المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

ولا يستأنف الحول ، لان عندنا أن الأجرة تستحق بنفس العقد بإجماع الفرقة على ذلك إذا كانت مطلقة أو معجلة ، وإذا كان هذا ملكا صحيحا لزمته زكاته إذا حال الحول.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، فاختيار المزني والبويطي وأكثر أصحابه مثل ما قلناه ، والذي (١) نص ( ـ ش ـ ) عليه أنه إذا حال الحول زكى لخمسة وعشرين ، وفي الثانية يزكى لخمسين.

وقال ( ـ ك ـ ) : كلما مضى شهر ملك الشهر.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا مضت خمس المدة ملك عشرين دينارا ، وعندهما معا حينئذ يستأنف الحول.

مسألة ـ ١٠٢ ـ : من ملك نصابا ، فباعه قبل حؤول الحول بخيار المجلس أو خيار الثلاث ، أو ما زاد على مذهبنا ، أو كان له عبد فباعه قبل أن يهل شوال بشرط ، ثمَّ أهل شوال في مدة الشرط ، فان كان الشرط للبائع أو لهما ، فان زكاة المال وزكاة الفطرة على البائع ، وان كان الشرط للمشتري دون البائع فزكاته على المشتري زكاة الفطرة في الحال ، وزكاة المال يستأنف الحول.

وانما قلنا ذلك لما روي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : المؤمنون عند شروطهم.

فاذا ثبت هذا ، فان كان الشرط للبائع أولهما فالملك ثابت للبائع فعليه زكاته وان كان الشرط للمشتري استأنف ، لأن ملك البائع قد زال.

و ( ـ للش ـ ) في انتقال الملك ثلاثة أقوال ، أحدها : أنه ينتقل بالعقد (٢) ، فعلى هذا زكاة الفطرة على المشتري. والأخر : أنه بشرطين العقد وانقضاء الخيار ، فالفطرة على البائع. والثالث : أنه مراعى فان تمَّ العقد فالفطرة على المشتري

__________________

(١) د : بإسقاط ( والذي ).

(٢) خ ل ـ ح : بنفس العقد.

٣٠١

وان فسخ فالفطرة على البائع ، لأن به تبين انتقال الملك بالعقد.

وزكاة الأموال مثل ذلك يبنيه على الأقوال الثلاثة ، إذا قال ينتقل بنفس العقد فلا زكاة عليه ، وان قال بشرط فالزكاة على البائع ، وان قال مراعى فان صح البيع استأنف المشتري الحول ، وان انفسخ فالزكاة على البائع.

مسألة ـ ١٠٣ ـ : من باع ثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع ، كان البيع صحيحا فان قطع فذاك ، وان تواني عنه حتى بدا صلاح الثمرة ، فلا يخلو : اما أن يطالب المشتري بالقطع ، أو البائع بالقطع ، أو يتفقا على القطع ، فان لهم ذلك ، ولا زكاة على واحد منهم ، وان اتفقا على التبقية ، أو اختار البائع تركه ، كان له تركه وكانت الزكاة على المشتري.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان طالب البائع بالقطع فسخنا العقد بينهما وعاد الملك الى صاحبه وكانت زكاته عليه ، وكذلك ان اتفقا على القطع ، وان اتفقا على التبقية جاز ، وكانت الزكاة على المشتري.

وقال أبو إسحاق : ان اتفقا على التبقية فسخنا البيع ، فإذا رضي البائع بالتبقية واختار المشتري القطع ففيه قولان ، أحدهما : يجبر (١) المشتري على التبقية ، والأخر : يفسخ البيع.

مسألة ـ ١٠٤ ـ : يكره للإنسان أن يشتري ما أخرجه في الصدقة وليس بمحظور ، لقوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (٢) وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : البيع مفسوخ.

مسألة ـ ١٠٥ ـ : يجوز قسمة الغنيمة في دار الحرب ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يكره أن يقسمها في دار الحرب ، وانما قلنا ذلك لأنه لا مانع منه في الشرع.

__________________

(١) د : تخير.

(٢) سورة ٢ ، ى ، ٢٧٦.

٣٠٢

مسألة ـ ١٠٦ ـ : إذا حصلت أموال المشركين في يد المسلمين فقد ملكوها سواء كانت الحرب قائمة أو تقضت ، لقوله عليه‌السلام « ان من سرق من مال المغنم بمقدار ما يصيبه (١) فلا قطع عليه » فلو لم يكن مالكا لوجب عليه القطع.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت الحرب قائمة فلا يملك ، ولا يملك ان يملك ومعناه أن يقول : أخذت حقي ونصيبي منها ، وان كانت الحرب تقضت ، فإنه لا يملكها ولكنه يملك ان يملكها.

