بحوث في الفقه المعاصر - ج ١

الشيخ حسن الجواهري

بحوث في الفقه المعاصر - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن الجواهري


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الذخائر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٣
  الجزء ١   الجزء ٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

٢٤١
٢٤٢

نبذة تاريخية للبطاقات المصرفية :

ان البطاقات المصرفية ( اعم من بطاقات الائتمان ) مثل بطاقة الاعتماد والملاءة كان وجودها نتيجة لتطلّع المجتمع الى ايجاد نظام متطور ومأمون لتسديد الديون والمقاصة وانجاز التبادلات التجارية. وكان هذا الحديث قد زامن مطلع القرن التاسع عشر ، وقد ابتكرته شركات عالمية مثل شركة « سترن يونين » في امريكا سنة ١٩١٤ م لتسهيل اعمال عمالها ثم تبعتها على ذلك شركات النفط وسكك الحديد وبعض الفنادق الفخمة والمحلات التجارية ، ولكن ضمن حدود خاصة ولبعض العمال. وفي سنة ١٩٢٤ م قامت شركة « جنرال تبروليوم كوربوريشن » في كاليفورنيا باصدار اول بطاقة ائتمان حقيقية ، توزع على الجمهور لدفع قيمة البنزين المباع لهم ، على ان تسدد المبالغ المترتبة عليهم في تواريخ لاحقة.

ثم تقدمت البنوك ـ نتيجة نجاح فكرة الدفع بالبطاقة الائتمانية ـ لاصدار بطاقات الائتمان ، وتشكلت منظمة غير ربحية تنضوى تحت لوائها البنوك التي ترغب باصدار بطاقة خاصة بها وسميت هذه المنظمة « الفيزا » (١).

__________________

(١) الفيزا : منظمة ، تقبل بطاقة الائتمان المرتبطة بها اكثر من مائة وستين دولة حول العالم ، وبعبارة اخرى تقبل بطاقة الائتمان المرتبط بهذه المنظمة اكثر من ستة ملايين مؤسسة ، تشمل شركات الطيران والفنادق والمطاعم والمحلات التجارية والنوادي ووكالات تأجير السيارات وغير ذلك.

٢٤٣

وكانت مهمة منظمة الفيزا ما يلي :

١ ـ قبول طلبات البنوك في اصدار بطاقة خاصة بها او رفضها.

٢ ـ تزويد البنوك الاعضاء بالخبرة الفنية لاصدار البطاقات.

٣ ـ تقديم الخدمات بين البنوك الاعضاء في حالات المراسلة الخاصة بالمنظمة والمقاصة والتسديد وفي عمليات التفويض.

٤ ـ تطور خدمات البطاقات مع تزويد البنوك الاعضاء بها.

والخلاصة : ان « منظمة الفيزا » تسعى لخدمة البنوك الاعضاء التي تصدر البطاقة لهم من الناحية الادارية والفنية والخدماتية وتتكون ادارتها من ممثلي البنوك الاعضاء.

ما هي بطاقات الائتمان ؟

ان بطاقة الائتمان : هو سند يعطيه مصدره لشخص طبيعي او اعتباري بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء او بيع السلع ، او غيرها من الحصول على الخدمات او تقديمها.

ومن فوائده : سحب النقود من البنك على حساب المصدّر.

وهذا التعريف لبطاقات الائتمان عبارة عن عقدين :

١ ـ عقد بين المصدّر للبطاقة وبين الحامل لها ، يتضمن حدّاً اقصى للائتمان وشروط العلاقة بينهما ، فالبنك تعهد باعطاء ما يشتريه عميله بالبطاقة مثلا ( من حساب العميل ان وجد ، او من حساب البنك المصدّر ان لم يوجد للعميل رصيد كاف عند البنك ) ، وفي مقابل ذلك تعهد حامل البطاقة ( العميل ) بالسداد في وقت محدد كشهر مثلا.

ومن الواضح هنا ان هذا العقد هو عقد صحيح يشمله : ( اوفوا بالعقود ) لعدم اختصاص الآية بالعقود التي كانت وقت نزولها بل تشمل كل ما يراه العقلاء

٢٤٤

عقدا وعهدا مالم ينه عنه من قبل الشارع ، والمفروض عدم النهي هنا لعدم الضرر ( الخطر ) وعدم الجهالة اللذان يبطلان العقد ، حيث ان البطاقة مشتملة على سقف ائتماني معين لا تتعدّاه ، فلا خداع ولا خطر في البين. فان حصل الشراء او تلقّى الخدمة او سحب نقداً معيناً فان الوثائق التي تدل على هذه الامور قد تبادلت بينهما وعلم كل منهما بما هي وظيفته. ثمَّ : ان هذا التعهد من البنك للحامل هو عبارة عن اداء دين شخص نيابة عنه ، فاذا تعهد البنك اداء دين حامل البطاقة بمال نفسه او بمال البنك المصدّر ويرجع عليه بعد ذلك ، مع اجرة على هذا التسديد والاداء وقد قبل حامل البطاقة هذا التعهد ، فان هذه العملية هي من مصاديق العقود العقلائية ، وقد قام الارتكاز العقلائي على ان كل عقد بما انه عقد وعهد ، وجب الوفاء به مالم يندرج تحت احد النواهي المعينة.

