مفاتيح الجنان

الشيخ عباس القمي

مفاتيح الجنان

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤

أَرْسَلْتَهُ وَبِالمَحَلِّ الكَريم أَحْلَلْتَهُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً دائِمَةً تَكُونُ لَكَ شُكْراً وَلَنا ذُخْراً وَاجْعَلْ لنا مِنْ أَمْرِنا يُسْراً وَاخْتِمْ لَنا بِالسَّعادَةِ إِلى مُنْتَهى آجالِنا وَقَدْ قَبِلْتَ اليَسِيرَ مِنْ أَعْمالِنا وَبَلَّغْتَنا بِرّحْمّتِكَ أَفْضَلَ آمالِنا ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (١).

أقول : هذا دعاء الإمام موسى بن جعفر (عليمها السلام) ، وكان قد دعا به يوم انطلقوا به نحو بغداد وهو اليوم السابع والعشرون من رجب. وهو دعاء مذخور من أدعية رجب (٢).

الثامن : قال في الاقبال قل : اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالنَّجْلِ الأَعْظَمِ ... الدعاء (٣). وقد مر هذا الدعاء على رواية الكفعمي في دعوات الليلة السابعة والعشرين ص ٢١٦.

اليوم الأخير من الشهر : ورد فيه الغسل وصيامه يوجب غفران الذنوب ماتقدّم منها وما تأخّر ويصلّي فيه صلاة سلمان (٤) التي مرّت في اليوم الأوّل ص ٢٠٧.

الفصل الثاني

في فضل شهر شعبان والأعمال الواردة فيه الأعمال العامة

اعلم أنّ شهر شعبان شهر شريف وهو منسوب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم هذا الشهر ويوصل صيامه بشهر رمضان (٥) ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : شعبان شهري من صام يوما من شهري وجبت له الجنة (٦).

وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : كان السجاد عليه‌السلام إذا دخل شعبان جمع أصحابه وقال عليه‌السلام : يا أصحابي ، أتدرون ما هذا الشهر؟ هذا شهر شعبان. وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : شعبان شهري فصوموا هذا الشهر حبا لنبيكم وتقربا إلى ربكم أُقسم بمن نفسي بيده ، لقد سمعت أبي الحسين عليه‌السلام

_________________

١ ـ الاقبال ٣ / ٢٧٦ فصل ٩٩. وفي المصباح : ٥٣٧ في اواخر الفصل ٤٣.

٢ ـ الاقبال ٣ / ٢٧٦ فصل ٩٩. وفي المصباح : ٥٣٧ في اواخر الفصل ٤٣.

٣ ـ الاقبال ٣ / ٢٧٦ فصل ٩٩.

٤ ـ الاقبال ٣ / ٢٨٤ ـ ٢٨٥ فصل ١٠٦ و ١٠٧ عن الرضا عليه‌السلام.

٥ ـ الاقبال ٣ / ٢٩١ فصل ٤.

٦ ـ وسائل الشيعة ٤ / ٣٧٦ ذيل الحديث ١٣٩٧٥ ، ح ٢٨ من باب ٢٩ ، أبواب الصوم المندوب.

٢٢١

يقول : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من صام شعبان حباً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتقربا إلى الله أحبه الله وقربه إلى كرامته يوم القيامة وأوجب له الجنة (١).

وروى الشيخ عن صفوان الجمّال قال : قال لي الصادق عليه‌السلام : حثّ من في ناحيتك على صوم شعبان. فقلت : جعلت فداك ترى فيه شَيْئاً؟ فقال : نعم ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا رأى هلال شعبان أمر مناديا ينادي في المدينة : يا أهل يثرب! إني رسول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إليكم ، ألاّ إنّ شعبان شهري ، فرحم الله من أعانني على شهري ، ثم قال : إنّ أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) كان يقول : ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينادي في شعبان ، ولن يفوتني أيام حياتي صوم شعبان إن شاء الله تعالى ، ثم كان عليه‌السلام يقول : صوم شهرين متتابعين توبة من الله (٢).

وروى إسماعيل بن عبد الخالق قال : كنت عند الصادق عليه‌السلام فجرى ذكر صوم شعبان فقال الصادق عليه‌السلام إنّ في فضل صوم شعبان كذا وكذا حتى إنّ الرجل ليرتكب الدم الحرام فيغفر له (٣).

واعلم أنّ ما ورد في هذا الشهر الشريف من الاعمال نوعان : أعمال عامّة تؤتى في جميع الشهر ، وأعمال خاصّة تخصّ أيّاما أو ليالي خاصّة منه ، والاعمال العامّة هي ما يلي :

الأول : أن يقول في كل يوم سبعين مرة : اسْتَغْفِرُ الله وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ (٤).

الثاني : أن يستغفر كل يوم سبعين مرة قائلاً : أسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ (٥) ، ووردت كلمة الحي القيوم في بعض الروايات قبل كلمة الرحمن الرحيم (٦). وبأيّ الروايتين عمل فقد أحسن ، والاستغفار كما يستفاد من الروايات أفضل الأدعية والأذكار في هذا الشهر ، ومن استغفر في كل يوم من هذا الشهر سبعين مرة كان كمن استغفر الله سبعين ألف مرة في سائر الشهور (٧).

الثالث : أن يتصدق في هذا الشهر ولو بنصف تمرة ليحرم الله جسده على النار (٨).

وعن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن صوم رجب فقال : أين أنتم عن صوم شعبان؟ فقال له

_________________

١ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٤٧ عن طريق ابن بابويه.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٨٢٥.

٣ ـ مصباح المتهجّد : ٨٢٦.

٤ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٤٩ عن الصادق عليه‌السلام نقلاً عن كتاب حسين بن سعيد.

٥ ـ مصباح المتهجّد : ٨٢٩.

٦ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٤٩ عن الصادق عليه‌السلام نقلاً عن كتاب حسين بن سعيد.

٧ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٤٩ عن الصادق عليه‌السلام نقلاً عن كتاب حسين بن سعيد.

٨ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٤٧ عن الرضا عليه‌السلام

٢٢٢

الراوي : يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ماثواب من صام يوما من شعبان؟ فقال : الجنة والله. فقال الراوي : ماأفضل ما يفعل فيه؟ قال : الصدقة والاستغفار ومن يتصدق بصدقة في شعبان ربّاها الله تعالى كما يربّي أحدكم فصيله حتى يوافى يوم القيامة وقد صار مثل أُحُد (١).

الرابع : أن يقول في شعبان ألف مرة : لا إِلهَ إِلاّ الله وَلا نَعْبُدُ إِلاّ إِيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ. ولهذا العمل الشريف أجر عظيم ويكتب لمن أتى به عبادة ألف سنة (٢).

الخامس : أن يصلّي في كل خميس من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد مائة مرة ، فإذا سلّم صلى على النبي وآله مائة مرة ليقضي الله له كل حاجة من أمور دينه ودنياه (٣).

ويستحب صيامه أيضاً ، ففي الحديث تتزيّن السَّماوات في كل خميس من شعبان فتقول الملائكة : إلهنا اغفر لصائمه وأجبْ دعائَه (٤).

وفي (النبوي) : من صام يوم الاثنين والخميس من شعبان قضى الله له عشرين حاجة من حوائج الدنيا وعشرين حاجة من حوائج الآخرة (٥).

السادس : الإكثار في هذا الشهر من الصلاة على محمد وآله (٦).

السابع : أن يصلّي عند كل زوال من أيام شعبان ، وفي ليلة النصف منه بهذه الصلوات المرويّة عن السجاد عليه‌السلام :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ وَمَعْدِنِ العِلْمِ وَأَهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الفُلْكِ الجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الغامِرَةِ يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها وَيَغْرَقُ مَنْ تَرَكَها المُتَقَدِّمُ لَهُمْ مارِقٌ وَالمُتَأَخِرُ عَنْهُمْ زاهِقٌ وَاللازِمُ لَهُمْ لاحِقٌ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الكَهْفِ الحَصِينِ وَغِياثِ المُضْطَرِّ المُسْتَكِينِ وَمَلْجَاَ الهارِبِينَ وَعِصْمَةِ المُعْتَصِمينَ ، اللّهُمَّ

_________________

١ ـ الاقبال ٣ / ٢٩٤ فصل ٨.

