المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

لأجل الفعل ، وثلاثة لأجل الوقت. فما كره لأجل الفعل : بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، وبعد العصر الى غروبها. وما كره لأجل الوقت : عند طلوع الشمس ، وعند قيامها ، وعند غروبها.

والأول انما يكره ابتداء الصلاة فيه نافلة ، فأما كل صلاة لها سبب من قضاء فريضة ، أو نافلة ، أو تحية مسجد ، أو صلاة زيارة ، أو صلاة إحرام ، أو طواف ، أو نذر ، أو صلاة كسوف أو جنازة ، فإنه لا بأس به ولا يكره (١).

وأما ما نهي فيه لأجل الوقت ، فالأيام والبلاد والصلوات فيه سواء الا يوم الجمعة ، فإن له أن يصلي عند قيامها النوافل ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في جميع ذلك ، واستثني من البلدان مكة ، فإنه أجاز الصلاة فيها أي وقت شاء ، ومن الصلاة ما لها سبب ، وفي أصحابنا من قال في الصلاة التي لها سبب مثل ذلك.

وقال ( ـ ح ـ ) : الازمان والصلوات والبلدان عامة ، فلا يجوز شي‌ء من الصلوات فيها بحال الا عصر يومه ، فإنه يبتدئ بها. وان كان مع الغروب ، ولا يبتدئ بالصبح مع طلوع الشمس ، فان خالف فعليه قضاء ما فعله الا عصر يومه وصلاة الجنازة وسجود التلاوة.

وأما الوقتان اللذان نهي عنهما لأجل الفعل ، فله أن يصلي فيهما الفوائت والجنائز وسجود التلاوة ، ولا يصلي ركعتي الطواف ولا صلاة مندوبة.

وأجمع أصحابنا على جواز هذه الصلوات التي ذكرناها في هذه الأوقات ، ومنهم من يزيد على ذلك ويجوز الصلاة التي لها سبب فيها.

وروت أم سلمة قالت : دخل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما ، فقلت : يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها؟ فقال : اني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر ، وأنه قدم علي وفد

__________________

(١) سقط من د : « ولا يكره ».

١٨١

بني تميم فشغلوني عنهما ، فهما هاتان الركعتان.

وروت عائشة قالت : ما كان رسول الله في بيتي في يوم بعد العصر الا صلى ركعتين.

فأما روايات أصحابنا ، فأكثر من أن تحصى ، من ذلك : ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خمس صلوات تصليهن في كل وقت : صلاة الكسوف ، والصلاة على الموتى (١) ، وصلاة الإحرام ، والصلاة التي تفوت ، وصلاة الطواف من الفجر الى طلوع الشمس ، وبعد العصر الى الليل.

وروي جميل قال : سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام عن قضاء الليل بعد الفجر الى طلوع الشمس ، قال : نعم ، وبعد العصر الى الليل ، فهو من سر (٢) آل محمد المخزون.

مسألة ـ ٢٦٠ ـ : ركعتا الفجر من النوافل أفضل من الوتر ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد : الوتر أفضل ، وأبو حنيفة خارج عن هذا الخلاف ، لان عنده الوتر واجب.

مسألة ـ ٢٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : النوافل المرتبة في اليوم والليلة إذا فاتت أوقاتها استحب قضاؤها ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم ، وهو أصح قوليه عند أصحابه واختيار المزني ، والقول الأخر لا يقضي.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يقضي الا ركعتي الفجر ، فإنه ان تركهما دون الفرض لم يقضهما وان تركهما مع الفرض قضاهما مع الفرض ، وقال محمد : يقضيان على كل حال.

مسألة ـ ٢٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : النوافل في اليوم والليلة التابعة للفرائض أربع وثلاثون

__________________

(١) م : الميت.

(٢) ح ، د : السؤال.

١٨٢

ركعة : ثمان قبل الظهر ، وثمان بعده قبل العصر ، وأربع بعد المغرب ، وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة ، وثمان صلاة الليل ، وثلاث الشفع والوتر ، وركعتا الفجر. ويفصل في جميع النوافل بين كل ركعتين بتسليمة.

وللش فيه وجهان ، أحدهما : إحدى عشرة ركعة : ركعتا الفجر ، وأربع مع الظهر ، قبلها ركعتان ، وبعدها ركعتان ، وبعد المغرب ركعتان ، وبعد العشاء ركعتان والوتر ركعة.

ومنهم من قال : ثلاث عشرة ركعة هذه وزاد ركعتين ، فقال : أربع قبل فريضة الظهر ، قال أبو حامد نص في الأم على القولين كالوجهين ، ومن الناس من قال : سبع عشرة ركعة ، وزاد أربعا قبل العصر.

وقال ( ـ ر ـ ) ، وابن المبارك و ( ـ ق ـ ) : يصلي قبل الظهر أربعا وبعده ركعتين.

