مسائل خلافية حار فيها أهل السنة

الشيخ علي آل محسن

مسائل خلافية حار فيها أهل السنة

المؤلف:

الشيخ علي آل محسن


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الميزان
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤

وإن كنتَ بالقربى حجَجْتَ خصيمَهم

فغيرُك أولى بالنبي وأقربُ (١)

وأما إذا قلنا بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد نصَّ على الخليفة من بعده كما هو الصحيح ، فالمخالفة حينئذ تكون أوضح.

ومن ذلك كله يتضح أن أهل السقيفة ـ المهاجرين منهم والأنصار ـ خالفوا النصوص الصحيحة الواردة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسألة الخلافة.

وهذا يستلزم ألا يكون شيء مما قرَّروه في السقيفة مُلزِماً لغيرهم ، أو حجَّة عليهم ، بل لا يمكن أن يُصَحَّح بحال.

وأما اجتهاد باقي الصحابة ورغبتهم في ترك الخلاف ببيعة أبي بكر من أجل رأب الصدع وعدم إحداث الفرقة ، فهذا اجتهاد منهم لا يُلزِم غيرهم أيضاً ، ولا يصحِّح بيعة أبي بكر مع ثبوت النصوص الصحيحة الدالة على خلافة علي عليه‌السلام التي سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.

رد أدلتهم على خلافة أبي بكر :

ذكر علماء أهل السنة بعضاً من الأحاديث والحوادث التي استدلوا بها على خلافة أبي بكر ، ونحن سنذكر أهمها ، وسنبيِّن ما فيها.

منها : ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرهما عن جبير بن مطعم ، قال : أتت امرأة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأمرها أن ترجع إليه ، فقالت : أرأيت إن جئت ولم أجدك؟ كأنها تقول : الموت. قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر (٢).

استَدل به على خلافة أبي بكر : ابن حجر في صواعقه ، وشارح العقيدة

__________________

(١) ديوان أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ص ١٢. وراجع احتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام بذلك في ( الإمامة السياسة ) ، ص ١١.

(٢) صحيح البخاري ٣ / ١١٢٦ فضائل أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ب ٥ ح ٣٦٥٩. صحيح مسلم ٤ / ١٨٥٦ فضائل الصحابة ، ب ١ ح ٢٣٨٦.

٦١

الطحاوية ، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (١) وغيرهم.

وهذا الحديث على فرض صحة سنده لا نصَّ فيه على الخلافة ، بل ولا ظهور فيه أيضاً ، إذ لعل تلك المرأة جاءت لأمر يتعلق بها يمكن لأي واحد من المسلمين أن يقضيه لها ، فأمرها بأن ترجع لأبي بكر فيه ، إما لأنه سينجزه لها عاجلاً ، أو لأنها من جيرانه وهو يعرفها ، فإن أهله بالسُّنْخ (٢) وهي كذلك ، أو لغير ذلك.

هذا مضافاً إلى أن الأمر الذي جاءت له تلك المرأة لم يتّضح من الحديث ، ومن الواضح أنه ليس أمراً لا يقوم به إلا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو خليفته من بعده كأمر الحرب أو ما شابهه ، بل هو أمر بسيط متعلّق بامرأة عادية.

ومنها : ما أخرجه الترمذي وحسّنه وابن ماجة والحاكم وصحَّحه وأحمد وغيرهم عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذَين من بعدي : أبي بكر وعمر (٣).

استدل به على خلافة أبي بكر : الإيجي في المواقف (٤) ، وابن حجر في صواعقه (٥) ، وشارح العقيدة الطحاوية (٦) ، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (٧) وغيرهم.

__________________

(١) الصواعق المحرقة ١ / ٥٣. شرح العقيدة الصحاوية ، ص ٤٧١. كتاب الإمامة ، ص ٢٥٢.

(٢) السنح : موضع في أطراف المدينة ، وكان بينها وبين منزل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميل ، وكان بها منزل أبي بكر.

(٣) سنن الترمذي ٥ / ٦٠٩ ح ٣٦٦٣ ، ٣٦٦٣. سنن أبن ماجة ١ / ٣٧ ح ٩٧. مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٣٨٢ ، ٣٨٥ ، ٣٩٩. المستدرك ٣ / ٧٥.

(٤) المواقف ، ص ٤٠٧.

(٥) الصواعق المحرقة ١ / ٥٦.

(٦) شرح العقيدة الطحاوية ، ص ٤٧٢.

(٧) كتاب الإمامة ، ص ٢٥٣.

٦٢

وهو على فرض صحة سنده لا يدل على خلافة أبي بكر وعمر أيضاً ، لأن الاقتداء بينه وبين الخلافة عموم وخصوص من وجه ، فقد يكون خليفة عند أهل السنة ولا يجوز الاقتداء به ، وقد يكون مقتدىً به وليس بخليفة ، وقد يكون خليفة ومقتدى به. وعليه فالأمر بالاقتداء بأبي بكر وعمر لا يدل على خلافتهما بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ويؤيد ذلك ما ورد في بعض ألفاظ الحديث بعد ذلك : واهتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد ابن مسعود (١).

فإنهم لم يقولوا بدلالة هذا الحديث بهذا اللفظ على خلافة عمار من بعدهما ولا ابن مسعود ، مع أن الأمر بالاهتداء بهدي عمار ، أقوى دلالة على الخلافة من الاقتداء ، لأن الله جل شأنه وصف الأئمة في كتابه بأنهم هداة إلى الحق ، فقال عز من قائل ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) (٢). وقال ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) (٣).

وأما الأمر بالاقتداء فورد في آية واحدة من كتاب الله ، وهي قوله تعالى ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) ، وهي مع ذلك اشتملت على ذِكر الهدى ، فكل من كان على الهدى جاز الاقتداء به ، ولا عكس ، إذ يجوز أن يقتدى بشخص عند أهل السنة في الصلاة مع كونه فاسقاً فاجراً ، أو في أي طريقة في أمور الدنيا نافعة مع كونه كافراً ، كالاقتداء بحاتم في كرمه ، وبالسموأل في وفائه ، أو ما شاكل ذلك.