٢ ـ الاقبال ٣ / ٢٩٤ فصل ٩ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مع اختلاف لفظي واضافات.

٣ ـ الاقبال ٣ / ٣٠١ فصل ١١ فصل ١١ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

٤ ـ الاقبال ٣ / ٣٠١ فصل ١١ فصل ١١ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥ ـ الاقبال ٣ / ٣٠١ فصل ١١.

٦ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٤٩ عن الصادق عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نقلاً عن كتاب حسين بن سعيد.

٢٢٣

صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِيرَةً تَكُونُ لَهُمْ رِضا وَلِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَداءً وَقَضاء بِحَوْلٍ مِنْكَ وَقُوَّةٍ يا رَبَّ العالَمينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَيِّبِينَ الاَبْرارِ الاَخْيارِ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ حُقُوقَهُمْ وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ وَوِلايَتَهُمْ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاعْمُرْ قَلْبِي بِطاعَتِكَ وَلاتُخْزِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَارْزُقْنِي مُواساةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ وَنَشَرْتَ عَلَيَّ مِنْ عَدْلِكَ وَأَحْيَيْتَنِي تَحْتَ ظِلِّكَ ، وَهذا شَهْرُ نَبِيِّكَ سَيِّدِ رُسُلِكَ شَعْبانُ الَّذِي حَفَفْتَهُ مِنْكَ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ الَّذِي كانَ رَسُولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يَدْأَبُ فِي صِيامِهِ وَقِيامِهِ فِي لَيالِيهِ وَأَيَّامِهِ بُخُوعاً لَكَ فِي إِكْرامِهِ وَإِعْظامِهِ إِلى مَحَلِّ حِمامِه ؛ اللّهُمَّ فَأَعِنَّا عَلىالاسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ فِيهِ وَنَيْلِ الشَّفاعَةِ لَدَيهِ ، اللّهُمَّ وَاجْعَلْهُ لِي شَفِيعاً مُشَفَّعاً وَطَرِيقاً إِلَيْكَ مَهْيَعاً وَاجْعَلْنِي لَهُ مُتَّبِعاً حَتى أَلْقاكَ يَوْمَ القِيامَهِ عَنِّي راضِياً وَعَنْ ذُنُوبِي غاضِياً قَدْ أَوْجَبْتَ لِي مِنْكَ الرَّحْمَةَ وَالرِّضْوانَ وَأَنْزَلْتَنِي دارَ القَرارِ وَمَحَلَّ الاَخْيارِ (١).

الثامن : أن يقرأ هذه المناجاة التي رواها ابن خالويه وقال : إنها مناجاة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم‌السلام كانوا يدعون بها في شهر شعبان :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْمَعْ دُعائِي إذا دَعَوْتُكَ وَاسْمَعْ نِدائِي إِذا نادَيْتُكَ وَاقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ ، فَقَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُسْتَكِيناً لَكَ مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ راجِياً لِما لَدَيْكَ ثَوابي وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَتَخْبُرُ حاجَتِي وَتَعْرِفُ ضَمِيرِي ، وَلايَخْفى عَلَيْكَ أَمْرُ مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ وَما اُرِيدُ أَنْ أُبْدِيَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي وَأَتَفَوَّهُ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي وَأَرْجُوهُ لِعاقِبَتِي ، وَقَدْ جَرَتْ مَقادِيرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي فِيما يَكُونُ مِنِّي إِلى آخِرِ عُمرِي مِنْ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَّتِي وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنَقْصِي وَنَفْعِي

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ٨٢٨.

٢٢٤

وَضَرِّي ؛ إِلهِي إِنْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذا الَّذِي يَرْزُقُنِي وَإِنْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذا الَّذِي يَنْصُرُنِي ، إِلهِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ ، إِلهِي إِنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ لِرَحْمَتِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ ، إِلهِي كَأَنِّي بِنَفْسِي وَاقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ فَقُلتَ (١) ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ ، إِلهِي إِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ وَإِنْ كانَ قَدْ دَنا أَجَلِي وَلَمْ يُدْنِنِي (٢) مِنْكَ عَمَلِي فَقَدْ جَعَلْتُ الاِقْرارَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسِيلَتِي ، إِلهِي قَدْ جُرْتُ عَلى نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَها فَلَها الوَيْلُ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَها ، إِلهِي لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيَّامَ حَياتِي فَلا تَقْطَعْ بِرِّكَ عَنِّي فِي مَماتي ، إِلهِي كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَماتِي وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي (٣) إِلاّ الجَمِيلَ فِي حَياتِي ، إِلهِي تَوَلَّ مِنْ أَمْرِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَعُدْ عَلَيَّ (٤) بِفَضْلِكَ عَلى مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ جَهْلُهُ ، إِلهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوبا فِي الدُّنْيا وَأَنا أَحْوَجُ إِلى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الآخرى (٥) إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لاَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحِينَ فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ القِيامَةِ عَلى رؤوسِ الاَشْهادِ ، إِلهِي جُودُكَ بَسَطَ أَمَلِي وَعَفْوُكَ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِي ، إِلهِي فَسُرَّنِي بِلِقائِكَ يَوْمَ تَقْضِي فِيهِ بَيْنَ عِبادِكَ ، إِلهِي اعْتِذاري إِلَيْكَ اعْتذارُ مَنْ لَمْ يَسْتغْنِ عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ فَاقْبَلْ عُذْرِي يا أكْرَمَ مَنْ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُسِيئُونَ ، إِلهِي لاتَرُدَّ حاجَتِي وَلاتُخَيِّبْ طَمَعِي وَلاتَقْطَعْ مِنْكَ رَجائِي وَأَمَلِي ، إِلهِي لَوْ أَرَدْتَ هَوانِي لَمْ تَهْدِنِي وَلَوْ أَرَدْتَ فَضِيحَتي لَمْ تُعافِنِي ، إِلهِي ما أَظُنُّكَ تَرُدُّنِي فِي حاجَةٍ قَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي طَلَبِها مِنْكَ ، إِلهِي فَلَكَ الحَمْدُ أَبَداً أَبَداً دائِماً سَرْمَداً يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى ، إِلهِي إِنْ أَخَذْتَنِي بِجُرْمِي أَخَذْتُكَ بِعَفْوِكَ وَإِنْ أَخَذْتَنِي بِذُنُوبِي أَخَذْتُكَ بِمَغْفِرَتِكَ وَإِنْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ أَعْلَمْتُ أَهْلَها أَنِّي اُحِبُّكَ ، إِلهِي إِنْ كانَ

_________________

١ ـ ففعلت ـ خ ـ.

٢ ـ يدن ـ خ ـ.

٣ ـ تولني ـ خ ـ.

٤ ـ عليَّ : خ.

٥ ـ إلهي قد أحسنت إليَّ إذ ... ـ خ ـ.

