المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

كان له الرجوع.

مسألة ـ ٢٠٠ ـ : إذا وكل وكيلا ببيع عبد له فباعه ، فظهر عيب عند المشتري فطالب الوكيل فأنكر أن يكون العيب به قبل القبض ، فالقول قوله فان حلف سقط الرد ، فان نكل رددنا اليمين على المشتري ، فان حلف رده على الوكيل ، فاذا رده عليه لم يكن له رده على الموكل ، لأنه عاد اليه باختياره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : القول قول الوكيل ، فان حلف سقط الرد ، فان لم يحلف حكمنا عليه بالنكول ورد عليه العبد بذلك ، فكان له رده على موكله.

مسألة ـ ٢٠١ ـ : إذا باع ذهبا بفضة ومع أحدهما عرض ، مثل أن باعه دراهم وثوبا بذهب أو ذهبا وثوبا بفضة ، فهو بيع وصرف ، فإنهما يصحان معا ، بدلالة الاية والأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ). و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما يصحان ، والأخر يبطلان.

مسألة ـ ٢٠٢ ـ : إذا باع ثوبا وذهبا بذهب ، أو ثوبا وفضة بدراهم ، فان كان الثوب مع أقلهما وزنا صح ، بدلالة الآية والأصل ، وان تساوى النقدان في الوزن لم يصح. وقال ( ـ ش ـ ) : يبطلان.

مسألة ـ ٢٠٣ ـ : إذا قال بعتك عبدي وآجرتك داري هذه شهرا بألف ، فهما بيع واجارة ، ويصحان عندنا بدلالة ما تقدم في المسألة (١) الاولى. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٠٤ ـ : إذا قال (٢) لعبده : بعتك عبدي هذا وكاتبتك بألف إلى نجمين فالبيع باطل بلا خلاف ، لأنه لا يصح بيع عبده من عبده ، وهل يصح الكتابة؟ فعندنا يصح ، بدلالة الآية والأصل ، وقوله تعالى « فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً » (٣)

__________________

(١) م : سقط « في المسألة الأولى ».

(٢) م : إذا قال لعبد.

(٣) سورة النور آية ٣٣.

٥٠١

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان بناء على تفريق الصفقة.

مسألة ـ ٢٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال بعني هذا الثوب وتخيطه لي بألف ، أو قال : بعني هذه الحنطة وتطحنها بألف ، أو بعني هذه القلعة وتحذوها لي جميعا بدينار ، فهو كالكتابة يصح جميع ذلك. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٠٦ ـ : إذا قال زوجتك بنتي هذه وبعتك عبدها هذا جميعا بألف ، فهذا بيع ونكاح ، فإنهما يصحان معا بدلالة ما تقدم ، وقسطنا العوض عليهما بالحصة.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٠٧ ـ : إذا قال أبوها لزوجها : زوجتك بنتي هذه ولك هذا الالف بعبدك هذا ، فالعبد بعضه مبيع وبعضه مهر ، فعندنا يصحان ، بدلالة ما قلناه فيما تقدم. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ويقسط العبد على مهر المثل والالف بالحساب ، والأخر يبطلان.

مسألة ـ ٢٠٨ ـ : إذا قال لرجل : زوجتك بنتي هذه ولك هذا الالف معا بهذين الألفين من عندك ، صح البيع والمهر معا ، لمثل ما قلناه فيما تقدم ويكون صرفا ونكاحا ، وعند ( ـ ش ـ ) يبطل.

مسألة ـ ٢٠٩ ـ : إذا قال : زوجتك بنتي هذه ولك هذا الالف بهذا الالف دينار ، كان صحيحا ، ويكون نكاحا وصرفا مع اختلاف الجنس ، بدلالة ما تقدم.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢١٠ ـ : إذا ملك العبد سيده شيئا ملك التصرف فيه ولا يملكه ، بدلالة قوله تعالى « ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ » (١) وقوله « هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ » (٢) فنفى عنه القدرة عموما إلا

__________________

(١) سورة نحل : ٧٧.

(٢) سورة الروم : ٢٧.

٥٠٢

ما أخرجه الدليل ، ونفى في الآية الأخرى أن يشاركه أحد في ملكه ، وجعل الأصل العبد مع مولاه ، فقال : إذا لم يشارك عبد أحدكم مولاه في ملكه فيساويه ، فكذلك لا يشاركني في ملكي أحد فيساويني فيه ، فثبت أن العبد لا يملك أبدا.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان قال في القديم : يملكه (١) إذا ملكه سيده ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وعثمان البتي ، وداود ، وأهل الظاهر ، وزاد ( ـ ك ـ ) فقال : يملك وان لم يملكه سيده. وقال في الجديد : لا يملك ، وبه قال أكثر أهل العراق ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

واستدل من قال انه يملك بما روى سالم عن أبيه أن النبي عليه‌السلام قال : من باع عبدا وله مال ، فماله للبائع الا أن يشرط المبتاع. وروي هذا الخبر عن علي ، وعمر ، وجابر ، وعائشة. وبما روى نافع عن ابن عمر أن النبي عليه‌السلام قال : من أعتق عبدا وله مال ، فماله للعبد الا أن يستثنيه السيد.

