المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

« فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ » (١) والإمساك هو المراجعة ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ د ـ ) : لا يجوز ذلك.

مسألة ـ ١١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : للمحرم أن يستظل بثوب ينصبه ما لم يكن فوق رأسه بلا خلاف ، وإذا كان فوق رأسه مثل الكنيسة والهودج والعمارية (٢) فلا يجوز ذلك سائرا ، فأما إذا كان نازلا فلا بأس به أن يقعد تحت الخيمة والخباء والبيوت وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك كيف ما ستر (٣).

مسألة ـ ١١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمحرم النظر في المرآة ، رجلا كان أو امرأة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في سنن الحرملة. وقال في الأم : لهما أن ينظرا في المرآة.

مسألة ـ ١١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمحرم أن يغسل ثيابه وثياب غيره ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ د ـ ). أكره له أن يغسل ثياب غيره.

مسألة ـ ١١٨ ـ : يجوز دخول مكة نهارا بلا خلاف ، ويجوز عندنا دخلوها ليلا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وجميع الفقهاء ، وحكى عن عطاء أنه قال : أكره دخولها ليلا.

مسألة ـ ١١٩ ـ : الأدعية المخصوصة ذكرناها عند دخول مكة والمسجد الحرام ومشاهدة الكعبة لا يعرفها أحد من الفقهاء ، ولهم أدعية غيرها.

مسألة ـ ١٢٠ ـ : رفع اليدين عند مشاهدة البيت لا يعرفها أصحابنا. وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك مستحب.

مسألة ـ ١٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحب أن يستلم الحجر بجميع بدنه (٤) ، وان لم يتمكن واستلمه ببعضه أجزأه. و ( ـ للش ـ ) قولان ، أحدهما : هذا ، والثاني : أنه لا يجزيه.

__________________

(١) سورة البقرة آية ٢٢٩.

(٢) ح ، د : أو الهودج ، وليس فيهما ( العمارية ).

(٣) ح : ما سلف ، د : بإسقاط الكلمة رأسا.

(٤) خ ل د : يديه.

٣٨١

مسألة ـ ١٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : استلام الركن الذي فيه الحجر لا خلاف فيه وباقي الأركان مستحب استلامها ، وبه قال ابن عباس وابن زبير (١) وجابر. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يستلمها يعني الشاميين ، وبه قال عمر ، وابن عمر ، ومعاوية.

مسألة ـ ١٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب استلام الركن اليماني ، وبه قال ( ـ ش ـ ). قال : يضع يده عليه ويقبلها ولا يقبل الركن ، وبه قال ( ـ ك ـ ) الا أنه قال : يضع يده على فيه ولا يقبلها. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يستلمه أصلا.

مسألة ـ ١٢٤ ـ : لا يكره قراءة القرآن في حال الطواف بل هو مستحب ، لعموم الأخبار الواردة في فضل قراءة القرآن ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : أكره قراءة القرآن في الطواف.

مسألة ـ ١٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأفضل أن يقول : طواف وطوافان وثلاثة أطواف وان قلت شوط وشوطان وثلاثة أشواط جاز ، و ( ـ ش ـ ) قال : أكره ذكر الشوط ، وبه قال مجاهد.

مسألة ـ ١٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الطواف الا على الطهارة من حدث ونجس وستر العورة ، فإن أخل بشي‌ء منه لم يصح طوافه ولا يعتد به ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) و ( ـ ع ـ ) ، وعامة أهل العلم.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان طاف على غير طهارة ، فإن أقام بمكة أعاد ، وان عاد الى بلده وكان محدثا فعليه دم شاة ، وان كان جنبا فعليه بدنة.

مسألة ـ ١٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من طاف على وضوء ، ثمَّ أحدث في خلاله ، انصرف وتوضأ وعاد ، فان كان زاد على النصف بنى عليه ، وان لم يزد أعاد الطواف.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم يطل الفصل بنى قولا واحدا ولم يفصل ، وان طال فعلى قولين ، قال في القديم : يستأنف. وقال في الجديد : يبني.

__________________

(١) م : الزبير. ح ، د : بإسقاطه رأسا.

٣٨٢

مسألة ـ ١٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : متى طاف على غير وضوء وعاد الى بلده ، رجع وأعاد الطواف مع الإمكان ، فان لم يمكنه استناب من يطوف عنه. وقال ( ـ ش ـ ) : يرجع ويطوف ولم يفصل. وقال ( ـ ح ـ ) : جبره بدم.

مسألة ـ ١٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الطواف يجب أن يكون حول البيت والحجر معا فان سلك الحجر لم يعتد به ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : إذا سلك الحجر أجزأه.

مسألة ـ ١٣٠ ـ : إذا تباعد من البيت حتى يطوف بالسقاية وزمزم لم يجزه لأنه ليس على جوازه دليل. وقال ( ـ ش ـ ) : يجزيه.

مسألة ـ ١٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا طاف منكوسا ، وهو أن يجعل البيت على يمينه لا يجزيه وعليه الإعادة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان أقام بمكة أعاد ، وان عاد الى بلده جبره بدم.