٢٢٥

صَغُرَ فِي جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجائِكَ أَمَلِي ، إِلهِي كَيْفَ أَنْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالخَيْبَةِ مَحْرُوما وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ أَنْ تَقْلِبَنِي بالنَّجاةِ مَرْحُوما ، إِلهِي وَقَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي شِرَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ وَأَبْلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ أَيَّامَ اغْتِرارِي بِكَ وَرُكُونِي إِلى سَبِيلِ سَخَطِكَ ، إِلهِي وَأَنا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَوَسِّلُّ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ ، إِلهِي أَنا عَبْدٌ أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحيائِي مِنْ نَظَرِكَ وَأَطْلُبُ العَفْوَ مِنْكَ إِذِ العَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ ، إِلهِي لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَأَنْتَقِل بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلاّ فِي وَقْتٍ أَيْقَظْتَنِي لِمَحَبَّتِكَ وَكَما أَرَدْتَ أَنْ أَكُونَ كُنْتُ فَشَكَرْتُكَ بإدْخالِي فِي كَرَمِكَ وَلِتَطْهِيرِ قَلْبِي مِنْ أَوْساخِ الغَفْلَةِ عَنْكَ. إِلهِي انْظُرْ إلى نَظَرَ مَنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأَطاعَكَ يا قَرِيبا لايَبْعُدُ عَنْ المُغْتَرِّ بِهِ يا جَواداً لايَبْخلُ عَمَّنْ رَجا ثَوابَهُ ، إِلهِي هَبْ لِي قَلْبا يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ وَلِسانا يُرْفَعُ إِلَيْكَ صِدْقُهُ وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ حَقُّهُ ، إِلهِي إِنَّ مَنْ تَعَرَّفَ بِكَ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَمِنْ لاذَ بِكَ غَيْرُ مخْذُولٍ وَمَنْ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ (١). إِلهِي إنَّ مَنْ انْتَهَجَ بِكَ لَمُسْتَنِيرٌ وَإِنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ لَمُسْتَجِيرٌ وَقَدْ لُذْتُ بِكَ يا إِلهِي فَلا تُخَيِّبْ ظَنِّي مِنْ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْجُبْنِي عَنْ رَأفَتِكَ ، إِلهِي أَقِمْنِي فِي أَهْلِ وِلايَتِكَ مُقامَ مَنْ رَجا الزِّيادَةَ مِنْ محَبَّتِكَ ، إِلهِي وَأَلْهِمْنِي وَلَها بِذِكْرِكَ إِلى ذِكْرِكَ وَهِمَّتِي فِي رَوْحِ نَجاحِ أَسْمائِكَ وَمَحَلِّ قُدْسِكَ. إِلهِي بِكَ عَلَيْكَ إِلاّ أَلْحَقْتَنِي بِمَحَلِّ أَهْلِ طاعَتِكَ وَالمَثْوى الصَّالِحِ مِنْ مَرْضاتَِك فَإِنِّي لا أَقْدِرُ لِنَفْسِي دَفْعاً وَلا أَمْلِكُ لَها نَفْعاً ، إِلهِي أَنا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ المُذْنِبُ وَمَمْلُوكُكَ المُنِيبُ (٢) فَلا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ صَرَفْتَ عَنْهُ وَجْهَكَ وَحَجَبَهُ سَهْوُهُ عَنْ عَفْوِكَ ، إِلهِي هَبْ لِي كَمال الاِنقطاعِ إِلَيْكَ وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ حَتّى

_________________

١ ـ مملولٍ : خ.

٢ ـ المعيب ـ خ ـ.

٢٢٦

تَخْرِقَ أَبْصارُ القُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلى مَعْدِنِ العَظَمَةِ وَتَصِيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. إِلهِي وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ فَناجَيْتَهُ سِرَّا وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً ، إِلهِي لَمْ اُسَلِّطْ عَلى حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ الاَياسِ وَلا انْقَطَعَ رَجائِي مِنْ جَميلِ كَرَمِكَ ، إِلهِي إنْ كانَتِ الخَطايا قَدْ أَسْقَطَتْنِي لَدَيْكَ فَاصْفَحْ عَنِّي بِحُسْنِ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، إِلهِي إِنْ حَطَّتْنِي الذُّنُوبُ مِنْ مَكارِمِ لُطْفِكَ فَقَدْ نَبَّهَنِي اليَّقِينُ إِلى كَرَمِ عَطْفِكَ ، إِلهِي إِنْ أَنامَتْنِي الغَفْلَةُ عَنِ الاِسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ نَبَّهَتْنِي المَعْرِفَةُ بِكَرَمِ آلائِكَ ، إِلهِي إِنْ دَعانِي إِلى النَّارِ عَظِيمُ عِقابِكَ فَقَدْ دَعانِي إِلى الجَنَّةِ جَزِيلُ ثَوابِكَ ، إِلهِي فَلَكَ أَسْأَلُ وَإِلَيْكَ أَبْتَهِلُ وَأَرْغَبُ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ وَلايَنْقُضُ عَهْدَكَ وَلايَغْفَلُ عَنْ شُكْرِكَ وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ ، إِلهِي وَأَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الاَبْهَجِ فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ وَصلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً (١).

وهذه مناجاة جليلة القدر منسوبة إلى أئمتنا عليهم‌السلام مشتملة على مضامين عالية ، ويحسن أن يدعى بها عند حضور القلب متى كان.

أعمال شعبان الخاصة

الليلة الأولى : قد وردت فيها صلوات كثيرة مذكورة في (الاقبال) ومن تلك الصلوات : اثنتا عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد احدى عشرة مرة (٢).

اليوم الأول : ويفضل صيامه فضلاً كَثِيراً. وقد روي عن الصادق عليه‌السلام : أنّ من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتّة (٣).

_________________

١ ـ رواه ابن طاووس في الاقبال ٣ / ٢٩٥ فصل ١٠ عن ابن خالويه.

٢ ـ الاقبال ٣ / ٢٨٩ فصل ٣ وفيه : (قل هو الله أحد) خمس عشر مرّة ...

٣ ـ الاقبال ٣ / ٢٩٣ فصل ٧.

٢٢٧

وقد روى السيد ابن طاووس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أَجْراً جزيلاً لمن صام ثلاثة أيام من هذا الشهر يصلّي في لياليها ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وسورة التوحيد إحدى عشرة مرة (١).

واعلم أنه قد ورد في تفسير الإمام عليه‌السلام رواية في فضل شعبان وفضل اليوم الأوّل منه تشتمل على فوائد جمّة ، وشيخنا ثقة الاسلام النوري (نور الله مرقده) قد أورد ترجمتها في نهاية كتابه الفارسي (كلمة طيّبة) ، والرواية مبسوطة لا يسعها المقام ، وملخصها : أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قد مرّ على قوم من أخلاط المسلمين وهم قعود في بعض المساجد في أول يوم من شعبان وهم يخوضون في أمر القدر وغيره وقد ارتفعت أصواتهم واشتد فيه محكمهم (٢) وجدالهم ، فوقف عليهم وسلم فردّوا عليه وأوسعوا له وقاموا إليه يسألونه القعود عليهم فلم يحفل بهم ، ثم قال لهم وناداهم :

يا معاشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ولا يرد عليهم ، ألم تعلموا أنّ لله عباداً قد أسكتهم من غير عَيٍّ ولا بَكَمٍ ، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انكسرت ألسنتهم وانقطعت أفئدتهم وطاشت عقولهم وحامت حلومهم إعزازاً لله وإعظاماً وإجلالاً ، فإذا أفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله بالاعمال الزاكية يعدّون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين ، وانّهم براء من المقصّرين ومن المفرطين ، إلاّ أنهم لا يرضون لله بالقليل ولا يستكثرون لله الكثير ، فهم يدأبون له في الاعمال ، فهم إذا رأيتهم ، قائمون للعبادة مروعون خائفون مشفقون وجلون ، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين؟ أما علمتم أنّ أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه ، وأنّ أجهلهم به أكثرهم كلاما فيه؟ يا معشر المبتدعين ، هذا يوم غرّة شعبان الكريم ، سمّاه ربنا شعبان لتشعب الخيرات فيه ؛ قد فتح ربكم فيه أبواب جنانه وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الأثمان وأسهل الأُمور فاشتروها ، وعرض لكم إبليس اللعين شعب شروره وبلاياه فأنتم دائباً تتيهون في الغي والطغيان تمسكون بشعب إبليس وتحيدون عن شعب الخير المفتوح لكم أبوابه.

هذه غرّة شعبان وشعب خيراته الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبرّ الوالدين والقرابات والجيران وإصلاح ذات البين والصدقة على الفقراء والمساكين ، تتكفلون ما قد وضع عنكم (أي أمر القدر) وماقد نهيتم عن الخوض فيه من كشف سرائر الله التي من فتش عنها كان من الهالكين. أما إنكم لو وقفتم على ما قد أعدّ ربنا عزَّ وجلَّ للمطيعين من عباده في هذا اليوم لقصرتم عما أنتم فيه وشرعتم فيما أُمرتم به. قالوا : يا أمير المؤمنين ، وما الذي أعدَّه الله في هذا اليوم للمطيعين له؟ فروى عليه‌السلام ما كان من أمر الجيش الذي بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى

_________________

١ ـ الاقبال ٣ / ٢٩٠ فصل ٣.

