تاج العروس - ج ٧

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي

تاج العروس - ج ٧

المؤلف:

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي


المحقق: علي شيري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٤٣

١
٢

فصل الشين

المعجمة مع الراءِ

[شبر] : الشِّبْرُ ، بالكسر : ما بَيْنَ أَعْلَى الإِبهامِ وأَعْلَى الخِنْصَرِ ، مُذَكَّرٌ. ج : أَشْبَارٌ ، قال سيبويه : لم يُجَاوِزوا به هذا البناءَ.

ومن المَجَاز : هو قَصِيرُ الشِّبْرِ ، إِذا كان مُتَقَارِب الخَلْقِ ، هكذا في الأَساس (١) ، ووقع في بعض الأُمَّهاتِ مُتَقارِب الخَطْوِ ، قالت الخَنْسَاءُ :

مَعَاذَ الله يَنْكِحُنِي (٢) حَبَرْكَى

قَصِيرُ الشِّبْرِ من جُشَمَ بَنِ بَكْرِ

وقِبَالُ الشِّبْرِ وقِبَالُ الشِّسْعِ : الحَيَّة ، كلاهما عن ابن الأَعرابيّ.

والشَّبْرُ ، بالفَتْحِ : كَيْلُ الثّوبِ بالشِّبْرِ ، يَشْبِرُه ويَشْبُرُه ، وهو من الشِّبْرِ ، كما يقال : بُعْتُه من البَاع ، وقال الليث : الشِّبْرُ : الاسْمُ ، والشَّبْرُ الفِعْلُ.

ومن المَجَاز : الشَّبْرُ : الإِعْطَاءُ ، كما قيل : البَاعُ واليَدُ للكَرَمِ والنِّعْمَة ، يقال : شَبَرَه مالاً وسَيْفاً يَشْبُرُه : أَعْطَاهُ إِيّاه ، كالإِشْبَارِ ، قال أَوسُ بنُ حَجَر ، يصفُ سيْفاً :

وأَشْبِرَنِيهِ الهَالِكِيُّ كأَنَّهُ

غَدِيرٌ جَرَتْ في مَتْنِه الرِّيحُ سَلْسَلُ

كذا في الصّحاح ، ويروَى «وأَشْبَرَنِيهَا» والضمير للدِّرْعِ ، قال ابنُ بَرِّيّ : وهو الصّوابُ ؛ لأَنَّه يَصفُ دِرْعاً لا سَيْفاً (٣) ، والهالِكِيُّ : الحَدّاد ، وأَريدَ به هنا الصَّيْقَل.

ومن المَجَاز : أَعطاها شَبْرَها ، وهو حَقُّ النِّكَاحِ ، وثَوَابُ البُضْعِ من مَهْر وعُقْرٍ ، قاله شَمِر.

وفي الحَدِيث : «نَهَى عن الشَّبْرِ» وهو طَرْقُ الجَمَلِ وضِرَابُه ، قال الأَزهريّ : معناه النَّهْيُ عن أَخذِ الكِراءِ على ضِرَابِ الفَحْلِ ، وهو مثلُ النَّهْيِ عن عَسْبِ الفَحْلِ (٤) ، وهكذا نقله ابن سِيدَه عن ابن الأَعْرَابِيّ.

وفي حديثِ دُعائِه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعَلِيٍّ وفَاطِمَةَ رضي‌الله‌عنهما : «جَمَعَ الله شَمْلَكُما وبَارَكَ في شَبْرِكُما» قال ابنُ الأَثِير : الشَّبْرُ في الأَصل : العَطاءُ ، ثم كُنِيَ به عن النِّكَاح لأَنّ فيه عطاءً.

والشِّبْرُ : العُمْرُ ، ويُكْسَرُ ، يقال : قَصَرَ الله شَبْرَه وشِبْرَه ، أَي طُولَه وعُمْرَه ، كذا في التَّكْمِلَة.

وقال الفَرّاءُ : الشَّبْرُ : القَدُّ يقال : ما أَطولَ شَبْرَه ، أَي قَدَّه.

وشَبْرُ بنُ صَعْفُوق (٥) بنِ عَمْرِو بنِ زُرَارَةَ الدَّارِمِيّ التَّمِيمِيّ ، ويُحَرَّكُ قال الحافظ : ذكر أَبو أَحمد الحاكم ، في تَرجمةِ حفيده أَبي عُبَيْدَةَ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى أَنْ جَدّه شَبْراً صحابِيّ له وِفَادَة ، ذكرَه الذَّهَبِيّ.

وبِشْرُ بنُ شَبْرٍ ، هكذا في نسختنا ، والصواب شَبْرُ بنُ شَبْرٍ : تابِعِيٌّ من أَصحابِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ رضِيَ الله عَنْهُ ، وعنه حُميد بنُ مُرّة.

وشَبْرُ بنُ عَلْقَمَةَ : تابِعِيّ ، ، عَنْ سَعْد ، وعنه الأَسْوَدُ بن قَيْس ، ويُقَال فيه بالتَّحْرِيك أيضاً.

وشَبْرٌ الدَّارِمِيّ : جَدٌّ لهَنّادِ بنِ السَّرِيّ بن يَحْيَى.

قلْت : وهو بعَيْنه شَبْرُ بنُ صَعْفُوقِ بنِ زُرَارَةَ الذي تقدّم ، كذا ذَكَره الحاكمُ في ترجمة حَفِيدِه السَّرِيِّ بن يَحْيَى بن شَبْرٍ ، كذا حقَّقَه الحَافِظُ في التّبْصِير ، وهو واجِب التَّنْبِيهِ عليه.

وبالكَسْرِ شِبْرُ بنُ مُنْقِذٍ الأَعْوَرُ الشَّنِّيُّ : شاعِرٌ تابِعِيٌّ ، شَهِدَ الجَمَل مع عليٍّ رضي‌الله‌عنه ، ويقال فيه بِشْرٌ بتقديم الموحَّدة.

والشَّبَرُ ، بالتَّحْرِيك : العَطِيَّةُ والخَيْرُ ، مثل الخَبْطِ والخَبَطِ والنَّفْضِ والنَّفَضِ ، فبالسكون مصدر ، وبالتَّحْرِيك اسمٌ ، قال العَجّاج :

الحَمْدُ لله الذِي أَعْطَى الشَّبَرْ

__________________

(١) كذا ، وعبارة الأساس : «عقارب الخلق».

(٢) في اللسان : «يرضعني» ، وفيه في مادة حبرك : قالت الخنساء :

فلست بمرضع ثديي حبركى

أبوه من بني جشم بن بكر

(٣) وقبله :

وبيضاء زغفٍ نثلة سُلَمية

لها رفرف فوق الأنامل مرسلُ

وبيضاء يعني درعاً لم يعلها صدأ الحديد ، وزغفٍ اسم لها.

(٤) أصل العسب والشبر : الضراب ، قاله الأزهري.

(٥) في أسد الغابة : صعقوق بقافين. وذكره ابن ماكولا بناء وآخره قاف. وضبط ابن الأثير «شبر» بالتحريك.

٣

وكذلك جاءَ في شعرِ عَدِيّ :

لم أَخُنْهُ والذي أَعْطَى الشَّبَرْ (١)

فمن قال : إِنّ العَجّاج حَرَّكَه للضّرورة فقد وَهِمَ ؛ لأَنّه ليس يريدُ به الفِعْل ، وإِنما يريد به اسمَ الشيْ‌ءِ المُعْطَى ، وقيل : الشَّبْرُ والشَّبَرُ لغَتَان ، كالقَدْرِ والقَدَر.

والشَّبَرُ : شيْ‌ءٌ يَتَعَاطَاهُ النّصَارَى بعضُهم لبعض كالقُرْبانِ يَتقَرَّبُون به ، أَو القُرْبانُ بعينِه ، ونقل الصّاغانيّ عن الخَلِيل : الشَّبَرُ : الشيْ‌ءُ تُعْطِيه النَّصَارَى بعضُهم بعضاً ، كأَنَّهُم كانُوا يَتَقَرَّبُون به.

وقيل : الشَّبَرُ : الأَجْسامُ والقُوَى ، وقيل الإِنْجِيلُ.

وعن ابن الأَعرابِيّ : المَشْبُورَةُ : المرأَةُ السَّخِيَّةُ الكريمةُ.

وفي حديث الأَذان : «ذُكِر له الشَّبُّورُ» كتَنُّورٍ : البُوقُ يُنْفَخُ فيه ، وليس بعربيّ صحيح ، وقال ابنُ الأثير : عِبْرانِيّة.

والمَشَابِرُ ، بالفَتْح : حُزُوزٌ في ذِراعٍ يُتَبايَعُ بِهَا (٢) ، منها حَزّ الشِّبْرِ ، وحزّ نِصْفِ الشِّبْرِ ، ورُبْعِه ؛ كلّ حَزٍّ منها صَغُر أَو كَبُر مَشْبَرٌ ، نقله الصاغانيّ عن أَبي سعيد.

والمَشَابِرُ : أَنْهَارٌ تَنْخَفِضُ فيتَأَدَّى إِليها الماءُ من مَواضِعَ مّما يَفِيضُ عن الأَرَضِينَ ، جمع مَشْبَرٍ ومَشْبَرَة ، كلاهما بالفتح.

والأُشْبُورُ : بالضَّمِّ : سَمَكٌ ، والعامة تقول : شَبُّور ، كتَنُّورٍ.

وشَبِرَ (٣) ، كفَرِحَ : بَطِرَ وأَشِرَ ، أَوردَه الصّاغانيّ في التَّكْمِلَة.

وشَبَّرُ كبَقَّمٍ وشَبِّير كقَمِّيرٍ ، أَي مُصَغّراً ، وفي التكملة مثل أَمِيرٍ ، كذا وُجِد مضبوطاً في نُسخة صحيحة ومُشَبِّرٌ ، كمُحَدِّث أَسماءُ أَبْنَاء هارُونَ النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل : وبأَسْمَائِهِمْ سَمَّى النَّبِيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَولادَه الحَسَنَ والحُسَيْنَ والمُحَسِّن الأَخِير بالتَّشْدِيد كذا جاءَ في بعض الروايات.

وقال ابن بَرِّيّ : ووَجدتُ ابنَ خَالَوَيه قد ذكر شرحَ هذه الأَسْماءِ فقال : شَبَّرٌ ، وشَبِيرُ ، ومُشَبِّرٌ : هم أَولادُ هارُونَ عليه‌السلام ، ومعناها بالعربية : حَسَنٌ وحُسَيْنٌ ومُحَسِّنٌ ، قال : وبها سَمّى عليٌّ رضي‌الله‌عنه أَولادَه شَبَّرَ (٤) وشَبِيراً ومُشَبِّراً ، يعني حَسَناً وحُسَيْناً ومُحَسِّناً ، رضي‌الله‌عنهم ، قلت : وفي مسند أَحمد مرفوعاً : إِنّي سَمَّيْتُ ابْنَيّ باسمِ ابْنَيْ هارُون : شَبَّرَ وشَبِير.

وشَبَّرَ تَشْبِيراً : قَدَّرَ ، وكذلك شَبَرَ شَبْراً ، كلاهما عن ابن الأَعرابيّ.

ورُوِيَ عن أَبِي الهَيْثَم : يقال : شَبَّرَ فُلاناً تَشْبِيراً فَتَشَبَّر أَي عَظَّمَه فتَعَظَّمَ ، وقَرَّبَه فتَقَرَّبَ (٥).

وتَشَابَرَا : تَقَارَبَا في الحَرْبِ ، كأَنّه صار بينهما شِبْرٌ ، ومدّ كُلُّ واحِد منهما إِلى صَاحبِه الشِّبْرَ.

وشابورُ : اسْم جماعةٍ ، منهم شابُورُ : شيخٌ لخالِدِ بنِ قَعْنَب ، وكذا حَجّاجُ بنُ شابُورَ.

وعُثْمَانُ بنُ شابُورَ ، عن أَبي وائِلٍ.

وداوُدُ بن شابُورَ ، عن عَطاءٍ.

ومحمّدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ شابُورَ ، ويقال له الشّابُورِيّ نسبةً إِلى جدّه عن الأَوْزاعِيّ.

وأَحمدُ بنُ عُبَيْدِ الله بن محمود بن شابُور المُقْرِى‌ء ، قال أَبُو نُعَيْم : مات بعد سنة ٣٦٠.

ورَجُلٌ شابِرُ المِيزانِ أَي سارِقٌ ، نقله الصاغانيّ.

وشَبْرَى كسَكْرَى : ثَلاثَةٌ وخَمْسُونَ مَوْضِعاً ، كُلّهَا بِمِصْرَ وقد تَتَبَّعْتُ أَنا فوجَدْتُه اثنَيْن وسَبْعِينَ موضِعاً من كتاب القَوَانِين للأَسْعَدِ بنِ مَماتِي ، ومختصرِه لابن الجَيْعَان ، على ما سيأْتي بيانه على الترتيب.

مِنْهَا عَشرَةٌ بالشَّرْقِيَّة وهي شَبْرَا أُمّ قمص ، وشَبْرا مَقس ، وشَبْرا من الضَّواحِي ، قلت : وهي شَبْر الخَيْمَة ، وتعرف

__________________

(١) صدره في التهذيب :

إذا أتاني نبأ من منعمٍ

وفي اللسان : «منعمر».

(٢) في المطبوعة الكويتية : «يتابع بها» تحريف. قوله : بها تعود على الذراع ، مؤنثة ، قال ابن بري : الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير ، وفي اللسان (ذرع) : الذراع أنثى وقد تذكر.

(٣) ضبطت في التهذيب والتكلمة : شَبَرَ ضبط قلم.

(٤) عن اللسان ، وبالأصل «شبرا».

(٥) وردت العبارة في اللسان ، عن أبي الهيثم ، بالبناء للمجهول.

٤

الآن بالمَكّاسَة ، وشَبْرا سهواج ، وشَبْرَا الخَمّارة ، وشَبْرَا النَّخْلَة ، وشبرا هارس ، وتُعْرَفُ بمُنْيَةِ القَزّازِين ، وشَبْرَا سَخا ، وشَبْرَا صوره ، وشَبْرَا بَلُّوط ، وهي حِصَّة المُغْنِي.

وفَاتَتْه اثْنَتَانِ : شَبْرا سِنْدِي ، وشَبْرا البَيْلُوق (١).

وخَمْسَةٌ بالمُرْتَاحِيَّة وهي شَبْرَا وسيم ، وشَبْرِا هُور ، وشَبْرَا بِدِّين ، وشَبْرَا مكراوه ، وشَبْرَا بلولة.

وفاتته اثْنَتَان : شَبْرَا قِبَالَة ، وشَبْرَا بلق.

وسِتَّةٌ بجَزِيرَةِ قُوَيْسِنَا (٢) وهي شَبْرَا قِبالة ، وشَبْرَا قَلُّوح ، وشَبْرَا بخُوم (٣) ، وشَبْرَا قطّاره ، وهذه الأَربعة التي ذكروها في الدِّيوان ، وكأَنَّه أَلْحَقَ اثنتين من إِقْلِيمٍ سِوَاه مُجَاورٍ لجَزِيرِة قُوَيْسِنا.

