المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا سلم الى خياط ثوبا ، فقطعه الخياط قباء ، ثمَّ اختلفا ، فقال رب الثوب : أمرتك أن تقطع قميصا فخالفت. وقال الخياط : بل قلت اقطع قباء وقد فعلت ما أمرت ، فالقول قول صاحب الثوب مع يمينه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو الذي اختاره ( ـ ش ـ ) ، وقال (١) : انه ذكر في موضع من كتبه أنهما يتحالفان.

يدل على ما قلناه ان المالك رب الثوب ، والخياط مدع للإذن في قطع القباء فعليه البينة ، فإذا فقدها فعلى المالك اليمين ، ولو قلنا ان القول قول الخياط لأنه غارم ورب الثوب مدعى عليه قطعا لم يأمره به ليلزمه ضمان الثوب ، فيكون عليه البينة ، فإذا فقدها فعلى الخياط اليمين كان قويا.

مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا استأجر دارا على أن يتخذه مسجدا يصلى فيه صحت الإجارة ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يصح.

مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا استأجر دارا ليتخذها ماخورا يبيع فيه الخمر أو ليتخذه كنيسة أو بيت نار ، فان ذلك لا يجوز والعقد باطل.

وقال ( ـ ح ـ ) : العقد صحيح ويعمل فيه غير ذلك من الأشياء المباحة دون ما استأجر له ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا استأجر رجلا لينقل له خمرا من موضع الى موضع لم يصح الإجارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يصح كما لو استأجر جرة لينقل بها الخمر الى الصحراء ليهريقه.

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا استأجره ليخيط له ثوبا بعينه ، وقال : ان خطت اليوم فلك درهم وان خطت غدا فلك نصف درهم صح العقد فيهما ، فان خاطه في اليوم الأول كان له الدرهم ، فان خاطه في الغد كان له نصف درهم.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان خاطه في اليوم مثل ما قلناه ، وان خاطه في الغد كان له أجرة

__________________

(١) م : وقيل.

٦٦١

المثل ، وهو ما بين النصف المسمى الى الدرهم.

وقال ( ـ ش ـ ) : هذا عقد باطل في اليوم والغد.

ويدل على ما قلناه قوله عليه‌السلام « المؤمنون عند (١) شروطهم » وفي أخبارهم ما يجرى مثل هذه المسألة بعينها منصوصة ، وهو أن يستأجر منه دابة على أن يوافي بها يوما معينا على أجرة معينة ، فان لم يواف ذلك اليوم كان أجرتها أقل من ذلك وان هذا جائز ، وهذا مثل ما نحن فيه بعينه.

مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا استأجره بخياطة ثوب ، وقال : ان خطته روميا وهو الذي يكون بدرزين فلك درهم ، وان خطته فارسيا وهو الذي يكون بدرز واحد فلك نصف درهم ، صح العقد لما قلناه في المسألة الأولى سواء ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح.

مسألة ـ ٤١ ـ : يجوز اجارة الدراهم والدنانير ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه ، ولأنه ينتفع بها مع بقاء عينها ، مثل أن ينثرها أو يسترجعها أو نفضها بين يديه ليتجمل بها وغير ذلك. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا استأجر دراهم أو دنانير ، وعين جهة الانتفاع بها ، كان على ما شرط وصحت الإجارة ، وان لم يعين بطلت الإجارة وكانت قرضا ، لأن العادة في دراهم الغير ودنانيره أن لا ينتفع بها الا على وجه القرض ، فإذا أطلق له الانتفاع رجع الإطلاق الى ما يقتضيه العرف ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم يعين جهة الانتفاع لم يصح العقد ولا يكون قرضا.

مسألة ـ ٤٣ ـ : يصح اجارة كلب الصيد للصيد وحفظ الماشية والزرع ، لأنه لا مانع منه ، ولان بيع هذا الكلاب يجوز عندنا ، وما صح بيعه صح إجارته بلا خلاف. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

__________________

(١) د : على شروطهم.