وروي أن سلمان كان عبدا فأتى النبي عليه‌السلام بشي‌ء ، فقال : هو صدقة فرده ، فأتاه ثانيا ، فقال : هو هدية فقبله ، فلو لا أن كان (٢) يملكه لما قبله. وبقول تعالى « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ » (٣) فبين أنه يغنيهم بعد فقر ، فلو لم يملك العبد لما تصور فيه الغنى.

والجواب عن الآية أن معناه يغنيهم بالعتق.

والجواب عن الخبر الأول : أن اضافة المال الى العبد اضافة محل لا اضافة ملك ، أو اضافة جواز التصرف فيه ، لأنا نجيز ذلك ، بدلالة أنه أضاف المال الى العبد بعد البيع ، فقال : من باع عبدا وله مال ، وأيضا فإنه قال : فماله للبائع ، ولا يجوز أن يكون هذا المال لكل واحد منهما ، فثبت أنه أضاف إلى

__________________

(١) م : يملك.

(٢) م : فلو لا انه.

(٣) سورة النور : آية ٣٢.

٥٠٣

العبد مجازا لا حقيقة. وأما الحديث الثاني ، فإنه ضعيف.

وقال ( ـ د ـ ) : من أعتق عبدا وله مال ، فماله لسيده الا أن يصح حديث عبد الله ابن أبي حفص ، وقد رووا أنه قال : فمال العبد له. ورووا أيضا أنه قال : فماله لسيده الا أن يجعل له ، فتعارض الاخبار.

وأما حديث سلمان ففيه جوابان : أحدهما أن سلمان لم يكن عبدا وانما كان مغلوبا عليه مسترقا بغير حق ، يدل عليه أن النبي عليه‌السلام قال له : سلهم أن يكاتبوك فلما فعلوا قال النبي عليه‌السلام استنقذوه ، وانما يقال هذا فيمن كان مقهورا بغير حق. والثاني أنه لو كان مملوكا أيضا فلا حجة فيه ، لأنه لا خلاف أن هدايا المملوك لا يقبل بغير اذن سيده ، فلما قبلها النبي عليه‌السلام ثبت أنه كان بإذن سيده.

مسألة ـ ٢١١ ـ : إذا كان مع العبد مائة درهم ، فباعه بمائة درهم ودرهم صح البيع ، بدلالة الآية ، فان باعه بمائة درهم لم يصح ، وبه قال ( ـ ح ـ ). و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢١٢ ـ : إذا كان ماله دينا فباعه وماله صح البيع بدلالة الآية (١) ، ولان البيع (٢) عندنا صحيح. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح.

مسألة ـ ٢١٣ ـ : إذا باعه عبده ومالا ، ثمَّ علم بالعيب وما حدث به عنده (٣) عيب ولا نقص كان له رده والمال معه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال داود : يرده دون المال.

مسألة ـ ٢١٤ ـ : من اختلط ماله الحرام بالحلال ، فالشراء مكروه منه وليس بحرام إذا لم يكن الحرام بعينه ، سواء كان الحرام أقل أو أكثر أو متساويا ،

__________________

(١) م : بإضافة « وأحل الله البيع ».

(٢) م : لان بيع الدين.

(٣) م : وما حدث عنده.

٥٠٤

وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان الحرام أكثر حرم كله ، وان كان الحلال أكثر فهو حلال.

ويدل على ما قلناه قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (١) فمن حكم بتحريم الكل فعليه الدليل. وأيضا روي النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول الحلال بين والحرام بين وبين ذلك مشتبهات لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام ، فمن تركها استبراء لعرضه ودينه فقد سلم ، ومن واقع شيئا منها يوشك أن يواقع الحرام ، كما أنه من يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ، ألا وان لكل ملك حمى ، ألا وان حمى الله محارمه.

مسألة ـ ٢١٥ ـ : إذا ادعى عمرو عبدا في يد زيد ، وأقام البينة أنه له اشتراه من زيد ، وأقام زيد البينة أنه له وأنه هو اشتراه من عمرو ، فالبينة بينة الخارج وهو عمرو ، بدلالة قول النبي عليه‌السلام البينة على المدعي ، وبه قال ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : البينة بينة الداخل.

مسألة ـ ٢١٦ ـ : إذا اشترى رجلان من رجل عبدا صفقة واحدة ، ثمَّ غاب أحد المشتريين قبل القبض وقبل دفع الثمن ، فللحاضر أن يقبض قدر حقه ويعطي ما يخصه من الثمن ، وله أن يدفع كل الثمن نصفه عنه ونصفه عن شريكه.

فاذا فعل فإنما له قبض (٢) نصيبه دون نصيب شريكه ، لأنه حقه وقبض نصيب الغير يحتاج الى دليل في صحته ، فاذا عاد شريكه كان له قبض نصيبه من البائع وليس لشريكه الرجوع عليه بما قضى عنه من الثمن ، لأنه قضى دينه بغير أمره ، فيحتاج الى دليل في صحة رجوعه عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٧٦.

(٢) م : فإنما يقبض.