وإِحُدَى عَشَرَةَ بالغَرْبِيَّةِ ، وهي : شَبْرَا هربون ، وشَبْرَا بَار ، وشَبْرَا بَنِي تكررت ، وشَبْرَا كلسا ، وشَبْرَا زيْتُون ، وشَبْرَا سرينة ، وشَبْرَا بلولة ، وشبرا نَباص ، وشَبْرَا لوُق ، وشَبْرَا مرّيق ، وشبرا نبا.

وفاتته ثمانية : شَبْرَا نَخْلَة ، وشَبْرَا بقيس ، وشَبْرَا بَسْيُون ، وشَبْرَا بَار ، من كُفُور سَخَا ، وشَبْرَا بَار أَيضاً ، وشَبْرا نبات ، وشَبْرا ذُبابه ، وشَبْرَا فروض من كفور دُخْمس.

وسَبْعَةٌ بالسَّمَنُّودِيَّة وهي : شَبْرَا بابِن ، وشَبْرَا أَنقاس وشَبْرَا بِئر العَطَش ، وشَبْرَا دَمْسِيس ، وشَبْرَا نين ، وشَبْرَا ملكان ، من الطّاوِيَة ، وشبرا قة.

وفاتته أَربعة : شَبْرَا طليمة ، وشَبْرَا قَاص ، وشَبْرَا سِيس ، وشَبْرَا بلوله.

وثلاثة بالمنوفية وهي : شَبْرَا مقمص ، وشَبْرَا بلولة ، وشَبْرَا قُوص ، من كفور بهواش.

وفاتته ثلاثة : شَبْرَا قاص ، وشَبْرَا نخْلَة ، وشَبْرَا دقس.

قلت : ومن إِحْدَاهُنّ ـ وتعرف بشَبْرا الشُّرُوخ ، وقد دخلتها ثلاث مراتٍ ـ شَيْخُنا خاتِمَةُ المُسْنِدين عَبْدُ الله ابنُ محمّدِ بنِ عامر بنِ شَرَفِ الدِّينِ الشَّبْرَاوِيّ الشافِعِيّ الأَزْهَرِيّ ، سمع جَدُّه الكتبَ الستَّة تماماً على أَبِي النّجَاءِ سالمِ بنِ محمّد بن محمّد السَّنْهُورِيّ ، ورَوَى هو عن مُحمَّدِ بنِ عبدِ الله الخِرْشِيّ ، ومحمّد بن عبد الباقي الزُّرْقَانيّ ، وعبدِ الله بن سَالِم البَصْرِيّ ، والشّهَاب الخَلِيفِيّ ، وأَبي الإِمدادِ بن إِبراهِيم اللّقانِيّ ، ودَرس وأَفادَ ، وتَوَلَّى مشيخَةَ الجامِع الأَزهَرِ ، وباشَرَ بعِفّة وصِيَانَة ، وكان وَافِرَ الحِشْمَةِ والجاهِ ، وُلد سنةَ نيّف وتسعين وأَلف ، وتوفيِّ سنة ١١٧٠.

وثلاثَةٌ بجَزِيرَةِ بني نَصْرٍ وهي : شَبْرَا سُوس ، وشَبْرَا لون ، وشَبْرا لَمْنَة.

وأَرْبَعَةٌ بالبُحَيْرَةِ وهي شَبْرَا وِيش ، وشَبْرَا خِيت ، وشَبْرَا بارَة ، وشَبْرَا النَّخْلَةِ.

واثْنَانِ بِرَمْسِيسَ وهما : شَبْرَا وسيم ، وشَبْرَا نُونه. وفاته موضعان من الكُفور الشاسعة بإِقليمٍ آخَرَ تابع لحَوْفِ رَمْسِيسَ في الدّيوان ، وهما ، شَبْرَانات ، وشَبْرَا بُوق.

واثْنَانِ بالجِيزِيَّة : شَبْرَا مَنْت ، وقد دَخَلْتُهَا ، وشَبْرَا بارَةَ ، فهذِه الجملةُ اثْنَانِ وسَبْعُونَ مَوْضِعاً ، منها ثلاثةٌ وخَمْسُونَ ذكرها (٤) المُصَنّف ، وما بقي فممّا استفدناه من الدَّوَاوِين السُّلْطَانِيَّة ، والله أَعلم.

وشَبَّرَةُ كبَقَّمَة : جَدُّ أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الشيخ العَابِدِ النَّيْسَابُورِيّ ، سمع ابنَ خُزَيْمَةَ ، وعُمَرَ النُّجَيْرِيّ قاله الحافظ.

* ومما يستدرك عليه :

يقال : هَذَا أَشْبَرُ من ذاك ، أَي أَوسَعُ شِبْراً.

والشِّبْرَةُ ، بالكسر : العَطِيَّة ، عن ابن الأَعْرَابيّ.

والشَّبْرَةُ : القَامَةُ تكون قَصِيرَةً وطَويلةً.

وعن ابن الأَعرابِيّ ، يقال : أَشْبَرَ الرجلُ : جاءَ بِبَنِينَ طِوَالِ الأَشْبَارِ ، أَي القُدُودِ ، وأَشْبَرَ : جاءَ ببنِينَ قِصارِ الأَشْبَارِ.

__________________

(١) عن المطبوعة الكويتية ، وبالأصل «شبرا السلوق».

(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «قُوسَنيا» وفي معجم البلدان : قوسنيا بفتح القاف وسكون الواو وفتح السين وكسر النون وياء مشددة وألف مقصورة.

(٣) بالأصل «نجوم» وما أثبتناه عن المطبوعة الكويتية.

(٤) بالأصل «ذكرهم» وما أثبتناه المناسب.

٥

وشَبَرَ المرأَةَ يَشْبُرُها شَبْراً : جامَعَها.

وشَبَّرْتُه تَشْبِيراً : أَعْطَيْتُه ، كذا في التكملة (١).

وشَبَرَه يَشْبُرُه (٢) : قَدَّرَه بشِبْرٍ.

و «مَنْ لكَ بأَن تَشْبُرَ البَسِيطَة»؟ يضرب لمن يَتَكَلَّفُ ما لا يُطِيق ، قاله الزَّمَخْشَرِيّ.

وشَبَّرُ ، كبَقَّم : لقَبُ عِصَامِ بن يَزِيدَ الأَصْبهانيّ ، ويقال : جَبّر ، بالجيم ، وهو الأَشهر ، والحقُّ أَنه حَرْفٌ بين حَرْفَيْنِ ، قاله الحافظ.

وشَابُورُ : قَرْيَةٌ بمصر من أَعمال حَوْفِ رَمْسِيسَ.

ومُشَبِّرٌ ، كمُحَدِّثٍ : لقبُ مَيْمُونِ بن أَفْلَحَ ، ذكره الحافظ.

[شبذر] : الشَّبْذَرُ ، كجَعْفَر ، أَهمله الجَوْهَريّ وصاحِبُ اللِّسَانِ ، وهو نَباتٌ شَبِيهٌ بالرُّطْبَةِ ، إِلّا أَنَّه أَجَلُّ وأَعْظَمُ وَرَقاً منها.

وقال أَبو زيد : رَجُلٌ شِبْذرَاةٌ ، بالكسر ، وشِنْذَارَةٌ ، بالنّونِ بدل الباءِ ، كما سيأْتِي للمصَنّف ، أَي غَيُورٌ ، وأَورده الصّاغانيّ.

قال :

[شبكر] : الشَّبْكَرَةُ ، أَهمله الجوهريّ ، وصاحبُ اللِّسَان ، وقال ابن الأَعْرَابِيّ : هو العَشَا وهو مُعَرَّبٌ ، نقله الصّاغانيّ.

قال : بَنَوُا الفَعْلَلَةَ (٣) من شَبْكُور ، وهو الأَعْشَى بالفارسية ، ومعناه الذي لا يُبْصِرُ باللَّيْل ، وشَبْ ـ عندهم ـ اللَّيْل ، وكور : الأَعْمَى.

[شتر] : الشَّتْرُ ، بالفَتْحِ : القَطْعُ ، فِعْلُه شَتَرَه يَشْتِرُه كضَرَبَ.

وبه سُمِّيَ شَتْر ، بِلا لامٍ ، وهو والِدُ عَبْدِ الرّحْمنِ المُحَدِّثِ الكُوفِيِّ ، روى عن الإِمام أَبي جَعْفَر مُحَمَّد البَاقِر رضي‌الله‌عنه.

والشَّتَرُ ، بالتَّحْرِيكِ : الانْقِطاعُ وقد شَتِرَ ، كفَرِحَ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. وفي التَّهْذِيب : الشَّتَرُ : انقلاب في جَفْنِ العَيْنِ قَلَّمَا يكونُ خِلْقَةً ، والشَّتْرُ بالتَّسْكِين : فِعْلُكَ بها (٤).

وفي المُحْكَم : الشَّتَرُ : انقِلَابُ الجَفْنِ من أَعْلَى وأَسْفَلَ ، وتَشَنُّجُه وانشِقاقُه حتى يَنْفَصِلَ الحِتَارُ أَو هو اسْتِرْخَاءُ أَسْفَلِه ، أَي الجَفْن.

يقال : شتِرَت العَيْنُ والرَّجُلُ شَتَراً كفَرِحَ وعُنِيَ مثل أَفِنَ وأُفِنَ ، وانْشَتَرت عَينُه وشَتَرَها يَشْتُرُها شَتْراً وأَشْتَرَهَا وشَتَّرَهَا.

قال سيبويه : إِذا قلْت : شَتَرْتُه فإِنّك لم تَعْرضْ لشَتِرَ ، ولو عَرَضْتَ لشَتِرَ لقُلْتَ أَشْتَرْتُه.

وقال الجَوْهَرِيّ : شَتَرْتُه أَنا ، مثل ثَرِمَ وثَرَمْتُه أَنا.

وفي حدِيثِ قَتَادَةَ : «في الشَّتَرِ رُبْعُ الدِّيَةِ» وهو قَطْعُ الجَفْنِ الأَسْفَلِ ، والأَصلُ انْقلابُه إِلى أَسْفَلَ.

ورجلٌ أَشْتَرُ بَيِّنُ الشَّتَرِ ، والأُنْثَى شَتْراءُ.

والشَّتَرُ أَيضاً : انْشِقاقُ الشَّفَةِ السُّفْلَى يقال : شَفَةٌ شَتْرَاءُ ، ورَجُلٌ أَشْتَرُ.

ومن المَجاز : الشَّتَرُ (٥) : هو دُخُولُ الخَرْمِ والقَبْضِ في عَرُوضِ الهَزَجِ ، فيَصِيرُ فيه مَفَاعِيلُنْ فاعِلُنْ كقوله :

قُلْتُ لا تَخَفْ شَيْئاً

فما يَكُونُ يَأْتِيكَا

ووُجِدَ في نسخةِ شيخِنا «أَو القَبْض» ، بأْو الدالة على الخلاف ، والصواب ما عندنا بالواو ؛ لأَنه لا يكون شَتراً إِلّا باجتماعهما.

قلْت : وكذلك هو في جزءِ المُضارَع والّذِي هو مَفاعِيلُنْ ، وهو مشتقّ من شَتَرِ العينِ ، فكأَنَّ البيتَ قد وقع فيه من ذَهابِ الميم والياءِ ما صارَ به كالأَشْتَر العيْن.

وشَتَرُ ، محرَّكَةً : قلعةٌ بأَرّانَ ، أَي من أَعمالِهَا ، بَيْنَ بَرْدَعَةَ وكَنْجَةَ ، وهي جَنْزَة.

وشَتِرَ بهِ ، كفَرِحَ : سَبَّهُ وتَنَقَّصَه بنَظْم أَو نَثْر.

__________________

(١) في التهذيب : شَبَرْته وأَشْبَرْته وشَبّرته : أعطيته.

(٢) الأساس : يشبُرُه ويشبِرُه.

(٣) في المطبوعة الكويتية : «الفعلة» تحريف.

(٤) في التهذيب : الشَّتْرُ ... والشَّتْر مخفف : فعلك بها.

(٥) ضبطت في اللسان بالفتح وسكون التاء ، وضبطت بالتحريك على اعتبار أنها معطوفة على ما قبلها.

٦

وشَتَرَه : غَتَّهُ ، وجَرَحَه ، ويُروَى بيتُ الأَخْطَل :

رَكُوبٌ على السَّوْآتِ قد شَتَر استَه

مُزاحَمَةُ الأَعْدَاءِ والنَّخْسُ في الدُّبْرِ

وشُتَيْر كزُبَيْرٍ : ابنُ شَكَل ، محرَّكَةً ، العَبْسِىّ الكُوفِيّ ، يقال : إِنّه أَدركَ الجاهلية ، روَى له مُسْلِمٌ والأَرْبَعَةُ.

وشُتَيْرُ بنُ نَهارٍ الغَنَوِيّ البَصْرِيّ ، كذا يقول حَمّاد بن سَلَمَةَ ، والمعروف سُمَيْر ، بالمهملة والميم ، قاله الحافِظُ (١) : تابِعيَّان ، الأَخير روى له التِّرْمِذِيّ.

وأُشْتُرٌّ ، كأُرْدُنٍّ : لَقَب بعضِ ، العَلَوِيِّين ، قلْت : هو زَيْدُ بنُ جَعْفَر من وَلَد يَحْيَى بنِ الحُسَيْنِ بنِ زَيْدِ بنِ عَليّ بنِ الحُسَيْن ، ذكره ابنُ ماكُولا ، وهو فَرْدٌ ، قال الصاغانيّ : وأَصْحابُ الحَدِيث يَفتَحون التاءَ ، قلْت : وقد تقدّم للمصنّف في الهمزة مع الراءِ.

وقال اللِّحْيَانِيّ : رجلٌ شِتِّيرٌ شِنِّيرٌ ، كفِسِّيقٍ ، فيهما ، إِذا كانَ كَثِير الشَّرِّ والعُيُوبِ سَيِّى‌ء الخُلُقِ.

والشُّتْرَةُ ، بالضمّ : ما بينَ الإِصْبَعَيْنِ ، استدركه الصّاغانيّ.

والشَّوْتَرَةُ : المَرْأَةُ العَجْزاء ، استدركه الصاغانيّ.

والأَشْتَرُ ، كمَقْعَدٍ ، هكذا في النُّسخ ، والتَّنْظِيرُ به غير ظاهر ، كما لا يخفَى ، هو لَقبُ مالِك بن الحارِثِ النَّخَعِيّ الفارس الشَّاعِر التّابِعِيّ ، من أَصحابِ عليّ رضي‌الله‌عنه ، مشهور.

والأَشْتَرانِ : هُوَ وابْنُه إِبراهِيمُ ، قُتِلَ مع مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ.

وأَمينُ الدِّينِ أَحْمَدُ بنُ الأَشْتَرِيِّ.

