريفة تعرف في العصر الحاضر بمقام الإمام زين العابدين عليه‌السلام وقال في كتاب (المزار القديم) : إنّه يدعى فيها بعد الصلاة ركعتين بدعاء : اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا مَنْ لاتَراهُ العُيُون ... الخ ، والدعاء قد سلف في أعمال دكة باب أمير المؤمنين عليه‌السلام في مسجد الكوفة فراجعه هناك. ويقرب من هذه البقعة موضع يعرف بمقام المهدي عليه‌السلام ، ومن المناسب فيه زيارته عليه‌السلام ، ونقل عن بعض كتب الزيارات أنّه ينبغي أن يزور الزائر هنا قائماً على قدميه بهذه الزيارة : سَلامُ الله الكامِلُ التَّامُّ الشَّامِلُ ... الخ ، وهذه هي الاستغاثة السالفة في الفصل السابع من الباب الأول من الكتاب نقلا عن كتاب (الكلم الطيب) فلا نعيدها وقد عدّها السيد ابن طاووس من الزيارات التي يزار بها في السرداب المقدّس بعد الصلاة ركعتين (٣).

الصلاة والدعاء في مسجد زيد (رض)

ثم تمضي إلى مسجد زيد القريب من مسجد السهلة فتصلي فيه ركعتين وتبسط يديك وتقول :

إِلهِي قَدْ مَدَّ إِلَيْكَ الخاطِيُ المُذْنِبُ يَدَيْهِ بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِكَ إِلهِي قَدْ جَلَسَ المُسِيُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُقِراً لَكَ بِسُوءِ عَمَلِهِ وَراجِياً مِنْكَ الصَّفْحَ عَنْ زَلَلِهِ ، إِلهِي قَدْ رَفَعَ إِلَيْكَ الظَّالِمُ كَفَّيْهِ راجِياً لِما لَدَيْكَ فَلا تُخَيِّبْهُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ فَضْلِكَ ، إِلهِي قَدْ جَثاً العائِدُ إِلى المَعاصِي بَيْنَ يَدَيْكَ خائِفاً مِنْ يَوْمٍ تَجْثُو فِيهِ الخَلائِقُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، إِلهِي جأَكَ العَبْدُ الخاطِيُ فَزِعاً مُشْفِقاً وَرَفَعَ إِلَيْكَ طَرْفَهُ حَذِراً راجِياً وَفاضَتْ عَبْرَتُهُ مُسْتَغْفِراً نادِماً ، وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ ما أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخالَفَتَكَ وَماعَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَأَنا بِكَ جاهِلٌ وَلا لِعِقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَلا لِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٌ ، وَلكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي وَأَعانَتْنِي عَلى ذلِكَ شِقْوَتِي ،

_________________

١ ـ يا كافي ـ خ ـ.

٢ ـ مصباح الزائر : ١٠٦.

٣ ـ مصباح الزائر : ٤٣٥.

٥٠٤

وَغَرَّنِي سِتْرُكَ المُرْخى عَلَيَّ ، فَمِنَ الانَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي وَبِحَبْلِ مَنْ أَعْتَصِمُ إِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي؟! فَيا سَوْأَتاهُ غَداً مِنَ الوُقُوف (١) بَيْنَ يَدَيْكَ إِذا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ جُوزُوا وَلِلْمُثْقِلِينَ حُطُّوا! أَفَمَعَ المُخِفِّينَ أَجُوُزُ أَمْ مَعَ المُثْقِلِينَ أَحُطُّ؟ وَيْلِي كُلَّما كَبُرَ سِنِّي كَثُرَتْ ذُنُوبِي! وَيْلِي كُلَّما طالَ عُمْرِي كَثرَتْ مَعاصِيَّ! فَكَمْ أَتُوبُ وَكَمْ أَعُودُ؟ أَما آنَ لِي أَنْ أَسْتَحْيِي مِنْ رَبِّي؟ اللّهُمَّ فَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ إِغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢) وَخَيْرَ الغافِرِينَ. ثم ابكِ وضع وجهك على التراب وقل : رْحَمْ مَنْ أَساءَ وَاقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ. ثم ضع خدك الأيمن وقل : إِنْ كُنْتُ بِئْسَ العَبْدُ فَأَنْتَ نِعْمَ الرَّبُّ. ثم ضع خدّك الأيسر وقل : عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يا كَرِيمُ. ثم عد إلى السجود وقل : العَفْوَ العَفْوَ مائة مرة (٣).

أقول : هذا المسجد من المساجد الشريفة في الكوفة وينتسب إلى زيد بن صوحان وهو من كبار أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ويعد من الابدال وقد استشهد في ركابه عليه‌السلام في واقعة الجمل (٤) والدعاء السالف هو دعاؤه الذي كان يدعو به في نافلة الليل وبجوار مسجده هذا مسجد أخيه صعصعة بن صوحان وهو أيضاً من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ومن العارفين بحقه ومن أكابر المؤمنين وقد بلغ في الفصاحة والبلاغة حيث لقبه أمير المؤمنين عليه‌السلام بالخطيب الشحشح وأثنى عليه بالفصاحة وجودة الخطب (٥) كما مدحه بقلة المؤونة وكثرة المعونة (٦) وقد حضر صعصعة تشييع جثمانه الشريف ليلاً من الكوفة إلى النجف ولما لحّد أمير المؤمنين عليه‌السلام وقف صعصعة على القبر وأخذ كفاً من التراب فأهاله على رأسه وقال : بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين عليه‌السلام هنيئا لك يا أبا الحسن عليه‌السلام فلقد طاب مولدك وقوي صبرك وعظم جهادك وبلغت ماأمّلت وربحت تجارتك ومضيت إلى ربّك ، ونطق بكثير من مثلها وبكى بكاءً شديداً وأبكى كلّ من كان

_________________

١ ـ الموقف ـ خ ـ.

٢ ـ وارحمني يا ارحم وخير ـ خ ـ.

٣ ـ مصباح الزائر : ١٠٧ ـ ١٠٨.

٤ ـ رجال الكشي في ترجمة زيد بن صوحان ١ / ٢٨٤ رقم ١١٩.

٥ ـ البحار ٣٤ / ٣٠٨ عن نهج البلاغة.

٦ ـ البحار ٢٣ / ٢١١ ذيل ح ١٩ عن كنزالفوائد للكراجكي.