٥٠٥

وخالف ( ـ ح ـ ) في المسائل الثلاثة ، فقال : ليس للحاضر أن ينفرد بقبض (١) نصيبه بدفع نصيبه من الثمن ، وقال : للحاضر أن يدفع جميع الثمن عن نفسه وعن شريكه ، فاذا دفع كان له قبض كل العبد نصيبه ونصيب شريكه ، قال : فاذا حضر الغائب كان للحاضر أن يرجع عليه بما قضى عنه من الثمن.

مسألة ـ ٢١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الاستبراء واجب على البائع في الجارية وعلى المشتري معا ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، والحسن البصري ، والنخعي ، وابن سيرين.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : هو مستحب للبائع ، واجب على المشتري ، وبه قال أكثر الفقهاء. وقال عثمان البتي : الاستبراء واجب على البائع ، مستحب للمشتري.

مسألة ـ ٢١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حاضت الجارية في مدة الخيار عند المشتري جاز أن يعتد به في الاستبراء ويكفيه ذلك.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الخيار للبائع أو لهما لا يعتد به ، وان كان للمشتري وحده فمبنى على أقواله الثلاثة في انتقال الملك ، فاذا قال : ينتقل بنفس العقد أو مراعى فقد كفاه الاستبراء. وإذا قال : بمجموعهما لم يعتد بذلك.

مسألة ـ ٢١٩ ـ : الاستبراء يكون عند المشتري ، سواء كانت جميلة أو قبيحة.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كانت جميلة رائعة وجبت المواضعة عند عدل حتى يستبرئ ثمَّ يقبضها المشتري.

مسألة ـ ٢٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى جارية في حال حيضها احتسب ببقية الحيض وكفاه.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يحتسب وعليه أن يستأنف الاستبراء حيضة أخرى. وقال ( ـ ك ـ ) :

__________________

(١) م : ويقبض.

٥٠٦

ان مضى الأقل وبقي الأكثر يحتسب به.

مسألة ـ ٢٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال. وصورته أن يقول بعتك برأس مال وربح درهم على كل عشرة. وليس ذلك بمفسد للبيع وبه قال ابن عمر ، وابن عباس.

قال ابن عباس : أكره أن أبيع ده يازده وده دوازده ، لأنه بيع الأعاجم.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وأكثر الفقهاء : انه غير مكروه والبيع صحيح طلق روي ذلك عن ابن مسعود ، وعمر. وقال ( ـ د ـ ) ، وإسحاق بن راهويه : بيع المرابحة باطل.

مسألة ـ ٢٢٢ ـ : إذا اشترى سلعة بمائة إلى سنة ، ثمَّ باعها في الحال مرابحة وأخبر أن ثمنها مائة ، فالبيع صحيح بلا خلاف ، فاذا علم المشتري بذلك ، كان بالخيار بين أن يقبضه الثمن حالا أو يرده بالعيب ، لأنه تدليس ، وبه قال أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وقالوا : لا نص لنا في المسألة.

وقال ( ـ ح ـ ) : يلزم البيع بما تعاقدا عليه ، ويكون الثمن حالا ، لأنه قد صدق فيما أخبر.

وقال ( ـ ع ـ ) (١) : يلزم العقد ويكون الثمن في ذمة المشتري على الوجه الذي هو في ذمة البائع إلى أجل.

مسألة ـ ٢٢٣ ـ : إذا قال هذا علي بمائة بعتك بربح كل عشرة درهم ، فقال اشتريت ، ثمَّ قال : غلطت اشتريته بتسعين كان البيع صحيحا ، لأن الأصل صحته وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : البيع باطل.

مسألة ـ ٢٢٤ ـ : إذا ثبت أن البيع صحيح ، فكم يلزمه؟ عندنا هو بالخيار بين أن يأخذه بمائة وعشرة أو يرد والخيار إليه ، لأن العقد وقع على مائة وعشرة

__________________

(١) د : وقال ح.

٥٠٧

فاذا تبين نقصانا في الثمن كان ذلك عيبا ، فالخيار اليه بين الرد والرضا به ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه. والقول الثاني يلزمه تسعة وتسعون درهما ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وهو قوي لأنه باعه مرابحة.

مسألة ـ ٢٢٥ ـ : إذا باع سلعة ، ثمَّ حط من ثمنه بعد لزوم العقد وأراد بيعه مرابحة لم يلزمه حطه وكان الثمن ما عقد عليه قبل الحط ، لان الثمن قد استقر بالعقد وكان الحط هبة للمشتري ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يلحق ذلك بالعقد ويكون الثمن ما بعد العقد.

مسألة ـ ٢٢٦ ـ : إذا اشترى ثوبا بعشرة وباعه بخمسة عشر ثمَّ اشتراه بعشرة فقد ربح خمسة ، فإذا أراد بيعه مرابحة أخبر بالثمن الثاني وهو عشرة ، لأنه إنما ملك بالثمن الثاني ولم يجب عليه أن يخبر بدونه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه أن يخبر بما قد قام عليه ، وهو أن يحط الخمسة التي ربحها.

