منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٣

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٣

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٣٧٣

مسألة ٣٩٧ : الاُم احق بإرضاع ولدها من غيرها ، فليس للاَب تعيين غيرها لاِرضاع الولد إلاّ إذا طالبت باُجرة وكانت غيرها تقبل الاِرضاع باُجرة اقل أو بدون اجرة فان للاَب حينئذٍ ان يسترضع له اخرى ، وفي هذه الصورة إذا لم تقبل الاُم بإرضاع الغير ولدها وارضعته هي بنفسها لم تستحق بإزائه شيئاً من الاُجرة.

مسألة ٣٩٨ : إذا ادّعى الاَب وجود متبرعة بالاِرضاع وانكرت الاُم ولم يكن له بينّة على وجودها كان القول قولها بيمينها.

مسألة ٣٩٩ : ينبغي ان يرضع الصبي بلبن اُمّه ففي النصّ ( ما من لبن رضع به الصبي اعظم بركة عليه من لبن اُمّه ) ، نعم إذا كان هناك مرجّح لغيرها ـ كشرافتها وطيب لبنها بخلاف الاُم ـ فلا بأس باسترضاعها له.

مسألة ٤٠٠ : يحسن ارضاع الولد واحداً وعشرين شهراً ولا ينبغي ارضاعه اقل من ذلك ، كما لا ينبغي ارضاعه فوق حولين كاملين ، ولو اتفق ابواه على فطامه قبل ذلك كان حسناً.

مسألة ٤٠١ : حضانة الولد وتربيته وما يتعلّق بها من مصلحة حفظه ورعايته تكون في مدة الرضاع ـ اعني حولين كاملين ـ من حق أبويه بالسوية ، فلا يجوز للاَب ان يفصله عن اُمّه خلال هذه المدة وان كان انثى ، والاَحوط الاَولى ان لا يفصله عنها حتى يبلغ سبع سنين وان كان ذكراً.

مسألة ٤٠٢ : إذا افترق الابوان بفسخ أو طلاق قبل ان يبلغ الولد السنتين لم يسقط حقّ الام في حضانته ما لم تتزوج من غيره ، فلابدّ من توافقهما على ممارسة حقّهما المشترك بالتناوب أو بأيّة كيفية اخرى يتفقان عليها.

١٢١

مسألة ٤٠٣ : إذا تزوجت الاُم بعد مفارقة الاَب سقط حقّها في حضانة الولد وصارت الحضانة من حق الاَب خاصة ، ولو فارقها الزوج الثاني فهل يعود حقّها أم لا؟ وجهان لا يخلو ثانيهما من قوة.

مسألة ٤٠٤ : إذا مات الاَب بعد اختصاصه بحضانة الولد أو قبله فالاُم احق بحضانته ـ الى ان يبلغ ـ من الوصي لاَبيه ومن جدّه وجدّته له وغيرهما من اقاربه سواء أتزوّجت أم لا.

مسألة ٤٠٥ : إذا ماتت الاُم في زمن حضانتها اختص الاَب بحضانته وليس لوصيّها ولا لاَبيها ولا لاُمّها فضلاً عن باقي اقاربها حق في ذلك.

مسألة ٤٠٦ : إذا فقد الاَبوان فالحضانة للجد من طرف الاَب ، فاذا فقد ولم يكن له وصي ولا للاَب فالمشهور ثبوت حق الحضانة لاَقارب الولد على ترتيب مراتب الارث الاَقرب منهم يمنع الاَبعد ، ومع التعدد والتساوي في المرتبة والتشاح يقرع بينهم ، ولكن هذا لا يخلو عن اشكال ، فالاَحوط التراضي بينهم مع الاِستيذان من الحاكم الشرعي ايضاً.

مسألة ٤٠٧ : إذا سقط حق الاُم في ارضاع ولدها لطلبها اُجرة مع وجود المتبرع أو لعدم اللبن لها أو لغير ذلك فهل يسقط حقّها في حضانته ايضاً أم لا؟ وجهان اقواهما عدم السقوط ؛ لعدم التنافي بين سقوط حق الاِرضاع وثبوت حق الحضانة لاِمكان كون الولد في حضانة الاُم مع كون رضاعه من امرأة اخرى اما بحمل الاُم الولد الى المرضعة عند الحاجة الى اللبن أو بإحضار المرضعة عنده مثلاً.

مسألة ٤٠٨ : يشترط فيمن يثبت له حق الحضانة من الاَبوين أو غيرهما ان يكون عاقلاً مأموناً على سلامة الولد ، وان يكون مسلماً إذا كان

١٢٢

الولد كذلك ، فلو كان الاَب مجنوناً أو كافراً ـ والولد محكوم بالاِسلام ـ اختصت اُمّه بحضانته إذا كانت مسلمة عاقلة ، ولو انعكس الاَمر كانت حضانته من حق ابيه خاصة ، وهكذا الحال في غيرهما.

