المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

مسألة ـ ٢٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ في الفرج بعد التحلل الأول لم يفسد حجه وعليه بدنة. وقال ( ـ ش ـ ) مثل ذلك وله في لزوم الكفارة قولان ، أحدهما : بدنة ، والأخر شاة.

وقال ( ـ ك ـ ) : يفسد ما بقي عليه ، وعليه أن يأتي بالطواف والسعي ، لأنه يمضي في فاسده ثمَّ يقضي ذلك بعمل عمرة يحرم من الحل فيأتي بذلك.

مسألة ـ ٢٠١ ـ : إذا وطئ بعد وطى لزمه بكل وطء كفارة ، سواء كفر عن الأول أو لم يكفر ، لظاهر الأوامر الواردة بأن من وطئ وهو محرم فعليه الكفارة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان وطئ بعد أن كفر عن الأول ، وجب عليه الكفارة ، وهل هي شاة أو بدنة؟ فعلى قولين ، وان كان قبل أن كفر عن الأول ففيها ثلاثة أقوال ، أحدها : لا شي‌ء عليه. والثاني : شاة. والثالث : بدنة وان قلنا بما قاله ( ـ ش ـ ) كان قويا ، لأن الأصل براءة الذمة.

مسألة ـ ٢٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد حجه ، فعليه الحج من قابل ، وكذا من فاته الحج وكانت حجة الإسلام ، فعليه قضاؤها على الفور. وقال ( ـ ش ـ ) مثل ذلك (١) ، ولأصحابه قول آخر وهو أنه على التراخي.

مسألة ـ ٢٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئها وهي محرمة ، فالواجب كفارتان ، فان كان أكرهها كانتا جميعا عليه ، وان طاوعته لزمه واحدة ولزمها الأخرى.

وقال ( ـ ش ـ ) : كفارة واحدة يتحملها الزوج ولم يفصل ، وله قول آخر ان على كل واحد منهما كفارة ، وفيمن يتحمله وجهان ، أحدهما : عليه وحده. والثاني : على كل واحد منهما كفارة ، فإن أخرجهما الزوج سقط عنهما.

مسألة ـ ٢٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجب عليهما الحج في المستقبل ، فاذا بلغا الى الموضع الذي واقعها فيه فرق بينهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ) واختلف أصحابه على

__________________

(١) ر : وبه قال ش ، بدل ( وقال ش مثل ذلك ).

٤٠١

وجهين ، أحدهما : هي واجبة ، والأخر : مستحبة.

وقال ( ـ ك ـ ) : واجبة. وقال ( ـ ح ـ ) : لا أعرف هذه التفرقة. [ وروي ذلك عن عمر ، وابن عباس ، ولا مخالف لهما ] (١).

مسألة ـ ٢٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ المحرم ناسيا لا يفسد حجه. وقال ( ـ ح ـ ) : يفسد حجه مثل العمد. و ( ـ للش ـ ) قولان.

مسألة ـ ٢٠٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ المحرم فيما دون الفرج لا يفسد حجه ، أنزل أو لم ينزل. وقال ( ـ ك ـ ) : إذا أنزل فسد الحج.

مسألة ـ ٢٠٧ ـ : من أصحابنا من قال : ان إتيان البهيمة واللواط بالرجال والنساء وإتيانها في دبرها كل ذلك يتعلق به فساد الحج ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ومنهم من قال : لا يتعلق الفساد الا بالوطئ في القبل من المرأة.

وقال ( ـ ح ـ ) : إتيان البهيمة لا يفسده ، والوطي في الدبر فيه روايتان ، المعروف أنه يفسده.

[ دليلنا على الأول طريقة الاحتياط وعلى الثاني براءة الذمة ] (٢).

مسألة ـ ٢٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد عمرة كان عليه بدنة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه شاة.

مسألة ـ ٢٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القارن على تفسيرنا إذا أفسد حجه لزمه بدنة وليس عليه دم القران.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا وطئ القارن على تفسيرهم فيمن جمع بين الحج والعمرة في الإحرام ، لزمه بدنة واحدة بالوطئ ودم القران باق عليه. وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط دم

__________________

(١) هذه الزيادة تختص ـ م ـ ، وهو بعض ما في الخلاف من الدليل وفيه : عن ابن عباس وابن عمر.

(٢) هذه الزيادة تختص.

٤٠٢

القران ، ويجب عليه شاتان : شاة بإفساد الحج ، وشاة بإفساد العمرة.

مسألة ـ ٢١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وجب عليه دم في إفساد الحج فلم يجد ، فعليه بقرة فان لم يجد فسبع شياه على الترتيب ، فان لم يجد فقيمة البدنة دراهم وثمنها طعاما يتصدق به ، فان لم يجد صام عن كل مد يوما ، ونص ( ـ ش ـ ) على مثل ما قلناه ، وفي أصحابه من قال هو مخير.

مسألة ـ ٢١١ ـ : من نحر ما يجب عليه في الحل وفرق اللحم في الحرم لا يجزيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال بعض أصحابه : يجزيه.

[ دليلنا قوله تعالى « ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ » وهذا ما بلغه ] (١).

مسألة ـ ٢١٢ ـ : إذا نحر في الحرم وفرق في الحل لم يجزه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) قولا واحدا. وكذلك الإطعام لا يجزيه عندنا الا لمساكين الحرم ، بطريقة الاحتياط في الموضعين ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) في اللحم مثل قولنا ، والإطعام كيف شاء. وقال ( ـ ح ـ ) : يجزيه في الموضعين (٢).

