سلمان الفارسي في مواجهة التحدّي

السيد جعفر مرتضى العاملي

سلمان الفارسي في مواجهة التحدّي

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : التراجم
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٣

١٢ ـ الإرث :

قد أشير في الرسالة السابقة إلى أن عمر بن الخطاب قد قرر : أن العرب يرثون العجم والموالي ، ولا يرث هؤلاء اولئك ..

ولا يقتصر نقل ذلك عنه على ذلك النص ، فقد صرحوا بقولهم :

أبى عمر : أن يورِّث أحداً من الاعاجم إلا أحداً ولد في العرب (١) زاد رزين : أو امرأة جاءت حاملاً ؛ فولدت في العرب .. (٢).

وهو قول عثمان وعمر بن عبدالعزيز أيضاً (٣).

١٣ ـ تقليم أظفار العجم :

وكان ثابت بن قرة الحراني الصابي الفيلسوف يقول : « فضلت امة النبيّ العربي على جميع الامم الخالية بثلاثة لا يوجد في من مضى مثلهن :

بعمر بن الخطّاب في سياسته ؛ فانه قلّم أظفار العجم ، ولطف في ايالة العرب ، وتأتى لتدبير الحروب ، وأشبع لبطون العرب » (٤).

١٤ ـ الحمراء والتجارة :

« .. وفي العتيبة : قال مالك : قال عمر بن الخطاب : عليكم بالتجارة ، لا تفتنكم هذه الحمراء على دنياكم. قال اشهب : كانت قريش تتجر ، وكانت العرب تحقر التجارة.

__________________

(١) الموطا ج ٢ ص ٦٠ والغدير ج ٦ ص ١٨٧ عنه. وبداية المجتهد ج ٢ ص ٣٥١ وراجع : المصنف للصنعاني ج ١٠ ص ٣٠٠ و ٣٠١ وعن كنز العمال ج ٦ ، وتيسير الوصول ج ٢ ص ١٨٨.

(٢) تيسير الوصول ج ٢ ص ١٨٨.

(٣) بداية المجتهد ج ٢ ص ٣٥١ وراجع : المصنف للصنعاني ج ١٠ ص ٣٠٠ و ٣٠١ عن عثمان وعمر وراجع : كنز العمال ج ٦.

(٤) البصائر والذخائر ج ١ ص ١٩٥.

١٤١

والحمراء يعني : الموالي.

وفي المدخل لابن الحاج : ورد أن عمر بن الخطاب دخل السوق في خلافته ؛ فلم يرفيه في الغالب إلاّ النبط ، فاغتم لذلك ؛ فلما أن اجتمع الناس أخبرهم بذلك ، وعذلهم في ترك السوق ؛ فقالوا : إن ا‏ اغنانا عن السوق ، بما فتح به علينا ، فقال (رض) : وا‏لله لئن فعلتم ليحتاج رجالكم إلى رجالهم ، ونساؤكم إلى نسائهم » (١).

هذه نظرة عمر إلى الموالى ، وهذا هو رأيه فيهم. بل لقد منعهم حتى من دخول السوق! فقدر روي عنه : أنه قال : لا يدخل الاعاجم سوقنا حتى يتفقهوا في الدين (٢).

ولا ندري إن كان قد اشترط على العرب أيضاً هذا الشرط أم لا؟

بل ان الظاهر من رواية العتيبة ، وابن الحاج : أنه كان لا يرغب في ان يرى الموالي في السوق ، يتجرون ، ويحصلون على المال دون العرب ؛ فموقفه نابع من حبه الخير للعرب ، دونهم. وقد رأينا فيما سبق كيف فضل العرب عليهم ، في العطاء ، وفي الزواج ، وفي ما سوى ذلك من امور.

وخطب عمر في الجابية ، فكان مما قال : « واياكم وأخلاق العجم .. إلى أن قال : واياكم أن تكسبوا من عقد الاعاجم ، بعد نزولكم في أرضهم. إلخ » (٣).

وأخيراً .. فان ولده عبدا‏ ، الذي كان معجباً بأبيه ، ومتأثراً به الى حد بعيد ـ قد ورثه في احتقاره لغير العرب ، فقد روي : أنه مرّ على زنجي ؛ فقال له : السلام عليك يا جُعَل (٤).

وبعد كل ما تقدم يتضح : ان ما روي من أن عمر بن الخطاب قد لام أبا موسى ، لانه حين قدم عليه قوم أعطى العرب منهم وترك الموالي (٥) انما هو لان عدم

__________________

(١) التراتيب الادراية ج ٢ ص ٢٠ وذكر في ص ٢١ نصوصاً اُخرى : فلتراجع.

(٢) الترايب الادارية ج ٢ ص ١٧.

(٣) حياة الصحابة ج ٣ ص ٤٨٨ عن كنز العمال ج ٨ ص ٢٠٧.

(٤) الطبقات الكبرى ، لابن سعد ج ٤ قسم ص ١١٧ ط ليدن.

(٥) حياة الصحابة ج ٢ ص ٤٤٧ عن كنز العمال ج ٢ ص ٣١٩ و ١٧٢.