مسألة ـ ١٠٧ ـ : إذا ملك من مال الغنيمة نصابا يجب فيه الزكاة ، جرى في الحول ولزمته زكاته ، سواء كانت الغنيمة أجناسا مختلفة ، مثل الذهب والفضة والمواشي ، أو جنسا واحدا.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان اختار أن يملك ملك وكانت الغنيمة أجناسا لا يلزمه الزكاة ، وان كانت جنسا واحدا لزمه.

وانما قلنا ما قلناه ، لان ما روي من وجوب قسمة الغنائم وأنه يخرج منه الخمس والباقي يقسم بين المقاتلة يقتضي أنه يملك من كل جنس ما يخصه ، فوجب أن يجب عليه فيه الزكاة ، ولو قلنا لا يجب عليه الزكاة ، لأنه غير متمكن من التصرف فيه قبل القسمة لكان قويا.

مسألة ـ ١٠٨ ـ : كلما يخرج من البحر من لؤلؤ ومرجان ، أو زبرجد ، أو در ، أو عنبر ، أو ذهب ، أو فضة ففيه الخمس الا السمك وما يجري مجراه ، وكذلك الحكم في الفيروزج والياقوت والعقيق ، وغيره من الأحجار والمعادن ، وبه قال أبو يوسف.

وقال ( ـ ش ـ ) : كل ذلك لا شي‌ء فيه ، الا الذهب والفضة ، فإن فيه الزكاة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، ومحمد بن الحسن.

__________________

(١) د : نصيبه.

٣٠٣

مسألة ـ ١٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المعادن كلها تجب فيها الخمس من الذهب والفضة والحديد والصفر والنحاس والرصاص ونحوه ، ما ينطبع وما لا ينطبع ، كالياقوت والزبرجد والفيروزج ونحوها ، وكذلك القير والموميا والملح والزجاج وغيره.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجب في المعادن شي‌ء إلا في الذهب والفضة ، فإن فيهما (١) الزكاة وما عداهما ليس فيه شي‌ء ، انطبع أو لم ينطبع.

وقال ( ـ ح ـ ) : كلما ينطبع ، مثل الحديد والرصاص والذهب والفضة ففيه الخمس وما لا ينطبع فليس فيه شي‌ء ، مثل الياقوت والزمرد والفيروزج ، فلا زكاة فيه لأنه حجارة.

وقال ( ـ ح ـ ) ومحمد : وفي الزيبق الخمس. وقال أبو يوسف : لا شي‌ء فيه ، ورواه عن ( ـ ح ـ ). وقال أبو يوسف : قلت لح هو كالرصاص؟ فقال : فيه الخمس ، قال أبو يوسف : وسألت عن الزيبق بعد ذلك ، فقيل : انه يخالف الرصاص ، فلم أر فيه شيئا ، فروايته عن ( ـ ح ـ ) ومذهبه الذي مات عليه أنه يخمس.

مسألة ـ ١١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات والغلات والثمار على اختلاف أجناسها بعد إخراج حقوقها ومؤونها وإخراج مئونة الرجل لنفسه ومئونة عياله سنة ، ولم يوافقنا على ذلك أحد من الفقهاء.

مسألة ـ ١١١ ـ : وقت وجوب الخمس في المعادن حين الأخذ ، ووقت الإخراج حين التصفية والفراغ منه ، ويكون المئونة وما يلزم عليه من أصله والخمس فيما يبقى ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أنه (٢) يراعى فيه حؤول الحول ، والأخر : أنه

__________________

(١) ح ، د : فيها.

(٢) م ، ح : بإسقاط ( انه ).

٣٠٤

يجب عليه حين التناول ، وعليه إخراجه حين التصفية ، فإن أخرجه قبل التصفية لم يجزه.

مسألة ـ ١١٢ ـ : لا بأس ببيع تراب المعدن وتراب الصاغة ، لقوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (١) الا أن تراب الصاغة يتصدق بثمنه.

وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز بيع تراب المعدن دون تراب الصاغة. وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعه.

مسألة ـ ١١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد بينا أن المعادن فيها الخمس ، ولا يراعى فيها النصاب ، وبه قال الزهري و ( ـ ح ـ ) كالركاز ، الا أن الكنوز لا يجب فيها الخمس إلا إذا بلغت الحد الذي يجب فيه الزكاة.

وقال ( ـ ش ـ ) في الأم والإملاء : ان الواجب ربع العشر ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأومى في الزكاة إلى اعتبار النصاب مائتي درهم ، وذهب غيرهم الى أن المعادن الركاز وفيها الخمس.

وقال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) : ما وجد مدرة (٢) مجتمعة أو كان في أثر سئل في بطحاء وغيرها ففيه الخمس.