مسألة ـ ٢١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وجب عليه الهدي في إحرام الحج ، فلا ينحره الا بمنى ، وان وجب عليه في إحرام العمرة فلا ينحره إلا بمكة. وقال باقي الفقهاء : أي مكان شاء من الحرم يجزيه ، الا أن ( ـ ش ـ ) استحب مثل ما قلناه.

مسألة ـ ٢١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد الحج وأراد أن يقضيه أحرم من الميقات ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال : لا يلزمه ان كان أحرم فيما أفسد من قبل الميقات. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه من الموضع الذي كان أحرم منه.

__________________

(١) هذه الزيادة تختص م وهذا بعض ، في الخلاف.

(٢) م : وقال ح : إذا فرق اللحم واطعم المساكين في غير الحرم اجزئه دليلنا طريقة الاحتياط في الموضعين.

٤٠٣

مسألة ـ ٢١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أراد قضاء العمرة التي أفسدها أحرم من الميقات وقال ( ـ ش ـ ) مثل قوله في الحج بأغلظ الأمرين ، وقال ( ـ ح ـ ) : يحرم من أدنى الحل ولا يلزمه الميقات.

مسألة ـ ٢١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته الحج سقط عنه توابع الحج الوقوف بعرفات والمشعر ومنى والرمي ، وعليه طواف وسعي ، فيحصل له إحرام وطواف وسعي ، ثمَّ يحلق بعد ذلك وعليه القضاء في القابل ولا هدي عليه ، وفي أصحابنا من قال : عليه هدي ، روي ذلك في بعض الروايات.

وبمثله قال ( ـ ش ـ ) ، إلا في الحلاق (١) ، فإنه على قولين ، وقال : لا يصير حجه عمرة وان فعل أفعال العمرة وعليه القضاء وشاة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ م ـ ) إلا في فصل ، وهو أنه لا هدي عليه.

وقال ( ـ ف ـ ) : ينقلب حجه عمرة مثل ما قلناه ، وعن ( ـ ك ـ ) ثلاث روايات ، أولها : مثل قول ( ـ ش ـ ) ، والثاني : يحل بعمل عمرة وعليه الهدي دون القضاء ، والثالث لا يحل بل يقيم على إحرامه حتى إذا كان من قابل أنى بالحج فوقف وأكمل الحج. وقال المزني : يمضي في فائته ، فيأتي بكل ما يأتي به الحاج الا الوقوف ، فخالف الباقين في التوابع.

مسألة ـ ٢١٧ ـ : على الرواية التي ذكرناها من فاته الحج عليه الهدي لا يجوز تأخيره إلى قابل ، بدلالة طريقة الاحتياط ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والثاني أن له ذلك (٢).

مسألة ـ ٢١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من دخل مكة لحاجة لا يتكرر ، كالتجارة والرسالة وزيارة الأهل ، أو كان مكيا خرج لتجارة ، ثمَّ عاد الى وطنه ، أو دخلها للمقام بها ،

__________________

(١) د : الخلاف.

(٢) هذه العبارة في م قدمت وأخرت.

٤٠٤

فلا يجوز له أن يدخلها إلا بإحرام ، وبه قال ابن عباس ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في الأم. وقوله الأخر أن ذلك مستحب ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

ولح تفصيل ، فقال : هذا لمن كانت داره قبل المواقيت ، فان كانت في المواقيت أو دونها ، فله دخولها بغير إحرام.

مسألة ـ ٢١٩ ـ : من يتكرر دخوله مكة من الحطابة والرعاة ، جاز له دخولها بغير إحرام ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دلالة على وجوبه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال بعض أصحابه : ان له قولا آخر أنه يلزم هؤلاء في السنة مرة.

مسألة ـ ٢٢٠ ـ : من يجب عليه أن لا يدخل مكة إلا محرما فدخلها محلا فلا قضاء عليه ( لأن الأصل براءة الذمة ) (١) وبه قال ( ـ ش ـ ) (٢) وقال ( ـ ح ـ ) : عليه أن يدخلها محرما ، فان دخلها محلا فعليه القضاء [ استحسانا ، وان لم يحج من سنته استقر عليه القضاء ] (٣).

مسألة ـ ٢٢١ ـ : من أسلم وقد جاوز الميقات ، فعليه الرجوع الى الميقات والإحرام منه ، فان لم يفعل وأحرم من موضعه وحج تمَّ حجه ولا يلزمه دم ( لأن الأصل براءة الذمة ) (٤) وبه قال ( ـ ح ـ ) والمزني. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه دم قولا واحدا.

دليلنا ان الأصل براءة الذمة.

مسألة ـ ٢٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إحرام الصبي عندنا صحيح ، وإحرام العبد صحيح بلا خلاف ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في إحرام الصبي ، فعلى هذا إذا بلغ الصبي وأعتق العبد قبل التحلل فيه ثلاث مسائل : اما أن يكملا بعد فوات وقت الوقوف ، أو بعد الوقوف

__________________

(١) م : هذا الدليل الى آخر المسألة.

(٢) م : وبه قال ش على قوله انه واجب أو مستحب.

(٣) هذه الزيادة تختص م ، وفي الخلاف : ثمَّ ينظر فان حج حجة الإسلام من سنته فالقياس ان عليه القضاء لكنه يسقط استحسانا.

(٤) م آخر الدليل الى آخر المسألة.

