مفاتيح الجنان

الشيخ عباس القمي

مفاتيح الجنان

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤

أَوْ نِفاقٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ فُسُوقٍ أَوْ عِصْيانٍ أَوْ عَظَمَةٍ أَوْ شَيٍْ لا تُحِبُّ فأَسْأَلُكَ يا رَبِّ أَنْ تُبَدِّلَنِي مَكانَهُ إِيماناً بِوَعْدِكَ ، وَوَفاءً بِعَهْدِكَ ، وَرِضاً بِقَضائِكَ ، وَزُهْداً فِي الدُّنْيا ، وَرَغْبَهً فِيما عِنْدَكَ ، وَأَثَرَةً وَطمْأَنِينَةً وَتَوْبَةً نَصُوحاً ، أَسْأَلُكَ ذلِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ. إِلهِي أَنْتَ مِنْ حِلْمِكَ تُعْصى ، وَمِنْ كَرَمِكَ وَجُودِكَ تُطاعُ فَكَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ ، وَأَنا وَمَنْ لَمْ يَعْصِكَ سُكّانُ أَرْضِكَ فَكُنْ عَلَيْنا بِالفَضْلِ جَواداً ، وَبِالخَيْرِ عَوَّاداً ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صلاةً دائِمَّةً لاتُحْصى وَلاتُعَدُّ وَلايَقْدِرُ قَدْرَها غَيْرُكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

الفصلُ الثّالثُ

في فَضلِ شَهرِ رَمَضان وأعمالهِ خطبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

روى الصدوق وبسند مُعتبر عَن الرّضا عليه‌السلام عَن آبائِه عَن أمير المُؤمنين عَليهِ وعلى أولاده السَّلام ، قالَ : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خطبنا ذات يَوم فقالَ :

أيها النّاس إنّه قَدْ أقبل إليكم شَهرُ الله بالبركةِ والرحمة والمغفرة شَهر هُوَ عِندَ الله أفَضل الشهور وأيامه أفضلُ الأيام ولياليهِ أفَضل الليالي وساعاته أفَضل الساعات ، هُوَ شَهر دعيتم فيهِ إلى ضيافة الله وجُعلتم فيهِ مِن أهْل كرامة الله. أنفاسكم فيهِ تسبيح ونومكم فيهِ عبادة وعمَلكم فيهِ مقبُول ودعاؤكُم فيه مستجاب ، فسلوا الله ربّكم بنيّات صادقة وقلوب طاهره أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابهِ ، فان الشقّي مَن حرم غفران الله في هذا الشّهر العَظيم ، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيهِ جوع يَوم القيامة وعطشه ، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقرّوا كباركُم وارحموا صغاركُم ، وصلوا أرحامكم واحفظوا ألسنتكم وغضّوا عمّا لايحلّ النّظر إليهِ أبصاركم وعمّا لا يحل الاستماع إليه أسماعكم ، وتحننّوا على أيتام النّاس يتحنّن على أيتامكم ، وتوبوا إليهِ مِن ذنوبكم ، وارفعوا إليهِ أيديكم بالدّعاء في أوقات صلواتكم ، فانّها أفضَل السّاعات ينظر الله عزّوجلّ فيها بالرّحمة إلى عبادهِ يُجيبَهم إذا ناجوه. ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ٨٥٠.

٢٤١

دعوه.

أيّها الناس : إنَّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم ، وظهوركُم ثقيلة مِن اوزاركُم فخفّفوا عنها بطولِ سجودكُم ، واعلموا أنّ الله تعالى ذِكرَه اقسم بعزّته أن لايعذّب المصلّين والسّاجدينَ ، وأن لايروعهم بالنّار يَوم يقوم النّاس لرب العالمين.

أيهّا النّاس : مَن فطَّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كانَ لَهُ بذلِكَ عِندَ الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى مِن ذنوبهِ. قيل : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولَيسَ كلّنا يقدر على ذلِكَ ، فقالَ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا النّار ولو بشقّ تمرة ، اتقوا النّار ولو بشربة مِن ماء ، فإنّ الله تعالى يهب ذلِكَ الاجر لمن عمل هذا اليسير إذا لَمْ يقدر على أكثر مِنهُ (١).

يا أيهّا النّاس : مَن حسّن منكم في هذا الشّهر خُلقه كانَ لَهُ جواز على الصراط يَوم تزلُّ فيهِ الاقَدْام ، ومَن خفّف في هذا الشّهر عما ملكت يمينه خفّف الله عَليهِ حسابه ، ومَن كفّ فيهِ شرّه كفّ الله عَنهُ غضبه يَوم يلقاه ، ومَن أكرم فيهِ يتيماً أكرمه الله يَوم يلقاه ، ومَن وصلَ فيه رَحِمَه وصله الله برحمته يَوم يلقاه ومَن قطع فيهِ رَحمه قطع الله عَنهُ رحمته يَوم يلقاه ، ومَن تطّوع فيهِ بصلاة كتبَ لَهُ براءة مِن النّار ومَن ادّى فيهِ فرضاً كان لَهُ ثواب مَن أدى سبعينَ فريضة فيما سواه مِن الشهّور ، ومَن أكثر فيهِ من الصلاة عليّ ثقل الله ميزانه يَوم تخف الموازينَ ، ومَن تلا فيهِ آية مِن القرآن كانَ لَهُ مثل أجر مَن ختم القُران في غَيرَه مِن الشهور.

أيها النّاس ، إنّ أبواب الجنان في هذا الشّهر مفتحة فسلوا ربّكم أن لايغلقها عَلَيكُم ، وأبواب النيران مغلقة فسلُوا ربّكم أن لايفتحها عَلَيكم والشيّاطين مغلولة فسلوا ربّكم أن لايسلّطها عَلَيكُم .... الخ (٢). وروى الصّدوق رض : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إِذا دخل شَهر رَمَضان فكّ كلّ أسير وأعطى كلّ سائل (٣).

أقول : شَهر رَمَضان هُوَ شَهر الله ربّ العالمين ، وهُوَ أشرف الشّهور شَهر يفتح فيهِ أبواب السماء وأبواب الجنان وأبواب الرَّحمَة ، ويغلق فيهِ أبواب جهنّم. وفي هذا الشّهر لَيلَة تكون عبادة الله فيها خَيراً مِن عبادته في ألف شَهر. فانتبه فيهِ لنفسكَ وتبصر كيف تقضي فيهِ ليلكَ ونهاركَ؟ وكيف تصون جوارحكَ وأعضاءكَ عَن معاصي ربّكَ؟ وإيّاكَ وأن تكون في ليلتكَ مِن النائِمين

_________________

١ ـ ليس في امالي الصدوق من : «فإنّ الله تعالى يهب ـ إذا لم يقدر على أكثر منه» نعم موجود في زاد المعاد للمجلسي : ٨٨.

٢ ـ رواه الصدوق في الامالي في المجلس ٢٠ ح ٤.

٣ ـ أمالي الصدوق في المجلس ١٤ ح ٣.

٢٤٢

وفي نهاركَ مِن الغافلين عَن ذِكر ربّكَ فَفي الحديث : أنّ الله عزَّ وجلَّ يعتق في آخر كُلِّ يَوم مِن أيام شَهر رَمَضان عِندَ الافطار ألف ألف رقبة مِن النّار ، فإذا كانَت لَيلَة الجمعة ونهارها أعتق الله مِن النّار في كُلِّ ساعة ألف ألف رقبة ممّن قَدْ أستوجب العَذاب ، ويعتق في اللّيلة الاخَيرة مِن الشّهر ونهارها بَعدد جَميع مَن أعتق في الشّهر كلّه (١) فإيّاكَ يا أيها العزيز وأن ينقضي عَنكَ شَهر رَمَضان وقَدْ بقي عَلَيكَ ذنب مِن الذُّنوب! وإياكَ أن تُعدُّ مِن المذنبين المحرومين مِن الاستغفار والدُّعاء! فَعَن الصادِقِ عليه‌السلام : أَنهُ مَن لَمْ يُغفَر لهُ في شَهرِ رَمَضانَ لَمْ يُغفَر لهُ إلى قابلٍ إلاّ أن يشهَدَ عَرفَةَ (٢). وصن نفسكَ ممّا قَدْ حرّمه الله ومِن أن تفطر بمحرّم عَلَيكَ ، واعمل بما أوصى بهِ مولانا الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ، فقالَ :

إذا صمت فليصم سمعكَ وبصركَ وشعركَ وجلدكَ وجَميع جوارحكَ ـ أي عَن المحرّمات بل المكروهات أيضاً ـ. وقال عليه‌السلام : لا يكون يَوم صومِكَ كيوم فطركَ (٣).