هذا مع أن بعض مفسّري أهل السنة قالوا بأن قوله تعالى( أولئك ) شاملة للأنبياء وغيرهم من المؤمنين.

__________________

(١) المستدرك ٣ / ٧٥ ـ ٧٦ وصححه الحاكم ، وجلعه شاهداً للحديث السابق.

(٢) سورة السجدة ، الآية ٢٤.

(٣) سورة الانبياء ، الآية ٧٣.

٦٣

قال ابن كثير : ( أولئك ) يعني الأنبياء المذكورين مع من أُضيف إليهم من الآباء والذرية والإخوان وهم الأشباه (١).

ومنه يتضح أن الآباء والذرية والإخوان إنما يُقتدى بهم لإيمانهم ، لا لكونهم خلفاء ولا أئمة ، وعليه فلا دلالة للاقتداء في الحديث على الخلافة أو الإمامة.

هذا مع أن هذا الحديث لم يسلم سنده من كلام ، فإن الترمذي أخرجه في سننه بطريقين ، أحدهما سكت عنه فلم يصحّحه ، والآخر وإن حسّنه ، إلا أنه قال : وكان سفيان بن عيينة يدلِّس في هذا الحديث (٢) ، فربما ذكره عن زائدة عن عبد الملك بن عمير ، وربما لم يذكر فيه زائدة.

وذكر له طريقاً آخر من جملة رواته سفيان الثوري ، وهو أيضاً مدلّس (٣).

وأما الحاكم فإنه صحَّح رواية حذيفة بشاهد صحيح لها عنده ، وهو رواية ابن مسعود ، إلا أن الذهبي في التلخيص ضعَّف هذا الشاهد ، فقال : سنده واه.

وعلى كل حال ، فأكثر أسانيد هذا الحديث مروية عن السفيانيَّين ، وهما مدلّسان كما مرَّ آنفاً ، فكيف يقبل خبَرهما في مسألة الخلافة التي هي أهم المسائل.

__________________

(١) تفسير القرآن العظيم ٢ / ١٥٥.

(٢) وصفه بالتدليس : الذهبي في ميزان الاعتدال ٢ / ١٧٠ ، وابن حجر في طبقات المدلسين ، ص ٣٢.

(٣) ذكر ابن أبي حاتم في كتابه ( الجرح والتعديل ) ٤ / ٢٢٥ عن يحيى بن معين أنه قال : لم يكن أحد أعلم بحديث أبي إسحاق من الثوري ، وكان يدلس. وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ٢ / ١٦٩ : سفيان بن سعيد : الحجة الثبت ، متفق عليه ، مع أنه كان يدلس عن الضعفاء. وقال ابن حجر في طبقات المدلسين ، ص ٣٢ : وصفه النسائي وغيره بالتدليس.

٦٤

ومنها : ما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم ، عن أبي سعيد الخدري في حديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام ومودَّته (١).

استَدل به على خلافة أبي بكر : ابن حجر في صواعقه (٢) ، وشارح العقيدة الطحاوية (٣) ، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (٤) وغيرهم.

ولو سلّمنا بصحة هذا الحديث فأكثر ما يدل عليه هو أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يتّخذ أبا بكر خليلاً ، ولو أراد أن يتّخذ خليلاً لاتّخذ أبا بكر ، والخُلة : هي الصداقة ، والخليل هو الصديق (٥).

وعليه ، يكون معنى الحديث : لو أردتُ أن أتّخذ صديقاً لاتّخذت أبا بكر.

وهذا لا دليل فيه على أفضليته على غيره فضلاً عن خلافته ، لأنه يحتمل أن يكون اتخاذه خليلاً للِين طبعه ، أو حُسن أخلاقه كما وصفوه به ، أو لقِدَم صُحبته ، أو لكونه مِن أتراب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المقاربين له في السن ، أو لمصاهرته ، أو لغير ذلك من الأمور التي تُراعى في اتخاذ الصديق ، وإن كان غيره خيراً منه ، وربما يتخذ الرجل الحكيم خليلاً ، إلا أنه لا يعتمد عليه في القيام بأموره المهمة ، بل يسندها إلى غيره ، وهو واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.

__________________

(١) صحيح البخاري ١ / ١٦٢ ، ١٦٣ ، الصلاة ، ب ٨٠ ح ٤٦٦ ، ٤٦٧ ، ٣ / ١١٢٥ ـ ١١٢٦ فضائل أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ب ٣ ، ٤ ، ٥ ح ٣٦٥٤ ، ٣٦٥٦ ـ ٣٦٥٨. صحيح مسلم ٤ / ١٨٥٤ ـ ١٨٥٦ فضائل الصحابة ، ب ١ ح ٢٣٨٢ ـ ٢٣٨٣. مسند أحمد بن حبنل ٣ / ١٨.

(٢) الصواعق المحرقة ١ / ٥٧.

(٣) شرح العقيدة الطحاوية ، ص ٤٧٢.

(٤) كتاب الإمامة ، ص ٢٥١ ، ٢٥٢.

(٥) راجع النهاية في غريب الحديث ٢ / ٧٢. لسان العرب ١١ / ٢١٧. الصحاح ٤ / ١٦٨٨.

٦٥

ومنها : ما أخرجه مسلم ومسلم وأحمد وغيرهم عن عائشة ، قالت : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي مات فيه : ادعي له أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ، ويقول قائل : أنا أولى. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر (١).

استَدل به على خلافة أبي بكر : ابن حجر في صواعقه (٢) ، وشارح العقيدة الطحاوية (٣) ، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (٤).

وهذا الحديث لا يصدر من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنه مروي عن عائشة ، وأمر الخلافة لا يصح إيكاله للنساء ، لارتباطها بالرجال ، فإخبارهم بذلك هو المتعين ، دون عائشة أو غيرها من النساء.