٤٠٥

وقبل فوات وقته ، فان كملا بعد فوات وقت الوقوف مثل ان كملا بعد طلوع الفجر من يوم النحر مضيا على الإحرام وكان الحج تطوعا ، ولا يجزئ عن حجة الإسلام بلا خلاف ، وان كملا قبل الوقوف تغير (١) إحرام كل واحد منهما بالفرض وأجزأه عن حجة الإسلام ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : الصبي يحتاج الى تجديد إحرام ، لان إحرامه لا يصح عنده ، والعبد يمضي على إحرامه تطوعا ولا ينقلب فرضا.

وقال ( ـ ك ـ ) : الصبي والعبد معا يمضيان في الحج ويكون تطوعا.

مسألة ـ ٢٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وان كان البلوغ والعتق بعد الوقوف وقبل فوات وقته ، مثل أن كملا قبل طلوع الفجر رجعا الى عرفات والمشعر إن أمكنهما ، فان لم يمكنهما رجعا الى المشعر ووقفا وقد أجزأهما ، فان لم يعودا إليهما أو الى أحدهما لا يجزئهما عن حجة الإسلام.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان عادا الى عرفات فوقفا قبل طلوع الفجر ، فالحكم فيه كما لو كملا قبل الوقوف ، فإنه يجزيه وان لم يعودا الى عرفة لم يجزهما عن حجة الإسلام ، وحكي عن ابن عباس (٢) أنه قال : يجزئهما عن حجة الإسلام.

مسألة ـ ٢٢٤ ـ : كل موضع قلنا انه يجزئهما عن حجة الإسلام ، فإن كانا متمتعين لزمهما الدم للتمتع ، لقوله تعالى « فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » (٣) ولم يفرق ، وان لم يكونا متمتعين لم يلزمهما شي‌ء. وقال ( ـ ش ـ ) : عليه دم. وقال أبو إسحاق : على قولين. وقال أبو سعيد الإصطخري وأبو الطيب

__________________

(١) كذا في الخلاف وهو الأظهر وفي م وح تعين وفي د : بعين.

(٢) كذا في الخلاف وم الا ان في م : ابن العباس وفي ح ود أبى العباس.

(٣) سورة البقرة آية ١٩٢. م آخر الآية الى آخر المسألة.

٤٠٦

ابن سلمة (١) : لا دم قولا واحدا.

مسألة ـ ٢٢٥ ـ : لا ينعقد إحرام العبد إلا بإذن سيده ، وبه قال داود ومن تابعه. وقال باقي الفقهاء : ينعقد وله أن يفسخ عليه حجه.

مسألة ـ ٢٢٦ ـ : العبد إذا أفسد حجه وكان أحرم بإذن مولاه ، لزمه ما يلزم الحر وتجب على مولاه اذنه فيه الا الفدية ، فإنه بالخيار بين أن يفدي عنه أو يأمره بالصيام ، وان كان بغير اذنه فاحرامه باطل لا يتصور معه الإفساد.

وقال جميع الفقهاء : ان الإفساد صحيح في الموضعين معا. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : المنصوص أن عليه القضاء وفيهم من قال : لا قضاء عليه ، ويدل على وجوب القضاء إذا كان بإذن سيده عموم الاخبار فيمن أفسد حجه أن عليه القضاء.

مسألة ـ ٢٢٧ ـ : إذا أذن له السيد في الإحرام وأفسد ، وجب عليه أن يأذن له في القضاء ، لأنه إذا أذن له في ذلك لزمه جميع ما يتعلق به وقضاء ما أفسده مما يتعلق به ، و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما أن له منعه من ذلك ، والأخر ليس له ذلك.

مسألة ـ ٢٢٨ ـ : إذا أفسد العبد حجه ولزمه القضاء على ما قلناه فأعتقه السيد كان عليه حجة الإسلام وحجة القضاء ، ويجب عليه البداية بحجة الإسلام وبعد ذلك بحجة القضاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وهكذا القول في الصبي إذا بلغ وعليه قضاء حجه ، فإنه لا يقضى قبل حجة الإسلام ، فإن أتى بحجة الإسلام كان القضاء باقيا وان أحرم بالقضاء انعقد بحجة الإسلام وكان القضاء باقيا في ذمته هذا إذا تحلل من كان أفسدها ثمَّ أعتق.

فأما ان أعتق قبل التحلل منها ، فلا فصل بين أن يفسد بعد العتق أو قبل العتق ، فإنه يمضي في فاسده ولا يجزيه الفاسد عن حجة الإسلام ، فاذا قضى فان كانت لو

__________________

(١) ح ، د : بإسقاط ( أبو سعيد ) و ( أبو الطيب بن سلمة ).

٤٠٧

سلمت التي أفسدها من الفساد وأجزأته عن حجة الإسلام ، فالقضاء يجزيه عنه ، مثل أن أعتق قبل فوات وقت الوقوف ووقف بعده. فان كانت لو سلمت لم يجزه عن حجة الإسلام فالقضاء كذلك مثل أن أعتق بعد فوات وقت الوقوف ، فيكون عليه القضاء وحجة الإسلام معا.

وهذا كله وفاق الا ما قاله من العتق قبل التحلل ، فانا نعتبر قبل الوقوف بالمشعر ، فان كان بعده لا يتعلق به فساد الحج أصلا ويكون حجة تامة الا أنها لا تجزيه عن حجة الإسلام على حال.

مسألة ـ ٢٢٩ ـ : إذا أذن المولى لعبده في الإحرام ، ثمَّ بدا له فأحرم العبد قبل أن يعلم نهيه عن ذلك ، صح إحرامه وليس له فسخه عليه ، لان هذا إحرام صحيح انعقد بإذن المولى والمنع من ذلك يحتاج الى دليل. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والأخر أن له ذلك بناء على مسألة الوكيل إذا عزله قبل أن يعلم ، فان له فيه قولين.