٦٦٢

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا استأجره لينقل ميتة على أن يكون له جلدها ، لم يصح بلا خلاف. وان استأجره ليسلخ له مذكى على أن يكون جلده كان جائزا عندنا لأنه لا مانع من جوازه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ذلك ، لأنه مجهول.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا استأجره ليطحن له دقيقا على أن يكون له صاع منها صح لأنه لا مانع منه.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح لأنه مجهول لا يدري هل يكون ناعما أو خشنا.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا استأجر رجلان جملا للعقبة صحت الإجارة ، سواء كان في الذمة أو معينا ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال المزني : ان كان معينا لم يجز ، لأنه إذا سلم إلى أحدهما تأخر التسليم الى الأخر ، فيكون ذلك عقد قد شرط فيه تأخير التسليم وقد تناول عينا فلم يجز.

٦٦٣

كتاب المزارعة

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المزارعة بالثلث أو الربع أو النصف أو أقل أو أكثر بعد أن يكون بينهما مشاعا جائزة ، وبه قال في الصحابة علي ، وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر ، وسعد بن أبي وقاص ، وخباب بن الأرت ، وفي الفقهاء ابن أبي ليلى ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور : انه لا يجوز ، وهو قول ابن عباس ، وابن عمر ، وأبي هريرة.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى عروة بن الزبير ، عن زيد بن ثابت أنه قال : يغفر الله لرافع بن خديج أنا والله أعلم بالحديث منه ، إنما أتاه رجلان من الأنصار اقتتلا ، فقال رسول الله : ان كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع. وهذا يدل على أن النهي ليس بنهي تحريم ، لأنه قال على وجه المشورة وطلب الصلاح.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز إجارة الأرضين للزراعة ، وبه قال جميع الفقهاء وحكي عن الحسن ، وطاوس أنهما قالا : لا يجوز ذلك ، وحكى أبو بكر بن المنذر عنهما أنهما جواز المزارعة.

٦٦٤

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز إجارة الأرض بكل ما يصح أن يكون ثمنا من ذهب أو فضة أو طعام ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وغيره. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز اكراؤها بالطعام وبكل ما يخرج منها.

وفي المسألة إجماع الفرقة ، فإنهم لا يختلفون فيه الا أن يشرط الطعام منها ، فان ذلك لا يجوز فأما بطعام في الذمة فإنه يجوز على كل حال.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا أكراه أرضا ليزرع فيها طعاما صح العقد ، ولا يجوز له أن يزرع غيره ، بدلالة قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) وقوله عليه‌السلام « المؤمنون عند شروطهم » وهو قول داود.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وعامة الفقهاء : إذا عين الطعام بطل الشرط والعقد. و ( ـ للش ـ ) في بطلان الشرط قول واحد ، وفي بطلان العقد وجهان.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا أكرى (٢) أرضا للزراعة ولم يعين ما يزرع صح العقد ، وله أن يزرع ما شاء ، وان كان أبلغ ضررا ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه ، وعليه أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو العباس : لا يجوز ذلك ، لان أنواع الزرع يختلف وتتباين ، فلا بد من التعيين.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا أكرى أرضا للغراس وأطلق جاز ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو العباس : لا يجوز (٣) لأنه يختلف.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا أكرى أرضا على أن يزرع فيه ويغرس ، ولم يعين مقدار كل واحد منهما لم يجز ، لان ذلك مجهول ، وبه قال المزني وأكثر أصحاب ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) س المائدة : ١.

(٢) م : اكراه.

(٣) م : لا يجوز ذلك.

٦٦٥

وقال أبو الطيب ابن سلمة : يجوز ويزرع نصفه ويغرس (١) نصفه. وقال ( ـ ش ـ ) نصا : انه يجوز قال أصحابه : انه أراد بذلك التخيير بين أن يزرع كلها أو يغرس كلها ، فأما من النوعين بلا تعيين فان ذلك لا يجوز.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا أكراه أرضا سنة للغراس ، فغرس في مدة السنة ، ثمَّ خرجت السنة ، لم يكن للمكري المطالبة بقلع الغراس ، الا بشرط أن يغرم قيمته ، فاذا غرم قيمته أجبر على أخذه وصار الأرض بما فيها له ، أو يجبره على القلع ويلزمه ما بين قيمتها ثابتة ومقلوعة ، لما روت عائشة أن النبي عليه‌السلام قال : من غرس في رباع قوم بإذنهم فله القيمة. وقد روى أصحابنا مثل هذا ، وعليه إجماعهم ، وبه قال الشافعي.