ومع الإغماض عن ذلك فهذا من شهادة الأبناء للآباء ، أو ما يسمَّى بشهادة الفرع للأصل ، وهي غير مقبولة عندهم (٥) ، ولذا صحَّحوا ردّ أبي بكر

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ / ١٨١٤ المرضى ، ب ١٦ ح ٥٦٦٦ ، ٤ / ٢٢٥٦ الأحكام ، ب ٥١ ح ٧٢١٧. صحيح مسلم ٤ / ١٨٥٧ فضائل الصحابة ، ب ١ ح ٢٣٨٧. مسند أحمد بن حنبل ٦ / ١٠٦ ، ١٤٤.

(٢) الصواعق المحرقة ١ / ٥٨.

(٣) شرح العقيدة الطحاوية ، ص ٤٧٢.

(٤) كتاب الإمامة ، ص ٢٥٢.

(٥) قال الايجي في المواقف ، ص ٤٠٢ : فإن قيل : ادعت [ فاطمة ] أنه نحلها ، وشهد علي والحسن والحسين وأم كلثوم ، فرد أبو بكر شهادتهم. قلنا أما الحسن والحسين فللفرعين ، وأما علي وأم كلثوم فلقصورهما عن نصاب البينة.

وقال ابن حجر في الصواعق ١ / ٩٣ : وزعمهم أن الحسن والحسين وأم كلثوم شهدوا لها باطل ، على ان شهادة الفرع والصغير غير مقبولة. وقال الحلبي في السيرة الحلبية ٣ / ٤٨٨ : وأما زعم أنه شهد لها الحسن والحسين وأم كلثوم فباطل ، لم ينقل عن أحد ممن يعتمد عليه ، على ان شهادة الفرع للأصل غير مقبولة. وقال في رحمة الأمة ، ص ٥٧٨ : وهل تقبل شهادة الوالد لولده ، والولد لوالده ، أم لا؟ قال أبو

٦٦

شهادة الحسن والحسين عليهما‌السلام لفاطمة عليها‌السلام في أمر فدك.

وعليه فلا مناص من رد شهادة عائشة لأبيها في هذه المسألة بالأولوية ، لأن مسألة الخلافة أعظم وأهم من فدك.

ثم إن عائشة كان بينها وبين أمير المؤمنين عليه‌السلام جفوة ، وربما صدر منها ما يصدر من النساء في عداواتهن مع غيرهن ، ولذا أعرضتْ عن ذِكر اسم علي عليه‌السلام لَمَّا خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه معتمداً عليه وعلى العباس فيما أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة وغيرهم (١).

فإذا أخفت اتَكاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فما يتعلّق بالخلافة أولى بالإخفاء. فكيف يصح قبول قولها في مسألة كهذه؟!

ثم أين هذا الكتاب الذي أمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عائشة أن تدعو أباها وأخاها ليكتبه لهم؟ وما فائدة كتابة كتاب في أمر خطير كالخلافة لا يعلم به أحد من الناس إلا عائشة وأبوها وأخوها؟

ثم إن الحديث لا نصَّ فيه على الخلافة ، بل أقصى ما يدل عليه الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد أن يكتب كتاباً لأبي بكر ، حتى لا يتمنى متمنٍّ شيئاً. أما

__________________

حنيفة ومالك والشافعي : لا تقبل شهادة الوالدين من الطرفين للولدين ، ولا شهادة الولدين للوالدين : الذكور والإناث ، بعدوا أو قربوا. وعن أحمد ثلاث روايات : إحداها : كمذهب الجماعة. والثانية : تقبل شهادة الابن لأبيه ، ولا تقبل شهادة الاب لابنه. والثالثة : تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه ما لم تجر نفعاً في الغالب.

(١) أخرج البخاي ومسلم في صحيحيهما أن عائشة قال : لما ثقل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واشتد به وجعه ، استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له ، فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين رجلين ، تخط رجلاه في الارض ، بين عباس ورجل آخر. قال عبيد الله : فأخبرت عبد الله بن عباس فقال : أتدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ قلت : لا. قال : هو علي بن أبي طالب. راجع صحيح البخاري ١ / ٨٧ ح ١٩٨ ، ص ٢١١ ح ٦٦٥ ، ٢ / ٧٨١ ح ٢٥٨٨ ، ٣ / ١٣٤٠ ح ٤٤٤٢. صحيح مسلم ١ / ٣١٢ ح ٤١٨ : ٩١ ، ٩٢. سنن ابن ماجة ١ / ٥١٧ ح ١٦١٨.

٦٧

ماذا أراد أن يكتب لأبي بكر؟ فهو غير ظاهر من الحديث ، فلعله كان يريد أن يهبه متاعاً أو أرضاً أو أمراً آخر ، أو لعله لما علم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدنو أجله أراد أن يكتب كتاباً يجعله به أميراً على سرِيَّة أسامة إذا ألمَّ بأسامة مُلِم أو أصابه مكروه ، ويخشى أن يتمنَّى متمنّ في القوم ذلك.

وأما قوله : « ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر » فمعناه : أنني إذا كتبتُ له كتاباً بالمتاع أو الأرض أو الإمرة على سرية أسامة من بعده ، فإن الله لا يرضى إلا بما كتبته ، وكذا المؤمنون. والله العالم.

ومنها : ما أخرجه البخاري عن عمر بن العاص : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل ، فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك؟ فقال : عائشة. فقلت : من الرجال؟ فقال : أبوها. قلت : ثم مَن؟ قال : عمر بن الخطاب. فَعَدَّ رجالاً (١).

استدل به على خلافة أبي بكر : شارح العقيدة الطحاوية (٢) ، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (٣) وغيرهما.

وهذا الحديث معارَض بحديث آخر رواه الترمذي وحسَّنه ، والحاكم في المستدرك وصحَّحه عن عمير التيمي ، قال : دخلتُ مع عمّتي على عائشة ، فسُئِلتْ : أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قالت : فاطمة. فقيل : مِن الرجال؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمتُ صوَّاماً قواماً (٤).