٢ ـ المحك : المنازعة في الكلام والتمادي في اللجاجة.

٢٢٨

الكفار ، فوثب الكفار عليه ليلاً ، وكانت ليلة ظلماء دامسة والمسلمون نيام ، ولم يك فيهم يقظان سوى زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وقتادة بن نعمان وقيس بن عاصم المنقري وكل منهم يقظان في جانب من جوانب العسكر يصلّي الصلاة أو يتلو القرآن ، وكاد المسلمون ان يهلكوا لأنهم في الظلام لا يبصرون أعداءهم ليتّقوهم ، وإذا بأضواء تسطع من أفواه هؤلاء النفر الأَرْبعة تضيء معسكر المسلمين فتورثهم القوة والشجاعة ، فوضعوا السيوف على الكفار فصاروا بين قتيل أو جريح أو أسير ؛ فلما رجعوا قصّوا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ هذه الأنوار قد كانت لما عمله إخوانكم هؤلاء من أعمال في غرّة شعبان ثم حدّثهم بتلك الأعمال واحداً فو احداً إلى أن قال : إنّ إبليس إذا كان أوّل يوم من شعبان يبثّ جنوده في أقطار الأَرْض وآفاقها يقول لهم : اجتهدوا في‌اجتذاب بعض عباد الله إليكم في هذا اليوم ، وإنّ الله عزَّ وجلَّ يبث ملائكته في أقطار الأَرْض وآفاقها يقول لهم : سدّدوا عبادي وأرشدوهم وكلّهم يسعد إلاّ من أبى وطغى فإنه يصير في حزب إبليس وجنوده ، وإنّ الله عز وجل إذا كان أول يوم من شعبان يأمر باب الجنة فتفتح ويأمر شجرة طوبى فتدني أغصانها من هذه الدنيا ، ثم ينادي منادي ربنا عز وجل : يا عباد الله ، هذه أغصان شجرة طوبى فتعلّقوا بها لترفعكم إلى الجنة ، وهذه أغصان شجرة الزقوم فإيّاكم وإيّاها لاتؤديكم إلى الجحيم.

قال : فوالذي بعثني بالحق نبيا إنّ من تعاطى باباً من الخير في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان شجرة طوبى فهو مؤدّيه إلى الجنة ، وإنّ من تعاطى باباً من الشر في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان شجرة الزقّوم فهو مؤدّيه إلى النار.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فمن تطوّع لله بصلاة في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن ، ومن صام في هذا اليوم تعلّق منه بغصن ، ومن أصلح بين المر وزوجه ، والوالد وولده ، والقريب وقريبه والجار وجاره ، والأجنبي والأجنبي ، فقد تعلّق منه بغصن ، ومن خفّف عن مُعسرٍ دَينه أو حطّ عنه فقد تعلّق منه بغصن ، ومن نظر في حسابه فرأى دَينا عتيقاً قد آيس منه صاحبه فأدَّاه فقد تعلق منه بغصن ، ومن كفل يتيما فقد تعلّق منه بغصن ، ومن كفّ سفيها عن عرض مؤمن فقد تعلّق منه بغصن ، ومن تلا القرآن أو شيئاً منه فقد تعلّق منه بغصن ، ومن قعد يذكر الله ونعماءه ليشكره فقد تعلّق منه بغصن ، ومن عاد مريضا فقد تعلّق منه بغصن ، ومن بَرَّ فيه والديه أو أحدهما في هذا اليوم فقد تعلّق منه بغصن ، ومن كان أسخطهما قبل هذا اليوم فأرضاهما في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن ، وكذلك

٢٢٩

من فعل شيئاً من ساير أبواب الخير في هذا اليوم فقد تعلّق منه بغصن.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبياً وإنّ من تعاطى باباً من الشرِّ والعصيان في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان الزقّوم فهو مؤديه إلى النار. ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبياً ، فمن قصّر في الصلاة المفروضة وضيّعها فقد تعلّق بغصن منه ، ومن جاءه في هذا اليوم فقير ضعيف يعرف سوء حاله فهو يقدر على تغيير حاله من غير ضرر يلحقه وليس هناك من ينوب عنه ويقوم مقامه فتركه يضيع ويعطب ولم يأخذه بيده فقد تعلّق بغصن منه ، ومن اعتذر إليه مسي فلم يعذره ثم لم يقتصر به على قدر عقوبة إساءته بل زاد عليه فقد تعلّق بغصن منه ، ومن ضرب بين المر وزوجه أو الوالد وولده أو الأخ وأخيه أو القريب وقريبه أو بين جارين أو خليطين أو أختين فقد تعلّق بغصن منه ، ومن شدّد على مُعسر وهو يعلم إعساره فزاد غيظاً وبلاءاً فقد تعلّق بغصن منه ، ومن كان عليه دَين فأنكره على صاحبه وتعدّى عليه حتى أبطل دَينه فقد تعلّق بغصن منه ، ومن جفا يتيماً وآذاه وتهضمّ (١) ماله فقد تعلّق بغصن منه ، ومن تغنّى بغنى يبعث فيه على المعاصي فقد تعلّق بغصن منه ، ومن قعد يعدّد قبائح أفعاله في الحروب وأنواع ظلمه لعباد الله فيفتخر بها فقد تعلّق بغصن منه ، ومن كان جاره مريضا فترك عيادته استخفافاً بحقه فقد تعلّق بغصن منه ، ومن مات جاره فترك تشييع جنازته تهاونا فقد تغلق بغصن منه ، ومن أعرض عن مصاب جفاءاً وازدرأً (٢) عليه واستصغاراً له فقد تعلّق بغصن منه ، ومن عقَّ والديه أو أحدهما فقد تعلّق بغصن منه ، ومن كان قبل ذلك عاقّا لهما فلم يرضهما في هذا اليوم ويقدر على ذلك فقد تعلّق بغصن منه ، وكذا من فعل شيئاً من ساير أبواب الشر فقد تعلّق بغصن منه.

والذي بعثني بالحق نبيّاً ، إنّ المتعلقين بأغصان شجرة طوبى ترفعهم تلك الأغصان إلى الجنة. ثم رفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طرفه إلى السماء مليّاً وجعل يضحك ويستبشر ، ثم خفض طرفه إلى الأَرْض فجعل يقطب ويعبس ، ثم أقبل على أصحابه فقال : والذي بعث محمداً بالحق نبيّاً ، لقد رأيت شجرة طوبى ترفع أغصانها وترفع المتعلّقين بها إلى الجنة ورأيت منهم من تعلّق منها بغصن ، ومنهم من تعلّق بغصنين أو بأغصان على حسب اشتمالهم على الطاعات ، وإني لأرى زيد بن حارثة فقد تعلّق بعامّة أغصانها ، فهي ترفعه إلى أعلى أعلاها ، فبذلك ضحكت واستبشرت. ثم نظرت إلى الأَرْض ، فوالذي بعثني بالحق نبيّا ، لقد رأيت شجرة الزقّوم تنخفض أغصانها وتخفض المتعلّقين بها

_________________

١ ـ أي غصب.

٢ ـ ازدرى الرجل : أي احتقره واستخفّ به.

٢٣٠

إلى الجحيم ورأيت منهم من تعلّق بغصن ومنهم من تعلّق بغصنين أو بأغصان على حسب اشتمالهم على القبائح ، وإنّي لأرى بعض المنافقين قد تعلّق بعامّة أغصانها وهي تخفضه إلى أسفل دركاتها ، فلذلك عبست وقطبت (١) (٢).