وقال ( ـ ح ـ ) : ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر ، وقبل العصر روايتان إحداهما أربع ، وروى الحسن عنه ركعتان ، وركعتان بعد المغرب. وأما العشاء الآخرة ، فأربع قبلها ان أحب وأربع بعدها ، وكل أربع ذكره فهي (١) بتسليمة واحدة.

ويدل على مذهبنا مضافا ـ الى إجماع الفرقة ـ ما رواه إسماعيل بن سعد عن الرضا عليه‌السلام قال قلت له : كم الصلاة من ركعة (٢) فقال : احدى وخمسون ركعة ، النافلة أربع وثلاثون ركعة.

وروى الفضيل بن يسار ، والفضل بن عبد الملك ، وبكير بن أعين ، قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي من التطوع مثلي الفريضة ، ويصوم من التطوع مثلي الفريضة.

مسألة ـ ٢٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ينبغي أن يتشهد في كل ركعتين من كل صلاة نافلة

__________________

(١) د ، د : فهو.

(٢) م : من الركعة.

١٨٣

ويسلم بعده ، ولا يصلى ثلاثا ولا أربعا ولا ما زاد على ذلك بتشهد واحد ولا تسليم واحد.

وقال ( ـ ش ـ ) : الأفضل أن يصلي مثنى مثنى ، ليلا كان أو نهارا وأما الجواز فأن يصلي أي عدة شاء أربعا وستا وثمانيا وعشرا شفعا أو وترا وإذا زاد على مثنى ، فالأولى أن يتشهد عقيب كل ركعتين ، فان لم يفعل وتشهد في آخرهن مرة واحدة أجزأه.

وقال في الإملاء : ان صلى بغير إحصاء جاز ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : الأربع أفضل (١) أربعا أربعا ، ليلا كان أو نهارا ، وقال أبو يوسف ومحمد بقوله نهارا ، وبقول ( ـ ش ـ ) ليلا ، قال : والجائز في النهار عددان مثنى وأربعا ، فإن زاد على أربع لم يصح ، والجائز ليلا مثنى مثنى ، وأربعا أربعا ، وستا ستا ، وثمانيا ثمانيا ، وان زاد على ثمان لم يصح.

مسألة ـ ٢٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : نوافل شهر رمضان يصلى منفردا ، والجماعة فيها بدعة.

وقال ( ـ ش ـ ) : صلاة المنفرد أحب الي منه. وشنع ابن داود على ( ـ ش ـ ) في هذه المسألة ، وقال : خالف فيها السنة والإجماع (٢).

واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) على قولين ، فقال أبو العباس وأبو إسحاق وعامة أصحابه (٣) : صلاة التراويح في الجماعة أفضل بكل حال ، وتأولوا قول ( ـ ش ـ ) ، فقالوا : انما قال : النافلة ضربان نافلة سن لها الجماعة ، وهي العيدان والخسوف والاستسقاء ونافلة لم يسن لها الجماعة ، مثل ركعتي الفجر والوتر. وما سن لها الجماعة أو كد

__________________

(١) سقط من. د « أفضل ».

(٢) د : والجماعة.

(٣) سقط من م « أبو العباس وأبو إسحاق » وفي د « عامة الصحابة ».

١٨٤

مما لم يسن له الجماعة ، ثمَّ قال : فأما قيام شهر رمضان وصلاة المنفرد أحب الي منه يعني ركعتي الفجر والوتر الذي يفعل على الانفراد.

والقول الثاني منهم من قال بظاهر كلامه ، فقال : صلاة التراويح على الانفراد أفضل منها في جماعة بشرطين : أحدهما أن لا يختل الجماعة بتأخره عن المسجد والثاني أن يطيل القيام والقراءة ، فيصلي منفردا. وقد نص في القديم على أنه ان صلى في بيته في رمضان ، فهو أحب الي ، وان صلاها في جماعة فحسن.

مسألة ـ ٢٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصلي طول شهر رمضان ألف ركعة زائدة على النوافل المرتبة في سائر الشهور ، عشرين ليلة في كل ليلة منها عشرين ركعة ، ثمان بين العشائين ، واثنتا عشرة بعد العشاء الآخرة ، وفي العشر (١) الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة ، وفي ثلاث ليال وهي : ليلة تسع عشرة واحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين كل ليلة مائة ركعة.

ومن أصحابنا من قال : يسقط هذه الثلاث ليال النوافل المرتبة فيها من عشرين ركعة وثلاثين ركعة ، ويصليها في الجمعات ، فيصلي في أربع جمع كل جمعة ، أربع ركعات ، صلاة أمير المؤمنين ، وركعتين صلاة فاطمة ، وأربع ركعات صلاة جعفر بن أبي طالب على الترتيب المعروف في ذلك ، وفي آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين ، وفي آخر سبت عشرين ركعة صلاة فاطمة عليها‌السلام الجميع ألف ركعة.

وذهب قوم من أصحابنا الى أن حكم شهر رمضان حكم سائر الشهور لا يزاد فيها على النوافل المرتبة شي‌ء.

