سلمان الفارسي في مواجهة التحدّي

السيد جعفر مرتضى العاملي

سلمان الفارسي في مواجهة التحدّي

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : التراجم
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٣

١

٢
٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الموفق للصواب ، وأفضل الصلاة وأتم التحية على محمد وآله الاطياب ، وعلى من أخلص الطاعة لهم من الأصحاب.

وبعد : فان الناظر في تاريخ نبينا الأعظم وأهل بيته عليه عليهم أفضل الصلاة يخلص الى قضية وهي : ان كل واحد من هذه الشخصيات الربانية كان بمثابة الشمس الساطع تحيط بها لكواكب لمتكاثرة تستمد من فيض شعاعها ما تعكسه على المتحيرين من البشر زخك يسيرون في حنادس هذه الدنيا المظلمة ، كما قال تعالى : « وبالنجم هم يهتدون ».

ومن نجوم الهداية الزاهرة التي استنارت من منبعي النور النبوي والولوي سلمان الفارسي الذي كان بحق محمديا في أخلاقه وسرته وحسن جديلته.

وقد تفضل سماحة المحقق والعلامة المدقق صاحل التصانيف المعرف السيد جعفر مرتضى العاملي ـ رفع الله شانه ـ بكتابة مستفيضة سلط فيها الأضواء على هذه الشخصية الفذة من جميع جوانبها ، مجليا للمبهمات التي علقت بحياته لكريمة.

وقد تصدت مؤسستنا ـ ولله الحمد ـ لطبع هذا السفر المبارك ونشره وتقديمه للقراء الكرام ، سائلين الله ان يوفق الجميع لما فيه رضا وخدمة الدين انه نعم المولى ونعم المعين.

مؤسسة النشر الاسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

٤

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين ، والصلاة السلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين.

وبعد فان هذا الذي نقدمه بين يدي القاريء ليس كتابا ، اريد له ان تتكامل فصوله ، وتتشابك مطالبه ، وتنسجم مباحثه.

وانما هو بحوث ، أو بالاحرى مطالب ربط فيما بينها ، نفس ذلك الذي أثارها ، أعني سلمان المحمدي ( الفارسي ) رضي الله تعالى عنه ، وسلام منه عليه وبركات.

ولانريد : ان نطيل على القاريء الكريم في تاريخ ربما لايهتم بأمره كثيرا .. فان الحقيقة هي : ان هذه مجموعة مطالب كتبت في باديء الامر ، لتكون جزءا من كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبالتحديد لتكون جانبا من الجزء الخامس منه ، والذي لايزال قيد الاعداد.

ولكن .. حين اتضح لدينا : ان هذه المطالب قد اتسعت تضخمت ، وأصبحت تشغل حيزا كبيرا من كتاب : الصحيح ، يجعله يخرج عن حالة التناسق ، الانسجام ، ولو بمستوى الحد الأدنى منه ، ـ فاننا ـ لم نجد مناصا م افرادها عنه ، لتقدمها على شكل كتاب ( أو كتيب ) مستقل عنه. على أمل ان يغض الاخوة القراء والباحثون الطرف عن الهنات ، التي ألمحنا اليها آنفا ، فلربما يجدون عوضا عنها بعضا من القيمة ، في جوانب أخرى منه ، لعلهم سوف يرتاحون لاثارتها ، تعجبهم المبادرة لمعالجتها.

ومهما يكن من أمر .. فاننا نقدم هذه البضاعة الزجاة اليهم ، وقد تقدمنا بالعذر على مايجدونه فيها من تقصير أو قصور .. فان الكمال لله وحده ، وهو ولينا .. وهو الهادي الى سواء السبيل.

قم المشرفة ـ ٢٤/شهر رجب/١٤٠٩ هـ ق ١٢/اسفند/١٣٦٧ هـ. ش

جعفر مرتضى العاملي

٥

الباب الاُوّل :

فصول من حياة سلمان

٦

٧

الفصل الاُوّل :

سلمان المحمّدي

في سطور ..

٨
٩

بداية :

إن دراسة حياة الأفذاذ من الرجال ، إنّما تصبح ضرورة ملحة ، حينما تكون فرصة لاستيعاب كثير من المعاني البناءة ، وللتعرف على حقائق الحياة ، والوقوف على عميق أسرارها ، من خلال دراسة فكر ورؤية ، ثم حركة وموقف هؤلاء القمم ؛ ليكون ذلك رافداً ثرّاً للجانب العاطفي ، ومسهماً في تعميق الوعي العقيدي ، المهيمن على هذا الانسان في كل شؤونه ، ومختلف أحواله وأطواره ..