٥٠٥

معه. وبذلك فقد انعقد في جوف الليل مأتم يخطب فيه صعصعة ويحضره الإمامان الحسنان عليه‌السلام ومحمد بن الحنفية وأبو الفضل العباس وغيرهم من أبنائه وأقاربه ولما انتهى صعصعة من خطبته عدل الحاضرون إلى الإمامين الحسن والحسين عليه‌السلام وغيرهما من أبنائه فعَزّوهم في أبيهم عليه‌السلام فعادوا طراً إلى الكوفة (١). والخلاصة أنّ مسجد صعصعة من المساجد الشريفة في الكوفة وقد شوهد فيه الإمام الغائب صاحب العصر صلوات الله عليه شاهده فيه جمع من الأصحاب في شهر رجب يصلّي ركعتين ويدعو بالدعاء : اللّهُمَّ يا ذا المِنَنِ السَّابِغَةِ وَالآلاِء الوازِعَةِ ... الدعاء (٢). وظاهر عمله الشريف اختصاص الدعاء بهذا المسجد الشريف كأدعية مسجد السهلة ومسجد زيد ولكن العمل قد كان في شهر رجب وهذا ما أورث احتمال اختصاص الدعاء بالشهر لا بالمسجد ولذلك نجد الدعاء في كتب العلماء مذكوراً أيضاً في خلال أعمال شهر رجب ، ونحن أيضاً قد أوردناها هناك فلا نعيده ص ١٩٦.

الفصل السابع

في فضل زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام والآداب التي

ينبغي للزائر رعايتها في طريقه إلى زيارته عليه‌السلام

في حرمه الطاهر وفي كيفية زيارته عليه‌السلام

وفيه ثلاث مقاصد :

المقصد الأول :

في فضل زيارته عليه‌السلام

إعلم أنّ فضل زيارة الحسين عليه‌السلام ممّا لايبلغه البيان ، وفي روايات كثيرة أنها تعدل الحجّ والعمرة والجهاد بل هي أفضل بدرجات ، تورث المغفرة وتخفيف الحساب وارتفاع الدرجات وإجابة الدعوات ، وتورث طول العمر والانحفاظ في النفس والمال وزيادة الرزق وقضاء

_________________

١ ـ البحار ٤٢ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦.

٢ ـ الاقبال ٢ / ٢١٢ فصل ٢٣ من باب ٨.

٥٠٦

الحوائج ورفع الهموم والكربات ، وتركها يوجب نقصا في الدين وهو ترك حق عظيم من حقوق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقل مايؤجر به زائره هو أن يغفر ذنوبه وأن يصون الله تعالى نفسه وماله حتى يرجع إلى أهله فإذا كان يوم القيامة كان الله له أحفظ من الدنيا. وفي روايات كثيرة أن زيارته عليه‌السلام تزيل الغم وتهون سكرات الموت وتذهب بهول القبر ، وأن ما يصرف في زيارته عليه‌السلام يكتب بكل درهم منه ألف درهم بل عشرة آلاف درهم وأنّ الزائر إذا توجه إلى قبره عليه‌السلام استقبله أربعة آلاف ملك فإذا رجع منه شايعته وأنّ الأنبياء والأوصياء والأئمة المعصومين والملائكة (سلام الله عليهم أجمعين) يزورون الحسين عليه‌السلام ويدعون لزوّاره ويبشرونهم بالبشائر وأنَّ الله تعالى ينظر إلى زوار الحسين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قبل نظره إلى من حضر عرفات ، وأنّه إذا كان يوم القيامة تمنّى الخلق كلهم أن كانوا من زواره عليه‌السلام لما يصدر منه عليه‌السلام من الكرامة والفضل في ذلك اليوم. والأحاديث في ذلك لا تحصى وسنشير إلى جملة منها عند ذكر زيارته الخاصة وحسبنا هنا رواية واحدة :

روى بن قولويه والكليني والسيّد ابن طاووس وغيرهم بأسناد معتبرة عن الثقة الجليل معاوية بن وهب البجلي الكوفي قال : دخلت على الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ وهو في مصلاه فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول :

يا مَنْ خَصَّنا بِالكَرامَةِ وَوَعَدَنا الشَّفاعَةَ وَحَمَّلَّنا الرِّسالَةَ وَجَعَلَنا وَرَثَةَ الأَنْبِياءِ وَخَتَمَ بِنا الاُمَمَ السَّالِفَةَ وَخَصَّنا بِالوَصِيَّةِ وَأَعْطانا عِلْمَ مامَضى وَعِلْمَ مابَقِيَ وَجَعَلَ افْئِدَةِ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنا ، إِغْفِرْ لِي وَلاِخْوانِي وَزُوَّارِ قَبْرِ أَبِي الحُسِين بْن عَلِيّ صَلَواتُ الله عَلَيْهِما ، الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَمْوالَهُمْ وَأَشْخَصُوا أَبْدانَهُمْ رَغْبَةً فِي بِرِّنا وَرَجاءً لِما عِنْدَكَ فِي وصْلَتِنا وَسُرُوراً أَدْخَلُوهُ عَلى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَإِجابَةً مِنْهُمْ لاَمْرِنا وَغَيْظا أَدْخَلُوهُ عَلى عَدُوِّنا ، أَرادوا بِذلِكَ رِضْوانَكَ ؛ فَكافِهِمْ عَنّا بِالرِّضْوانِ وَاكْلاهُمْ بِاللَيْلِ وَالنَّهارِ وَاخْلُفْ عَلى أَهالِيهِمْ وَأَوْلادِهِمْ الَّذِينَ خَلَّفُوا بِأَحْسَنِ الخَلَفِ وَاصْحَبْهُمْ وَأَكْفِهِمْ شَرَّ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ وَكُلَّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ شَدِيدٍ وَشَرَّ شَياطِين الاِنْسِ وَالجِنِّ ، وَأعْطِهِمْ أَفْضَلَ ماأَمِلُوا مِنْكَ فِي غُرْبَتِهِمْ عَنْ أَوْطانِهِمْ وَما آثَرُونا عَلى أَبْنائِهِمْ