مسألة ٤٠٩ : الحضانة كما هي حق للاُم والاَب أو غيرهما على التفصيل المتقدّم كذلك هي حق للولد عليهم ، فلو امتنعوا اجبروا عليها ، وهل يجوز لمن يثبت له حق الحضانة ان يتنازل عنه لغيره فينتقل اليه بقبوله أم لا؟ الظاهر العدم ، نعم يجوز لكل من الاَبوين التنازل عنه للآخر بالنسبة الى تمام مدة حضانته أو بعضها.

مسألة ٤١٠ : لا تجب المباشرة في حضانة الطفل ، فيجوز لمن عليه الحضانة ايكالها الى الغير مع الوثوق بقيامه بها على الوجه اللازم شرعاً.

مسألة ٤١١ : الظاهر ان الاُم تستحق اخذ الاُجرة على حضانة ولدها إلاّ إذا كانت متبرعة بها أو وجد متبرع بحضانته ، ولو فصل الاَب أو غيره الولد عن اُمّه ولو عدواناً لم يكن عليه تدارك حقها في حضانته بقيمة أو نحوها.

مسألة ٤١٢ : تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيداً ، فاذا بلغ رشيداً لم يكن لاَحد حق الحضانة عليه حتى الاَبوين فضلاً عن غيرهما ، بل هو مالك لنفسه ذكراً كان أم اُنثى ، فله الخيار في الاِنضمام الى من شاء منهما أو من غيرهما ، نعم إذا كان انفصاله عنهما يوجب اذيتهما الناشئة من شفقتهما عليه لم يجز له مخالفتهما في ذلك.

١٢٣

الفصل العاشر

في النفقات

تجب النفقة بأحد اسباب اربعة : الزوجية ، والقرابة ، والملك ، والاِضطرار.

١ ـ الزوجية

مسألة ٤١٣ : تجب نفقة الزوجة على الزوج فيما إذا كانت دائمة ومطيعة له فيما يجب اطاعته عليها ، فلا نفقة للزوجة المتمتع بها إلاّ مع الشرط ، كما لا نفقة للزوجة الناشزة على تفصيل تقدّم في المسألة ( ٣٥١ ) ، وقد تقدّم ايضاً بيان ما يتحقق به النشوز وان سقوط نفقة الناشزة مشروط بعدم توبتها فاذا تابت وعادت الى الطاعة رجع الاستحقاق.

مسألة ٤١٤ : لا فرق في وجوب الاِنفاق على الزوجة بين المسلمة والكتابية ، واما المرتدة فلا نفقة لها فان تابت قبل مضي العدّة استحقّت النفقة وإلاّ تبين من زوجها كما تقدّم.

مسألة ٤١٥ : الظاهر ثبوت النفقة للزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف إلا مع وجود قرينة على الاسقاط ولو كانت هي التعارف الخارجي ، والاظهر عدم ثبوت النفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاِستمتاع منها على زوجها خصوصاً إذا كان الزوج صغيراً غير قابل للتمتع والتلذذ ، وكذا الزوجة الكبيرة إذا كان زوجها صغيراً غير قابل لاَن يستمتع منها ، نعم لو كانت الزوجة مراهقة وكان الزوج مراهقاً أو كبيراً أو كان الزوج مراهقاً

١٢٤

وكانت الزوجة كبيرة لم يبعد استحقاق الزوجة للنفقة مع تمكينها له من نفسها على ما يمكنه من التلذذ والاِستمتاع منها.

مسألة ٤١٦ : لا تسقط نفقة الزوجة بعدم تمكينها له من نفسها لعذر من حيض أو نفاس أو احرام أو اعتكاف واجب أو مرض مدنف أو غير ذلك ، ومن العذر ما لو كان الزوج مبتلى بمرض معدٍ خافت من سرايته إليها بالمباشرة.

مسألة ٤١٧ : إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه وان كانت اكثر من نفقتها في الحضر ، وكذا يجب عليه بذل اُجور سفرها ونحوها مما تحتاج اليه من حيث السفر ، وهكذا الحكم فيما لو سافرت الزوجة بنفسها في سفر ضروري يرتبط بشؤون حياتها كأن كانت مريضة وتوقّف علاجها على السفر الى طبيب فانّه يجب على الزوج بذل نفقتها واجور سفرها.

واما في غيره من السفر الواجب كما إذا كان اداءً لواجب في ذمّتها كأن استطاعت للحج ، أو نذرت الحج الاِستحبابي بإذن الزوج ، وكذا في السفر غير الواجب الذي اذن فيه الزوج فليس عليه بذل اُجوره ، وهل يجب عليه بذل نفقتها فيه كاملة وان كانت أزيد من نفقتها في الحضر أم لا؟ الظاهر ذلك ، نعم إذا علّق الزوج اذنه لها في السفر غير الواجب على اسقاطها لنفقتها فيه كلاً أو بعضاً وقبلت هي بذلك لم تستحقّها عليه.