وقالَ عليه‌السلام : إنّ الصِّيام لَيسَ مِن الطّعام والشراب وحدهما ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عَن الكذب وغضّوا أبصاركُم عمّا حرّم الله ، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ولاتغتابوا ولاتماروا ولاتخالفوا (كذباً بل ولاصدقاً) ، ولاتسابّوا ولاتشاتموا ولاتظلموا ولاتسافهوا ولاتضاجروا ولاتغفلوا عَن ذِكر الله وعَن الصلاة ، والزموا الصمت والسّكوت والصّبر والصّدق ومجانبة أَهل الشّر واجتنبوا قول الزّور والكذب والفري والخصومة وظنّ السّوء والغيبة والنميمة ، وكونوا مشرفين على الآخرةِ منتظرين لايّامكم ظهور القائم عليه‌السلام مِن آلِ مُحَمّدٍ (صلوات الله عليهم أجمعين) منتظرينَ لما وعدكُم الله متزوِّدينَ للقاءِ الله ، وعَليكُم السّكينة والوقار والخشوع والخضوع وذلّ العبيد الخُيَّف من مولاها خائِفين راجين ولتكن أَنتَ أيهّا الصائِم قَدْ طَهر قلبك مِن العيوب وتقدّست سريرتكَ من الخبث ونظف جسمكَ مِن القاذورات وتبرات إلى الله مّمن عداه ، وأخلصت الولاية وصمتّ مما قَدْ نهاكَ الله عَنهُ في السّر والعلانية ، وخشيت الله حق خشيته في سرّكَ وعلانيتكَ ، ووهبت نفسكَ الله في أيّام صومِكَ وفرغت قلبكَ لَهُ ونصبت نفسكَ لَهُ فيما أمركَ ودعاكَ إِليهِ. فإذا فعلت ذلِكَ كُلَّه فأنت صائِم لله بحقيقة صومه صانع لَهُ ما أمركَ ، وكلما نقصت منها شيئاً فيما بيّنت لَكَ فَقد نقص مِن صومِكَ بمقدار ذلِكَ. وإنّ أبي عليه‌السلام قال : سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امرأة تسابّ جارية لها

_________________

١ ـ رواه المفيد في الامالي في المجلس ٢٧ ح ٣ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مع اضافات.

٢ ـ رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه ٢ / ٩٩ ح ١٨٤١.

٣ ـ الكافي ٤ / ٨٧ باب أداب الصائم ، ح ١ وفيه : وجلدك وعدّد أشياء غير هذا وقال : ...

٢٤٣

وهي صائمة فدعى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بطعام ، فقالَ لها : كلي ، فقالت : أنا صائِمة يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالَ : كيف تكونين صائمة وقَدْ سببتِ جاريتكَ؟ إن الصّوم لَيسَ مِن الطعام والشّراب وإنما جعل الله ذلِكَ حجاباً عَن سواهما مِن الفواحش مِن الفعل والقول. ما أقلّ الصّوم وأكثر الجّوع (١).

وقالَ أمير المُؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ : كم مِن صائم لَيسَ لَهُ مِن صيامه إلاّ الظماء ، وكم مِن قائم لَيسَ لَهُ مِن قيامه إلاّ العناء؟ حبذا نوم الأكياس وإفطارهم (٢).

وعَن جابر بن يزيد عَن الباقر عليه‌السلام ؛ قالَ : قالَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لجابر بن عبد الله يا جابر ، هذا شَهر رَمَضان من صام نهاره وقامَ ورداً مِن ليلته وصان بطنه وفرجه وحفظ لسانه لخرجَ مِن الذُّنوب كما يخرجُ مِن الشّهر. قالَ جابر : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما أحسنه مِن حديث! فقالَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما أصعبها من شروط (٣).

وأما أعمال هذا الشهر فسنعرضها في مطلبين وخاتمه :

المطلب الأول :

في أعمال هذا الشهر العامة

وهي أربعة أقسام :

القسم الأول :

ما يعمّ اللّيالي والأيام

روى السيّد ابن طاووس رض عَن الصادق والكاظم عليهم‌السلام ، قالا : تقول في شَهر رمضان مِن أوله إلى آخره بَعد كُلِّ فريضة :

اللهُمَّ ارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِك الحَرامِ فِي عامِي هذا وَفِي كُلِّ عامٍ ما أَبْقَيْتَنِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ وَسَعَةِ رِزْقِ ، وَلا تُخْلِنِي مِنْ تِلْكَ المَواقِفِ الكَرِيِمَةِ وَالمَشاهِدِ الشَّرِيفَةِ ، وَزِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَفِي جَمِيعِ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخرةِ فَكُنْ لِي. اللّهُمَّ

_________________

١ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٩٦ في آداب الصوم عن الصادق عليه‌السلام.

٢ ـ زاد المعاد : ٩٨.

٣ ـ الكافي ٤ / ٨٧ باب آداب الصائم ح ٢.

٢٤٤

إِنِّي أَسْأَلُكَ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ القَضاء الَّذِي لايُرَدُّ وَلايُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ المَبْرُورِ حُجُّهُم ، المَشْكُورِ سَعُيُهُم ، المَغْفُورِ ذُنُوبُهُم ، المُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي (١) وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ رِزْقِي ، وَتؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتِي وَدَيْنِي ، آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.

وتدعُو عقيب كُلِّ فريضة فتقول :

يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ ، يا غَفُورُ يا رَحِيمُ ، أَنْتَ الرَّبُّ العَظِيمُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَمِيعُ البَصِيرُ ، وَهذا شَهْرٌ عَظَّمْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ وَفَضَّلْتَهُ عَلى الشُهُورِ وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِي فَرَضْتَ صِيامَهُ عَلَيَّ وَهُوَ شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ القُرْآنَ هُدىً لِلناسِ وَبَيِناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرْقانِ ، وَجَعَلْتَ فِيهِ لَيْلَةَ القَدْرِ وَجَعَلْتَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فَياذا المَنِّ وَلا يُمَنُّ عَلَيْكَ مُنَّ عَلَيَّ بِفَكَاكِ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ فِي مَنْ تَمُنُّ عَلَيْهِ وَأَدْخِلْنِي الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢).

وروى الكفعمي في (المِصباح) وفي (البلد الأمين) كما روى الشيخ الشهيد في مجموعته عَن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قالَ : مَن دعا بهذا الدُّعاء في رَمَضان بَعد كُلِّ فريضة غفر الله لَهُ ذنوبه إلى يَوم القيامة :

اللّهُمَّ أَدْخِلْ عَلى أَهْلِ القُبُورِ السُّرُورِ ، اللّهُمَّ أَغْنِ كُلَّ فَقِيرٍ ، اللّهُمَّ اشْبِعْ كُلَّ جائِعٍ ، اللّهُمَّ اكْسُ كُلَّ عُرْيانٍ ، اللّهُمَّ اقْضِ دَيْنَ كُلِّ مَدِينٍ ، اللّهُمَّ فَرِّجْ عَنْْ كُلِّ مَكْروَبٍ ، اللّهُمَّ رُدَّ كُلَّ غَرِيبٍ ، اللّهُمَّ فُكَّ كُلَّ أَسِيرٍ ، اللّهُمَّ أَصْلِحْ كُلَّ فاسِدٍ مِنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ ، اللّهُمَّ اشْفِ كُلَّ مَرِيضٍ ، اللَّهُمَّ سُدَّ فَقْرَنا بِغِناكَ ، اللّهُمَّ غَيِّرْ سُوءَ حالِنا بِحُسْنِ حالِكَ ، اللّهُمَّ اقْضِ عَنّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنِا مِنَ الفَقْرِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِْيرٌ (٣).

_________________

١ ـ في طاعتك ـ خ ـ.

٢ ـ الاقبال ١ / ٧٩ فصل ١١.

٣ ـ المصباح : ٦١٧ ، والبلدالامين : ٢٢٢.