وقال أبو حنيفة والمزني : له أن يجبره على القلع من غير أن يغرم له شيئا.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا استأجر دارا أو أرضا إجارة صحيحة أو فاسدة مدة معلومة ومضت المدة ، استقرت الأجرة على المستأجر ، انتفع أو لم ينتفع ، لان هذه المنافع قد تلفت في يده فيلزمه ضمانها ، وان لم ينتفع كما لو انتفع بها ، وبه قال الشافعي.

وقال أبو حنيفة : إذا كانت الإجارة فاسدة لم يستقر الأجرة عليه حتى ينتفع بالمستأجر ، وأما إذا مضت المدة ولم ينتفع به ، فإن الأجرة لا يستقر عليه.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا اختلف المكري والمكتري في قدر المنفعة أو قدر الأجرة ، فعند الشافعي يتحالفان ، مثل المتبايعين إذا اختلفا في قدر الثمن والمثمن ، فان كان لم يمض من المدة شي‌ء ، رجع كل واحد منهما الى حقه ، وان كان بعد مضي المدة في يد المكتري لزمه أجرة المثل.

ويجي‌ء على مذهب أبي حنيفة أنه إذا كان ذلك قبل مضى المدة ، فإنهما

__________________

(١) ح ، د : يعزز.

٦٦٦

يتحالفان. وان كان بعد مضي المدة في يد المكتري ، لم يتحالفا وكان القول قول المكتري.

والذي يليق بمذهبنا أن يستعمل فيه القرعة ، فمن خرج اسمه حلف وحكم له به ، لإجماع الفرقة على أن كل مشتبه يرد إلى القرعة.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا زرع أرض غيره ، ثمَّ اختلفا فقال الزارع : أعرتنيها.

وقال رب الأرض : بل أكريتكها ، وليس مع واحد منهما بينة حكم بالقرعة [ لإجماع الفرقة على أن كل مجهول يشتبه ففيه القرعة ] (١).

وللشافعي فيه قولان : أحدهما أن القول قول الزارع ، وكذلك الراكب (٢) إذا ادعى أن صاحب الدابة أعاره إياه ، وهو الذي يقوى في نفسي. والقول الثاني أن القول قول رب الأرض ورب الدابة.

وحكى أبو علي الطبري أن في أصحابه من حمل المسألتين على ظاهرهما ، وفرق بينهما بأن العادة جارية بإعارة الدواب واجارة الأرض.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من نسخة « د » م : كما قلنا فيما تقدم.

(٢) م ، د : في الراكب.

٦٦٧

كتاب احياء الموات

مسألة ـ ١ ـ : ) الأرضون الغامرة (٢) في بلاد الإسلام التي لا يعرف لها صاحب معين للإمام خاصة. وقال أبو حنيفة : انها يملك بالإحياء إذا أذن الامام في ذلك.

وقال الشافعي : لا يملك.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأرضون الغامرة في بلد الشرك التي لم تجر عليها ملك أحد للإمام خاصة. وقال الشافعي : كل من أحياه من مشرك ومسلم ، فإنه يملك بذلك.

مسألة ـ ٣ ـ : الأرضون الموات للإمام خاصة لا يملكها أحد بالاحياء الا أن يأذن له الامام.

وقال ( ـ ش ـ ) : من أحياها ملكها ، أذن الامام أو لم يأذن. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يملك إلا بإذن الامام وهو قول ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ٤ ـ : إذا أذن الإمام للذمي في إحياء أرض الموات في بلاد الإسلام فإنه يملك بالاذن ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز للإمام أن يأذن له فيه ، فان

__________________

(١) د ، ح : سقط « مسألة ».

(٢) خ ، د : العامرة.

٦٦٨

أذن له فيه فأحياها لم يملك.