ونَفِيسُ الدِّين عُمَرُ بنُ عليٍّ الصُّوفِيُّ الأَشْتَرِيّ ، رَوَيَا ، الأَول أَجازَ الحافظ الذهبيّ ، والأَخير حَدَّث عن الوزير الفَلَكِيّ ، سمع منه بالقاهرة مُرْتَضَى بنُ أَبِي الجُودِ ، قاله الحافظُ ، وهو نسبة إِلى الأَشْتَر (٢) : قَرية من بلاد الجَبَل عند هَمَذان ، وقد يقال : اليَشْتَر ، وقيل بينها وبين نَهاوَنْدَ عشرةُ فراسخَ.

وفي حديث عَلِيٍّ ـ رضي‌الله‌عنه ـ يومَ بَدْر : «فقُلْتُ قَرِيبٌ مَفَرُّ ابن الشَّتْرَاءِ».

قال بنُ الأَثِير : هو لِصٌّ كان يَقْطَعُ الطريق ، يأْتي الرُّفْقَةَ فيدْنو منهم ، حتّى إِذا هَمُّوا به نأَى قليلاً ، ثم عاوَدَهُم حتى يُصيبَ منهم غِرَّةً. المعنى : إِنّ مَفَرَّه قريبٌ وسيَعُود ، فصار مَثَلاً.

ونَقْبُ شِتَارٍ ، ككِتَابٍ نَقْبٌ في جَبَلٍ بَيْنَ أَرضِ البَلْقَاءِ والمَدِينَةِ ، شرَّفها الله تعالى (٣).

* ومما يستدرك عليه :

شَتَّرَ بالرجُلِ تَشْتِيراً : عَابَه وتَنَقَّصَه. وفي حديث عمر : «لو قدَرْتُ عليهما لشَتَّرْتُ بهِما» ، أَي أَسْمَعْتُهما القبيحَ ، ويُروَى بالنون ، من الشَّنارِ (٤) ، وبه قال شَمِر ، وأَنكر التاءَ ؛ وبالتّاءِ ، قال ابن الأَعرابيّ ، وأَبو عمْرٍو ، وقال أَبو منصور : والتّاءُ صحيحٌ عندنا [أيضاً] (٥).

وشَتَرَ ثَوبَه : مَزَّقَه.

وشُتَيْرُ بنُ خَالِد : من أَعلامِ العَرَبِ كان شَرِيفاً.

وشُتَيْرٌ : موضع ، أَنشد ثَعْلَب :

وعلى شُتَيْرٍ راحَ منا رائِحٌ

يَأْتِي قَبِيصَةَ كالفَنِيقِ المُقْرَمِ

وذُو شَناتِر ، واسمُه لَخْتِيعَةُ ، سيأْتِي في النون إن شاءَ الله تعالى.

[شتعر] : الشَّيْتَعُورُ ، أَهمله الجَوْهَرِيّ ، وقال ابنُ دُرَيْد : زَعَمُوا أَنه الشَّعِيرُ قال : وقد جاءَ في الشِّعْرِ الفصيح ، كالشَّيْتَغُورِ ، بالغَيْنِ ، المعجمة عن أَبي الفَتْحِ بن جِنِّي ، وأنكر إِهمالَ العين.

قلت : وذكره الصّاغانيّ في التَّكْمِلَة في ش ع ر ـ فقال : الشَّيْتَعورُ ذكره ابنُ دُرَيْد (٦) فقال : وجاءَ أُميَّةُ بنُ أَبي الصَّلْت

__________________

(١) في تقريب التهذيب : سُمَيْر العبدي البصري ... وقيل هو شُتَيْر بمعجمة ثم مثناة.

(٢) قيدها في معجم البلدان بدون ألف ولام ... ناحية بين نهاوند وهمذان.

(٣) معجم البلدان : في جبل من جبال السراة بين أرض البلقاء والمدينة على شرقي طريق الحاج.

(٤) زيد في التهذيب : وهو العيب.

(٥) زيادة عن التهذيب.

(٦) الجمهرة ١ / ٣٤٢.

٧

في شِعْرِه بالشَّيْتَعُور ، وزعم [قوم] (١) أَنّه الشَّعِيرُ ولم يذكر ابنُ دُرَيْدٍ الشِّعرَ ، ولم أَجده في شِعْره. انتهى.

[شثر] : الشِّثر ، بالكسر ، أَهمله الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللِّسَان.

وقال الصّاغانيّ : هو حَرْفُ الجَبَلِ ، ج شُثُورٌ ، بالضَّمّ.

والشِّثْرُ : اسمُ جَبَل من جِبالِهم (٢).

والشَّثِير ، كأَمير : قُماشُ العِيدانِ.

والشَّثِيرُ أَيضاً : شَكِيرُ النَّبْتِ ، وهو أَوّل ما يَنْبُت.

وقَنَاةٌ شَثِرَةٌ ، كفَرِحَةٍ ، مُتَشَظِّيَةٌ هكذا في النسخ ، وفي التكملة : مُشِظَّةٌ.

وشَثِرَتْ عَيْنُه ، كفَرِحَ : حَثِرَتْ (٣) ، نقله الصاغانيّ.

[شجر] : الشَّجَرُ ، محرّكةً ، والشِّجَرُ ، بكسر ففتح ، في لغة بني سُلَيْم ، قاله الدِّينَوَرِيّ ، والشَّجْرَاءُ ، كجَبَل وعِنَبٍ وصَحْرَاء ، وكذلك الشِّيَرُ ، باليَاءِ ، كعِنَب ، أَبدلوا الجيم ياءً إِمّا أَن تكونَ على لُغَةِ من قال شِجَر (٤) ، وإِمّا أَن تكونَ الكسرةُ لمجاوَرَتِها الياءَ ، قال :

تَحْسَبُه بَيْنَ الأَكامِ شِيَرَهْ

وقالوا في تصغيرها : شِيَيْرَة (٥) ، وهذا كما يقلبون الياءَ جِيماً في قولهم : أَنا تَمِيمِجٌّ ، أَي تَمِيمِيٌّ ، وكما رُوِيَ عن ابن مسعود : «عَلَى كُلِّ غَنِجٍّ» يريد غَنِيّ ، هكذا حكاه أَبو حنيفة بتحرِيكِ الجِيمِ ، والذي حكاه سيبويه أَنّ ناساً من بني سَعْدٍ يُبْدِلُون الجيمِ مكانَ الياءِ في الوقْف خاصّةً ؛ وذلك لأَن الياءَ خفيفةٌ ، فأَبدلوا من موضِعِها أَبْيَنَ الحروفِ ، وذلك قولهم في تَمِيمِيْ : تَيمِجْ (٦) ، فإِذا وَصَلوا لم يُبْدِلُوا.

وقال ابن جِنِّي : أَما قولهم ـ في شَجَرَة ـ شِيَرَة ، فينبغِي أَن تكون الياءُ فيها أَصْلاً ، ولا تكون مُبدلةً من الجيم ؛ لأَمْرَيْن : أَحدهما : ثَبَاتُ الياءِ في تصغيرِهَا في شُيَيْرة ، ولو كانت بدلاً من الجيم لكانوا خُلَقَاءَ إِذا حَقَّرُوا الاسمَ أَن يَرُدُّوها إِلى الجيم ؛ ليَدُلّوا على الأَصل.

والآخر : أَنَّ شينَ شَجَرَة مفتوحة ، وشين شِيَرَةٍ مكسورة ، والبدل لا تُغَيَّرُ فيه الحركات ، إِنما يُوقَع حرْفٌ موضعَ حرفٍ.

مِنَ النَّبَاتِ : ما قَامَ على سَاقٍ أَو هو كُلّ مَا سَمَا بِنَفْسِه ، دَقَّ أَو جَلَّ ، قاوَمَ الشِّتَاءَ أَو عَجَزَ عَنْه.

والواحِدَةُ من كُلِّ ذلك بهاءٍ ، ويُجْمَع أَيضاً على الأَشْجَارِ ، والشَّجَراتِ والشِّيَرَاتِ ، قال :

إِذا لَمْ يكُنْ فِيكُنَّ ظِلٌّ ولا جَنىً

فأَبْعَدَكُنّ الله من شِيَرَاتِ

وأَرضٌ شَجِرَةٌ ، كفَرِحَةٍ ، وشَجِيرَةٌ ومَشْجَرَةٌ ، وهذه عن أَبي حنيفة ، وشَجْرَاءُ : كَثِيرَتُه ، أَي الشَّجَرِ.

وقيل : الشَّجْرَاءُ : اسمٌ لجماعة الشَّجَرِ ، وواحد الشَّجْرَاءِ شَجَرَةٌ ، ولم يأْتِ من الجمع على هذا المِثَالِ إِلّا أَحرفٌ يَسيرة : شَجَرَةٌ وشَجْرَاءُ ، وقَصَبَةٌ وقَصْبَاءُ ، وطَرَفَةٌ وطَرْفَاءُ ، وحَلَفَةٌ وحَلْفَاءُ (٧).

وقال سِيبويهِ : الشَّجْرَاءُ واحدٌ وجمْعٌ ، وكذلك القَصْباءُ ، والطَّرْفاءُ ، والحَلْفَاءُ.

وفي حديث ابنِ الأَكْوَعِ : «حَتَّى (٨) كنتُ في الشَّجْرَاءِ» ، أَي بين الأَشْجَارِ المُتَكَاثفة ، قال ابنُ الأَثِير : هو الشَّجَرَة اسمٌ مفردٌ يُراد به الجمع ، وقيل : هو جَمْع. والأَوّل أَوْجَهُ.

والمَشْجَرُ ، بالفتح : مَنْبِتُه ، أَي الشَجرِ ، وقيل : الشَّجَرُ الكثير (٩).

ووَادٍ أَشْجَرُ وشَجِيرٌ ، كأَمِيرٍ ، ومُشْجِرٌ ، كمُحْسِن :

__________________

(١) زيادة عن الجمهرة.

(٢) ياقوت : وهو علم مرتجل غير مستعمل في شي‌ء من كلام العرب.

(٣) في القاموس : «خثرت» وفي التكملة : «مثرت» بالميم.

(٤) اللسان : قال : شِجَرة.

(٥) اللسان : شِيَيْرَةٌ وشُيَيْرَةٌ.

(٦) اللسان : قولهم تَمِيمِج في تميمي.

(٧) كان الأصمعي يقول في واحد الحلفاء حَلِفة ، بكسر اللام مخالفة لأخواتها. عن اللسان والصحاح.

(٨) في النهاية : فإذا كنت.

(٩) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وقيل الشجر الكثير ، عبارة اللسان : والمشجر : منبت الشجر ، والمشجرة : أرض تنبت الشجر الكثير.

٨

كَثِيرُه ، أَي الشَّجَرِ. وفي الصّحاح : وَادٍ شَجِير ، ولا يقال : وَادٍ أَشْجَرُ.

ويقال : هذَا المَكَانُ أَشْجَرُ مِنْه ، أَي أَكْثَرُ شَجَراً ، وكذلك هذه الأَرْضُ أَشْجَرُ من هذه ، أَي أَكثرُ شَجَراً ، ولا يُعْرَف له فِعْلٌ ، هكذا قالوه.

وأَشْجَرَتِ الأَرْضُ : أَنْبَتَتْه ، كأَعْشَبَتْ وأَبْقَلتْ ، فهي مُشْجِرَةٌ ومُعْشِبَةٌ ومُبْقِلَةٌ.

وإِبْرَاهِيمُ بنُ يَحْيَى بنِ محمّد بن عَبّادِ بنِ هانِى‌ء الشَّجَرِيّ ، مَدَنِيّ ، شَيْخُ الإِمام أَبي عبدِ الله البُخَارِيِّ ، روَى عن أَبيه يَحيى ، وأَبوه يحيى قال فيه عبدُ الغَنِيّ بنُ سَعِيد : يحيَى بنُ هانى‌ءٍ نسبة إِلى جَدّ أَبيهِ ، وقد رَوَى عنه عبدُ الجَبّارِ ابنُ سعيدِ.

وقال الحافظُ في التبصير : قال ابنُ عَدِيّ : حدّثنا أَحمدُ بن حَمْدُونَ النَّيْسَابُورِيّ ، حدَّثَنا عبد الله بن شَبِيب ، حدّثنا إِبراهِيمُ بنُ محمّد بنِ يَحْيَى الشَّجَرِيّ ، عن أَبيه.

فانْقَلَبَ عليه ، وإِنما هو إِبراهِيمُ بنُ يَحْيَى بنِ محمّد ، وتَبِعَه حَمْزَةُ في تاريخ جُرْجانَ ، وهو وَهَمٌ نبَّهَ عليه الأَميرُ.

وقال الحافظ أَيضاً : إِبراهِيمُ الشَّجَرِيّ هذا منسوبٌ إِلى شَجَرَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ رَبِيعَةَ الكِنْدِيّ ، قاله الرِّشَاطِيّ ، وفيه نَظَرٌ.

وقال أَبو عُبَيْد : بنو شَجَرَةَ بن مُعاويةَ يقال لهم : الشَّجَرَاتُ ، ولهم مَسْجِدٌ بالكوفَة.

والشَّرِيفُ النَّقِيبُ أَبو السَّعَادَاتِ هِبَةُ الله بْنُ النَّقِيبِ الطَّاهِر بالكَرْخ أَبي الحَسَن عليِّ بنِ محمّد بنِ حَمْزَة بنِ أَبي القاسمِ عليّ بن أَبِي عليٍّ عُبَيْدِ الله بن حَمْزَة الشَّبِيه بن محمّد بن عُبَيْدِ الله بن أَبي الحَسَن عليّ بن عبيدِ الله بنِ عبدِ الله بن الحَسَن بن عليّ بن محمّد بن الحَسَن بن جَعْفَر بن الحَسَن المُثَنَّى الشَّجَرِيّ العَلَوِيّ ، نَحْويُّ العِرَاقِ ومُحدِّثُه ، اجتمع به الزَّمَخْشَرِيّ ببغدادَ ، وأَثنَى عليه ، وتُوُفِّى بها سنة ٥٤٢ ودفن بداره بالكَرْخِ ، وله في المُستَفَاد في تاريخ بغداد ترجمة مُطَوَّلَة ليس هذا محلَّها.

قلْت : وجَدّه أَبو الحَسَن عليّ بن عُبَيْد الله هو الملقّب بباغر ترجمه السَّمْعَانِيّ في الأَنْسَاب ، والحافظ في التَّبْصِير ، وقد أَشَرْنا إِليه آنِفاً وكذلك ذكرَا حفيدَه أَبا طالبٍ عليِّ بنَ الحُسَيْن بن عُبَيْدِ الله بن عليّ ، نقيب الكوفة.

قلت : وممّا بقيَ عليه أَحمدُ بن كامِلِ بنِ خَلَفِ بن شَجَرَة بنِ مَنْظُورٍ (١) الشَّجَرِيّ البغدادِيّ ، مشهورٌ. وبنْته أُمُّ الفتْح أَمَةُ السّلام ، حدَّثتْ وعُمِّرت ، وماتَت سنة ٦٨٠.

ويحيى بنُ إِبراهِيمَ بنِ عُمَر الشَّجَرِيّ سمعَ عبدَ الحميدِ بنَ عبدِ الرَّشِيد سبْطَ الحافظ أَبي العَلاءِ العَطَّار.