٢٤٥

وروى الكليني في الكافي عَن أبي بصير ، قال : كانَ الصادق عليه‌السلام يدعو بهذا الدُّعاء في شَهر رمضان :

اللّهُمَّ إِنِّي بِكَ وَمِنْكَ أَطْلُبُ حاجَتِي ، وَمَنْ طَلَبَ حاجَةً إِلى النّاسِ فَإِنِّي لا أَطْلُبُ حاجَتِي إِلاّ مِنْكَ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ وَرِضْوانِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْل بَيْتِهِ ، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي فِي عامِي هذا إِلى بَيْتِكَ الحَرامِ سَبِيلا حِجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقَبَّلَةً زاكِيَةً خالصةً لَكَ تُقَرُّ بِها عَيْنِي وَتَرْفُعُ بِها دَرَجَتِي ، وَتَرْزُقَنِي أَنْ أَغُضَّ بَصَرِي وَأَنْ أَحْفَظَ فَرْجِي وَأَنْ أَكُفَّ بِها عَنْ جَمِيعِ مَحارِمِكَ حَتَّى لايَكُونَ شَيٌ آثَرَ عِنْدِي مِنْ طاعَتِكَ وَخَشْيَتِكَ ، وَالعَمَلِ بِما أَحْبَبْتَ وَالتَّرْكِ لِما كَرِهْتَ وَنَهَيْتَ عَنْهُ ، وَاجْعَلْ ذلِكَ فِي يُسْرٍ وَيَسارٍ وَعافِيَةٍ (١) وَما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيِّ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ وَفاتِي قَتْلا فِي سَبِيلِكَ تَحْتَ رايَةِ نَبِيِّكَ مَعَ أَوْلِيائِكَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَقْتُلَ بِي أَعْدائكَ وَأَعْداءَ رَسُولِكَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُكْرِمَنِي بِهَوانِ مَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَلا تُهِنِّي بِكَرامَةِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ. اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا ، حَسْبِيَ الله ما شاءَ اللهُ (٢).

أقول : هذا الدُّعاء يسمى دعاء الحج ، وقَد رواه السيّد في (الاقبال) عَن الصادق عليه‌السلام لليالي شَهر رَمَضان بَعد المغرب. وقالَ الكفعمي في (البلد الأمين) يُستَحب الدُّعاء بهِ في كُل يَوم مِن رَمَضان وفي أول لَيلَة مِنهُ ، وأورده المفيد في (المقنعة) في خصوص اللّيلة الأوّلى بَعد صلاة المغرب (٣).

وأعلم أنّ أفضَل الاعمال في لَيالي شَهر رَمَضان وأيامه هُوَ تلاوة القرآن الكَريم ، وينبغي الاكثار مِن تلاوته في هذا الشّهر ففيه كانَ نزول القرآن ، وفي الحديث : أن لكل شيء ربيعاً وربيع القرآن هُوَ شَهر رَمَضان (٤) ، ويُستَحب في سائر الأيام ختم القرآن ختمة واحدة في كُل شَهر وأقل ما روى ذلِكَ هُوَ ختمه في كُل ستة أيام ، وأما شَهر رَمَضان فالمَسنون فيهِ ختمه في كُل ثلاثة أيام ،

_________________

١ ـ وأضاف في المصدر بين المعقوفين وأوزعني شكر ما أنعمت به عليّ.

٢ ـ الكافي ٤ / ٧٤ باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان ح ٦.

٣ ـ الاقبال ١ / ١٠٤ فصل ١٣ ، والبلد الامين : ٢٢٢ ، والمقنعة : ٣١٤ ، باب ١٠.

٤ ـ ثواب الاعمال : ١٠٣ عن الباقر عليه‌السلام.

٢٤٦

ويحسن ـ إنْ يتيسر لَهُ ـ أن يختمه ختمة في كُل يَوم (١).

وروى العلامة المجلسي (رض) : أنّ بعض الأئمة الأطهار عليهم‌السلام كانوا يختمون القرآن في هذا الشّهر أربعين ختمة وأكثر مِن ذلِكَ (٢) ، ويضاعف ثواب الختمات إن أُهديت إلى أرواح المعصومين الأَرْبعة عَشر عليهم‌السلام يخص كُل منهم بختمة ؛ ويظهر مِن بعض الروايات أنَّ أجر مهديها أن يكون معهم في يَوم القيامة (٣) ، وليكثر المر في هذا الشّهر مِن الدُّعاء والصلاة والاستغفار ومِن قول : لا أِلهَ إِلاّ اللهُ.

وقَد رُوي أن زينَ العابدين عليه‌السلام كانَ إذا دخل شَهر رَمَضان لا يتكلم إلاّ بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير (٤). وليهتم إهتماماً بالغاً بالمأثور مِن العبادات ونوافل الليالي والأيام.

القسم الثاني

مايُستَحب اتيانه في لَيالي شَهر رَمَضان

وهو أمور :

الأول : الافطار ويُستَحب تأخَيره عَن صلاة العشاء إلاّ إذا غلب عَليهِ الضعف أو كانَ له قوم ينتظرونه (٥).

الثاني : أن يفطر بالحلال الخالي مِن الشبهات سّيما التمر ليضاعف أجر صلاته أربعمائة ضعف ، ويحسن الافطار أيضاً بأيٍّ مِن التمر والرطب والحلواء والنبات (٦) والماء الحار (٧).

الثالث : أن يدعو عِندَ الافطار بدعوات الافطار المأثورة منها : أن يَقول : اللّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. ليهب الله لَهُ مثل أجر كُل مَن صام ذلِكَ اليَوم (٨). ولدعاء : اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظِيمِ ، الَّذي رواه السيّد والكفعمي فضل كبير (٩).

وروي أن أمير المُؤمنين عليه‌السلام كانَ إذا أراد أن يفطر يَقول : بِسْمِ الله اللّهُمَّ لَكَ صُمْنا وَعَلى رِزْقِكَ أَفْطَرْنا فَتَقَبَّلْ (١٠) مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (١١).

_________________

١ ـ انظر الاقبال ١ / ٢٣٢ فصل ١١ عن الصادق عليه‌السلام.

٢ ـ انظر البحار ٩٨ / ٥.

٣ ـ انظر الاقبال ١ / ٢٣١ فصل ٩.

٤ ـ الكافي ٤ / ٨٨ ح ٨ من باب أدب الصائم.

٥ ـ مصباح المتهجّد ٦٢٦ عن أبي جعفر عليه‌السلام مع اضافات واختلافات في الالفاظ.

٦ ـ النبات كلمة فارسية تعني بلورات خاصّة من السكّر.

٧ ـ زاد المعاد : ١٠٨ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٨ ـ الاقبال ١ / ٢٤٦ فصل ١١ عن الكاظم عليه‌السلام.

٩ ـ الاقبال ١ / ٢٣٩ فصل ٤ / والبلد الامين : ٢٣١.

١٠ ـ فتقبّله ـ خ ـ.

١١ ـ الاقبال ١ / ٢٤٦ فصل ١١ عن الباقر عليه‌السلام.

٢٤٧

الرابع : أن يقول عند أوَّل لقمة يأخذها : بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا واسِعَ المَغْفِرَةِ اغْفِرْ لِي ، ليغفر الله لَهُ (١).

وفي الحديث : إنّ الله تعالى يعتق في آخر ساعة مِن نهار كُل يَوم مِن شَهر رَمَضان ألف ألف رقبة فسل الله تعالى أن يجعلكَ منهم (٢).

الخامس : أن يتلو سورة القَدر عِندَ الافطار (٣).

السادس : أن يتصدق عِندَ الافطار ويفطّر الصائِمين ولو بَعدد مِن التمر أو بشربة مِن الماء. وعَن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ مَن فطّر صائماً فَلهُ أجر مثله مِن دون أن ينقص مِن أجره شي وكانَ له مثل أجر ما عمله مِن الخَير بقّوة ذلِكَ الطعام من برّ (٤). وروى آية الله العلامة الحلي في (الرسالة السعدية) عَن الصادق عليه‌السلام : أنّ أيّما مؤمَن أطعم مؤمنا لقمة في شَهر رَمَضان كتبَ الله لَهُ أجر مَن أعتق ثلاثين رقبة مؤمنة ، وكانَ له عِندَ الله تعالى دعوة مستجابة (٥).

السابع : مِن المأثور تلاوة سورة القَدر في كُل لَيلَة ألف مرةٍ (٦).

الثامَن : أن يتلو سورة حَّم الدّخان في كُل لَيلَة مائةَ مرةٍ إن تيسّرت (٧).