دليلنا ـ بعد إجماع الفرقة واخبارهم ـ ما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي عليه‌السلام سئل (٣) عن رجل وجد كنزا في قرية خربة ، فقال : ما وجدته في قرية غير مسكونة ، أو في خربة جاهلية ، ففيه وفي الركاز الخمس. وروى أبو هريرة أن النبي عليه‌السلام قال : في الركاز الخمس ، فقلت : يا رسول الله وما الركاز؟ فقال : الذهب والفضة اللذان خلقهما الله تعالى في الأرض يوم خلقها ، وهذه صفة

__________________

(١) سوره ٢ ، ى. ٢٧٦.

(٢) اى القطعة. وفي ، م : قدرة.

(٣) د : بإسقاط ( سئل ).

٣٠٥

المعادن.

مسألة ـ ١١٤ ـ : إذا كان المعدن لمكاتب أخذ منه الخمس ، سواء كان مشروطا عليه أو لم يكن ، لان الخمس لا يختص بالاحرار دون العبيد والمكاتبين ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا شي‌ء عليه.

مسألة ـ ١١٥ ـ : الذمي إذا عمل في المعدن يمنع منه ، فان خالف وأخرج شيئا ملكه ويؤخذ منه الخمس ، لما قلناه في المسألة المتقدمة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يؤخذ منه شي‌ء ، لأنه زكاة (١) ، ولا يؤخذ منه زكاة.

مسألة ـ ١١٦ ـ : حق الخمس يملكه مستحقه مع الذي يخرج من المعدن شيئا ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : المخرج يملكه كله ، ويجب عليه حق المساكين.

مسألة ـ ١١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الركاز هو الكنز المدفون يجب فيه الخمس بلا خلاف ويراعى فيه عندنا أن يبلغ نصابا يجب في مثله الزكاة ، وهو قول ( ـ ش ـ ) في الجديد وقال في القديم : يخمس قليله وكثيره ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ١١٨ ـ : النفقة التي تلزم على المعادن والركاز من أصل ما يخرج.

وقال ( ـ ش ـ ) : تلزم رب المال.

مسألة ـ ١١٩ ـ : إذا وجد دراهم مضروبة في الجاهلية فهو ركاز ويجب فيه الخمس ، سواء كان ذلك في دار الإسلام ، أو في دار الحرب ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجب فيه ان كان في دار الإسلام ، وان كان في دار الحرب فلا شي‌ء فيه.

مسألة ـ ١٢٠ ـ : إذا وجد كنزا عليه أثر الإسلام ، بأن يكون الدراهم أو الدنانير مضروبين في دار الإسلام وليس عليه أثر ملك يؤخذ منه الخمس ، بدلالة

__________________

(١) ح ، د : لأنه زكاة عنده وسقط منهما ، بعده ، وفي المعنى موافق للخلاف.

٣٠٦

عموم ظاهر القرآن والاخبار الواردة في هذا المعنى.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو بمنزلة اللقطة إذا كان عليها أثر الإسلام ، قال : ان كان مبهمة لا سكة عليها والأواني فعلى قولين أحدهما بمنزلة اللقطة ، والثاني : أنه ركاز وغلب عليه المكان ، فان كان في دار الحرب خمس ، وان كان في دار الإسلام فهي لقطة.

مسألة ـ ١٢١ ـ : إذا وجد ركاز في ملك مسلم ، أو ذمي في دار الإسلام لا يتعرض له إجماعا ، وان كان ملكا لحربي في دار الحرب فهو ركاز ، وبه قال أبو يوسف وأبو ثور ، وقال ( ـ ش ـ ) : هو غنيمة. وفائدة الخلاف التصرف فيه ، لان وجوب الخمس فيه مجمع عليه.

مسألة ـ ١٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مصرف الخمس من الركاز والمعادن مصرف الفي‌ء وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) وأكثر أصحابه : مصرفهما مصرف الزكوات ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، والليث.

وقال المزني وابن الوكيل من أصحابه : مصرف الواجب في المعدن مصرف الصدقات ، ومصرف حق الركاز (١) مصرف الفي‌ء.

مسألة ـ ١٢٣ ـ : على من وجد الركاز إظهاره وإخراج الخمس منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وحكى عن ( ـ ح ـ ) أنه قال : انه بالخيار بين كتمانه ولا شي‌ء عليه ، وبين إظهاره وإخراج الخمس منه.

مسألة ـ ١٢٤ ـ : على الإمام إذا أخذ الزكاة أن يدعو لصاحبها ، لقوله تعالى « خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) « الى قوله » ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ » (٢) وظاهر الأمر يقتضي الوجوب وبه قال داود. وقال جميع الفقهاء : ان ذلك مستحب غير واجب.

__________________

(١) م : الزكاة.

(٢) سورة ٩ آية ١٠٤.