مسألة ٤١٨ : تثبت النفقة لذات العدّة الرجعية مادامت في العدّة كما تثبت لغير المطلقة ، من غير فرق بين كونها حائلاً أو حاملاً ، ولو كانت ناشزة وطلقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة إلاّ إذا تابت ورجعت الى

١٢٥

الطاعة كالزوجة الناشزة غير المطلّقة ، واما ذات العدّة البائنة فتسقط نفقتها سواء أكانت عن طلاق أو فسخ إلاّ إذا كانت عن طلاق وكانت حاملاً فانّها تستحق النفقة والسكنى حتى تضع حملها ، ولا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضية مدتها ، وكذا الحامل المتوفى عنها زوجها ، فانّه لا نفقة لها مدة حملها لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها على الاقوى.

مسألة ٤١٩ : إذا ادّعت المطلقة بائناً انّها حامل فان حصل الوثوق بصحة دعواها استناداً الى الاِمارات التي يستدل بها على الحمل عند النساء ، أو تيسر استكشاف حالها بإجراء الفحص الطبي عند الثقة من اهل الخبرة فهو ، وإلاّ ففي وجوب قبول قولها والاِنفاق عليها بمجرد دعواها اشكال بل منع.

ولو انفق عليها ثم تبين عدم الحمل استعيد منها ما دفع إليها ، ولو انعكس الاَمر دفع إليها نفقتها ايام حملها.

مسألة ٤٢٠ : لا تقدير للنفقة شرعاً ، بل الضابط القيام بما تحتاج اليه الزوجة في معيشتها من الطعام والادام والكسوة والفراش والغطاء والمسكن والخدم وآلات التدفئة والتبريد وأثاث المنزل وغير ذلك مما يليق بشأنها بالقياس الى زوجها ، ومن الواضح اختلاف ذلك نوعاً وكماً وكيفاً بحسب اختلاف الاَمكنة والاَزمنة والحالات والاَعراف والتقاليد اختلافاً فاحشاً.

فبالنسبة الى المسكن مثلاً ربّما يناسبها كوخ أو بيت شعر في الريف أو البادية وربّما لابدّ لها من دار أو شقة أو حجرة منفردة المرافق في المدينة ، وكذا بالنسبة الى الاَلبسة ربّما تكفيها ثياب بدنها من غير حاجة الى ثياب اخرى وربّما لابدّ من الزيادة عليها بثياب التجمل والزينة ، نعم ما

١٢٦

تعارف عند بعض النساء من تكثير الاَلبسة النفيسة خارج عن النفقة الواجبة ، فضلاً عما تعارف عند جمع منهن من لبس بعض الاَلبسة مرة أو مرتين في بعض المناسبات ثم استبداله بآخر مختلف عنه نوعاً أو هيئة في المناسبات الاُخرى.

مسألة ٤٢١ : من النفقة الواجبة على الزوج اُجرة الحمام عند حاجة الزوجة اليه سواء أكان للاِغتسال أو للتنظيف إذا لم تتهيأ لها مقدمات الاِستحمام في البيت أو كان ذلك عسيراً عليها لبرد أو غيره ، كما ان منها مصاريف الولادة واُجرة الطبيب والاَدوية المتعارفة التي يكثر الاِحتياج إليها عادة ، بل لا يبعد ان يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الاَمراض الصعبة التي يتفق الاِبتلاء بها وان احتاج الى بذل مال كثير ما لم يكن ذلك حرجياً على الزوج.

مسألة ٤٢٢ : النفقة الواجبة للزوجة على قسمين :

القسم الاوّل : ما يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام والشراب والدواء ونحوها ، وفي هذا القسم تملك الزوجة عين المال بمقدار حاجتها عند حلول الوقت المتعارف لصرفه ، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إيّاها وتسليمه لها تفعل به ما تشاء ، ولها الاِجتزاء ـ كما هو المتعارف ـ بما يجعله تحت تصرفها في بيته ويبيح لها الاِستفادة منه فتأكل وتشرب ممّا يوفره في البيت من الطعام والادام والشراب حسب حاجتها اليه ، وحينئذٍ يسقط ما لها عليه من النفقة فليس لها ان تطالبه بها بعد ذلك.

مسألة ٤٢٣ : لا يحقّ للزوجة مطالبة الزوج بنفقة الزمان المستقبل ، ولو دفع إليها نفقة ايام كاسبوع أو شهر مثلاً وانقضت المدة ولم تصرفها

١٢٧

على نفسها اما بان انفقت من غيرها أو انفق عليها احد كانت ملكاً لها وليس للزوج استردادها ، نعم لو خرجت عن الاِستحقاق قبل انقضاء المدة بموت احدهما أو نشوزها أو طلاقها بائناً يوزع المدفوع على الايام الماضية والآتية ويسترد منها بالنسبة الى ما بقي من المدة ، بل الظاهر ذلك ايضاً فيما إذا دفع إليها نفقة يوم واحد وعرضت احدى تلك العوارض في اثناء اليوم فيسترد الباقي من نفقة ذلك اليوم.

مسألة ٤٢٤ : يتخير الزوج بين ان يدفع الى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك ، وان يدفع إليها موادها كالحنطة والدقيق والارز واللحم ونحو ذلك ممّا يحتاج في اعداده للاَكل الى علاج ومؤنة ، فاذا اختار الثاني كانت مؤنة الاِعداد على الزوج دون الزوجة.