مسألة ـ ١٣٢ ـ : كيفية الطواف أن يبتدئ في السبع طوافات من الحجر حتى يأتي إلى الموضع الذي بدء منه سبعا ، فان ترك ولو خطوة منها لم يجزه ، ولم يحل له النساء حتى يعود إليها فيأتي بها ، لان الاحتياط يقتضيه ، وظواهر الأوامر بسبع طوافات ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه أن يطوف سبعا ، لكنه إذا أتى بمعظمه وهو أربع من سبع أجزأه ، فإن عاد الى بلده جبره بدم ، وان أتى بأقل من أربع لم يجزه.

مسألة ـ ١٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينبغي أن يطوف بالبيت الا ماشيا مع القدرة ، وانما يطوف راكبا إذا كان عليلا أو لا يقدر عليه فان خالف وطاف راكبا أجزأه ولم يلزمه دم.

وقال ( ـ ش ـ ) : الركوب مكروه ، فان فعله لم يكن (١) عليه شي‌ء ، مريضا كان أو صحيحا. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يركب الا من عذر من مرض ، فان طاف راكبا فعليه دم.

مسألة ـ ١٣٤ ـ : إذا أتى المتمتع بأفعال العمرة والحج ، ثمَّ ذكر أنه طاف

__________________

(١) ح ، د : فلم يكن.

٣٨٣

أحد طوافي العمرة والحج بغير طهارة ولا يدري أيهما هو ، فعليه أن يعيد الطواف بوضوء ويعيد بعده السعي (١) ولا دم عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه أغلظ الأمرين ، فنفرض ان كان من طواف العمرة يعيد الطواف والسعي وصار قارنا بإدخال الحج عليه وعليه دمان ، وان كان من طواف الحج ، فعليه أن يعيد الطواف والسعي وعليه دم.

مسألة ـ ١٣٥ ـ : إذا طاف وظهره إلى الكعبة لا يجزيه ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، ولا نص ( ـ للش ـ ) فيه ، والذي يجي‌ء على مذهبه أنه يجزيه.

مسألة ـ ١٣٦ ـ : ركعتا الطواف واجبتان عند أكثر أصحابنا ، لقوله تعالى « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى » (٢) وبه قال عامة أهل العلم ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والأخر : أنهما غير واجبتين [ وهو أصح القولين عندهم ] (٣) وبه قال قوم من أصحابنا ، وأخبارنا في هذا المعنى كثيرة والوجه في الرواية المخالفة مذكور في الكتب.

مسألة ـ ١٣٧ ـ : يستحب أن يصلي ركعتين خلف المقام ، فان لم يفعل وفعل في غيره أجزأه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ان لم يصلهما خلف المقام فعليه دم وقال ( ـ ر ـ ) : يأتي بهما في الحرم.

مسألة ـ ١٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السعي بين الصفا والمروة ركن لا يتم الحج الا به فان تركه أو ترك بعضه ولو خطوة واحدة لم يحل له النساء حتى يأتي به ، وبه قالت عائشة ، واليه ذهب ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

__________________

(١) ح ، د : بعد السعي.

(٢) سورة البقرة : ١١٩.

(٣) كذا في الخلاف ج ، د بإسقاطه رأسا. م : بإسقاط ( عندهم ).

٣٨٤

وقال ابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب : السعي سنة وليس بواجب.

وقال ( ـ ح ـ ) : واجب لكنه ليس بركن ، وهو بمنزلة المبيت بالمزدلفة ، فإن تركه فعليه دم.

مسألة ـ ١٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السعي بين الصفا والمروة سبع يبدأ بالصفا ويختم بالمروة بلا خلاف فيه ، وصفته أن يعد ذهابه إلى المروة دفعة ورجوعه الى الصفا أخرى ، وعليه جميع الفقهاء وأهل العلم ، إلا أهل الظاهر وابن جرير وأبو بكر الصيرفي من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، فإنهم اعتبروا الذهاب إلى المروة والرجوع الى الصفا دفعة واحدة.

مسألة ـ ١٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكفي في السعي (١) أن يطوف ما بين الصفا والمروة وان لم يصعد عليهما ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال ابن الوكيل من أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا بد أن يصعد عليهما ولو شيئا يسيرا.

مسألة ـ ١٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا طاف بين الصفا والمروة سبعا وهو عند الصفا أعاد السعي من أوله ، لأنه بدء بالمروة. وقال الفقهاء : انه يسقط الأولة ويبنى على أنه بدء بالصفا ، فيضيف اليه شوطا آخر.

مسألة ـ ١٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أفعال العمرة خمسة : الإحرام ، والتلبية ، والطواف والسعي ، والتقصير ، وان حلق جاز والتقصير أفضل ، وبعد الحج الحلق أفضل.

وقال ( ـ ش ـ ) : أربعة في أحد قوليه ، ولم يذكر التلبية فيها ، وفي الأخر ثلاثة ولم يذكر الحلق والتقصير أيضا فيها.

مسألة ـ ١٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : هدي المتمتع لا يجوز نحره الا بمنى. وقال ( ـ ش ـ ) : منحره على المروة ، وان نحره بمكة جاز أي موضع شاء.

مسألة ـ ١٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ليس على رأسه شي‌ء من الشعر ، مثل أن يكون

__________________

(١) ح ، د : بإسقاط ( في ).