وبعبارة اخرى : ان هذا التعهد من البنك لحامل البطاقة هو عبارة عن جعل مالية المال المشتري مثلا في عهدة مصدّر البطاقة ، وهذا معنى مشروع للضمان يمكن انشاؤه مستقلا.

٢ ـ عقد بين المصدّر للبطاقة وبين من يعتمدها من مؤسسات وشركات ومصارف ، يتضمن شروط العلاقة بينهما ، والعلاقة هي ان يقوم البنك باعطاء التاجر ثمن البضاعة او الخدمة التي قدمها الى حامل البطاقة. محسوماً منها نسبة معينة ، وقد تبلغ البطاقة حداً من الاعتبار تبيح لكل احد بيع السلع او تقديم الخدمات لحامل البطاقة بلا حاجة الى عقد ينشاً بينهما. ويكون الدافع لثمن البطاقة نائباً عن المصدّر لها حسب ضمانه لقيمتها.

وقد ذكروا (١) عدم وجود أي صلة بين حامل البطاقة والمؤسسة التجارية

__________________

(١) هو الدكتور عبدالستار ابوغدّة عند عرضه لبحث بطاقات الائتمان ، في مجمع الفقه الاسلامي في دورته السابعة لسنة ١٤١٢ ه‍ في ذى القعدة الحرام المنعقد في جدة.

٢٤٥

بحيث لو فرضنا ان المؤسسة التجارية لم تحصل على الثمن من المصدّر للبطاقة ، فلا يحلّ لها ان ترجع على الحامل للبطاقة لتسديد حقه. وسوف يتضح ان العمل الخارجي لهذه البطاقات ليس كذلك ، بل هناك ارتباط ثالث بين المؤسسة التجارية والعميل لم يظهر للخارج لوجود البنك الذي يتولى التسديد بما أنه ضامن للعميل ( او محال عليه من قبل العميل ) قيمة ما اخذه وهنا لابدّ لنا من تفسير الضمان ( او الحوالة ) بما قاله الامامية من انه : عبارة عن نقل الدين من ذمة العميل الى ذمة البنك المصدّر للبطاقة حتى يكون العميل بعد شرائه اجنبيا وليس مديناً للمؤسسة التجارية. اما على تفسير اهل السنة الذى يقول بان الضمان عبارة عن ضم ذمة الى ذمة ، فيبقى العميل له ارتباط بالتاجر ، ويتمكن التاجر أن يرجع عليه في تسديد الثمن.

اطراف بطاقات الائتمان :

ذكروا ان لبطاقات الائتمان اطرافاً هي :

١ ـ شركة عالمية او بنك عالمي يرعى البطاقة.

٢ ـ وكالات محلية للشركة العالمية ، او فروع للبنك العالمي تستخدم للوساطة بين الشركة العالمية والعملاء.

٣ ـ اصحاب المتاجر ( المؤسسات التجارية ) والخدمات ( وهم من يتعاملون مع هذه البطاقة ).

٤ ـ حملة البطاقة ، وهم العملاء الذين يشترون او يحصلون على خدمات البطاقة قدر حاجتهم ،

والعلاقة بين هذه الاطراف الاربعة بصورة مجملة كالآتي :

الف ـ تتفق الشركة العالمية مع الوكالات المحلية ( او يتفق البنك العالمي مع فروعه ) لاصدار البطاقة لكل من يتعامل بها سواء كان عضوا مشترياً ، او طالباً

٢٤٦

لخدمة ، او عضوا بائعاً او عارضاً للخدمة.

ب ـ يتقدم حامل البطاقة ( المشتري ) الى صاحب المتجر ( البائع ) او يتقدم من يريد الخدمة فيتسلم ما اراد لقاء الالتزام بالدفع عن طريق الشركة او البنك بتوقيع القسيمة مع اعطاء صورة البطاقة ( مشخصاتها ).

ج ـ يتقدم صاحب المتجر او الخدمة بالاشعار الموقع من حامل البطاقة الى البنك (١) او الشركة ، وحينئذ يتسلم من البنك العالمي او الشركة العالمية او فروعهما ثمن البضاعة او الخدمة.

د ـ تقوم الشركة او البنك بارسال صورة المشتريات بالبطاقة للعميل مطالبة اياه تسديد ثمن ما دفعته الشركة او البنك على شكل دفعات منتظمة أو غير منتظمة ، او يقوم البنك بخصم ذلك المبلغ من حساب عميله اذا كان صاحب حساب دائن عند البنك.

ه‍ ـ اذا تأخر حامل البطاقة ( المستفيد ) عن سداد التزاماته في الفترة المحددة المسموح بها في العقد ، فانه يحسب عليه فائدة من اجل التأخير وهي فائدة مركبة.

و ـ اذا لم يسدد حامل البطاقة التزاماته وما ترتب عليه فسوف توضع البطاقة في قائمة منع الاستخدام الى ان يتم المحاسبة بين البنك والعميل.