مسألة ٤٢٥ : إذا تراضيا على بذل الثمن وقيمة الطعام والادام وتسلمته ملكته وسقط ما هو الواجب على الزوج ، ولكن ليس للزوج الزامها بقبول الثمن وليس لها الزامه ببذله فالواجب ابتداءً هو العين.

القسم الثاني : ما ينتفع به مع بقاء عينه ، وهذا ان كان مثل المسكن فلا اشكال في ان الزوجة لا تستحق على الزوج ان يدفعه إليها بعنوان التمليك ، والظاهر ان الفراش والغطاء واثاث المنزل ايضاً كذلك ، واما الكسوة فلا يبعد كونها بحكم القسم الاوّل فتستحق على الزوج تمليكها ايّاها ، ولها الاِجتزاء بالاِستفادة بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره.

مسألة ٤٢٦ : إذا دفع إليها كسوة قد جرت العادة ببقائها مدة فلبستها فخلقت قبل تلك المدة أو سرقت لا بتقصير منها في الصورتين وجب عليه دفع كسوة اُخرى إليها ، ولو انقضت المدة والكسوة باقيه ليس لها مطالبة

١٢٨

كسوة اُخرى ، ولو خرجت في اثناء المدة عن الاِستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق فان كان الدفع إليها على وجه الاِمتاع والاِنتفاع جاز له استردادها ان كانت باقية ، واما إذا كان على وجه التمليك فليس له ذلك.

مسألة ٤٢٧ : يجوز للزوجة ان تتصرف فيما تملكه من النفقة كيفما تشاء ، فتنقله الى غيرها ببيع او هبة او اجارة او غيرها الاّ اذا اشترط الزوج عليها ترك تصرف معين فيلزمها ذلك ، واما ما تتسلمه من دون تمليك للامتاع والانتفاع به فلا يجوز لها نقله الى الغير ولا التصرف فيه بغير الوجه المتعارف الاّ باذن من الزوج.

مسألة ٤٢٨ : النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوم به حياتها من طعام وشراب وكسوة ومسكن واثاث ونحوها ، دون ما تشتغل به ذمتها ممّا تستدينه لغير نفقتها ، وما تنفقه على من يجب نفقته عليها ، وما يثبت عليها من فدية أو كفارة أو ارش جناية ونحو ذلك.

مسألة ٤٢٩ : إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه تحصيله بالتكسب اللائق بشأنه وحاله ، وإذا لم يكن متمكّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الاَخماس والزكوات والكفارات ونحوها بمقدار حاجته في الاِنفاق عليها ، وإذا لم يتيسر له ذلك تبقى نفقتها ديناً عليه ، ولا يجب عليه تحصيلها بمثل الاِستيهاب والسؤال ، وهل تجب عليه الاِستدانة لها إذا امكنه ذلك من دون حرج ومشقة وعلم بالتمكن من الوفاء فيما بعد؟ الظاهر ذلك ، واما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء احتمالاً معتدّاً به ففي وجوبها عليه اشكال. هذا في نفقة الزوجة ، واما نفقة النفس فليست بهذه المثابة فلا يجب السعي لتحصيلها إلاّ بمقدار ما يتوقف عليه حفظ النفس

١٢٩

والعرض والتوقي عن الاِصابة بضرر بليغ ، وهذا المقدار يجب تحصيله بأيّة وسيلة حتى بالاِستعطاف والسؤال فضلاً عن الاِكتساب والاِستدانة.

مسألة ٤٣٠ : إذا كان الزوج عاجزاً عن تأمين نفقة زوجته أو امتنع من الاِنفاق عليها مع قدرته جاز لها رفع امرها الى الحاكم الشرعي على ما تقدّم تفصيله في الفصل الثامن.

مسألة ٤٣١ : إذا لم تحصل الزوجة على النفقة الواجبة لها كلاً أو بعضاً كماً أو كيفاً ؛ لفقر الزوج أو امتناعه بقي ما لم تحصله منها ديناً في ذمته كما تقدّمت الاِشارة اليه ، فلو مات اخرج من اصل تركته كسائر ديونه ، ولو ماتت انتقل الى ورثتها كسائر تركتها ، سواء طالبته بالنفقة في حينه أو سكتت عنها وسواء قدرها الحاكم وحكم بها أم لا ، وسواء عاشت بالعسر أو انفقت هي على نفسها ـ باقتراض أو بدونه ـ أو انفق الغير عليها تبرعاً من نفسه ، ولو انفق الغير عليها ديناً على ذمّة زوجها مع الاِستيذان في ذلك من الحاكم الشرعي اشتغلت له ذمّة الزوج بما انفق ، ولو انفق عليها تبرعاً عن زوجها لم تشتغل ذمّة الزوج له ولا للزوجة.

مسألة ٤٣٢ : نفقة الزوجة تقبل الاِسقاط بالنسبة الى الزمان الحاضر وكذا بالنسبة الى الاَزمنة المستقبلة على الاَظهر.