__________________

(١) صحيح البخاري ٣ / ١١٢٧ ، ١١٢٩ فضائل أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ب ٥ ، ح ٣٦٦٢ ، ٣٦٧١. صحيح مسلم ٤ / ١٨٥٦ فضائل الصحابة ، ب ١ ح ٢٣٨٤ ، ٢٣٨٥.

(٢) شرح العقيدة الطحاوية ، ص ٤٧٢.

(٣) كتاب الإمامة ، ص ٢٥٢.

(٤) سنن الترمذي ٥ / ٧٠١ ح ٣٨٧٤ قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. المستدرك ٣ / ١٥٧ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي بشيء. خصائص أمير المؤمنين للنسائي ، ص ١٢٧ ح ١١١. وقال الالباني في تعليقه

٦٨

وأخرج الحاكم في المستدرك ، والنسائي في الخصائص عن بريدة ، قال : كان أحب النساء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة ، ومن الرجال علي (١).

وعن عمر أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا فاطمة والله ما رأيت أحداً أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منك (٢).

فإن قالوا بدلالة الأحاديث الأول على خلافة أبي بكر ، فالأحاديث الأخر تدل على خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وإلا فلا دلالة في الكل.

ثم إن حديث البخاري مروي عن عمرو بن العاص ، وهو من أعداء أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلا يُقدَّم على حديث عائشة ، وهو واضح.

ثم إن تلك الأحاديث أيضاً معارضة بما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر : استعمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسامة ، فقالوا فيه ، فقال النبي : قد بلغني أنكم قلتم في أسامة ، وإنه أحب الناس إلي (٣).

وبما أخرجه مسلم ، عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله قال وهو على المنبر : إن تطعنوا في إمارته ـ يريد أسامة بن زيد ـ فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله ، وأيم الله إن كان لخليقاً لها ، وأيم الله إن كان لأحب الناس إلي ، وأيم الله إن هذا لخليق لها ـ يريد أسامة بن زيد ـ ، وأيم الله إن كان لأحبهم إلي من بعده (٤).

مع أنهم لا يقولون بأن فيها أدنى إشارة إلى خلافة أسامة بن زيد ، مع أن

__________________

على مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٣٥ : إسناده حسن.

(١) المستدرك ٣ / ١٥٥ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

(٢) المستدرك ٣ / ١٥٥ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه.

(٣) صحيح البخاي ٣ / ١٣٤٦ المغازي ، ب ٨٧ ح ٤٤٦٨.

(٤) صحيح مسلم ٤ / ١٨٨٤ فضائل الصحابة ، ب ١٠ ح ٢٤٢٦ : ٦٤.

٦٩

إسامة جعله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أميراً على سريّة فيها أبو بكر وعمر وعثمان ، فكيف صارت باؤكم تَجُر ، وباء غيركم لا تجر؟!

على أنَّا لو صحَّحنا تلك الأحاديث وسلَّمنا بأن أبا بكر كان أحب الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهم لا يسلِّمون بأن الحب يرتبط بالأهلية للخلافة فضلاً عن الأولوية والأفضلية ، وذلك لأنهم رووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إن الله أمرني بحب أربعة ، وأخبرني أنه يحبّهم. قيل : يا رسول الله سمِّهم لنا. قال : « علي منهم » يقول ذلك ثلاثاً « وأبو ذر والمقداد وسلمان ، أمرني بحبّهم ، وأخبرني أنه يحبهم » (١).

ومع ذلك رووا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يولِّ أبا ذر إمارة لأنه رجل ضعيف ، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي ذر ، قال : قلت : يا رسول الله ، ألا تستعملني؟ قال : فضرب بيده على منكبي ، ثم قال : يا أبا ذر ، إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا مَن أخذها بحقّها ، وأدَّى الذي عليه فيها (٢).

ومنها : ما رووه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء (٣).

استدل به على خلافة أبي بكر : الإيجي في المواقف (٤) ، وابن حجر في صواعقه (٥) ، وشارح العقيدة الطحاوية (٦) وغيرهم.

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٦ ح ٣٧١٨ قال الترمذي : هذا حديث حسن. سنن أبن ماجة ١ / ٥٣ ح ١٤٩. المستدرك ٣ / ١٣٠ قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٣٥٦.

(٢) صحيح مسلم ٣ / ١٤٥٧ الإمارة ، ب ٤ ح ١٨٢٥ ، ١٨٢٦.

(٣) سبق تخريجه وبيان مصادره.

(٤) المواقف ، ص ٤٠٧.

(٥) الصواعق المحرقة ١ / ٥٨.

٧٠

بتقريب أن خلافة أبي بكر خلافة نبوة فهي صحيحة وشرعية ، وإلا لما صحَّ وصفها بذلك.

وقد تحدّثنا فيما تقدَّم حول هذا الحديث مفصَّلاً ، وأوضحنا بما لا مزيد عليه أن المراد بخلافة النبوة هي خلافة مَن استخلفه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنصوص الثابتة ، وهي خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد استمرت ثلاثين سنة ، من وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى وفاته عليه‌السلام ، فراجعه.

وعليه ، فهذا الحديث لا يصلح أن يتمسّكوا به لتصحيح خلافة مَن تقدَّم على أمير المؤمنين عليه‌السلام كلاً أو بعضاً.

ومنها : ما رووه من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس ، وهذا دليل على أنه كان أفضل صحابته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيتعين أن يكون هو الخليفة من بعده.

واستَدل به على خلافة أبي بكر : الإيجي في المواقف (١) ، وابن حجر في صواعقه (٢) ، وشارح العقيدة الطحاوية (٣) ، والصابوني في عقيدة السلف (٤) ، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (٥) وغيرهم.

وصلاة أبي بكر بأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو سلَّمنا بوقوعها فهي لا تدل على الأفضلية ، فضلاً عن دلالتها على الأولوية بالخلافة ، وذلك لأنهم رووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : يؤم القوم أقرأُهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة ، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمّهم أقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمّهم

__________________

(١) شرح العقيدة الطحاوية ، ص ٤٧٣. (٢) المواقف ، ص ٤٠٧.