اقسام بطاقات الائتمان :

وتقسم بطاقات الائتمان تقسيمات متعددة بلحاظ اخذ رسوم في مقابلها او

__________________

(١) قد يكون بنك التاجر الذي يضع التاجر قسيمة البيع عنده ليتسلم ثمنها هو بنك المصدّر ايضا ، فيكون العميل والتاجر كلاهما قد ارتبطا بالبنك المصدّر للبطاقة ، واحيانا يكون بنك التاجر غير البنك المصدّر للبطاقة ، ولكنه مخوّل من قبل البنك المصدّر للبطاقة بتسديد دين التاجر والرجوع عليه ، فحينئذ يقوم بنك التاجر بتسديد قيمة القسيمة ويرجع على البنك المصدّر في الاستيفاء وحينئذ تُقسّم ما يخصمه بنك التجار ( من ثمن البطاقة ) بينه وبين البنك المصدّر كأجر على عملها.

٢٤٧

اشتراط فتح حساب لدى البنك ، او تحديد زمن التسديد او غير ذلك ، وعلى هذا فقد تقسم بطاقات الائتمان الى :

١ ـ بطاقات يؤخذ رسوم اشتراك في مقابلها.

٢ ـ بطاقات لا يؤخذ رسوم اشتراك في مقابلها.

وقد تقسم بطاقات الائتمان الى :

١ ـ بطاقات تطلب فتح حساب في البنك الذي يصدرها.

٢ ـ بطاقات لا تطلب فتح حساب في البنك الذي يصدرها.

وقد تقسم بطاقات الائتمان الى :

١ ـ بطاقات توجب الدفع خلال شهر واحد من الاستفادة منها.

٢ ـ بطاقات لا توجب الدفع خلال شهر واحد من الاستفادة منها ولا تحدد عليه الدفع فورا بل اذا دفع فورا فهو ، والاّ وضعت عليه فوائد.

وقد تقسم بطاقات الائتمان الى :

١ ـ بطاقات توجب الدفع الفوري لكل المبلغ لمدة معينة.

٢ ـ بطاقات لا توجب ذلك ، بل تقسط دفع المبلغ الى آجال متعددة.

وهناك بطاقات تقسم حسب امتيازها ، العالي ، والمتوسط ، والعادي ، مثل البطاقة الذهبية والالماسية والخضراء ، فالذهبية تمنح لمن يتمتع بكفاءة عالية من العملاء ، وليست محدودة بسقف ائتماني محدد ، وتتميز بكون صاحبها مضموناً من قبل المصدّر لها والذي عنده حساب دائن فيه.

فائدة بطاقات الائتمان :

لقد اصبح لبطاقات الائتمان في المجتمعات الحديثة شأناً مهماً ، ومن الاساسيات ، اما في البلاد الاسلامية فهي على مستوى بعض الافراد مهمة في سفره ، حيث تحقق له فوائد كثيرة سوف نذكرها فيما بعد ، وهي مهمة جدا بالنسبة

٢٤٨

للتاجر الذي يعرض سلعته وخدماته ، كما انها مفيدة للبنك الذي يصدرها. واليك الفوائد مفصّلة شيئا ما :

الف ـ فائدة البطاقة للعميل :

١ ـ تحقق للعميل سهولة وأماناً على الاموال من حملها معه ، لأن الأموال قد تتعرض للسرقة او الفقدان ، او يتعرض هو للهجوم والسطو المسلح.

٢ ـ تمكنه من شراء ما يبدو له شراؤه في ظروف مفاجئة لم يستعد لها ، بحمل ما يقابلها من الاموال.

٣ ـ تيسر لحاملها السداد بأيِّ عملة كانت. وبهذا يستريح العميل من اجراءات دخول العملات وخروجها في بعض البلاد التي بها قيود على تحويل العملة او منع خروجها او دخولها.

٤ ـ انها تحمل معها وسيلة المحاسبة وضبط المصاريف وتوثيق السداد للمطالبات.

٥ ـ تزود حاملها بتسهيلات نقدية في أي دولة كان ، ضمن حدود ممنوحة له عند طلبه.

٦ ـ ان بعض بطاقات الائتمان يخوّل العميل سحب نسبة من النقد من فروع البنك الذي يتعامل معه او بنوك اخرى تتعامل معه ، بمراجعة البنك او اجهزة الصرف الآلي او انظمة التحويل الاكتروني. وهنا تؤخذ عمولة تقسم بين شركة البطاقة والبنوك التي لها دور في عملية الاستخدام ان وجدت. وهذه العملية تقلص الوقت الذي يبذل في تحقيق نفس الخدمة يدوياً عن طريق البنوك الفرعية او التي تتعامل مع البنك العالمي لمصدِّر البطاقة الائتمانية.

٧ ـ قد يلتزم التاجر بتخفيض ثمن السلعة ( لحامل البطاقة ) عن السعر السوقي ، حسب الالتزام مع الجهة المصدرة للبطاقة.