مسألة ٤٣٣ : لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقها على زوجها وان كانت غنية غير محتاجة.

مسألة ٤٣٤ : نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة ، فاذا لم يكن للزوج مال يفي بنفقة نفسه ونفقة زوجته انفق على نفسه فان زاد شيء صرفه إليها.

١٣٠

مسألة ٤٣٥ : المقصود بنفقة النفس المقدّمة على نفقة الزوجة مقدار قوت يومه وليلته وكسوته وفراشه وغطائه وغير ذلك مما يحتاج اليه في معيشته بحسب حاله وشأنه.

مسألة ٤٣٦ : إذا اختلف الزوجان في الاِنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة فالقول قول الزوجة مع يمينها إذا لم تكن للزوج بيّنة.

مسألة ٤٣٧ : إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلّقت رجعياً فادّعت الزوجة ان الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة ، وادّعى الزوج انّه كان قبل الوضع وقد انقضت عدّتها فلا نفقة لها ، فالقول قول الزوجة مع يمينها فان حلفت استحقت النفقة ، ولكن الزوج يلزم بإعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.

مسألة ٤٣٨ : إذا اختلفا في الاِعسار واليسار فادّعى الزوج الاِعسار وانّه لا يقدر على الاِنفاق ، وادّعت الزوجة يساره ، كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم إذا كان الزوج موسراً وادّعى تلف امواله وانّه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

مسألة ٤٣٩ : تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في الموارد المتقدّمة انّما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفاً للظاهر ، وإلاّ قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك ، ففي مورد المسألة ( ٤٣٦ ) إذا كانت الزوجة تعيش في بيت الزوج وداخلة في عياله وهو ينفق عليهم بنفسه أو بتوسّط وكيله عند غيابه ، ثم ادّعت انّها لم تكن تتسلم منه نفقتها خلال تلك المدة ـ مع ظهور الحال في عدم استثنائها عنهم ـ لم يقبل قولها إلاّ بالبيّنة فان لم تكن لها بيّنة كان القول قول زوجها بيمينه.

١٣١

٢ ـ القرابة

مسألة ٤٤٠ : يثبت للاَبوين حق الاِنفاق على ابنهما ، كما يثبت للولد ـ ذكراً كان أو اُنثى ـ حق الاِنفاق على أبيه ، والمشهور ثبوت حق الاِنفاق للاَبوين على بنتهما كما يثبت على إبنهما ، وانّه مع فقد الولد أو إعساره يثبت حق الاِنفاق لهما على أولاد أولادها اي أبناء الاَبناء والبنات وبناتهم الاَقرب فالاَقرب.

وايضاً المشهور ثبوت حق الاِنفاق للولد مع فقد الاَب أو إعساره على جده لاَبيه وان علا الاَقرب فالاَقرب ، ومع فقده أو إعساره فعلى اُمّه ، ومع فقدها أو إعسارها فعلى أبيها واُمّها وأبي أبيها واُم أبيها وابي اُمّها واُم اُمها وهكذا الاَقرب فالاَقرب ، وفي حكم آباء الاُم واُمهاتها اُم الاَب وكل من تقرب الى الاَب بالاُم كأبي اُم الاَب واُم ام الاَب واُم أبي الاَب وهكذا فتجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه واُمّه مع مراعاة الاَقرب فالاَقرب اليه ، وانّه إذا اجتمع من في الاَصول ومن في الفروع يثبت حق الاِنفاق على الاَقرب فالاَقرب ، وما ذكروه لا يخلو عن اشكال وان كان احوط ، ولا يثبت حق الاِنفاق لغير العمودين من الاُخوة والاَخوات والاَعمام والعمّات والاَخوال والخالات وغيرهم.

مسألة ٤٤١ : إذا تعدّد من يثبت عليه حق الاِنفاق كما لو كان للشخص أب مع إبن أو اكثر من إبن واحد ففي ثبوت الحق على الجميع كفاية أو الاِشتراك فيه بالسوية وجهان ، فاذا لم يقم البعض بما يلزمه على تقدير الاشتراك فالاحوط لزوماً لغيره القيام به.

١٣٢

مسألة ٤٤٢ : يشترط في وجوب الاِنفاق على القريب فقره ، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج اليه في معيشته فعلاً من طعام وأدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك ، فلا يجب الاِنفاق على الواجد لنفقته فعلاً وان كان فقيراً شرعاً اي لا يملك مؤنة سنته ، واما غير الواجد لها فان كان متمكناً من تحصيلها بالاِستعطاء أو السؤال لم يمنع ذلك من وجوب الاِنفاق عليه بلا اشكال ، نعم لو استعطى فاُعطي مقدار نفقته الفعلية لم يجب على قريبه الاِنفاق عليه ، وهكذا الحال لو كان متمكناً من تحصيلها بالاَخذ من حقوق الفقراء من الاَخماس والزكوات والصدقات وغيرها ، أو كان متمكناً من الاِقتراض ولكن بحرج ومشقة أو مع احتمال عدم التمكن من وفائه فيما بعد احتمالاً معتدّاً به ، واما مع عدم المشقة في الاِقتراض ووجود محل الاِيفاء فالظاهر عدم وجوب الاِنفاق عليه.