مسألة ـ ٢٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى سلعتين بثمن واحد ، فإنه لا يجوز أن يبيع أحدهما مرابحة ويقسم الثمن عليهما على قدر قيمتهما ، وبه قال ( ـ ح ـ ) في السلعتين وأجاز في القفيزين. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز في الكل.

مسألة ـ ٢٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع شيئين صفقة واحدة أحدهما ينفذ فيه البيع ، والأخر لا ينفذ ، بطل فيما لا ينفذ البيع فيه ، وصح فيما ينفذ فيه ، سواء كان أحدهما مالا والأخر ليس بمال ، مثل أن باع خلا وخمرا أو حرا وعبدا أو شاة وخنزيرا ، أو يكون أحدهما مالا والأخر في حكم المال ، مثل أن باع أمته وأم ولده أو عبده وعبدا موقوفا ، أو يكون أحدهما ماله والأخر مال الغير الباب واحد.

وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل فيما لا ينفذ فيه البيع قولا واحدا. وهل يبطل في الأخر؟ على قولين أصحهما عندهم أن البيع يصح.

وقال ( ـ ح ـ ) : [ ان كان أحدهما مالا والأخر ليس بمال ولا في حكم المال بطل

٥٠٨

في المال وان كان أحدهما مالا والأخر في حكم المال صح في المال ] (١) وان كان (٢) أحدهما مالا له والأخر مال غيره (٣) نفذ في ماله وكان في مال الغير موقوفا.

وقال ( ـ ك ـ ) ، وداود : يبطل فيهما.

مسألة ـ ٢٢٩ ـ : إذا جمع الصفقة بين ما يصح بيعه وما لا يصح على ما قلناه فالمشتري بالخيار بين أن يرد أو يمسك ما يصح فيه البيع بما يخصه من الثمن الذي يتقسط عليه ، لأنه إذا بطل بيع أحدهما سقط عنه الثمن بحسابه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : إذا قال يصح البيع أحدهما ما قلناه ، والثاني أن له أن يمسك بجميع الثمن أو يرد.

مسألة ـ ٢٣٠ ـ : إذا اختار إمساكه بكل الثمن ، فلا خيار للبائع. وان اختار إمساكه بما يخصه من الثمن ، فلا خيار له أيضا عندنا ، بدلالة ما قلناه في المسألة المتقدمة (٤). و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اختلفا المتبايعان في قدر الثمن ، فقال البائع : بعتك بألف. وقال المشتري بخمسمائة ، فالقول قول المشتري مع يمينه ان كانت السلعة تالفة ، وان كانت سالمة ، فالقول قول البائع مع يمينه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتحالفان وينفسخ البيع بينهما أو يفسخ ، وسواء كانت السلعة قائمة أو تالفة ، وانما يتصور الخلاف إذا هلكت في يد المشتري ، فأما إذا هلكت في يد البائع بطل البيع بلا خلاف.

وقال ( ـ ش ـ ) : رجع محمد بن الحسن الى قولنا ، وخالف أصحابه.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : ان كانت السلعة قائمة تحالفا ، وان كانت تالفة ، فالقول قول

__________________

(١) م : سقط ما بين المعقوفتين.

(٢) م : وانه كان.

(٣) م : والأخر لغيره.

(٤) م : في المسألة الأولى.

٥٠٩

المشتري لأنه غارم.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كانت تالفة ، فالقول قول المشتري. وان كانت قائمة ، فعنه روايتان : إحداهما القول قول المشتري ، والأخرى القول قول من السلعة في يديه. والأخر مدعى عليه ، فان كانت في يد البائع ، فالقول قوله ، وان كانت في يد المشتري فالقول قوله والبائع مدع.

وقال زفر ، وأبو ثور : القول قول المشتري ، سواء كانت السلعة سالمة أو تالفة.

مسألة ـ ٢٣٢ ـ : إذا اختلفا في شرط يلحق بالعقد يختلف لأجله الثمن مثل أن قال بعتكه نقدا ، فقال : بل إلى سنة ، أو قال : إلى سنة ، فقال : الى سنتين ، فلا فصل بين أن يختلفا في أصل الأجل أو في قدره.

وكذلك الخيار إذا اختلفا في أصله أو في قدره. وكذلك في الرهن إذا اختلفا في أصله أو في قدره. وكذلك في العين إذا اختلفا في أصله. وكذلك الشهادة. وكذلك في ضمان العهدة ، وهو أن يضمن عن البائع الثمن متى وقع الاختلاف في شي‌ء من هذا ، فالقول قول البائع مع يمينه ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في أنه متى اختلف المتبايعان ، فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار وهو على عمومه في كل شي‌ء.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتحالفان. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يتحالفان ويكون القول قول من ينفي الشرط.