٣٨٥

أصلع أو أقرع ، فعليه أن يمر الموسى على رأسه استحبابا ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجب عليه ذلك.

مسألة ـ ١٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحرم بالعمرة من الميقات يقطع التلبية إذا دخل الحرم فان كان متمتعا قطعها إذا شاهد بيوت مكة.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يقطع المعتمر التلبية حتى يأخذ في الطواف ، وبه قال ابن عباس.

وقال ( ـ ك ـ ) مثل ما قلناه الا أنه قال : إذا أحرم وراء الميقات لا يقطع حتى يرى البيت.

مسألة ـ ١٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أفعال العمرة لا يدخل في أفعال الحج عندنا ، ومتى فرغ من أفعال العمرة بكمالها حصل محلا ، وإذا أحرم بعد ذلك بالحج أتى بأفعال الحج على وجهها ويكون متمتعا ، وان أحرم بالحج قبل استيفاء أفعال عمرته بطلت عمرته وكانت حجة مفردة.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا قرن يدخل أفعال العمرة في أفعال الحج واقتصر على أفعال الحج فقط يجزيه طواف واحد وسعي واحد عنهما ، وبه قال جابر ، وابن عمر ، وعطاء ، وطاوس ، والحسن البصري ، ومجاهد ، وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وقال بمثل ما قلناه من أن أفعال العمرة لا يدخل في أفعال الحج في الصحابة علي عليه‌السلام وابن مسعود وفي التابعين الشعبي والنخعي ، وفي الفقهاء ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

ولح تفصيل قال : من شرط القران تقديم العمرة على الحج ويدخل مكة ويطوف ويسعى للعمرة ، ويقيم على إحرامه حتى يكمل أفعال الحج ، ثمَّ يحل منها ، فان ترك الطواف للعمرة قبل الوقوف انتقضت عمرته وصار مفردا بالحج وعليه قضاء العمرة.

مسألة ـ ١٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حاضت المتمتعة قبل أن يفرغ من أفعال العمرة جعلته حجة مفردة ، وقال الفقهاء بأسرهم يحتاج الى تجديد الإحرام.

مسألة ـ ١٤٨ ـ : يخطب الإمام بعرفة يوم عرفة قبل الأذان ، وبه قال ( ـ ش ـ ) لما رواه جابر في حديثه فخطب الناس ثمَّ أذن بلال وأقام. وقال ( ـ ح ـ ) بعد الأذان.

٣٨٦

مسألة ـ ١٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصلي الامام بالناس بعرفة الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) بأذانين وإقامتين. وقال ( ـ د ـ ) باقامتين.

مسألة ـ ١٥٠ ـ : إذا كان الامام مقيما أتم وقصر من خلفه من المسافرين ، وان كان مسافرا قصر وقصروا ومن كان من أهل مكة فلا يقصر ، لأن المسافة نقصت عما يجب فيه التقصير.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الامام مقيما أتم وأتم من خلفه من المقيمين والمسافرين وان كان مسافرا قصر ومن خلفه من المسافرين وأتم المقيمون ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يقصر كما قالوا ، وزاد فقال يقصر أهل مكة وان كانت المسافة قريبة مع قوله ان التقصير في أربعة برد.

مسألة ـ ١٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من صلى مع امامه جمع ، وان صلى منفردا جمع أيضا ، سواء كان من له التقصير أو من ليس له القصر. و ( ـ للش ـ ) فيمن ليس له القصر قولان. وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له الجمع الا مع إمامه.

مسألة ـ ١٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بطن عرنة ليس من الموقف ، فمن وقف فيه لم يجزه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يجزيه.

مسألة ـ ١٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الوقوف بعرفة راكبا وقائما سواء ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). وقال في القديم : الركوب أفضل.

مسألة ـ ١٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت الوقوف من حين تزول الشمس الى طلوع الفجر من يوم النحر ، وبه قال جميع الفقهاء إلا أحمد بن حنبل ، فإنه خالف في الأول ، فقال : من عند طلوع الفجر من يوم عرفة ، ووافق في الأخر وروى في بعض أخبارنا إلى طلوع الشمس ، وفي شاذها الى الزوال من يوم النحر ولم يقل به أحد.

٣٨٧

مسألة ـ ١٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأفضل أن يقف الى غروب الشمس في النهار ، ويدفع من الموقف بعد غروبها ، فان دفع قبل الغروب لزمه دم ، فأما الليل إذا وقف ففي أي وقت دفع أجزأه.

وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : ان الأفضل ما قلناه ، فأما الأجزاء بأن يقف ليلا أو نهارا أي شي‌ء كان ولو كان بمقدار المرور فيه. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه دم إن أفاض قبل الغروب.

وقال ( ـ ش ـ ) في القديم والام : ان دفع قبل الغروب فعليه دم. وقال في الإملاء : يستحب أن يهدي ولا يجب عليه ، فضمان الدم على القولين. وقال : ان دفع قبل الزوال أجزأه.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان وقف نهارا لم يجزه حتى يقيم الى الليل فيجمع الليل والنهار ، وان وقف ليلا وحده أجزأه [ وروى ابن عباس أن النبي عليه‌السلام قال : من ترك نسكا فعليه الدم.

وهذا قد ترك نسكا ، لأنه لا خلاف أن الأفضل الوقوف الى غروب الشمس ] (١).