وشَاجَرَ المالُ ، برفع المال (٢) على أَنّه فاعلٌ ، وقوله : رَعَاهُ ، أَي الشَّجَرَ.

زاد الزَّمَخْشَرِيّ (٣) : وبَعِيرٌ مُشَاجِرٌ.

وقال ابن السِّكِّيت : شاجَرَ المالُ ، إِذا رَعَى العُشْبَ والبَقْلَ ، فلم يُبْقِ منها شَيْئاً ، فصارَ إِلى الشَّجَر يَرْعَاه ، قال الراجِزُ يصف إِبِلاً :

تَعْرِفُ في أَوْجُهها البَشَائِرِ

آسَانَ كلِّ آفِقٍ مُشَاجِرِ

قال الصّاغانِيّ : الرَّجَزُ لِدُكَيْن.

وشاجَرَ فُلانٌ فلاناً مُشَاجَرَةً : نازَعَه وخاصَمَه.

والمُشَجَّرُ من التَّصاوير : ما كانَ على صَنْعَةِ الشَّجَرِ (٤) ، هكذا بالصاد والنون والعين المهملة ، في النُّسَخ ، وفي بعض الأُصول على صِيغَةِ الشَّجَرِ ، بالصاد والتحتيّة والغين المعجمة ، أَي على هَيْئَتِه.

ويقال : دِيباجٌ مُشَجَّرٌ ، إِذا كان نَقْشُه على هَيْئَةِ الشَّجَرِ.

واشْتَجَرُوا : تَخَالَفُوا ، كتَشاجَرُوا وبينهم مُشاجَرَةٌ.

وفي حديث النَّخَعِيّ ، وذكرَ فِتْنَةً : «يَشْتَجِرُونَ فيها اشْتِجَارَ أَطْبَاقِ الرَّأْسِ» أَرادَ يَخْتَلِفُون كما تَشْتَجِرُ الأَصَابعُ إِذا دَخَل بعضُها في بعض.

__________________

(١) اللباب : منصور. قال في اللباب الشجري : وهذه النسبة إلى الشجرة وهي قرية بالمدينة. قال ياقوت : وهي على ستة أميال من المدينة.

(٢) كذا بالأصل والصحاح واللسان ، وضبطت في القاموس بالفتح.

(٣) عبارة الأساس : وقد شاجرَ المالُ إذا فني البقل فصار إلى الشجر يرعاه ، وبعير مشاجر.

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «صيغة الشجر» ومثلها في التهذيب ، وفي اللسان «صفة الشجر».

٩

ويقال : الْتَقَى فِئَتَان فتَشَاجَرُوا برماحِهِم ، أَي تَشابَكُوا ، واشْتَجَرُوا برِماحِهم.

وكلّ شيْ‌ءٍ يأْلَفُ (١) بعضُه بعضاً فقد اشْتَبَك واشْتَجَرَ ، وإِنَّمَا سُمِّيَ الشَّجَرُ شَجَرَاً ؛ لدخول بعض أَغصانِه في بعض.

وشَجَرَ بينَهُم الأَمْرُ يَشْجُر شُجُوراً ، بالضّمّ ، وشَجْراً ، بالفَتْح : تَنَازَعُوا فِيهِ.

وشَجَرَ بينَ القَوْمِ ، إِذا اخْتَلَفَ الأَمْرُ بينَهم ، وفي التنزيل : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) (٢) قال الزَّجّاجُ : أَي فِيمَا وَقَع من الاخْتِلاف في (٣) الخُصُوماتِ ، حتى اشْتَجَرُوا وتَشَاجَرُوا ، أَي تَشَابَكُوا مُخْتَلِفِينَ. وفي الحديث : «إِيّاكُمْ وما شَجَرَ بينَ أَصْحَابِي» أَي ما وَقَعَ بينَهُم من الاخْتِلاف.

وشَجَرَ الشَّيْ‌ءَ يَشْجُره شَجْراً بالفتح : رَبَطَه.

وشَجَر الرَّجُلَ عن الأَمرِ يَشْجُرُه شَجْراً : صَرَفَه ، يقال : ما شَجَرَك عنه ، أَي ما صَرَفك.

وفي التكملة : شَجَرَ الشّي‌ءَ عن الشَّيْ‌ءِ ، إِذا نَحّاهُ ، قال العَجّاج :

وشَجَرَ الهُدَّابَ عَنْهُ فجَفَا

أَي جَافَاهُ عنه فتَجَافَى ، وإِذا تَجَافَى قيل : اشْتَجَرَ ، وانْشَجرَ.

وشَجَرَ الرَّجلَ عن الأَمْر يَشْجُرُه شَجْراً ، إِذا مَنَعَه ودَفَعَه.

وشَجَرَ الفَمَ : فَتَحَه ، وقد جاءَ في حَدِيثِ سَعْدٍ : «أَنّ أُمّه قالَتْ له : لا أَطْعَمُ طَعاماً ، ولا أَشْرَبُ شَراباً أَو تَكْفُرَ بمحمّد ، قال : فكانُوا إِذا أَرادوا أَنْ يُطْعِموها أَو يْسقُوها شَجَروا فَاهَا» ، أَي أَدْخَلُوا في شَجْرِه عُوداً ففَتَحُوه.

وفي الأَساس : شَجَرُوا فاه فأَوْجَرُوه : فتحوه (٤) بعُودٍ. ففي إِطْلاق المُصَنّف الفتْح نَظَرٌ.

وشَجَرَ الدَّابَّةَ يَشْجُرُها شَجْراً : ضَرَبَ لِجَامَها : ليَكُفَّهَا حتَّى فَتَحَتْ فاهَا ، ومنه‌حديثُ العبّاس بنِ عبدِ المُطَّلِب ، رضي‌الله‌عنه قال : «كُنْتُ آخِذاً (٥) بحَكَمَةِ بَغْلَةِ رسولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم حُنَيْن ، وقد شَجَرْتُها» كذا في التَّكْمِلَة.

قلت : وفي روايةٍ : «والعَبّاسُ يَشْجُرُها ـ أَو يَشْتَجِرُها ـ بلِجامها».

وشَجَرَ البَيْتَ يَشْجُرُه شَجْراً عَمَدَه بِعُودٍ ، هكذا في النُّسخ ، والصّواب بعَمُودٍ ، كذا في اللِّسَان ، وكلُّ شيْ‌ءٍ عَمَدْتَه بعِمَادٍ فقد شَجَرْتَه.

وشَجَرَ الشَّجَرَةَ والنَّبَاتَ شَجْراً : رَفَعَ ما تَدَلَّى من أَغْصَانِها. وفي التهذيب : وإِذا نَزَلَتْ (٦) أَغصانُ شَجَرٍ أَو ثَوْب فرَفَعْتَه وأَجْفَيْتَه قلْتَ : شَجَرْته ، فهو مَشْجُورٌ.

وشَجَرَه بالرُّمْحِ : طَعَنَه حتى اشْتَبَكَ فيه.

وتَشَاجَرْوا بالرِّمَاح : تَطاعَنُوا ، وكذا اشْتَجَرُوا برماحِهِم.

وشَجَرَ الشَّيْ‌ءَ : طَرَحَه على المِشْجَرِ ، وهو المِشْجَبُ ، وسيأْتِي قريباً في المَادّة.

وشَجِرَ ، كفَرِحَ (٧) : كَثُرَ جَمْعُه هكذا أَورده الصاغانيّ في التكملة ، وكان الأَصْمَعيّ يقول : كُلُّ شَيْ‌ءٍ اجْتَمَعَ ثُمّ فَرَّقَ بينَه شيْ‌ءٌ فانْفَرَقَ فهو شَجَرٌ.

والشَّجْرُ ، بفتح فسكون : الأَمْرُ المُخْتَلِفُ ، وقد شَجَرَ الأَمْرُ بينهم ، وقد تَقَدَّم.

والشَّجْرُ : ما بَيْنَ الكَرَّيْنِ مِنَ الرَّحْلِ ، أَي رَحْلِ البَعيرِ ، وهو الذي يَلْتَهِمُ ظَهْرَه ، والكَرُّ ما ضَمَّ الظَّلِفَتَيْنِ ، كما سيأْتِي ، ويقال لما بين الكَرَّيْنِ أَيضاً : الشَّرْخُ والشَّخْرُ ، بالخاءِ المعجمة ، كما سيأْتي.

والشَّجْرُ : الذَّقَنُ ، عزاه الصّاغانيّ إِلى الأَصْمَعِيّ.

وقيل : الشَّجْرُ : مَخْرَجُ الفَمِ ومَفْتَحُه ، هكذا بالخاءِ المعجمة والرّاءِ من خرج ، في النسخ ، والصواب مَفْرَجُ الفمِ ، بالفاءِ.

أَو شَجْرُ الفَمِ مُؤَخَّرُه ، أَو هو الصّامِغُ ، أَو هو ما انْفَتَحَ

__________________

(١) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : خالف.

(٢) سورة النساء الآية ٦٥.

(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : «من».

(٤) الأساس : إذا فتحوه.

(٥) عن التكملة ، وبالأصل «أخذ» والحكمة : حديدة اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه ، تمنعه من مخالفة راكبه.

(٦) الأصل واللسان عن التهذيب ، وفي التهذيب المطبوع : تدلَّت.

(٧) ضبطت في التهذيب ، ضبط قلم ، «شَجَرَ».

١٠

من مُنْطَبِق الفَمِ ، أَو هو مُلْتَقَى اللِّهْزِمَتَيْنِ ، أَو هو مَا بَينَ اللَّحْيَيْنِ الأَخِيرُ عن أَبي عَمْرٍو. وقيل : هو مُجْتَمَع اللَّحْيَيْنِ تحتَ العَنْفَقَة ، وبه فُسِّر حديثُ بعضِ التّابِعِين : «تَفَقَّدْ في طَهَارَتِك كذا وكذا ، والشَّاكِلَ والشَّجْرَ» وكذا حديثُ عائِشَةَ رضي‌الله‌عنها في إِحْدَى الرِّواياتِ : «قُبِضَ رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين شَجْرِي ونَحْرِي».

وشَجْرُ الفَرَسِ : ما بين أَعَالِي لَحْيَيْهِ من مُعْظَمِها.

ج أَشْجَارٌ ، وشُجُورٌ ، بالضَّمّ ، وشِجَارٌ ، بالكسر.

والضّادُ من الحُرُوف الشَّجْرِيَّة ويَجْمَعُها قولك شضج ، الشين والضاد والجيم.

واشْتَجَرَ الرّجلُ : وضَعَ يَدَهُ تحتَ ذَقَنِه ، واتَّكَأَ على المِرْفَقِ ولم يَضَعْ جَنْبَه على الفَرْش ، وقيل : وَضعَ يَدَه على حَنَكِه ، قال أَبو ذُؤَيْبٍ :

نامَ الخَلِيُّ وبِتُّ اللَّيْلَ مُشْتَجِراً

كَأَنَّ عَيْنِيَ فيها الصّابُ مَذْبُوحُ

وقيل : باتَ مُشْتَجِراً ، إِذا اعْتَمَدَ بشَجْرِه على كَفِّه.

والمِشْجَرُ ، كمِنْبَرٍ ، والشِّجَارُ ، مثل : كِتابٍ ، ويُفْتَحَان ـ وقد أَنكر شيخُنَا الفتحَ في الأَوّل ، وادَّعَى أَنّه غيرُ معروف ولا سَلف له في ذلك ، مع أَنه مُصَرَّحٌ به في اللِّسَان ، بل وغيره من الأُمَّهَات ـ : عُودُ الهَوْدَجِ ، الواحدةُ مَشْجَرَةٌ وشَجَارَةٌ.

وفي المحكم : المَشْجَرُ : أَعوادٌ تُرْبَط كالمِشْجَب يوضع عليها المَتَاع ، والجمعُ المَشَاجِرُ ، سُمِّيَتْ لتَشَابُكِ عِيدَانِ الهَوْدَجِ بعضِها في بعض.

وقال اللَّيْثُ : الشِّجَارُ : خَشَبُ الهَوْدَجِ ، فإِذا غُشِّيَ غِشَاءَه صار هَوْدجاً. أَو مَرْكَبٌ من مَرَاكِب النِّسَاءِ أَصْغَرُ منه مَكْشُوف الرَّأْسِ ، قاله أَبو عَمرو ، ومنه قولُ لَبِيدٍ :

وأَرْبَدُ (١) فارِسُ الهَيْجا إِذَا ما

تَقَعَّرَتِ المَشَاجِرُ بالفِئامِ

وقال الأَصْمَعِيّ : ويَكْفِي واحِداً حَسْبُ (٢) وبه فُسِّر حديثُ حُنَيْن : «ودُرَيْد بن الصِّمَّة يَوْمَئِذٍ في شِجَارٍ لهُ».

والشِّجَارُ ككِتَاب : خَشَبَةٌ يُضَبَّبُ بها السَّرِيرُ من تَحْت ، وهو بالفارسيّة مَتْرَس (٣) هكذا بفتح الميم والمثناة وسكون الراءِ ، وبخطّ الأَزْهَرِيّ بفتح الميم وتَشديد المُثَنّاة وقال : هي الخَشَبَة التي تُوضَع خلْفَ الباب.

والشِّجَارُ : خَشَبُ البِئرِ قال الرّاجِزُ :

لتَرْوَيَنْ أَو لَتَبِيدَنَّ الشُّجُرْ

جمع شِجَار ، ككِتَاب وكُتُب ، هكذا أَنشده الجوهرّ في الصحاح (٤).

قال الصاغانيّ : والروايةُ : «السُّجُل» بالسين المهملة واللّام ، والرجز لَامِيٌّ ، وبعدَه :

أَو لأَرُوحَنْ أُصُلاً لا أَشْتَمِلْ

والرجزُ لأَبِي محمّد الفَقْعَسِيّ.

والشِّجَارُ : سِمَةٌ للإِبِلِ.

والشِّجَارُ : عُودٌ يُجْعَلُ في فَمِ الجَدْيِ ؛ لِئَلّا يرْضَعَ أُمّه ، كذا في التَّكْمِلَة (٥).

وشَجَار ، كسَحَابٍ : ع بين الأَهْوَازِ ومَرْجِ القَلْعَة ، وهو الذي كان النُّعْمَانُ بنُ مُقَرِّنٍ أَمَرَ مُجَاشِعَ بنَ مَسْعُودٍ أَن يُقِيمَ به في غَزْوَة نَهَاوَنْدَ ويقال له شَجَرٌ أَيضاً.

وعُلاثَةُ بنُ شَجّارٍ (٦) ، ككَتّان : صَحابِيّ من بني سَلِيطٍ ، أَخرجه ابنُ عبدِ البَرِّ وابنُ مَنْدَه ، رَوَى عنه الحَسَن ، وروَى عنه خارِجَةُ بنُ الصَّلْتِ ، وهو عَمُّ خارِجَة ، ووَهِمَ الذَّهَبِيُّ في تَخْفِيفِه وتَبِعَه الحافظُ في التَّبْصِير فذَكَره بالتخفيف ، وضُبط

__________________

(١) أربد هو أربد بن ربيعة أخو لبيد. وقد روي البيت بروايات مختلفة انظر ديوانه واللسان فى المادتين : شجر ، قعر.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وقال الأصمعي ، عبارة اللسان : والشجار الهودج الصغير الذي يكفي واحداً حسب» ومثله في التهذيب.