اليوم الثالث : وهو يوم مبارك ، قال الشيخ في (المصباح) : في هذا اليوم ولد الحسين بن علي عليه‌السلام وخرج إلى أبي القاسم بن علاء الهمداني وكيل الإمام العسكري : أنّ مولانا الحسين عليه‌السلام ولد يوم الخميس لثلاث خَلونَ من شعبان ، فصمه وادع فيه بهذا الدعاء :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ المَوْلُودِ فِي هذا اليَوْمِ بِشَهادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلالِهِ وَوِلادَتِهِ بَكَتْهُ السَّماء وَمَنْ فِيها وَالأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها وَلَمَّا يَطَأ لابَيَتْها ، قَتِيلِ العَبْرَةِ وَسَيِّدِ الاُسْرَةِ المَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ فِي يَوْمِ الكَرَّةِ المُعَوّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الأئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ وَالشِّفاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَالفَوْزَ مَعَهُ فِي أَوْبَتِهِ وَالأَوْصِياء مِنْ عُتْرَتِهِ بَعْدَ قائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ حَتّى يُدْرِكُوا الأوْتارَ وَيَثْأَرُوا الثَّأرَ وَيُرْضُوا الجَبَّارَ وَيَكُونُوا خَيْرَ أَنْصارٍ ، صَلَّى الله عَلَيْهِمْ مَعَ اخْتِلافِ الليْلِ وَالنَّهارِ. اللّهُمَّ فَبِحَقِّهِمْ إِلَيْكَ أَتَوَسَّلُ وَأَسْأَلُ سُؤالَ مُقْتَرِفٍ مُعتَرِفٍ مُسِيٍ إِلى نَفْسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ ، يَسْأَلُكَ العِصْمَةَ إِلى مَحَلِّ رَمْسِهِ ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ وَبَوِّئْنا مَعَهُ دارَ الكَرامَةِ وَمَحَلَّ الإقامَةِ ، اللّهُمَّ وَكَما كَرَّمْتَنا بِمَعْرِفَتِهِ فَأَكْرِمْنا بِزُلْفَتِهِ وَارْزُقْنا مُرافَقَتَهُ وَسابِقَتَهُ وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لاَمْرِهِ وَيُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَعَلى جَمِيعِ أَوْصِيائِهِ وَأَهْلِ أَصْفِيائِهِ المَمْدُودِينَ مِنْكَ بِالعَدَدِ الاِثْنَي عَشَرَ النُّجُومِ الزُّهَرِ وَالحُجَجِ عَلى جَميعِ البَشَرِ اللّهُمَّ وَهَبْ لَنا فِي هذا اليَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ وَانْجِحْ لَنا فِيهِ كُلَّ طَلِبَهٍ كَما وَهَبْتَ الحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَعاذَ فُطْرُسُ بِمَهْدِهِ فَنَحْنُ عائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.

_________________

١ ـ قطب الرجل : زوى ما بين عينيه وعبس.

٢ ـ التفسير المنسوب الى الامام العسكري عليه‌السلام : ٦٣٥ ، ذيل آيه ٢٨٢ من سورة البقرة.

٢٣١

ثم تدعو بعد ذلك بدعاء الحسين عليه‌السلام وهو آخر دعائه عليه‌السلام يوم كثرت عليه أعداؤه ، وهو يوم عاشوراء :

اللّهُمَّ أَنْتَ مُتَعالِي المَكانِ عَظِيمُ الجَبَروتِ شَدِيدُ المِحال (١) غَنِيُّ عَنِ الخَلائِقِ عَرِيضُ الكِبْرِياءِ قادِرٌ عَلى ماتَشاءُ قَرِيبُ الرَّحْمَةِ صادِقُ الوَعْدِ سابِغُ النِّعْمَةِ حَسَنُ البَلاِ ، قَرِيبٌ إِذا دُعِيتَ مُحيطٌ بِما خَلَقْتَ قابِلُ التَّوْبَةِ لِمَنْ تابَ إِلَيْكَ قادِرٌ عَلى ماأَرَدْتَ وَمُدْرِكٌ ماطَلَبْتَ وَشَكُورٌ إِذا شُكِرْتَ وَذَكُورٌ إِذا ذُكِرْتَ ؛ أَدْعُوكَ مُحْتاجاً وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ فَقِيراً وَأَفْزَعُ إِلَيْكَ خائِفاً وَأَبْكِي إِلَيْكَ مَكْرُوباً وَأَسْتَعِينُ بِكَ ضَعِيفاً وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ كافِياً ، اُحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا (٢) فَإِنَّهُمْ غَرُّونا وَخَدَعُونا وَخَذَلُونا وَغَدَرُوا بِنا وَقَتَلُونا وَنَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ وَوَلَدُ (٣) حَبِيبِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله الَّذِي اصْطَفَيْتَهُ بِالرِّسالَةِ وَائْتَمَنْتَهُ عَلى وَحْيِكَ فَاجْعَلْ لَنا مِنْ أَمْرِنا فَرَجاً وَمَخْرَجاً بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. قال ابن عياش : سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري يقول : سمعت الصادق عليه‌السلام يدعو به في هذا اليوم. وقال : هو من أدعية اليوم الثالث من شعبان ، وهو ميلاد الحسين عليه‌السلام (٤).

الليلة الثالثة عشرة : وهي أول الليالي البيض وقد مرّ مايصلّى في هذه الليلة والليلتين بعدها في أعمال شهر رجب ص ٢٠٨.

ليلة النصف من شعبان

وهي ليلة بالغة الشرف ، وقد روي عن الصادق عليه‌السلام قال : سئل الباقر عليه‌السلام عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال عليه‌السلام : هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه ، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها فإنها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه أن لايردّ سائلاً فيها مالم يسأل المعصية ، وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر

_________________

١ ـ المحال : العقوبة.

٢ ـ بالحقِّ : خ.

٣ ـ وولد ـ خ ـ.

٤ ـ مصباح المتهجد : ٨٢٦ ـ ٨٢٨.

٢٣٢

لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثناء عليه ... الخبر (١).

ومن عظيم بركات هذه الليلة المباركة أنها ميلاد سلطان العصر وإمام الزمان أرواحنا له الفداء ولد عند السحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ من رأى (٢). هذا ما يزيد هذه الليلة شرفا وفضلاً ، وقد ورد فيها أعمال :

أولها : الغسل ، فإنه يوجب تخفيف الذنوب (٣).

الثاني : إحياؤها بالصلاة والدعاء والاستغفار كما كان يصنع الإمام زين العابدين عليه‌السلام (٤) ، وفي الحديث : من أحيا هذه الليلة لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (٥).

الثالث : زيارة الحسين عليه‌السلام ، وهي أفضل أعمال هذه الليلة وتوجب غفران الذنوب ، ومن أراد أن يصافحه أرواح مائة وأربعة وعشرين الف نبي فليزره عليه‌السلام في هذه الليلة (٦) ، وأقل مايزار به عليه‌السلام أن يصعد الزائر سطحاً مرتفعاً فينظر يمنة ويسرة ثم يرفع رأسه إلى السماء فيزوره عليه‌السلام بهذه الكلمات : السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. ويرجى لمن زار الحسين عليه‌السلام حيثما كان بهذه الزيارة يكتب له أجر حجة وعمرة (٧) ، ونحن سنذكر في باب الزيارات ما يختص بهذه الليلة منها إن شاء الله.

الرابع : أن يدعو بهذا الدعاء الذي رواه الشيخ والسيد وهو بمثابة زيارة للإمام الغائب صلوات الله عليه :

اللّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنا وَمَوْلُودِها وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِها الَّتِي قَرَنْتَ إِلى فَضْلِها فَضْلاً فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ وَلا مُعَقِّبَ لآياتِكَ نُورُكَ المُتَأَلِّقُ وَضِياؤُكَ المُشْرِقُ وَالعَلَمُ النُّورُ فِي طَخْياء الدَيْجُورِ ، الغائِبُ المَسْتُورُ جَلَّ مَوْلِدُهُ وَكَرُمَ مَحْتِدُهُ وَالمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ وَالله ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ إذا آنَ مِيعادُهُ وَالمَلائِكَةُ (٨)

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣١ مع اضافات.

٢ ـ اعلام الورى للطبرسي : ٣٩٣.