مسألة ـ ١٥٥ ـ : إذا عاد قبل غيبوبة الشمس وأقام حتى غابت سقط عنه الدم ، وان عاد بعد غروبها لم يسقط ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : ان عاد قبل خروج وقت الوقوف سقط الدم.

مسألة ـ ١٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة بالمزدلفة بأذان واحد وإقامتين.

وقال ( ـ ح ـ ) : يجمع بينهما بأذان واحد واقامة واحدة مثل صلاة واحدة. وقال ( ـ ك ـ ) : بأذانين وإقامتين. وقال ( ـ ش ـ ) مثل ما قلناه إذا جمع بينهما في وقت الأول.

وان جمع بينهما في وقت الثانية ، فله ثلاثة أقوال ، قال في القديم : يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين ، وهو الصحيح عندهم. وقال في الجديد : باقامتين بغير أذان. وقال في الإملاء : ان رجا اجتماع الناس أذن والا لم يؤذن ، وحكى

__________________

(١) هذه العبارة تختص م ـ وهي بعض ما في الخلاف من الدليل في هذه المسألة.

٣٨٨

عن ( ـ ك ـ ) مثل قولنا سواء.

مسألة ـ ١٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المغرب والعشاء لا يصليان إلا بالمزدلفة إلا لضرورة من خوف ، والخوف أن يخاف فوتهما ، وخوف الفوت إذا مضى ربع الليل ، وروي الى نصف الليل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه قال بطلوع الفجر.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان صلى المغرب في وقتها بعرفات والعشاء بالمزدلفة أجزأه ، وحدث أسامة بن زيد عن النبي عليه‌السلام.

مسألة ـ ١٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الوقوف بالمزدلفة ركن من تركه فلا حج له.

وقال الشعبي والنخعي : المبيت بها ركن ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ، وقالوا ليس بركن الا أن ( ـ ش ـ ) قال : ان ترك المبيت بها لزمه دم في أحد قوليه ، والثاني لا شي‌ء عليه.

مسألة ـ ١٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته عرفات وأدرك المشعر ووقف بها فقد أجزأه ، ولم يوافقنا عليه أحد من الفقهاء.

مسألة ـ ١٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الرمي إلا بالحجر وما كان من جنسه من البرام والجواهر وأنواع الحجارة ، ولا يجوز بغيره كالمدر والأجر والكحل والزرنيخ وغير ذلك من الذهب والفضة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز بالحجر وبما كان من نفس الأرض ، كالطين والمدر والكحل والزرنيخ ، ولا يجوز بالذهب ولا بالفضة. وقال أهل الظاهر : يجوز بكل شي‌ء حتى لو رمى بالخرق والعصافير الميتة أجزأه. [ وروى الفضل بن العباس قال لما أفاض رسول الله من المزدلفة حبط بمكان محسر قال أيها الناس عليكم بحصى الحذف. وهذا نص ] (١).

مسألة ـ ١٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يرمي بحصاة قد رمى بها. وقال ( ـ ش ـ ) :

__________________

(١) هذه العبارة تختص م وهي بعض ما في الخلاف من الدليل في المسألة.

٣٨٩

أكرهه فإن فعل أجزأه سواء رماه هو (١) أو غيره. وقال المزني : إن رماها هو لا يجوز وان رماها غيره أجزأه وفعل (٢) النبي عليه‌السلام فإنه لا خلاف أنه ما رمى بما رمى بها غيره.

مسألة ـ ١٦٢ ـ : إذا رمى الحصاة ، فوقعت على عنق البعير ، فتحرك البعير فوقعت في المرمى ، أو على ثوب رجل فتحرك فوقعت في المرمي لا يجوز و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

وإذا رمى فلا يعلم أصاب أم لا؟ لا يجوز (٣) ، و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان. وإذا وقعت على مكان ممال (٤) وتدحرجت (٥) فوقعت عليه أجزأه ، و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان ، وطريقة الاحتياط يقتضي ما قلناه.

مسألة ـ ١٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد قلنا ان وقت الوقوف بالمزدلفة من وقت حصوله بها الى طلوع الفجر الثاني ، وقد روي الى طلوع الشمس ، وان دفع قبل الفجر مع الاختيار لم يجزه ، سواء كان قبل نصف الليل أو بعده.

وقال ( ـ ش ـ ) : الوقت الكامل من عند الحصول الى ان يسفر الفجر ، والأخر الى أن يكون بها ما بين أول وقتها الى طلوع الشمس الا أنه ان حصل بها بعد نصف الليل أجزأه ولا شي‌ء عليه وان حصل قبل نصف الليل ولم يلبث حتى ينتصف الليل ، فهل عليه دم أم لا؟ فعلى قولين.

__________________

(١) د ، ح ، بإسقاط ( هو ).

(٢) كذا في جميع النسخ : وفي الخلاف : دليلنا إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط أو فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) م : لا يجزى.

(٤) م : فمال ، ف : مهال. خ ل ف محال.

(٥) م ، د ، ف : قد خرجت.

٣٩٠

مسألة ـ ١٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس من يوم النحر بلا خلاف ، ووقت الاجزاء من عند طلوع الفجر مع الاختيار ، فان رمى قبل ذلك لم يجزه ، ويجوز للعليل والنساء وصاحب الضرورة الرمي بالليل.