(٣) هذا ضبط القاموس ، وعلى هامشه عن نسخة أخرى : «مَتَّرْس» وضبط في اللسان «مَتَرْس» وضبط في التهذيب «المَتْرَس» وكله ضبط قلم ، وفي اللسان عن الأَزهري نصاً ، بفتح الميم وتشديد التاء.

(٤) في الصحاح : «ليبيدنّ» بدل «لتبيدنّ».

(٥) وهي عبارة التهذيب واللسان.

(٦) ورد في أسد الغابة : العلاء بن صحار السليطي ، وقيل : علاثة. وفيه عن خليفة قال : علاثة بن شجار. قال البردعي : شجار بالتخفيف. وقال المستغفري : علاقة بن شجار.

١١

في التكملة : شِجَار ، ككِتَابٍ ، هكذا ، وعليه علامةُ الصِّحَّة.

وأَبو شَجَّارٍ ، ككَتّانٍ : عَبْدُ الحَكَمِ بنُ عَبْدِ الله بن شَجَّار الرَّقِّيّ : مُحَدِّثٌ ، عن أَبِي المليح الرَّقِّيّ ، وغيره.

والشَّجِيرُ ، كأَمِيرٍ : السَّيْفُ.

والشَّجِيرُ والشَّطِيرُ ؛ الغَرِيبُ مِنّا. ومن سجعات الأَساس : ما رَأَيْتُ شَجِيرَيْنِ إِلَّا شَجِيرَيْن (١). الشَّجِيرُ الأَوّلُ بمعنَى الغَرِيب ، والثّاني بمعنى الصَّدِيق ، وسيأْتي.

والشَّجِيرُ من الإِبِل : الغَرِيبُ.

والشَّجِيرُ : القِدْحُ يكونُ بينَ قِدَاحٍ غَرِيباً لَيْسَ من شَجَرِهَا ، ويقال : هو المُسْتَعَار الذي يُتَيَمَّنُ بفَوزه ، والشَّرِيجُ : قِدْحُه الذي هو له ، قال المُنَخَّل (٢) :

وإِذا الرِّياحُ تَكَمَّشَتْ

بجَوَانِبِ البَيْتِ القَصِيرِ

أَلْفَيْتنِي هَشَّ اليَدَيْ

نِ بَمَرْيِ قِدْحِي أَو شَجِيرِي

وفي المُحْكَم : الشَّجِيرُ : الصّاحِبُ وجمعه شُجَرَاءُ.

وقال كُرَاع : الشَّجِيرُ هو الرَّدِي‌ءُ.

والاشْتِجَارُ : تَجَافِي النَّوْمِ عن صاحِبِه أَنشدَ الصَّاغانيّ لأَبِي وَجْزَةَ :

طافَ الخَيالُ بِنَا وَهْناً فأَرَّقَنا

مِنْ آلِ سُعْدَى فَبَاتَ النَّوْمُ مُشْتَجِرَا

والاشْتِجارُ : التَّقَدُّمُ والنَّجَاءُ ، قال عُوَيْفٌ الهُذَلِيّ ، وفي التكملة : عُوَيْجٌ النَّبْهانِيّ :

فعَمْداً تَعَدَّيْنَاكَ واشْتَجَرَتْ بِنا

طِوَالُ الهَوَادِي مُطْبَعَاتٌ من الوِقْرِ

كالانْشِجارِ فيهِما. ويروَى في بيت الهُذَلِيّ «انْشَجَرَتْ» وهكذا أَنشده صاحب اللسان ، والأَوّل رواية الصاغانيّ (٣).

وديباجٌ مُشَجَّرٌ ، كمُعَظَّمٍ : مُنَقَّشٌ بهَيْئَةِ الشَّجَرِ. ولا يَخفَى أَنه لو ذُكِرَ في أَوّل المادّة عند ضبطه المُشَجَّر كان أَوفقَ لما هو مُتَصَدٍّ فيه ، مع أَنّ قولَه آنِفاً : «ما كانَ على صَنْعَةِ الشَّجَرِ» شامِل للدِّيباجِ وغيره ، فتأَمّل.

والشَّجْرَة ، بفتح فسكون : النُّقْطَةُ الصَّغِيرَةُ في ذَقَنِ الغُلامِ ، عن ابن الأَعرابيّ.

ومن المَجَاز : يقال : ما أَحْسَنَ شَجْرَةَ ضَرْعِ النَّاقَةِ ، أَي قَدْرَهُ وهَيْئَتَه ، كذا في التكملة ، وفي الأَساس : شَكْلَه وهَيْئَتَه ، زاد الصّاغانيّ أَو عُرُوقَه وجِلْدَه ولَحْمَه.

وتَشْجِيرُ النَّخْلِ : تَشْخِيرُه ، بالشين والخاءِ المعجمتين ، وهو أَن تُوضَع العُذُوقُ على الجَرِيدِ ، وذلك إِذا كَثُرَ حَمْلُ النَّخْلَةِ ، وعَظُمَت الكَبَائِسُ ، وخِيفَ على الجُمّارة ، أَو على العُرْجُونِ. وسيأْتي.

* ومما يستدرك عليه :

الشَّجْرُ : الرَّفْعُ ، وكل ما سُمِكَ ورُفِعَ فقد شُجِرَ.

وفي الحديث : «الشَّجَرَةُ والصَّخْرَة من الجَنَّةِ» قيل : أَراد بالشَّجَرَةِ : الكَرْمَةَ ، وقيل هي التي بُويعَ تَحْتَها سيِّدُنا رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي شَجَرَةُ بَيعَةِ الرِّضْوَانِ ؛ لأَن أَصحابَهَا اسْتَوْجَبُوا الجَنَّة ، قيل : كانت سَمُرَةً.

والمُتَشَاجِرُ : المُتَداخِلُ ، كالمُشْتَجِرِ.

ورِمَاحٌ شَوَاجِرُ ، ومُشْتَجِرَةٌ ومُتَشاجِرَةٌ : مُتَدَاخِلَةٌ مُخْتَلِفَةٌ.

والشَّجْرُ والاشْتِجَار : التَّشْبِيكُ.

والشَّوَاجِرُ : المَوَانِعُ والشَّواغِلُ.

__________________

(١) عبارة الأساس : ما رأيت شجيرين إلا سجيرين : صديقين.

(٢) عن التهذيب وبالأصل «المتنخل» وهو تحريف وقد صرح بنفسه عن اسمه بقصيدته حيث يقول :

فدنت وقالت يا منخل ما

بجسمك من حرور

ورنت وقالت يا منخل هل

لجسمك من فتور

وهو المنخل بن عامر بن ربيعة اليشكري (الأصمعيات) أما المتنخل فهو لقب شاعر من هذيل واسمه مالك بن عويمر. والبيتان من قصيدة له قالها في المتجردة زوجة النعمان ، واسمها هند ، وكانا متحابين ، ومطلعها :

إن كنت عاذلتي فسيرى

نحو العراق ولا تحوري

انظر الأغاني ١٨ / ١٥٤ والأصمعيات ص ٣٠.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : والأول رواية الصاغاني كل من صاحب اللسان والصاغاني في التكملة رواه بالروايتين كما يعلم بمراجعة الكتابين اهـ»

١٢

والشُّجُرُ ، بضمَّتَيْنِ : مَرَاكِبُ دون الهَوَادِجِ ، عن أَبي عَمْروٍ ، وهو جَمْع شِجَار ، ككِتَابٍ.

ويقال : فُلانٌ من شَجَرةٍ مبارَكَةٍ ، أَي من أَصْل مُبَارَك ، وهو مَجاز ، وقوله تعالى : (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) (١) أَصَحُّ الأَقوالِ أَنّها النَّخْلَة.

ويَزيدُ بن شَجَرَةَ الرُّهَاوِيّ ، من التابعين.

ومَعْدِنُ الشَّجَرَتَيْنِ بالذُّهْلُول.

وعَمْرو بن شُجَيْرَةَ (٢) العِجْلِيّ ، ذكرَه المَرْزبانيّ.

والشَّريف أَبو الشّجرِ أَبو بَكْرِ بنُ محمّدِ بنِ إِسماعيلَ بنِ أَبي بكْرٍ الحُسَيْنِيّ ، من أَشهر شُيوخِ اليمن ، وله ذُرِّيّةٌ طَيِّبة بوادِي سُرْدُدٍ.

[شحر] : الشَّحْرُ ، كالمَنْعِ : فَتْحُ الفَمِ لغة يمانِيّة ، عن ابن دريد.

والشَّحْرُ : ساحِلُ اليَمَنِ ، قال الأَزهَرِيّ : في أَقْصاهَا ، وقال ابنُ سِيده : بينها وبين عُمَانَ ، ويقال : شَحْرُ عُمَانَ ، وهو ساحِلُ البَحْرِ بينَ عُمانَ وعَدَنَ ، مشتَمِل على بلادٍ وأَوْدِيَة وقُرىً ، كانت فيها مساكنُ سَبَأَ على ما قيل ، ويُكْسَرُ ، وهو المَشْهُور ، وهكذا أَنشَدُوا قَولَ العَجّاج :

رَحَلْتُ من أَقْصَى بلادِ الرُّحَّلِ

من قُلَلِ الشِّحْرِ فجَنْبَىْ مَوْكَلِ

مِنْهُ مُحَمَّدُ بنُ حُوَيّ (٣) بنِ مُعَاذ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الرَّحَّالُ ، سمعَ من أَبِي عبدِ الله الفُرَاوِيّ وغيرِه.

والجَمَالُ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍ والأَصْغَرُ ، (٤) ، وهو لقبه ، وفي التبصير للحافظ : محمّدُ بنُ عُمَر بنِ الأَصْغَر هكذا ، الشّاعِرُ ، الشَّحْرِيّانِ سمع من الأَخيرَ أَبو العلاءِ الفَرَضِيّ بمارِدِينَ سنة ٦٨٠.

قال الحافِظُ : وعَمْرُو بنُ أَبي عَمْرٍو الشَّحْرِيّ من شَحْرِ عُمان ، أَنشد له الثّعالِبِيّ في اليَتِيمَةِ شِعراً. والشَّحْرُ : بَطْنُ الوادِي ، ومَجْرَى الماءِ ، وبأَحدهما سُمِّيَت المدينة.

والشَّحْرُ : أَثَرُ دَبَرَةِ البَعِيرِ إِذَا بَرَأَت ، على التَّشْبِيه.

والشَّحِيرُ ، كَأَمِيرٍ : شَجَرٌ ، حكاه ابنُ دُرَيْد ، وليس بثَبتٍ.

والشَّحْوَرُ ، كقَسْوَرٍ ، والشُّحْرُورُ ، بالضَّمّ : طائِرٌ أَسْوَدُ فُوَيْقَ العُصْفُور ، يُصَوِّتُ أَصواتاً.

والشِّحْرَةُ ، بالكَسْر : الشَّطُّ الضَّيِّقُ ، عن ابن الأَعرابيّ.

وذُو شِحْر بنُ وَلِيعَةَ (٥) ، بالكَسْر : قَيْلٌ من أَقْيَالِ حِمْيَر ، نقله الصَّاغانيّ.

[شحزر] : المُشْحَنْزِرُ ، أَهمله الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللِّسَان ، وقال الصّاغانيّ : هو المُسْتَعِدّ لشَتْمِ إِنْسَانٍ ، أَو الَّذِي قد شَبَّ قَلِيلاً ، هكذا بالشين المعجمة ، ومثله للصَّاغانيّ ، ويُوجَدُ في بعض نسخ القاموس «سَبَّ» بإِهمالِ السينِ ، وهو خطأٌ.

[شحسر] : الشَّحْسَارُ ، بالفَتْحِ أَهمله الجَوْهَرِيّ والصّاغانيّ ، وفي اللِّسَان (٦) : هو الطَّوِيلُ ، قال شيخنا : وذِكْرُ الفتحِ مُسْتَدْرَكٌ ، وقيل ، إِنّ هذا اللفظَ دَخِيلٌ.

[شحظر] : المُشْحَنْظِرُ ، كمُسْتَغْفِرٍ ، أَهمله الجَوْهَرِيّ وصاحِبُ اللِّسَان ، وهو بالظَّاءِ المُعْجَمَةِ وضبطَه الصّاغانيّ بإِهمال الطاءِ ، وقال : هو الجاحِظُ العَيْنَيْنِ.

[شخر] : الشَّخِيرُ : صَوْتٌ من الحَلْقِ ، أَوْ من الأَنْفِ ، أَو مِنَ الفَمِ دون الأَنْفِ.

والشَّخِيرُ أَيضاً : صَهِيلُ الفَرَسِ ، وقيل هو منه بَعْدَ الصَّهِيلِ. أَو هو صَوْتُه من فَمِه دون الأَنْفِ كالشَّخْرِ ، بالفتح.

والفِعْل كضَرَبَ ، شَخْراً ، وشَخِيراً ، وقيل : الشَّخْرُ كالنَّخْرِ.

وقال الأَصمعيّ : من أَصواتِ الخَيْلِ ؛ الشَّخِيرُ ،

__________________

(١) سورة ابراهيم الآية ٢٤.

(٢) شجيرة هي أمه وكانت سبية ، وهو عمرو بن عبد الله بن حذافة. بن عجل (المرزباني).

(٣) في اللباب ومعجم البلدان : خوى.

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : ابن عمر الأصغر.

(٥) على هامش القاموس : «قوله ابن وليعة ، باللام في المتون وفي عاصم بالكاف المعلقة اهـ هامش الأصل».

(٦) ورد في اللسان (شحشر) : الشَّحْشَار : الطويل.

١٣

والنَّخِيرُ ، والكَرِيرُ ، فالشَّخيرُ من الفَمِ ، والنَّخِيرُ من المنْخَرَيْنِ ، والكَرِيرُ من الصَّدْرِ.

ويقال : الشَّخِير : رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّخْرِ.

والشَّخِير : ما تَحاتَّ من الجَبَلِ بالأَقْدامِ ، والقَوَائم هذا نصّ الصّاغانيّ ، وفي اللسان : الحَوافِر ، بدل القَوَائِم ، وأَنشد :

بِنُطْفَةِ بارِقٍ في رَأْسِ نِيقٍ

مُنِيفٍ دُونَها منه شَخِيرُ

قال أَبو مَنْصُور : لا أَعرِفُ الشَّخِيرَ بهذا المعنى إِلّا أَن يكون الأَصْلُ فيه خَشِيراً ، فقُلِب.

والشِّخِّيرُ ، كسِكِّيت : الكَثِيرُ النَّخِير ، وفي بعض النُّسَخ : الشَّخِير (١) ، بدل النَّخِير ، يقال : حِمارٌ شِخِّيرٌ أَي مُصَوِّت.