(٣) الصواعق المحرقة ١ / ٥٩.

(٤) شرح العقيدة الطحاوية ، ص ٤٧٢.

(٥) عقيدة السلف وأصحاب الحديث ، ص ٢٩٠.

(٦) كتاب الإمامة ، ص ٢٥٠.

٧١

أكبرهم سنّاً (١).

وفي بعضها : فإن كانوا في الهجرة سواء فأعلمهم بالسنة ...

وعند مسلم : أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدكم ، ثم ليؤمّكم أكبركم (٢).

فلعل أبا بكر أمَّ الناس لأنه أقدمهم هجرة ، أو لـمَّـا تساووا في تلك الأمور وكان أبو بكر أكبرهم سنّاً أمره النبي بالصلاة بالناس.

ثم إنهم لم يجعلوا مسألة الإمامة في الصلاة مرتبطة بالخلافة الكبرى في غير هذا المورد ، ولهذا لما ضُرب عمر أمَرَ صهيباً الرومي أن يصلّي بالناس (٣) ، ولما ضُرب أمير المؤمنين عليه‌السلام أمَرَ جعدة بن هبيرة أن يصلي بالناس ، ولم يرَ الناس ذلك نصاً منهما على خلافة أو إمرة ، فكيف صارت صلاة أبي بكر نصَّاً فيها؟؟

ومنها : ما ذكره بعضهم من أن مَن لم يرَ صحة خلافة أبي بكر فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار ، إذ نسَبَهم إلى أنهم تمالأوا على الباطل ، وهم أنصار دين الله وحمَلة شريعته ، ونسبة ذلك إليهم لا تجوز.

قال النووي وحكاه عنه ابن حجر في الصواعق : مَن قال : إن علياً كان أحق بالولاية فقد خطَّأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار ، وما أراه يرتفع له مع هذا عمَل إلى السماء (٤).

__________________

(١) صحيح مسلم ١ / ٤٦٥ كتاب المساجد ، ب ٥٣ ح ٦٧٣ : ٢٩١. سنن الترمذي ١ / ٤٥٨ ح ٢٣٥ قال الترمذي : حديث حسن صحيح. سنن النسائي ١ / ٤١٠ ح ٧٧٩. سنن أبي داود ١ / ١٥٩ ح ٥٨٢. سنن أبن ماجة ١ / ٣١٣ ح ٩٨٠.

(٢) صحيح مسلم ١ / ٤٦٦ كتاب المساجد ، ب ٥٣ ح ٦٧٤.

(٣) نص على ذلك ابن الاثير في اُسد الغابة ٣ / ٤١ ت ٢٥٣٨. وابن حجر في الإصابة ٣ / ٣٦٦ ت ٤١٢٤. وابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٧٣٢ ، قال : وهذا مما أجمع عليه أهل السير والعلم بالخبر.

(٤) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٨٩. الصواعق المحرقة ١ / ٤٤.

٧٢

والجواب عن ذلك : أن تخطئة أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار لا غضاضة فيها مع موافقة الأحاديث الثابتة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنه لا دليل على وجوب التعبّد بأقوال أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار في شيء من أمور الدين والدنيا أصلاً.

وعليه ، فهل يجوز لمؤمن أن يترك قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصحيح الثابت عنه إلى قول أبي بكر وعمر؟

ولهذا بادر أبو بكر إلى تخطئة كل الأنصار المجتمعين في السقيفة ، الذين عقدوا العزم على بيعة رجل منهم ، بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأئمة من قريش. وبذلك أيضاً يجوز تخطئة غيرهم.

ثم إن أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار إذا لم يكن لديهم نص في مسألة الخلافة كما تقدم النقل عنهم من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستخلف ، فاستخلافهم لأبي بكر إنما كان عن اجتهاد منهم ، فلا يجب على غيرهم أن يقلِّدهم في اجتهاداتهم في الوقائع غير المنصوصة ، فضلاً عما إذا ثبت النص.

وأما مسألة الإزراء بالمهاجرين والأنصار فهذا من الخطابيات التي لا قيمة لها ، وذلك لأن تخطئتهم في بيعة أبي بكر لا يستلزم الإزراء بهم بالضرورة ، إذ لا يجب على المسلمين أن يصحِّحوا اجتهادات الصدر الأول في الوقائع ، وإلا لكان علينا أن نقول بعصمتهم ، وهو باطل بالاتفاق.

ثم إنا لا نُزري بالمهاجرين والأنصار كلهم بهذه البيعة ، بل نقول : إن مَن بايع أبا بكر من صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان مُكرَهاً ، أو أراد أن يبايع أمير المؤمنين عليه‌السلام فلم يتمكن فهو معذور ، وأما من كان يريد أن يحوزها لنفسه بغير حق ، أو أراد أن يزحزحها عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حسداً ، أو ضغناً ، أو خشية من أن يستأثر بها بنو هاشم ، أو كيداً للدين ، فهو آثم لا شك في ذلك ولا ريب ، ولا حرمة له عندنا ولا كرامة.

ثم إن قولهم هذا معارَض بمثله ، فنقول : إن مَن حكم بخطأ أمير المؤمنين

٧٣

عليه‌السلاموصحبه في ترك بيعة أبي بكر ، فقد أزرى بأمير المؤمنين عليه‌السلام وبطائفة من الصحابة الأجلاء كأبي ذر وعمار وسلمان والمقداد والعباس وغيرهم ، وهذا لا يجوز. فكيف جاز الإزراء بهؤلاء ولم يجز الإزراء بأولئك؟

النتيجة المتحصَّلة :

والنتيجة المتحصَّلة من كل ما تقدَّم أن تلك الأحاديث التي استدلّ بها بعضهم على خلافة أبي بكر وإن كانت مروية من طرق أهل السنّة ، ولا يصح الاحتجاج بها على غيرهم ، فهي مع ذلك لا دلالة فيها على ما أرادوه كما أوضحناه مفصَّلاً.