وقال ( ـ ش ـ ) : أول وقت الاجزاء إذا انتصف ليلة النحر ، وبه قال عطاء وعكرمة.

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) : وقته إذا طلع الفجر ، فان رمى قبل ذلك لم يجزه مثل ما قلناه.

وقال النخعي و ( ـ ر ـ ) : وقته إذا طلعت الشمس يوم النحر وقبل ذلك لا يجزي ولا يعتد به ، وروي عن عائشة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثمَّ مضت فأفاضت.

مسألة ـ ١٦٧ ـ : ينبغي أن يبدأ بمنى يرمي جمرة العقبة ، ثمَّ ينحر ، ثمَّ يحلق ثمَّ يذهب إلى مكة فيطوف طواف الزيارة وهو طواف الحج الفرض بلا خلاف ويسعى ان لم يكن قدم السعي حين كان بمكة قبل الخروج ، والترتيب في ذلك مستحب وليس بواجب ، فان قدم الحلق على الرمي أو على النحر أجزأه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : الترتيب مستحب ، فان قدم الحلق على النحر فعليه دم.

ودليلنا : أنه لا خلاف أنه إذا فعل ذلك لا يجب عليه الإعادة ، فأما لزوم الدم يحتاج الى دليل ، والأصل براءة الذمة.

وروى عبد الله بن عمرو قال : وقف رسول الله في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه ، فجاء رجل ، فقال : يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ، فقال : اذبح ولا حرج ، فجاء رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : ارم ولا حرج ، قال : فما سئل رسول الله عن شي‌ء يومئذ قدم أو أخر إلا قال : افعل

٣٩١

ولا حرج عليك. وهذا بعينه على هذا اللفظ مروي عن أئمتنا عليهم‌السلام.

مسألة ـ ١٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يأكل من الهدي الواجب ومما يلزمه في حال الإحرام من الكفارات أو ما يلتزمه بالنذر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وله في النذر وجهان.

وقال أبو إسحاق : يحل لأنه تطوع بإيجابه على نفسه.

وقال ( ـ ح ـ ) : يأكل من الكل الا من جزاء الصيد وحلق الشعر. وقال ( ـ ك ـ ) : يأكل من الكل الا من جزاء الصيد.

مسألة ـ ١٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الأكل من الهدي المتطوع به بلا خلاف ، والمستحب أن يأكل ثلثه ، ويتصدق بثلثه ، ويهدي ثلثه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني يأكل النصف ويتصدق بالنصف. [ وقوله تعالى « فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ » (١) تقسم ثلاثة أقسام ] (٢).

مسألة ـ ١٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يقع التحلل من إحرام العمرة إذا طاف وسعى وقصر والتقصير نسك يثاب عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) إذا قال ان الحلق نسك والثاني أنه إطلاق محظور وليس بنسك ولا يثاب عليه.

مسألة ـ ١٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التحلل في الحج ثلاثة ، أولها : إذا رمى وحلق وذبح فإنه يتحلل من كل شي‌ء إلا النساء والطيب ، فاذا طاف طواف الزيارة وسعى حل له كل شي‌ء إلا النساء ، فأما الاصطياد فلا يحل له لكونه في الحرم ويجوز له أن يأكل منه ، فاذا طاف طواف النساء حلت له النساء.

وقال الفقهاء كلهم : انه يتحلل التحللين معا بالرمي والحلق وطواف الزيارة فالتحلل الأول يحصل بشيئين رمي وحلاق ، أو رمى وطواف ، أو حلاق وطواف ويستبيح عند ذلك اللباس وترجيل الشعر والحلق وتقليم الأظافير.

__________________

(١) سورة الحج آية ٣٦.

(٢) هذه الزيادة تختص م. وفي الخلاف : دليلنا إجماع الفرقة وقوله تعالى.

٣٩٢

قال ( ـ ش ـ ) : لا يحل له الوطي الا بعد التحلل الثاني قولا واحدا ، والطيب على قولين قال في القديم : لا يحل بالتحلل الأول ، والأخر يحل قولا واحدا ، فأما عقد النكاح والوطي فيما دون الفرج والاصطياد وقتل الصيد على قولين : أحدهما لا يحل والثاني يحل له كل هذا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ولم يعتبر أحد طواف النساء بحال.

مسألة ـ ١٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يقطع المعتمر التلبية إذا دخل الحرم ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، فقالوا : إذا استلم الحجر قطعها وقد مضت ، والحاج يقطع التلبية يوم عرفة عند الزوال ، وقالوا : لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة من يوم النحر ، لأن إيجاب ذلك يحتاج الى دليل.

مسألة ـ ١٧٢ ـ : يستحب للإمام أن يخطب الناس بمنى يوم النحر بعد الزوال وبعد الظهر ، لما روي أن النبي عليه‌السلام خطب يوم النحر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يخطب بمنى يوم النحر.

مسألة ـ ١٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : روى أصحابنا رخصة في تقديم الطواف والسعي قبل الخروج إلى منى وعرفات ، والأفضل أن لا يطوف طواف الحج الى يوم النحر ان كان متمتعا ولا يؤخره ، فإن أخر فلا يؤخر عن أيام التشريق. وأما المفرد والقارن ، فيجوز لهما أن يؤخرا الى أي وقت شاءا ، والأفضل التعجيل على كل حال.