مسألة ـ ٢٣٠ ـ : إذا أحرم العبد بإذن سيده لم يكن لسيده أن يحلله منه ، لان هذا إحرام صحيح وجواز تحليله يحتاج إلى دلالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : له أن يحلله منه (١).

مسألة ـ ٢٣١ ـ : من أهل بحجتين انعقد إحرامه بواحدة منهما ، وكان وجود الأخرى وعدمها سواء ، فلا يتعلق بها حكم فلا يجب قضاؤها ولا الفدية. وهكذا من أهل بعمرتين أو بحجة ، ثمَّ أدخل عليها أخرى ، أو العمرة (٢) ثمَّ أدخل عليها اخرى ، وكذلك الحكم فيما زاد على ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وانما (٣) قلنا ذلك لان

__________________

(١) م : أخر دليل المسألة وأضاف دليلنا طريقة الاحتياط.

(٢) م : أو بعمرة.

(٣) م : أخر الدليل الى آخر المسألة وقال دليلنا.

٤٠٨

انعقاد واحدة مجمع عليه وما زاد عليها فلا دلالة عليه والأصل براءة الذمة.

وقال ( ـ ح ـ ) : ينعقد إحرامه بحجتين وأكثر وعمرتين وأكثر ، لكنه لا يمكنه المضي فيهما ، ثمَّ اختلفوا فقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ م ـ ) : يكون محرما بهما ما لم يأخذ في السير ، فإذا أخذ فيه انتقضت إحداهما وبقيت الأخرى وعليه قضاء التي انتقضت والهدي. وقال ( ـ ف ـ ) : ينتقض إحداهما عقيب الانعقاد وعليه قضاؤها وهدي ، ويبقى الأخرى يمضي فيها.

مسألة ـ ٢٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الاستيجار للحج جائز ، فإذا صار الرجل معضوبا جاز أن يستأجر من يحج عنه ويصح الإجارة ، ويكون للأجير أجرته ، فإذا فعل الحج عن المكتري وقع عن المكتري وسقط الفرض به عنه ، وكذلك إذا مات من وجب عليه الحج اكترى وليه عنه من يحج عنه ، فاذا فعل الأجير ذلك سقط الفرض عنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز الإجارة على الحج ، فاذا فعل كانت الإجارة باطلة ، فإذا فعل الأجير ولبى عن المكتري وقع الحج عن الأجير ، ويكون للمكتري ثواب النفقة ، فإن بقي مع الأجير شي‌ء كان عليه رده ، فأما ان مات فإن أوصى أن يحج عنه كان تطوعا من الثلث وان لم يوص كان لوليه وحده أن يحج عنه ، فاذا فعل قال ( ـ م ـ ) : أجزأه ان شاء الله وأراد أجزأ عنه الإضافة (١) إليه ليبين أن غير الولي لا يملك هذا (٢).

دليلنا مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ما روى ابن عباس أن النبي عليه‌السلام سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال له : ويحك من شبرمة؟ قال : أخ لي أو

__________________

(١) ف : أجزائه عنه الإضافة ح ل ح : اضافة.

(٢) م : بدل ( دليلنا. ) ولأن الأصل جواز الإجارات في كل شي‌ء فمن منع في شي‌ء دون شي‌ء فعليه الدلالة ولأنا قد انفرضنا على وجوب الحج عليه فمن أسقط بالموت فعليه الدلالة وروى ابن عباس.

٤٠٩

صديق ، فقال النبي عليه‌السلام : حج عن نفسك ثمَّ حج عن شبرمة.

وروى ابن عباس ان امرأة من خثعم سألت النبي عليه‌السلام فقالت : ان فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على راحلة ، فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال النبي عليه‌السلام : نعم ، فقالت : يا رسول الله فهل ينفعه ذلك؟ فقال نعم أما لو كان عليه دين فقضيته نفعه.

مسألة ـ ٢٣٣ ـ : إذا صحت الإجارة فلا يحتاج الى تعيين (١) الموضع الذي يحرم فيه ، لما بينا أن الإحرام قبل الميقات لا يجوز ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان أحدهما لا يصح حتى يعين (٢) موضع الإحرام ، والأخر يحرم من ميقات بلد المستأجر ، وهذا الأصح عندهم.

مسألة ـ ٢٣٤ ـ : إذا قال الإنسان : أول من يحج عني فله مائة ، فبادر رجل فحج عنه استحق المائة ، لقول النبي عليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم. وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال المزني : لا يستحق المسمى وله أجرة المثل.

مسألة ـ ٢٣٥ ـ : إذا أحرم الأجير عن المستأجر انعقد عمن أحرم عنه ، فإن أفسد الأجير الحج انقلب عن المستأجر اليه وصار محرما بحجة عن نفسه فاسدة ، فعليه قضاؤها عن نفسه والحج باق عليه ، للمستأجر يلزمه أن يحج عنه فيما بعد ان كانت الحجة في الذمة ، ولم يكن له فسخ هذه الإجارة ، لأنه لا دليل على ذلك.

وان كانت معينة انفسخت الإجارة وكان على المستأجر أن يستأجر من ينوب عنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : ان كان المستأجر حيا وكانت الحجة في الذمة ، فله

__________________

(١) ح ، د : تعين.

