الصحة ؛ فلابد وأن لا يكون من الاوامر الإلهية ، ولا النبوية ، وإلا لكان سلمان قد أذعن له ، والتزم به ..
فلعله أمر قد صدر فعلاً ، ولكن ليس عن النبيّ ، وانما عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ..
ولعل الاصرار عن أن يكون هذا الحكم الظالم ، جارياً على لسان خصوص سلمان ، ثم يصوّره الراوي على أنه صادر من غير قائله الحقيقي ، وبالذات من شخص رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. لعل ذلك ـ للتغطية على هذه المخالفة التي صدرت من الخليفة في حق سلمان ، وجعلها في معرض الشك والترديد ، شرط أن يساهم ذلك في تقوية ركائز هذه السياسة الظالمة ، ويعطيها شرعية قائمة على أساس التعبد والدين ..
ومما يؤيّد أن تكون هذه الكلمة ، التي تُقَرر عدم التزويج بين العرب وغيرهم ، قد صدرت من نفس الخليفة ، عمر بن الخطاب :
ما روي عن يزيد بن حبيب ، قال : قال عمر بن الخطاب لسلمان :
يا سلمان ، ما أعلم من أمر الجاهلية بشيء ، إلا وضعه الله عنا بالاسلام ، إلا أنّا لا ننكح إليكم ، ولا ننكحكم ؛ فهلمّ ، فلنزوجك ابنة الخطاب. قال : أفرّ ـ والله ـ من الكبر.
قال : فتفرّ منه ، وتحمله علي؟! ، لا حاجة لي به (١).
فاذا كان عمر هو الذي قال عبارة : « أفرّ ـ والله ـ من الكبر » ، كما هو ظاهر؛ فمعنى ذلك : أنه يريد أن يتواضع بتزويج سلمان ابنته ، على حد ما تقدم عن عمرو بن العاص حينما تدخل لصرف سلمان عن الخطبة.
وجواب سلمان له ـ والحالة هذه ـ يتناسب مع جوابه لعمرو بن العاص ، الذي تقدم ..
__________________
(١) الزهد ، والرقائق ، قسم ما رواه بن حماد ص ٥٢.