٨ ـ ان بعض البطاقات تمنح صاحبها التأمين على الحياة ، كالبطاقات

٢٤٩

الذهبية ، وتمنحهم اضافة الى ذلك حدوداً ائتمانية عالية ، وخدمات اخرى دولية فريدة كأولوية الحجز في مكاتب السفر والفنادق والتأمين الصحي والخدمات القانونية.

٩ ـ ان بعض البطاقات تدفع جوائز وهدايا لعملائها بطريقة القرعة ترغيباً لهم على الحصول على بطاقة الائتمان عند هذا البنك المصدر لها ، فيدفع البنك لمن اصابته القرعة مبلغاً من المال بعنوان الجائزة.

١٠ ـ ان ضياع بطاقة الائتمان يوجب ضمان مسؤولية محدودة فقط كمبلغ من المال ، اذا أبلغ الجهة المصدرة بضياع البطاقة فوراً ، حتى لا تستخدم هذه البطاقة من قبل الآخرين بصورة غير مشروعة ، وطبعاً في حالة الاطمئنان بعدم وجود تواطي بين حامل البطاقة ومن استخدمها بصورة غير مشروعة ، وهذا الشرط لا حاجة له ، اذ أنَّ عنوان ضياع البطاقة او سرقتها يكفي لذلك.

ب ـ فائدة البطاقة للتاجر :

هناك فوائد كثيرة للتاجر يمكن تلخيصها على النحو التالي :

١ ـ يستقطب التاجر عملاء جدد ، وبنوعية جيدة ، وثقافة عالية.

٢ ـ تخفف على التاجر مخاطر الاحتفاظ بمبالغ نقدية كبيرة في متجره ، فيأمن من السرقة او السطو المسلح.

٣ ـ البنك يضمن للتاجر تغطية المبالغ الناشئة من استعمال بطاقة الضمان عند تقديم المستندات بصورة صحيحة ، او على الاقل فان البنك يقدم المبلغ المستحق للتاجر قرضاً ويستوفيه بعد ذلك.

ج ـ فائدة البطاقة للبنك :

ان البنك التجارى يحصل من البطاقة على دخل له ، وذلك من خلال :

١ ـ استيفاء رسوم اصدار البطاقة ( رسوم العضوية ) ، ومنحها.

٢ ـ استيفاء رسوم تجديد البطاقة حيث تكون صلاحيتها لسنة واحدة.

٢٥٠

٣ ـ رسم تبديل البطاقة عند الضياع او التلف او السرقة.

٤ ـ رسم التجديد المبكر ، وذلك عند طلب العميل تمديدها قبل موعد الانتهاء بسبب سفره عند حلول التجديد.

٥ ـ تحصيل البنك على نسبة من ثمن البضاعة يستوفيها من التاجر ( حسب الاتفاق معه ) عند تسديده لقيمة قسيمة البيع او الخدمة. كما قد يحصل على نسبة من الثمن عند تسديد العميل ما عليه ، كأجر على تسديد البنك دينه الذي للتاجر.

٦ ـ الحصول على فرق سعر العملة الاجنبية ( اذا كان التسديد بها ) عند تحويله عملته المحلية اليها ، فهو يأخذ فائدة بيع الصرف عند ما يسدد بالدولار ويستلم بالدينار.

٧ ـ يأخذ أجراً على وفاء دين العميل خارج البلد أو مطلقا ( حسب قرارات البنك ).

٨ ـ غرامات التأخير عند عدم سداد ما على العميل حسب الوقت المحدد ( الفائدة ).

٩ ـ البنك يحصل على نسبة من الثمن في مقابل استخدام جهازه الآلي ، او نظام تحويله الالكتروني عند سحب نقود معينة بواسطة البطاقة الائتمانية ، اذا كانت مخولة لذلك. وهذه النقطة بالذات توفر امكانات ائتمانية جديدة للعملاء مما يجعل زيادة عائدات البنك المصدر للبطاقات الائتمانية.

١٠ ـ يأخذ البنك عمولة على دفعه النقود لبطاقة ائتمان اجنبية مرتبطة بمنظمة الفيزا.

كيف تتم المعاملات التجارية ببطاقة الائتمان ؟

ونعرض عليك صورة مفصلة بعض الشيء عن المعاملات التجارية التي تتم بواسطة بطاقة الائتمان وهي تتم ضمن مراحل.

٢٥١

المرحلة الاولى : عند شراء حامل البطاقة سلعة او تلقّي خدمة في أي مكان كان ، فان التاجر او صاحب الخدمة الذي يقبل التعامل بالبطاقة يقوم بتسجيل العملية على قسيمة البيع ويعطي نسخة منها الى حامل البطاقة مع وضع علامة البطاقة على جميع نسخ القسيمة بواسطة آلة بسيطة.