ولذلك ذهب مشهور أهل السنّة إلى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينص على أبي بكر ، ولو كانت خلافته منصوصاً عليها لاحتجّ أبو بكر أو عمر على أهل السقيفة بالنص عليه ، واستغنى به عن الاحتجاج بحديث : « الأئمة من قريش» ، ولَمَا قال عمر : إنها فلتة. ولَمَا قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستخلف. مع أنه كان أحوج ما يكون لإثبات النص على خلافة أبي بكر لتصحيح خلافته هو.

النصوص الدالة على خلافة علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

أما النصوص الدالة على خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام فهي كثيرة جداً ، ولا يسعنا ذكرها كلها ، لأن ذلك يستدعي الإطالة ، وسنكتفي بخمسة أحاديث مشهورة :

١ ـ حديث الثقلين : وسيأتي الكلام فيه مفصَّلاً في الفصل الآتي ، وهو يدل على لزوم اتّباع أهل البيت عليهم‌السلام دون غيرهم ، وأمير المؤمنين عليه‌السلام أفضل أهل البيت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيتعيَّن للخلافة دون غيره ، لأن اتّباع غيره من سائر الناس بمقتضى دلالة الحديث لا يُنجي من الوقوع في الضلال ، وهو واضح.

٧٤

٢ ـ حديث الموالاة : وهو قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن كنت مولاه فعلي مولاه (١).

والمولى له معان كثيرة ، منها : الرَّب ، والمالك ، والسيِّد ، والعبد ، والمُنعم ، والمنعَم عليه ، والمُعتِق ، والمُعتَق ، والناصر ، والمُحِب ، والتابع ، والجار ، وابن العم ، والحليف ، والعقيد ، والصَّهْر ، والولي الذي يلي عليك أمرك (٢).

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٣ ح ٣٧١٣ قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. سنن أبن ماجة ١ / ٤٥ح ١٢١ ، صححه الالباني في صحيح أبن ماجة ١ / ٢٦ ح ٩٨. المسترك ٣ / ١٠٩ ، ١١٠ وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. مسند أحمد بن حنبل ١ / ٨٤ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٥٢ ، ٣٢١ ، ٤ / ٢٨١ ، ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧٢ ، ٥ / ٣٤٧ ، ٣٦٦ ، ٤١٩. حلية الاولياء ٤ / ٢٣ ، ٥ / ٢٧ ، ٣٦٤. مجمع الزوائد ٩ / ١٠٣ ـ ١٠٦. كتاب السنة ، ص ٥٩٠ ـ ٥٩٦. خصائص أمير المؤمنين ، ح ١٢ ، ٢٤ ، ٧٩ ـ ٨٨ ، ٩٣ ـ ٩٦ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٥٧. المعجم الكبير للطبراني ح ٤٩٦٨ ـ ٤٩٧١ ، ٤٩٨٣ ، ٤٩٨٥ ، ٤٩٨٦ ، ٤٩٩٦ ، ٥٠٥٨ ، ٥٠٥٩ ، ٥٠٦٥ ، ٥٠٦٦ ، ٥٠٦٨ ، ٥٠٧١ ، ٥٠٩٢ ، ٥٠٩٦ ، ٥٠٩٧ ، ٥١٢٨. صحيح أبن حبان ١٥ / ٣٧٥ ح ٦٩٣١. المصنف لابن أبي شيبة ح ٣٢٠٥٦ ، ٣٢٠٦٤ ، ٣٢٠٦٩ ، ٣٢٠٨٢ ، ٣٢٠٨٣ ، ٣٢٠١٠٩ ، ٣٢١٢٣. الاحاديث المختارة ح ٤٦٤ ، ٤٧٩ ، ٤٨٠ ، ٤٨١ ، ٥٥٣. مختصر إتحاف السادة المهرة ٩ / ١٩٤ ـ ١٩٦ ح ٧٤٨٣ ـ ٧٤٩٢. وصححه جمع من أعلام أهل السنة ، منهم الترمذي كما مر ، والحاكم في المستدرك ، والذهبي في التلخيص وتاريخ الاسلام ٢ / ٦٢٩ ، والقاري في مرقاة المفاتيح ١٠ / ٤٦٤ ، وابن حجر في الصواعق المحرقة ، ص ١٤٩وقال : إن كثيراً من طرقه صحيح أو حسن. وابن عبد البر في الاستيعاب ٣ / ٣٦ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٠٤ ـ ١٠٨ ، والبويصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة ، والألباني في صحيح الجامع الصغير ٢ / ١١١٢ ، وسلسلته الصحيحة ٤ / ٣٤٣ وغيرهم. وعده السيوطي في ( قطف الازهار المتناثرة ) ، ص ٢٧٧ من الاحاديث المتواترة ، وكذا في ( نظم المتناثر ) ، ص ٢٠٦ ، والزبيدي في ( لقط اللآلي المتانثرة ) ، ص ٢٠٥ ، والحافظ شمس الدين الجزري في ( أسنى المطالب ) ، ص ٥ ، والألباني في سلسلته الصحيحه ٤ / ٣٤٣.

(٢) راجع النهاية في غريب الحديث ٥ / ٢٢٨. لسان العرب ١٥ / ٤٠٩. الصحاح ٦ / ٢٥٢٩

٧٥

قال ابن الأثير بعد تعداد المعاني المذكورة : وأكثرها قد جاء في الحديث ، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه ، وكل مَن ولِيَ أمراً أو قام به فهو مولاه ووَلِيّه (١).

قال : وقول عمر لعلي : أصبحتَ مولى كل مؤمن أي ولِيّ كل مؤمن (٢).

والمراد بالمولى في الحديث هو الولي ، وهو القائم بالأمر الأولى بالتصرف ، لما ورد في كثير من طرق الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أيها الناس ، ألستُ أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه (٣).

وقد جاء وُصِف أمير المؤمنين عليه‌السلام بالولي في أحاديث أخر ، منها : ما أخرجه الترمذي في سننه ، والنسائي في الخصائص ، والحاكم في المستدرك ، وأحمد في المسند ، وابن حبان في صحيحه ، والألباني في سلسلته الصحيحة ،

__________________

القاموس المحيط ، ص ١٢٠٩ كلها مادة ( ولي ).