٥٠٧

وَأَهالِيهِمْ وَقَراباتِهِمْ. اللّهُمَّ إِنَّ أَعْدائنا عابُوا عَلَيْهِمْ خُرُوجَهُمْ فَلَمْ يَنْهِهِمْ ذلِكَ عَنِ النُّهُوضِ وَالشُّخُوصِ إِلَيْنا خِلافاً عَلَيْهِمْ فَارْحَمْ تِلْكَ الوُجُوهِ الَّتِي غَيَّرَتْها الشَّمْسُ ، وَارْحَمْ تِلْكَ الخُدُودَ الَّتِي تُقَلَّبُ عَلى قَبْرِ أَبِي عَبْدِ الله عليه‌السلام وَارْحَمْ تِلْكَ الاَعْيُنَ الَّتِي جَرَتْ دُمُوعُها رَحْمَةً لَنا وَارحَمْ تِلْكَ القُلُوبَ الَّتِي جَزَعَتْ وَاحْتَرَقَتْ لَنا وَارْحَمْ تِلْكَ الصَرْخَةَ الَّتِي كانَتْ لَنا ، اللّهُمَّ إِنِّي اسْتَوْدِعُكَ تَلْكَ الاَنْفُسِ وَتِلْكَ الاَبْدانِ حَتَّى تَرْوِيها مِنَ الحَوْضِ يَوْمَ العَطَشِ. فما زال (صلوات الله عليه) يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد ، فلما انصرف قلت له : جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لاتطعم منه شَيْئاً أبداً. والله لقد تمنيت أَنِّي كنت زرته ولم أحجّ فقال لي : ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته يا معاوية لا تدع ذلك. قلت : جعلت فداك فلم أدر أنّ الأمر يبلغ هذا كله فقال : يا معاوية ومن يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأَرض ، لاتدعه لخوفٍ من أحد فمن تركه لخوف رأى من الحسرة مايتمنّى أنّ قبره كان بيده (١) (أي تمنّى أن يكون قد ظلّ عنده حتّى دفن هناك) أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله وعلي وفاطمة والأئمة المعصومون عليهم‌السلام؟ أما تحب أن تكون غداً ممن تصافحه الملائكة؟ أما تحب أن تكون غداً في من يأتي وليس عليه ذنب فيتبع به؟ أما تحبّ أن تكون ممّن يصافح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢)؟

المقصد الثاني :

فيما على الزائر مراعاته من الآداب في طريقه إلى الزيارة

وفي ذلك الحرم الطاهر وهي عديدة :

الأول : أن يصوم ثلاث أيام متوالية قبل الخروج من بيته ، ويغتسل في اليوم الثالث على ما أمر به الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ صفوان ، وستأتي الرواية عند ذكر الزيارة السابعة ص ٥٢٤

_________________

١ ـ قال المجلسي في البحار ١٠١ / ٩ ، أي يتمنّى أن يكون زراره عليه‌السلام متيقناً للموت حافراً قبره بيده ...

٢ ـ مصباح الزائر : ١٩٣ ـ ١٩٥ ، كامل الزيارات : ٢٢٨ ح ٢ من باب ٤٠ ، الكافي ٤ / ٥٨٢ ح ١١.

٥٠٨

وقال الشيخ محمد ابن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين : إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيام واغتسل في اليوم الثالث واجمع إليك أهلك وعيالك وقل : اللّهُمَّ إِنِّي أسْتَوْدِعُكَ اليَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالغائِبَ اللّهُمَّ بحفظك (١) بِحِفْظِ الإيمانِ وَاحْفَظْ عَلَينا اللّهُمَّ وَاجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلاتَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلاتُغَيِّرْ ما بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ. واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول : لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ وَالحَمْدُ للهِ ، ومن تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله (صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهم) ، وامض وعليك السكينة والوقار. وروي أن الله يخلق من عرق زوّار قبر الحسين عليه‌السلام من كل عرقة سبعين ألف ملك يسبحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلى أن تقوم الساعة (٢).

الثاني : عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا زرت أبا عبد الله عليه‌السلام فزره وأنت حزين مكروب شعث مغبر جائع عطشان ، فإنّ الحسين عليه‌السلام قتل حزيناً مكروباً شعثاً مغبراً جائعاً عطشاناً واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتخذه وطناً (٣).

الثالث : أن لا يتخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام مما لذَّ وطاب من الغذاء كاللحم المشوي والحلاوة ، بل يغتذي بالخبز واللّبن. عن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال : بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السفر (٤) فيها الجِداء والاخبصة وأشباهه ، ولو زاروا قبور آبائهم وأحبّائهم ما حملوا معهم هذا (٥). قال عليه‌السلام للمفضل بن عمر في حديث معتبر آخر : تزورون خير من أن لاتزورون ولا تزورون خيرٌ من أن تزوروا. قال قلت : قطعت ظهري. قال : تالله إن أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه بالسفر. كلاّ حتى تأتوه شعثاً غبراً (٦).

أقول : ما أجدر للأثرياء والتجار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ، فإذا دعاهم أخلاؤهم في المدن الواقعة على المسير إلى المَآدب رفضوا الدعوة فإذا عمدوا إلى حقائبهم وسفرهم يملؤونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشوي وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين : إنّنا راحلون إلى كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذى بمثل ذلك.

_________________

١ ـ بحفظك ـ خ ـ.

٢ ـ المزار الكبير : ٤١٧.

٣ ـ الكافي ٤ / ٥٨٧ ح ٢ من باب النوادر.

٤ ـ السفر : جمع السفرة.

٥ ـ كامل الزيارات : ٢٤٨ ح ١ و ٣ من باب ٤٧.

٦ ـ كامل الزيارات : ٢٥٠ ح ٤ من باب ٤٧.

٥٠٩

روى الكليني (رض) : أنّه لما قتل الحسين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ أقامت امرأته الكلبية عليه مأتما وبكت وبكت النساء والخدم حتى جفت دموعهن فأهدي إليها الجوني وهو القطا على مافسّر ليقتتن به فيقوين على البكاء على الحسين عليه‌السلام فلما رأته سألت عنه فقيل هو هدية أهداها فلان تستعنّ بها في مأتم الحسين عليه‌السلام فقالت : لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار (١).