١٤٢

اعطائهم شيئاً اصلاً من شأنه ان يثيرهم عليه ، ويصبح ذلك بداية مشكلات كبيرة قد لا يكون أبو موسى قادراً على مواجهتها ، وعليه ... فلا يكون ذلك مخالفاً لرايه الذي ذكرنا بعض شواهده وأدلته.

سياسة علي عليه‌السلام مع غير العرب :

ونجد في مقابل هذه السياسة العمرية سياسة اخرى علوية ، فان سياسة علي عليه‌السلام جاءت لتجسد رأي الاسلام على أتم وجه ، واوفاه ، ويتضح ذلك بملاحظة ما يلي من نصوص :

١ ـ « قال مغيرة : كان علي عليه‌السلام أميل الى الموالي ، وألطف بهم ، وكان عمر أشدّ تباعداً منهم » (١).

٢ ـ كما أنه عليه‌السلام لم يكن يميز أحداً على أحد ، لا في العطاء ، ولا في غيره ؛ وذلك لانه لم يجد في القرآن لبني إسماعيل فضلاً على بني إسحاق على حد تعبيره في اجابته لتلك المرأة التي طالبته بأن يفضلها على اخرى غير عربية (٢).

وقد كان ذلك من أهم اسباب تقاعد العرب عنه.

وقد أشير عليه أن يميّز البعض على غيره ، من أجل أن تستقيم له الامور؛ فرفض ذلك ؛ حيث إنه لم يكن ليطلب النصر بالجور ، على حد تعبيره صلوات ا‏لله وسلامه عليه (٣).

__________________

(١) الغارات ج ٢ ص ٤٩٩.

(٢) راجع : الغارات ج ١ ص ٧٠ ، وأنساب الاشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ١٤١ وسنن البيهقي ج ٦ ص ٣٤٩ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٨٣ والكافي (الروضة) ص ٦٩ وحياة الصحابة ج ٢ ص ١١٢ عن البيهقي ، والبحار ج ٤١ ص ١٣٧ عن شرح النهج للمعتزلي الحنفي ج ١ ص ٢١٥ ـ ٢١٧ والغدير ج ٨ ص ٢٤٠ وبهج الصباغة ج ١٢ ص ١٩٧ ـ ٢٠٧ عن بعض من تقدم ، وعن مصادر اخرى وفي هامش الغارات عن : الوسائل ج ٢ ص ٤٣١ ط أمير بهادر وعن ثامن البحار ص ٧٣٩.

(٣) راجع : الامالي للشيخ المفيد ص ١٧٥/١٧٦ والامالي للشيخ الطوسي ج ١ ص ١٩٨/١٩٧ والغارات

١٤٣

وقد علمنا : أن من جملة ما نقمه عليه طلحة والزبير : أنه قد عدل عن سنة عمر بن الخطاب في العطاء وذلك معروف ومشهور (١).

٢ ـ وسئل عليه‌السلام : أيجوز تزويج الموالي بالعربيات؟

فقال : تتكافأ دماؤكم ، ولا تتكافأ فروجكم؟! (٢).

٣ ـ وقد أتى الموالي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، فقالوا : نشكو إليك هؤلاء العرب ؛ إنّ رسول ا‏لله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعطينا معهم العطايا بالسوية ، وزوّج سلمان ، وبلالاً ، وأبوا علينا هؤلاء ، وقالوا : لا نفعل ..

فذهب إليهم أمير المؤمنين ؛ فكلمهم ، فصاح الاعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن ، أبينا ذلك.

فخرج وهو مغضب ، يجر رداءه ، وهو يقول : يا معشر الموالي ، إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى ، يتزوجون منكم ، ولا يزوجونكم ، ولا يعطونكم مثل ما يأخذون ؛ فاتجروا بارك ا‏لله لكم إلخ .. (٣).

وواضح : أن ذلك قد كان قبل البيعة له عليه الصلاة والسلام بالخلافة ..

٤ ـ وقال الاشعث بن قيس لامير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو على المنبر : يا أمير المؤمنين ، غلبتنا هذه الحمراء على قربك!

قال : فركض على المنبر برجله. فقال صعصعة : ما لنا ولهذا ـ يعني الاشعث ـ ليقولن أمير المؤمنين اليوم في العرب قولاً لا يزال يذكر!! ..

__________________

ج ١ ص ٧٥ وبهج الصباغة ج ١٢ ص ١٩٦ والوسائل ج ١١ ص ٨٢/٨١ والكافي ج ٤ ص ٣١ وتحف العقول ص ١٢٦ والامامة والسياسة ج ١ ص ١٥٣ ونهج البلاغة بشرح عبده ج ٢ ص ١٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ٢ ص ١٩٧ و ٢٠٣ والبحار ج ٤١ ص ١٣٣ و ١٣٤.

(١) راجع على سبيل المثال المعيار والموازنة ص ١١٤/١١٣: المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ١١١.

(٢) الاستغاثة ص ٤٥.

(٣) الكافي ج ٥ ص ٣١٩/٣١٨ وراجع : سفينة البحار ج ٢ ص ١٦٥ ونفس الرحمان ص ٣٠ والبحار ج ٤٢ ص ١٦٠.