وقال ( ـ ش ـ ) : وقت الفضل يوم النحر قبل الزوال ، وأول وقت الاجزاء النصف الأخير من ليلة النحر وآخره ، فلا غاية له ومتى أخره فلا شي‌ء عليه.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان أخره عن أيام التشريق فعليه دم.

مسألة ـ ١٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الرمي أيام التشريق الا بعد الزوال ، وقد روي رخصة قبل الزوال في الأيام كلها ، وبالأول قال ( ـ ش ـ ) و ( ـ ح ـ ) ، الا أن ( ـ ح ـ ) قال : وان رمى يوم الثالث قبل الزوال جاز استحسانا. وقال طاوس : يجوز قبل الزوال

٣٩٣

في الكل.

مسألة ـ ١٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الترتيب واجب في رمي الجمار بلا خلاف يرمي التي هي إلى منى أقرب ، ويختم بالتي هي إلى مكة أقرب ، ويقف عند الاولى والثانية ويكبر مع كل حصاة ، ولا يقف عند الثالثة ، كل ذلك لا خلاف فيه.

فان نقص من الأولى شيئا ورمى الجمرتين بعدها نظرت ، فان كان أقل من الثلاث أعاد على الجميع ، وان كان رماها أربعا فصاعدا ، تممها ولا يعيد على التي بعدها.

وقال ( ـ ش ـ ) : من نسي واحدة من الأولى أعاد عليها وعلى ما بعدها ، وأيضا فإن إيجاب ذلك يحتاج الى دليل ، لأنها فرض ثان.

مسألة ـ ١٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نسي واحدة من الحصيات ولا يدري من أي الجمار هي رمى كل جمرة بحصاة وقد أجزأه. وقال ( ـ ش ـ ) : يجعلها من الاولى ويرميها بحصاة ويعيد على الجمرتين.

مسألة ـ ١٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رمى بسبع حصيات دفعة واحدة ، لم يعتد بأكثر من واحدة ، سواء وقع عليها مجتمعة أو متفرقة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا وقعت متفرقة اعتد بهن كلهن ، وحديث عائشة أنها قالت : يكبر مع كل حصاة ، وذلك لا يتم الا مع التفريق.

مسألة ـ ١٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ان أخر الرمي حتى يمضي أيام الرمي ، وجب عليه أن يرميها في العام المقبل : اما بنفسه ، أو يأمر من يرمي عنه ولا يلزمه دم ، ويحل إذا أتى بطواف الزيارة والسعي وطواف النساء.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : يجب عليه الهدي في ذمته ، وهل يحل قبل الذبح؟ فيه وجهان ، أحدهما : يصير حلالا قبل الذبح ، والثاني : لا يصير حلالا حتى يذبح.

٣٩٤

مسألة ـ ١٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته رمي يوم حتى غربت الشمس قضاه من الغد بكرة ويرمى ليومه عند الزوال ، فان فاته في الأيام كلها ، فقد فات الوقت ولا يرميها الا من القابل على ما مضى في هذه الأيام : إما بنفسه ، أو من ينوب عنه ، وليس عليه بتأخيره من يوم الى يوم ولا بتأخير الأيام دم.

وقال ( ـ ش ـ ) : فيه قولان ، أحدهما : أن الأربعة أيام كاليوم الواحد ، فما فاته في يوم منها رمى عن الغد على الترتيب ويكون مؤديا ، وهو الذي قاله في القديم ومختصر الحج ونقله المزني. والثاني كل يوم محدود للأول محدود للثاني ، فإذا غربت الشمس ، فقد فات الرمي هذا قوله في الثلاثة أيام.

فأما في يوم النحر ، فله طريقان ، أحدهما : ان فيه قولين مثل الثلاثة ، والأخر أنه محدود الأول والأخر وهو بعيد عندهم ، فعلى هذا إذا فاته حتى غربت الشمس ففيه ثلاثة أقوال : أحدها يقضي ، والثاني لا يقضي وعليه دم ، والثالث يرمي ويهريق دما ، فأما إذا فات الثلاثة فعلى القولين معا مضى وقت الرمي على كل حال.

مسألة ـ ١٨٠ ـ : يجوز للرعاة وأهل السقاية المبيت بمكة وألا يبيتوا بمنى بلا خلاف ، وأما من له مريض يخاف عليه أو مال يخاف ضياعه ، فعندنا يجوز له ذلك ، لقوله تعالى « ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » (١) وإلزام المبيت والحال ما وصفناه حرج. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٨١ ـ : يستحب للإمام أن يخطب بمنى يوم النفر الأول بعد الزوال وهو أوسط أيام التشريق ، ويعلمهم أنهم بالخيار بين التعجيل والتأخير ، لما روي أن النبي عليه‌السلام خطب هناك أوسط أيام التشريق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) سورة البقرة : ٧٧.

٣٩٥

وقال ( ـ ح ـ ) : يخطب يوم القر (١) ، وهو أول أيام التشريق ، فانفرد به ولم يقل به فقيه ولا نقل فيه أثر.

