قائمة الکتاب
حديثٌ عن قابلية الرؤوس للبقاء تحت الشمس
٢٣٢
إعدادات
أضواء على ثورة الحسين عليه السلام
أضواء على ثورة الحسين عليه السلام
تحمیل
الفريقين.
بقي أن نشير إلى ما ذكرناه في نهاية السؤال نفسه ، من طول المدّة على الرأس الشريف وسيره من كربلاء إلى دمشق تحت حرارة الشمس ، فهل يعني هذا تغيّره ، أو تبديل معالمه ، أو تعذّر نطقه؟ كلاّ ، بطبيعة الحال إذا التفتنا لأمرين :
أحدهما : إنّ المعجزة لا يختلف فيها طول المدّة وقصرها ، بل ولا انحفاظ الصورة وعدمها ، وإن كان من الواضح أنّ رأس الحسين عليهالسلام كان باقياً على الشكل الذي قُطع فيه لم يتغيّر إطلاقاً ، وهذا ما نعرفه فيما يلي.
وثانيهما : إنّنا نعرف بوضوح في الدين : أنّ أجساد الأفراد الذين يكونون في درجة عالية من الإيمان قابلة للبقاء والاستمرار ، بدون أن تبلى ، أو تتفسّخ ، أو تحصل منها روائح نتنة ونحو ذلك ، بل يبقى الجسد نظيفاً طريّاً كأنّه ماتَ من ساعته ، وهو أمرٌ متواتر ومحسوس في كثير من الموارد.
ومحلّ الشاهد الآن : أنّ هذا لا يُفرّق فيه بين المدفون وغير المدفون ، وهذا هو الذي يُفسّر حفظ الأجساد لشهداء كربلاء ، وقد بَقيت قبل الدفن ثلاثة أيّام كاملة تحت الشمس ، فلم تُصب بسوء ، ويفسّر أيضاً حفظ الرؤوس وقد ساروا بها على الرماح من كربلاء إلى الكوفة إلى دمشق ، في الفصل القائض الشديد الحرّ ، فلم تُصب بسوء.
وهذا من جملة الأمور العديدة التي كانت سبباً لإقامة الحجّة على كلّ الجيل المعاصر لقتل الحسين عليهالسلام ، بل والأجيال المتأخّرة عنه وخاصّة أولئك الأعداء الذين قطعوا الرؤوس بكلّ قسوة ، ولم تكن عندهم إنسانية ، وحَملوها على الرماح وسيّروها كلّ هذا السير الطويل.
بل الأمر يمكن أن يسير فيه خطوة أخرى : وهو الجزم بأنّ هؤلاء الأعداء كانوا يعلمون لدى قطعهم الرؤوس ـ لأوّل مرّة وعزمهم على حملها وتسييرها