(٢) م : بدل ذلك بكذا : لا يصح حتى يقول : يحرم عنه من موضع كذا ولذا. نقله المزني من الام وقال في الإملاء يحرم عنه من ميقات بلد المستأجر وهو أصح القولين عندهم.

٤١٠

أن يفسخ عليه.

وانما قلنا انه ينقلب عن المستأجر إليه ، لأنه استأجره على أن يحج عنه حجة صحيحة وهذه فاسدة ، فوجب أن لا يجزيه. وقال المزني : إذا أفسدها لم ينقلب اليه بل أفسد حج غيره فيمضي في فاسدها عن المستأجر ، وعلى الأجير بدنة ولا قضاء على واحد منهما.

مسألة ـ ٢٣٦ ـ : إذا استأجر رجلان رجلا ليحج عنهما فأحرم عنهما لم يصح عنهما ولا عن واحد منهما بلا خلاف ، وعندنا لا يصح إحرامه عن نفسه ولا ينقلب إليه ، لأنه لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : ينقلب الإحرام إليه.

مسألة ـ ٢٣٧ ـ : إذا أحرم الأجير عن نفسه وعمن استأجره ، لم ينعقد الإحرام عنهما ولا عن واحد منهما ، لأنه لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : ينعقد عنه دون المستأجر.

مسألة ـ ٢٣٨ ـ : إذا أفسد الحج فعليه القضاء ، فاذا تلبس بالقضاء فأفسده فإنه يلزمه القضاء ثانيا ، لعموم الاخبار في ذلك. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يلزمه القضاء ثانيا.

مسألة ـ ٢٣٩ ـ : إذا مات الأجير أو حصر قبل الإحرام ، لا يستحق شيئا من الأجرة ، لأن الإجارة انما وقعت على أفعال الحج ، وهذا لم يفعل شيئا منها ، فوجب أن لا يستحق الأجرة ، وعليه جمهور أصحاب ( ـ ش ـ ). وأفتى الإصطخري والصيرفي في سنة القرامطة حين صدوا الناس عن الحج ورجعوا بأنه يستحق من الأجرة بقدر ما عمل.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : انهما أفتيا من قبل نفوسهما إلا أنهما (١) أخرجاه (٢) على مذهب ( ـ ش ـ ) ، وان قلنا بما قالا كان قويا ، لأنه كما استوجر في أفعال الحج استوجر

__________________

(١) خ ل ح : لأنهما.

(٢) م : خرجاه.

٤١١

على قطع المسافة ، فيجب أن يستحق الأجرة بحسبه.

مسألة ـ ٢٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات أو حصر بعد الإحرام ، سقطت عنه عهدة الحج ، ولا يلزمه رد شي‌ء من الأجرة. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : ان كان بعد الفراغ من الأركان كأنه تحلل بالطواف ولم يقو على المبيت بمنى والرمي منهم من قال يرد قولا واحدا ، ومنهم من قال على قولين.

وان مات بعد أن فعل بعض الأركان وبقي البعض قال في الأم : له من الأجرة بقدر ما عمل وعليه أصحابه ، وقد قيل لا يستحق شيئا ، فالمسألة على قولين.

مسألة ـ ٢٤١ ـ : إذا أحرم الأجير ومات ، فقد قلنا انه (١) سقط الحج عنه ، فان كان (٢) أحرم عن نفسه ، فلا يجوز أن ينقلها الى غيره ، لان (٣) جواز ذلك يحتاج الى دليل ولا دليل عليه ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما (٤) يجوز له البناء عليه ويتم عن غيره ، والأخر لا يصح (٥) ذلك.

مسألة ـ ٢٤٢ ـ : إذا استأجر رجلا على أن يحج عنه مثلا عن اليمن ، فأتى الأجير الميقات ثمَّ أحرم عن نفسه بالعمرة ، فلما تحلل منها حج عن المستأجر ، فإن كانت الحجة حجها عن الميقات صحت ، وان حجها من مكة وهو متمكن من الرجوع الى الميقات لم يجزه ، وان لم يمكنه صحت حجته (٦) ولا يلزمه دم ، لأنه

__________________

(١) ح ، د : بإسقاط ( انه ).

(٢) م : بإسقاط ( كان ).

(٣) م : آخر الدليل الى آخر المسألة.

(٤) م : قولان قال في القديم يجوز.

(٥) م : انه لا يصح ذلك دليلنا.

(٦) ح ، د : لم يمكن صحت.

٤١٢

لا دليل عليه (١). وقال ( ـ ش ـ ) بمثله الا أنه قال : حجته صحيحة قدر على الرجوع أو لم يقدر ، ويلزمه دم لإخلاله بالرجوع الى الميقات.

مسألة ـ ٢٤٣ ـ : إذا استأجر على أن يتمتع (٢) عنه ، فقرن أو أفرد لم يجز عنه ، لأنه أتى بغير ما استأجر عليه ، ولا دليل على أنه يجزى عنه. وقال ( ـ ش ـ ) : ان قرن عنه أجزأه على تفسيرهم في القران ، وهل يرد من الأجرة بقدر ما ترك منها من العمل؟ فيه وجهان.

وان أفرد عنه ، فان أتى بالحج وحده دون العمرة ، فعليه أن يرد من الأجرة بقدر عمل العمرة ، وان حج واعتمر بعد الحج ، فان عاد الى الميقات فأحرم بها منه فلا شي‌ء عليه وان أحرم بالعمرة من أدنى الحل فعليه دم ، وهل عليه أن يرد من الأجرة بقدر ما ترك من عمل العمرة؟ فيه (٣) وجهان.