١٤٤

فقال علي عليه‌السلام : من يعذرني من هؤلاء الضياطرة (١) ، يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار ، ويهجّر قوم للذكر؛ فيأمرني أن أطردهم إلخ .. (٢).

وتوقعات صعصعة ، التي تحققت ، تدل على أن ذلك كان معروفاً من رأي علي عليه‌السلام وطريقته.

ذرية علي (ع) تسير على نهجه :

وقد سار وُلد علي أمير المؤمنين عليه‌السلام وأهل بيته على نفس هذه السياسة أيضاً ، واعتمدوا عين هذا النهج ، ويكفي أن نذكر :

١ ـ أن السجاد عليه‌السلام قد أعتق ـ على ما قيل ـ خمسين ألفاً (٣) ، بل قيل : أعتق مائة ألف .. (٤).

٢ ـ وأعتق مولاته ، ثم تزوجها ، فكتب إليه عبدالملك بن مروان يعيره بذلك ؛ فأجابه بكتاب جاء فيه : « .. وقد رفع الله بالاسلام الخسيسة ، وتم به النقيصة ، وأذهب اللوم ؛ فلا لوم على امرىُ مسلم ، إنما اللوم لوم الجاهلية ».

__________________

(١) الضيطر : هو الاُحمر ، العضِل ، الفاحش.

(٢) راجع : الكامل للمبرد ٢ ص ٦٢ والغارات ج ٢ ص ٤٩٩/٤٩٨ وشرح النهج للمعتزلي الحنفي ج ٢ ص ٢٨٤ وج ١٩ ص ١٢٤ والفائق ج ١ ص ٣١٩ وكنز العمال ج ٤ ص ٣٩٧ عن ابن أبي شيبة ، والحارث ، وأبي عبيد ، والدورقي ، وابن جرير وصححة ، والبزار وغريب الحديث ج ٣ ص ٤٨٤ والنهاية ج ٣ ص ٨٧ وراجع : تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦١/٣٦٠ والبحار ج ٤١ ص ١١٨ وتفسير البرهان ج ١ ص ٥٢٧ وتفسير الثقلين ج ١ ص ٥٩٨/٥٩٧ وقاموس الرجال ج ٢ ص ٩٩ وبهج الصباغة ج ١٣ ص ٤٠٠.

ومجلة نور علم سنة ٢ عدد ٦ ص ٢٠ في مقال للعلامة المحقق الاحمدي الميانجي ، عن بعض من تقدم ، وعن نثر الدرر ج ١ ص ٢٩٩/٣٠٠ وعن تهذيب الكامل للسباعي ج ٢ص ١١٦ ةغت شرح الكامل للمرصفي ج ٤ ص ١٩٤.

(٣) زين العابدين ، لعبد العزيز سيد الاهل ص ٤٧.

(٤) المصدر السابق ص ٧.

١٤٥

وقد اعترف عبدالملك حينئذٍ : بأن السجاد يرتفع من حيث يتضع الناس (١).

وقد نسبت هذه القضية للامام الحسين مع معاوية (٢) فلا بد من تحقق ذلك ، ولا مجال لذلك في هذه العجالة ..

٣ ـ وحسب رواية اخرى: ان السجاد تزوج ام ولد عمه الحسن عليه‌السلام ، وزوج مولاه امه (ونعتقد : أن المراد بها مرضعته ، لاُن امه قد توفيت ، في نفاسها به) (٣).

فلما بلغ ذلك عبدالملك كتبه إليه في ذلك ، فكتب إليه السجاد :

فهمت كتابك ، ولنا اسوة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فقد زوج زينب بنت عمه زيداً مولاه. وتزوج مولاته صفية بنت حيي بن أخطب (٤).

وحسبنا ما ذكرنا ، فاننا لسنا بصدد تتبع ذلك واستقصائه ..

الرافد الاول والاساس :

وأخيراً .. فان من الواضح : أن سياسات التمييز العنصري ، سياسات غريبة عن الاسلام ، بعيدة كل البعد عن تعاليمه ، مناقضة لتشريعاته.

فهل تأثر روّاد هذه السياسة ، وحماتها بغيرهم ، ممن حرصوا عليها ، حرصهم على أنفسهم ، واعتبروها نهج حياة ، وأساس تعامل؟!

__________________

(١) البحار ج ٤٦ ص ١٦٥/١٦٤ والكافي ج ٥ ص ٣٤٥/٣٤٤ وراجع ص ٣٦١ وأئمتنا ج ١ ص ٢٨٧ و ٢٨٨ عن : زين العابدين لعبد العزيز سيد الاُهل ص ٦٠. والعقد الفريد ج ٦ ص ١٢٨ وعن المناقب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ٣٠٠.

(٢) الاسلام والمشكلة العنصرية ص ٦٦/٦٥ عن : الموالي في العصر العباسي ص ٣٩.

(٣) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٢٨ والبحار ج ٤٦ ص ٨ و ٩.