مسألة ـ ١٨٢ ـ : يوم النفر الأول بالخيار أن ينفر أي وقت شاء الى غروب الشمس ، فاذا غربت فليس له أن ينفر ، فان نفر أثم ، لقوله تعالى « فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ » (٢) فعلق الرخصة باليوم الثاني ، وهذا فاته اليوم الثاني ، فلا يجوز له أن ينفر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : له أن ينفر الى طلوع الفجر ، فان طلع الفجر يوم النفر الثاني فنفر أثم.

مسألة ـ ١٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته رمى يوم رماه من الغد ، وكذلك الحكم في يومين ويبدأ بالأول فالأول مرتبا. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، والأخر سقط الترتيب ، فان اجتمع الثلاثة أيام جاز أن يرمي كل جمرة بإحدى وعشرين حصاة.

مسألة ـ ١٨٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رمى ما فاته بنية يومه قبل أن يرمي ما لأمسه ، لا يجزى ليومه ولا عن أمسه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه ، والأخر : أنه يقع لأمسه. هذا على قوله بالترتيب.

مسألة ـ ١٧٥ ـ : إذا رمى جمرة واحدة بأربع عشرة حصاة سبعا عن يومه وسبعا عن أمسه ، فالاولة لا يجزيه عن يومه ، لأنه ما رتب ، والثاني يجزي عن أمسه ويحتاج أن يرمي عن يومه ، لأنا قد بينا أن ما يرميه بنية يومه لا يجزيه عن أمسه فإذا بطلت الاولى لم يبق بعد ذلك إلا الثانية فيجزي عن أمسه.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزئ عن يومه بلا خلاف وأجزأه عن أمسه ، ولكن أي السبعين

__________________

(١) م ، ف : النفر. والصحيح ما في المتن.

(٢) سورة البقرة : ١٩٩.

٣٩٦

يجزيه؟ فيه وجهان ، أحدهما : الاولى ، والثاني : الثانية.

مسألة ـ ١٨٦ ـ : من فاته حصاة أو حصاتان أو ثلاثة حتى خرج أيام التشريق فلا شي‌ء عليه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وان رماها في القابل كان أحوط.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان ترك واحدة فعليه مد ، وان ترك ثنتين فمدان ، وان ترك ثلاثة فدم ، إذا كان ذلك في الجمرة الأخيرة ، فإن كان من الجمرة الأولى أو الثانية لا يصح ما بعدها على ما مضى.

مسألة ـ ١٨٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ترك المبيت بلا عذر بمنى ليلة (١) كان عليه دم فان ترك ليلتين كان عليه دمان والثالثة لا شي‌ء عليه ، لان له أن ينفر في الأول الا أن تغيب الشمس ثمَّ ينفر فيلزمه ثلاثة دماء.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان ترك ليلة فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : عليه مد ، والأخر : عليه ثلث دم. والثالث قاله في مختصر الحج في ليلة درهم ، وفي ليلتين درهمان ، وفي الثلاثة عليه دم على أحد قوليه ، والقول الأخر لا شي‌ء عليه.

مسألة ـ ١٨٨ ـ : نزول المحصب مستحب وهو نسك ، وبه قال عمر بن الخطاب وقال جميع الفقهاء : هو مستحب وليس بنسك.

فإن أرادوا بالنسك ما يلزم بتركه الدم ، فليس بنسك عندنا ، لان من تركه لا يلزمه دم ، وانما يكون ترك الأفضل ويسقط الخلاف.

مسألة ـ ١٨٩ ـ : طواف الوداع مستحب بلا خلاف ، وقد قدمنا أن طواف النساء فرض لا يتحلل من النساء الا به ، وان ترك طواف الوداع لا يلزمه دم ، وان ترك طواف النساء لم تحل له النساء حتى يعود ويطوف أو يأمر من يطوف عنه.

وخالف جميع الفقهاء في طواف النساء ووافقوا في طواف الوداع ، فأما لزوم الدم بتركه ، فذهب اليه ( ـ ح ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر أنه لا دم عليه.

__________________

(١) م : ليلته.

٣٩٧

حج الصبي

مسألة ـ ١٩٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصح أن يحرم عن الصبي ويجنبه جميع ما يجتنبه (١) المحرم ، وكل ما يلزم المحرم البالغ يلزم في إحرام الصبي مثله ، من الصيد والطيب واللباس وغير ذلك ، ويصح منه الطهارة والصلاة والصيام والحج ، غير أن الطهارة والصلاة والصيام لا يصح منه حتى يعقل ويميز ، والحج يصح منه بإذن وليه إذا كان مميزا ، ويصح له الحج بإحرام وليه عنه ان لم يكن مميزا ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا ينعقد له صلاة ولا صوم ولا حج ، فان أذن له وليه فأحرم لم ينعقد إحرامه ، وانما يفعل ذلك ليمرن (٢) عليه ، ويجنب ما يجتنبه المحرم استحسانا (٣) وإذا قتل صيدا فلا جزاء عليه [ وأيضا ما روي أن امرأة رفعت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صبيا من محفة فقالت : يا رسول الله ألهذا حج؟ قال : نعم ولك أجر ] (٤).

مسألة ـ ١٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل الصبي الصيد لزم وليه الفداء عنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وفي أصحابه من قال : يلزمه في ماله.