المرحلة الثانية : يقوم التاجر بايداع اصل القسيمة الذي حصل البيع بها في حسابه لدى البنك الذى يتعامل معه لأجل ان يحصّل قيمتها ( سواء كان هو البنك المصدر للبطاقة أوْلا ، كما في بنك التاجر الذي يقوم بعملية تحصيلها من البنك المصدر لها ) فان بنك التاجر يقوم بتقاضي نسبة من ربح التاجر متفق عليها ، بعد ان يضع في حساب التاجر قيمة القسيمة ( مخصوماً منها النسبة التي يتقاضاها من التاجر حسب الاتفاق ) ضمن ثلاثة ايام ويتبع المصدر نفسه مباشرة او عن طريق منظمة ( الفيزا ) لتسوية الحساب مع عميله فيرسل بيان قسيمة البيع مفصلة ، فيذكر وقتها ومكانها وكميتها ، ويطلب من بنك المصدّر للبطاقة التسديد.

واما اذا كان البنك واحدا وهو بنك المصدر للبطاقة فهو الذى يضع في حساب التاجر المبلغ مخصوماً منه نسبة من الثمن حسب الاتفاق كأجر على عمله مثلا.

تنبيه :

اذا كانت بطاقة الائتمان لها حداً على مشار اليه ، وكان مبلغ قسيمة البيع يزيد على الحد المشار اليه او كان هناك تردد في صحة الامور المذكورة في بطاقة الائتمان لاحتمال التلاعب فيها او اشباه ذلك ، فان هذا يستلزم من التاجر أن يأخذ الموافقة من البنك المصدر للبطاقة على انجاز هذه العملية ، بواسطة نظام الاتصالات المتبع والذي يتم خلال عدة دقائق بواسطة شبكة الكترونية ، بشرط سرعة الرد على طلب الموافقة.

وقد تزود نقاط البيع وتقديم الخدمات بآلات التفويض ، وهي اجهزة

٢٥٢

الكترونية قارئة للشريط المغناطيسي على البطاقة ، ومربوط بالجانب الآلي ( ترمينال ) ، اذ يقوم هذا الجهاز بمجرد امرار البطاقة فيه ، ووضع الرقم السري للعميل بالاتصال بمركز التفويض في بنك التاجر الذي يقوم بدوره بتحويل الاتصال آليا الى البنك المصدر مباشرة او بتوسط « منظمة الفيزا » ، وذلك للحصول على التفويض بقبول العملية او رفضها وفق معايير البنك المصدر ، وياتي الرد آلياً من نفس القنوات.

نعم هناك تفويض عالمي لاستخدام البطاقة الائتمانية وقبولها من قبل التاجر دون الرجوع الى البنك المصدرلها ، لأجل الحصول على تفويض بقبولها بشروط هي :

١ ـ ان لا يكون تا ريخ البطاقة قد انتهى.

٢ ـ ان يكون توقيع وشخصية العميل مطابقة لبيانات البطاقة ( اي غير محتملة التزوير ).

٣ ـ ان لا تكون البطاقة مذكورة في نشرة البطاقات المطلوب حجزها.

المرحلة الثالثة : وعند وصول بيان قسيمة البيع للبنك المصدر للبطاقة فانه تجري عملية التسديد يومياً. فلو فرضنا أن بنك التاجر غير البنك المصدِّر للبطاقة ، فان بنك التاجر سوف يوضع في حسابه قيمة القسيمة ويخصم من حساب بنك المصدّر هذا المبلغ في نفس اليوم ، وهذا يتم وفق نظام كفوء ودقيق.

وهنا لا بأس بالاشارة الى ان بنك المصدر للبطاقة يأخذ عمولة ( ١ % ) او أكثر (١) او اقل على قسيمة الشراء الصادرة من حامل البطاقة. وقد تكون هذه العمولة على حصول عملية الشراء خارج البلاد الذي فيه البنك المصدّر للبطاقة فقط ، وقد تكون شاملة.

__________________

(١) ذكر البعض ان هذه العمولة تتراوح بين ( ٤ ـ ٦ % ) من قيمة القسيمة. وقد ذكر بيت التمويل الكويتي اخذ العمولة من العميل في صورة وقوع الصفقة خارج البلاد فقط. ، راجع بحث بطاقات الائتمان الصادرة عن دار التمويل الكويتي.

٢٥٣

المرحلة الرابعة : اذا سحب صاحب البطاقة نقداً من فروع بعض البنوك الخارجية المرتبطة مع بنكه ، ( مباشرة او عن طريق اجهزة الصرف الآلي المشتركة ) يقوم البنك المصدر للبطاقة بتسديد المبلغ المسحوب من البنك الخارجي نيابة عن العميل ، على ان يحصّلها من حساب العميل ( صاحب البطاقة ) فيما بعد ، ويأخذ البنك المصدر عمولة ( ١ % ) او اكثر او اقل لقاء سحب النقود في الخارج بواسطة البطاقة.

التكييف الشرعي لبطاقات الائتمان :

هل يوجد تكييف شرعي لهذه البطاقات ؟

الجواب : ان هذا هو البحث المهم والاساسي في هذه القضية.

فنقول : اننا نؤمن بأنَّ صيغ المعاملات المالية في الفقه الاسلامي تتسع لاستيعاب المستجدات العصرية بشرط دخولها في صيغة واحدة معروفة ، او دخولها في صيغ مركبة ، او شمول القواعد في العقود لها اذا اتوفرت اركانها ، وعدم وجود أي محذور يؤدي الى بطلانها او حرمتها.