(٤) راجع : الكافي ج ٥ ص ٣٤٦ و ٣٦١. البحار ج ٤٦ ص ١٤٠/١٣٩ والاسلام والمشكلة العنصرية ص ٦٦ عن الموالي في العصر الاموي ص ٦٦.

١٤٦

الجواب : نعم ..

إن الخليفة الثاني ، عمر بن الخطاب ، حينما أعلن عن آرائه وسياساته ، تجاه غير العرب ، وانتهج سياسة التمييز العنصري ، لم يكن في الحقيقة قد ابتدع أمراً جديداً من عند نفسه ، لم يكن من قبل.

بل لقد سبقه الى هذا الامر اليهود والنصارى؛ فلعله قد تأثر ببعض علمائهم ، الذين كانوا مقربين إليه ، وكان يرجع إليهم في كثير من القضايا الحساسة ، من امثال : كعب الاحبار ، وعبدا‏ بن سلام ، وتميم الداري ..

واليهود هم الذين قالوا : « نحن ابناء الله‏ وأحباؤه .. » (١).

وقال تعالى : « قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء ‏ من دون الناس فتمنوا الموت إلخ » (٢). ونحن نذكر فيما يلي نماذج من النصوص العنصرية عند اليهود ، وخصوصاً في تلمودهم ؛ فنقول :

نصوص عنصرية يهودية :

« قريب اليهود هو اليهودي فقط ، باقي الناس حيوانات في صورة انسان. هم حمير ، وكلاب ، وخنازير ».

« إذا ضرب امي اسرائليا ، فكانما ضرب العزة الالهية » « فالامي يستحق الموت » (٣).

أأما كونهم شعب ا‏لله المختار ، فلان الله قد تزوج اسرائيل ، وسجل عقد الزواج بينهما ، وكانت السموات والارض شهوداً على هذا العقد (٤).

« ولليهودي في الاعياد أن يطعم الكلب ، وليس له أن يطعم غير اليهود ، والشعب المختار هو اليهود فقط ، أما باقي الشعوب ، فهم حيوانات.

__________________

(١) المائدة ١٨.

(٢) الجمعة ٦.

(٣) الكنز المرصود ص ٦٦ ومقارنة الاديان (اليهودية) ص ٢٧٢.

(٤) مقارنة الاديان (اليهودية) ص ٢١٢ و ٢١٣.

١٤٧

ويروي : أنه لما قدم بخت نصّر ابنته إلى زعيم اليهود ؛ ليتزوجها ، قال له هذا الزعيم : إنّي يهودي ولست من الحيوانات إلخ .. » (١).

وجاء في تلمود اورشليم ص (٩٤) : ان النطفة المخلوق منها باقي الشعوب الخارجين عن الديانة اليهودية هي نطفة حصان (٢).

ويلزم المرأة أن تعيد غسلها إذا رأت عند خروجها من الحمام شيئاً نجساً ، ككلب ، أو حمار ، أو مجنون ، او امي ، أو جمل ، أو خنزير » إلخ (٣).

« خلق ا‏لله الاجنبي على هيئة الانسان ؛ ليكون لائقاً لخدمة اليهود » (٤).

إأن اليهود يعتبرون أنفسهم جزءاً من ا‏لله (٥). بل يعتبرون أنفسهم مساوين للعزة الالهية (٦).

« .. نحن شعب ا‏لله في الارض. وقد أوجب علينا أن يفرقنا؛ لمنفعتنا؛ ذلك أنه لاُجل رحمته ورضاه سخر لنا الحيوان الانساني ، وهم كل الامم والاجناس ، سخرهم لنا؛ لانه يعلم : أننا نحتاج إلى نوعين من الحيوان : نوع أخرس ـ كالدواب ، والانعام ، والطير ـ ونوع ناطق ، كالمسيحيين ، والمسلمين ، والبوذيين ، وسائر الامم من أهل الشرق والغرب ؛ فسخرهم ؛ ليكونوا مسخرين لخدمتنا ، وفرقنا في الارض ؛ لنمتطي ظهورهم ، ونمسك بعنانهم إلخ .. » (٧).

وفي بروتوكولات حكماء صهيون ، البرتوكول الخامس عشر ، والحادي عشر نصوص اخرى؛ فلتراجع .. هذا عدا عما سوى ذلك ، مما ورد في الموارد المختلفة.

وأخيراً .. فقد قال آدم متز : « كان أغلب تجار الرقيق في أوربا من اليهود.

__________________

(١) مقارنة الاديان (اليهودية) ص ٢٧٢. الكنز المرصود ص ٦٧ و ٦٨ وعن : التلمود شريعة اسرائيل ص ٢٥.

(٢) الكنز المرصود ص ٦٧ وراجع ص ٦٨.

(٣) المصدر السابق.

(٤) الكنز المرصود ص ٦٩.

(٥) الكنز المرصود ص ٦٦ واليهود قديماً وحديثاً ص ٦٩ ومقارنة الاديان (اليهودية) ص ٢٧٢.

(٦) الكنز المرصود في قواعد التلمود ص ٧٢.

(٧) اليهود قديماً وحديثاً ص ١٤ وتفسير الجواهر للطنطاوي ج ٢ ص ١٣٦.