يدل (١) على ما قلناه قوله عليه‌السلام : من أحيا أرضا ميتة فهي له. وقوله : من أحاط حائطا على أرض فهي له. وهذا عام.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا أحيا أرضا مواتا بقرب العامر الذي هو لغيره بإذن الإمام ملك بالإحياء ، بدلالة عموم قوله عليه‌السلام « من أحيا أرضا ميتة فهي له » وبه قال ( ـ ش ـ ) غير أنه لم يعتبر اذن الامام.

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يملك ، لأن في ذلك ضررا على هذا العامر.

مسألة ـ ٦ ـ : للإمام أن يحمى الكلا لنفسه ولعامة المسلمين ، لقيام الدلالة على عصمته ، وعلى أن أفعاله حجة وصواب ، ولقوله عليه‌السلام : لا حمى الا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين.

وقال ( ـ ش ـ ) : فإن أراد لنفسه لم يكن له ذلك ، وان حماه للمسلمين ففيه قولان : الصحيح أن له ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٧ ـ : للإمام أن يحمى للخيل المعدة في سبيل الله ونعم الجزية ونعم الصدقة والضوال ، لأن في ذلك مصلحة للمسلمين ، ولان الموات ملك الامام (٢) عندنا ، فله أن يحمي لما يشاء ، وهو قول ( ـ ش ـ ) إذا قال : له أن يحمي. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يحمي إلا للخيل التي هي للمجاهدين.

مسألة ـ ٨ ـ : ما حماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنه لا يجوز حله ولا نقضه لأحد بعده لان فعله حجة يجب الاقتداء به مثل قوله.

وقال ( ـ ش ـ ) : ينظر فان كان سبب الذي حماه له باقيا لم يجز نقضه ، وان كان السبب قد زال ففيه وجهان ، والصحيح عندهم أنه لا يجوز.

__________________

(١) م : دليلنا.

(٢) م : للإمام.

٦٦٩

مسألة ـ ٩ ـ : ما حماه الإمام يجري عندنا مجرى ما حماه النبي عليه‌السلام ، فان غيره هو أو غيره غيره من الأئمة القائمين مقامه أو غيره غير الإمام بإذنه جاز ذلك فأما غيرهم فلا يجوز ذلك بحال.

وقال ( ـ ش ـ ) ينظر ، فان غير ذلك هو أو غيره من الأئمة ، أو أحياه (١) رجل من الرعية ، يصح ذلك وملكه بالإحياء ، فأما إذا أحياه رجل من الرعية بغير اذنه فهل يملك؟ فيه قولان.

مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حريم البئر أربعون ذراعا ، وحريم العين خمسمائة ذراع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : على قدر الحاجة اليه ولم يحده ، بل قال : على ما جرت به العادة.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا سبق نفسان الى المعادن الظاهرة أقرع بينهما الامام ، فمن خرج اسمه قدمه ليأخذ حاجته ، بدلالة إجماع الفرقة على أن كل أمر مجهول فيه القرعة وهذا من المشتبه.

و ( ـ للش ـ ) فيه أقوال ثلاثة ، الصحيح عندهم ما قلناه. والثاني أنه مخير في تقديم أيهما شاء. والثالث يقيم غيرهما في أخذ ما فيه ويقسمه (٢) بينهما.

مسألة ـ ١٢ ـ : لا يجوز للإمام أن يقطع أحدا شيئا من الشوارع والطرقات وأرجاء (٣) الجوامع ، لان هذه المواضع الناس فيها مشتركون ، ولا يملكها أحد بعينه ، ولا دلالة على أن للسلطان إقطاعها. وقال ( ـ ش ـ ) : للسلطان أن يقطع ذلك.

__________________

(١) م : واختاره.

(٢) م : وتقسيمه.

(٣) م : ولارحاب ، ح : وارحاب خ والارحاب.

٦٧٠

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا ملك البئر بالاحياء وخرج ماؤها ، فإنه أحق (١) بها من غيره بقدر حاجته وحاجة ماشيته ، وما يفضل عن ذلك وجب عليه بذله لغيره لحاجته اليه للشرب له ولماشيته ، ولا يجب عليه بذله لسقي زرعه ، بل يستحب له ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال أبو عبيد بن خربوذ : يستحب له ذلك لسقي غيره وسقي مواشيه وسقي زرعه ولا يجب على حال ، وفي الناس من قال : يجب عليه بذله بلا عوض لشرب الماشية ولسقي الزرع. وفيهم من قال : يجب عليه بالعوض ، فأما بلا عوض فلا.