مسألة ـ ٢٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا استأجره للإفراد فتمتع فقد أجزءه (٤) ، لان هذه المسألة منصوصة وعليها إجماع الطائفة. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان في كلامه ما يوجب التخيير أجزأه ، ولا شي‌ء عليه ، وان لم يكن في كلامه ذلك وقعت العمرة عن الأجير والحج عن (٥) المستأجر ، وعليه دم لإخلاله بالإحرام بالحج من الميقات وفي وجوب رد الأجير الأجرة بقدر ما ترك من عمل الحج طريقان.

__________________

(١) م : آخر الدليل الى آخر المسألة وقال دليلنا أنه استأجره على ان يحج من ميقات بلده فاذا حج من غيره فقد فعل غير ما أمره به واجزاؤه عنه يحتاج الى دليل فاما مع التعذر فلا خلاف في اجزائه. وإيجاب الدم عليه يحتاج الى دليل.

(٢) م : استأجره ليتمتع عنه.

(٣) م : بإسقاط ( فيه ).

(٤) د : فقد أجزاء.

(٥) ح ، د : من.

٤١٣

مسألة ـ ٢٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أوصى بأن يحج عنه تطوعا صحت الوصية ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان [ وأيضا قوله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ .. ) ] (١).

مسألة ـ ٢٤٦ ـ : إذا قال حج عني بنفقتك ، أو علي ما ينفق كانت الإجارة باطلة ، لأن هذه إجارة مجهولة ومن شرط الانعقاد أن يذكر العوض عنها ، فان حج عنه لزمه أجرة المثل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : الإجارة صحيحة.

مسألة ـ ٢٤٧ ـ : إذا قال حج عني أو اعتمر ولك مائة كان صحيحا ، لان هذا تخيير بين الحج والعمرة بأجرة معلومة ولا مانع منه ، فان حج أو اعتمر استحق المائة. وقال ( ـ ش ـ ) : الإجارة باطلة ، فإن حج أو اعتمر استحق أجرة المثل.

مسألة ـ ٢٤٨ ـ : إذا قال من حج عني فله عبد أو دينار أو كذا درهما (٢) ، كان صحيحا ويكون المستأجر مخيرا في اعطاءها أيها شاء ، لما قلناه في المسألة المتقدمة سواء وقال ( ـ ش ـ ) : العقد باطل ، فان حج استحق أجرة المثل.

مسألة ـ ٢٤٩ ـ : من كان عليه حجة الإسلام وحجة النذر لم يجز أن يحج النذر قبل حجة الإسلام ، فإن خالف وحج بنية النذر لم ينقلب الى حجة. الإسلام لقول النبي عليه‌السلام : الاعمال بالنيات. وقال ( ـ ش ـ ) : ينقلب الى حجة الإسلام. وهكذا الخلاف في الأجير إذا استأجره وكان معضوبا ليحج عنه حجة النذر لا ينقلب الى حجة الإسلام ، وعند ( ـ ش ـ ) ينقلب.

مسألة ـ ٢٥٠ ـ : إذا استأجره ليحج عنه فاعتمر أو ليعتمر فحج عنه ، لم يقع ذلك عن المحجوج عنه ، سواء كان حيا أو ميتا ، ولا يستحق عليه شيئا من الأجرة ، لأنه (٣) لم يفعل ما استأجره فيه بل خالف. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان المحجوج

__________________

(١) هذه الزيادة تختص : م : وهي بعض ما في الخلاف من الدليل.

(٢) م : أو عشرة دراهم.

(٣) م : آخر الدليل الى آخر المسألة في الموردين.

٤١٤

عنه حيا وقعت عن الأجير ، وان كان ميتا وقعت عن المحجوج عنه ولا يستحق شيئا من الأجرة على حال.

مسألة ـ ٢٥١ ـ : إذا كان عليه حجتان : حجة الإسلام وحجة النذر وهو معضوب جاز أن يستأجر رجلين ليحجا عنه في سنة واحدة ، لأن المنع من ذلك يحتاج الى دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وفي أصحابه من قال : لا يجوز ذلك ، كما لا يجوز أن يفعل الحجتين في سنة واحدة.

مسألة ـ ٢٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل المحرم صيدا لزمه الجزاء ، سواء كان ذاكرا للإحرام عامدا الى قتل الصيد ، أو كان ناسيا للإحرام مخطئا في قتل الصيد ، أو كان ذاكرا للإحرام مخطئا في قتل الصيد ، أو ناسيا للإحرام عامدا في القتل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) وعامة أهل العلم.

وقال مجاهد : انما يجب الجزاء على قتل الصيد إذا كان ناسيا للإحرام ، أو مخطئا في قتل الصيد ، فأما إذا كان عامدا فيها فلا جزاء عليه. وقال داود : انما يجب الجزاء على العامد دون الخاطئ.

[ وأيضا على داود ما روى عن النبي عليه‌السلام انه قال في الضبع كبش إذا أصابه المحرم ولم يفرق. وعلى مجاهد قوله تعالى ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ )] (١).

مسألة ـ ٢٥٣ ـ : إذا عاد الى قتل الصيد وجب عليه الجزاء ثانيا ، وبه قال عامة أهل العلم ويدل عليه قوله تعالى « وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » (٢) ولم يفرق بين الأول والثاني ، وقوله تعالى « وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ » لا يوجب إسقاط الجزاء منه ، لأنه لا يمتنع أن يلزمه الجزاء وان كان ممن ينتقم الله منه.

__________________

(١) هذه الزيادة تختص م ، وهو بعض ما في الخلاف من الدليل.