مسألة ـ ٢٣٣ ـ : إذا اختلفا في شرط يفسد البيع ، فقال البائع : بعتك إلى أجل معلوم. وقال المشتري : الى أجل مجهول ، أو قال : بعتك بدراهم أو دنانير ، فقال اشتريته بخمر أو خنزير ، كان القول قول من يدعي الصحة ، بدلالة أن الأصل في العقد الصحة ، وعلى من ادعى الفساد البينة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

٥١٠

وقال ابن أبي هريرة من أصحابه : فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٣٤ ـ : إذا باع شيئا بثمن في الذمة ، فقال البائع : لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن ، وقال المشتري : لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع ، فعلى الحاكم أن يجبر البائع على تسليم المبيع أولا ، ثمَّ يجبر المشتري على تسليم الثمن بعد ذلك بعد أن يحضر المبيع والثمن ، لان الثمن انما يستحق على المبيع فيجب أولا تسليم المبيع ليستحق الثمن ، فاذا سلم المبيع استحق الثمن ، فوجب حينئذ إجباره على تسليمه.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها يجبر البائع. والثاني يجبر كل واحد منهما مثل ما قلناه ، وهو الصحيح عندهم. والثالث لا يجبر واحد منهما.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : يجبر المشتري على تسليم الثمن أولا.

مسألة ـ ٢٣٥ ـ : إذا كان البيع عينا بعين ، فالحكم فيه كالحكم في المسألة الأولى سواء ، بدلالة ما ذكرناه هناك.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها يجبر كل واحد منهما على إحضار ما عليه.

والثاني لا يجبر واحد منهما ، وأيهما تطوع بالدفع أجبر الأخر على التسليم.

والثالث يجبر الحاكم أيهما شاء على التسليم ، فاذا سلم أجبر الأخر.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان الثمن دراهم أو دنانير ، فالحاكم فيه كما لو كان في الذمة ، لأن الأثمان عنده لا يتعين. وان كان من غيرها ، فالحاكم يجبر من شاء منهما أولا.

مسألة ـ ٢٣٦ ـ : إذا اختلفا ، فقال : بعتك هذا العبد بألف درهم. وقال المشتري : بل بعتني هذه الجارية بألف ولم تبعني العبد ، وليس هناك بينة ، كان القول قول البائع مع يمينه انه ما باع الجارية ، والقول قول المشتري مع يمينه انه ما اشترى العبد.

لان هاهنا دعويين يجب في كل واحد منهما البينة ، فإذا عدمت كان في مقابلتها

٥١١

اليمين ، ولا يجب على واحد منهما الجمع بين النفي والإثبات ، ولا يكون هذا تحالفا ، وانما يحلف كل واحد منهما على النفي فإذا حلف البائع أنه ما باع الجارية بقيت الجارية على ملكه كما كانت ، وجاز له التصرف فيها.

وأما المشتري فإذا حلف أنه ما اشترى العبد ينظر ، فان كان العبد في يد المشتري لا يجوز للبائع مطالبته به ، لأنه لا يدعيه ، وان كان في يد البائع ، فإنه لا يجوز له التصرف فيه ، لأنه معترف بأنه للمشتري وأن ثمنه في ذمته ، ويجوز له بيعه بقدر الثمن ، وبه قال أبو حامد الاسفرايني.

وقال أبو الطيب الطبري : ذكر أبو بكر بن الحداد في كتاب الصداق نظير هذه المسألة ، وقال : يتحالفان ، قال : « فقال ( ـ خ ـ ) » إذا اختلفا الزوجان ، فقال الزوج : مهرتك أباك ، وقالت : مهرتني أمي تحالفا ، وقال : وكذلك إذا قال : مهرتك أباك ونصف أمك ، قالت : بل مهرتني أبي وأمي تحالفا ، قال : ولا يختلف أصحابنا في ذلك فسقط ما قال أبو حامد.

مسألة ـ ٢٣٧ ـ : إذا مات المتبايعان واختلف ورثتهما في مقدار الثمن أو المثمن ، فالقول قول ورثة المشتري مع يمينهم في مقدار الثمن ، لأنهم مدعى عليهم أن الثمن أكثر مما يذكرونه ، فعليهم اليمين ، والقول قول ورثة البائع في المثمن مع اليمين ، لأن الأصل أن لا بيع ، فمن ادعى البيع في شي‌ء بعينه ، فعليه الدلالة ، والأصل بقاء الملك.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتحالفان. وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان المبيع في يد وارث البائع تحالفا ، وان كان في يد وارث المشتري كان القول قوله مع يمينه.

مسألة ـ ٢٣٨ ـ : إذا تلف المبيع قبل القبض بطل العقد ، لأنه تعذر على البائع التسليم ، فلا يستحق العوض ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا يبطل.

مسألة ـ ٢٣٩ ـ : إذا كان الثمن معينا ، فتلف قبل القبض ، سواء كان من الأثمان

٥١٢

أو غيرها بطل العقد لما قلناه في المسألة المتقدمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان من الأثمان لم يبطل ، بناء على أصله أن الثمن لا يتعين بالعقد وذلك غير مسلم عندنا.

مسألة ـ ٢٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان له أجمة يحبس فيها السمك ، فحبس فيها سمكا وباعه ، لم يخل من أحد أمرين : اما أن يكون الماء صافيا يشاهد فيها السمك ويمكن تناوله من غير مئونة ، فالبيع جائز بلا خلاف ، لأنه مبيع مقدور على تسليمه ، وان كان الماء كدرا بطل البيع ، لأنه مجهول.