١٤٨

وكان الرقيق يجلب كله تقريباً من الشرق الادنى » (١).

تحريض يهوديّ مبطن :

وإذا كان اليهود قد ساهموا في حمل الحكام على اتباع هذه السياسة ، بصورة صريحة ، أو مبطنة ؛ فانهم ولا شك ، كانوا يرصدون الواقع ، ويرقبون الاحداث ؛ ويساهمون في توجيهها بحيث ، تصب في مصلحتهم ، ولا أقل ، من الاعداد لمنع حدوث أية مضاعفات تسيءُ إلى مواقعهم ، أو تحد من طموحاتهم ..

ولا بدّ وأن يكونوا قد لاحظوا : أن أنباط يثرب كانوا أشد الناس على عثمان ، حين الثورة عليه ، كما سيأتي ، وأن انظار كل الناس ـ إبّان حصار عثمان وحين قتله ـ كانت متجهة صوب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، حتى لقد اتجهوا إلى بيعته ، قبل أن يدفن الخليفة المقتول بشوق زائد ، ولهفة ظاهرة ، حتى وطىُ الحسنان ، وشق عطفاي ، على حد تعبير على عليه‌السلام نفسه ..

مع سابق علمهم ويقينهم بأن سياسة وطريقة علي عليه‌السلام في التعامل مع مسألة التمييز والتفضيل ، ومع غيرها من المسائل والقضايا ، هي التجسيد الحي لسياسة الرسول الاعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وطريقته.

فلا بدّ وأن يعيد الامور إلى نصابها ، ويعطي كل ذي حق حقه ، ولسوف لا يرى فضلاً لبني إسماعيل على بني إسحاق ، ولا عكس ذلك ..

نعم .. إن اليهود ، واحبارهم ، الذين اظهروا الاسلام ، إذا كانوا يدركون كل ذلك ، فان من الطبيعي أن نجدهم يتحركون لتلافي الاخطار المحتملة ، فنجد الحبر اليهودي ، الذي اظهر الاسلام ، يظهر موقفه بأسلوب يستبطن اثارة المخاوف ، والتحريض على العصيان ..

__________________

(١) الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري ج ١ ص ٣٠١.

١٤٩

فقد روي مسلم بن إبراهيم ، قال : أخبرنا سلام بن مسكين ، قال : أخبرنا مالك بن دينار ، أخبرني من سمع عبدا‏ بن سلام يقول يوم قتل عثمان :

« اليوم هلكت العرب » (١).

فهو يريد أن يثير حفيظة العرب ، بالتلويح بخسرانهم الامتيازات الظالمة ، التي منحهم إياها الحكم ، مع تحذير مبطن من أن الامور تتجه نحو تحكيم اولئك الذين لا يرون فضلاً لاُحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح ، فما على العرب إذن إلا أن يتحركوا ، وأن يدفعوا الاخطار المحتملة عن أنفسهم!!

وهكذا .. فان صانعي سياسة التمييز بين الناس ، يحاولون الآن استثمار جهودهم ، ونفث سمومهم ، وتسديد ضربتهم للمسلمين وللاسلام في الصميم ، فيثيرون عصبية العرب ضد غيرهم ، ويصوّرون لهم : أنهم في خطر أكيد ، وأمام عدو عنيد ، قد أصبحت الحرب معه حرباً مصيرية ، وأصبحت العداوة قائمة على الثأر الدم ، فهي إذن ثابتة وراسخة ، لن يستطيع أحد إطفاء نارها ، ولا التحرز من آثارها ..

وإلا .. فلماذا يهلك العرب إذا قتل عثمان ، ولا يهلك غيرهم من الناس؟!

وما هذه الغيرة الشديدة من سليل بني إسرائيل على العرب ، وعلى مصيرهم؟!

__________________

(١) طبقات ابن سعد ج ٣ ص ٨١ ط صادر.

١٥٠
١٥١

الفصل الرابع :

التمييز العنصري ..

نتائج .. وآثار

١٥٢
١٥٣

من آثار ونتائج السياسة العمرية :

وبعد .. فلقد كان لسياسة التمييز العنصري التي تحدثنا عنها أثارها الخاصة بها ، سواء بالنسبة إلى اولئك الذين هدرت كراماتهم ، وسلبت حقوقهم ، وعلى اساسها ، وهم الموالي ، وغير العرب ..

أو بالنسبة لمؤسسها ورائدها ، الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وكل الذين ساروا على نهجه ، ونسجوا على منواله ..

ولكنها آثار لها طبيعتها الخاصة بها ، بالنسبة إلى كل فريق من هذين ، كما سنرى.

أضف إلى ذلك تلك الآثار الاخرى ، ذات الطبيعة المتميزة أيضاً على ذلك الفريق الثالث ، الذي عارض هذه السياسة ، ورفضها ، وأدانها ، بقوة ، وصلابة .. أعني عليّاً أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وأهل بيته الطاهرين ، صلوات ا‏لله وسلامه عليهم أجمعين ، ثم شيعتهم الابرار الميامين ، الذين ترسموا خطاهم ، واتبعوا سبيلهم ، الذي هو سبيل الايمان والاسلام.