وقال ( ـ ش ـ ) : المستحب كل ليلة عشرين ركعة بعد العشاء خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات في تسليمتين. قال ( ـ ش ـ ) ورأيتهم يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين

__________________

(١) د : في العشرين.

١٨٥

ركعة ويقومون بمكة عشرين ركعة.

مسألة ـ ٢٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القنوت في كل ركعتين من النوافل والفرائض مستحب في جميع السنة ، والقنوت في الوتر في جميع أوقات السنة.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يقنت في نوافل رمضان إلا في النصف الأخير في الوتر خاصة.

وقال ( ـ ح ـ ) : يقنت في الوتر في جميع السنة ، ولا يقنت فيما عداه.

مسألة ـ ٢٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قنوت الوتر قبل الركوع ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، ولأصحاب ( ـ ش ـ ) وجهان ، أحدهما ، قبل الركوع والأخر : بعد الركوع.

مسألة ـ ٢٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت صلاة الليل بعد انتصافه ، وكلما قرب الى الفجر كان أفضل.

وقال ( ـ ك ـ ) : الثلث الأخير أفضل.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان جزء الليل نصفين كان النصف الأخير أفضل ، وان جزأه ثلاثة أجزاء كان الثلث الأوسط أفضل.

مسألة ـ ٢٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الوتر سنة مؤكدة ، وبه قال جميع الفقهاء الا ( ـ ح ـ ) ، فإنه قال : فرض ، وأصحابه يقولون : واجب عنده.

مسألة ـ ٢٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الضحى بدعة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا : انها سنة.

وقال ( ـ ش ـ ) : أقل ما يكون (١) منها ركعتان ، وأفضله اثنتا عشرة ركعة. والمختار ثماني ركعات.

مسألة ـ ٢٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الليل عندنا إحدى عشرة ركعة ، كل ركعتين بتشهد ، وتسليم بعده ، والوتر ركعة مفردة بتشهد وتسليم.

وقال ( ـ ش ـ ) : أفضل الوتر إحدى عشرة ركعة يسلم في كل اثنتين ، وأقل الأفضل

__________________

(١) سقط من م « ما يكون ».

١٨٦

ثلاث بتسليمتين ، فالثلاث أفضل من واحدة ، وكلما زاد كان أفضل ، والوتر بالواحدة جائز ، والركعة الواحدة صلاة صحيحة ، وبه قال في الصحابة أبو بكر ، وعمر ، وابن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ثلاث ركعات بتسليمة واحدة ، فإن زاد عليها أو نقص منها لم يكن وترا ، قال : والركعة الواحدة لا يكون صلاة صحيحة.

وقال ( ـ د ـ ) : لا يوتر بواحدة.

وأما عندنا في كون الواحدة صلاة صحيحة ، فالأولى أن يقول : لا يجوز ، لأنه لا دليل في الشرع على ذلك ، والركعتان يجمع (١) على كونهما صلاة شرعية. وروى ابن مسعود أن النبي عليه‌السلام نهى عن البتيراء. يعني الركعة الواحدة.

مسألة ـ ٢٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يوتر أول الليل مع الاختيار ، ويجوز مع الاضطرار في السفر (٢) وخوف الفوات وترك القضاء.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو بالخيار بين أول الليل وآخره. وان كان ممن يريد القيام بالليل لصلاة الليل ، فالوتر آخر الليل أفضل.

مسألة ـ ٢٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أوتر أول الليل وقام آخره لا يعتد بما فعله أولا بل يوتر ، وبه قال علي وابن عباس.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أوتر أول الليل ، ثمَّ نام وقام للصلاة صلى ما أحب ولم ينتقض وتره الذي صلاها [ وبه قال طلق بن علي في الصحابة ] (٣) وهو قول ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وابن المبارك.

مسألة ـ ٢٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يقرأ في المفردة من الوتر قل هو الله أحد والمعوذتين ، وفي الشفع يقرأ ما شاء.

__________________

(١) م : مجمع.

(٢) م : أو في السفر.

(٣) سقط من ح ود.

١٨٧

وقال ( ـ ش ـ ) : يقرأ في الأولة « سبح اسم ربك الأعلى » وفي الثانية « قل يا أيها الكافرون » وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين. وقال ( ـ ح ـ ) مثل ذلك الا المعوذتين.

مسألة ـ ٢٧٥ ـ : دعاء قنوت الوتر ليس بمعين ، بل يدعو بما شاء. وقد روي في ذلك أدعية معينة لا تحصى.

وقال ( ـ ش ـ ) : يدعو بما رواه الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلمات أقولهن في قنوت الوتر « اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، انك تقضي ولا يقضي عليك ، وانه لا يذل من واليت ( و ) لا يعز من عاديت ، تباركت ربنا ، وتعاليت » هذا هو المنقول وزاد أصحابه « ولا يعز من عاديت ، فلك الحمد على ما قضيت ».