٣ ـ مصباح المتهجّد : ٨٥٣ عن ابي عبدالله عليه‌السلام مع اختلاف لفظي.

٤ ـ مصباح المتهجّد : ٨٥٣.

٥ ـ رواه الصدوق في ثواب الاعمال : ٧٧ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٦ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣٠ عن الصادق عليه‌السلام والاقبال ٣ / ٣٣٩ فصل ٥٢ عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام مع اختلاف لفظي واضافات.

٧ ـ رواه ابن قولويه في كامل الزيارات : ٤٨٠ ، باب ٩٦ ، برقم ٧٣٤ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف لفظي واضافات.

٨ ـ فالملائكة ـ خ ـ.

٢٣٣

أَمْدادُهُ ، سَيْفُ الله الَّذِي لايَنْبُو وَنُورُهُ الَّذِي لا يَخْبُو وَذُو الحِلْمِ الَّذِي لايَصْبُو مَدارُ الدَّهْرِ وَنَوامِيسُ العَصْرِ وَوُلاةُ الأمْرِ وَالمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ مايَتَنَزَّلُ فِي لَيْلَةَ القَدْرِ وَأَصْحابُ الحَشْرِ وَالنَشْرِ تَراجِمَةُ وَحْيِهِ وَوُلاةُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى خاتِمِهِمْ وَقائِمِهِمْ المَسْتُورِ عَنْ عَوالِمِهِمْ ، اللّهُمَّ وَادْرِكْ بِنا أَيَّامَهُ وَظُهُورَهُ وَقِيامَهُ وَاجْعَلْنا مِنْ انْصارِهِ وَاقْرِنْ ثَأْرَنا بِثَأْرِهِ وَاكْتُبْنا فِي أَعْوانِهِ وَخُلَصائِهِ وَاحْيِنا فِي دَوْلَتِهِ ناعِمِينَ وَبِصُحْبَتِهِ غانِمِينَ وَبِحَقِّهِ قائِمِينَ وَمِنَ السُّوءِ سالِمِينَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ وَصَلَواتُهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ (١) خاتَمِ النَّبِيِّنَ وَالمُرْسَلِينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الصَّادِقِينَ وَعِتْرَتِهِ النَّاطِقِينَ وَالعَنْ جَمِيعَ الظَّالِمِينَ وَاحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ يا أَحْكَمَ الحاكِمِينَ (٢).

الخامس : روى الشيخ عن إسماعيل بن فضل الهاشمي قال : علّمني الصادق عليه‌السلام هذا الدعاء لادعو به ليلة النصف من شعبان :

اللّهُمَّ أَنْتَ الحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الخالِقُ الرَّازِقُ المُحْيِي المُمِيْتُ البَدِيُ البَدِيعُ ، لَكَ الجَلالُ وَلَكَ الفَضْلُ وَلَكَ الحَمْدُ وَلَكَ المَنُّ وَلَكَ الجُودُ وَلَكَ الكَرَمُ وَلَكَ الاَمْرُ وَلَكَ المَجْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، يا واِحُد يا أحَدُ يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أَحَدٌ ؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي وَاقْضِ دَيْنِي وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي ، فَإِنَّكَ فِي هذِهِ الليْلَةِ كُلَّ أَمْرٍ حَكِيمٍ تُفَرِّقُ وَمَنْ تَشاءُ مِنْ خَلْقِكَ تَرْزُقُ فَارْزُقْنِي وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَأَنْتَ خَيْرُ القائِلِينَ النَّاِطِقينَ : (وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ) (٣) فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْأَلُ وَإِيَّاكَ قَصَدْتُ وَابْنَ نَبِيِّكَ اعْتَمَدْتُ وَلَكَ رَجَوْتُ فَارْحَمْنِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٤).

_________________

١ ـ وصلّى الله على سيّدنا محمّدٍ ـ خ ـ.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٨٤٢ ، الاقبال ٣ / ٣٣٠ فصل ٥١.

٣ ـ النساء : ٤ / ٣٢.

٤ ـ مصباح المتهجّد : ٨٤٢.

٢٣٤

السادس : ادع بهذا الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الليلة :

اللّهُمَّ اقْسِمْ لَنا مِنْ خَشْيَتِكَ مايحَوُلُ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ وَمِنْ طاعَتِكَ ماتُبَلِّغُنا بِهِ رِضْوانَكَ وَمِنَ اليَّقِينِ مايَهُونُ عَلَيْنا بِهِ مُصِيباتُ الدُّنْيا ، اللّهُمَّ أَمْتِعْنا (١) بِأَسْماعِنا وَأَبْصارِنا وَقُوَّتِنا ما أَحْيَيْتَنا وَاجْعَلْهُ الوارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثأْرَنا عَلى مَنْ ظَلَمَنا وَانْصُرْنا عَلى مَنْ عادانا وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا فِي دِينِنا وَلا تَجْعَلْ الدُّنْيا أَكْبَر هَمِّنا وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنا ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحَمُنا بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وهذه من الدعوات الجامعات الكاملات ، ويغتنم الدعاء به في سائر الأوقات (٢). وفي كتاب (عوالي الّلالي) أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يدعو بهذا الدعاء في كافة الأوقات (٣).

السابع : أن يقرأ الصلوات التي يدعى بها عند الزوال في كل يوم (٤).

الثامن : أن يدعو بدعاء كميل الذي أثبتناه في الباب الأوّل من الكتاب ، وهو وارد في هذه الليلة (٥).

التاسع : أن يذكر الله بكل من هذه الأذكار مائة مرة : سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ ، ليغفر الله له ما سلف من معاصيه ويقضي له حوائج الدنيا والآخرة (٦).

العاشر : روى الشيخ في (المصباح) عن أبي يحيى في حديث في فضل ليلة النصف من شعبان أنه قال : قلت لمولاي الصادق عليه‌السلام : ما هو فضل الأدعية في هذه الليلة؟ فقال : إذا صلّيت العشاء فصلِّ ركعتين تقرأ في الأوّلى الحمد وسورة الجحد ـ وهي سورة ـ قل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وسورة التوحيد ـ وهي سورة ـ قل هو الله أحد ، فإذا سلّمت قلت : سُبْحانَ الله ثلاثاً وثلاثين مرة ، والحَمْدُ للهِ ثلاثاً وثلاثين مرة ، وَالله أَكْبَرُ أربعاً وثلاثين مرة ثم قل :

يا مَنْ إِلَيْهِ مَلْجأُ (٧) العِبادِ فِي المُهِمَّاِت وَإِلّيْهِ يَفْزَعُ الخَلْقُ فِي المُلِمَّاتِ يا عالِمَ الجَهْرِ

_________________

١ ـ في الاقبال : «متعنا».

٢ ـ الاقبال ٣ / ٣٢١ فصل ٤٤.

٣ ـ عوالي اللئالي لابن أبي جمهور ١ / ١٥٩ رقم ١٤٤ مع اختلاف قليل في بعض الالفاظ.

٤ ـ تقدم في ص ٢٢٣ أوّله اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد شجرة النبوة.

٥ ـ الاقبال ٣ / ٣٣١ فصل ٥١.

٦ ـ الاقبال ٣ / ٣١٥ فصل ٤٢ عن جعفر بن محمّد عن الباقر عليهما‌السلام مع اضافات.

٧ ـ ملجاء ـ خ ـ.