الرابع : مما ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل. فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوة البخار وأمثالها يجب عليه التحفظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر على سائر الزّوار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلى كربَلاءِ فلا يرنو إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنهم كانوا من خاصة دقيانوس ووزرائه فلمّا وسعتهم رحمة الله تعالى فاستقام فكرهم في معرفة الله عزّ وجلّ وفي إصلاح شأنهم استقرّوا على الرَّهبنة والانزواء عن الخلق والايواء إلى كهف يعبدون الله تعالى فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم : يا أخوتاه جاءت مسكنة الآخِرة وذهب ملك الدنيا إنزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله على أرجلكم لعل الله تعالى ينزل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلاء عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتى تقاطرت أرجلهم دماً (٢). فعلى زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر وليعلم أيضاً أن تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالى إنما هو رفعة له واعتلاء. وقد روى في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال : من أتى قبر الحسين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلق نعليك وامش حافياً وامش مشي العبد الذليل (٣).

الخامس : أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعياه المسير فيهتم بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه ، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.

روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لنفر عنده وأنا حاضر :

_________________

١ ـ الكافي ١ / ٤٦٦ ح ٩ مع اضافات.

٢ ـ انظر كشف اليقين في فضائل امير المؤمنين عليه‌السلام للعلّامة الحلّي : ٤٢٣ ـ ٤٣٤ في البحث ٢٦ عن الثعلبي.

٣ ـ كامل الزيارات : ٢٥٥ ح ٤ من باب ٤٩ مع اضافات.

٥١٠

ما لكم تستخفون بنا؟ فقام من بينهم رجلٌ من أهل خراسان وقال : نعوذ بالله أن نستخفّ بكم أو بشي من أمركم. فقال : نعم أنت ممّن استخفّ بي وأهانني. قال الرجل : أعوذ بالله أن أكون كذلك. قال عليه‌السلام : ويلك ألم تسمع فلاناً يناديك عندما كنّا بقرب جحفة ، ويقول أركبني ميلاً فوالله لقد تعبت؟ إنك والله لم ترفع إليه رأسك واستخففت به ، ومن أذلّ مؤمنا فقد أذَلّنا وأضاع حرمة الله عزّ وجلّ (١).

أقول : راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن علي بن يقطين وهذا الأدب الذي ذكرناه هنا لا يخص زيارة الحسين عليه‌السلام وإنما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصة.

السادس : عن الثقة الجليل محمد بن مسلم عن الإمام محمد الباقر عليه‌السلام قال : قلت له : إذا خرجنا إلى أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال : بلى. قلت : فيلزمنا ما يلزم الحاج؟ قال : يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك ويلزمك قلّة الكلام إِلاّ بخير ، ويلزمك كثرة ذكر الله ويلزمك نظافة الثياب ، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحير ، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة والصلاة على محمد وآل محمد ويلزمك التوقير لاخذ ما ليس لك (٢) ، ويلزمك أن تغضّ بصرك (من المحرّمات والمشتبهات) ويلزمك أن تعود على أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً ، والمواساة (أن تناصفه نفقتك) ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها ، والورع عمّا نهيت عنه وترك الخصومة وكثرة الايمان والجدال الّذي فيه الإيمان فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّك وعمرتك واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان (٣).

السابع : في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنه قال : إذا بلغت نينوى فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما أقمت فيه (٤).

الثامن : أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة ، وفي رواية عن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال : من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته أُمه صفراً من الذنوب ولو اقترفها كبائر (٥).

_________________

١ ـ الكافي ٨ / ١٠٢ ح ٧٣.

٢ ـ أي التحفّظ عمّا لا ينبغي لك.

٣ ـ كامل الزيارات ٢٥٠ ـ ٢٥١ باب ٤٨ ح ١.

٤ ـ البحار ١٠١ / ١٧٥.

٥ ـ كمل الزيارات : ٣٤٢ ح ١ من باب ٧٥.

٥١١

وروى أنّه قيل له عليه‌السلام ربما أتينا قبر الحسين بن علي عليه‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام : من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصى (١).

وعن بشير الدّهان عن الصادق عليه‌السلام قال : من أتى قبر الحسين بن علي عليه‌السلام فتوضأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدما ما إِلاّ كتب الله له حجّة وعمرة (٢).

وفي بعض الروايات أئت الفرات واغتسل بحيال قبره (٣). وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مائة مرة : الله أَكْبَرُ ، ومائة مرة : لا إِلهَ إِلاّ اللهِ ، ويصلي على محَمَّدٍ وَآلِهِ مائة مرة (٤).

التاسع : أن يدخل الحائر المقدس من الباب الشرقي على ما أمر الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ يوسف الكناسي (٥).

العاشر : عن ابن قولويه عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال لمفضّل بن عمر يا مفضّل إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب الروضة وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت : ما هي جعلت فداك؟ قال : تقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَلِيمِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِيسى رُوحِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الوَصِيُّ البَّارُّ التَقِيُّ السَّلامُ عَلى الأَرواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ الله المُحْدِقِينَ بِكَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ

_________________

١ ـ كامل الزيارات : ٣٤٩ ح ١٠ من باب ٧٦ مع زيادة.

٢ ـ كامل الزيارات : ٣٤٥ ح ٧ من باب ٧٥.

٣ ـ كامل الزيارات : ٣٤٦ ح ٨ من باب ٧٥.

٤ ـ انظر مصباح الزائر : ١٩٧.

٥ ـ كامل الزيارات : ٣٦٧ ح ٣ من باب ٧٩.

٥١٢

السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. ثم تمضي إلى القبر ولك بكل خطوة تخطوها أجر المتشحط بدمه في سبيل الله فإذا اقتربت من القبر فامسحه بيدك وقل : السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ. ثم تمضي إلى صلاتك ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ ألف حجّة واعتمر ألف عمرة وأعتق في سبيل الله ألف رقبة ، وكأنَّما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبيّ مرسل ... الخبر (١).

الحادي عشر : روي عن أبي سعيد المدائني قال : أتيت الصادق عليه‌السلام فسألته أأذهب إلى زيارة قبر الحسين عليه‌السلام فأجاب : بلى اذهب إلى زيارة قبر الحسين عليه‌السلام ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أطيب الطيبين وأطهر الطاهرين وأحسن المحسنين. فإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام ألف مرة وسبّح عند رجليه بتسبيح الزهراء عليها‌السلام ألف مرّة ثم صل عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَّس والرحمن ، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالي.