دليلنا : ما رواه أبو هريرة أن النبي عليه‌السلام قال : من منع فضل الماء ليمنع به الكلاء منعه الله فضل رحمته يوم القيامة.

وفيه أدلة : أحدها أنه توعد على المنع. والثاني أنه يجب عليه البذل بلا عوض. والثالث أن الفاضل هو الذي يجب بذله دون ما يحتاج اليه لماشيته وزرعه.

وروى ابن عباس أن النبي عليه‌السلام قال : الناس شركاء في الثلاث : الماء ، والنار والكلاء. وروى جابر أن النبي عليه‌السلام نهى عن بيع فضل الماء. ولا يمكن حمله الا على هذا الموضع.

__________________

(١) م : بما بها.

٦٧١

كتاب الوقوف والصدقات

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تلفظ بالوقف ، وقال : وقفت ، أو حبست ، أو تصدقت ، أو سبلت ، وقبض الموقوف عليه ، أو من يتولى عنه ، لزم الوقف ، وبه قال جميع الفقهاء الشافعي وغيره ، وهو قول ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، غير أنه لم يعتبر أحد منهم القبض غيرنا وغير ( ـ م ـ ).

وروى عيسى بن أبان أن أبا يوسف لما قدم بغداد كان على قول ( ـ ح ـ ) في بيع الوقف ، فحدثه إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن ابن عوف عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب ملك مائة سهم من خيبر اشتراها ، فلما استجمعها قال : يا رسول الله اني أصبت مالا لم أصب مالا قط مثله وقد أردت أن أتقرب به الى الله تعالى ، فقال النبي عليه‌السلام : حبس الأصل وسبل الثمرة ، فقال : هذا لا يسع أحدا خلافه ، ولو تناهى إلى ( ـ ح ـ ) لقال به ومنع حينئذ من بيعها.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان حكم الحاكم بالوقف لزم ، وان لم يحكم لم يلزم ، وكان الواقف بالخيار ان شاء باعه ، وان شاء وهبه ، وان مات ورثه وان أوصى بالوقف لزم في الثلث فناقض ، لأنه جعل الوقف لازما في ثلثه إذا أوصى به ، ولم يجعله لازما في ثلثه في حال مرضه المخوف إذا نجزه ولم يؤخره ، ولا لازما في جميع

٦٧٢

ماله في حال صحته.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شرط لزوم الوقف عندنا القبض ، وبه قال محمد بن الحسن. وقال ( ـ ش ـ ) والباقون : ليس القبض من شرط لزومه.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وقف دارا أو أرضا أو غيرهما ، فإنه يزول ملك الواقف ، وعليه أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وخرج ابن سريج قولا آخر أنه لا يزول ملكه لقول النبي عليه‌السلام « حبس الأصل وسبل الثمرة » وتحبيس الأصل يدل على بقاء الملك. وليس ما ذكره بشي‌ء ، لأن معنى التحبيس في الخبر أنها (١) صدقة لا يباع ولا يوهب ولا يورث.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يحرم الصدقة المفروضة على بني هاشم من ولد أبي طالب العقيلين ، والجعافرة ، والعلوية ، وولد العباس بن عبد المطلب ، وولد أبي لهب ، ولا عقب لهاشم الا من هؤلاء. ولا يحرم على ولد المطلب ، ونوفل ، وعبد شمس ، وولد حارث بن عبد المطلب ابني عبد مناف (٢).

وقال ( ـ ش ـ ) : يحرم الصدقة على هؤلاء كلهم ، وهم جميع ولد عبد مناف.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يحرم صدقة بنى هاشم بعضهم على بعض ، وانما يحرم صدقة غيرهم عليهم. وأطلق ( ـ ش ـ ) تحريم الصدقة المفروضة عليهم من غير تفصيل ، فأما صدقة التطوع فلا خلاف أنها يحل لهم.