وعبدُ الله بنُ الشِّخِّيرِ بنِ عَوْفِ بن كَعْبٍ ، صَحَابِيٌّ من بني عامِر ، ثم بني كَعْبٍ ، نَزلَ البَصْرَةَ ، وأَوْلادُه : المُطَرِّفُ (٢) ، ويَزِيدُ ، وهانِئ ، روَى عنه ابنُه المُطَرِّفُ غيرَ حديثٍ.

والأَشْخَرُ : شَجَرُ العُشَرِ ، لغة يَمانية ، وبه لُقِّب في المتأَخِّرِين خاتِمَة الفُقُهَاءِ باليَمَن أَبو بَكْرٍ محمَّدُ بنُ أَبي بكرِ بنِ عبدِ الله بن أَحْمَد بن إِسماعيل بنِ أَبي بَكْرِ بنِ محمّدِ بنِ عليٍّ ، أَخَذَ عن الشِّهَاب أَحْمَد بنِ حَجَرٍ المَكِّيّ وغيره ، ولنا به اتّصالٌ من طُرُقٍ عالية ليس هذا محلَّ ذِكْرِهَا.

وشَخْرُ الشَّبَابِ : أَوّلُه وحِدَّتُه كشَرْخِه.

وعن أَبي زيد : الشَّخْرُ من الرَّحْلِ : ما بينَ الكَرَّيْن القَادِمَة والآخِرَة ، كالشَّرْخ والشَّجْرِ بالجيم ، والكَرُّ : ما ضَمَّ الظَّلِفَتَيْنِ.

وشَخَرَ الاسْتَ : شَقَّهَا ، أَورده الصاغانيّ (٣).

وشَخَرَ البَعِيرُ ما فِي الغِرَارَةِ : بَدَّدَهَا ، وفي التكملة : بَدَّدَ ما فيها وخَرَّقَهَا. والتَّشْخِيرُ : رَفْعُ الأَحْلاسِ ـ جمع حِلْسٍ ـ حَتَّى تَسْتَقْدِمَ الرِّحالَةُ نقله الصاغانيّ.

والتَّشْخِيرُ في النَّخْلِ : وَضْعُ العُذُوقِ على الجَرِيدَةِ ، لِئَلّا تَنْكَسِرَ ، نقله الصاغانيّ أَيضاً ، وقد مَرّ الإِيماءُ إِليه في التَّشْجِيرِ قريباً.

[شخدر] : شَخْدَرٌ ، كجَعْفَرٍ أَهمله الجَوْهَرِيّ والصاغاني ، وهو بالخَاءِ المُعْجمةِ والدّال المهملة : اسْمُ رَجُلٍ.

[شذر] : الشَّذْرُ ، بالفَتْح : قِطَعٌ من الذَّهَب تُلْقَطُ مِن مَعْدِنِه بلا إِذَابَة الحِجَارة ، ومما يُصاغُ من الذَّهبِ فَرَائِدُ يُفَصَّلُ بها اللُّؤلُؤُ والجَوْهَرُ.

أَو خَرَزٌ يُفَصَّلُ بِهَا ـ وفي بعض الأُصول : بهِ ـ النَّظْمُ.

أَو هُوَ اللُّوْلُؤُ الصِّغَارُ ، على التَّشْبِيه بالشَّذْرِ ، لبياضِها.

وقال شَمِرٌ : الشَّذْرُ : هَنَاتٌ صِغَارٌ كأَنّها رُؤُوس النَّمْل ، من الذَّهب ، يُجْعَل في الخَوْقِ ، الواحِدَةُ شَذْرَةٌ ، بِهَاءٍ ، وأَنشَد شَمِرٌ للمَرّارِ الأَسَدِيّ يصف ظَبْياً :

أَتَيْنَ على اليَمِينِ كأَنَّ شَذْراً

تَتابَعَ في النِّظام له زَليلُ

وأَبُو شَذْرَةَ : كُنْيَةُ الزِّبْرِقان بن بَدْرِ ، نقله الصاغانيّ.

وأَبو العَلاءِ : شَذْرَةُ بنُ مُحَمّدِ بنِ أَحْمَد بنِ شَذْرَةَ الخَطِيب : مُحدِّثٌ ، عن ابن المُقْرِى‌ء الأَصْبَهَانيّ وغيره.

وأَبو الرَّجاءِ مُحَمّد ، وأَبو المُرَجَّى أَحْمَد ، ابنا إِبراهيم بنِ أَحْمَدَ بنِ شَذْرَةَ ، الأَصْبَهانِيّانِ ، حدَّثَا عن ابن رَيْدَة ، وعنهما السِّلَفِيُّ.

ومن أَمْثَالِهِم : «تَفَرَّقُوا شَذَرَ مذَرَ» ، بالتَّحْرِيك فيهما ، ويُكْسَرُ أَوَّلُهُمَا ، وقد تُبدَل الميم من «مذَر» باءً موحّدةً ، وقال بعضُهم : هو الأَصْلُ ؛ لأَنّه من التَّبْذِيرِ ، وهو التَّفْرِيقُ ، قاله شيخُنَا ، قلت : والذي يَظْهَر أَنَّ الميم هو الأَصل ؛ لانَّ المقصود منه إِنّما هو الإِتْباعُ فقط ، لا ملاحظَةُ معنَى التَّفْرِيقِ كأَخَواته الآتِيَة ، فتأَمّل ؛ أَي ذَهَبُوا في كُلِّ وَجْهٍ.

وزاد الميْدانيّ فقال : ويُقَال : «ذَهَبُوا شَغَرَ بَغَر ، وشَذَرَ مَذَرَ ، وجِذَعَ مِذَعَ» أَي تَفَرَّقُوا في كُلِّ وجْهٍ.

__________________

(١) وهي الموجودة في القاموس الذي بيدي.

(٢) في أسد الغابة وتقريب التهذيب : مُطرِّف بدون ألف ولام.

(٣) لفظ التكملة : وشَحْرُ الاستِ : شَقُّها.

١٤

وزاد في اللِّسَان : ولا يُقَال ذلك في الإِقْبَالِ ، وفي حديث عائِشةَ ـ رضي‌الله‌عنها ـ : «إِنَّ عُمَرَ رضِيَ الله عنهُ شَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَر مَذَرَ» ، أَي فَرَّقَه وبَدَّده في كُلّ وَجْه.

ورجُلٌ شِيذَارَةٌ ، بالكَسْرِ : غَيُورٌ ويقال أَيضاً : شِنْذَارَة ، بالنّون ، وشِبْذَارَةٌ ، بالموحَّدَة ، وقد تقَدَّمت الإِشارة إِلى ذلك.

والشَّيْذَرُ ، كحَيْدرٍ : د ، أَو فَقِيرُ ماءٍ ، والفَقِيرُ : هو المكانُ السَّهْل تُحْفَر فيه رَكَايَا مُتَناسِبَةٌ ، والذي نصَّ عليه الصاغانيّ في التَّكْمِلَة : الشَّوْذَرُ : بلدٌ ، وقيل : فَقِيرُ ماءٍ ، ولم يذْكُرْه صاحبُ اللِّسَان.

والشَّوْذَرُ : المِلْحَفَةُ ، مُعرَّبٌ ، فارسيَّته جادر (١) ، ومن سَجَعاتِ الحرِيرِيّ : بَرزَ على جوذَر ، عليه شَوْذَر.

والشَّوْذَرُ : الإِتْبُ ، وهو بُرْدٌ يُشَقُّ ، ثمّ تُلْقِيه المرأَةُ في عُنُقها من غير كُمَّيْنِ ولا جَيْب ، قال :

مُنْضَرِجٌ عَنْ جانِبَيْه الشَّوْذَرُ (٢)

وقال الفَرّاء : الشّوْذَرُ : هو الذي تَلْبَسُه المرأَةُ تحتَ ثوبِها.

وقال اللَّيْثُ : الشَّوْذَرُ : ثَوْبٌ تَجْتَابُه المرأَةُ والجاريةُ إِلى طَرَفِ عَضُدِها.

وشَوْذَرٌ : ع بالبَادِيَةِ.

واسم د ، بالأَنْدَلُسِ ، هذا الذي أَشارَ إِليه الصّاغانيّ (٣).

وعن ابن الأَعرابيّ : تَشَذَّرَ فلانٌ وتَقَتَّرَ ، إِذا تَشَمَّرَ وتَهَيَّأَ للقِتَالِ والحَمْلَةِ ، وفي حديث حُنَيْن : «[أَرى كتيبةَ حَرْشَفٍ] (٤) كأَنَّهُم قد تَشَذَّرُوا» أَي تَهَيَّئُوا لها وتَأَهَّبُوا.

وتَشَذَّرَ الرجلُ : تَوَعَّدَ وتَهَدَّدَ وتَغَضَّبَ ، ومنه‌قول سُلَيمَان بنِ صُرَد : «بَلَغَنِي عن أَميرِ المُوْمِنين ذَرْءٌ من قَوْلٍ تَشَذَّرَ لي فيه بشَتْم وإِيعاد ، فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً» ، أَي مُسْرِعاً ، قال أَبو عُبَيْدٍ : لستُ أَشُكّ فيها بالذال ، قال : وقال بعضُهُم : تَشَزَّرَ ، بالزاي ، كأَنَّه من النَّظرِ الشَّزْرِ ، وهو نَظَرُ المُغْضَبِ.

وتَشَذَّرَ : نَشِطَ وتَشَذَّرَ : تَسَرَّع في الأَمْرِ* ، وفي التكملة : إِلى الأَمر. وتَشَذَّرَ : تَهَدَّدَ ، ولو ذَكَره عند تَوَعَّدَ كان أَجْمَع ، كما فعلَه صاحِبُ اللِّسَان وغيره.

وتَشَذَّرَت النّاقَةُ إِذا رَأَتْ رِعْياً يَسُرُّهَا فحَرَّكَتْ رَأْسَها فَرَحاً ومَرَحاً.

وتَشَذَّرَ السَّوْطُ : مالَ وتَحَرَّك ، قال :

وكانَ ابْن أَجْمَالٍ إِذَا ما تَشَذَّرَتْ

صُدُورُ السِّيَاطِ شَرْعُهُنَّ المُخَوِّفُ

وتَشَذَّر القَوْمُ والجَمْعُ : تَفَرَّقُوا وذَهَبُوا كُلَّ مَذْهَب في كلِّ وَجْه ، وكذلك تَشَذَّرَتْ غَنَمُك.

وتَشَذَّرُوا في الحَرْبِ : تَطَاوَلُوا.

وتَشَذَّر بالثَّوْبِ وبالذَّنَبِ اسْتَثْفَر.

ومن ذلك تَشذَّرَ فَرسَه ، إِذا رَكِبَه مِنْ وَرائِهِ.

والمُتَشَذِّرُ : الأَسَدُ ، لنشاطه ، أَو تَسَرُّعِه إِلى الأُمور ، أَو تهيُّئِه للوُثُوب.

* ومما يستدرك عليه :

شَذَّرْتُ النَّظْمَ تَشْذِيراً ، إِذا فَصَّلْتَه بالخَرَز.

قال الصّاغانيّ : فأَمّا قولُهم : شَذَّرَ كلامَه بشِعْر ، فمُوَلَّد (٥) ، وهو على المَثَل.

وشَذَّرَ به ، إِذا نَدَّدَ به وسَمَّعَ ، وكذلك شَتَّرَ به.

وَتَشَذَّرَت النّاقَةُ : جمَعَت قُطْرَيْها ، وشَالَتْ بذَنَبِها.

والشَّذَيْوَرُ ، كسَفَرْجَل (٦) : قَصْرٌ بقُومَس ، كان الخَوَارِجُ الْتَجَؤُا إِليه ، ويقال بالسّينِ أَيضاً ، كذا في التكملة للصاغانيّ.

[شرر] : الشَّرُّ ، بالفتح ، وهي اللُّغَة الفُصْحى ، ويُضَمّ ،

__________________

(١) في الصحاح : «چاذَرْ» وفي اللسان : أصله شاذَر ، وقيل جاذَر.

(٢) في التهذيب : «منفرج» وفي الصحاح : «متفرج».

(٣) في معجم البلدان : اسم بلد في شعر ابن مقبل :

ظلت على الشوذر الأعلى وأمكنها

أطواء جمز من الأرواء والعطن

وشوذر : مدينة بين غرناطة وجيّان بالأندلس.

(٤) زيادة عن اللسان.

(*) في القاموس : الى الأَمر.

(٥) نص التكملة : فهي كلمة مولدة انتهى ، والعبارة المثبتة هي عبارة اللسان.

(٦) في معجم البلدان : سَذَوَّر موضع بقومس التجأ إليه الخوارج.

١٥

لغة عن كُراع : نَقِيضُ الخَيْرِ ، ومثله في الصّحاح ، وفي اللسان : الشَّرُّ : السُّوءُ. وزاد في المِصْباح : والفَسَادُ والظُّلْمُ ، ج شُرُورٌ ، بالضَّمّ ، ثمّ ذَكَر حديثَ الدُّعاء : «والخَيْرُ كُلُّه بِيَدَيْكَ ، والشَّرُّ ليسَ إِلَيْكَ» وأَنّه نَفَى عنه تعالى الظُّلْم والفَسَادَ ، لأَنّ أَفعالَه ، تعالى [صادِرَةٌ] (١) عن حِكْمَة بالِغَة ، والموجودات كُلُّها مِلْكُه ، فهو يَفْعَلُ في مِلْكِه ما يشاء ، فلا يُوجَد في فِعْلِه ظُلْمٌ ولا فَسَاد. انتهى. وفي النهاية : أَي أَنَّ الشَّرَّ لا يُتَقَرَّبُ بهِ إِليكَ ، ولا يُبْتَغَى به وَجْهُك ، أزو أَنّ الشَّرّ لا يَصْعَدُ إِليك ، وإِنّما يَصْعَدُ إِليك ، وإِنّما يَصعدُ إِليك الطَّيِّبُ من القَوْلِ والعمَل ، وهذا الكلامُ إِرشادٌ إِلى استعمالِ الأَدَبِ في الثَّنَاء على الله تعالى وتَقَدَّس ، وأَن تُضَافَ إِليه عزوجل محاسِنُ الأَشياءِ دون مساوِيها ، وليس المَقْصُودُ نَفْيَ شيْ‌ءٍ عن قُدْرَتِه وإِثْبَاتَه لها ، فإِنّ هذا في الدُّعاءِ مَنْدُوبٌ إِليه ، يقال : يا ربَّ السماءِ والأَرْضِ ، ولا يقال : يا ربَّ الكِلاب والخنَازِير ، وإِن كانَ هُوَ رَبَّها ، ومنه قولُه تعالى : (وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (٢).

وقد شَرَّ يَشُرُّ ، بالضَّمّ ، ويَشِرُّ بالكسر ـ قال شيخُنَا : هذا اصطِلاحٌ في الضَّمّ والكسرِ مع كونِ الماضِي مَفْتُوحاً ، وليس هذا مما ورَدَ بالوجْهيْن ، ففي تعبِيرِه نَظَرٌ ظاهِر ـ شَرّاً وشَرَارَةً ، بالفتح فيهما ، وقد شَررْتَ يا رَجُلُ ، مثَلَّثة الرّاءِ ، الكسر والفتح لغتان ، شَرّاً وشَرَراً وشَرَارَةً ، وأَما الضّمّ فحكاه بعضُهم ، ونقله الجَوْهَرِيّ والقَيُّومِيّ ، وأَهْلُ الأَفْعالِ.