قلت : جعلت فداك ، علمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام قال : بلى يا أبا سعيد تسبيح علي صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ هو : سُبْحانَ الَّذِي لاتَنْفَذُ خَزائِنُهُ سُبْحانَ الَّذِي لاتَبِيدُ مَعالِمُهُ سُبْحانَ الَّذِي لايُفْنى ماعِنْدَهُ سُبْحانَ الَّذِي لا يُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ سُبْحانَ الَّذِي لا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ سُبْحانَ الَّذِي لا انْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ سُبْحانَ الَّذِي لا إِلهَ غَيْرُهُ. وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام هو : سُبْحانَ ذِي الجَلالِ الباذِخِ العَظِيمِ سُبْحانَ ذِي العِزِّ الشَّامِخِ المُنِيفِ ذِي المُلْكِ الفاخِرِ القَدِيمِ سُبْحانَ ذِي البَهْجَةِ وَالجَمالِ سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّى بِالنُّورِ وَالوَقارِ سُبْحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفاً وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الهَواءِ (٢)!

الثاني عشر : أن تصلي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام فإن الصلاة عنده مقبولة (٣). وقال السيد ابن طاووس (رض) : اجتهد في أن تؤدي صلواتك كلها فريضة كانت أو نافلة في الحائر ، فقد روي أنّ الفريضة عنده تعدل الحجّ والنافلة تعدل العمرة (٤).

أقول : قد مضى في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف. وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال : من صلى عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة (٥). والذي

_________________

١ ـ كامل الزيارات : ٣٧٥ ح ٥ من باب ٧٩ مع اضافات في اوّله وآخره.

٢ ـ كامل الزيارات : ٣٨٤ ح ١٥ من باب ٧٩.

٣ ـ كامل الزيارات : ٤٣٥ ذيل ح ٥ من باب ٨٣.

٤ ـ مصباح الزائر : ٢١٢.

٥ ـ كامل الزيارات : ٤٣٤ ح ٣ من باب ٨٣.

٥١٣

يبدو من الاخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدي ممّا يلي الرّأس الشريف وليتأخر المصلّي قليلاً إذا وقف مما يلي الرّأس حتى لا يكون محاذيا للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : صلّ عند رأسه ركعتين تقرأ في الأولى الحمد ويَّس وفي الثانية الحمد والرحمن ، وإن شئت صلّيت خلف القبر وعند رأسه أفضل فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إِلاّ أن الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كل قبر (١).

وروى ابن قولويه عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل : يا فلان ما ذا يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تمضي إلى قبر الحسين صلوت الله عليه وتصلي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ إنّ الفريضة عنده تعدل الحجّ والنافلة تعدل العمرة (٢).

الثالث عشر : إعلم أن أهم الاعمال في الروضة الطاهرة للحسين عليه‌السلام هو الدعاء ، فإن إجابة الدعاء تحت قبته السامية هي مما خوّله الله الحسين عليه‌السلام عوضا عن الشهادة فعلى الزائر أن يغتنم ذلك ولايتوانى في التضرّع إلى الله والإنابة والتوبة وعرض الحوائج عليه. وقد وردت في خلال زيارته عليه‌السلام أدعية كثيرة ذات مضامين عالية لم يسمح لنا الاختصار بإيرادها هنا ، والأفضل أن يدعو بدعوات (الصحيفة الكاملة) ما وسعه الدعاء فإنها أفضل الأدعية. ونحن سنذكر دعاءً يدعى به في جميع الروضات المقدسة في أواخر هذا الباب بعد ذكر الزيارات الجامعة ، واعلم انا سنذكر في دعاءً هو أجمع الدعوات يدعى به في روضات الأئمة عليهم‌السلام فلا تغفل عنه ، واحترازاً عن خلو المقام نثبت هنا دعاءً وجيزاً ورد في خلال بعض الزيارات وهو أنه تقول في ذلك الحرم الشريف رافعاً يديك إلى السَّماء :

اللّهُمَّ قَدْ تَرى مَكانِي وَتَسْمَعُ كَلامِي وَتَرى مَقامِي (٣) وَتَضَرُّعِي وَمَلاذِي بِقَبْرِ حُجَّتِكَ وَابْنِ نَبِيِّكَ وَقَدْ عَلِمْتَ يا سَيِّدِي حَوائِجِي وَلايَخْفى عَلَيْكَ حالِي ، وَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِابْنِ رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ وَأَمِينِكَ وَقَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً بِهِ إِلَيْكَ وَإِلى رَسُولِكَ فَاجْعَلْنِي بِهِ عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ ، وَاعْطِنِي بِزِيارَتِي أَمَلِي وَهَبْ لِي مُنايَ وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِشَهْوَتِي (٤) وَرَغْبَتِي وَاقْضِ لِي حَوائِجِي وَلاتَرُدَّنِي خائِباً وَلا

_________________

١ ـ كامل الزيارات : ٤١٧ باب ٧٩.

٢ ـ كامل الزيارات : ٤٣٣ ح ١ من باب ٨٣.

٣ ـ مكاني ـ خ ـ.

٤ ـ بسؤلي ـ خ ـ.

٥١٤

تَقْطَعْ رَجائِي وَلاتُخَيِّبْ دُعائِي وَعَرِّفْنِي الاِجابَةَ فِي جَمِيعِ مادَعَوْتُكَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيا وَالآخِرةِ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبادِكَ الَّذِينَ صَرَفْتَ عَنْهُمُ البَلايا وَالأمراضَ وَالفِتَنَ وَالاَعْراضَ مِنَ الَّذِينَ تُحْيِيهِمْ فِي عافِيَةٍ وَتُمِيتُهُمْ فِي عافِيَةٍ وَتُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ فِي عافِيَةٍ وَتُجِيرُهُمْ مِنَ النَّارِ فِي عافِيَةٍ ، وَوَفِّقْ لِي بِمنٍّ مِنْكَ صَلاحَ مااُؤَمِّلُ فِي نَفْسِي وَأَهْلِي وَوَلَدِي وَإِخْوانِي وَمالِي وَجَمِيعِ ماأَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