مسألة ـ ٦ ـ : يجوز وقف الأرض ، والعقار ، والدور ، والرقيق ، والسلاح ، وكل عين يبقى بقاءا متصلا ويمكن الانتفاع بها ، بدلالة عموم الاخبار في جواز الوقف من قولهم عليهم‌السلام « الوقف على حسب ما يشرطه (٣) الواقف ».

وروي أن أم معقل جاءت إلى النبي عليه‌السلام ، فقالت : يا رسول الله ان أبا معقل

__________________

(١) م : هو أنها.

(٢) م : وعبد شمس بنى عبد مناف.

(٣) م : ما شرطه.

٦٧٣

جعل ناضحة في سبيل الله واني أريد الحج فأركبه ، فقال النبي عليه‌السلام : اركبيه فان الحج والعمرة في سبيل الله. وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ف ـ ) : لا يجوز إلا في الأراضي والدور والكراع والسلاح والغلمان تبعا للضيعة الموقوفة ، فأما على الانفراد فلا.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقف المشاع جائز (١) ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ م ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٨ ـ : ألفاظ الوقف التي (٢) يحكم بصريحها قوله وقفت وحبست وسبلت ، وما عداها يعلم بدليل ، أو بإقراره أنه أراد به الوقف ، وذلك مثل قوله تصدقت وحرمت وأبدت ، ولا بد في جميع ذلك من اعتبار القصد والنية.

وقال ( ـ ش ـ ) : ألفاظ الوقف ستة : وقفت ، وتصدقت ، وسبلت ، وحبست ، وحرمت وأبدت ، فالوقف صريح ، وتصدقت مشترك ، وحبست وسبلت صريحان ، وحرمت وأبدت على أحد الوجهين صريحان والأخر أنهما كنايتان.

ويدل على ما قلناه أن ذلك مجمع على أنه صريح في الوقف ، ولا دلالة على ما ذكره.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا وقف على ما يصح انقراضه في العادة ، مثل أن يقف على ولده وولد ولده وسكت على ذلك ، فمن أصحابنا من قال : لا يصح الوقف.

ومنهم من قال : يصح ، فاذا انقرض الموقوف عليه رجع الى الواقف ان كان حيا وان كان ميتا رجع الى ورثته ، وبه قال ( ـ ف ـ ).

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما لا يصح. والأخر : يصح ، فاذا انقرض رجع الى أبواب البر ولا يعود اليه ولا الى ورثته.

دليلنا : أن عوده الى البر بعد انقراض الموقوف عليهم يحتاج الى دليل ،

__________________

(١) م : يجوز وقف المشاع.

(٢) د ، ح : الذي.

٦٧٤

وليس في الشرع ما يدل عليه ، والأصل بقاء الملك عليه أو على ولده.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا وقف على من لا يصح الوقف عليه مثل العبد ، أو حمل لم يوجد ، أو رجل مملوك (١) وما أشبه ذلك ثمَّ بعد ذلك على أولاده الموجودين في الحال وبعدهم على الفقراء والمساكين ، بطل الوقف فيمن بدأ بذكره ، لأنه لا يصح الوقف عليهم وصح في حيز الباقين ، لأنه يصح الوقف عليهم ، ولا دليل على ابطال الوقف ولا مانع يمنع من صحته. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان بناء على تفريق الصفقة.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا وقف مطلقا ولم يذكر الموقوف عليه ، مثل أن يقول : وقفت هذه الدار وهذه الضيعة (٢) ، ثمَّ سكت ولا يبين على من (٣) وقفها لا يصح الوقف لأنه مجهول ، والوقف على المجهول باطل.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : يصح ويصرفه الى الفقراء أو المساكين ويبدأ بفقراء أقاربه لأنهم أولى.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وقف وقفا وشرط أن يصرف منفعته في سبيل الله ، جعل بعضه للغزاة المطوعة دون العسكر المقاتل على باب السلطان ، وبعضه في الحج والعمرة ، لأنهما من سبيل الله ، وبه قال ( ـ د ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يصرف جميعه إلى الغزاة الذين ذكرناهم.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الوقف على أهل الذمة إذا كانوا أقاربه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك مطلقا (٤) ولم يخص.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا وقف على مولاه وله موليان : مولى من فوق ، ومولى

__________________

(١) خ : رجل مجهول.