مسألة ـ ١٩٢ ـ : يجوز للأم أن تحرم عن ولدها الصغير ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال الباقون من أصحابه : لا يصح.

دليلنا : ما روي (٥) أن امرأة رفعت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صبيا من محفة ، فقال : يا رسول الله ألهذا حج ، قال : نعم ولك أجر.

مسألة ـ ١٩٣ ـ : إذا أحرم الولي بالصبي فنفقته الزائد على نفقته في الحضر

__________________

(١) كذا في الخلاف وهو الصحيح. ح ، د : يجنب جمع ، يجنبه م يجتنب جمع ، يجتنبه. وكذا في آخر المسألة.

(٢) م : ليتمرون.

(٣) ح ، د : استحبابا ، وفي الخلاف مثل ما في المتن.

(٤) هذه العبارة تختص م وهي موجودة في الخلاف.

(٥) م : دليلنا الخبر الذي قد تقدم ذكره. وفي الخلاف مثل ، في المتن.

٣٩٨

على الولي دون ماله ، لأن الولي هو الذي أدخله في ذلك وليس بواجب عليه فيجب أن يلزمه ، لأن إلزامه في مال الصبي يحتاج إلى دلالة ، وبه قال أكثر الفقهاء قال قوم منهم : يلزمه في ماله.

مسألة ـ ١٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حمل الإنسان صبيا فطاف به ونوى بحمله طواف الصبي وطواف نفسه أجزأه عنهما ، و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما يقع الطواف عن الولي ، والأخر يقع عن الصبي.

مسألة ـ ١٩٥ ـ : الصبي إذا وطئ في الفرج عامدا ، فقد روى أصحابنا أن عمد الصبي وخطاه سواء ، فعلى هذا لا يفسد حجه ولا يتعلق به كفارة ، وان قلنا ان ذلك عمد يجب أن يفسد الحج ويتعلق به الكفارة ، لعموم الاخبار فيمن وطئ عامدا أنه يفسد حجه كان قويا ، الا أنه لا يلزمه القضاء ، لأنه ليس بمكلف ، ووجوب القضاء يتوجه الى المكلف.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أن عمده وخطاه سواء ، فان حكم بأن عمده خطأ فهو على قولين مثل البالغ في فساد الحج ، وان قال عمده عمد فقد أفسد حجه وعليه بدنة.

وهل عليه القضاء بالإفساد؟ على قولين ، أحدهما : لا قضاء عليه ، فإنه غير مكلف مثل ما قلناه ، والثاني : عليه القضاء ، فاذا قال بالقضاء ، فهل يصح منه القضاء وهو صغير؟ منصوص ( ـ للش ـ ) أنه يصح ، ومن أصحابه من قال لا يصح.

[ فاذا قال يصح منه وهو صغير ففعل فلا كلام وإذا قال : لا يصح أو قال : يصح ولم يفعل حتى بلغ فحج بعد بلوغه ، فهل يجزيه عن حجة الإسلام أم لا؟ نظرت في التي أفسدها ، فإن كانت لو سلمت من الفساد أجزأت عن حجة الإسلام ، وهو أن يبلغ قبل فوات وقت الوقوف ، فكذلك القضاء ، وان كانت التي أفسدها لو سلمت من الفساد لا تجزيه عن حجة الإسلام بأن لم يبلغ في وقت الوقوف ، فكذلك

٣٩٩

القضاء ] (١).

مسألة ـ ١٩٦ ـ : ضمان ما يتلفه الصبي المحرم من الصيد على الولي ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في أنه يلزمه جميع ما يلزم المحرم ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان أحدهما ما قلناه ، والأخر في ماله.

مسألة ـ ١٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وطئ في الفرج قبل الوقوف بعرفة فسد حجه بلا خلاف ويلزمه المضي فيها ، ويجب عليه الحج من قابل ، ويلزمه بدنة عندنا وعند ( ـ ش ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) شاة.

مسألة ـ ١٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ بعد الوقوف بعرفة وقبل الوقوف بالمشعر فسد حجه وعليه بدنة ، وان وطئ بعد الوقوف بالمشعر قبل التحلل لزمه بدنة ولم يفسد حجه.

وقال ( ـ ش ـ ) و ( ـ ك ـ ) : ان وطئ بعد الوقوف بعرفة قبل التحلل أفسد حجه وعليه بدنة ، مثل الوطي قبل الوقوف. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يفسد حجة الواطى بعد الوقوف بعرفة وعليه بدنة.

مسألة ـ ١٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد حجه ، وجب عليه المضي فيه واستيفاء أفعاله وبه قال جميع الفقهاء الا داود ، فإنه قال : يخرج بالفساد منه.

[ وقوله تعالى « وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ » (٢) يتناول هذا الموضع ، ولم يفرق بين حجة أفسدها وبين ما لم يفسده ، وما قلناه مروي عن علي عليه‌السلام وابن عباس ، وعمر ، وأبي هريرة ، ولا مخالف لهم في الصحابة ] (٣).

__________________

(١) هذه الزيادة تختص م وهي موافقة لما في الخلاف وفيها الخلاط صححناها من الخلاف.

(٢) سورة البقرة ١٩٢.

(٣) ليست هذه الزيادة في ، د.

٤٠٠