الرابع عشر : من أعمال حرم الحسين عليه‌السلام الصلاة عليه ، وروي أنّك تقف خلف القبر عند كتفه الشّريف وتصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى الحسين (صَلوات الله عَلَيهِ). وقد أورد السيد ابن طاووس في (مصباح الزائر) في خلال بعض الزيارات هذه الصلاة عليه : اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ عَلى الحُسَيْنِ المَظْلُومِ الشَّهِيدِ قَتِيلِ العَبَراتِ وَأَسِيرِ الكُرُباتِ صَلاةً نامِيَةً زاكِيَةً مُبارَكَةً يَصْعَدُ أَوَّلُها وَلايَنْفَذُ آخِرُها أَفْضَلَ ماصَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ (٢) أَوْلادِ الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ يا رَبَّ العالَمِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الإمام الشَّهِيدِ المَقْتُولِ المَظْلُومِ المَخْذُولِ وَالسَيِّدِ القائِدِ وَالعابِدِ وَالزَّاهِدِ الوَصِيِّ الخَليفَةِ الإمام الصِّدِّيقِ الطُّهْرِ الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ المُبارَكِ وَالرَّضِيِّ المَرْضِي وَالتَّقِيِّ (٣) الهادِي المَهْدِيِّ الزَّاهِدِ الذائِدِ المُجاهِدِ العالِم إِمامِ الهُدى (٤) سِبْطِ الرَّسُولِ وَقُرَّةِ عَيْنِ البَتُولِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِي وَمَوْلايَ كَما عَمِلَ بِطاعَتِكَ وَنَهى عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَبالَغَ فِي رِضْوانِكَ وَأَقْبَلَ عَلى إيمانِكَ غَيْرَ قابِلٍ فِيكَ عُذْراً سِرّا وَعَلانِيَةً ، يَدْعُو العِبادَ إِلَيْكَ وَيَدُلُّهُمْ عَلَيْكَ وَقامَ بَيْنَ يَدَيْكَ يَهْدِمُ الجَوْرَ بِالصَّوابِ وَيُحْيِيَ السُّنَّةَ بِالكِتابِ ، فَعاشَ فِي رِضْوانِكَ مَكْدُوداً وَمَضى عَلى طاعَتِكَ وَفِي أَوْلِيائِكَ مَكْدُوحا وَقَضى إِلَيْكَ مَفْقُوداً ، لَمْ يَعْصِكَ فِي لَيْلٍ وَلا نَهارٍ بَلْ جاهَدَ فِيكَ المُنافِقِينَ وَالكُفَّارَ ؛ اللّهُمَّ فَاجْزِهِ خَيْرَ جَزاءِ الصَّادِقِينَ الأبْرارِ ،

_________________

١ ـ مصباح الزائر : ٢٠٤.

٢ ـ أحد من : خ.

٣ ـ الرّضي المرضيّ التقيّ : خ.

٤ ـ من الزهد ... الهدى : نسخة.

٥١٥

وَضاعِفْ عَلَيْهِمْ العَذابَ وَلِقاتِلِيهِ العِقابَ فَقَدْ قاتَلَ كرِيماً وَقُتِلَ مَظْلُوماً وَمَضى مَرْحُوماً ، يَقُولُ : أَنا ابْنُ رَسُولِ الله مُحَمَّدٍ وَابْنُ مَنْ زَكّىْ وَعَبَدَ فَقَتَلُوهُ بِالعَمْدِ المُعْتَمَدِ قَتَلُوهُ عَلى الإيمانِ وَأَطاعُوا فِي قَتْلِهِ الشَّيْطانَ وَلمْ يُراقِبُوا فِيهِ الرَّحْمنَ ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى سَيِّدِي وَمَوْلايَ صَلاةً تَرْفَعُ بِها ذِكْرَهُ وَتُظْهِرُ بِها أَمْرَهُ وَتُعَجِّلُ بِها نَصْرَهُ وَاخْصُصْهُ بِأَفْضَلِ قِسَمِ الفَضائِلِ يَوْمَ القِيامَةِ وَزِدْهُ شَرَفاً فِي أَعْلى عِلِّيِّينَ وَبَلِّغْهُ أَعلى شَرَفِ المُكَرَّمِينَ وَارْفَعْهُ مِنْ شَرَفِ رَحْمَتِكَ فِي شَرَفِ المُقَرَّبِينَ فِي الرَّفِيعِ الاَعْلى وَبَلِّغْهُ الوَسِيلَةَ وَالمَنْزِلَةَ الجَلِيلَةَ وَالفَضْلَ وَالفَضِيلَةَ وَالكَرامَةَ الجَزِيلَةَ ، اللّهُمَّ فَأَجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ ما جازَيْتَ إِماما عَنْ رَعِيَّتِهِ وَصَلِّ عَلى سَيِّدِي وَمَوْلايَ كُلَّما ذُكِرَ وَكُلَّما لَمْ يُذْكَرْ. يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ ادْخِلْنِي فِي حِزْبِكَ وَزُمْرَتِكَ وَاسْتَوْهِبْنِي مِنْ رَبِّكَ وَرَبِّي فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ الله جاهاً وَقَدْراً وَمَنْزِلَةً رَفِيعَةً ، إِنْ سَأَلْتَ اُعْطِيتَ وَإِنْ شَفَعْتَ شُفِّعْتَ ، الله الله فِي عَبْدِكَ وَمَوْلاكَ لاتُخَلِّنِي عِنْدَ الشَّدائِدِ وَالأهْوالِ بِسُوءِ عَمَلِي وَقَبِيحِ فِعْلِي وَعَظِيمِ جُرْمِي! فَإِنَّكَ أَمَلِي وَرَجائِي وَثِقَتِي وَمُعْتَمَدِي وَوَسِيلَتِي إِلى الله رَبِّي وَرَبِّكَ ، لَمْ يَتَوَسَّلِ المُتَوَسِّلُونَ إِلى الله بِوَسِيلَةٍ هِيَ أَعْظَمُ حَقّاً وَلا أوْجَبُ حُرْمَةً وَلا أَجَلُّ قَدْراً عِنْدَهُ مِنْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ. لا خَلَّفَنِي الله عَنْكُمْ بِذُنُوبِي وَجَمَعَنِي وَإِيَّاكُمْ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ الَّتِي أَعَدَّها لَكُمْ وَلاِ وْلِيائِكُمْ إِنَّهُ خَيْرُ الغافِرِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، اللّهُمَّ أَبْلِغْ سَيِّدِي وَمَوْلايَ تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاما وارْدُدْ عَلَيْنا مِنْهُ السَّلامُ إِنَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ وَصَلِّ عَلَيْهِ كُلَّما ذُكِرَ السَّلامُ وَكُلَّما لَمْ يُذْكَرْ يا رَبَّ العالَمِينَ (١).