التاسع : روى السيّد أنّ مَن قالَ هذا الدُّعاء في كُل لَيلَة مِن شَهر رَمَضان غفرت له ذنوب أربعين سنة :

اللّهُمَّ رَبَّ شَهْرَ رَمَضانَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ القُرْآنَ وَافْتَرَضْتَ عَلى عِبادِكَ فِيهِ الصِّيامَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الحَرامِ فِي عامِي هذا وَفِي كُلِّ عامٍ وَاغْفِرْ لِي تِلْكَ الذُّنُوبَ العِظامَ فَإِنِّهُ لا يَغْفُرها غَيْرُكَ يا رَحْمنُ يا عَلامُ (٨).

العاشر : أن يدعو بَعد المغرب بدعاء الحج الَّذي مر في القسم الأوّل مِن أعمال الشّهر.

الحادي عَشر : أن يدعو في كُل لَيلَة مِن رَمَضان بهذا الدُّعاء :

اللّهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ (٩)

_________________

١ ـ الاقبال ١ / ٢٤٤ فصل ٨.

٢ ـ الاقبال ١ / ٢٤ فصل ١ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مع اختلاف لفظي.

٣ ـ الاقبال ١ / ١٨٥ فصل ٢٢ عن الصادق عليه‌السلام.

٤ ـ مصباح المتهجّد : ٦٢٦.

٥ ـ الرسالة السعدية : ١٣٣ في الصدقة ، وليس فيه كلمة : «لقمة».

٦ ـ مصباح المتهجّد : ٦٢٨ عن أبي عبدالله عليه‌السلام مع اضافات.

٧ ـ زادالمعاد : ١٠٦.

٨ ـ الاقبال ١ / ٢٤٤ فصل ٨

٩ ـ أيقنت أنّك أرحم : خ.

٢٤٨

أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ ، وَأَشَدُّ المُعاقِبِينَ فِي مَوْضِعِ النِّكالِ وَالنَّقِمَةِ ، وَأَعْظَمُ المُتَجَبِّرِينَ فِي مَوْضِعِ الكِبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ. اللّهُمَّ أَذِنْتَ لِي فِي دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ فأَسْمَعْ يا سَمِيعُ مِدْحَتِي وَأَجِبْ يا رَحِيمُ دَعْوَتِي وَأَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتِي ، فَكَمْ يا إِلهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها وَهُمُومٍ (١) قَدْ كَشَفْتَها وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها وَحَلْقَةِ بَلاٍ قَدْ فَكَكْتَها ، الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌ مِنَ الذُّلِ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، الحَمْدُ للهِ بِجَمِيِعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا مُضادَّ لَهُ فِي مُلْكِهِ وَلامُنازِعَ لَهُ فِي أَمْرِهِ ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَلاشَبِيهَ (٢) لَهُ فِي عَظَمَتِهِ ، الحَمْدُ للهِ الفاشِي فِي الخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ الظاهِرِ بالكَرَمِ مَجْدُهُ الباسِطِ بالجُودِ يَدَهُ ، الَّذِي لاتَنْقُصُ خَزائِنُهُ وَلايَزِيدُهُ كَثرَةُ العَطاءِ إِلاّ جُوداً وَكَرَما إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الوَهَّابُ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلا مِنْ كَثِيرٍ مَعَ حَاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٍ وِغِناكَ عَنْهُ قَدْيمٌ وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي وَستْرَكَ عَلَى قَبِيحِ عَمَلِي وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ (٤) جُرْمِي ، عِنْدَما كانَ مِنْ خَطَأي وَعَمْدِي أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلُكَ مالا اسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ الَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ وَأَرَيْتَنِي مِنْ قَدْرَتِكَ وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجابَتِكَ ، فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً لاخائِفاً وَلا وَجِلاً مُدِلاً عَلَيْكَ فِيما قَصَدْتُ فِيهِ (٥) إِلَيْكَ ، فَإنْ أَبْطاء عَنِّي (٦) عَتِبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَاءَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمُورِ ، فَلَمْ أَرَ مَوْلىً (٧) كَرِيماً أَصْبَرَ عَلى عبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ. إِنَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّي عَنْكَ وَتَتَحَبَّبُ إلى فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ وَتَتَوَدَّدُ إلى فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ كَأَنَ

_________________

١ ـ وغموم ـ خ ـ.

٢ ـ ولا شبه ـ خ ـ.

٣ ـ عن ـ خ ـ.

٤ ـ كبير ـ خ ـ.

٥ ـ به ـ خ ـ.

٦ ـ عليَّ ـ خ ـ.

٧ ـ مؤمّلاً ـ خ ـ.

٢٤٩

لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لِي وَالاِحْسانِ إلى وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ فَأرْحَمْ عَبْدَكَ الجاهِلَ وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسانِكَ إِنَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ. الحَمْدُ للهِ مالِكِ المُلْكِ مُجْرِي الفُلْكِ مُسَخِّرِ الرِّياحِ فالِقِ الاِصْباحِ دَيّانِ الدَّينِ رَبِّ العالَمِينَ ، الحَمْدُ للهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَالحَمْدُ للهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ وَالحَمْدُ للهِ عَلى طُولِ أَناتِهِ فِي غَضَبِهِ وَهُوَ قادِرٌ (١) عَلى ما يُرِيدُ ، الحَمْدُ للهِ خالِقِ الخَلْقِ باسِطِ الرِّزْقِ فالِقِ الاِصْباحِ ذِي الجَلالِ وَالاِكْرامِ وَالفَضْلِ وَالاِنْعامِ (٢) الَّذِي بَعُدَ فَلا يُرى وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى تَبارَكَ وَتَعالى ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ وَلا شَبِيهٌ يُشاكِلُهُ وَلاظَهِيرٌ يُعاضِدُهُ ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزَّاءَ وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ العُظَماءُ فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ مايَشاءُ ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي يُجِيبُنِي حِينَ أُنادِيهِ وَيَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَوْرَةٍ وأَنا أَعْصِيهِ وَيُعَظِّمُ النِّعْمَةَ عَلَيَّ فَلا اُجازِيهِ ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنِيئَةٍ قَدْ أَعْطانِي وَعَظِيمَةٍ مَخُوفَة قَدْ كَفانِي وَبَهْجَةٍ مونِقَةٍ قَدْ أَرانِي ، فأُثْنِي عَلَيْهِ حامِداً وَأَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً. الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ وَلا يُغْلَقُ بابُهُ وَلا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ (٣) آمِلُهُ ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي يُؤْمِنُ الخائِفِينَ وَيُنَجِّي الصَّالِحِينَ (٤) وَيَرْفَعُ المُسْتَضْعَفِينَ وَيَضَعُ المُسْتَكْبِرِينَ وَيُهْلِكُ مُلُوكا وَيَسْتَخْلِفُ آخَرِينَ ، الحَمْدُ للهِ قاصِمِ الجَبَّارينَ مُبِيرِ الظَّالِمِينَ مُدْرِكِ الهارِبِينَ نَكالِ الظَّالِمِينَ صَرِيخِ المُسْتصرِخِينَ مَوْضِعِ حاجاتِ الطَّالِبِينَ مُعْتَمَدِ المُؤْمِنِينَ ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماء وَسُكَّانُها وَتَرْجُفُ الأَرْضُ وَعُمَّارُها وَتَمُوجُ البِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَراتِها ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ وَيَرْزُقُ وَلا يُرْزَقُ وَيُطْعِمُ وَلايُطْعَمُ وَيُمِيتُ الاَحْياءَ وَيُحْييَ المَوْتى وَهُوَ حَيٌ لايَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ. اللّهُمَّ صَلِّ

_________________

١ ـ القادر ـ خ ـ.

٢ ـ والتفضّل والاحسان ـ خ ـ.

٣ ـ يخيب ـ خ ـ.

٤ ـ الصّادقين ـ خ ـ.