( مسائل الجماعة )

مسألة ـ ٢٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الجماعة في الخمس صلوات سنة مؤكدة وليست واجبة ، وهو المختار من مذهب ( ـ ش ـ ) عند أصحابه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق : هي من فروض الكفايات ، كصلاة الجنازة. وقال داود وأهل الظاهر وقوم من أصحاب الحديث : انها من فروض الأعيان.

ويدل على مذهبنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ ما روى نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد (١) بسبع وعشرين درجة.

وروى أبو هريرة أن النبي عليه‌السلام قال : صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم

__________________

(١) ف ، م : الفذ.

١٨٨

وحده بخمس وعشرين جزءا. وابن مسعود ببضع وعشرين درجة.

لأنه عليه‌السلام فاضل بين صلاة الجماعة وصلاة الفرد (١) ، والتفاضل انما يصح في المشتركين في الشي‌ء ، فلو كانت صلاة الفرد غير مجزية (٢) لما وقعت المفاضلة فيها.

مسألة ـ ٢٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى في مسجد جماعة وجاء قوم آخرون ينبغي أن يصلوا فرادى ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : هذا إذا كان المسجد له امام راتب يصلي بالناس ، فأما إذا لم يكن امام راتب ، أو يكون مسجد على قارعة الطريق ، أو في محلة لا يمكن أن يجتمع أهله دفعة واحدة ، فإنه يجوز أن يصلوا جماعة بعد جماعة.

وقد روى أصحابنا انهم إذا صلوا جماعة ، وجاء قوم جاز لهم أن يصلوا دفعة اخرى ، غير أنهم لا يؤذنون ولا يقيمون ، ويجتزون بالأذان الأول.

مسألة ـ ٢٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للجالس أن يؤم بالقيام ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : الأفضل أن لا يصلي خلفه ، فان فعل أجزأه ، غير أنهم يصلون من قيام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

وقال ( ـ د ـ ) : إذا صلى الامام قاعدا صلوا خلفه قعودا مع القدرة على القيام ، ولا يجوز أن يصلوا قياما خلف قاعد ، فان صلوا قياما لم يصح صلاتهم.

مسألة ـ ٢٧٩ ـ : يجوز للقاعد أن يأتم بالمومي ، ويجوز للمكتسي أن يأتم بالعريان ، ويكره للمتطهر أن يأتم بالمتيمم. وليس يفسد ذلك الصلاة ولا ينعقد صلاة القارئ خلف الأمي. ويجوز صلاة الطاهرة خلف المستحاضة.

ويدل على جواز ما اخترناه من ذلك ما ورد من الاخبار في فضل الجماعة وعمومها. فأما صلاة القارئ خلف الأمي ، فإنما منعنا من ذلك لقوله عليه‌السلام يؤمكم

__________________

(١) م ، ف : الفذ ( وكذا بعده ).

(٢) م ، مجيزة.

١٨٩

أقرؤكم. وأما كراهة ما ذكرناه ، فللأخبار التي رواها أصحابنا.

وقال ( ـ ش ـ ) في هذه المسائل : انه يجوز الا أنه قال في القارئ خلف الأمي ، والطاهر خلف المستحاضة على وجهين.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : لا يجوز للقارئ أن يأتم بالأمي ، ولا القائم بالمزمن (١) ، ولا المكتسي بالعريان ، ولا الطاهرة (٢) بالمستحاضة.

فأما القائم بالقاعد ، فقال محمد وأبو يوسف : يجوز استحسانا.

وأجمعوا على أنه لا يجوز للغاسل رجليه أن يأتم بمن مسح على خفيه.

مسألة ـ ٢٨٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمفترض أن يقتدي بالمتنفل ، والمتنفل أن يقتدي بالمفترض مع اختلاف بينهما ، وبه قال الحسن ، وطاوس ، وعطاء ، و ( ـ ع ـ ) و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) و ( ـ ق ـ ).

وقال قوم : ان اختلاف النية يمنع الايتمام على كل حال ، ذهب إليه الزهري ، وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وقالوا (٣) : يجوز أن يأتم المتنفل بالمفترض ، ولا يجوز أن يأتم المفترض بالمتنفل مع اختلاف فرضيهما.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روى جابر قال : كان معاذ يصلي مع رسول الله العشاء ثمَّ ينصرف الى موضعه في بني سلمة (٤) ، فيصليها بهم وهي له تطوع ولهم مكتوبة.

مسألة ـ ٢٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحس الإمام بداخل ، وقد قارب ركوعه أو هو راكع ، يستحب له أن يطول حتى يلحق الداخل الركوع.

وللش فيه قولان ، أحدهما : يكره ، وبه قال أهل العراق والمزني (٥) ،

__________________

(١) م ، ف : بالمومي.

(٢) ح ، ف : الطاهر ( وكذا قبلها ).

(٣) وقال : في م.