وليس ضرورياً دراسة حياة أي كان من الناس ، إذا كانت هذه الدراسة تنطلق من مبدأ عبادة الاشخاص ، وتسمح للانسان بالانسياق في متاهات التعظيم والتبجيل لهم دون هدف ، وبلا ضابطة ، أو معيار .. سوى إرضاء الهوى ، والاستجابة إلى النزعات التي ، لا تسمو بالانسان ، ولا هي تمنحه الفرصة ليسمو هو بها على الاُقل ..

بل هي تكبله بما شاءت من قيود ، وحدود ، وتشده إلى الاُرض ؛ ليخلد إليها. وليتعامل ـ من ثم ـ مع كل شيء ، بنظرة ضيقة ، وعقلية متحجرة ، وروح ممسوخة ، وقاسية ، وحتى حاقدة أيضاً .. وليواجهك ـ من ثم ـ بكل الأساليب الملتوية ، والممارسات الخاطئة ، والمواقف المهزوزة ، والمشينة في كثير من الأحيان ..

١٠

دراستنا لسلمان المحمّدي :

ومن هنا .. فاننا لن نسمح لدراستنا لحياة سلمان المحمّدي ، أن تتخذ إلا طابع الاستفادة من التجربة الفاضلة ، لتسمو بنا ، ونسمو نحن بها ، لتكون ربيعاً لنا نتخير من أزهاره ، ونجني من أثماره ، ونلتذ بأفانين تغريد أطياره.

ونكون نحن لها التجسيد الحي ، والنموذج الفذ ، والمثل الاُعلى ..

ولكننا .. إذ نؤمن بأن قضايا التاريخ ، مما لا يمكن حسم الاُمر فيها ، بسهولة ، الاُمر الذي يتخذ صفة الضرورة ، قبل أن يمكن استيحاء العبرة والفكرة من أية قضية .. فاننا وجدنا أنفسنا تائهين في آفاق التحقيق والتقصي ، لا نكاد نلتفت إلى انفسنا ، ولا أن نعي موقعنا حتى يشدنا تيار تحقيقي آخر إليه ، لنصبح ـ من ثم ـ أسرى بين يديه ..

ولأجل ذلك .. فقد أصبح من الطبيعي أن نقدم دراسة تكاد تكون متمحضة في هذا الاتجاه ، لولا لفتات هنا ، ولمحات ولمعات هناك ..

ولكننا قبل أن نقدم إلى القارىء الكريم حصيلة تلك الجولة نود أن نقدم إليه باقة من حياة سلمان ، على شكل معلومات أولية ، من دون ذكر مصادر لها فعلاً (١).

ما دمنا نشعر بالحاجة إلى التعرف ـ نسبياً ـ على بعض مفاصل حياته رضوان الله وسلامه عليه .. فنقول :

معلومات أولية :

اسمه : سلمان.

__________________

(١) ويكفي للإطلاع على جانب من حياته رحمه‌الله مراجعة كتاب بحار الاُنوار وكتاب سفينة البحار ، وكتاب نفس الرحمان في فضائل سلمان.

١١

كنيته : أبو عبدا‏لله ، أو أبو الحسن ، أو أبو إسحاق.

ولادته : لا مجال لتحديدها.

وفاته : سنة أربع وثلاثين للهجرة.

عمره : قيل : عاش ثلاث مائة سنة ، وقيل : أقل ، وقيل : أكثر.

بلده : جي (قرية في اصفهان). وقيل : إنه من رامهرمز ، من فارس.

محل دفنه : المدائن .. بلد قرب بغداد ، فيه قبره رحمه‌الله ، وقبر حذيفة بن اليمان ..

أبوه : كان أبوه دهقان أرضه.

عداده : وهو يعدّ من موالي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وكان قد تداوله بضعة عشر رباً ، حتى أفضى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وكان قد قرأ الكتب في طلب الدين.

حرفته : كان يسفّ الخوص ، ويبيعه ويأكل منه ، وهو أمير على المدائن.

اسلامه : عدّ في بعض الروايات هو وعلي عليه‌السلام من السابقين الاولين. كما قال ابن مردويه ويقال : بل اسلم أوائل الهجرة ، كما سيأتي.

مشاهده : روي : أنه شهد بدراً وأحداً ، ولم يفته بعد ذلك مشهد.

عطاؤه : خمسة آلاف ، وكان يتصدق به ، ويأكل من عمل يده.

بيت سكناه : لم يكن له بيت يسكن فيه ، إنما كان يستظل بالجدر والشجر ، حتى أقنعه البعض بأن يبني له بيتاً ، إن قام أصاب رأسه سقفه ، وإن مدّ رجليه أصابهما الجدار.