٣٠٧

كتاب زكاة الفطرة (١)

مسألة ـ ١٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : زكاة الفطرة فرض ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : هي واجبة غير مفروضة.

مسألة ـ ١٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : زكاة الفطرة على كل كامل العقل حر يخرجه عن نفسه وجميع من يعوله من العبيد والإماء وغيرهم ، مسلمين كانوا أو كفارا. فأما المشرك فلا يصح منه إخراج الفطرة ، لان من شرطه الإسلام.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجب على كل مسلم حر يخرجه عن نفسه وغيره من عبيده وغيرهم إذا كانوا مسلمين ، فأما إخراجها عن المشرك فلا يجوز.

مسألة ـ ١٢٧ ـ : زكاة الفطرة واجبة على المسلمين من أهل الحضر والبادية.

وقال عمر بن عبد العزيز وعطاء وربيعة : لا فطرة على أهل البادية.

مسألة ـ ١٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العبد لا يجب عليه الفطرة ، وانما يجب على مولاه أن يخرجها عنه ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال داود : يجب على العبد ويلزم المولى إطلاقه ليكتسب ويخرجها عن نفسه.

مسألة ـ ١٢٩ ـ : إذا ملك عبده عبدا وجب على السيد الفطرة عنهما ، لأنه

__________________

(١) د : الفطر.

٣٠٨

قد ثبت أن العبد لا يملك شيئا وان ملك.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل قولنا ، وهو قوله في الجديد ، لأنه يقول : إذا ملك لا يملك. وقال قديما : إذا ملك ملك ، فعلى هذا لا يجب على واحد منهما الفطرة.

مسألة ـ ١٣٠ ـ : المكاتب لا يجب عليه الفطرة إذا تحرر منه شي‌ء ، ويجب على سيده بمقدار ما بقي عنه ، وان كان مشروطا عليه وجب على مولاه الفطرة عنه.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجب الفطرة عليه ولا على سيده.

دليلنا : على المشروط أنه عبده ، وفي المطلق أنه ليس بملك (١) له ، لان بعضه حر ولا هو حر كله فيلزمه ، فوجب أن يسقط الفطرة بمقدار ما تحرر منه.

مسألة ـ ١٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وأبو ثور ، وذهب ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) إلى أنه لا يتحمل بالزوجية.

مسألة ـ ١٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : روى أصحابنا أن من أضاف إنسانا طول شهر رمضان وتكفل بعيلولته لزمته فطرته ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ١٣٣ ـ : الولد الصغير إذا كان معسرا يكون فطرته على والده ، وهو داخل تحت العموم مما روي أنه يجب عليه الفطرة يخرجها عن نفسه وولده وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) الا أن ( ـ ح ـ ) قال : يجب عليه فطرته ، لان له عليه ولاية ، وعندنا يلزمه لأنه في عياله.

مسألة ـ ١٣٤ ـ : إذا كان الولد الصغير موسرا لزم أباه نفقته وعليه فطرته وبه قال محمد بن الحسن. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) و ( ـ ش ـ ) نفقته وفطرته من مال

__________________

(١) م ، د : يملك له.

٣٠٩

نفسه (١).

دليلنا : كل خبر روي في أنه يجب الفطرة على الرجل يخرجها عن نفسه وعن ولده.

مسألة ـ ١٣٥ ـ : ولد الولد مثل الولد للصلب على ما مضى القول فيه.

وقال ( ـ ش ـ ) مثل ذلك الا أنه قال : ان كان موسرا فنفقته وفطرته من ماله ، وان كان معسرا فنفقته وفطرته على جده.

وقال ( ـ ح ـ ) : نفقته على جده دون فطرته. قال الساجي قال محمد بن الحسن : قلت لح : لم لا يجب فطرته على جده؟ فقال : لأنها لا يجب على جده ، فسألته عن العلة فأعاد المذهب.

مسألة ـ ١٣٦ ـ : الوالد ان كان معسرا فنفقته وفطرته على ولده ، زمنا كان أو صحيحا ، بدلالة عموم الأخبار التي رويت في أن الإنسان يجبر على نفقة الوالدين والولد.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان زمنا فنفقته وفطرته على ولده. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه النفقة دون الفطرة ، وان كان صحيحا ففيها قولان ، قال في الزكاة : نفقته على ولده ، وقال في النفقات : لا نفقة له عليه. وقال أبو حنيفة : عليه نفقته.

مسألة ـ ١٣٧ ـ : الولد الكبير ان كان موسرا ، فنفقته وفطرته عليه بلا خلاف وان كان معسرا ، فنفقته وفطرته (٢) على أبيه ، صحيحا كان أو زمنا ، لما قلناه في المسألة المتقدمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان زمنا فنفقته وفطرته على أبيه. وقال ( ـ ح ـ ) : عليه النفقة دون الفطرة

__________________

(١) م : من نفسه بإسقاط ( مال ).