٢٥٠

عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ (١) مِنْ خَلْقِكَ وَحافِظِ سِرِّكَ وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكِ أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ وَأَزْكى وَأَنْمى وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنى وَأَكْثَرَ (٢) ماصَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ (٣) وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَأَهْلِ الكَرامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ (٤) وَصَلِّ عَلى عَلِيٍّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ وَآيَتِكَ الكُبْرى وَالنَّبَأ العَظِيمِ ، وَصَلِّ عَلى الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ (٥) سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَي الرَّحْمَةِ وَإِمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ ، وَصَلِّ عَلى أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيٍّ بْنِ مُوسى وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَعَليٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالخَلَفِ الهادِي المَهْدِي ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ فِي بِلادِكِ صَلاةً كَثِيرَةً دائِمَةً. ، اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ أَمْرِكِ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدْلِ المُنْتَظَرِ وَحُفَّهُ (٦) بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ يا رَبَّ العالَمِينَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ الدَّاعِيَ إِلى كِتابِكَ وَالقائِمَ بِدِينِكَ اسْتَخْلِفْهُ فِي الأَرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ مَكِّنْ لَهُ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْنا يَعْبُدُكَ لايُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً ، اللّهُمَّ أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ، اللّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ حَتَّى لا يَسْتَخْفِي بِشَيٍْ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ اللّهُمَّ إِنا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِها الاِسْلامَ وَأَهْلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأَهْلَهُ ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إِلى

_________________

١ ـ وخليلك ـ خ ـ.

٢ ـ واكبر ـ خ ـ.

٣ ـ خلقك ـ خ ـ.

٤ ـ اللّهم : خ.

٥ ـ فاطمة الزهراء ـ خ ـ.

٦ ـ واحففه ـ خ ـ.

٢٥١

سَبِيلِكَ وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ. اللّهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِنَ الحَقِّ فَحَمِّلْناهُ وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ ، اللّهُمَّ أَلْمُمْ بِهِ شَعْثَنا وَأَشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا وَأَرْتِقْ بِهِ فَتْقَنا وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا وَأَعْزِزْ (١) بِهِ ذِلَّتَنا وَأَغْنِ بِهِ عائِلَنا وَأَقْضِ بِهِ عَنْ مُغْرَمِنا وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنا وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنا وَانْجِحْ بِهِ طَلَبَتِنَا وَأَنْجِزْ بِهِ مَواعِيدَنا وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا وَاعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالآخرةِ آمالَنا وَاعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا ، يا خَيْرَ المَسْؤُولِينَ وَأَوْسَعَ المُعْطِينَ اشْفِ بِهِ صُدُورَنا وَأَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا وَاهْدِنا بِهِ لِما اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، وَانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا إِلهَ الحَقِّ (٢) آمِينَ. اللّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا (٣) وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا وَقِلَّةَ عَدَدِنا وَشِدَّةَ الفِتَنِ بِنا وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (٤) وَأَعِنّا عَلى ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ (٥) تُعَجِّلُهُ وَبِضُرٍ تَكْشِفُهُ وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٦).

الثاني عَشر : أن يَقول في كُل لَيلَة :

اللّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ فِي الصَّالِحِينَ فَأَدْخِلْنا وَفِي عِلِّيِّينَ فَأَرْفَعْنا وَبِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ مِنْ عَيْنٍ سَلْسَبِيلٍ فَاسْقِنا وَمِنَ الحُورِ العِينِ بِرَحْمَتِكَ فَزَوِّجْنا وَمِنَ الوِلْدانِ المَخَلَّدِينَ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ فَأَخْدِمْنا وَمِنْ ثِمارِ الجَنَّةِ وَلُحُومِ الطَّيْرِ فَأَطْعِمْنا وَمِنْ ثِيابِ السُّنْدُسِ وَالحَرِيرِ وَالاسْتَبْرَقِ فَأَلْبِسْنا ، وَلَيْلَةَ القَدْرِ وَحَجَّ بَيْتِكَ الحَرامِ وَقَتْلا فِي سَبِيلِكَ فَوَفِّقْ

_________________

١ ـ وأعزَّ ـ خ ـ.

٢ ـ الخلق ـ خ ـ.

٣ ـ امامنا ـ خ ـ.

٤ ـ محمّد وآل محمّد ـ خ ـ.

٥ ـ منك : خ.

٦ ـ الاقبال ١ / ١٣٨ فصل ١٥ عن أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد رضي‌الله‌عنه النائب الثاني للحجّة عليه‌السلام.

٢٥٢

لَنا وَصالِحَ الدُّعاءِ وَالمَسْأَلَةِ فَاسْتَجِبْ لَنا (١) ، وَإِذا جَمَعْتَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ القِيامَةِ فَارْحَمْنا وَبَراءةً مِنَ النّارِ فَاكْتُبْ لَنا وَفِي جَهَنَّمَ فَلا تَغُلَّنا وَفِي عَذابِكَ وَهَوانِكَ فَلا تَبْتَلِنا وَمِنَ الزَّقُومِ وَالضَّرِيعِ فَلا تُطْعِمْنا وَمَعَ الشَّياطِينَ فَلا تَجْعَلْنا وَفِي النّارِ عَلى وُجُوهِنا فَلا تَكْبُبْنا (٢) وَمِنْ ثِيابِ النّارِ وَسَرابِيلِ القَطِرانِ فَلا تُلْبِسْنا وَمِنْ كُلِّ سُوءٍ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ بِحَقِِّ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ فَنَجِّنا (٣).

الثالث عَشر : عَن الصادق عليه‌السلام قالَ : تقول في كُل لَيلَة مِن شَهر رَمَضان :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ فِي الاَمْرِ الحَكِيمِ مِنَ القَضاء الَّذِي لايُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ المَبْرُورِ حَجُّهُمُ المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ المَغْفُورُ ذُنُوبُهُمُ المُكَفَّرِ عَنْ (٤) سَيِّئاتِهِمْ ، وَأَنْ تَجْعَلَ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي فِي خَيْرٍ وَعافِيَةٍ وَتُوَسِّعَ فِي رِزْقِي وَتَجْعَلَنِي مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ وَلاتَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي (٥).

الرابع عَشر : في كتاب (أنيس الصّالحِينَ) : أدعُ في كُل لَيلَة مِن لَيالي شَهر رمضان قائلاً : أَعُوذُ بِجَلالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ أَنْ يَنْقِضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضانَ أَوْ يَطْلُعَ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ (٦) (٧).

الخامس عَشر : روى الكفعمي في هامش كتابهِ (البلد الأمين) عَن السيّد ابن باقي قالَ يُستَحب في كُل لَيلَة من لَيالي شَهر رَمَضان صلاة ركعتين تقرأ في كُل ركعة الحَمدُ والتَوحيد ثلاث مرات ،

_________________

١ ـ يا خالقنا اسمع واستجب لنا ـ خ ـ.

٢ ـ فلا تكبّنا : نسخة.

٣ ـ الاقبال ١ / ١٤٣ فصل ١٥.

٤ ـ عنهم ـ خ ـ.

٥ ـ الاقبال ١ / ١٤٥ فصل ١٥.

٦ ـ إِلهِي وَقَفَ السَّائِلُونَ بِبابِكَ، وَلاذَ الفُقَراءُ بِجَنابِكَ وَوَقَفَتْ سَفِينَةُ المَساكِينِ عَلى ساحِلِ بَحْرِ جُودِكَ وَكَرَمِكَ يَرْجُونَ الجَوازَ إِلى ساحَةِ رَحْمَتِكَ وَنِعْمَتِكَ. إِلهِي إِنْ كُنْتَ لاتَرْحَمُ فِي هذا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ إِلاّ مَنْ أَخْلَصَ لَكَ فِي صِيامِهِ وَقِيامِهِ فَمَنْ لِلْمُذْنِبِ المُقَصِّرِ إِذا غَرِقَ فِي بَحْرِ ذُنُوبِهِ وَآثامِهِ؟ إِلهِي إِنْ كُنْتَ لاتَرْحَمُ إِلاّ المُطِيعِينَ فَمَنْ لِلْعاصِينَ؟ وَإِنْ كُنْتَ لاتَقْبَلُ إِلاّ مِنَ العامِلِينَ فَمَنْ لِلْمُقَصِّرِينَ؟ إِلهِي رَبِحَ الصَّائِمُونَ، وَفازَ القَائِمُونَ، وَنَجا المُخْلِصُونَ، وَنَحْنُ عَبِيدُكَ المُذْنِبُونَ. فَارْحَمْنا بِرَحْمَتِكَ، وَاعْتِقْنا مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا بِرَحْمَتِكَ. يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

٧ ـ ورواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٦١ ح ٢٠٣٢ عن الصادق عليه‌السلام.