من خصائص سلمان :

قد عرفنا من بيت سكناه ومن حرفته ، ومما يصنعه بعطائه زهد سلمان ، وعزوفه عن الدنيا ، ولا نريد استقصاء ذلك هنا أكثر من ذلك ..

١٢

وقد وصفه البعض بأنه : كان خيراً فاضلاً ، حبراً عالماً ، زاهداً ، متقشفاً (١). وكانت له عباءة يفرض بعضها ، ويلبس بعضها ...

كان يحب الفقراء ويؤثرهم على أهل الثروة والعدد.

وكان ـ حسبما يقال : يعرف الاسم الاعظم.

وكان من المتوسمين.

والايمان عشر درجات ، وكان سلمان في الدرجة العاشرة.

وكان يحب العلم والعلماء.

إن سلمان ـ حسبما روي عن الامام الصادق عليه‌السلام ـ كان عبداً صالحاً ، حنيفاً ، مسلماً ، وما كان من المشركين. وفي حديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تغلّطنّ في سلمان ، فان الله تبارك وتعإلى أمرني ان اطلعه على علم البلايا والمنايا والانساب ، وفصل الخطاب ..

وقد أدرك العلم الأول والآخر ، وهو بحر لا ينزف.

وقد أخبر عن مصارع الشهداء في كربلاء ، وعن أمر الخوارج ...

منزلته ومقامه :

بعض ما سبق يشير إلى علو مقامه ، وسامق منزلته ، ولا نرى أننا بحاجة إلى المزيد ، ولكننا مع ذلك نقول :

قال صاحب الاستيعاب : لقد روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من وجوه ، أنه قال :

لو كان الدين عند الثريا لنا له سلمان.

قال : وقد روينا عن عائشة ، قالت : كان لسلمان مجلس من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينفرد به بالليل ، حتى يكاد يغلبنا على رسول الله

__________________

(١) الاستيعاب بهامش الاصابة ج ٢ ص ٥٨ ، وسفينة البحار ج ١ ص ٦٤٧.

١٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ حسبما سيأتي ـ : سلمان منّا أهل البيت.

وعن الصادق عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه يحدثان سلمان بما لا يحتمله غيره ، من مخزون علم الله ، ومكنونه.

ويأتيه الأمر : يا سلمان ، إئت منزل فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانها اليك مشتاقة ، تريد أن تتحفك بتحفة قد اتحفت بها من الجنة ..

وعلمته صلوات الله وسلامه عليها أحد الادعية أيضاً ..

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سلمان منّي ، ومن جفاه فقد جفاني ، ومن آذاه فقد آذاني الخ.

وقال الصادق عليه‌السلام لمنصور بن بزرج ـ حسبما روي ـ : لا تقل : سلمان الفارسي ، ولكن قل : سلمان المحمّدي.

من لطائف الاشارات :

ونذكر من لطائف الاشارات ، وطرائف الاحداث :

ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد آخى بين سلمان ، وأبي ذر ، وشرط على أبي ذر : أن لا يعطي سلمان ..

ومع أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان قد رفض تزويج سلمان بشكل أو بآخر ، وصدر منه التعبير عن هذا الرجل الفذ : بـ « الطمطماني ».

فانه ـ لاسباب معينة ، قد ولاه المدائن ، كما سنرى إن شاء الله تعالى ..

__________________

(١) الاستيعاب هامش الاصابة ج ٢ ص ٥٩ وسفينة البحار ج ١ ص ٦٤٨.

١٤

ويقال : إن تاج كسرى وضع على رأس سلمان ، عند فتح فارس ، كما قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وحين زفاف فاطمة ، ركبت فاطمة عليها‌السلام بغلة النبيّ الشهباء ، وأمر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سلمان أن يقودها ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسوقها.

وكان سلمان رحمه‌الله أحد الذين بقوا على أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته ..

وكان رحمه‌الله من المعترضين على صرف الاُمر عن علي أمير المؤمنين إلى غيره ، وله احتجاجات على القوم في هذا المجال ، هو وأبي بن كعب رحمه‌الله.

وفاة سلمان :

وحين توفي سلمان تولى غسله وتجيزه ، والصلاة عليه ودفنه علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وقد جاء من المدينة إلى المدائن من أجل ذلك. وهذه القضية من الكرامات المشهورة لأمير المؤمنين عليه الصلاة.