ولو كان متمكناً من تحصيل نفقته بالاِكتساب فان كان ذلك بالقدرة على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بنفقته ولكنه ترك التعلّم فبقي بلا نفقة وجب على قريبه الاِنفاق عليه ما لم يتعلّم ، وهكذا الحال لو امكنه الاِكتساب بما يشق عليه تحمّله كحمل الاَثقال أو بما لا يناسب شأنه كبعض الاَشغال لبعض الاَشخاص ولم يكتسب لذلك فانه يجب على قريبه الاَنفاق عليه.

وان كان قادراً على الاِكتساب بما يناسب حاله وشأنه كالقوي القادر على حمل الاَثقال ، والوضيع اللائق بشأنه بعض الاَشغال ، ومن كان كسوباً وله بعض الاَشغال والصنايع وقد ترك ذلك طلباً للراحة ، فالظاهر عدم وجوب الاِنفاق عليه ، نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجاً فعلاً بالنسبة الى يوم أو أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الاِنفاق

١٣٣

عليه وان كان ذلك العجز قد حصل بإختياره ، كما انّه لو ترك الاِشتغال بالاِكتساب لا لطلب الراحة بل لاِشتغاله بأمر دنيوي أو ديني مهم كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الاِنفاق عليه.

مسألة ٤٤٣ : إذا امكن المرأة التزويج بمن يليق بها ويقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً فهل تكون بحكم القادر فلا يجب على أبيها أو إبنها الاِنفاق عليها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني.

مسألة ٤٤٤ : لا يشترط في ثبوت حق الاِنفاق كون المُنفِق أو المُنفَق عليه مسلماً أو عادلاً ، ولا في المُنفَق عليه كونه ذا علّة من عمى وغيره ، نعم يعتبر فيه ـ فيما عدا الابوين ـ ان لا يكون كافراً حربياً او من بحكمه.

مسألة ٤٤٥ : هل يشترط في ثبوت حق الاِنفاق كمال المنفق بالبلوغ والعقل أم لا؟ وجهان أقربهما العدم ، فيجب على الولي ان ينفق من مال الصبي والمجنون على من يثبت له حق الاِنفاق عليهما.

مسألة ٤٤٦ : يشترط في وجوب الاِنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته بعد نفقة نفسه وزوجته الدائمة ، فلو حصل له قدر كفاية نفسه وزوجته خاصة لم يجب عليه الاِنفاق على أقربائه ، ولو زاد من نفقة نفسه وزوجته شيء صرفه في الاِنفاق عليهم والاَقرب منهم مقدّم على الاَبعد ، فالولد مقدّم على ولد الولد ، ولو تساووا وعجز عن الاِنفاق عليهم جميعاً فالاَظهر وجوب توزيع الميسور عليهم بالسوية إذا كان ممّا يقبل التوزيع ويمكنهم الاِنتفاع به ، وإلاّ فالاَحوط الاولى ان يقترع بينهم ، وان كان الاَقرب انّه يتخير في الانفاق على أيّهم شاء.

مسألة ٤٤٧ : إذا كان بحاجة الى الزواج وكان ما لديه من المال لا يفي

١٣٤

بنفقة الزواج ونفقة قريبه معاً ، جاز له ان يصرفه في زواجه وان لم يبلغ حدّ الاِضطرار اليه أو الحرج في تركه.

مسألة ٤٤٨ : إذا لم يكن عنده ما ينفقه على قريبه وكان متمكناً من تحصيله بالاِكتساب اللائق بشأنه ، وجب عليه ذلك وإلاّ اخذ من حقوق الفقراء أو استدان لذلك ، نظير ما تقدّم في المسألة (٤٢٩) بالنسبة الى العاجز عن نفقة زوجته.

مسألة ٤٤٩ : لا تقدير لنفقة القريب شرعاً ، بل الواجب القيام بما يقيم حياته من طعام وأدام وكسوة ومسكن وغيرها مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومكاناً حسبما مرّ في نفقة الزوجة.

مسألة ٤٥٠ : ليس من الاِنفاق الواجب للقريب ـ ولداً كان أو والداً ـ بذل مصاريف زواجه من الصداق وغيره وان كان ذلك احوط لاسيّما في الاَب مع حاجته الى الزواج وعدم قدرته على نفقاته.

مسألة ٤٥١ : ليس من الاِنفاق الواجب للقريب اداء ديونه ، ولا دفع ما ثبت عليه من فدية أو كفارة أو ارش جناية ونحو ذلك.

مسألة ٤٥٢ : يجب على الولد نفقة والده دون أولاده ؛ لاَنّهم اُخوته ودون زوجته ، ويجب على الوالد نفقة ولده دون زوجته ، نعم يجب عليه نفقة أولاد ولده ايضاً بناءً على ما تقدّم من وجوب نفقة الولد على جدّه.