وهنا نريد ان نعرف ان ما يدفعه التاجر او المقدّم للخدمة ، وما يدفعه حامل البطاقة للبنك ، او ما يأخذه البنك منهما معاً في حالات مختلفة ، هل يدخل تحت عنوان معروف محلل ؟ او صيغة مركبة تجمع اكثر من عقد محلل ؟ او يدخل تحت القواعد العامة للعقود ؟ اولا يدخل في شيء من هذه الصيغ المحللة ، بل يدخل في الصيغ المحرمة الربوية ؟

ونحن نحتاج هنا الى سرد عمليات البنك المستفيد من هذه البطاقات لنرى حكمها :

١ ـ رسم العضوية ( الاشتراك ) :

وهذا هو المبلغ الذى يدفعه العميل عند منحه بطاقة الائتمان ، ويدفع مرة

٢٥٤

واحدة فقط.

ويمكن تكييف هذا على اساس انه اجر على عمل او منفعة تؤديه شركة البطاقة ووكلائها لحامل البطاقة فهو عبارة عن تقديم خدمة مصرفية لقاء اجر معلوم ( والخدمة هي تمكين العميل من شراء وبيع السلع او الحصول على الخدمات او تقديمها ، وعملية سحب نقدي باليد من فروع البنوك الاعضاء المشتركة في مؤسسة الفيزا أو من اجهزة الصرف الآلي التابعة للبنوك المشتركة ).

وبعبارة اخرى ان رسم الاشتراك هو أجر مقطوع لقاء اجراءات قبول طلب العميل للحصول على البطاقة ، واجراءات فتح الملف ، وتعريف الجهات الخارجية التي سيحتاج التعامل معها ، وما الى ذلك من امور تتعلق بالخدمة للعميل ، فهو يقدم أجراً ثابتاً على هذه الخدمات والتسهيلات التي تقدم له.

وقد ذكر البعض ان هذا الرسم في بعض البنوك يكون عبارة عن مائة وعشرين دولاراً في السنة.

٢ ـ رسم التجديد :

وهو رسم سنوي يدفعه العميل حين تجديد بطاقته ، حيث ان البطاقة سارية المفعول لمدة سنة واحدة. وايضاً يمكن تكييف هذا على اساس التكييف المتقدم في رسم العضوية ، لأنَّ الخدمة لرسم الاشتراك تنتهي بانتهاء السنة ، وتحتاج الى اجراءات اخرى لتمديد فترة تقديم الخدمة للعميل.

٣ ـ رسم التجديد المبكر :

وذلك عند طلب العميل تجديد بطاقته قبل موعد الانتهاء بسبب سفره عند حلول التجديد وتكييف هذا الرسم يندرج في رسم التجديد وان كانت قبل موعده ، لان كافة الاجراءات التي يقوم بها البنك عند اجل التجديد يقوم بها عند طلب العميل تجديد بطاقته قبل موعد انتهائها.

٢٥٥

٤ ـ رسم استبدال البطاقة عند الضياع او التلف او السرقة :

وهذا الرسم ينبغي ان يكون اقل بكثير من رسم التجديد ، حيث ان رسم التجديد يحتوي على اجراءات تعريف الجهات الخارجية التي سيحتاج التعامل معها ، بينما رسم استبدال البطاقة يتم فقط في صدورها من البنك الذي قد أتمَّ اجراء التعريف للجهات الخارجية ، وهذا الرسم معقول لانه في مقابل خدمات اصدار البطاقة الذي يحتاج الى اجراءات وان كانت بسيطة. وهذه الاجراءات البسيطة هي صحيحة في صورة تلف البطاقة امام عين صاحبها او تحريقها ، اما اذا ضاعت او سرقت ، فقد يقال بان الاجراءات التي يقوم بها البنك هي نفس الاجراءات السابقة ، اذ يقوم بابلاغ الجهات الخارجية بسرقة البطاقة او ضياعها ويطلب منهم عدم التعامل مع القسيمة التي تأتي حاملة هذا الرقم. ثم اذا طلب العميل استبدال رقمه بوضع مميّز له مثلا ، فان البنك سوف يقوم بعملية الاعلام الخارجي للبنوك التي يتعامل معها ، وبهذا سيكون الاجر الذي يتسلمه من استبدال البطاقة عند الضياع او السرقة هو اجر رسم التجديد.

٥ ـ اخذ البنك نسبة من ثمن البضاعة او الخدمة :

انّ البنك ( حسب اتفاقه مع التاجر ) يخصم نسبة من اثمان البضائع والخدمات التي يستوفيها التاجر من البنك عند تسديد البنك قيمة قسيمة البيع او الخدمة ، سواء كان عند العميل رصيد في البنك ام لم يكن ، وهنا ياتي التساؤل عن التكييف الشرعي الفقهي لذلك ؟

وقد عرضت هنا عدة تكييفات شرعية لذلك ، نعرض اهمها :

التكييف الاول ( قرض من مصدّر البطاقة للعميل وعمولة من التجار ) :

قيل « ان بطاقة الائتمان عبارة عن فتح اعتماد للعميل لشراء ما يحتاجه على ان يقوم بسداد القيمة في موعد محدد ، فيكون المبلغ قرضا من مصدّر البطاقة لعميله

٢٥٦

لقاء عمولة من المحلات والتجار » (١).