٢٥٣

فإذا سلمت تقول :

سُبْحانَ مَنْ هُوَ حَفِيظٌ لايَغْفَلُ سُبْحانَ مَنْ هُوَ رَحِيمٌ لا يَعْجَلُ سُبْحانَ مَنْ هُوَ قائِمٌ لايَسْهُو سُبْحانَ مَنْ هُوَ دائِمٌ لايَلْهُو. ثم تسبح بالتسبيحات الأَرْبع سبع مرات ، ثم تقول : سُبْحانَكَ سُبْحانَكَ سُبْحانَكَ يا عَظِيمُ اغْفِرْ لِي الذَّنْبَ العَظِيمَ. ثم تصلي عَلى النبي وآله عَشر مرات. مَن صلى هذه الصلاة غفر الله لَهُ سبعين الف سيئة ... الخ (١).

السادس عَشر : في الحديث أنّ مَن قرأ في كُل لَيلَة مِن شَهر رَمَضان سورة إِنا فَتَحنا في صلاة مسنونة كانَ مصونا في ذلِكَ العام (٢).

وأعلم أنّ مِن أعمال لَيالي شَهر رَمَضان الصلاة ألف ركعة ، وقَد أشار إليها المشايخ والأعاظم في كتبهم في الفقه وفي العبادة. وأما كيفية هذه الصلاة فَقد اختلفت فيها الروايات ، وهِيَ على مارواها ابن أبي قرة عَن الجواد عليه‌السلام ، وأختارها المفيد في كتاب (الغرية والاشراف) بل واختارها المشهور هِيَ : أن يصلي منها في كُل لَيلَة مِن لَيالي العشر الأوّلى والثّانِيَة عَشَرينَ ركعة يسلم بين كُل ركعتين فيصلي منها ثمان ركعات بَعد صلاة المغرب ، والباقية وهِيَ أثنتا عَشرة ركعة تؤخر عَن صلاة العشاء وفي العشر الاخَيرة يصلي منها كُل لَيلَة ثلاثين ركعة يؤتي ثمان منها بَعد صلاة المغرب أيضاً ويؤخر الباقية عَن العشاء فالمجموع يكون سبعمائة ركعة وهِيَ تنقص عَن الألف ركعة ثلاثمائة ركعة ، وهِيَ تؤدى في لَيالي القَدر ، وهِيَ : (اللّيلة التّاسِعَة عَشرة والحادِية والعِشرون والثّالِثَة والعِشرون) ، فيخص كُلاّ مِن هذه الليالي بمائة ركعة منها فتتم الألف ركعة (٣). وقَد وزع هذه الصلاة على الشّهر بنحو آخر ، وتفصيل ذلك في مقام آخر ولا يسعنا هنا بسط الكلام ، ويترقب مِن أَهَل الخَير أن لا يتساهلوا في إقامة هذه الصلاة لكي لايفوتهم ما أُعدّ لهم مِن الأجر والثواب.

وروي أنَّكَ تقول بَعد كُل ركعتين مِن نوأفل شَهر رَمَضان : اللّهُمَّ اجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الاَمْرِ الحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ المَبْرُورِ حَجُّهُمُ المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ المَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي فِي طاعَتِكَ وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٤).

_________________

١ ـ رواه الكفعمي في هامش المصباح : ٥٦٣.

٢ ـ اقبال الاعمال ١ / ٧٥ فصل ٨ من باب ٤ مع اختلاف لفظي.

٣ ـ الاقبال ١ / ٤٧ فصل ٦ عن كتاب العزيّة للشيخ المفيد.

٤ ـ الاقبال ١ / ٨١ فصل ١٢ عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام.

٢٥٤

القسم الثالث :

في أعمال أسحار شَهر رَمَضان المبارك

وهي عديدة :

الأول : أن يتسحّر فلا يدع السحور ولو على حشفة تمر أو جرعة مِن الماء ؛ وأَفضَل السحور السويق والتمر (١) ، وفي الحديث : أن الله وملائكته يصلونَ عَلى المستغفرين والمتسحّرينَ بالاسحار (٢).

الثاني : أن يقرأ عِندَ السحور سورة إِنا أنزلناهُ ، فَفي الحديثِ : مامِن مؤمَن صام فقرأ إنّا أنزلناه في لَيلَة القَدر عِندَ سحوره وعِندَ إفطاره إِلاّ كانَ فيما بينهما كالمتشحط بدمه في سبيل الله (٣).

الثالث : أن يدعو بهذا الدُّعاء العَظيم الشان الَّذي روي عَن الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ أنه قالَ : هُوَ دعاء الباقر عليه‌السلام في أسحار شَهر رَمَضان :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِأَبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِيُّ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْمَلِهِ وَكُلُّ جَمالِكَ جَمِيلٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِأَجَلِّهِ وَكُلُّ جَلالِكَ جَلِيلٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِأَعْظَمِها وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظِيمَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظَمِتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِأَنْوَرِهِ وَكُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِأَوْسَعِها وَكُلُّ رَحْمَتِكَ وَاسِعِةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِأَتَمِّها وَكُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِأَكْمَلِهِ وَكُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَمالِكَ كُلُّهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِأَكْبَرِها وَكُلُّ أَسْمائِكَ كَبِيرَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ بِأَعَزِّها وَكُلُّ عِزَّتكَ عَزِيزَةٌ اللّهُمَّ

_________________

١ ـ وسائل الشيعة ٧ / ١٠٥ ح ١ ـ ٤ من باب ٥ من أبواب آداب الصائم.

٢ ـ وسائل الشيعة ٧ / ١٠٤ ح ٩ من باب ٤ من أبواب آداب الصائم.

٣ ـ وسائل الشيعة ٧ / ١٠٧ ح ٧ من باب ٦ من أبواب آداب الصائم.

٢٥٥

إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَشِيَّتِكَ بِأَمْضاها وَكُلٌ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ قَدْرَتِكَ بِالقُدْرَةِ الَّتِي اسْتَطَلْتَ بِها عَلى كُلِّ شَيٍْ وَكُلُّ قَدْرَتِكَ مُسْتَطِيلَةٌ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِلْمِكَ بِأَنْفَذِهِ وَكُلُّ عِلْمِكَ نافِذٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ كُلِّهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ قَوْلِكَ بِأَرْضاهُ وَكُلُّ قَوْلِكَ رَضِيُّ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقَوْلِكَ كُلِّهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِأَحَبِّها إِلَيْكَ وَكُلُّها إِلَيْكَ (١) حَبِيبَةٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ كُلِّها ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ شَرَفِكَ بِأَشْرَفِهِ وَكُلُّ شَرَفِكَ شَرِيفٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِشَرَفِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ سُلْطانِكَ بِأَدْوَمِهِ وَكُلُّ سُلْطانِكَ دائِمٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِسُلْطانِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مُلْكِكَ بِأَفْخَرِهِ وَكُلُّ مُلْكِكَ فاخِرٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمُلْكِكَ كُلِّهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عُلُوِّكَ بِأَعْلاهُ وَكُلُّ عُلُوِّكَ عالٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعُلُوِّكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَنِّكَ بِأَقْدَمِهِ وَكُلُّ مَنِّكَ قَدِيمٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ آياتِكَ بِأَكْرَمِها وَكُلُّ آياتِكَ كَرِيمَةٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِآياتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي‌أَسْأَلُكَ بِما أَنْتَ فِيهِ مِنَ الشَّأْنِ وَالجَبَرُوتِ وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ شَأْنٍ وَحْدَهُ وجَبَرُوتٍ وَحْدَها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِما تُجِيبُنِي به (٢) حِينَ أَسْأَلُكَ فَأَجِبْنِي يا أللهُ. ثم سَلْ حاجتكَ فإنها تقضى البتة (٣).

الرابع : في (المصباح) عَن أبي حمزة الثمالي (رض) قالَ : كانَ زينَ العابدين عليه‌السلام يصلّي عامّة اللَّيل في شَهر رَمَضان ، فإذا كانَ في السحر دعا بهذا الدُّعاء :

إِلهِي لاتُؤدِّبْنِي بِعُقُوبَتِكَ وَلا تَمْكُرْ بِي فِي حِيلَتِكَ ، مِنْ أَيْنَ لِيَ الخَيْرُ يا رَبِّ وَلا

_________________

١ ـ وكلّ مسائلك : نسخة.

٢ ـ به : نسخة.

٣ ـ الاقبال ١ / ١٧٥ فصل ٢٠.