أقول : قد أوردنا تلك الزيارة في خلال أعمال يوم عاشوراء ، وسنذكر في أواخر الباب صلاة يصلّى بها على الحجج الطاهرين عليهم‌السلام تتضمن صلاة وجيزة على الحسين عليه‌السلام فلا تدع قراءتها.

_________________

١ ـ مصباح الزائر : ٢٤٨.

٥١٦

الخامس عشر : من أعمال الروضة المنورة دعاء المظلوم على الظالم ، أي ينبغي لمن بغى عليه باغٍ أن يدعو بهذا الدعاء في ذلك الحرم الشريف وهو ما أورده شيخ الطائفة (رض) في (مصباح المتهجد) في أعمال الجمعة ، قال : ويستحب أن يدعو بدعاء المظلوم عند قبر أبي عبد الله عليه‌السلام وهو : اللّهُمَّ إِنِّي أَعْتَزُّ بِدِينِكَ وَأَكْرُمُ بِهِدايَتِكَ وَفُلانُ يُذِلُّنِي بِشَرِّهِ وَيَهِينُنِي بِأَذِيَّتِهِ وَيُعِيبُني بِوِلاءِ أَوْلِيائِكَ وَيَبْهَتُنِي بِدَعْواهُ وَقَدْ جِئْتُ إِلى مَوْضِعِ الدُّعاءِ وَضَمانِكَ الإجابَةَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْدِنِي عَلَيْهِ السَّاعَةَ السَّاعَةَ. ثم تنكب على القبر وتقول : مَوْلايَ إِمامِي مَظْلُومٌ اسْتَعْدى عَلى ظالِمِهِ النَّصْرَ النَّصْرَ ... حتى ينقطع النفس (١).

السادس عشر : من أعمال ذلك الحرم الشريف الدعاء الذي رواه ابن فهد (رض) في (عدة الداعي) عن الصادق عليه‌السلام قال : من كان له إلى الله تعالى حاجة فليقف عند رأس الحسين عليه‌السلام ويقول : يا أبا عَبْدِ الله أَشْهَدُ أَنَّكَ تَشْهَدُ مَقامِي وَتَسْمَعُ كَلامِي وَأَنَّكَ حَيُّ عِنْدَ رَبِّكَ تُرْزَقُ فَأَسْأَلْ رَبَّكَ وَرَبِّي فِي قَضاء حَوائِجِي ، فإنه يقضي حاجته إن شاء الله تعالى (٢).

السابع عشر : من جملة الاعمال في ذلك الحرم الشريف الصلاة عند الرأس المقدس ركعتين بسورة الرحمن وسورة تبارك. روى السيِّد ابن طاووس (رض) أن من صلاها كتب الله له خمساً وعشرين حجَّةً مقبولةً مبرورة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

الثامن عشر : من الاعمال تحت تلك القبّة السامية الاستخارة ، وصفتها على ما أوردها العلامة المجلسي (رض) ومصدر الرّواية كتاب (قرب الإسناد) للحميري قال بسند صحيح عن الصادق عليه‌السلام قال : مااستخار الله عزَّ وجلَّ عبدٌ في أمر قطّ مائة مرة يقف عند رأس الحسين (صَلّوات اللهِ عليهِ) ويقول : الحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَسُبْحانَ اللهِ ، فيحمد الله ويهلّله ويسبِّحه ويمجِّده ويثني عليه بما هو أهله ويستخيره مائة مرة ؛ إِلاّ رماه الله تبارك وتعالى بأخير الأمرين (٤). وعلى رواية أخرى : يستخير الله مائة مرة قائلاً : أَسْتَخِيرُ الله بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عافِيَةٍ (٥).

التاسع عشر : روى الشّيخ الاجلّ الكامل أبو القاسم جعفر بن قولويه القمّي (رض) عن أبي

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ٢٧٩ في اعمال الاسبوع.

٢ ـ عدّة الداعي : ٧٧ القسم الخامس.

٣ ـ البحار ١٠١ / ٢٨٧ عن مصباح الزائر.

٤ ـ قرب الاسناد : ٥٩ ح ١٨٩.

٥ ـ البحار ١٠١ / ٢٨٥ ح ١ عن قرب الاسناد.

٥١٧

عبدالله عليه‌السلام أنّه قال : إذا زرتم أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام فالزموا الصمت إِلاّ من خير وإنّ ملائكة اللّيل والنّهار من الحفظة يحضرون عند الملائكة الذين هم بالحائر فتصافحهم فلا يجيبونها من شدَّة البكاء فينتظرونهم حتى تزول الشمس وحتى ينور الفجر ثم يكلمونهم ويسألونهم عن أشياء من أمر السماء فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون ولا يفترون عن البكاء والدعاء (١).

وروي أيضاً عنه عليه‌السلام : أن الله تعالى وكَّل بقبر الحسين (صَلّوات اللهِ عَليهِ) أربعة آلاف من الملائكة شُعثٌ غبر يبكونه من طلوع الفجر إلى زوال الشمس ، فإذا زالت الشمس هبط أربعة آلاف ملك وصعد أربعة آلاف ملك فلم يزل يبكونه حتى يطلع الفجر (٢). والأحاديث في ذلك كثيرة ويبدو من هذه الأحاديث استحباب البكاء عليه في ذلك الحرم الطاهر بل الجدير أن يعد البكاء عليه والرثاء له من أعمال تلك البقعة المباركة التي هي بيت الأحزان للشيعة الموالين.

ويستفاد من حديث صفوان عن الصادق عليه‌السلام أنه لا يهناء للمر أكله وشربه لو اطَّلع على تضرّع الملائكة إلى الله تعالى في اللّعن على قتلة أمير المؤمنين والحسين عليه‌السلام ونياح الجنِّ عليهما وبكاء الملائكة الذين هم حول ضريح الحسين عليه‌السلام وشدة حزنهم ، فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم ... (٣).

وفي حديث عبد الله بن حماد البصري عن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ أنّه قال : بلغني أن قوماً من نواحي الكوفة وناساً من غيرهم ونساء يندبنه فمن بين قاري يقرأ وقاصٍّ يقصُّ أي يذكر المصائب ونادب يندب وقائل يقول المراثي. فقلت له : نعم جعلت فداك قد شهدت بعض ماتصف. فقال الحمد للهِ الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا وجعل عدونا من يطعن عليهم من قرابتنا أو غيرهم يهذون ويقبِّحون ما يصنعون. وقد ورد في أوائل هذا الحديث أنّه يبكيه من زاره ويحزن له من لم يزره ويحترق له من لم يشهده ، ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجليه في أرض فلاة ولا حميم قربة ولا قريب ، ثم منع الحق وتوازر عليه أهل الرِّدة حتى قتلوه وضيَّعوه وعرضوه للسّباع ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب وضيَّعوا حقَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيَّته به وبأهل بيته (٤).