(٢) م : بإسقاط ( وفطرته ).

٣١٠

وان كان (١) مقترا صحيحا فعلى طريقين منهم من قال : على قولين ، ومنهم من قال : لا نفقة على والده قولا واحدا.

مسألة ـ ١٣٨ ـ : إذا كان له مملوك غائب يعلم حياته وجب عليه فطرته ، رجا عوده أو لم يرج ، لأن النبي عليه‌السلام قال : يخرجه عن نفسه وعن مملوكه وان لم يعلم حياته لا يلزمه فطرته ، لأنه لا يعلم أن له مملوكا.

وقال ( ـ ش ـ ) في الأول مثل ما قلناه ، وفي الثاني على قولين.

مسألة ـ ١٣٩ ـ : المملوك المعضوب (٢) وهو المقعد خلقة لا يلزمه نفقته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وانما قلنا ذلك ، لأنه عندنا يعتق عليه ، فلا يلزمه نفقته الا أن يتكفل بنفقته فيلزمه حينئذ فطرته. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه.

مسألة ـ ١٤٠ ـ : إذا كان له مملوك كافر أو زوجة كافرة ، وجب عليه إخراج الفطرة عنهما لعموم الاخبار.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجب. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه عن المملوك ولا يلزمه عن الزوجة بناء منه على أن الفطرة لا يجب بالزوجية.

مسألة ـ ١٤١ ـ : قد بينا ان زكاة الفطرة تتحمل بالزوجية ، فإن أخرجت المرأة عن نفسها بإذن الزوج أجزأ عنها بلا خلاف ، وان أخرجت بغير إذنه ، فإنه لا يجزي عنها ، لأنه لا دليل على ذلك ، وقد ثبت أن فطرتها على زوجها.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : يجزئ ، والأخر : لا يجزي.

مسألة ـ ١٤٢ ـ : اختلف روايات أصحابنا فيمن ولد له مولود ليلة العيد ، فروي أنه يلزمه فطرته ، وروي أنه لا يلزمه فطرته إذا أهل شوال.

وقال ( ـ ش ـ ) في القديم : يجب الفطرة بطلوع الفجر الثاني من يوم الفطر ، فان

__________________

(١) د : بإسقاط ( وان كان ).

(٢) عضبه المرض : أقعده عن الحركة.

٣١١

تزوج امرأة أو ملك عبدا أو ولد له ولد ، أو أسلم كافر قبل طلوع الفجر بلحظة ثمَّ طلع فعليه فطرته ، وان ماتوا قبل طلوعه فلا شي‌ء عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

وقال في الجديد : يجب بغروب الشمس في آخر يوم رمضان ، فان ماتوا قبل الغروب فلا فطرة ، فأما إذا وجدت الزوجية وملك العبد ، أو ولد المولود بعد الغروب وزالوا قبل طلوع الفجر فلا فطرة بلا خلاف.

وقال ( ـ ك ـ ) في العبد بقوله في الجديد ، وفي الولد بقوله في القديم.

فأما الرواية في أنه لا يلزمه ، فرواية معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عن مولود ولد ليلة الفطر علي فطرته؟ قال : لا قد خرج الشهر ، وسألته عمن أسلم ليلة الفطر عليه فطرته؟ قال : لا.

والرواية الأخرى رواها العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عن الفطرة متى هي؟ قال : قبل الصلاة يوم الفطر. والوجه في الجمع بينهما أن يحمل الخبر الأول على سقوط الفرض بخروج الشهر ، والثاني على الاستحباب.

وروي عن ابن عباس قال : فرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زكاة الفطرة في رمضان طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين.

مسألة ـ ١٤٣ ـ : إذا كان العبد بين شريكين ، فعليهما فطرته بالحصة ، وكذلك ان كان بينهما ألف عبد ، أو كان ألف عبد لألف نفس مشاعا ، لعموم الاخبار في وجوب إخراج الفطرة عن العبد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا كان العبد بين شريكين سقطت الفطرة ، ولو كان بينهما ألف عبد مشاعا فلا فطرة.

مسألة ـ ١٤٤ ـ : إذا كان عبد بين شريكين ، فقد قلنا عليهما فطرته (١) ، فإن أخرج كل واحد منهما جنسا يخالف الجنس الأخر كان جائزا ، وبه قال أبو إسحاق.

__________________

(١) م : الفطرة.

٣١٢

وقال أبو العباس : لا يجوز.

دليلنا : عموم الاخبار في التخيير بين الأجناس ولم يفرقوا (١).