وقال شيخُنَا : الكسرُ فيه كفَرِحَ هو الأَشْهَر ، والضمّ كلَبُبَ وكرُم وأَما الفتحُ فغَرِيبٌ ، أَورَدَه في المُحْكمِ وأَنكرَه الأَكثرُ ، ولم يتعرَّض لذِكْر المُضارِع ، إِبقاءً له على القياس ، فالمضمومُ مضارِعُه مضمومٌ ، على أصل قاعدته ، والمكسورُ مفتوحُ الآتِي على أَصل قاعدته ، والمفتوحُ مكسورُ الآتِي على أَصلِ قاعِدتِه ، لأَنه مُضَعَّفٌ لازِمٌ ، وهو المُصَرَّحُ به في الدواوين. انتهى.

وهو شَرِيرٌ ، كأَمِير ، وشِرِّيرٌ ، كسِكِّيتٍ ، مِنْ قومٍ أَشْرَارٍ وشِرِّيرِينَ.

وقال يونس : واحدُ الأَشرارِ رجُلٌ شَرٌّ ، مثل زَنْدٍ وأَزْنَادٍ. قال الأَخْفَشُ : واحدُها شَرِيرٌ ، وهو الرَّجُلُ ذو الشَّرِّ مثْل : يتِيم وأَيْتَامٍ.

ورجلٌ شِرِّيرٌ مِثال فِسِّيق ، أَي كثيرُ الشَّرّ.

ويقال : هو شَرٌّ مِنْكَ ، ولا يقال : هو أَشَرُّ مِنْكَ ، قَلِيلَةٌ أَو رَدِيئَةٌ ، القول الأَولُ نسبه الفَيُّومِيّ إِلى بني عامِر ، قال : وقُرئَ في الشّاذّ : مَن الكَذّابُ الأَشَرُّ (٣) على هذه اللغَة.

وفي الصّحاح : لا يُقَال : أَشرُّ النَّاسِ إِلا فِي لُغَة ردِيئَة.

وهِي شَرَّةٌ ، بالفتح ، وشُرَّى ، بالضّم ، يُذهَب بهما إِلى المُفَاضلة ، هكذا صَرّح به غيرُ واحد من أَئِمَّة اللُّغَة ، وجعله شَيْخُنَا كلاماً مختلطاً ، وهو محلُّ تأَمُّل.

قال الجوْهَرِيّ ، ومنه قولُ امرأَة من العَرب : أُعِيذُك بالله من نَفْسٍ حَرَّى ، وعَيْن شُرَّى. أي خَبِيثَة ، من الشَّرّ.

أَخرَجَتْه على فُعْلَى ، مثل أَصْغَر وصُغْرَى.

قلْت : ونسبَ بعضُهم هذه المرأَةَ إِلى بني عامِر ، كما صَرّح به صاحبُ اللّسَانِ ، وغيره.

وقالُوا : عينٌ شُرَّى ، إِذا نَظَرَت إِليك بالبَغْضَاءِ ، هكذا فَسَّرُوه في تفسير الرُّقْيَةِ المذكورة (٤).

وقال أَبو عمْرو : الشُّرَّى : العَيَّانَةُ (٥) من النّساءِ.

وقال كُرَاع : الشُّرَّى : أُنْثَى الشَّرّ الذي هو الأَشَرُّ في التقدير ، كالفُضْلى الذي هو تأْنيثُ الأَفْضَلِ.

وفي المحكم : فأَمّا ما أنشَدَه ابنُ الأَعْرَابيّ من قوله :

إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بعدَ إِساءَة

فلسْتُ لشَرِّي فِعْلَه بحَمُولِ

إِنما أرادَ : لشَرِّ فعلِه ، فقَلَب.

وقد شَارَّه ، بالتَّشْدِيد ، مُشَارَّةً ، ويقال : شَارَّاه ، وفلان يُشَارُّ فلاناً ويُمارُّه ويُزَارُّه ، أَي يُعادِيه. والمُشارَّةُ :

__________________

(١) زيادة عن المصباح ، والنص منقول عنه.

(٢) سورة الأعراف الآية ١٨٠.

(٣) سورة القمر الآية ٢٦.

(٤) وقد وردت في اللسان عن امرأة من بني عامر قالت : أرقيك بالله من نفس حرّى وعين شُرّى.

(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : العيّابة.

١٦

المُخاصَمَةُ ، وفي الحديث : «لا تُشَارِّ أَخاكَ» هو تَفَاعُل (١) من الشَّرِّ ، أَي لا تَفْعَلْ به شَرّاً فتُحْوِجَه إِلى أَنْ يَفْعَلَ بكَ مثلَه ، ويروى بالتخفيف ، وفي حديثِ أَبي الأَسْوَد : «ما فَعَلَ الذي كانَت امرأَتُه تُشَارُه وتُمارُهُ».

والشُّرُّ ، بالضَّمّ : المَكْرُوهُ والعَيْبُ. حكى ابن الأَعرابيّ : قد قَبِلتُ عَطِيَّتَك ثم رَدَدْتُها عَلَيْكَ من غيرِ شُرِّكَ ولا ضُرِّكَ.

ثم فسّره ، فقال : أَي من غير رَدٍّ عليكَ ، ولا عَيْبٍ لكَ ، ولا نَقْصٍ ولا إِزْرَاءٍ.

وحكى يَعْقُوبُ : ما قلتُ ذاكَ لِشُرِّكَ ، وإِنما قُلْتُه لغيرِ شُرِّك ، أي ما قُلْتُه لشَيْ‌ءٍ تَكْرَهُهُ ، وإِنما قُلتُه لغيرِ شيْ‌ءٍ تَكْرَهُه. وفي الصّحاح : إِنما قلْتُه لغَيْرِ عَيْبِكَ.

ويقال : ما رَدَدْتُ هذا عليك من شُرٍّ به ، أَي من عَيْبٍ به ، ولكن (٢) آثَرْتُك بهِ ، وأَنشد :

عَيْنُ الدَّلِيلِ البُرْتِ من ذِي شُرِّهِ

أَي مِن ذِي عَيْبِه ، أَي من عَيْبِ الدَّلِيل ؛ لأَنّه ليس يُحْسِن أَن يَسِيرَ فيه حَيْرَةً.

والشَّرُّ ، بالفَتْح : إِبْلِيسُ ، لأَنّه الآمِرُ بالسُّوءِ والفَحْشَاءِ والمَكْرُوهِ. والشَّرُّ الحُمَّى. والشَّرُّ : الفَقْرُ. والأَشْبَهُ أَن تكونَ هذه الإِطلاقاتُ الثلاثةُ من المَجازِ.

والشَّرِيرُ ، كأَمِير : العَيْقَةُ ، وهو جانِبُ البَحْرِ وناحِيَتُه ، قاله أَبو حَنِيفَةَ (٣) ، وأَنشد للجَعْديّ :

فلا زَالَ يَسْقِيها ويَسْقِي بلادَهَا

من المُزْنِ رَجَّافُ يَسُوقُ القَوَارِيَا

يُسَقِّي شَرِيرَ البَحْرِ حَوْلاً تَرُدُّه

حَلائِبُ قُرْحٌ ثمّ أَصبَحَ غادِيَا

وفي رواية «سَقَى بشَرِيرِ البَحْرِ» و «تَمُدُّه» بدل «تَرُدُّه» (٤).

وقال كُراع : شَرِيرُ البَحْرِ : ساحِلُه ، مخفَّفٌ. وقال أبو عَمْرو : الأَشِرَّةُ واحدُهَا شَرِيرٌ : ما قَرُبَ من البحرِ.

وقيل : الشَّرِيرُ : شَجَرٌ يَنْبُتُ في البَحْرِ.

والشَّرِيرَةُ ، بهاءٍ : المِسَلَّةُ من حَدِيد.

وشُرَيْرَةُ ، كهُرَيْرَة : بِنْتُ الحَارِثِ بنِ عَوْف ، صحَابِيّة من بني تُجِيب ، يقالُ : إِنَّهَا بايَعَت ، خَطَبها رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأَبُو شُرَيْرَةَ : كُنْيَة جَبَلَةَ بنِ سُحَيْم ، أَحدِ التابِعِين.

قلت : والصّوابُ في كُنيتِه أَبو شُوَيْرَةَ ، بالوَاو ، وقد تَصَحّف على المصَنّفِ ، نبّه عليه الحافِظ في التبصير ، وقد سبق للمصنّف أَيضاً في س ور ، فتأَمَّل.

والشِّرَّةُ ، بالكسر : الحِرْص والرَّغْبَة والنّشَاط.

وشِرَّةُ الشّبابِ ، بالكسرِ : نَشَاطُه وحِرْصُه ، وفي الحديث : «لِكُلِّ عابدٍ شِرَّةٌ».

وفي آخر : «إِنّ لِهذا القرآنِ شِرَّةً ثم إِنّ للنّاسِ عنه فَتْرَةً».

والشِّرَارُ ، ككِتَاب ، والشَّرَرُ ، مثل جَبَل : ما يَتَطَايَرُ من النّارِ ، واحِدَتُهما بهاءٍ ، هكذا في سائرِ النُّسَخ التي بأَيْدينا ، قال شيخنا : الصّواب كسَحَاب ، وهو المعرُوف في الدّواوين وأَما الكسرُ فلم يوجد لغير المصنّف ، وهو خطأٌ ، ولذلك قال في المصباح : الشَّرَارُ : ما تَطَايَرَ من النّار ، الواحِدةُ شَرَارَة ، والشَّرَرُ مثلُه ، وهو مقْصُورٌ منه ، ومثله في الصّحَاح وغيره من أُمّهاتِ اللّغةِ.

وفي اللسان : والشَّرَرُ : ما تَطَايَرَ من النّار وفي التنزيل : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) (٥) واحدتُه شَرَرةٌ.

وهو الشَّرَارُ ، واحِدَتُه شَرَارَةٌ ، قال الشّاعر :

أَو كشَرَارِ العَلاةِ يضْربُها القَيْ

نُ علَى كُلِّ وَجْهِه (٦) تَثِبُ

وأَما سَعْدِي أَفندي في المُرْسلات ، وغيرُه من المُحَشِّين ، فإِنّهم تَبِعُوا المصنِّفَ على ظاهره ، وليس كما زعموا.

ويقال : شَرَّهُ يَشُرُّه شُرّاً ، بالضمّ ، أي من باب كَتَبَ ، لا

__________________

(١) بالأصل «تقاعسك» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : هو تقاعسك ، هكذا بخطه ، والذي في اللسان والنهاية : هو تفاعل من الشرا ه» وهو ما أثبتناه.

(٢) في التهذيب : ولكني.

(٣) في اللسان : وقال أبو حنيفة : الشرير مثل العيقة ، يعني بالعيقة ساحل البحر وناحيته.

(٤) وهي رواية التهذيب لصدر البيت.

(٥) سورة المرسلات الآية ٣٢.

(٦) التهذيب واللسان : وِجهة تثبُ.

١٧

أَنه بضمّ الشين في المَصْدَر (١) كما يتبادر إِلى الذهن : عابَه وانْتَقَصَه. والشُّرُّ : العَيْبُ.

وشَرَّ اللَّحْمَ والأَقِطَ والثَّوْبَ ونَحْوَه ، وفي بعض الأُصول : ونَحْوها ، يَشُرُّه شَرّاً ، بالفَتْح ، إِذا وَضَعَه على خَصَفَة ، وهي الحَصِيرَةُ ، أو غيرها ؛ ليَجِفَّ. وأَصل الشَّرِّ : بَسْطُك الشيْ‌ءَ في الشَّمْسِ من الثّيابِ وغيرِهَا ، قال الشّاعر.

ثَوْبٌ على قَامَةٍ سَحْلٌ تَعَاوَرَهُ

أَيْدِي الغَوَاسِلِ للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ

 ـ واستدرك شيخُنَا في آخر المادّة نقلاً من الرّوض ، شَرَرْتُ المِلْح : فَرَّقْتُه ، فهو مَشْرُورٌ ، قال : وليس في كلام المصنّف ، قلْت : هو داخِلٌ في قوله : ونَحْوه ، كما لا يَخْفَى ـ كَأَشَرَّهُ إِشْرَاراً ، وشَرَّرَهُ تَشْرِيراً ، وشَرّاهُ ، على تَحْويلِ التَّضعيف ، قال ثعلب : وأَنشد بعضُ الرُّواة للرّاعِي :

فأَصْبَحَ يَسْتَافُ البِلَادَ كَأَنَّهُ

مُشْرًى بأَطْرَافِ البُيُوتِ قَدِيدُها (٢)

قال ابن سيدَه : وليسَ هذا البيتُ للرّاعِي ، إِنّما هو للحَلَالِ ابنِ عمّه.

والإِشْرارَةُ ، بالكَسْر : القَدِيدُ المَشْرُورُ ، وهو اللَّحْمُ المُجَفَّفُ.

والإِشْرَارَةُ ، أَيضاً : الخَصَفَةُ التي يُشَرُّ عليها الأَقِطُ ، أي يُبْسط ليَجِفّ.

وقيل : هي شُقَّةٌ من شُقَق البَيْتِ يُشَرَّرُ عليها ، والجمْع أَشارِيرُ ، وقَوْلُ أَبي كاهِل اليَشْكُرِيّ :

لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لحْمٍ تُتَمِّرُه

من الثَّعَالِي (٣) ووَخْزٌ من أَرانِيهَا

يجوز أَن يُعنَى به الإِشْرَارَةُ من القَدِيدِ ، وأَن يُعْنَى به الخَصَفَةُ أو الشُّقَّة ، وأَرانِيها ، أي الأَرانِب ، وقال الكُمَيْتُ :

كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ حَوَلَ كِنَاسِه

أَشَارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسَا

قال ابن الأَعرابيّ : الإِشْرَارَةُ : صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عَلَيْهَا القَدِيدُ ، وجَمْعُهَا الأَشارِيرُ ، وكذلِك قال اللّيْثُ (٤).

والإِشْرَارَةُ أَيضاً : القِطْعَةُ العَظِيمَةُ من الإِبِلِ ؛ لانتشارِها وانْبِثاثِها.

وقد اسْتَشَرَّ ، إِذا صارَ ذا إِشْرارَة من إِبِل ، قال :

الجَدْبُ يَقْطَعُ عنكَ غَرْبَ لِسَانِه

فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيْتَهُ بَرْبَارَا

قال ابنُ بَرِّيّ : قال ثعلبٌ : اجتمعتُ مع ابن سَعْدان الرّاوِيَة ، فقال لي : أَسْأَلُكَ؟ قلت : نعم ، قال : ما مَعْنَى قَولِ الشَّاعِر. وذكرَ هذا البيت. فقلتُ له : المَعْنَى أَنّ الجَدْبَ يُفْقِرُه ويُمِيتُ إِبلَه ، فيقِلّ كَلَامُه ويَذِلّ ، وإِذا صارَت له إِشْرَارَةٌ من الإِبلِ صارَ بَرْبَاراً ، وكثُر كلامُه.