(٤) م : بنى سلم.

(٥) سقط من د وح : « والمزني ».

١٩٠

والثاني : لا يكره. وعلى ذلك أصحاب ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٢٨٢ ـ : يجوز امامة العبد إذا كان من أهلها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : هي مكروهة ، وروي في بعض رواياتنا أن العبد لا يؤم الا مولاه.

مسألة ـ ٢٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز امامة ولد الزنا.

وقال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) : يكره ذلك. وقال ( ـ ح ـ ) : لا بأس بها.

مسألة ـ ٢٨٤ ـ : لا يجوز أن يأتم الرجل بامرأة ولا خنثى وبه قال جميع الفقهاء إلا أبا ثور ، فإنه قال : يجوز ذلك.

مسألة ـ ٢٨٥ ـ : لا بأس أن يؤم الرجل جماعة من النساء ليس فيهن رجل لأن كراهية (١) ذلك يحتاج الى دليل ولا دليل عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك مكروه.

مسألة ـ ٢٨٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الصلاة خلف من خالف الحق من الاعتقادات الباطلة ، ولا خلف الفاسق وان وافق فيها.

وقال ( ـ ش ـ ) : أكره امامة الفاسق والمظهر للبدع ، فان صلى خلفه جاز.

وقال أصحابه : المختلفون في المذاهب على ضروب :

ضرب لا نكفره ولا نفسقه مثل أصحاب أبي حنيفة و ( ـ ك ـ ) المختلفين في الفروع ، فهؤلاء لا يكره الايتمام بهم ، ولكن ان كان فيهم من يعلم أنه يعتقد ترك بعض الأركان فيكره الايتمام به.

وضرب نكفره مثل المعتزلة وغيرهم ، فلا يجوز الايتمام بهم.

وضرب نفسقه ولا نكفره ، وهم الذين يسبون السلف والخطابية ، فحكم هؤلاء حكم من يفسق بالزنا وشرب الخمر وغير ذلك ، فالائتمام بهم مكروه ، ولكنه يجوز ، وبهذا قال جماعة من أهل العلم.

__________________

(١) د ، ف ، ح : كراهة.

١٩١

وحكي عن ( ـ ك ـ ) أنه قال : لا يؤتم ببدعي. وحكى المرتضى عن أبي عبد الله البصري أنه كان يذهب الى أن الصلاة لا يجوز خلف الفاسق ، ويحتج في ذلك بإجماع أهل البيت ، ويقول : ان إجماعهم حجة.

مسألة ـ ٢٨٧ ـ : لا يجوز أن يؤم أمي بقارئ ، فان فعل أعاد القارئ الصلاة.

وحد الأمي الذي لا يحسن فاتحة الكتاب ، أو لا يحسن بعضها ، فهذا يجوز أن يأتم بمثله. فأما أن يأتم به قارئ (١) فلا يجوز ، سواء فيما جهر بالقراءة أو خافت.

وقال أبو العباس وأبو إسحاق : تخرج على قول ( ـ ش ـ ) في الجديد ثلاثة أقوال ، أحدها : أنه يجوز على كل حال ، لان على قوله يلزم المأموم القراءة فيصح صلاته وبه قال المزني. والثاني : أنه لا يجوز بكل حال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) والثالث : ان كانت مما يجهر فيها لا يجوز ، وان كانت مما يسر فيها جاز ، وبه قال ( ـ ر ـ ) وأبو ثور ، لان ما لا يجهر فيها يلزم المأموم القراءة.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا ائتم قراء بأمي بطلت صلاة الكل ، وعند ( ـ ش ـ ) تبطل صلاة القارئ ، وبه نقول ، لأنه قد وجبت الصلاة في الذمة بيقين ، فلا يجوز إسقاطها إلا بدليل.

مسألة ـ ٢٨٨ ـ : إذا ائتم بكافر على ظاهر الإسلام ، ثمَّ تبين أنه كان كافرا ، لا يجب عليه الإعادة ، ولا يحكم على الكافر بالإسلام بمجرد الصلاة ، سواء صلى في جماعة أو فرادى ، وانما يحكم بإسلامه إذا سمع منه الشهادتان.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجب الإعادة (٢) ، وقال : يحكم عليه في الظاهر بالإسلام ، لكن لا يلزمه حكم الإسلام ، فإن قال بعد ذلك : ما كنت أسلمت لم يحكم بردته.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا صلى في جماعة لزمه بذلك حكم الإسلام ، فإن رجع بعد ذلك

__________________

(١) م : القارى.

(٢) م ، د : يجب عليه.

١٩٢

حكم بردته ، فاذا صلى منفردا ، فإنه لا يحكم بإسلامه.

وقال محمد : إذا صلى في المسجد منفردا أو في جماعة ، حكم بإسلامه ، وان صلى منفردا في بيته لم يحكم بإسلامه.