مسألة ٤٥٣ : يجزي في الاِنفاق على القريب بذل المال له على وجه الاِمتاع والاِنتفاع ولا يجب تمليكه له ، فان بذله له من دون تمليك لم يكن له ان يملّكه أو يبيحه للغير إلاّ إذا كان مأذوناً في ذلك من قبل المالك ، ولو ارتزق بغيره وجبت عليه اعادته اليه ما لم يكن ماذوناً بالتصرف فيه حتى

١٣٥

على هذا التقدير.

مسألة ٤٥٤ : يجزي في الاِنفاق على القريب بذل الطعام والادام ونحوهما له في دار المُنفِق ولا يجب نقلها اليه في دار اُخرى ، ولو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب اجابته إلاّ إذا كان له عذر من استيفاء النفقة في بيت المنفق من حرّ أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك.

مسألة ٤٥٥ : نفقة الاَقارب تقبل الاِسقاط بالنسبة الى الزمان الحاضر على الاَظهر ، ولا تقبل الاِسقاط بالنسبة الى الاَزمنة المستقبلة.

مسألة ٤٥٦ : لا تُقضى ولا تُتدارك نفقة الاَقارب لو فاتت في وقتها وزمانها ولو بتقصير من المنفق ولا تستقر في ذمّته ، بخلاف نفقة الزوجة كما مرّ ، نعم لو أخلّ بالاِنفاق الواجب عليه ورفع من له الحق أمره الى الحاكم الشرعي فأذن له في الاِستدانة عليه ففعل اشتغلت ذمّته بما إستدانه ووجب عليه اداؤه كما سيأتي.

مسألة ٤٥٧ : إذا دافع وامتنع من وجبت عليه نفقة قريبه عن بذلها جاز لمن له الحق اجباره عليه ولو باللجوء الى الحاكم وان كان جائراً ، وان لم يمكن اجباره فان كان له مال جاز له ان يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعي ، وإلاّ جاز له ان يستدين على ذمّته بإذن الحاكم فتشتغل ذمّته بما استدانه ويجب عليه قضاؤه ، وان تعذّر عليه مراجعة الحاكم رجع الى بعض عدول المؤمنين واستدان عليه بإذنه فيجب عليه اداؤه.

٣ ـ الملك

مسألة ٤٥٨ : ذكر جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم انّه يجب على

١٣٦

مالك كل حيوان ان يبذل له ما يحتاج اليه ممّا لا يحصله بنفسه من الطعام والماء والمأوى وسائر ضرورياته سواء أكان محلل اللحم أو محرّمه طيراً كان أم غيره اهليّاً أم وحشياً بحريّاً أم بريّاً حتى دود القز ونحل العسل وكلب الصيد.

ولكن هذا لا يخلو من اشكال ، نعم الاَحوط وجوباً للمالك الاِنفاق عليه أو نقله ـ ببيع أو غيره ـ الى من يتمكن من تأمين نفقته ، أو تذكيته بذبح أو غيره إذا كان من المذكّى ولم يعد ذلك تضييعاً للمال.

مسألة ٤٥٩ : الاِنفاق على البهيمة ونحوها من الحيوانات كما يتحقق بإعلافها وإطعامها يتحقق بتخليتها ترعى في خصب الارض ، فان اجتزأت بالرعي وإلاّ توقف على إعلافها بما نقص عن مقدار كفايتها.

مسألة ٤٦٠ : لا يجوز حبس الحيوان ـ مملوكاً كان أم غيره ـ وتركه من دون طعام وشراب حتى يموت.

٤ ـ الاِضطرار

مسألة ٤٦١ : إذا اضطر شخص الى اكل طعام غيره لاِنقاذ نفسه من الهلاك أو ما يدانيه وكان المالك حاضراً ولم يكن مضطراً اليه لاِنقاذ نفسه وجب عليه بذله له واطعامه ايّاه ، ولكن لا يجب عليه ان يبذله من دون عوض ، نعم ليس له ان يشترط بذل العوض في الحال مع عجز المضطر عنه وإلاّ عدّ ممتنعاً من البذل وسيأتي حكمه.

مسألة ٤٦٢ : إذا اختار المالك بذل طعامه للمضطر بعوض فهنا صور :

الاولى : ان لا يقدّر العوض بمقدار معيّن ، وحينئذٍ يثبت له على

١٣٧

المضطر مثل ما بذله ان كان مثلياً وقيمته ان كان قيمياً.

الثانية : ان يكون المضطر مريضاً غير قادر على المساومة مع المالك بشأن عوض الطعام ، ولم يمكن المالك الاِتصال بوليّه أو وكيله لهذا الغرض ، وحينئذٍ يلزم المالك بذل طعامه له بل يلزمه ان يؤكله إذا لم يكن متمكناً من الاَكل بنفسه ولا يستحق عليه سوى المثل أو القيمة كما في الصورة الاولى.