نقول : اذا كان الامر كما ذكر سابقا ( من ان البنك ياخذ نسبة من ثمن البضاعة او الخدمات عند التسديد للتاجر ، سواء كان في رصيد العميل ما يكفي لثمن البضاعة أوْلا ) فهو يدل دلالة واضحة على انّ ما يأخذه البنك ليس هو في مقابل قرض العميل في صورة عدم وجود حساب دائن عند البنك للعميل ، والا فلماذا يأخذ البنك نفس النسبة اذا كان لدى العميل حساب دائن عند البنك يكفي لثمن البضاعة ؟

نعم اذا كان هذا التكييف هو في صورة عدم وجود رصيد دائن لدى العميل عند البنك فيمكن ان يكون ما يأخذه البنك من ثمن البضاعة في مقابل القرض ، كما يمكن ان تكون عمولة من اصحاب المحلات والتجار للبنك على قيامة بعملية تسديد الدين وكالة عن العميل. ولكن يرد على هذا التوجيه ارتكازية ان تكون العمولة على تسديد الدين هي من قبل المدين الذي قام البنك بالتسديد عنه ، بينما نجد ان العمولة يدفعها التاجر للبنك ، فاذا اضفنا الى ذلك عدم اعطاء التاجر هذه العمولة للبنك ان لم يقم بعملية الاقراض للعميل ، يتضح انّ ما ياخذه البنك من ثمن البضاعة هو في مقابل القرض للعميل ، وقد استفدنا من ادلة حرمة القرض الربوي عدم جواز الزيادة على المال المقترض للمقرض سواء كانت الزيادة من المقترض او غيره ، وسواء كانت الزيادة للمالك او لغيره ، اذ إن الروايات اشترطت ارجاع نفس المال المقترض ليس الا.

التكييف الثاني ( عمولة على تحصيل الثمن من العميل لدفعه الى اصحاب المحلات ) :

ان هذه النسبة التي تحصل عليها شركة البطاقة من اصحاب المتاجر

__________________

(١) بطاقة الائتمان وتكييفها الشرعي ، د. عبدالستار ابوغدة ، ص ٥.

٢٥٧

والخدمات هي عمولة على تحصيل الثمن من العميل ـ حامل البطاقة ـ لدفعه الى اصحاب المحلات والخدمات مع مراعاة ان العملية فيها تقديم وتأخير اقتضاهما سهولة اداء المهمة المزدوجة وهي : تحصيل قسيمة البيع واداء المبالغ لمستحقها ، فقد بادرت شركت البطاقة بالدفع ـ من طرفها ـ لقيمة قسيمة البيع الى اصحاب المحلات والخدمات ، ثم تقوم بتحصيلها من حاملي البطاقات ، وهذه المبادرة من شركة البطاقة لأجل ضبط التزامها مع اصحاب البضائع والخدمات ، اذ لا تستطيع شركة البطاقة ضبط مواعيد التحصيل من العملاء ، في حين انها يمكنها التحكم فيما تدفعه من عندها ثم تقوم بتحصيله. ومن الواضح شرعاً جواز اخذ اجر معلوم متفق عليه مع كل من تحصيل الدين من المدين لدائنه ، أو توصيله الى الدائن من قبل المدين ، وما يجوز اخذه من الطرفين ، يجوز اخذه من احدهما كما هو الحال في عمولة السمسرة ، اذ يجوز اشتراطها على كل من البائع والمشتري ، او على واحد منهما فقط (١).

اقول :

اولا : ان هذا الوجه خارج عن العلاقة التي ذكرناها بين البنك والعميل من كون البنك ضامنا لما يشتريه او يتلقاه العميل ، بل افترض هذا الوجه ان البنك ليس ضامنا ولا متعهدا لما يشتريه العميل بل البنك يقوم بعملية اقراض للتاجر ويسعى لتحصيل ما دفعه من العميل للتاجر.

وثانياً : ان هذا التكييف يتوجه لصورة ما اذا لم يكن لدى العميل رصيد دائن كاف لما اشتراه ببطاقته ، فيقوم البنك المصدّر بالدفع الى التاجر كقرض حسن ، ثم يحاول استيفاء ثمن البضاعة من العميل للتاجر.

وعلى كل حال : لابدّ لنا من معرفة ان القصد الحقيقي للبنك هل هو اخذ

__________________

(١) المصدر السابق.