آثار سياسة عمر على العرب :

فاما بالنسبة لآثارها على العرب ، وهم المنتفعون الاوائل من هذه السياسة ، بصورة عامة فاننا نقول باختصار :

إن العرب قد حصلوا نتيجة لذلك على امتيازات كثيرة ، وأصبحت لهم السابقة

١٥٤

والارجحية في كل شيء ، واختصوا لانفسهم بكل مصادر الخير ، والفضل ، والتقدم في المجالات المختلفة وهم الذين كانوا إلى الامس القريب لا يحلمون حتى بأن يحكموا أنفسهم ، أو يملكوا أمرهم. وكانوا يعيشون الحياة الصعبة بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، ويعانون من عقدة التخلف ، والحقارة ، والمهانة بصورة حقيقية ..

وكانوا يتعاملون مع كل من يحيط بهم من الامم ، من موقع الحاجة ، والضعف ، والاستكانة ، والفقر؛ فيقيسون ما هم من ذل إلى ملك كسروي ، وجبروت قيصري ، فيرون البون الشاسع ، والفرق الكبير ؛ فأين الثريا من الثرى. وأين الحضيض من السها ، قال قتادة : « كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلاً ، وأشقاه عيشاً ، وأبينه ضلالةً ، واعراه جلوداً ، وأجوعه بطوناً ، معكومين على رأس حجرين أسدين : فارس ، والروم. لا وا‏لله. ما في بلادهم يؤمنذ شي ء يحسدون عليه ، من عاش منهم عاش شقياً ، ومن مات ردّي في النار. يؤكلون ، ولا يأكلون. والله ما نعلم قبيلاً يؤمئذٍ ، من حاضر الارض ، كانوا فيها أصغر حظاً ، وأدق فيها شأناً منهم ، حتى جاء الله عزّوجلّ بالاسلام ، فورثكم به الكتاب واحل لكم به دار الجهاد ، ووضع لكم به من الرزق ، وجعلكم به ملوكاً على رقاب الناس » (١).

وهناك كلمات أمير المؤمنين المعبرة عن حالة العرب ، وأنهم كانوا على « شر دين ، وفي شر دار ، بين حجارة خشن ، وحيات صم ، تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب إلخ » (٢). وله عليه‌السلام كلمات اخرى تعبر عن حالة العرب .. فليراجعها من ارادها .. وليراجع أيضاً كلام المغيرة بن شعبة في هذا المجال (٣).

__________________

(١) جامع البيان ج ٤ ص ٢٥ وضحى الاسلام ج ١ ص ١٨ عنه.

(٢) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٢٥ بشرح محمد عبده.

(٣) راجع في ذلك كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الاعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ج ١ ص ٤٧/٤٨.

١٥٥

وإذا كانت هذه حالتهم ، فانهم لم يكن يمكن لهم أن يسمحووا لمخيّلتهم أن يمر فيها وَهمُ الخروج من حالتهم تلك ، فضلاً عن أن يفكروا في السيطرة على الامبراطورية الكسروية وغيرها ، ويصبحوا بين يوم وآخر أسياد العالم وحكامه ، والمسيطرين على قدراته وامكاناته.

أضف إلى ذلك : أن الاكثرية الساحقة حين حصول هذا التحول الهائل في واقعهم ، كانت لا تزال تعيش في ظل مفاهيمها الجاهلية ، وتخضع للضوابط والمعايير القبلية ، وتنطلق في مواقفها من اهوائها ، وعصبياتها ، ومصالحها الشخصية.

ولم يتهيأ لها ، أو لم تكلف نفسها عناء العيش في ظل مفاهيم الاسلام وتعاليمه ، ولم تتفاعل مع قيمه ومثله ، ولا عاشت التجربة إلا في حدود الشعار ، أو التوهج العاطفي ، الذي لم يتأصل في وعيها ، ولم يتجذر في فكرها ، ولا تلاقي مع فطرتها ، ولا لامس ضميرها ووجدانها ..

وقد تجلى ذلك بصورة أوضح ، بعد أن تعرضت الامة بعد وفاة نبيها لمسحٍ إعلامي ، وتثقيفي ، عمل على إيجاد حالة جديدة ، تستهدف تحويل الاتجاه في مرامي الطموح إلى مسار جديد ينسجم مع المصالح الطارئة ، والتغيرات العارضة ، التي جاءت كنتيجة طبيعية للتغيير غير الطبيعي الذي نار مركز القيادة بعد الرسول الاعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتسلّمت القيادة تلك الفئة التي خصتهم بامتيازات ما كانوا يفكرون فيها ، ولا يحلمون بها .. فعكفوا على دنياهم ، وغرقوا في زبارجها وبهارجها.

ولم يعد يهمهم ، إلا أن يكرسوا لانفسهم هذه الامتيازات ، ويحوطوها ، ويحافظوا عليها ، ثم الحصول على المزيد منها ، مهما كان ذلك ظالماً ، ومدمراً للآخرين ، أو مخالفاً للشرع ، ولاُحكام الدين ، أو تمجه الاخلاق ، وتأباه الفطرة ..