(١) النهاية في غريب الحديث ٥ / ٢٢٨. لسان العرب ١٥ / ٤١٠.

(٢) المصدران السابقان.

(٣) ابن ماجة ١ / ٤٣ ح ١١٦. صححه الالباني في صحيح سنن أبن ماجة١ / ٢٦ ح ٩٨. مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٣٧٠ ، فضائل الصحابة ٢ / ٦٨٢. صحيح ابن حبان ١٥ / ٣٧٥ ح ٦٩١٣. المصنف لابن أبي شيبة ٦ / ٣٧٦ ح ٣٢١٢٣. الأحاديث المختارة ٢ / ١٧٣ ح ٥٥٣. سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤ / ٣٣١ قال : إسناده صحيح على شرط الشيخين. مجمع الزوائد ٩ / ١٠٤ وقال : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة. المعجم الكبير ح ٥٠٦٦ ، ٥٠٦٨ ، ٥٠٧٠ ، ٥٠٩٢. كتاب السنة ح ١٣٦١ ، ١٣٦٧ ، ١٣٦٩. خصائص أمير المؤمنين ح ٨٢ ، ٨٤ ، ٩٣. المستدرك ٣ / ١١٠ قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي. البداية والنهاية ٧ / ٣٥٩ ـ ٣٦٣. مختصر إتحاف السادة المهرة ج ٩ ح ٧٤٨٣ ، ٧٤٨٥ ، ٧٤٨٧ ، ٧٤٨٩ قال البويصيري في الأول : رواه بسند صحيح.

٧٦

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما تريدون من علي؟ إن علياً مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي (١).

قال ابن الأثير في النهاية ، وابن منظور في لسان العرب ، والجوهري في الصحاح : كل من ولِيَ أمر واحد فهو وَلِيّه.

ومنه يتضح أن معنى « ولِيّ كل مؤمن بعدي » هو المتولِّي لأمور المؤمنين من بعدي ، وهو معنى آخر للخليفة من بعدي ، لأن الخلفاء هم ولاة أمور المسلمين.

وفي قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « بعدي » دليل على أنه لا يريد بالولي المحب ولا الناصر والمنعِم ولا غيرها من المعاني ، لأن المعاني الأخَر كالرَّب والمالك والسيد والعبد والمُعتِق والجار وابن العم والصَّهْر وغيرها لا تصح في المقام ، وأما المحب والناصر والمنعِم عليه فهي غير مرادة أيضاً ، لأن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بعدي » دليل على أن المراد بلفظ ( الولي ) غير ذلك ، لأن هذه الأمور كانت ثابتة لعلي عليه‌السلام حتى في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذِكر البعدية حينئذ لغو ، فلا يصح أن يقال : علي مُحِبُّكم أو ناصركم أو منعِم عليكم من بعدي ، لأنه عليه‌السلام كان كذلك في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ولوضوح هذا الحديث في الدلالة على خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام أنكره

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٢ ح ٣٧١٢ قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. خصائص أمير المؤمنين ، ص ١٠٩ ح ٨٩ ، ٩٠. مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٤٣٧ ، ٥ / ٣٥٦. فضائل الصحابة ٢ / ٦٠٥ ح ١٠٣٥. مسند أبي داود الطيالسي ، ص ١١١ ح ٨٢٩. المصنف لابن أبي شيبة ٦ / ٣٧٥ح ٣٢١١٢. صحيح ابن حبان ١٥ / ٣٧٣ ح ٦٩٢٩. المستدرك ٣ / ١١٠ قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي بشيء. حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤. الكامل ف ضعفاء الرجال ٢ / ١٤٥. سلسلة الأحاديث الصحيحة ٥ / ٢٦١ ح ٢٢٢٣. البداية والنهاية ٧ / ٣٥١ ، ٣٥٦ ، ٣٥٨. مختصر إتحاف السادة المهرة ٩ / ١٧٠ ح ٧٤١٠ قال البويصيري : رواه أبو داود الطيالسي بسند صحيح.

٧٧

ابن تيمية ، وطعن في سنده ودلالته.

قال في منهاج السنة : قوله : « هو ولي كل مؤمن بعدي » كذِبٌ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن ، وكل مؤمن ولِيّه في المحيا والممات. فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان ، وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها : والي كل مؤمن بعدي (١).

والجواب : أما من ناحية سند الحديث فيكفي في اعتباره أن الترمذي حسَّنه في سننه ، والحاكم صحَّحه في مستدركه ، وابن حبان أخرجه في صحيحه ، والألباني أورده في سلسلته الصحيحة.

قال الألباني بعد أن حكم بصحة هذا الحديث : فمن العجيب حقاً أن يتجرّأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه في منهاج السنة ٤ / ١٠٤.

ثم قال : فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث ، إلا التسرع والمبالغة في الرد على الشيعة (٢).

وأما من ناحية دلالة الحديث فهو واضح كما مرَّ ، وأما قوله : « بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن » ، فمراده أن المجيء بلفظ بعدي لغو ، وهذا صحيح إذا كان المراد به المحب والناصر ، فيكون أمير المؤمنين عليه‌السلام ولي كل مؤمن في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد وفاته. لكنا بيَّنَّا أن هذا المعنى غير مراد ، لما ذكرناه وذكره هو من المحذور ، وهو استلزام اللغوية في قوله : بعدي.

وقوله : ( وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها : والي كل مؤمن بعدي ) مردود بما سمعت من تصريح علماء اللغة بأن المولى والولي بمعنى واحد ، وبأن كل من ولِيَ أمر واحد فهو وَلِيّه. فيكون كل مَن وَلِيَ أمر المسلمين وَلِيَّهم ، وتكون الولاية بمعنى الإمارة ، فيصح أن يقال : ( ولي كل مؤمن ) بهذا

__________________

(١) منهاج السنة ٤ / ١٠٤.