والأمر الأخر أن يكون الماء كثيرا صافيا والسمك مشاهدا ، الا انه لا يمكن أخذه إلا بمئونة وتعب حتى يصطاد ، فعندنا أنه لا يصح بيعه الا بأن يبيعه معما (١) فيه من القصب أو يصطاد شيئا منه ويبيعه مع ما بقي فيه ، فمتى لم يفعل ذلك بطل البيع.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، والنخعي : البيع باطل ولم يفصلوا. وقال ابن أبي ليلى : جائز وبه قال عمر بن عبد العزيز.

مسألة ـ ٢٤١ ـ : إذا باع العبد (٢) بيعا فاسدا وتقابضا ، فأكل البائع الثمن وفلس ، كان على المشتري رد العبد على البائع وكان أسوة للغرماء ، وبه قال أبو العباس ابن سريج.

وقال ( ـ ح ـ ) : المشتري أحق بعين العبد يعنى له إمساكه على قبض الثمن ، ويكون ثمنه مقدما على الغرماء.

ويدل على ما قلناه انه انما قبضه على أنه ملكه ، وإذا لم يكن ملكه فعليه رده الى مالكه ، ومن قال له إمساكه فعليه الدليل.

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ والأصح : مع ما.

(٢) م : عبدا.

٥١٣

بيع العبد من شخص والضمان على غيره

مسألة ـ ٢٤٢ ـ : إذا قال لرجل : بع عبدك هذا من فلان بخمسمائة على أن علي خمسمائة ، قال ابن سريج : فيه وجهان أحدهما البيع باطل ، والثاني يصح ويكون على الضامن. والذي عندي أن هذا بيع صحيح ، لأنه شرط لا ينافي الكتاب والسنة.

مسألة ـ ٢٤٣ ـ : إذا قال له : بع عبدك منه بألف على أن على فلان خمسمائة ، فيه مسألتان ان سبق الشرط العقد وعقد البيع مطلقا عن الشرط ، لزم البيع ولم يلزم الضامن شي‌ء ، وان قارن العقد ، فقال : بعتك بألف على أن فلانا ضامن خمسمائة صح البيع بشرط الضمان ، فان ضمن فلان كان البيع ماضيا ، وان لم يضمن كان البيع بالخيار ، وبه قال أبو العباس وأبو الحسن.

ودليلنا ما قلناه في المسألة الأولى.

مسألة ـ ٢٤٤ ـ : إذا اشترى جارية بشرط ألا خسارة عليه إذا باعها ، أو بشرط ألا يبيعها ، أو لا يعتقها ، أو لا يطأها ونحو هذا ، كان العقد صحيحا والشرط باطلا ، بدلالة قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (١). وقوله عليه‌السلام : كل شرط ليس في كتاب الله باطل ، وهذا الشرط مخالف الكتاب والسنة ، وهو مذهب أبي ليلى (٢) ، والنخعي ، والحسن البصري.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : البيع والشرط باطلان. وقال ابن شبرمة : البيع جائز والشرط جائز.

مسألة ـ ٢٤٥ ـ : إذا اشترى جارية شرى فاسدا ، ثمَّ قبضها فأعتقها ، لم يملك بالقبض ولم ينفذ العتق ، ولا يصح شي‌ء من تصرفه فيها ، ويجب عليه ردها على البائع بجميع نمائها المنفصل منها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٧٦.

(٢) م : ابن أبي ليلى.

٥١٤

وقال ( ـ ح ـ ) : يملك بالقبض ويصح تصرفه فيها ، ويجب على كل واحد منهما فسخ الملك ورد المبيع على صاحبه.

ويدل على ما قلناه أنه إذا كان البيع فاسدا ، فملك الأول باق ، فيجب أن لا يصح تصرفه ، لأنه لا دليل على صحته.

مسألة ـ ٢٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى جارية بيعا فاسدا فوطئها فإنه لا يملكها ووجب عليه ردها ، وعليه ان كانت بكرا (١) عشر قيمتها ، وان كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها ، وعند ( ـ ش ـ ) ان كانت ثيبا فمهر مثل الثيب ، وان كانت بكرا فمهر البكر وأرش الافتضاض.

مسألة ـ ٢٤٧ ـ : إذا حبلت وولدت كان الولد حرا بالإجماع ، وعلى الوطي قيمة الولد يوم سقط حيا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يوم المحاكمة ، وانما قلنا ذلك لأنا أجمعنا على وجوب قيمته يوم سقط حيا ، ولا دليل على وجوب قيمته يوم المحاكمة ، فمن ادعى ذلك فعليه الدليل.

مسألة ـ ٢٤٨ ـ : إذا ملك هذه الجارية فيما بعد بعقد صحيح ، وكانت ولدت منه بالعقد الفاسد فإنها يكون أم ولده لان ظاهر اللغة والشرع يقتضيه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٤٩ ـ : إذا اشترى من رجل عبدا وشرط البائع على المشتري أن يعتقه ، كان العقد صحيحا والشرط صحيحا ، وهو الذي نص عليه ( ـ ش ـ ) في كتبه ، ويدل عليه قوله عليه‌السلام « المؤمنون عند شروطهم » ولأنه لا مانع منه. وروى أبو ثور عن ( ـ ش ـ ) أنه قال : البيع صحيح والشرط فاسد. وقال ( ـ ح ـ ) : الشرط فاسد والبيع فاسد.