وبعد كل ذلك ، فان من الطبيعي : أن نجد : أن هؤلاء ، قد ابتلوا بداء

١٥٦

الغرور ، وبرذيلة الصلف والكبرياء ، وما فتئوا يمارسون مختلف أنواع الظلم ، والاضطهاد ، والاذلال لمن كانوا بالامس أسيادهم ، وأصبحوا اليوم مواليهم وعبيدهم ..

وكان من المتوقع كذلك بعد أن ملكوا الاموال ، والضياع ، والبلاد أن يسقطوا في حمأة الشهوات ، وأن يستغرقوا بصورة بشعة ، وغير معقولة ولا متزنة في الملذات ، ما حلّ منها ، وما حرم. وأن تسحرهم الجواهر والمظاهر وتأخذ عقولهم الدنيا وما فيها ، من زبارج. وتبدأ ملامح شخصيتهم الانسانية بالانحسار والتلاشي ، ليبرز عوضاً عنها ذلك المارد البهيمي الشرس ، والضاري ، الذي افلت من القمقم ، حين كان يعيش في ظلمات نفوسهم ..

هذا المارد العتي ، الذي لم يكن ليرحم أحداً ، يحاول أن يقف في وجهه ، ولسوف يواجهه بالمزيد من المقت ، والكراهة ، والحقد ، وبروح الافناء والتدمير. ولا يفرق بين نبي ، أو ولي ، ولا بين رسول ورسالة ، ولا بين فضيلة أو تقوى ، ولا بين فطرة أو عقل ..

وهذا بالذات هو الذي يفسر لنا ما نال عليّاً عليه‌السلام وأهل بيته ، وشيعته ، على مدى التاريخ وما واقعة كربلاء عنا ببعيد ، وهو أيضاً يعطينا التفسير الدقيق لدوافع الحرب التي لا تزال تشن دون هوادة ، على الاسلام ، والقرآن ، وعلى كل ما هو شرف ودين ، وكمال وفضيلة ..

ذلك أن عليّاً عليه‌السلام وأهل بيته وشيعته ، يلتزمون بتعاليم الاسلام ، ويمثلون خط القرآن والايمان ، ويتحلون بفضائل الاخلاق ، وكريم السجايا ، ويهتدون بهدى العقل والفطرة.

عظمة عمر بن الخطاب في العرب :

وأما فيما يرتبط بآثار تلك السياسة على رائدها الاول ، ومرسي قواعدها ،

١٥٧

عمر بن الخطاب ، فقد كان من الطبيعي ، بعد أن فتحت الفتوحات ، وأقبلت الدنيا على الناس ، واُرٍضِيَ غرور الانسان العربي ، واستجيب لاهوائه ، وطموحاته في الحصول على المال ، وعلى غيره .. ثم استثمر الاعلام ذلك لصالح فريق معين ، على حساب كل ما ومن عداه. لقد كان من الطبيعي والحالة هذه : أن يتأكد عند الناس نباهة قوم ، وخمول آخرين ، وهو ما اشار اليه علي عليه‌السلام ، حين قال في جملة كلام له : « .. ثم فتح ا‏لله عليها الفتوح ؛ فأثرت بعد الفاقة ، وتمولت بعد الجهد والمخمصة .. ».

إلى أن يقول : « ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها ، وحسن تدبير الامراء القائمين عليها؛ فتأكد عند الناس نباهة قوم ، وخمول آخرين إلخ .. » (١).

نعم .. لقد كان من الطبيعي : أن يوجد ذلك التمييز والتفضيل للعرب ، تياراً جارفاً من الحب ، والتعظيم ، والتبجيل لذلك الذي كان السبب في حصولهم على كل ما حصلوا عليه ، وأن يصبح رأيه فيهم كالشرع المتبع ، وتصبح سنته فيهم هي السنة الماضية.

وقد ذكرنا في كتابنا : الحياة السياسية للامام الحسن عليه‌السلام ص ٨٦ ـ ٩٠ بعض ما يفيد في هذا المجال ، ونذكر هنا بعض النصوص الاخرى ، لاظهار كيف أن قول الخليفة الثاني قد أصبح في الناس كالشرع المتبع ، وهي التالية :

إنه يكفي أن نذكر : أنه قد بلغ من عظمة عمر بن الخطاب : أن عليّاً عليه‌السلام لم يستطع أن يمنع جنده من صلاة التراويح ، قال عليه‌السلام :

« .. وتنادى بعض أهل عسكري ، ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام ، غيرت سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري » (٢).

وفي نص آخر : أنهم سألوه أن ينصب لهم اماماً يصلي بهم نافلة شهر

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ص ٢٠ ص ٢٩٩.

(٢) الكافي ج ٨ ص ٥٩ ـ ٦٣.

١٥٨

رمضان ؛ فزجرهم ، وعرفهم : أن ذلك خلاف السنة ، فتركوه ، واجتمعوا لانفسهم ، وقدموا بعضهم ؛ فبعث إليهم ولده الحسن ليفرقهم ؛ « فلما رأوه تبادروا إلى أبواب المسجد ، وصاحوا : واعمراه » (١).