٢٥٦

يُوجَدُ إلاّ مِنْ عِنْدِكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ لِيَ النَّجاةُ وَلا تُسْتَطاعُ إِلاّ بِكَ؟ لا الَّذِي أَحَسَنَ اسْتَغْنى عَنْ عَوْنِكَ وَرَحْمَتِكَ وَلا الَّذِي أَساءَ وَإجْتَرَاءَ عَلَيْكَ وَلَمْ يُرْضِكَ خَرَجَ عَنْ قُدْرَتِكَ يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ... حتى يَنقطع النفس ، بِكَ (١) عَرَفْتُكَ وَأَنْتَ دَلَلْتَنِي عَلَيْكَ ودَعَوْتَنِي إِلَيْكَ وَلَوْلا أَنْتَ لَمْ أَدْرِ ما أَنْتَ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَدْعُوُهُ فَيُجِيبُنِي وَإِنْ كُنْتُ بَطِيئاً حِينَ يَدْعُونِي ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي أَسْأَلُهُ فَيُعْطِينِي وَإِنْ كُنْتُ بَخِيلاً حِينَ يَسْتَقْرِضُنِي ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي أُنادِيهِ كُلَّما شِئْتُ لِحاجَتِي وأَخْلُو بِهِ حَيْثُ شِئْتُ لِسرِّي بِغَيْرِ شَفِيعٍ فَيَقْضِي لِي حاجَتِي الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا أَدْعُو غَيْرَهُ وَلَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لِي دُعائِي ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي لا أَرْجو غَيْرَهُ وَلَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لأخْلَفَ رَجائِي ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي وَكَلَنِي إِلَيْهِ فَأَكْرَمَنِي وَلَمْ يَكِلْنِي إِلى النّاسِ فَيُهِينُونِي ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي تَحَبَّبَ إلى وَهُوَ غَنِيُّ عَنِّي وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي يَحْلُمُ عَنِّي حَتَّى كَأَنِّي لاذَنْبَ لِي ؛ فَرَبِّي أَحْمَدُ شَيٍْ عِنْدِي وَأَحَقُّ بِحَمْدِي. اللّهُمَّ إِنِّي أَجِدُ سُبُلَ المَطالِبِ إِلَيْكَ مُشْرَعَةٌ وَمَناهِلَ الرَّجاءِ إِلَيْكَ (٢) مُتْرَعَةٌ وَالاِسْتِعانَةَ بِفَضْلِكَ لِمَنْ أَمَّلَكَ مُباحَةً وَأَبْوابَ الدُّعاءِ إِلَيْكَ لِلصَّارِخِينَ مَفْتُوحَةً ، وأَعْلَمُ أَنَّكَ لِلرَّاجِي بِمَوْضِعِ إِجابَةٍ وَلِلْمَلْهُوفِينَ (٣) بِمَرْصَدِ إِغاثَةٍ ، وَأَنَّ فِي اللَّهْفِ إِلى جُودِكَ وَالرِّضا بِقَضائِكَ عِوَضا مِنْ مَنْعِ الباخِلِينَ وَمَنْدُوَحَةً عَمّا فِي أَيْدِي المُسْتَأْثِرِينَ وَانَّ الرَّاحِلَ إِلَيْكَ قَرِيبُ المَسافَةِ ، وأَنَّكَ لاتَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلاّ أَنْ تَحْجُبَهُمُ الاَعْمالُ (٤) دُوَنَكَ ، وَقَدْ قَصَدْتُ إِلَيْكَ بِطَلِبَتِي وتَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتِي وَجَعَلْتُ بِكَ اسْتِغاثَتِي وَبِدُعائِكَ تَوَسُّلِي مِنْ غَيِرِ اسْتِحْقاقٍ لاسْتِماعِكَ مِنِّي ، وَلا اسْتِيجابٍ لِعَفْوِكَ عَنِّي بَلْ لِثِقَتِي بِكَرَمِكَ وَسُكُونِي إِلى صِدْقِ وَعْدِكَ ولَجَائِي إِلى الاِيْمانِ بِتَوْحِيدِكَ وَيَقِينِي (٥)

_________________

١ ـ بك : خ.

٢ ـ لديك : خ.

٣ ـ للراجين ... وللملهوف : خ.

٤ ـ الآمال ـ خ ـ.

٥ ـ وثقتي ـ خ ـ.

٢٥٧

بِمَعْرِفَتِكَ مِنِّي أَنْ لا رَبَّ لِي غَيْرُكَ وَلا إِلهَ (١) إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ. اللّهُمَّ أَنْتَ القائِلُ وَقَوْلُكَ حَقٌ وَوَعْدُكَ صِدْقٌ (٢) : (وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ) (٣) (إِنَّ الله كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٤) ، وَلَيْسَ مِنْ صِفاتِكَ يا سَيِّدِي أَنْ تَأْمُرَ بِالسُّؤالِ وَتَمْنَعَ العَطِيَّةِ ، وَأَنْتَ المَنَّانُ بِالعَطِيَّاتِ عَلى أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ وَالعائِدُ عَلَيْهِمْ بِتَحَنُّنِ رَأْفَتِكَ (٥). إِلهِي رَبَّيْتَنِي فِي نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ صَغِيرا وَنَوَّهْتَ بِاسْمِي كَبِيراً ، فَيا مَنْ رَبَّانِي فِي الدُّنْيا بإِحْسانِهِ وَتَفَضُّلِهِ (٦) وَنِعَمِهِ وَأَشارَ لِي فِي الآخِرَةِ إِلى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ مَعْرِفَتِي ، يا مَوْلاىَ دَلِيلِي (٧) عَلَيْكَ وحُبِّي لَكَ شَفِيِعِي إِلَيْكَ وَأَنا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدَلالَتِكَ وَساكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلى شَفاعَتِكَ ، أَدْعُوكَ يا سَيِّدِي بِلِسانٍ قَدْ أَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ رَبِّ أُناجِيكَ بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ جُرْمُهُ ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ راهِباً راغِباً راجِياً خائِفاً إِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبِي فَزِعْتُ وَإِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمَعْتُ ، فَإِنْ عَفَوْتَ (٨) فَخَيْرُ راحِمٍ وَإِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظالِمٍ. حُجَّتِي يا الله فِي جُرْأَتِي عَلى مُسأَلَتِكَ مَعَ إِتْيانِي ماتَكْرَهُ جُودِكَ وَكَرَمُكَ وعُدَّتِي فِي شِدَّتِي مَعَ قِلَّةِ حَيائِي رَأَفَتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ لا تَخِيبَ بَيْنَ ذَيْنِ وذَيْنِ مُنْيَتِي ، فَحَقِّقْ رَجائِي وَاسْمَعْ دُعائِي يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ. عَظُمَ يا سَيِّدِي أَمَلِي وَساءَ عَمَلِي فَأَعْطِنِي مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ أَمَلِي وَلا تُؤاَخِذَْنِي بِأَسْوَءِ عَمَلِي فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ المُذْنِبِينَ وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافأَةِ المُقَصِّرِينَ ، وَأَنا يا سَيِّدِي عَائِذٌ بِفَضْلِكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّا وَما أَنا يا رَبِّ وَما خَطَرِي؟! هَبْنِي بَفَضْلِكَ وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ أَيْ رَبِّ ، جَلِّلْنِي بِسِتْرِكَ وَاعْفُ عَنْ

_________________

١ ـ ولا إله لي ـ خ ـ.

٢ ـ الصدق ـ خ ـ.

٣ ـ النساء : ٤ / ٣٢.

٤ ـ النساء : ٤ / ٢٩.

٥ ـ بحسن نعمتك ـ خ ـ.

٦ ـ وبفضله ـ خ ـ.

٧ ـ دلّتني ـ خ ـ.

٨ ـ غفرت ـ خ ـ.