__________________

(١) م : بإضافة « مهر البكر ».

٥١٥

مسألة ـ ٢٥٠ ـ : إذا باع دارا واستثنى سكناها لنفسه مدة معلومة ، جاز البيع وثبت الشرط ، لأنه لا مانع منه في الشرع. وكذلك إذا باع دابة واستثنى ركوبها مدة أو مسافة معلومة ، فالبيع صحيح والشرط صحيح بمثل ما قلناه ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) و ( ـ ق ـ ) ، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.

وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز في مدة يسيرة ، كاليوم واليومين. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : لا يصح البيع في جميع ذلك.

مسألة ـ ٢٥١ ـ : إذا قال بعتك هذه الدار وآجرتك هذه الدار الأخرى ، فجمع بين البيع والإجارة في صفقة واحدة ، كان صحيحا وثبت الإجارة والبيع لأنه لا مانع فيه (١) في الشرع ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ). والقول الثاني انهما يبطلان.

مسألة ـ ٢٥٢ ـ : إذا باع زرعا بشرط أن يحصده ، وكان الزرع مما يجوز بيعه ، بأن يكون قصيلا ، أو يكون قد عقد الحب واشتد وهو شعير لان بيع سنبل الشعير جائز ، ولا يجوز بيع سنبل الحنطة لأنه في غلاف ، كان البيع صحيحا ووجب عليه أن يحصده له ، لأنه لا مانع منه في الشرع. وقال أبو إسحاق المروزي : فيه قولان. وقال غيره : لا يصح قولا واحدا.

مسألة ـ ٢٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا وان شوهد. وقال ( ـ ش ـ ) : إذا قال بعتك هذه الصبرة وقد شاهدها بثمن معلوم كان صحيحا.

مسألة ـ ٢٥٤ ـ : إذا قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم صح البيع ، لأنه لا مانع منه والأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وعند ( ـ ح ـ ) لا يجوز.

مسألة ـ ٢٥٥ ـ : إذا قال بعتك عشرة أقفزة من هذه الصبرة بكذا صح البيع لأنه لا مانع منه. وقال داود : لا يصح.

__________________

(١) م : منه.

٥١٦

مسألة ـ ٢٥٦ ـ : إذا قال بعتك من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم ، صح البيع إذا لم يرد بمن التبعيض ، بدلالة أن الأصل جوازه ، والمنع يحتاج إلى دلالة (١).

وان أراد التبعيض لم يصح ، لان البعض مجهول. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ولم يفصل.

مسألة ـ ٢٥٧ ـ : إذا قال بعتك نصف هذه الصبرة أو ثلثها أو ربعها لا يصح لما قدمناه من أن ما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا. وقال ( ـ ش ـ ) : يصح (٢).

مسألة ـ ٢٥٨ ـ : إذا قال بعتك هذه الدار كل ذراع بدينار كان جائزا ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٢٥٩ ـ : إذا قال هذه الدار مائة ذراع وقد بعتك عشر أذرع منها بكذا كان جائزا ، بدلالة الآية والأصل. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٢٦٠ ـ : إذا قال بعتك من هذه الدار عشر أذرع في موضع (٣) معين الى حيث ينتهي كان البيع صحيحا ، لأنه لا مانع منه في الشرع. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٦١ ـ : إذا باع ذراعا معينا من ثوب ، كان صحيحا بمثل (٤) ما قلناه في الدار. وعند بعض أصحاب ( ـ ش ـ ) لا يجوز.

مسألة ـ ٢٦٢ ـ : إذا قال بعتك هذا السمن (٥) مع الظرف كل رطل بدرهم كان جائزا ، بدلالة الآية وأن لا مانع منه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان وزن كل واحد منهما معلوما ، بأن يكون الظرف ربعا أو سدسا أو غير ذلك جاز ، وان لم يكن كذلك بطل العقد.

__________________

(١) م : الى دليل.

(٢) لا توجد هذه المسألة في ح ود.

(٣) م : من موضع.

(٤) د : مثل ، م : كمثل.

(٥) م : بحذف ( هذاه ) د وح هذا الثمن.

٥١٧

مسألة ـ ٢٦٣ ـ : إذا اشترى من رجل عشرة أقفزة من صبرة ، فكالها على المشتري وقبضها ، ثمَّ ادعى المشتري أنه كان تسعة ، كان القول قول البائع مع يمينه ، لأنه المدعى عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : اجارة الفحل للضراب مكروه وليس بمحظور ، لإجماع الفرقة وأخبارهم. وعقد الإجارة عليه غير فاسد ، لأن الأصل الإباحة.

وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز ، ولم يكرهه. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : ان الإجارة فاسدة ، والأجرة محظورة (١).

