الحسين (ع) مُستميت ومُستميتٌ مَن معه
في مَكارم الأخلاق تتلألأ خِلَّة التضحية ، تلألأ القمر البازِغ بين النجوم الزواهر ، فإذا شوهد في امرءٍ شعور التضحية ، اكتفى الناس بها عن أيِّ مَكرُمة فيه ، أو أيَّة مأثرة له.
ولا عَجب ، فإنَّ الصِّدق إذا عُدَّ أصل الفضائل ، فإنَّ شعور التضحية هو مِن أجلّ مظاهر الصدق ، والمُستميت يُميت مع نفسه كلَّ شُبهة وشائبة : مِن سُمعة ، أو رياء ، أو مَكر ، أو دهاء.
إذنْ ، فشعور شريف كهذا يَنجم في تربة الصدق ، ويُسقى بماء الإخلاص ، لابُدَّ وأنْ يُثمر لأهل الحَقِّ بالخير الخالد ، وإذا كان الموت ضربةَ لازبٍ لا مَهرب منه ، ولا مَحيد عنه ، فلنشتر بهذا العمر القصير نَفعاً عامَّاً ، وخيراً خالداً ، هي هي ، والله الصفة الرابحة ، وتجارة لنْ تَبور.
فخير الموت الفداء ، وأفضل الأضاحي مَن أمات هيكله البائد لإحياء نفعٍ خالد ، وكذلك الشهداء في سبيل إصلاح الأُمَّة ، أو تحريرها مِن أسر الظالمين.