مسألة ـ ٢٨٩ ـ : فيها ثلاث مسائل :

أولها : من صلى بقوم بعض الصلاة ، ثمَّ سبقه الحدث فاستخلف اماما فأتم الصلاة ، جاز ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد. وكذلك ان صلى بقوم وهو محدث أو جنب ، ولا يعلم حال نفسه ولا يعلمه المأموم ، ثمَّ علم في أثناء الصلاة حال نفسه خرج وتوضأ أو اغتسل واستأنف الصلاة.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا عاد أتم الصلاة ، فانعقدت الصلاة في الابتداء جماعة بغير امام ثمَّ صارت جماعة بإمام.

والثانية : نقل نية الجماعة إلى الانفراد قبل أن تمم المأموم يجوز ذلك ، وينتقل الصلاة من حال الجماعة الى حال الانفراد ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : تبطل صلاته.

الثالثة : أن ينقل صلاة انفراد إلى صلاة جماعة ، فعندنا يجوز ذلك ، وللش فيه قولان ، أحدهما : لا يجوز ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه. والثاني : يجوز ، وهو الأصح عندهم.

مسألة ـ ٢٩٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى الرجل بقوم على غير طهارة ، عالما كان بحاله أو جاهلا ، وجب عليه الإعادة بلا خلاف. فأما المأموم ، فإن كان عالما بحال الامام واقتدى به ، وجب أيضا عليه الإعادة بلا خلاف ، وان لم يكن عالما بحاله ، فالمعول عليه عند أصحابنا والأظهر في رواياتهم أنه لا اعادة على المأموم ، سواء كان حدث الإمام جنابة أو غيرها ، وسواء كان الامام عالما بحدثه أو جاهلا ، وسواء علم المأموم

١٩٣

بذلك في الوقت أو بعد (١) الوقت.

وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وفي التابعين النخعي ، والحسن البصري ، وسعيد ابن جبير.

وقال قوم من أصحابنا برواية ضعيفة ان عليه الإعادة على كل حال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه والشعبي وابن سيرين.

ولأبي حنيفة تفصيل يعرف به مذهبه ، قال : صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام فإن كان محدثا فأحرم بهم لم ينعقد لهم صلاة ، ولو كانوا كلهم متطهرين وأحدث الإمام بطلت صلاتهم ، لبطلان صلاة الامام.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان الامام عالما بالحدث بطلت صلاتهم ، لأنه مفرط ، وان كان جاهلا بحدثه لم يبطل صلاتهم لأنهم معذورون.

والكلام مع ( ـ ح ـ ) في فصلين : أحدهما هل ينعقد الصلاة خلف محدث أم لا؟

فعندنا ينعقد ، وعنده لا ينعقد. والثاني : إذا دخلوا على طهر ثمَّ أحدث الإمام ، فهل تبطل صلاتهم؟ عندنا لا تبطل ، وعنده تبطل.

مسألة ـ ٢٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى خلف كافر مستسر بكفره ولا امارة على كفره مثل الزنادقة ، ثمَّ علم بعد ذلك لم تجب عليه الإعادة.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : تجب الإعادة.

مسألة ـ ٢٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحرم خلف الامام ، ثمَّ أخرج نفسه من صلاته وأتمها منفردا صح ذلك.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان لعذر صحت صلاته ، وان كان لغير عذر فعلى قولين.

وقال ( ـ ح ـ ) : يبطل صلاته ، سواء كان لعذر أو لغير عذر.

مسألة ـ ٢٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمراهق المميز (٢) العاقل أن يكون إماما في

__________________

(١) م : بعد خروج الوقت.

(٢) د : بإضافة والمميز.

١٩٤

الفرائض والنوافل التي يجوز أن يصلى جماعة ، كصلاة الاستسقاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وعن ( ـ ح ـ ) روايتان : إحداهما ـ لا صلاة له ، ولا يجوز الايتمام به لا في (١) فرض ولا في نفل. الثانية : لا صلاة له ، لكنها نفل يجوز الايتمام به في النفل دون الفرض.

مسألة ـ ٢٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أم رجل رجلا ، قام المأموم عن يمين الامام ، وبه قال جميع الفقهاء.

وقال سعيد بن المسيب : يقف المأموم على (٢) يساره. وقال النخعي : يقف وراء الى أن يجي‌ء مأموم فيصلي معه ، فان ركع الامام قبل أن يجي‌ء مأموم آخر تقدم ووقف على يمينه.

مسألة ـ ٢٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وقف اثنان عن يمين الامام ويساره ، فالسنة أن يتأخرا عنه حتى يقفا خلفه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وحكي عن ( ـ ح ـ ) أنه قال : يتقدم الإمام.

مسألة ـ ٢٩٦ ـ : إذا دخل المسجد وقد ركع الامام ، وخاف أن يفوته تلك الركعة ، جاز أن يحرم ويركع ويمشي في ركوعه حتى يلحق بالصف ان لم يجي‌ء مأموم آخر ، فان جاء مأموم آخر وقف في موضعه ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : ان وجد فرجة في الصف دخل فيه ، والا جذب واحدا الى خلفه ووقف معه ، وان لم يفعل وأحرم وحده كره له ذلك وانعقدت صلاته ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

وقال النخعي وداود وابن أبي ليلى : ان صلاته لا ينعقد.