مسألة ـ ٢٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيض ما لا يؤكل لحمه لا يجوز أكله ولا بيعه ، وكذلك مني ما لا يؤكل لحمه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيض ما يؤكل لحمه إذا وجد في جوف الدجاجة الميتة واكتسى الجلد الفوقاني يجوز أكله وبيعه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٦٧ ـ : يجوز بيع دود القز وبيع النحل إذا رآه ثمَّ اجتمعت في بيتها وحبسها (٢) حتى لا يمكنها أن يطير ثمَّ يعقد البيع عليها ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز بيع دود القز ولا بيع النحل.

مسألة ـ ٢٦٨ ـ : بذر (٣) دود القز يجوز بيعه ، بدلالة الآية وأنه لا مانع منه.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع العبد الابق منفردا ويجوز بيعه مع سلعة أخرى.

__________________

(١) ح : مخطور.

(٢) م : حبسها فيه.

(٣) البذر : النسل.

٥١٨

وقال الفقهاء بأسرهم : لا يجوز بيعه ولم يفصلوا. وحكي عن ابن عمر أنه أجازه ، وعن محمد بن سيرين أنه قال : ان لم يعلم موضعه لا يجوز ، وان علم موضعه جاز.

مسألة ـ ٢٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع إنسان ملك غيره بغير اذنه ، كان البيع باطلا ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ينعقد البيع ويقف على اجازة صاحبه ، وبه قال قوم من أصحابنا.

دليلنا إجماع الفرقة ، ومن خالف منهم لا يعتد بقوله ، وروى حكيم عن النبي عليه‌السلام أنه نهى عن بيع ما ليس عنده.

مسألة ـ ٢٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع الصوف على ظهور الغنم مفردا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد : يجوز.

مسألة ـ ٢٧٢ ـ : المسك طاهر يجوز بيعه وشراءه ، لأنه لا خلاف أن النبي عليه‌السلام كان يتطيب به ، وقال : أطيب الطيب المسك. وفي الناس من قال : انه نجس لا يجوز بيعه ، لأنه دم.

مسألة ـ ٢٧٣ ـ : يجوز بيع المسك في فأره ، بدلالة الآية والأصل ، والأحوط أن يفتح ويشاهد ، وبه قال ابن سريج. وقال باقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعه في فأره حتى يفتح.

مسألة ـ ٢٧٤ ـ : يجوز بيع الاعمى وشراؤه ، سواء ولد أعمى أو عمي بعد صحة بدلالة الآية.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان ولد أعمى ، فلا يجوز بيعه وشراؤه في الأعيان بل يوكل وان كان بصيرا ثمَّ عمي ، فان باع شيئا أو اشتراه ولم يكن رآه ، فلا يجوز بيعه وشراؤه. وان كان قد رآه ، فان كان الزمان يسيرا لا يتغير في العادة ، أو كان الشي‌ء مما لا يفسد في الزمان الطويل مثل الحديد والرصاص جاز بيعه ، فان وجد على ما رآه فلا خيار له ، وان وجده متغيرا كان بالخيار. وان كان الزمان تطاول والشي‌ء

٥١٩

مما يتغير ، مثل أن يكون عبدا صغيرا فكبر ، أو شجرة صغيرة فكبرت ، فان بيعه لا يجوز ، لان البيع مجهول الصفة.

هذا إذا قال ان بيع خيار الرؤية لا يجوز ، وإذا قال : يجوز ، ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز ، لأن الرؤية لا يصح في الأعمى. والثاني : يجوز ويوكل من يصفه ، فان رضيه قبضه وان كرهه فسخ البيع.

مسألة ـ ٢٧٥ ـ : إذا نجش بأمر البائع ومواطاته ، وهو أن يزيد في السلعة ليقتدي به المشتري فيشريه ، يصح البيع بلا خلاف ، ولكن للمشتري الخيار لأنه تدليس وعيب. ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان. ولو قلنا لا خيار له لكان قويا ، لان العيب ما يكون بالمبيع ، وهذا ليس كذلك.

مسألة ـ ٢٧٦ ـ : لا يجوز بيع حاضر لباد ، سواء كان بالناس حاجة الى ما معهم أو لم يكن بهم حاجة ، لظاهر قوله عليه‌السلام « لا يبيعن حاضر لباد » فان خالف أثم ، وهو الظاهر من مذهب ( ـ ش ـ ). وفي أصحابه من قال : إذا لم يكن بهم حاجة الى ما معهم جاز أن يبيع لهم.

مسألة ـ ٢٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تلقي الركبان لا يجوز ، فان تلقى واشترى كان البائع بالخيار إذا ورد السوق ، الا أن ذلك محدود (١) بأربعة فراسخ ، فان زاد على ذلك كان جلبا ولم يكن به بأس. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما لا يجوز ولم يحده والثاني ليس له الخيار.

مسألة ـ ٢٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره البيع والسلف في عقد واحد ، وليس ذلك بمحظور ولا فاسد ، وهو أن يبيع دارا على أن يقرض المشتري ألف درهم ، أو يقرضه البائع ألف درهم. وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك حرام.

مسألة ـ ٢٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أقرض غيره مالا على أن يأخذه في بلد آخر

__________________

(١) ح ، د : سقط « محدود ».

٥٢٠