(٢) م : أو هذه.

(٣) ح ، م : على وقفها.

(٤) م : وبه قال ( ـ ش ـ ) مطلقا.

٦٧٥

من أسفل ولم يبين انصرف إليهما ، لأن اسم المولى يتناولهما.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها ما قلناه ، وهو الصحيح عندهم. والثاني : ينصرف الى المولى من فوق والثالث : يبطل ، لأنه مجهول.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده دخل أولاد البنات فيه ويشتركون فيه مع أولاد البنين الذكر والأنثى فيه سواء كلهم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال أصحاب ( ـ ح ـ ) : لا يدخل أولاد البنات فيه ، وحكي أن عيسى بن أبان كان قاضي البصرة ، فأخرج من الوقف أولاد البنات ، وبلغ ذلك أبا خازم وكان قاضيا ببغداد ، فقال : أصاب في ذلك. وقد نص محمد بن الحسن على أنه إذا عقد الأمان لولده وولد ولده دخل فيه ولد ابنه دون ولد بنته.

يدل على ما ذهبنا إليه إجماع المسلمين على أن عيسى عليه‌السلام من ولد آدم وهو ولد بنته. وقول النبي عليه‌السلام لا تزرموا ابني حين بال في حجره الحسن وهو ابن بنته ، فأما استشهادهم بقول الشاعر :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

فإنه مخالف لقول النبي عليه‌السلام وإجماع الأمة والمعقول ، فوجب رده على أنه انما أراد الشاعر بذلك الانتساب ، لأن أولاد البنت لا ينتسبون إلى أمهم ، وانما ينتسبون إلى أبيهم ، وكلامنا في غير الانتساب ، وأما قولهم ان ولد الهاشمي من العامية هاشمي فالجواب عنه أن ذلك في الانتساب ، وكلامنا في الولادة وهي متحققة من جهة الأم.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال وقفت هذا على فلان سنة بطل الوقف.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أنه يصح ، فاذا مضت سنة صرف الى الفقراء والمساكين ويبدأ بقراباته ، لأنهم أولى بصدقته.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا وقف على بني تميم أو بني هاشم ، صح الوقف ، لأنهم

٦٧٦

متعينون مثل الفقراء والمساكين ، ولا خلاف أن الوقف عليهم يصح.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا يصح ، لأنهم غير محصورين فهو مجهول.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا وقف على نفسه ، ثمَّ على أولاده ، ثمَّ على الفقراء أو المساكين (١) ، لم يصح الوقف على نفسه ، لأنه لا دلالة على أن وقفه على نفسه صحيح ، وصحة الوقف حكم شرعي ، ولان الوقف (٢) تمليك ، ولا يصح أن يملك الإنسان نفسه ما هو ملك له كالبيع ، لأنه لا خلاف أنه لا يصح أن يبيع من نفسه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، والزهري : يصح وقفه على نفسه ، وبه قال ابن سريج.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا حكم الحاكم بصحة الوقف على نفسه لم ينعقد حكمه (٣) لأنه لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : ينعقد (٤) حكمه ولا يجوز نقضه ، لأنه مسألة اجتهاد.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا بنى مسجدا وأذن للناس فصلوا فيه ، أو عمل مقبرة وأذن في الدفن فيه فدفنوا فيه ، ولم يقل انه وقف لم يزل ملكه ، لأنه لا دلالة عليه ، والأصل بقاء الملك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا صلوا فيه أو دفنوا فيه زال ملكه.

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا وقف مسجدا ، ثمَّ انه خرب وخربت المحلة أو القرية لم يعد الى ملكه ، لان ملكه قد زال بلا خلاف ، ولا دليل على عوده الى ملكه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) م : والمساكين.

(٢) م : لا دلالة عليه ولان الوقف.

(٣) م ، خ : لم ينفذ « وكذا الثاني ».

(٤) م ، خ : لم ينفذ « وكذا الثاني ».