(٢) سورة الانعام : ٦.

٤١٥

وروي في كثير من أخبارنا أنه إذا عاد لا يجب عليه الجزاء ، وهو ممن ينتقم الله منه. وهذا هو المذكور في النهاية ، وبه قال داود.

مسألة ـ ٢٥٤ ـ : إذا قتل صيدا ، فهو مخير بين ثلاثة أشياء : بين أن يخرج مثله من النعم ، وبين أن يقوم مثله دراهم ويشتري به طعاما ويتصدق به ، وبين أن يصوم عن كل مد يوما.

وان كان الصيد لا مثل له ، فهو مخير بين شيئين : بين أن يقوم الصيد ويشتري بثمنه طعاما يتصدق به ، وبين (١) أن يصوم عن كل مد يوما ، ولا يجوز إخراج القيمة بحال وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ووافق في جميع ذلك ( ـ ك ـ ) إلا في فصل واحد ، وهو أن عندنا إذا أراد شراء الطعام قوم المثل وعنده يقوم الصيد ويشتري بثمنه طعاما ، وفي أصحابنا من قال على الترتيب.

وقال ( ـ ح ـ ) : الصيد مضمون بقيمته ، سواء كان له مثل أو لم يكن له مثل ، الا أنه إذا قومه فهو مخير بين أن يشتري بالقيمة من النعم ويخرجه ولا يجوز أن يشتري من النعم الا ما يجوز في الضحايا وهو الجذع من الضأن والثني من كل شي‌ء ، وبين أن يشتري بالقيمة طعاما ويتصدق به ، وبين أن يصوم عن كل مد يوما.

وقال ( ـ ف ـ ) (٢) و ( ـ م ـ ) : يجوز أن يشتري بالقيمة من النعم ما يجوز في الضحايا وما لا يجوز.

[ دليلنا قوله تعالى ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ، فأوجب في الصيد مثلا موصوفا من النعم. وروى جابر أن النبي عليه‌السلام قال في الضبع كبش إذا أصابه المحرم وعليه إجماع الفرقة ] (٣).

__________________

(١) أو يصوم.

(٢) ح ، د : وقال ح وف وهو وهم ، ما في المتن موافق لما في الخلاف.

(٣) هذه الزيادة تختص م.

٤١٦

مسألة ـ ٢٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ماله مثل منصوص عليه عندنا على ما فصل في كتب أصحابنا ، فإن فرضنا أن يحدث ما لا نص فيه رجعنا فيه الى قول عدلين على ما يقتضيه ظاهر القرآن. وقال ( ـ ش ـ ) : ما قضت عليه (١) الصحابة بالمثل مثل البدنة في النعامة والبقرة في حمار الوحش والشاة في الظبي والغزال ، فإنه يرجع الى قولهم فيه ، وما لم يقضوا فيه بشي‌ء فإنه يرجع فيه الى قول عدلين ، وهل يجوز أن يكون القاتل أحدهما أو لا؟ لأصحابه فيه قولان.

مسألة ـ ٢٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في صغار أولاد الصيد صغار أولاد المثل ، وهو قول ( ـ ش ـ ) ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، الا أنه يوجب القيمة. وقال ( ـ ك ـ ) : يجب في الصغار الكبار.

مسألة ـ ٢٥٧ ـ : إذا قتل صيدا أعور أو مكسورا ، فالأفضل أن يخرج الصحيح من الجزاء وان أخرج مثله كان جائزا ، لقوله تعالى « فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يفديه بصحيح.

مسألة ـ ٢٥٨ ـ : إذا قتل ذكرا جاز أن يفديه بأنثى ، وان قتل أنثى جاز أن يفديه بذكر ، وان فدى كل واحد منهما بمثله كان أفضل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه الا في فداء الأنثى بالذكر ، فان في أصحابه من قال : لا يجوز أن يفدي الأنثى بالذكر.

دليلنا : عموم الأخبار الواردة في ذلك ، وقوله تعالى « فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » ونحن نعلم أنه أراد المثل في الخلقة ، لان الصفات الأخر لا يراعى ، ألا ترى أن اللون وغيره من الصفات لا يراعى.

مسألة ـ ٢٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جرح المحرم صيدا ، فإنه يضمن ذلك الجرح على قدره ، وبه قال كافة العلماء. وذهب داود وأهل الظاهر إلى أنه لا يضمن جرح الصيد ولا إتلاف أبعاضه.

__________________

(١) م : إذا ما قضت.

٤١٧

مسألة ـ ٢٦٠ ـ : إذا لزمه أرش الجراح قوم الصيد صحيحا ومعيبا ، فان كان ما بينهما مثلا عشر ألزمه عشر مثله ، وبه قال المزني ، ويدل عليه الآية. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه عشر قيمة المثل.

مسألة ـ ٢٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جرح صيدا فغاب عن عينه لزمه الجزاء على الكمال وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) [ لا يلزمه الجزاء على الكمال و ] (١) يقوم بين كونه مجروحا والدم جار ، وبين كونه صحيحا وألزم ما بينهما.

مسألة ـ ٢٦٢ ـ : جزاء الصيد على التخيير بين إخراج المثل أو بيعه وشراء الطعام والتصدق به ، وبين الصوم عن كل مد يوم ، وبه قال جميع الفقهاء ، ويدل عليه قوله تعالى « يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ ) « الى قوله » ( أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً » وظاهر لفظة « أو » للتخيير.