_________________

١ ـ كامل الزيارات : ١٧٧ ح ١٩ من باب ٢٧.

٢ ـ كامل الزيارات : ١٧٥ ح ١٣ من باب ٢٧.

٣ ـ كامل الزيارات : ١٨٧ ح ٢٨ وص ٤٩٥ ح ١٧ من باب ٩٨.

٤ ـ كامل الزيارات : ٥٣٨ ح ١ من باب ١٠٨.

٥١٨

وروى أيضاً ابن قولويه عن حارث الأعور عن أمير المؤمنين (صَلَواتُ اللهِ عَليهِ) أنه قال : بأبي وأمِّي الحسين الشهيد خلف الكوفة والله كأنِّي أرى وحوش الصحراء من كل نوع قد مدَّت أعناقها على قبره تبكي عليه ليلها حتى الصباح فإذا كان كذلك فإيّاكم والجفاء (١). والاخبار في ذلك كثيرة.

العشرون : قال السيد ابن طاووس (رض) يستحب للمر إذا فرغ من زيارته عليه‌السلام وأراد الخروج من الرّوضة المقدسة أن ينكب على الضريح ويُقبِّله ويقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خالِصَةَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا قَتِيلَ الظَّماءِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا غَرِيبَ الغُرَباءِ السَّلامُ عَلَيْكَ سَلامَ مُوَدِّعٍ لا سَئِمٍ وَلا قالٍ ، فَإِنْ أَمْضِ فَلا عَنْ مَلالَةٍ وَإِنْ أُقِمْ فَلا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِما وَعَدَ الله الصَّابِرِينَ ، لاجَعَلَهُ الله آخِرَ العَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكَ وَرَزَقَنِي الله العَوْدَ إِلى مَشْهَدِكَ وَالمَقامَ بِفِنائِكَ وَالقِيامَ فِي حَرَمِكَ وَإِيَّاه أَسْأَلُ أَنْ يُسْعِدَنِي بِكُمْ وَيَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ (٢).

المقصد الثالث

في كيفية زيارة سيد الشهداء عليه‌السلام

والعباس (قدس الله روحه)

إعلم أن الزيارات المروية للحسين عليه‌السلام نوعان : فزيارات مطلقة غير مقيّدة بزمان مُعين ، وزيارات مخصوصة تخص مواقيت خاصّة وسنذكر هذه الزيارات في ضمن مطالب ثلاثة :

المطلب الأول

في الزيارات المطلقة للحسين عليه‌السلام

وهي كثيرة ونحن نكتفي بعدة منها :

الزيارة الأولى : روى الكليني في (الكافي) بسنده عن الحسين بن ثوير قال : كنت أنا ويونس بن

_________________

١ ـ كامل الزيارات : ٤٨٦ ح ٣ من باب ٩٧.

٢ ـ مصباح الزائر : ٢٥٤.

٥١٩

ظبيان والمفضل بن عمر وأبو سلمة السراج جلوساً عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام وكان المتكلم يونس وكان أكبرنا سنّا فقال له : جعلت فداك إني أحضر مجالس هؤُلاءِ القوم يعني ولد عبّاس فما أقول؟ قال : إذا حضرتهم وذكرتنا فقل : اللّهُمَّ أَرِنا الرَّخاءَ وَالسُّرُورَ لتبلغ ما تريد من الثواب أو الرجوع عند الرجعة (١). فقلت : جعلت فداك إنِّي كَثِيراً ماأذكر الحسين عليه‌السلام فأي شي أقول؟ قال : تقول وتعيد ذلك ثلاثاً : صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِ اللهِ ، فإن السلام يصل إليه من قريبٍ وبعيدٍ. ثم قال إن أبا عبد الله عليه‌السلام لما مضى بكت السماوات السبع والأَرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى ومالا يرى بكاءً على أبي عبد الله عليه‌السلام إِلاّ ثلاثة أشياء لم تبك عليه. قلت : جُعلت فداك ما هذه الثلاثة الأشياء؟ قال : لم تبك عليه البصرة ولا دمشق ولا آل عثمان. قال قلت : جعلت فداك إنِّي أريد أن أزوره فكيف أقول وكيف أصنع؟ قال : إذا أتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فاغتسل على شاطي الفرات ثمّ البس ثيابك الطاهرة ثمَّ امش حافياً فإنك في حرم من حرم الله ورسوله بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم للهِ كَثِيراً والصلاة على محمد وأهل بيته حتى تصير إلى باب الحائر ثم قل : السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا مَلائِكَةَ الله وَزُوَّارَ قَبْرِ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ. ثم اخطُ عشر خُطىً ثم قف فكبر ثلاثين تكبيرة ثم امش إلى القبر من قبل وجهه واستقبل وجهك بوجهه واجعل القبلة بين كتفيك ثم قل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قَتِيلَ الله وَابْنَ قَتِيلِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ الله وَابْنَ ثارِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وِتْرَ الله المَوْتُورِ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ ، أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الخُلْدِ وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ أَظِلَّةُ العَرْشِ وَبَكى لَهُ جَمِيعُ الخَلائِقِ وَبَكَتْ لَهُ السَّماواتِ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمافِيهِنَّ وَمابَيْنَهُنَّ وَمَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ وَالنَّار مِنْ خَلْقِ رَبِّنا وَمايُرى وَمالا يُرى ، أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ الله وَابْنُ حُجَّتِهِ وَاشْهَدُ أَنَّكَ قَتِيلُ الله وَابْنُ قَتِيلِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ ثارُ الله وَابْنُ ثارِهِ (٢) وَاشْهَدُ أَنَّكَ وِتْرُ الله المَوْتُورُ فِي السَّماواتِ وَالاَرْضِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ وَوَفَيْتَ وَأَوْفَيْتَ ،

_________________

١ ـ ما بين المعقوفين ليس في المصدر.

٢ ـ ثائر الله في الارض وابن ثائره ـ خ ل ـ.

٥٢٠