(٢) سلسلة الأحاديث الصحيحة ٥ / ٢٦٣ ح ٢٢٢٣.

٧٨

المعنى.

وأما لزوم التعبير بـ ( والي كل مؤمن ) للدلالة على هذا المعنى فهو غير صحيح ، وأهل اللغة يقولون : ( فلان والي البلد ) ، فتضاف كلمة ( والي ) إلى البلد ، ولا تضاف إلى المسلمين أو المؤمنين إلا من باب جواز الإضافة لأدنى ملابسة.

٣ ـ حديث المنزلة : وهو قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (١).

فأوضح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن منزلة علي عليه‌السلام منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كمنزلة هارون من موسى عليهما‌السلام ، إلا أن عليّاً عليه‌السلام ليس بنبي ، وبيَّن القرآن الكريم هذه المنزلة في آيات كثيرة :

منها : قوله تعالى ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح

__________________

(١) صحيح البخاري ٣ / ١١٤٢ فضائل أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ب ٩ ح ٣٧٠٦. صحيح مسلم ٤ / ١٨٧٠ ـ ١٨٧١ فضائل الصحابة ، ب ٤ ح ٢٤٠٤ : ٣١ ، ٣٢. سنن الترمذي ٥ / ٦٣٨ ، ٦٤٠ ، ٦٤١ ح ٣٧٢٤ ، ٣٧٣٠ ، ٣٧٣١ وقال في بعضها : حديث حسن. وفي بعضها : حديث صحيح. سنن أبن ماجة ١ / ٤٢ ، ٤٥ ح ١١٥ ، ١٢١. مسند أحمد ابن حنبل ١ / ١٧٠ ، ١٧٣ ـ ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٧٩ ، ١٨٢ ، ١٨٤ ، ١٨٥ ، ٣٣٠ ، ٣ / ٣٢ ، ٣٣٨ ، ٦ / ٣٦٩ ، ٤٣٨. المستدرك ٣ / ١٠٩ ، ١٣٣ ، قال الحاكم فيهما : حديث صحيح. ووافقه الذهبي. مجمع الزوائد ٩ / ١٠٩ ـ ١١١ ووثق رجال بعض الطرق. حلية الأولياء ٧ / ١٩٤ ـ ١٩٦ وقال : صحيح مشهور. خصائص النسائي ح ١١ ، ١٢ ، ٢٤ ، ٤٤ ـ ٦٤ ، ١٢٦. فضائل الصحابة ح ٩٥٤ ، ٩٥٦ ، ٩٥٧ ، ٩٦٠ ، ١٠٠٥ ، ١٠٠٦ ، ١٠٤١ ، ١٠٤٥ ، ١٠٧٩ ، ١٠٩١ ، ١١٤٣ ، ١١٥٣. مسند أبي داود الطيالسي ، ص ٢٩ ح ٢٠٩ ، ٢١٣. السنن الكبرى ٩ / ٤٠. المصنف لابن أبي شيبة ح ٣٢٠٦٥ ـ ٣٢٠٦٩. صحيح ابن حبان ١٥ / ١٥ ، ٣٧٠ ح ٦٦٤٣ ، ٦٩٢٦ ، ٦٩٢٧. المعجم الكبير للطبراني ٢٣ / ٣٧٦ ح ٨٩٢. كتاب السنة ح ١٣٣١ ـ ١٣٥١ ، ١٣٨١ ـ ١٣٨٦. مسند الحميدي ١ / ٣٨ ح ٧١. البداية والنهاية ٧ / ٣٤٧ ، ٣٥١ ـ ٣٥٤ ، مختصر إتحاف السادة المهرة ٩ / ١٧٧ ، ١٨١ ح ٧٤٣٤ ، ٧٤٤٣.

٧٩

ولا تتَّبع سبيل المفسدين ) (١).

وقوله تعالى ( واجعل لي وزيراً من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري ) (٢).

وقوله تعالى ( ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا ) (٣).

فدلَّت الآية الأولى على أن هارون خليفة موسى في قومه ، ودلّت الآيتان الأخريان على أنه وزير موسى عليه‌السلام.

وذلك يدل على أن أمير المؤمنين عليه‌السلام هو خليفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قومه. وتدل المناسبة التي صدر فيها الحديث على أن هذا المعنى هو المراد ، فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وغيرهم عن سعد : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج إلى تبوك ، واستخلف عليّاً ، فقال : أَتُخَلِّفني في النساء والصبيان؟ قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي؟ (٤)

فذَكَرَ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك بمناسبة استخلاف علي عليه‌السلام على المدينة لـمَّا ذهب لغزوة تبوك. وهذا يدل على أن المنزلة المذكورة في الحديث هي منزلة الخلافة

__________________

(١) سورة الإعراف ، الآية ١٤٢.

(٢) سورة طه ، الآيات ٢٩ ـ ٣٢.

(٣) سورة الفرقان ، الآية ٣٥.

(٤) صحيح البخاري ٣ / ١٣٣١ المغازي ، ب ٧٨ ح ٤٤١٦. صحيح مسلم ٤ / ١٨٧١ فضائل الصحابة ، ب ٤ ح ٢٤٠٤ : ٣١ ، ٣٢. سنن الترمذي ٥ / ٦٣٨ ح ٣٧٢٤ قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. مسند أحمد بن حنبل ١ / ١٧٧ ، ١٨٢. صحيح ابن حبان ١٥ / ٣٧٠ ح ٦٩٢٧. مسند أبي داود الطيالسي ، ص ٢٩ ح ٢٠٩ ، السنن الكبرى ٩ / ٤٠. دلائل النبوة ٥ / ٢٢٠. خصائص النسائي ، ص ٧٤ ح ٥٦. حلية الأولياء ٧ / ١٩٦. تاريخ بغداد ١١ / ٤٣٢. شرح السنة ١٤ / ١١٣ ح ٣٩٠٧. مشكل الآثار ٢ / ٣٠٩. البداية والنهاية ٧ / ٣٥٣. المطالب العالية ٤ / ٦٥ ح ٣٩٧٢.

٨٠