٢٥٨

تَوْبِيخِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ ، فَلَوِ اطَّلَعَ اليَوْمَ عَلى ذَنْبِي غَيْرُكَ مافَعَلْتُهُ وَلَوْ خِفْتُ تَعْجِيلَ العُقُوبَةِ لاجْتَنَبْتُهُ لا لاَنَّكَ أَهْوَنُ النَّاظِرِينَ وَأَخَفُّ المُطَّلِعِينَ بَلْ (١) لاَنَّكَ يا رَبِّ خَيْرُ السَّاتِرِينَ وَأَحْكَمُ الحاكِمِينَ (٢) وَأَكْرَمُ الاَكْرَمِينَ ، سَتَّارُ العُيُوبِ غَفَّارُ الذُّنُوبِ عَلامُ الغُيُوبِ تَسْتُرُ الذَّنْبَ بِكَرَمِكَ وَتُؤَخِّرُ العُقُوبَةَ بِحِلْمِكَ ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ وَعَلى عَفْوِكَ بَعْدَ قَدْرَتِكَ. وَيَحْمِلُنِي وَيُجَرِّؤُنِي عَلى مَعْصِيَتِكَ حِلْمُكَ عَنِّي ، وَيَدْعُونِي إِلى قِلَّةِ الحَياءِ سِتْرُكَ عَلَيَّ ، وَيُسْرِعُنِي إِلى التَّوَثُّبِ عَلى مَحارِمِكَ مَعْرِفَتِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ وَعَظِيمِ عَفْوِكَ ، يا حَلِيمُ يا كَرِيمُ يا حَيُّ يا قَيُّومُ يا غافِرَ الذَّنْبِ يا قابِلَ التَّوْبِ يا عَظِيمَ المَنِّ يا قَدِيمَ الاِحْسانِ أَيْنَ سَتْرُكَ الجَمِيلُ؟ أَيْنَ عَفْوُكَ الجَلِيلُ؟ أَيْنَ فَرَجُكَ القَرِيبُ؟ أَيْنَ غِياثُكَ السَّرِيعُ؟ أَيْنَ رَحْمَتُكَ الواسِعَةُ؟ أَيْنَ عَطاياكَ الفاضِلَةُ؟ أَيْنَ مَواهِبُكَ الهَنِيئةُ؟ أَيْنَ صَنائِعُكَ السَّنِيَّةُ؟ أَيْنَ فَضْلُكَ العَظِيمُ؟ أَيْنَ مَنُّكَ الجَسِيمُ؟ أَيْنَ إِحْسانُكَ القَدِيمُ؟ أَيْنَ كَرَمُكَ يا كَرِيمُ؟ بِهِ وبمحمد وآل محمد (٣) فَاسْتَنْقِذْنِي وَبِرَحْمَتِكَ فَخَلِّصْنِي يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ ، لَسْتُ أَتَّكِلُ فِي النَّجاةِ مِنْ عِقابِكَ عَلى أَعْمالِنا بَلْ بِفَضْلِكَ عَلَيْنا لاَنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ تُبْدِئُ بِالاِحْسانِ نِعَماً وَتَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ كَرَماً ، فَما نَدْرِي ما نَشْكُرُ أَجَمِيلَ ماتَنْشُرُ أَمْ قَبِيحَ ماتَسْتُرُ أَمْ عَظِيمَ ما أَبْلَيْتَ وَأَوْلَيْتَ أَمْ كَثِيرَ ما مِنْهُ نَجَّيْتَ وَعافَيْتَ؟ يا حَبِيبَ مَنْ تَحَبَّبَ إِلَيْكَ وَياقُرَّةَ عَيْنِ مَنْ لاذَ بِكَ وَانْقَطَعَ إِلَيْكَ. أَنْتَ المُحْسِنُ وَنَحْنُ المُسِيئُونَ ، فَتَجاوَزْ يا رَبِّ عَنْ قَبِيحِ ماعِنْدَنا بِجَمِيلِ ما عِنْدَكَ ، وَأَيُّ جَهْلٍ يا رَبِّ لا يَسَعَهُ جُودِكَ وَأَيُّ زَمانٍ أَطْوَلُ مِنْ أَناتِكَ؟ وَماقَدْرُ أَعْمالِنا فِي جَنْبِ نِعَمِكَ وَكَيْفَ نَسْتَكْثِرُ أَعْمالاً نُقابِلُ بِها كَرَمَكَ (٤) بَلْ كَيْفَ يَضِيقُ

_________________

١ ـ أهون الناظرين اليّ وأخفّ المطلعين عليّ بل : خ.

٢ ـ وأحلم الاحلمين : نسخة.

٣ ـ وبمحمد وآل محمّد : نسخة.

٤ ـ كرامتك ـ خ ـ.

٢٥٩

عَلى المُذْنِبِينَ ماوَسِعَهُمْ مِنْ رَحْمَتِكَ؟! يا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ يا باسِطَ اليَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ فَوَعِزَّتِكَ يا سَيِّدِي لَوْ نَهَرْتَنِي (١) مابَرِحْتُ مِنْ بابِكَ وَلا كَففْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ لِما انْتَهى إلى مِنْ المَعْرِفَةِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، وَأَنْتَ الفاعِلُ لِما تَشاءُ تُعَذِّبُ مَنْ تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ وَتَرْحَمُ مَنْ تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ ، لا تُسْأَلُ عَنْ فِعْلِكَ وَلا تُنازَعُ فِي مُلْكِكَ وَلا تُشارَكُ فِي أَمْرِكَ وَلا تُضادُّ فِي حُكْمِكَ وَلا يَعْتَرِضُ عَلَيْكَ أَحَدٌ فِي تَدْبِيرِكَ ، لَكَ الخَلْقُ وَالاَمْرُ تَبارَكَ الله رَبُّ العَالَمِينَ. يا رَبِّ هذا مَقامُ مَنْ لاذَ بِكَ وَاسْتَجارَ بِكَرَمِكَ وَأَلِفَ إِحْسانَكَ وَنِعَمَكَ وَأَنْتَ الجَوادُ الَّذِي لايَضِيقُ عَفْوُكَ وَلا يَنْقُصُ فَضْلُكَ وَلا تَقِلُّ رَحْمَتُكَ ، وَقَدْ تَوَثَّقْنا مِنْكَ بالصَّفْحِ القَدِيمِ وَالفَضْلِ العَظِيمِ وَالرَّحْمَةِ الواسِعَةِ أَفَتُراكَ يا رَبِّ تَخْلِفُ ظُنُونَنا أَوْ تُخَيِّبُ آمالَنا؟ كَلا ، يا كَرِيمُ فَلَيْسَ هذا ظَنُّنا بِكَ وَلا هذا فِيكَ طَمَعُنا ، يا رَبِّ إِنَّ لَنا فِيكَ أَمَلاً طَوِيلاً كَثِيراً إِنَّ لَنا فِيكَ رَجاءاً عَظِيما عَصَيْناكَ وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَسْتُرَ عَلَيْنا وَدَعَوْناكَ وَنَحْنُ نَرْجو أَنْ تَسْتَجِيبَ لَنا فَحَقِّقْ رَجائَنا ، مَوْلانا فَقَدْ عَلِمْنا ما نَسْتَوْجِبُ بِأَعْمالِنا وَلكِنْ عِلْمُكَ فِينا وَعِلْمُنا بِأَنَّكَ لا تَصْرِفُنا عَنْكَ حَثَّنا عَلى الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ (٢) ، وَإِنْ كُنّا غَيْرَ مُسْتَوْجِبِينَ لِرَحْمَتِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَيْنا وَعَلى المُذْنِبِينَ بِفَضْلِ سَعَتِكَ ، فَامْنُنْ عَلَيْنا بِما أَنْتَ أَهْلُهُ وَجُدْ عَلَيْنا فَإِنّا مُحْتاجُونَ إِلى نَيْلِكَ يا غَفَّارُ بِنُورِكَ اهْتَدَيْنا وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْنا وَبِنِعْمَتِكَ (٣) أَصْبَحْنا وَأَمْسَيْنا. ذُنُوبُنا بَيْنَ يَدَيْكَ نَسْتَغْفِرُكَ اللّهُمَّ مِنْها وَنَتُوبُ إِلَيْكَ ، تَتَحَبَّبُ إِلَيْنا بِالنِّعَمِ وَنُعارِضُكَ بِالذُّنُوبِ خَيْرُكَ إِلَيْنا نازِلٌ وَشَرُّنا إِلَيْكَ صاعِدٌ وَلَمْ يَزَلْ وَلايزالُ مَلَكٌ كَرِيمٌ يَأْتِيكَ عَنّا بِعَمَلٍ قَبِيحٍ فَلا يَمْنَعُكَ ذلِكَ مِنْ أَنْ تَحُوطَنا بِنِعَمِكَ وَتَتَفَضَّلَ عَلَيْنا بِآلائِكَ ، فَسُبْحانَكَ ماأَحْلَمَكَ وَأَعْظَمَكَ

_________________

١ ـ لو انتهرتني ـ خ ـ.

٢ ـ لك ـ خ ـ.

٣ ـ وفي نعمك ـ خ ـ.

٢٦٠