ولعل اول من صاح بذلك هو قاضيه شريح (٢).

وحينما أراد أن يعزل شريحاً عن القضاء ، قال له أهل الكوفة : « لا تعزله ، لانه منصوب من قبل عمر ، وقد بايعناك على أن لا تغير شيئاً قرره أبو بكر وعمر » (٣).

كما أن يزيد بن المهلب قد وعد الناس بالعمل بسنة العمرين (٤). وليس سنة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم!!

بل إن طلحة والزبير ، الذين قاتلا أمير المؤمنين عليه‌السلام بأهل البصرة العراقيين ، حينما قال لهما عليه‌السلام :

« .. ما الذي كرهتما من أمري ، ونقمتما من تأميري ، ورأيتما من خلافي؟!

قالا : خلافك عمر بن الخطاب ، وائمتنا ، وحقنا في الفيء إلخ .. » (٥).

ونادى أصحاب الجمل بأمير المؤمنين : « اعطنا سنة العمرين » (٦).

وقال الخوارج لقيس بن سعد : « لسنا متابعيكم أو تأتونا بمثل عمر.

فقال : والله ، ما نعلم على الاُرض مثل عمر ، إلا أن يكون صاحبنا ».

وحسب نص الطبري : « ما نعلمه فينا غير صاحبنا ، فهل تعلمونه فيكم؟! » (٧).

__________________

(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٢ ص ٢٨٣ وج ١ ص ٢٦٩ والصراط المستقيم ج ٣ ص ٢٦ وتلخيص الشافي ج ٤ ص ٥٨ والبحار ط قديم ج ٨ ص ٢٨٤.

(٢) رجال المامقاني ج ٢ ص ٨٣.

(٣) المصدر السابق.

(٤) محاضرات الراغب المجلد الثاني جزء ٣ ص ١٨٨.

(٥) المعيار والموازنة ص ١١٣.

(٦) الكامل للمبرد ج ١ ص ١٤٤.

(٧) الاخبار الطوال ص ٢٠٧ وتاريخ الامم والملوك ج ٤ ص ٦٢ والكامل لابن الاثير ج ٣ ص ٣٤٣ وأنساب الاشراف ، بتحقيق المحمودي ج ٢ ص ٣٧٠/٣٧١ وبهج الصباغة ج ٧ ص ١٤٣.

١٥٩

وحينما أراد الخوارج اقناع بعض زعمائهم ، وهو زيد بن حصين ، بقبول الولاية عليهم ، اجتمعوا إليه ، وقالوا له : « أنت سيدنا وشيخنا ، وعامل عمر بن الخطاب على الكوفة ، تولّ إلخ .. » (١).

كما أن نجدة بن عامر الحروري : قد تخلى عن فكرة مهاجمة المدينة ، لما أن « أخبر بلبس عبدالله‏ بن عمر بن الخطاب السلاح ؛ تأهباً لقتاله مع أهل المدينة ، ذلك أن نجدة ، وسائر الخوارج ، كانوا يوقرون اباه عمر بن الخطاب توقيراً شديداً. وقد اختاره نجدة للإجابة على مسائله ، فكتب إليه نجدة يسأله عن اشياء في الفقه لكنها كانت اسئلة عويصة ؛ فترك الاجابة عنها إلى ابن عباس » (٢).

ويذكرون أيضاً : ان ابن عباس ، قد أشار علي أمير المؤمنين عليه‌السلام بابقاء معاوية على الشام ، واحتج لذلك بقوله : « فان عمر بن الخطاب ولاه الشام في خلافته » (٣).

وحينما عاتب أمير المؤمنين عليه‌السلام الخليفة الثالث عثمان بن عفان ، في أمر تولي معاوية للشام ، قال له عثمان : « انكرت علي استعمال معاوية ، وانت تعلم : أن معاوية كان أطوع لعمر بن يرفأ غلامه؟ إن عمر كان إذا استعمل عاملاً وطأ على صماخه إلخ .. » (٤).

وفي نص آخر : ان عثمان قال له : « ألم يولّ عمر المغيرة بن شعبة ، وليس هناك؟ قال : نعم. قال : أو لم يولّ معاوية؟ قال علي : ان معاوية كان أشد خوفاً وطاعة لعمر من يرفأ. وهو الآن يبتز الامور دونك إلخ .. » (٥).

__________________

(١) الثقات ج ٢ ص ٢٩٥ والخوارج والشيعة ص ٧١.

(٢) الخوارج والشيعة ص ٧١.

(٣) الفصول المهمة لابن الصباغ ص ٤٩.

(٤) شرح النهج للمعتزلي الخنفي ج ٩ ص ٢٤.

(٥) انساب الاشراف ج ٥ ص ٦٠ والكامل لابن الاثير ج ٣ ص ١٥٢ وتاريخ الامم والملوك ج ٣ ص ٣٧٧ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ قسم ٢ ص ١٤٣ والغدير ج ٩ من ١٦٠ عنهم وعن تاريخ أبي الفداء ص ١٦٨. والنصائح الكافية ص ١٧٤.

١٦٠