ومن المَجَاز : أَشَرَّه : أَظْهَرَهُ ، قال كَعْبُ بنُ جُعَيْل ، وقيل : إِنّه للحُصَيْن بن الحُمَامِ المُرِّيّ يَذكُر يوم صِفِّينَ :

فما بَرِحُوا حتَّى رَأَى الله صَبْرَهُم

وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المَصَاحِفُ

أَي نُشِرَتْ وأُظْهِرَتْ ، قال الجَوْهَرِيّ والأَصْمَعِيّ : يُرْوَى قولُ امرِئِ القَيْسِ :

تَجَاوَزْتُ أَحْرَاساً إِليها ومَعْشَراً

عَليَّ حِرَاصاً لوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِي

على هذا ، قال : وهو بالسِّينِ أَجْوَدُ ، قلْت : وقد تَقَدَّم في مَحَلِّه.

وأَشَرَّ فُلَاناً : نَسَبَه إِلى الشَّرِّ ، وأَنكره بعضُهم ، كذا في اللِّسَان ، وقال طَرَفَةُ :

فمَا زالَ شُرْبِي الرّاحَ حتَّى أَشَرَّنِي

صَدِيقِي وحَتَّى ساءَنِي بعضُ ذلِكَا

__________________

(١) كذا ، وقد ضبطنا «شُرّاً» بضم الشين كما وردت في القاموس.

(٢) ديوانه ص ٩٦ من قصيدة يجيب خنزر بن أرقم ، وانظر تخريجه فيه ، وفيه «الغلاة» بدل «البلاد».

(٣) في المطبوعة الكويتية : السَّعالي ، ويعني بالوخز الخطيئة بعد الخطيئة أو الشي‌ء بعد الشي‌ء ، يعني أنها معدودة.

(٤) عبارة الليث ـ كما في التهذيب ـ شي‌ء يبسط للشي‌ء يجفف عليه من أقطٍ وبُرّ.

١٨

والشَّرّانُ ، ككَتّان ، دَوَابُّ كالبَعُوضِ (١) يَغْشَى وَجْهَ الإِنسان ولا يَعَضُّ ، وتُسمِّيه العَربُ الأَذَى ، واحدَتُها شَرّانَةٌ ، بهاءٍ ، لغةٌ لأَهْلِ السّوادِ ، كذا في التهذيب.

والشَّرَاشِرُ : النَّفْسُ ، يقال : أَلْقَى عليه شَرَاشِرَه ، أَي نَفْسَه ، حِرْصاً ومحَبَّة ، كما في شَرْح المصنِّف لديباجَةِ الكشّاف ، وهو مجَازٌ.

والشَّرَاشِرُ : الأَثْقَالُ ، الواحد شُرْشُرَةٌ (٢) ، يقال : أَلْقَى عليه شَرَاشِرَهُ ، أَي أَثْقَالَه.

ونقلَ شيخُنا عن كشْفِ الكَشّاف : يقال : أَلْقَى عليهِ شَرَاشِرَه ، أَي ثَقْلَه وجُمْلته ، والشَّراشِرُ : الأَثقال ، ثم قال : ومن مَذْهَبِ صاحب الكَشّاف أَن يَجْعَلَ تَكَرُّر الشيْ‌ءِ للمُبَالَغَةِ ، كما في زَلْزَلَ ودَمْدَم ، وكأَنَّه لِثقَلِ الشَّرِّ في الأَصل ، ثم استعمل في الإِلْقاءِ بالكليّة شَرّاً كان أَو غيره. انتهى.

قال شيخُنا : وقوله ومن مذْهب صاحبِ الكَشّاف إِلى آخرِه ، هو المشهور في كلامه ، والأَصل في ذلك لأَبي عليِّ الفارسِيّ ، وتلميذِه ابن جِنِّي ، وصاحبُ الكَشّاف إِنما يَقْتدي بهما في أَكثر لُغَاتِه واشتقاقاتِه ، ومع ذلك فقد اعترضَ عليه المصنِّف في حَوَاشِيه على دِيبَاجَةِ الكَشّاف ، بأَن ما قاله غيْرُ جَيِّد ؛ لأَنّ مادة شرشر ليست موضوعة لضِدِّ الخَيْرِ ، وإِنّمَا هي موضوعة للتَّفَرُّقِ والانتشار ، وسُمِّيَت الأَثقال لتفرّقِهَا. انتهى.

والشَّراشِرُ : المَحَبَّة ، وقال كُراع : هي مَحَبَّةُ النَّفْس.

وقيل : هي جَمِيعُ الجَسَدِ وفي أَمثالِ الميدانيّ : «أَلقَى عليه شَرَاشِرَهُ وأَجْرانَه وأَجْرَامَه» كُلُّهَا بمعنًى.

وقال غيره : أَلقى شَرَاشِرَه : هو أَن يُحِبَّه حتَّى يَسْتَهْلكَ في حُبِّه.

وقال اللِّحْيَانيّ : هو هَوَاهُ الذي لا يُريدُ أَن يَدَعَه من حاجتِه ، قال ذو الرُّمَّة :

وكائنْ تَرَى من رَشْدَة في كَرِيهَةٍ

ومنْ غَيَّةِ تُلْقَى عليها الشَّرَاشرُ

قال ابنُ بَرّيّ : يُريدُ : كم تَرَى من مُصِيب في اعتقادِ ورَأْي ، وكم تَرَى من مُخْطِئ في أَفْعَاله وهو جادٌّ مجتهدٌ في فِعْلِ ما لا يَنْبَغِي أَن يُفْعَلَ ، يُلْقِي شَراشِرَه على مَقَابِحِ الأُمورِ ، ويَنْهمِكُ في الاستكْثَارِ منها. وقال الآخَرُ :

ويُلْقَى عليهِ كلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ

شَرَاشِرُ من حَيَّىْ نِزَار وأَلْبُبُ (٣)

الأَلْبُبُ : عُروقٌ مُتَّصِلَة بالقلْب ، يقال أَلقَى عليه بَنَاتِ أَلْبُبِه (٤) إِذا أَحبّه ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :

وما يَدْرِي الحَرِيصُ عَلَام يُلْقِي

شَرَاشِرَه أَيُخْطئُ أَم يُصِيبُ

والشَّرَاشِرُ من الذَّنَب. ذَبَاذِبُه أَي أَطرَافُه ، وكذا شَراشِرُ الأَجنحة : أطرافُها ، قال :

فَقَويْنَ (٥) يسْتَعْجِلْنَه ولَقِينَه

يَضْرِبْنَه بشَرَاشِرِ الأَذْنابِ

قالوا : هذا هو الأَصلُ في الاستعمال ، ثمّ كُنِيَ به عن الجُملة ، كما يقال أَخَذَه بأَطْرافِه ، ويمَثّل به لمن يَتَوَجَّه للشيْ‌ءِ بكُلِّيَّته ، فيقال : أَلْقَى عليه شَرَاشِرَه ، كما قاله الأَصمعيّ ، كأَنَّه لَتَهَالُكِه طَرَحَ عليه نَفْسَه بكلِّيَّتِه ، قال شيخُنَا ـ نقلاً عن الشهاب ـ وهذا هو الذي يَعْنُون في إِطْلاقه ، ومُرَادُهم : التَّوَجُّهُ ظاهراً وباطناً ، الواحدة شُرْشُرَةٌ ، بالضّم ، وضبطه الشِّهاب في العِنَايةِ في أَثناءِ الفاتحة بالفَتْحِ ، كذا نقله شيخُنا.

وشَرَاشِرُ ، بالفتح : ع.

وشَرْشَرَه : قَطَّعَه وشَقَّقَهُ ، وفي حديث الرُّؤْيَا : «فيُشَرْشِرُ بشِدْقِه (٦). إِلى قَفَاه».

قال أَبو عبيد : يعني يُقَطِّعه ويُشَقّقُه ، قال أَبو زُبَيْد يصفُ الأَسَدَ :

يَظَلُّ مُغِبَّا عندَه مِن فَرَائِسٍ

رُفَاتُ عِظَامٍ أَو عَرِيضٌ مُشَرْشَرُ

__________________

(١) التهذيب : شبه البعوض.

(٢) الأصل والصحاح واللسان بضم المعجمتين ، وبهامش اللسان : «وضبطه الشهاب في العناية بفتحهما» وسيرد قوله قريباً.

(٣) في الصحاح ونسبه للكميت وصدره فيه :

وتلقى عليه عند كل عظيمةٍ

(٤) عن اللسان ، وبالأصل «ألبب».

(٥) في الأساس : «فعوين» ، نسب البيت لابن هرمة.

(٦) عن اللسان ، وبالأصل «شدقه».

١٩

وقيل : شَرْشَر الشَّيْ‌ءَ ، إذا عَضَّه ثمّ نَفَضَه.

وشَرْشَرَتْه الحَيَّةُ : عضَّتْ (١).

وشَرْشَرَت الماشِيَةُ النَّبات : أَكَلَتْه ، أَنشد ابنُ دُرَيْد لجُبَيْها الأَسَدِيّ (٢) :

فلَوْ أَنَّهَا طافَتْ بنَبْت مُشَرْشَر

نَفَى الدِّقَّ عنه جَدْبُه وهُو كالِحُ (٣)

وشَرْشَرَ السِّكِّينَ : أَحَدَّها على الحجَرِ* حتى يَخْشُن حَدُّها.

والشُّرْشُورُ ، كعُصْفُور : طائِرٌ صَغِيرٌ ، قال الأَصْمَعِيّ : يُسَمّيه أَهلُ الحِجَازِ هكذا ، ويسمّيه الأَعْرابُ البِرْقِشَ ، وقيل : هو أَغْبَرُ على لَطافَةِ الحُمَّرَةِ ، وقيل : هو أَكبرُ من العُصفورِ قليلاً.

والشِّرْشِرَةُ ، بالكسرِ : عُشْبَةٌ أَصغَرُ من العَرْفَجِ ، ولها زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ ، وقُضُبٌ ووَرقٌ ضِخَامٌ غُبْرٌ ، مَنبِتُها السَّهْلُ ، تَنْبُتُ مُتفَسِّحَة ، كأَنّها (٤) الحبالُ طُولاً ، كقِيس الإِنسانِ قائِماً ، ولها حَبٌّ كحَبِّ الهَرَاسِ ، وجَمْعُها شِرْشِرٌ ، قال :

تَرَوَّى من الأَحْدَاثِ حتّى تَلاحَقَتْ

طَرَائِفُه (٥) واهْتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ

وقال أَبو حنيفَةَ عن أَبي زِيَاد : الشِّرْشِرُ يذْهَبُ حِبَالاً على الأَرْضِ طُولاً ، كما يَذْهَبُ القُطَبُ ، إِلّا أَنّه ليس له شَوْكٌ يُؤذِي أَحَداً ، وسيأْتِي قريباً في كلام المصنّف ، فإِنه أَعادَه مرّتَيْن زَعْماً منه بأَنّهما مُتَغَايِرَانِ ، وليس كذلك.

والشِّرْشِرَةُ ، بالكَسْرِ : القِطْعَةُ من كلِّ شيْ‌ءٍ.

وشُرَاشِرٌ ، بالضّم ، وشُرَيْشِرٌ ، كمُسَيْجِد ، وشُرَيْشِيرٌ ، كمُحَيْرِيب ، وشَرْشَرَةُ ، بالفَتْح ، أَسماءٌ ، وكذا شَرَارَةُ ، بالفتح ، وشِرْشِيرٌ.

وشُرَيْرٌ كزُبَيْرٍ : ع على سبعة أَميال من الجَارِ (٦) ، قال كُثَيِّر عَزَّةَ :

دِيَارٌ بأَعْناءِ الشُّرَيْرِ كأَنَّمَا

عليهنَّ في أَكْنافِ عَيْقَةَ شِيدُ

كذا في اللّسَان ، ونقل شيخُنَا عن اللّسان أَنه أُطُمٌ من الآطامِ ، ولم أَجده في اللسان. ونقل عن المراصد أَنه بديارِ عبدِ القَيْس (٧) ، قلْت : ونقل بعضُهم فيه الإِهمال أَيضاً ، وقد تقدّم الإِيماءُ بذلك.

وشَرَّى (٨) ، كحَتَّى : ناحِيَةٌ بهَمَذَانَ ، نقله الصاغانيّ.

وشَرَوْرَى (٩) : جَبَلٌ لبَنِي سُلَيْم مُطِلٌّ على تَبُوك في شَرْقيّها ، ويُذْكَر مع رَحْرَحانَ ، وهو أَيضاً في أَرضِ بني سُلَيْمٍ بالشام.

والمُشَرْشِرُ ، كمُدَحْرِج : الأَسَدُ ، من الشَّرْشَرَةِ ، وهو عَضُّ الشْي‌ءِ ثم نفْضُه ، كذا قاله الصّاغانيّ.

وعن اليَزِيدِيّ : شَرَّرَه تَشْرِيراً : شَهَرَه في النّاسِ.

وقيل للأَسَدِيَّةِ ، أَو لبعضِ العَرَبِ : ما شَجَرَةُ أَبيك؟

فقال : قُطَبٌ وشرْشرٌ ، ووَطْبٌ جَشِرٌ.

قال : الشَّرْشَرُ خيرٌ من الإِسْلِيخ (١٠) والعَرْفَجِ. قال ابن الأَعرابيّ : ومن البُقُول الشَّرْشَرُ ، هو بالفَتْح ويُكْسَرُ.

وقال أَبو حنيفة ـ عن أَبي زياد ـ الشِّرْشِرُ : نَبْتٌ يَذْهَبُ حِبَالاً على الأَرْضِ طُولاً ؛ كما يَذْهب القُطَبُ ، إِلّا أَنّه ليس له شَوْكٌ يُؤْذِي أَحداً.

وقال الأَزهريّ : هو نَبْتٌ معروفٌ ، وقد رأَيتُه بالباديةِ

__________________

(١) اللسان : عضّته.

(٢) البيت في المؤتلف والمختلف للآمدي ص ٧٨ من قصيدة لجبهاء الأشجعي ، انظر تمام نسبه عنده ، وروايته :

ولو أنها ظلت بساس معجم

نفى الرعى عنه رقه وهو كالح

فلا شاهد فيه.

(*) في القاموس : على حجر.

(٣) الدق : ما دقّ من النبات وصغر. وكالح : لا ورق له إنما هو عيدان. عن الآمدي.

(٤) اللسان : كأن أفناءها حبالاً طولاً.

(٥) اللسان : طرائقه.

(٦) الذي في معجم البلدان : السُّرَير : تصغير السر ... والسُّرَير أيضاً : موضع بقرب الجار. وفيه : الشَّرير : موضع في ديار عبد القيس ، عن نصر.

(٧) كذا ، ولم يرد في المراصد ، انظر الحاشية السابقة.

(٨) في معجم البلدان «شَرّا».

(٩) قيدها في معجم البلدان بتكرير الراء ، وهو فَعَوْعل كما قال سيبويه في قرورى وحكمه حكمه.

(١٠) في التهذيب واللسان : الإسليح ، بالحاء المهملة.

٢٠