٢٥٨

النسبة من ثمن البضاعة في مقابل تحصيل الدين من العميل الى التاجر ، وليس له اي ارتباط بالثمن الذى قدمه للتاجر ، أو أن الامر بالعكس ، اذ يكون مرتبطا بالثمن الذي قدمه للتاجر وكان عنوان العمولة على تحصيل الدين عنواناً يتستر تحته الربا ؟

نقول : قدتذكر منبهات (١) على ان القصد هو ربوي تستَّر تحت الاجرة ، منها :

١ ـ اننا اذا قبلنا ان تحصيل الثمن من العميل صاحب البطاقة وتسليمه الى اصحاب المحلات عملية لها اجر يقوم بها البنك لامكاناته المتوفرة والعالية ، وان ما يقوم به البنك من تسديد الثمن الى اصحاب المحلات قبل حصوله عليه هو لاجل ضبط التزامات البنك مع اصحاب البضائع والخدمات ، فيكون دفع البنك للثمن مقدماً الى اصحاب البضائع والخدمات هو قرض حسن ، وقبلنا ان الاجرة يمكن ان تكون نسبة من الثمن حيث انها مرتبطة بالمنفعة التي يقدمها البنك للتاجر. اننا اذا قبلنا كل هذا يبقى لنا ان نتسائل فنقول : هل تؤخذ هذه النسبة من التاجر حتى في صورة عدم تقديم البنك قرضاً الى التاجر ، أو أن هذه النسبة انما قبلت ( كاُجرة على تحصيل الدين من العميل ) في صورة تقديم البنك القرض الى التاجر ؟

والجواب : إن كانت الاجرة واحدة في الصورتين ، فالقصد هو غير ربوي ، واما اذا اختلفت الاجرة في الصورة الاولى عن الثانية ، فيتبين ان العملية ربوية

__________________

(١) إنَّ المنبهات التي نذكرها الآن لمعرفة القصد الحقيقي للبنك عن أخذ نسبة من ثمن السلعة ، وإن لم تكن واقعة في الخارج ومقصودة إلاّ أنها تنبّهنا الى القصد الحقيقي ، فهي مثل ما حدث في زمان الإمام علي عليه‌السلام عندما تنازعت اليه امرأتان في مولود ، كلٌّ تدّعيه ولا بينة ، فقال عليه‌السلام : يا قنبر اقسمه نصفين ، فقالت من كان الوليد لها حقيقة : لا يا علي ، دعهه لها ، بينما قبلت الثانية التنصيف.

فبهذا الأمر ( الذي قاله الإمام عليه‌السلام مع عدم كونه حقيقياً ) عرف الإمام الأم الحقيقية ، فهنا أيضاً كذلك نريد ان نعرف القصد الحقيقي لأخذ البنك نسبة من الثمن من التاجر ، هل هي في مقابل عمله أو في مقابل الثمن الذي اعطاه والأجل الذي أُجِّل اليه ؟

٢٥٩

فيخرج القرض عن كون قرضاً حسناً ، بل يكون قرضا جرّ نفعاً ، حيث ان القرض اذا لم يكن موجودا تكون الاجرة على تحصيل الدين من العميل اقل بكثير من صورة وجود القرض للتاجر من البنك ، ومثل هذا ما اذا أجَّرتُ بيتي اليك بأقل من ثمن المثل ، فهو عقد صحيح لكنه اذا اقترن بقرض كمية من النقود على وجه الالتزام ( بحيث لولا القرض لما اوجر بالاقل ) يكون ربويا. فهنا كذلك.

وبعبارة اخرى : ان اخذ البنك نسبة من ثمن القسيمة اذا اقترن بعملية قرض للتاجر بحيث لولا هذه العملية القرضية لا يقدم التاجر على اعطاء هذه النسبة من الثمن الى البنك ، ينبهنا الى ان النسبة من الثمن هي مرتبطة واقعا بالثمن الذي قدمه البنك الى التاجر ، ولكنها غُطّيت تحت الفاظ عمولة تحصيل الدين من العميل الى التاجر.

٢ ـ اذا فرضنا ان البنك لم يتمكن من تحصيل الثمن من العميل ، فهل يسترجع البنك ما اقرضه فقط ـ وهو اقل من ثمن الضاعة ـ او يأخذ من التاجر ثمن البضاعة كاملة ؟

الجواب : فان اخذ ما دفعه فقط ، فقصده هو قصد حسن ليس فيه شائبة الربا ، اما اذا اخذ الثمن كله من دون خصم اجرة تحصيل الدين ، فهو منبه واضح على ان الذي خصمه بعنوان اجرة تحصيل الدين هو ربا تستَّر بالاجرة.

٣ ـ اذا افترضنا ان العميل على قسمين :

أ ـ قسم يحمل بطاقة يسدد فيها ثمن ما يشتريه في ضمن شهر واحد من حين الشراء.

ب ـ قسم يحمل بطاقة يسدد فيها ثمن ما يشتريه في ضمن ثلاثة اشهر.

فهل البنك يوافق على القرض للتاجر في كلا البطاقتين من دون أن تزداد النسبة التي يأخذها من التاجر عند البيع لكل منهما حتى يكون ما يدفعه البنك الى التاجر هو قرض حسن وما يأخذه من ثمن البضاعة منهما هو اجرة على تحصيل

٢٦٠