٢٣٥

وَالخَفِيَّاتِ يا مَنْ (١) لاتَخْفى عَلَيْهِ خَواطِرُ الاَوْهامِ وَتَصرُّفُ الخَطَراتِ يا رَبَّ الخَلائِقِ وَالبَرِيَّاِت يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الأَرْضِينَ وَالسَّماواتِ ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ أَمُتُّ إِلَيْكَ بِلا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ فَيا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ اجْعَلْنِي فِي هذِهِ الليْلَةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ وَسَمِعْتَ دُعائَهُ فَأَجَبْتَهُ وَعَلِمْتَ اسْتِقالَتَهُ فَأَقَلْتَهُ وَتَجاوَزْتَ عَنْ سالِفِ خَطِيئَتِهِ وَعَظِيمِ جَرِيرَتِهِ فَقَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْ ذُنُوبِي وَلَجَأْتُ إِلَيْكَ فِي سَتْرِ عُيُوبِي ، اللّهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ وَاحْطُطْ خَطايايَ بِحِلْمِكَ وَعَفْوِكَ وَتَغَمَّدْنِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ وَاجْعَلْنِي فِيها مِنْ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ اجْتَبَيْتَهُمْ لِطاعَتِكَ وَاخْتَرْتَهُمْ لِعِبادَتِكَ وَجَعَلْتَهُمْ خالِصَتَكَ وَصَفْوَتَكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ سَعَدَ جَدُّهُ وَتَوَفَّرَ مِنَ الخَيْراتِ حَظُّهُ وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ وَفازَ فَغَنِمَ وَاكْفِنِي شَرَّ ما أَسْلَفْتُ وَاعْصِمْنِي مِنَ الازْدِيادِ فِي مَعْصِيَتِكَ وَحَبِّبْ إلى طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُنِي مِنْكَ وَيُزْلِفُنِي عِنْدَكَ. سَيِّدِي ، إِلَيْكَ يَلْجَأُ الهارِبُ وَمِنْكَ يَلْتَمِسُ الطَّالِبُ وَعَلى كَرَمِكَ يَعِّولُ المُسْتَقِيلُ التائبُ أَدَّبْتَ عِبادَكَ بِالتَّكَرُّمِ وَأَنْتَ أَكْرَمُ الاَكْرَمِينَ وَأَمَرْتَ بِالعَفْوِ عِبادَكَ وَأَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ، اللّهُمَّ فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ مِنْ كَرَمِكَ وَلا تُؤْيِسْنِي مِنْ سابِغِ نِعَمِكَ وَلا تُخَيِّبْنِي مِنْ جَزِيلِ قِسَمِكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ لاَهْلِ طاعَتِكَ وَاجْعَلْنِي فِي جَنَّةٍ مِنْ شِرارِ بَرِيَّتِكَ. رَبِّ ، إِنْ لْم أَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ الكَرَمِ وَالعَفْوِ وَالمَغْفِرَةِ وَجُدْ عَلَيَّ بِما أَنْتَ أَهْلُهُ لا بِما أَسْتَحِقُّهُ فَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِكَ وَتَحَقَّقَ رَجائِي لَكَ وَعَلِقَتْ نَفْسِي بِكَرَمِكَ فَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَأَكْرَمُ الاَكْرَمِينَ ، اللّهُمَّ وَاخْصُصْنِي مِنْ كَرَمِكَ بِجَزِيلِ قسمِكَ وَأَعوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَاغْفِرْ لِي الذَّنْبَ الَّذِي يَحْبِسُ عَلَيَّ (٢) الخُلُقَ وَيُضيِّقُ عَلَيَّ الرِّزْقَ حَتّى أَقُومَ بصالِحِ رِضاكَ وَانْعَمَ بِجَزِيلِ عَطائِكَ وَأَسْعَدَ بِسابِغِ نَعْمائِكَ ، فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ

_________________

١ ـ ويا من ـ خ ـ.

٢ ـ عنّي ـ خ ـ.

٢٣٦

وَتَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ وَاسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وبِحِلْمِكَ مِنْ غَضَبِكَ فَجُدْ بِما سَأَلْتُكَ وَأَنِلْ ماالتَمَسْتُ مِنْكَ أَسْأَلُكَ بِكَ لا بِشَيٍْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ. ثم تسجد وتقول : يا رَبّ عشرين مرة ، يا الله سبع مرات ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله سبع مرات ، ما شاءَ الله عشر مرات ، لا قُوَّةَ إِلاّ بِالله عشر مرات ، ثم تصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتسأل حاجتك ، فوالله لو سألت بها بعدد القطر لبلّغك الله عزَّ وجلَّ إياها بكرمه وفضله (١).

الحادي عشر : قال الطوسي والكفعمي : يقال في هذه الليلة : إِلهِي تَعَرَّضَ لَكَ فِي هذا اللَّيْلِ المُتَعَرِّضُونَ وَقَصَدَكَ القاصِدُونَ وَأَمَّلَ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ الطَّالِبُونَ وَلَكَ فِي هذا اللَّيْلِ نَفَحاتٌ وَجَوائِزُ وَعَطايا وَمَواهِبُ تَمُنُّ بِها عَلى مَنْ تَشاءُ مِنْ عِبادِكَ وَتَمْنَعُها مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ العِنايَةُ مِنْكَ ، وَها أَنا ذا عُبَيْدُكَ الفَقِيرُ إِلَيْكَ المُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ ، فَإِنْ كُنْتَ يا مَوْلاي تَفَضَّلْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ عَلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَعُدْتَ عَلَيْهِ بِعائِدَةٍ مِنْ عَطْفِكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الخَيِّرِينَ الفاضِلِينَ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ وَمَعْرُوفِكَ يا رَبَّ العالَمينَ ، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً ، إِنَ الله حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَ فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ (٢). وهذا دعاء يدعى به في الاسحار عقيب صلاة الشفع.

الثاني عشر : أن يدعو بعد كل ركعتين من صلاة الليل وبعد الشفع والوتر بما رواه الشيخ والسيد (٣).

الثالث عشر : أن يسجد السجدات ويدعو بالدعوات المأثورة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، منها ما رواه الشيخ عن حماد بن عيسى عن أبان بن تغلب قال : قال الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ : كان ليلة النصف من شعبان وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند عائشة ، فلما انتصف الليل قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن فراشه فلما انتبهت وجدت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قام عن فراشها ، فداخلها ما يدخل النساء ـ أي الغيرة ـ وظنّت أنه قد قام إلى بعض نسائه ، فقامت تلفّفت بشملتها ، وأيم الله ما كانت قزّاً

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣١ ـ ٨٣٣.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣٣ ، البلد الامين : ١٧٥.

٣ ـ مصباح المتهجد : ٨٣٣ ـ ٨٣٦ ، الاقبال ٣ / ٣٥٠ ـ ٣٥٣ فصل ٥٥.

٢٣٧

ولا كتّاناً ولاقطناً ولكن سداهُ شعراً ولحمتُه أوبار الإبل فقامت تطلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجر نسائه حجرة حجرة ، فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجداً كثوب متلبّد (١) بوجه الأَرْض ، فدنت منه قَرِيباً فسمعته في سجوده وهو يقول :

سَجدَ لَكَ سَوادِي وَخَيالِي وَآمَنَ بِكَ فُؤادِي هذِهِ يَدايَ وَما جَنَيْتُهُ عَلى نَفْسِي يا عَظِيمُ تُرْجى لُكُلِّ عَظيمٍ اغْفِرْ لِيَ العَظِيمَ فَإنَّهُ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ العَظِيمَ إِلاّ الرَبُّ العَظِيمُ. ثم رفع رأسه وأهوى ثانياً إلى السجود وسمعته عائشة يقول : أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضائَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالأَرْضُونَ وانْكَشَفَتْ لَهُ الظُّلُماتُ وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الأوّلِينَ وَالآخِرِينَ مِنْ فُجأَةِ نَقِمَتِكَ وَمِنْ تَحْوِيلِ عافِيَتِكَ وَمِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنِي قَلْباً تَقِيّاً نَقِيّاً وَمِنَ الشِّرْكِ بَرِيئاً لا كافِراً وَلا شَقِيّاً. ثم عفّر خديه في التراب وقال : عَفَّرْتُ وَجْهِي فِي التُّرابِ وَحُقَّ لِي أَنْ أَسْجُدَ لَكَ. فلّما همَّ رسول الله بالانصراف هرولت إلى فراشها وأتى النبي إلى الفراش ، وسمعها تتنفس أنفاسا عالية! فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هذا النفس العالي؟ تعلمين أيّ ليلة هذه؟ ليلة النصف من شعبان ، فيها تقسم الأَرْزاق وفيها تكتب الآجال وفيها يكتب وفد الحاج ، وإنّ الله تعالى ليغفر في هذه الليلة من خلقه أكثر من شعر معزى قبيلة كلب ، وينزل الله ملائكته من السماء إلى الأَرْض بمكة (٢).