وروي عن ابن عباس وابن سيرين أنهما قالا بوجوب الجزاء (٢) على الترتيب فلا يجوز أن يطعم مع القدرة على إخراج المثل ، ولا يجوز أن يصوم مع القدرة على الإطعام. وحكى أبو ثور عن ( ـ ش ـ ) أنه قال في القديم مثل هذا ، وذهب اليه قوم من أصحابنا.

مسألة ـ ٢٦٣ ـ : المثل الذي يقوم هو الجزاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ويدل عليه قوله تعالى « فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » والقراءة بالخفض توجب أن يكون الجزاء بدلا عن المثل من النعم ، لان التقدير لمثل ما قتل من النعم. وقال ( ـ ك ـ ) : يقوم الصيد المقتول.

مسألة ـ ٢٦٤ ـ : ما له مثل يلزم قيمته وقت الإخراج دون حال الإتلاف ، وما لا مثل له يلزم قيمته حال الإتلاف دون حال الإخراج ، والذي يدل عليه أن حال

__________________

(١) هذه الزيادة تختص م.

(٢) م : يوجب الجزاء.

٤١٨

الإتلاف يجب عليه قيمته ، فالاعتبار بذلك دون حال الإخراج ، لأن القيمة قد استقرت في ذمته ، وهذا هو الصحيح من مذهب ( ـ ش ـ ) ، ومنهم من قال : مالا مثل له على قولين [ أحدهما الاعتبار بحال الإخراج والثاني مثل ما قلناه ] (١).

مسألة ـ ٢٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لحم الصيد حرام على المحرم ، سواء صاده هو (٢) أو غيره ، قتله هو أو غيره ، أذن فيه أو لم يأذن ، أعان عليه أو لم يعن ، وعلى كل حال وهو مذهب جماعة من الفقهاء.

وقال ( ـ ش ـ ) : ما يقتله بنفسه ، أو يأمر به (٣) ، أو يشير اليه ، أو يدل عليه ، أو يعطي سلاحا لإنسان فقتله به يحرم عليه أكله ، وكذلك ما اصطيد له بعلمه أو بغير علمه فلا يحل أكله وما صاده غيره ولا أثر له فيه ، فمباح له أكله.

وقال ( ـ ح ـ ) : انه يحرم عليه ما صاده بنفسه (٤) وما له فيه أثر لا يستغنى عنه بأن يدل عليه ولا يعلم مكانه ، أو دفع اليه سلاحا يحتاج اليه ، وأما إذا دل عليه دلالة ظاهرة لا يحتاج إليها ، أو دفع اليه سلاحا لا يحتاج اليه أو أشار إليه إشارة يستغنى عنها ، فلا يحرم عليه ، وكذلك ما صيد لأجله لا يحرم عليه.

مسألة ـ ٢٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحرم (٥) إذا ذبح صيدا ، فهو ميتة لا يجوز لأحد أكله ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) في الجديد. وقال في القديم والإملاء : ليس بميتة [ ولكن لا يجوز له أكله ] (٦) ويجوز لغيره أكله.

مسألة ـ ٢٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحرم أو المحل إذا ذبح صيدا في الحرم كان

__________________

(١) هذه الزيادة تختص م.

(٢) ح ، د بإسقاط ( هو ).

(٣) ح ، د : يأمره.

(٤) ح ، د : بإسقاط ( بنفسه ).

(٥) م : بإسقاط ( المحرم ).

(٦) هذه الجملة تختص م. وهي موجودة في الخلاف.

٤١٩

ميتة ، وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال فيه قولان ، وفيهم من قال انه ميتة قولا واحدا.

مسألة ـ ٢٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكل المحرم من صيد قتله لزمه قيمته ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أكل من لحم الصيد الذي قتله لم يلزمه بذلك شي‌ء.

مسألة ـ ٢٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا دل على الصيد فقتله المدلول لزم الدال الفداء ، وكذلك المدلول ان كان محرما أو في الحرم ، سواء كانت الدلالة (١) ظاهرة أو باطنة ، فان أعاره سلاحا قتل به صيدا ، فلا نص لأصحابنا فيه ، والأصل براءة الذمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يضمن جميع ذلك. وقال ( ـ ح ـ ) : يجب عليه الجزاء إذا دل على صيد دلالة باطنة ، وإذا أعاره سلاحا [ لا يستغنى عنه ، فاما إذا دل عليه دلالة ظاهرة أو أعار سلاحا ] (٢) يستغنى عنه فلا جزاء عليه.

مسألة ـ ٢٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أمسك محرم صيدا ، فجاء محرم آخر فقتله ، لزم كل واحد منهما الفداء كملا. وقال ( ـ ش ـ ) : فيه جزاء واحد ، وعلى من يجب فيه وجهان : أحدهما يجب (٣) على الذابح ، والأخر يكون الجزاء بينهما.

مسألة ـ ٢٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صيد الحرم مضمون بلا خلاف بين الفقهاء ، الا داود فإنه قال : لا يضمن.

مسألة ـ ٢٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صيد الحرم إذا تجرد عن الإحرام يضمن ، وان كان القاتل محرما تضاعف الجزاء ، وان كان محلا لزمه جزاء واحد.

وقال ( ـ ش ـ ) : صيد الحرم مثل صيد الإحرام مخير بين ثلاثة أشياء : بين المثل (٤) والصوم والإطعام ، وفيما لا مثل له بين الإطعام والصيام.

__________________

(١) م : دلالة.

(٢) هذه الجملة تختص م.

(٣) ح ، د : بإسقاط يجب.

(٤) م : من المثل.

٤٢٠