٦٧٧

وقال ( ـ م ـ ) : يعود المسجد الى ملكه ، كالكفن إذا ذهب بالميت السيل أو أكله السبع.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا خرب الوقف ولا يرجى عوده ، في أصحابنا من قال بجواز بيعه ، وإذا لم يختل لم يجز بيعه ، وبه قال ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعه بحال.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا انقلعت نخلة من بستان وقف أو انكسرت جاز بيعها ، لأنه لا يمكن الانتفاع بهذه النخلة الا على هذا الوجه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا وقف على بطون ، فأكرى البطن الأول الوقف عشر سنين وانقرضوا لخمس سنين ، فإن الإجارة تبطل في حق البطن الثاني ، ولا يبطل في حق البطن الأول ، لأن عندنا الموت يبطل الإجارة. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

٦٧٨

كتاب الهبات

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الهبة لا يلزم الا بالقبض ، وقبل القبض للواهب الرجوع فيها ، وكذلك الرهن والعارية ، وكذلك الدين الحال إذا أجله لا يعاجل (١) وله المطالبة به في الحال ، وبه قال في الصحابة أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وابن عمر ، وابن (٢) عباس ، ومعاذ ، وأنس ، وعائشة ، ولا يعرف لهم مخالف (٣) ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يلزم ذلك كله بنفس العقد ، ولا يفتقر الى القبض ، ويتأجل الحق بالتأجيل ويلزم الأجل. وأما ( ـ ح ـ ) فقد وافقنا الا أنه قال : الأجل في الثمن يلزم ويلحق بالعقد.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى موسى بن عقبة عن أمه أم كلثوم أن النبي عليه‌السلام قال لأم سلمة : إني أهديت الى النجاشي أواني من مسك وحلة ، واني لأراه يموت قبل أن يصل اليه ولا أرى الهدية إلا سترد

__________________

(١) م ، خ : لا يتأجل.

(٢) ح ، د : « بحذف عمرو ابن ».

(٣) ح ، د : تخالفهما.

٦٧٩

علي ، فان ردت إلى فهي لي. فكان كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله مات النجاشي قبل أن يصل اليه ، فردت الهدية اليه ، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك ، واعطى سائره أم سلمة وأعطاها الحلة وهذا نص.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا قبض الموهوب له الهبة بغير اذن الواهب ، كان القبض فاسدا ووجب عليه رده ، لأنه لا دلالة على صحة هذا القبض ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان قبضه في المجلس صح ، وان كان بغير اذنه ، وان قام من مجلسه لم يكن له القبض ، فان قبض كان فاسدا ووجب عليه رده.

مسألة ـ ٣ ـ : هبة المشاع جائزة ، سواء كان ذلك مما يمكن قسمته أو لا يمكن قسمته ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في جواز إلهية ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور ، وداود ، وسائر الفقهاء.

وقال ( ـ ح ـ ) : هبة المشاع فيما لا يمكن قسمته مثل الحيوان والجواهر والرحا والحمامات وغيرها يصح ، فأما ما ينقسم فلا يجوز هبته والهبة بهذا التفصيل يختص على مذهبه ، لأنه سوى بين ما ينقسم وما لا ينقسم في المواضع التي يمنع فيها العقد على المشاع مثل الرهن وغيره.

ويدل على مذهبنا ما روي عن النبي عليه‌السلام أنه اشترى سراويلا بأربعة دراهم ، فقال للوزان : زن وأرجح. فقوله عليه‌السلام « وأرجح » هبة وهو مشاع.

وروي عن النبي عليه‌السلام أنه قال يوم خيبر : ما لي مما أفاء الله عليكم الا الخمس والخمس مردود فيكم ، فردوا الخيط والمخيط ، فان الغلول يكون على أهله عارا يوم القيامة ونارا وشنارا ، فقام رجل في يده كبة من شعر ، فقال : أخذت هذه لاصلح برذعة بعيري ، فقال : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك ، فقال : أما إذا بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها ونبذها وكانت حصة النبي عليه‌السلام في الكبة مشاعا. فدل على جواز الهبة مشاعا.

٦٨٠