الرابع عشر : أن يصلّي صلاة جعفر الطيار ، كما رواه الشيخ عن الرضا صلوات الله عليه (٣).

الخامس عشر : أن يأتي بما ورد في هذه الليلة من الصلوات وهي كثيرة منها مارواها أبو يحيى الصنعاني عن الباقر والصادق عليه‌السلام ورواها عنهما أيضاً ثلاثون نفراً ممن يوثق بهم ويعتمد عليهم ، قالوا : قالا عليه‌السلام : إذا كانت ليلة النصف من شعبان فصلِّ أربع ركعات تقرأ في كل ركعة الحمد و (قل هو الله أحد) مائة مرة ، فإذا فرغت فقل :

_________________

١ ـ لبط فلاناً لبطاً : صرعه ويقال لبط به الارض.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٨٤١ ـ ٨٤٢.

٣ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣٨.

٢٣٨

اللّهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ وَمِنْ عَذابِكَ خائِفٌ مُسْتَجِيرٌ ، اللّهُمَّ لا تُبَدِّلْ اسْمِي وَلا تُغَيِّرْ جِسْمِي وَلا تَجْهَدْ بَلائِي وَلا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي ، أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقابِكَ وَأَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِكَ وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ جَلَّ ثَناؤُكَ أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ وَفَوْقَ ما يَقُولُ القائِلُونَ (١).

وإعلم أنه قد ورد في الحديث فضل كثير لصلاة مائة ركعة في هذه الليلة ، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد عشر مرات (٢) ، وقد مرّ في أعمال شهر رجب صفة الصلاة ست ركعات في هذه الليلة يقرأ فيها سورة الحمد ويَّس وتبارك والتوحيد (٣).

يوم النصف من شعبان : وهو عيد الميلاد ، وقد ولد فيه الإمام الثاني عشر إمامنا المهدي الحُجّة بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه ، ويستحب زيارته عليه‌السلام في كل زمان ومكان والدعاء بتعجيل الفرج عند زيارته ، وتتأكد زيارته في السرداب بسرّ من رأى ، وهو المتيقّن ظُهُورُهُ وتملكه ، وأنّه يملأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

أعمال ما بقي من هذا الشهر

عن الرّضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال : من صام ثلاثة أيّام مِن آخر شَعبان ووصلَها بِشَهرِ رَمَضانَ كتبَ الله تعالى لَهُ صيام شَهرين متتابعين (٤).

وعن أبي الصّلت الهروي قالَ : دخلت على الإمام الرّضا عليه‌السلام في آخر جمعة مِن شَعبان ، فقالَ لي : يا أبا الصّلت ، إنَّ شَعبان قَدْ مضى أكثره ، وهذا آخر جمعة فيه ، فتداركْ فيما بقي تقصيركَ فيما مضى مِنه ، وعليك بالاقبال على ما يعينك ، وأكثرْ من الدعاء والاستغفار وتلاوة القران وتبْ إلى الله مِن ذنوبِكَ ليقبل شَهر رَمَضان إليكَ وأنتَ مخلص لله عزَّ وجلَّ ، ولاتدعَنّ أمانة في عنقكَ إلاّ أدّيتها ولا في قلبكَ حقداً على مؤمِن إلاّ نزعته ولاذنباً أنتَ مرتكبه إلاّ اقلعت عَنهُ ، واتق الله وتوكّل عَليهِ في سرِّ أمركَ وعلانيتكَ (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيٍْ قَدْراً) (٥) وأكثر من أن تقول في ما بقي مِن هذا الشّهر : اللّهُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ غَفَرْتَ لَنا فِيما مَضى

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣٠.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٨٣٧ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومنه : لم يمت حتّى يرى منزله من الجنّة أو يُرى له.

٣ ـ تقدّم في اعمال الليلة الثالثة عشرة من رجب ، ص ٢٠٨.

٤ ـ رواه الصدوق في فضائل الاشهر الثلاثة : ١١٥ ، ح ١٠٩.

٥ ـ الطلاق : ٦٥ / ٣.

٢٣٩

مِنْ شَعْبانَ فَاغْفِرْ لَنا فِيما بَقِيَ مِنْهُ ، فانّ الله تباركَ وتعالى يعتق في هذا الشّهر رقاباً مِن النّار لحرمة هذا الشّهر (١).

وروى الشَيّخ عن حارث بن مغيرة النضّري ؛ قالَ : كانَ الصّادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ يدعو في آخر لَيلَةٍ مِن شَعبان وأوّل لَيلَة مِن رمضان :

اللّهُمَّ إِنَّ هذا الشَّهْرَ المُبارَكَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرآنُ وَجُعِلَ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرْقانِ ، قَدْ حَضَرَ فَسَلِّمْنا فِيهِ وَسَلِّمْهُ لَنا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ. يا مَنْ أَخَذَ القَلِيلَ وَشَكَرَ الكَثِيرَ اقْبَلْ مِنِّي اليَسِيرَ. اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي إِلى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً ، وَمِنْ كُلِّ مالاتُحِبُّ مانِعاً يا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا مَنْ عَفا عَنِّي وَعَمَّا خَلَوْتُ بِهِ مِنَ السَّيِّئاتِ ، يا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْنِي بارْتِكابِ المَعاصِي ؛ عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ ، يا كَرِيمُ! إِلهِي وَعَظْتَنِي فَلَمْ أَتَّعِظْ ، وَزَجَرْتَنِي عَنْْ محارِمِكَ فَلَمْ أَنْزَجِرْ ، فَما عٌذْرِي؟ فَاعْفُ عَنِّي يا كَرِيمُ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ. اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ المَوْتِ ، وَالعَفْوَ عِنْدَ الحِسابِ ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ التَّجاوُزُ مِنْ عِنْدِكَ يا أَهَلَ التَّقْوى وَيا أَهْلَ المَغْفِرَةِ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ. اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ بْنَ عبدِكَ بْنُ (٢) أَمَتِكَ ضَعِيفٌ فَقِيرٌ إِلى رَحْمَتِكَ ، وَأَنْتَ مُنْزِلُ الغِنى وَالبَرَكَهِ عَلى العِبادِ قاهِرٌ مُقْتَدِرٌ أَحْصَيْتَ أَعْمالَهُمْ ، وَقَسَّمْتَ أَرْزاقَهُمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ مُخْتَلِفَةً أَلْسِنَتُهُمْ وَأَلْوانُهُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ، وَلايَعلَمُ العِبادُ عِلْمَكَ ، وَلايَقْدِرُ العِبادُ قَدْرَكَ ، وَكُلُّنُا فَقِيرٌ إِلى رَحْمَتِكَ فَلا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ ، وَاجَعَلْنِي مِنْ صالِحِي خَلْقِكَ فِي العَمَلِ وَالاَمَلِ وَالقَضاء وَالقَدَرِ. اللّهُمَّ أَبْقِنِي خَيْرَ البَقاءِ ، وَأَفْنِنِي خَيْرَ الفَناءِ عَلى مُوالاةِ أَولِيائِكَ ، وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْكَ وَالرَهْبَةِ مِنْكَ ، وَالخُشُوعِ وَالوَفاءِ وَالتَّسْلِيمِ لَكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِكِتابِكَ ، وَاتِّباعِ سُنَّةِ رَسُولِكَ. اللّهُمَّ ماكانَ فِي قَلْبِي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيْبَةٍ أَوْ جُحُودٍ أَوْ قُنُوطٍ أَوْ فَرَحٍ أَوْ بَذَخٍ (٣) أَوْ بَطَرٍ أَوْ خُيَلاَء أَوْ رِياءٍ أَوْ سُمْعَةٍ أَوْ شِقاقٍ

_________________

١ ـ رواه ابن طاووس في الاقبال ١ / ٤٢ فصل ٢.

٢ ـ وابن عبدك وابن ـ خ ـ.

٣ ـ أو بذخ : نسخة.

٢٤٠