الثالثة : ان يكون المضطر قادراً على المساومة مع المالك في مقدار العوض أو امكن الاِتصال بوكيله أو وليّه ، وهنا عدّة حالات :

١ ـ ان يتفق الطرفان على مقدار العوض فيتعين سواء أكان مساوياً لثمن المثل أو أقل أو اكثر منه.

٢ ـ ان يطلب المالك لطعامه ثمن المثل أو اكثر منه بمقدار لا يعد مجحفاً ، وحينئذٍ يجب على المضطر أو وليّه أو وكيله القبول ، ولكن إذا لم يقبلوا وجب على المالك بذله للمضطر ، ويحرم تصرفه فيه حينئذٍ ما لم يكن قاصراً ، ولا يضمن للمالك إلاّ بدله من المثل أو القيمة.

٣ ـ ان يطلب المالك لطعامه ثمناً مجحفاً ، وحينئذٍ فان امكن المضطر اجباره على القبول بما لا يكون كذلك ولو بالتوسل الى الحاكم الشرعي فله ذلك ، وإلاّ لزمه القبول بما يطلبه بلغ ما بلغ ، فان كان متمكّناً من ادائه وجب عليه الاَداء إذا طالبه به وان كان عاجزاً يكون في ذمّته يتبع تمكنه.

مسألة ٤٦٣ : إذا امتنع المالك من بذل طعامه ولو بعوض جاز للمضطر اجباره عليه واخذه منه قهراً ، وتجب مساعدته في ذلك إذا لم يكن متمكّناً من اجباره بمفرده.

١٣٨

مسألة ٤٦٤ : إذا كان المالك وغيره مضطرين جميعاً الى أكل ذلك الطعام لاِنقاذ نفسهما من الهلاك أو ما يدانيه لم يجب على المالك إيثار الغير على نفسه بتقديم طعامه اليه ، ولكن هل يجوز له ذلك أم لا؟ فيه اشكال وان كان لا يبعد جوازه في بعض الموارد.

مسألة ٤٦٥ : إذا لم يكن اضطرار ايّ منهما بحدّ الهلاك أو ما بحكمه لم يجز للغير اخذ طعام المالك قهرّاً عليه ، كما لم يجب على المالك بذله ، نعم يرجح له ايثار الغير على نفسه.

مسألة ٤٦٦ : إذا اختص المالك بالاِشراف على الهلاك أو ما بحكمه لم يجز له ايثار الغير لاِنقاذه مما دون ذلك ، وان انعكس وجب الاِيثار ولو بعوض كما مر.

مسألة ٤٦٧ : إذا اضطر الى طعام وكان موجوداً عند اكثر من واحد وجب عليهم بذله كفاية ـ مع اجتماع شرائط الوجوب بالنسبة الى كل واحد ـ فاذا قام به واحد سقط عن غيره.

مسألة ٤٦٨ : وجوب بذل الطعام للمضطر اليه لاِنقاذ نفسه من الهلاك أو ما بحكمه لا يختص بالمضطر المؤمن بل يشمل كل ذي نفس محترمة.

مسألة ٤٦٩ : إذا دار امر المضطر بين الاَكل من الميتة مثلاً وأكل طعام الغير ، فهل يجوز له أكل الميتة إذا كان المالك غائباً فلم يتيسر له الاِستيذان منه في أكل طعامه أم يلزمه تقويم الطعام على نفسه والاَكل منه دون الميتة؟

وإذا كان المالك حاضراً فهل يجب عليه بذل طعامه له أم يسعه الاِمتناع من البدل ليضطر الى اكل الميتة؟

لا يبعد الجواز في الاول وعدم الوجوب في الثاني

١٣٩

مسألة ٤٧٠ : إذا كان المالك غائباً حين حصول الاِضطرار ولم يمكن الاِتصال به او بوكيله او وليه فللمضطر ان يرفع اضطراره بالاَكل من طعامه بعد تقدير ثمنه وجعله في ذمّته ، ولا يكون اقل من ثمن المثل ، والاَحوط المراجعة الى الحاكم الشرعي لو وجد ومع عدمه فإلى عدول المؤمنين.

مسألة ٤٧١ : التفاصيل المتقدّمة في الاِضطرار الى طعام الغير تجري في الاِضطرار الى غير الطعام من امواله كالدواء والثياب والسلاح ونحوها ، ففي كل مورد اضطر فيه الشخص الى التصرف في مال غيره لحفظ نفسه أو عرضه يجب على المالك مع حضوره الترخيص له بالتصرف فيه بما يرفع اضطراره بعوض أو بدونه ، ويجوز للمضطر مع غياب المالك التصرف في ماله بقدر الضرورة مع ضمانه العوض.

مسألة ٤٧٢ : إذا توقفت صيانة الدين الحنيف واحكامه المقدّسة وحفظ نواميس المسلمين وبلادهم على انفاق شخص أو اشخاص من اموالهم وجب ، وليس للمُنفِق في هذا السبيل ان يقصد الرجوع بالعوض على احد ، وليس له مطالبة احد بعوض ما بذله في هذا المضمار.

١٤٠