وقد نظم أبو الفضل التميمي هذه الحادثة ؛ فقال :

سمعت مني يســيراً من عجائبه

وكل أمر عليٍ لم يزل عــجبا

أدريت في ليلة سار الـوصي إلى

أرض المدائن لما أن لـها طلبا

فألحد الطهر سلمانـاً ، وعـاد إلى

عراص يثرب والاصباح ما قربا

كآصف لـم تـقل أ انـت بـلى

أنا بـحيدر غـال أورد الكـذبا

سمعت مني يســيراً من عجائبه

وكل أمر عليٍ لم يزل عــجبا

لعل الصحيح :

(فأنت في آصف لم تغل قلت بلى

أنا بحيدر غال ، إن ذا عجباً)

إن كان أحمد خـير المرسلين فذا

خي الوصيين ،أو كل الحديث هبا

__________________

(١) لعل الصحيح : يخرق.

١٥

وقلت ما قلت من قول الغلاة فما

ذنب الغلاة إذا قالوا الذي وجبا (١)

المستنصر بالله ، وابن الأقساسي :

ويذكر هنا : أن الخليفة العباسي ، المستنصر بالله ، خرج يوماً إلى زيارة قبر سلمان رحمه‌الله ، ومعه السيد عزالدين ابن الاقساسي.

فقال له الخليفة في الطريق : إن من الاكاذيب : ما يرويه غلاة الشيعة من مجيء علي بن أبي طالب عليه‌السلام من المدينة إلى المدائن لما توفي سلمان ، وتغسيله إياه ، ومراجعته في ليلته إلى المدينة.

فأجابه ابن الاقساسي ، فقرأ له الابيات المتقدمة :

انكرت ليلة إذ جاء الوصي إلى

أرض المدائن لما أن لها طلبا

الابيات (٢).

والظاهر هو ان ابن الاقساسي قد استشهد بالابيات المذكورة ؛ لاُن المستنصر بالله إنما ولد في سنة ٥٨٩ هـ أي بعد وفاة ابن شهرآشوب بسنة واحدة (٣).

ختام :

كانت تلك باقة رائقة ، إخترناها من آلاف الازاهير الفيحاء ، المنتشرة في واحات خمائله الغناء.

ولعل فيما صرفنا النظر عنه الكثير مما هو أعطر وأزكى ، ولعل فوّاح أريجه كان أطيب ، وابهج وأذكى ..

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ج ٢ ح٣٠٢.

(٢) راجع : مجالس المؤمنين ج ١ ص ٥٠٧. وراجع أيضاً : هامش البحار ج ٩٩ ص ٢٧٩/٢٧٨.

(٣) راجع أيضاً : هامش البحار ج ٩٩ ص ٢٧٩.

١٦

ولعل القاريء يجد في بعض ما يأتي من فصول هذا الكتاب بعض ما صفا من جواهره ، ونماذج مما راق من لآلئه ..

ونستميح القاريء العذر على التقصير ، فان الإطاحة بكل ذلك مما يخرج عن حدود الطاقة ، ويجلّ عن الوسع ، ويأبى عن الاحاطة ، فلا محيص لنا عن الاقتصار على ما يسمح لنا به الوقت ، وأتاحته لنا الفرصة. فإلى ما يلي من فصول ومطالب ..

١٧

الفصل الثاني :

حديث الاسلام والحرية

١٨
١٩

حديث إسلام سلمان :

في السنة الاولى من الهجرة وبالذات في جمادى الاولى منها ، ـ كما قيل (١) ـ كان اسلام سلمان المحمّدي ، المعروف بسلمان الفارسي ، رحمه‌الله ، ورضي عنه ، وحشرنا معه وفي زمرته ، والذي كان قد هاجر من بلاده وتحمل المشاق الكثيرة ، والمصاعب الكبيرة ، حتى لقد ابتلى بالرق وذلك في سبيل طلب الدين الحق ، فهداه الله إليه ، وكانت له المنة في ذلك عليه.

وحكاية كيفية وصوله إلى المدينة ، وما جرى عليه قبل ذلك ، طويلة ، وفيها شيء من الاختلاف ، ولسنا هنا بصدد التحقيق في هذا الاُمر ..

ولكن ما لا شك فيه هو : أنّه قد استرقوه في سبيل ذلك ، وأخذ إلى منطقة الحجاز ، وبالتحديد إلى المدينة ، ويقال : مكة ، أو وادي القرى ، ثم انتهى امره إلى المدينة.

وكان قد عرف : ان نبياً سيخرج ، وأنه لا يأكل الصدقة ، ويأكل الهدية ، وبين كتفيه خاتم النبوة ، فحينما.

التقى بالنبي (ص) في قباء قدّم إليه رطباً على أنها صدقة ؛ فلاحظ : أن النبيّ (ص) قد أمر أصحابه بأن يأكلوا ، ولم يأكل هو ؛ لاُنها صدقة.

فعدها سلمان واحدة.

__________________

(١) راجع : الخميس ج ١ ص ٣٥١.

٢٠