مسألة ـ ٢٩٧ ـ : ان وقف المأموم قدام الامام لم يصح صلاته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ،

__________________

(١) د : ( في النفل دون الفرض ).

(٢) م : عن يساره.

١٩٥

و ( ـ ش ـ ) في الجديد. وقال في القديم : يصح صلاته.

مسألة ـ ٢٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى في مسجد جماعة ، وحال بينه وبين الصفوف حائل لا يصح صلاته.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا كان في مسجد واحد صح ، وان حال حائل.

مسألة ـ ٢٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يكون الإمام أعلى من المأموم على مثل سطح ودكان وما أشبه ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا بأس به ، وحكى الطبري أنه الأفضل.

مسألة ـ ٣٠٠ ـ : من صلى خارج المسجد ، وليس بينه وبين الإمام حائل وهو قريب من الامام ، أو الصفوف المتصلة به ، صحت صلاته ، وان كان على بعد لم يصح ، وان علم بصلاة الامام.

وبه قال جميع الفقهاء الإعطاء ، فإنه قال : إذا كان عالما بصلاته صحت صلاته وان كان على بعد من المسجد.

مسألة ـ ٣٠١ ـ : الطريق ليس بحائل ، فإن صلى من بينه وبين الصف طريق مقتديا بالإمام صحت صلاته ، لأن الأصل جوازه والمنع من ذلك يحتاج الى دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : الطريق حائل ، فإن صلى وبينهما طريق لم يصح ، الا أن يكون الصفوف متصلة.

مسألة ـ ٣٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان بين المأموم والصف حائل يمنع الاستطراق والمشاهدة لم يصح صلاته ، سواء كان الحائل حائط المسجد أو حائط دار مشتركا (١) بين الدار والمسجد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : كل هذا ليس بحائل ، فإن صلى في داره بصلاة الإمام في المسجد

__________________

(١) م : أو مشتركا.

١٩٦

صحت صلاته إذا علم صلاة الإمام.

مسألة ـ ٣٠٣ ـ : من صلى وراء الشبابيك لا يصح صلاته مقتديا بصلاة الإمام الذي يصلي داخلها.

وللش فيه قولان ، أحدهما : وهو الأظهر عندهم مثل قولنا ، والأخر أنه يجوز.

مسألة ـ ٣٠٤ ـ : كون الماء بين الامام والمأمومين ليس بحائل إذا لم يكن بينهما ساتر من حائط وما أشبه ذلك ، لان كون ذلك مانعا محتاج (١) الى دليل ، ولا دليل عليه في الشرع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : الماء حائل ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٣٠٥ ـ : لا يجوز أن يكون سفينة المأموم قدام سفينة الإمام ، فإن تقدمت في حال الصلاة لا تبطل الصلاة ، (٢) لأن إبطال ذلك الصلاة محتاج الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

وقال في القديم : يصح. وفي الجديد : لا يصح.

مسألة ـ ٣٠٦ ـ : إذا قلنا ان الماء ليس بحائل ، فلا حد في ذلك إذا انتهى اليه يمنع من الايتمام به الا ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بأفعاله.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك الى ثلاثمائة ذراع ، فان زاد على ذلك لا يجوز.

مسألة ـ ٣٠٧ ـ : من سبق الإمام في ركوعه أو سجوده وتمم صلاته ونوى مفارقته صحت صلاته ، سواء كان لعذر أو لغير عذر ، لأن إبطال صلاته بذلك يحتاج الى دليل ، ولا دليل عليه في الشرع.

وقال ( ـ ح ـ ) : تبطل صلاته على كل حال. وقال ( ـ ش ـ ) : ان خرج لعذر لم يبطل ،

__________________

(١) م ، ف : يحتاج.

(٢) م ، به الصلاة.

١٩٧

وان خرج لغير عذر فعلى قولين.

قال أبو سعيد : لا تبطل صلاته قولا واحدا كما قلناه ، ومنهم من قال على قولين : أحدهما هذا ، والثاني تبطل صلاته ، ونص ( ـ ش ـ ) بأن قال : كرهته ولم يبين أن عليه الإعادة.

مسألة ـ ٣٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يؤم المسافر المقيم ، والمقيم المسافر ، وليس بمفسد للصلاة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز للمسافر أن يقتدي بالعقيم ، لأنه يلزمه (١) التمام إذا صلى خلفه ويكره أن يصلي المقيم خلف المسافر.