مسألة ـ ١٤٥ ـ : إذا كان بعض المملوك حرا وبعضه مملوكا ، لزمه فطرته بمقدار ما يملكه منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا فطرة في هذا. وقال ( ـ ك ـ ) : على سيده بمقدار ما يملك ولا شي‌ء على العبد بالحرية. وقال الماجشوني : يلزمه زكاة تامة ولا شي‌ء على العبد ، وعندنا فيما يبقى منه ان كان يملك نصابا وجب عليه فطرته والا فلا شي‌ء عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان معه ما يفضل عن قوت يومه لزمه والا فلا شي‌ء عليه.

دليلنا : ما دللنا به على العبد بين الشريكين.

مسألة ـ ١٤٦ ـ : إذا أهل شوال وله رقيق وعليه دين ثمَّ مات ، فان الدين لا يمنع وجوب الفطرة ، فإن كانت التركة (٢) تفي‌ء بما عليه من الصدقة والدين قضى دينه وأخرجت فطرته وما بقي فللورثة ، وان لم يف كانت التركة بالحصص بين الدين والفطرة ، لأنهما حقان وجبا عليه ، فليس تقديم أحدهما أولى من الأخر.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال ، أحدهما : يقدم حق الله ، والثاني : يقدم حق الآدمي ، والثالث : يقسم فيهما.

مسألة ـ ١٤٧ ـ : إذا مات قبل هلال شوال وله عبد وعليه دين ، ثمَّ أهل شوال بيع العبد في الدين ولم يلزم أحدا فطرته ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب ( ـ ش ـ ).

وقال باقي أصحابه : انه يلزم الفطرة الوارث ، لأن التركة لهم وان كانت مرهونة بالدين.

__________________

(١) م : هذه المسألة قدمت على التي قبلها فيها.

(٢) م : خ ، ل ، ح : تركته.

٣١٣

دليلنا : قوله تعالى في آية الميراث « مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ » (١) فبين أن الميراث يستحق بعد قضاء الدين والوصية ، فلا يجوز نقلها إليهم مع بقاء الدين.

مسألة ـ ١٤٨ ـ : إذا وصى له بعبد ومات الموصي قبل أن يهل شوال ، ثمَّ قبل الموصى له الوصية ، لم يخل من أحد أمرين : اما أن يقبل قبل أن يهل شوال ، أو بعده. فان قبل قبله كانت الفطرة عليه ، لأنه حصل في ملكه بلا خلاف ، وان قبل بعد أن يهل شوال ، فلا يلزم أحدا فطرته [ لأنه لا دليل عليه ] (٢).

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : يملك حين قبل ، فعلى هذا لا يلزم أحدا فطرته [ وفيه وجه آخر أن فطرته في تركة الميت ] (٣).

والثاني : يراعى ، فان قبل تبين (٤) أنه ملك بالوصية ولزمته فطرته ، وان رد تبين أنه انتقل الى الوارث بالوفاة فعليهم فطرته.

والثالث : يزول (٥) ملكه عنه بالموت الى الموصى له به كالميراث ودخل في ملكه بغير اختياره ، فان قبل استقر ملكه ، وان رد خرج الان من ملكه إلى ورثة الميت لا عن الميت ، فعلى هذا يلزم الموصى له فطرته وأبى أكثر أصحابه هذا القول.

مسألة ـ ١٤٩ ـ : من وهب لغيره عبدا قبل أن يهل شوال فقبله الموهوب له ولم يقبضه حتى يهل شوال ثمَّ قبضه ، فالفطرة على الموهوب له ، لأن الهبة منعقدة بالإيجاب والقبول ، وليس من شرط انعقادها القبض ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الأم ، وهو

__________________

(١) سورة ٤ آية ١٢ و ١٥.

(٢) سقطت عن ، د.

(٣) سقطت عن ، م.

(٤) في جميع النسخ وخ ل ف : تبينا في الموضعين.

(٥) م : انه يزول.

٣١٤

قول ( ـ ك ـ ).

وقال أبو إسحاق : الفطرة على الواهب ، لأن الهبة تملك بالقبض. وفي أصحابنا من قال : القبض من شرط صحة الهبة ، فعلى هذا لا فطرة عليه ، ويلزم الفطرة الواهب.

مسألة ـ ١٥٠ ـ : يجب زكاة الفطرة على من ملك نصابا يجب فيه الزكاة أو قيمة نصاب ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا فضل صاع عن قوته وقوت عياله ومن يمونه يوما وليلة وجب عليه ذلك ، وبه قال الزهري ، ومالك ، وعطاء ، وذهب اليه كثير من أصحابنا.

دليلنا : أن الأصل براءة الذمة ، وقد أجمعنا على أن من ذكرناه يلزمه الفطرة ولا دليل على وجوبها على من قالوه.

