إلا بالاستثناء ، وليس هذا موضع نزاعنا.
وقولي : « إني مؤمن » لا تزكية فيه للنفس ، بل هو إخبار عن واقع صحيح باعتقادي ، وإنما يكون تزكية إذا ادّعيت أني كامل الإيمان وفي أعلى مراتبه ، لأن الإيمان مراتب ودرجات. ولِمَ لا يكون قولي ذلك من باب التحدّث بنعمة الله تعالى إذ أنعم علينا بنعمة الإيمان ، وربما يكون عدم جزمي بذلك نوعاً من الجحود.
ثم إن الله تعالى حكى عن موسى عليهالسلام ذلك ، فقال عز من قائل ( وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قال سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِليكَ وَأَنَا أَوَّلُ المؤمنين ) (١).
وحكاه عن السَّحَرة الذين آمنوا بموسى فقال جل شأنه ( قال آمنتم له قبل أن آذَن لكم إنه لكبيركم الذي علَّمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعَنَّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلّبنّكم أجمعين * قالوا لا ضير إنَّا إلى ربِّنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربُّنا خطايانا أَنْ كنَّا أول المؤمنين ) (٢).
أن مذهب الشيعة الإمامية هو المذهب الخالص عن الأباطيل في الفروع والأصول ، وقد مرَّت بك نماذج كثيرة من أقوال أصحاب المذاهب وفتاواهم ، وهي قليل من كثير عثرنا عليه ، وما لم نعثر عليه أكثر ، بسبب قلة المصادر لدينا ، وكثرة كتب أهل السنة وتفرّقها في البلدان ، وكثرة المشاغل ، وضيق الأوقات ، وخشية ملالة القرَّاء ، وغير ذلك.
وأما عقائد الإمامية فهي خالية عن كل ذلك.
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية ١٤٣.
(٢) سورة الشعراء ، الآيات ٤٩ ـ ٥١.