مسألة ـ ٣٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سبعة لا يؤمون الناس على حال : المجذوم ، والا برص والمجنون ، وولد الزنا ، والأعرابي بالمهاجرين ، والمقيد بالمطلقين ، وصحاب الفالج بالأصحاء. وقد ذكرنا الخلاف في ولد الزنا ، والمجنون لا خلاف أنه لا يؤم والباقون لم أجد لأحد من الفقهاء كراهة ذلك.

مسألة ـ ٣١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب (٢) للمرأة أن تؤم بالنساء ، فيصلين جماعة في الفرائض والنوافل. وروي أيضا أنها تصلى بهن في النافلة خاصة ، وبالأول قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة.

وقال النخعي : يكره في الفريضة دون النافلة ، وحكى الطحاوي عن ( ـ ح ـ ) أنه جائز غير أنه مكروه.

مسألة ـ ٣١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينبغي للإمام أن يكون موضعه أعلى من موضع المأموم إلا بما لا يعتد به ، وأما المأموم فيجوز أن يكون أعلى منه.

وقال ( ـ ش ـ ) : في الإمام إذا أراد تعليم الصلاة له أن يصلي على الموضع المرتفع ليراه من وراء فيقتدي به وان لم يكن بهم حاجة ، فالمستحب أن يكونوا على مستو

__________________

(١) د : إلزاما.

(٢) م : مستحب ، ف : يستحل.

١٩٨

من الأرض.

وقال ( ـ ع ـ ) : متى فعل هذا بطلت صلاته.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان الإمام في موضع منخفض والمأموم أعلى منه جاز ، وان كان الامام على الموضع العالي ، فإن كان أعلى من القامة منع ، وان كان قامة فما دونه لم يمنع.

مسألة ـ ٣١٢ ـ : وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الأذان لأن ذلك مجمع على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز إذا قال المؤذن حي على الصلاة ان كان حاضرا ، وان كان غائبا فمثل قولنا.

مسألة ـ ٣١٣ ـ : وقت الإحرام بالصلاة إذا فرغ المؤذن من كمال الإقامة ، لما ذكرناه في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا بلغ المؤذن قد قامت الصلاة أحرم الإمام حينئذ.

مسألة ـ ٣١٤ ـ : ليس من شرط صلاة المأموم أن ينوي الإمام إمامته ، رجلا كان المأموم أو امرأة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ع ـ ) : عليه أن ينوي إمامة من يأتم به ، رجلا كان أو امرأة.

وقال ( ـ ح ـ ) : ينوي إمامة النساء ، ولا يحتاج أن ينوي إمامة الرجال.

يدل على مذهبنا أن الأصل براءة الذمة ، وكون هذه النية واجبة يحتاج الى دليل ولا دليل عليه.

وروي عن ابن عباس قال : بت عند خالتي ميمونة ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فتوضأ ووقف يصلي ، فقمت وتوضأت ، ثمَّ جئت فوقفت على يساره ، فأخذ بيدي فأدارني من ورائه إلى يمينه. ومعلوم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه ما كان نوى إمامته.

مسألة ـ ٣١٥ ـ : إذا ابتدء الإنسان بصلاة نافلة ، ثمَّ أحرم الإمام بالفرض ، فان علم أنه لا يفوته الفرض معه تمم نافلته ، وان علم أنه تفوته الجماعة قطعها

١٩٩

ودخل في الفرض معه ، وان أحرم الإمام بالفريضة قبل أن يحرم بالنافلة ، فإنه (١) يتبعه بكل حال ، ويصلي النافلة بعد الفريضة ، سواء كان الإمام في المسجد أو خارجا منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان في المسجد مثل قولنا ، وان كان خارجا منه ، فان خاف فوت الثانية دخل معه كما قلناه ، وان لم يخف فواتها تمم ركعتين نافلة ، ثمَّ دخل المسجد يصلي (٢) معه.

ويدل على ما قلناه أنه لا خلاف أن ذلك جائز ، وليس على ما اجازه دليل.

( مسائل صلاة المسافر )

مسألة ـ ٣١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سفر الطاعة واجبة كانت أو مندوبة فيه التقصير بلا خلاف ، والمباح عندنا يجري مجراه في جواز التقصير. وأما اللهو فلا تقصير فيه عندنا.

وقال ( ـ ش ـ ) : يقصر في هذين السفرين. وقال ابن مسعود : لا يجوز القصر في هذين.

مسألة ـ ٣١٧ ـ : حد السفر الذي فيه التقصير مرحلة ، وهي ثمانية فراسخ بريدان أربعة وعشرون ميلا ، وبه قال ( ـ ع ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : مرحلتان ستة عشر فرسخا ثمانية وأربعون ميلا ، نص عليه في البويطي ، ومنهم من قال : ستة وأربعون ميلا. ومنهم من قال زيادة (٣) على الأربعين ، ذكره في القديم. وقال أصحابه : بين كل ميلين اثنا عشر ألف قدم ، وبمذهبه قال

__________________

(١) سقط من د ( فإنه ).

(٢) م ، ف : فصلى.

(٣) م : زائدة.

٢٠٠