إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الكشف والبيان [ ج ١ ]

142/285
*

(لا رَيْبَ فِيهِ) : لا شكّ فيه ، إنّه من عند الله.

قال : (هُدىً) : أي هو هدى ، وتم الكلام عند قوله (فِيهِ) ، وقيل : «هو» نصب على الحال ، أي هاديا تقديره لا ريب في هدايته للمتقين.

قال أهل المعاني : ظاهره نفي وباطنه نهي ، أي لا ترتابوا فيه ، كقوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ) (١) : أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا في الهدى ، والبيان وما يهتدي به ويستبين به الإنسان.

فصل في التقوى

(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) : اعلم أنّ التقوى أصله وقى (٢) من وقيت ، فجعلت الواو تاء ، كالتكلان فأصله وكلان من وكلت ، والتخمة أصلها وخمة من وخم معدته إذا لم يستمرئ.

واختلف العلماء في معنى التقوى وحقيقة المتقي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «جماع التقوى في قول الله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) ... (٣) الآية» (٤) [٦٢].

قال ابن عباس : المتقي الذي يتقي الشرك والكبائر والفواحش.

وقال ابن عمر : التقوى أن لا يرى [نفسه] خيرا من أحد.

وقال الحسن : المتقي الذي يقول لكل من رآه هذا خير مني.

وقال عمر بن الخطاب لكعب الأحبار : حدّثني عن التقوى ، فقال : هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال : نعم ، وقال : فما عملت فيه؟ قال : حذرت وتشمّرت ، فقال كعب : ذلك التقوى ، ونظمه ابن المعتز فقال :

خلّ الذنوب صغيرها

وكبيرها ذاك التقى

واضع كماش فوق أر

ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحتقرنّ صغيرة

إنّ الجبال من الحصا (٥)

وقال عمر بن عبد العزيز : ليس التقوى قيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ، ولكن التقوى ترك ما حرّم الله وأداء ما افترض الله ، فما رزق بعد ذلك فهو خير على خير.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٧.

(٢) في المخطوط : وقوي.

(٣) سورة النحل : ٩٠.

(٤) تفسير مجمع البيان : ١ / ٨٢.

(٥) تفسير القرطبي : ١ / ١٦٢.