مسألة ـ ١٥١ ـ : إذا كان عادما وقت الوجوب ، ثمَّ وجد بعد خروج الوقت لا يجب عليه بل يستحب لأن الأصل براءة الذمة ، وليس في الشرع ما يدل على وجوبه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يجب عليه.

مسألة ـ ١٥٢ ـ : المرأة الموسرة إذا كانت تحت معسر ، أو تحت مملوك ، أو الأمة تكون تحت مملوك أو معسر ، فالفطرة على الزوج بالزوجية ، فإذا كان لا يملك لا يلزمه شي‌ء ولا يلزم الزوجة ولا مولى الأمة شي‌ء ، لأنه لا دليل على ذلك.

و ( ـ للش ـ ) قولان ، أحدهما : ما ذكرناه ، والثاني يجب عليها أن تخرج عن نفسها ، وعلى السيد أن يخرجها عن أمته.

مسألة ـ ١٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت زكاة الفطرة (١) قبل صلاة العيد ، فإن أخرجه بعده كان صدقة ، وان أخرجها من أول الشهر كان جائزا ، ومن أخرج بعد ذلك أثم ويكون قضاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) د : الفطر.

٣١٥

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن يخرج قبله ولو بسنتين.

مسألة ـ ١٥٤ ـ : إذا أخرج الفقير الفطرة تبرعا وهو ممن يحل له أخذ الفطرة ، فرد عليه فطرته بعينها كره له أخذها لقولهم عليهم‌السلام : إذا أخرجت شيئا في الصدقة فلا ترده في ملكك. وقال ( ـ ش ـ ) : لا بأس به.

مسألة ـ ١٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : زكاة الفطرة صاع من أي جنس يجوز إخراجه ، وهو المروي عن علي عليه‌السلام وعائشة وأبي سعيد الخدري ، وبه قال النخعي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وذهب ( ـ ح ـ ) إلى أنه ان أخرج تمرا أو شعيرا فصاع ، وان أخرج البر فنصف صاع. وعنه في الزبيب روايتان ، وروى ذلك عن أبي بكر وابن عباس وجابر.

وقال الثوري بقوله في البر.

دليلنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روى نافع عن ابن عمر أن النبي عليه‌السلام فرض صدقة الفطرة صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من بر على كل حر وعبد ذكر أو أنثى. وروي عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام أنه سئل عن صدقة الفطرة ، فقال : صاعا من طعام ، فقيل : أو نصف صاع ، فقال « بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ » (١) يعني (٢) قسمة معاوية.

مسألة ـ ١٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز إخراج صاع من الأجناس السبعة : التمر ، أو الزبيب ، أو الحنطة ، أو الشعير ، أو الأرز ، أو الأقط ، أو اللبن. ويجوز إخراج قيمته بسعر الوقت.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز إخراج صاع مما كان قوتا حال الاختيار ، كالبر والشعير والذرة والدخن والثفل يعني ما له ثفل من الحبوب دون ما لا ثفل له من الادهان ، وقال : لا

__________________

(١) سورة ٤٩ ، آية ١١.

(٢) د : بإسقاط ( يعني ).

٣١٦

يجوز إخراج القيمة ، وحكى يونس بن بكير عن ( ـ ح ـ ) أنه ان أخرج صاع إهليلج أجزأه ، فإن كان هذا منه على سبيل القيمة فهو وفاق ، وان كان منه على سبيل أنه أصل فهو خلاف.

مسألة ـ ١٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحب ما كان غالبا على قوت البلد ، و ( ـ للش ـ ) قولان أحدهما : الغالب على قوت نفسه ، والأخر مثل قولنا.

مسألة ـ ١٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اعتبرنا حال قوت البلد ، فلا فرق بين أن يخرجه من أعلاه أو من أدونه ، فإنه يجزيه ، ولمن وافقنا فيه من أصحاب ( ـ ش ـ ) قولان أحدهما ما قلناه ، والثاني ان كان الغالب الأعلى فإخراج الأدنى لم يجزه.

مسألة ـ ١٥٩ ـ : لا يجزئ في الفطرة الدقيق والسويق الأعلى وجه القيمة ، بدلالة أن الاخبار تضمنت الحب (١) ، ولم يتضمن الدقيق والسويق ، فما خالفها وجب اطراحه. وعند ( ـ ش ـ ) لا يجزيان أصلا ، وعند ( ـ ح ـ ) (٢) كل واحد منهما يجزي أصلا كالبر. وقال الأنماطي من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يجوز إخراج الدقيق.

مسألة ـ ١٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز لأهل البادية أن يخرجوا أقطا أو لبنا. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز إخراج الأقط ، فان لم يكن فصاعا من لبن. وقيل : المسألة على قولين.

مسألة ـ ١٦١ ـ : إذا كان قوته مثلا حنطة ، أو يكون قوت البلد الغالب حنطة ، فان لم يكن الغالب حنطة جاز أن يخرج شعيرا ، بدلالة أن الاخبار الواردة يتضمن التخيير ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والثاني لا يجزيه.

مسألة ـ ١٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مصرف زكاة الفطرة مصرف زكاة الأموال إذا كان مستحقه فقيرا مؤمنا ، والأصناف الموجود في الزكاة اليوم خمسة : الفقير والمسكين

__________________

(١) في ل ح : الحنطة.

(٢) د : بإسقاط ( ح ).

٣١٧

والغارم ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل. ويجوز أن يخص فريق (١) منهم دون فريق ولا يعطى الواحد أقل من صاع.

وقال ( ـ ش ـ ) : مصرفه هؤلاء الخمسة ، وأقل ما يعطى من كل فريق ثلاثة (٢) ، يقسم كل صاع خمسة عشر سهما لكل إنسان سهم.

وقال ( ـ ك ـ ) : يخص بها الفقراء والمساكين ، وبه قال الإصطخري ، فإذا أخرجها إلى ثلاثة أجزأه.

وقال ( ـ ح ـ ) : له أن يضعها في أي صنف شاء كما قلناه ، وهكذا الخلاف في زكاة المال وزاد بأن قال : ان خص بها أهل الذمة جاز.

مسألة ـ ١٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصاع المعتبر في الفطرة أربعة أمداد ، والمد رطلان وربع بالعراقي يكون تسعة أرطال.

وقال ( ـ ش ـ ) : المد رطل وثلث يكون خمسة أرطال وثلث ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، واليه رجع أبو يوسف ، واليه ذهب ( ـ د ـ ). وذهب ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، ومحمد الى أن المد رطلان ، والصاع ثمانية أرطال.

مسألة ـ ١٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب حمل الزكاة الباطنة والظاهرة وزكاة الفطرة الى الامام ليفرقها على مستحقيها ، فان فرقها بنفسه جاز.

قال ( ـ ش ـ ) : الباطنة هو فيها بالخيار والفطرة مثلها ، وفي الظاهرة قولان ، أحدهما : يتولاه بنفسه ، والأخر : يحملها الى الامام ، ومنهم من قال : الأفضل أن يلي ذلك بنفسه إذا كان الامام عادلا ، فان كان جائرا يليها بنفسه قولا واحدا ، فان حملها اليه سقط عنه فرضها.

مسألة ـ ١٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الزكاة إذا وجبت بحؤول الحول وتمكن من

__________________

(١) د : بإسقاط ( فريق ).

(٢) د : بإسقاط ( ثلاثة ).

٣١٨

إخراجها لم يسقط بوفاته ، سواء كانت زكاة الأموال أو زكاة الفطرة ، ويستوفي من صلب ماله كالدين وكذلك العشر والكفارات والحج ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط ذلك بوفاته ، فإن أوصى بها كانت صدقة تطوع يعتبر من الثلث ، وهكذا زكاة الفطرة والكفارات والحج وفي الجزية والعشر عنه روايتان قال في الأصول ونقله أبو يوسف ومحمد : انه لا يسقط بالوفاة كالخراج ، وروى

ابن المبارك أنهما يسقطان بالموت. دليلنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ أن هذه حقوق واجبة تعلقت بذمته أو بماله ، فلا يجوز إسقاطها بالموت الا بدليل ، ولا دليل يدل عليه.

٣١٩

كتاب الصيام

مسألة ـ ١ ـ : قوله تعالى « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيّاماً مَعْدُوداتٍ » (١) الاية من أصحابنا من قال : انما عنى به عشرة أيام من المحرم وكان الفرض التخيير بين الصوم والإطعام ، ثمَّ نسخ بقوله « شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) « الى قوله » ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » (٢) فحتم على الصوم لا غير.

وقال ( ـ ش ـ ) : المراد بالاية شهر رمضان ، الا أنه نسخ فرض التخيير الى التضييق وقال معاذ : المراد به غير شهر رمضان ، وهو ثلاثة أيام في كل شهر ، هذا فرض الناس حين قدم النبي عليه‌السلام المدينة ثمَّ نسخ بشهر رمضان.

والذي قال ( ـ ش ـ ) أقرب الى الصواب ، لان الظاهر الأمر ، وليس فيه أنه كان غير شهر رمضان ، فأما التخيير الذي فيها فهو منسوخ بلا خلاف.

مسألة ـ ٢ ـ : الصوم لا يجزي من غير نية ، فرضا كان أو نفلا ، شهر رمضان كان أو غيره ، سواء كان في الذمة أو متعلقا بزمان بعينه ، بدلالة قوله تعالى

__________________

(١) سورة البقرة آية ١٧٩.

(٢) سورة البقرة آية ١٨١.

٣٢٠