مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-05-8
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٦٩
( ميكائيل ـ ... ـ ..... )
رواية ضرب موسى لملك الموت ضعيفة :
س : بارك الله جهودكم الطيّبة ، ووفّقكم لنصرة أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ، أمّا بعد ، لدي سؤال أرجو أن أحصل على الإجابة الشافية منكم عليه :
هل صحيح أنّ رواية ضرب النبيّ موسى عليهالسلام لملك الموت حتّى فقأ عينه صحيحة عند علماء الشيعة؟ حسب ما ذكر لي أحد المناقشين من أهل السنّة في المصادر التالي : لئالى الأخبار ، الأنوار النعمانية ، المحجّة البيضاء ، البرهان ، بحار الأنوار ، وفّقكم الله لما يحبّه ويرضاه.
ج : كُلّ الأحاديث المذكورة هي أحاديث ضعيفة غير معتمدة ، منقولة من كتب متأخّرة ، أُلّفت بعد القرن العاشر الهجري ، وكما تعلمون : فإنّ وجود رواية في مصادر الحديث عند الشيعة لا يعني أن تكون صحيحة ويجب العمل بها ، فكيف وأن ما ذكر موجود في مصادر متأخّرة ، وفي بعضها كالمحجّة البيضاء فإنّها منقولة عن مصادر أهل السنّة ، وعلى المدّعي أنّ الشيعة تعمل بهذه الروايات وتعتقد بها إثبات هذا المدّعى بالدليل ، ووفقاً على مباني الشيعة.
( مريم ساجواني ـ الإمارات ـ .... )
حكمة ذكر النبيّ موسى أكثر من غيره :
س : ما الحكمة من ذكر قصّة نبي الله موسى عليهالسلام في القرآن الكريم أكثر من باقي الأنبياء عليهمالسلام؟
ج : يمكن أن يقال : أنّ الحكمة في ذكر قصّة موسى عليهالسلام في القرآن الكريم أكثر من باقي الأنبياء ، وذلك لما في عهد موسى عليهالسلام من قضايا كثيرة تكون عبراً ودروساً ، ولكون قومه اليهود الذين أتمّ الله عليهم الحجّة أبوا إلاّ عتواً واستكباراً ، ومراحل التدرّج مع اليهود ومحاولات الهداية لهم ، فكانت نبوّة موسى عليهالسلام مليئة بالحوادث والإثارات التي يمكن أن يستلهم منها الكثير من الدروس.
( مهند ـ البحرين ـ .... )
نوح الأب الثاني للبشرية :
س : لماذا لقّب نبي الله نوح عليهالسلام بأنّه ثاني أب للبشرية بعد آدم عليهالسلام؟ ألم يكن في السفينة معه بشر غيره؟ وألف سلام لكم وتحية.
ج : يستفاد من الآية : ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ ) (١) ، أنّ البشرية بعد نوح عليهالسلام تكوّنت من نسله ، وأنّ الآخرين الموجودين في السفينة قد انقرضوا فيما بعد ، ولكن توجد رواية في تفسير القمّي لهذه الآية : بأنّ ولد آدم عليهالسلام بالعموم لم يكونوا من ولد نوح بعد الطوفان (٢) ، بل أنّ الآية بصدد حصر المؤمنين من ولد آدم عليهالسلام في عقب نوح عليهالسلام.
وممّا ذكرنا يظهر أن لقب الأب الثاني للبشرية ، لا يمكن التأكّد عليه إلاّ من باب المجاز والتوسّع في الكلمة ، وعلى أيّ حال فالأمر سهل ، كما لا يخفى على المتأمّل.
( أحمد عيسى ـ البحرين ـ ٢٢ سنة ـ خرّيج معهد )
حكمة منع آدم الأكل من الشجرة :
س : أوّلاً نشكركم على فكرة طرح الأسئلة ، سؤالي هو : ما هي الحكمة من منع الله تعالى آدم عليهالسلام من الأكل من تلك الشجرة؟
ج : الآيات القرآنية في آدم عليهالسلام ، وفي هذا الموضوع بالذات ، تشير إلى وجود نوع من اختبار خاصّ ، وفتنة من نوع خاصّ مغاير للاختبار والفتنة الدنيوية ، وفيه إشارة إلى ما ستؤول إليه البشرية من بعد آدم ، وما ستبتلي به من الامتحان والاختبار.
__________________
١ ـ الصافات : ٧٧.
٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٢٢٣.
قال تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ) (١).
وقال تعالى : ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) (٢).
حيث تشاهد بوضوح مسألة الامتحان ووسوسة الشيطان والاختبار ، وفي آخر الآيات ينجرّ الامتحان ليشمل الجميع من ذرّيته وولده.
هذا كُلّه أن استطعنا أن نتوصّل إلى حكمة وعلّة هذا المنع من أكل الشجرة ، الذي يعود إلى الامتحان والاختبار ، وإلاّ فإنّه ربما لم نتوصّل إلى سبب وحكمة بعض الأعمال ، وليس من الواجب أن يتّضح سبب وحكمة كُلّ الأعمال.
( أبو أحمد الموسوي ـ بريطانيا ـ ٣٧ سنة ـ مهندس كيمياء )
أجساد المعصومين لا تبلى :
س : ورد في سيرة مولانا أبي محمّد الحسن العسكري عليهالسلام ، قصّة الراهب النصراني ، والاستسقاء متوسّلاً بعظم لأحد الأنبياء عليهمالسلام ، فكيف يتّفق هذا مع المشهور من أنّ الأجساد الشريفة للأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، وكذا الشهداء
__________________
١ ـ الأعراف : ٢٧.
٢ ـ طه : ١١٧ ـ ١٢٦.
والصالحين لا تبلى ، ولا ينتابها الفناء كرامة لهم؟ أفيدونا غفر الله لكم.
ج : هذه القصّة وردت في جُلّ الكتب التي دوّنت في مجال الحديث والسيرة (١) ، ممّا يبعث الاطمئان في النفس بحدوثها ؛ وفي نفس الوقت لا معارضة بينها وبين الاعتقاد بعدم فناء أجساد الأنبياء والأولياء عليهمالسلام ، إذ بناءً على هذه الرواية فإنّ رجلاً أخذ عظماً من عظام النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلا يبعد أن يكون اقتطعه وفصله عن جسده الشريف ، وليس في الحديث إشارة إلى تفسّخ الجسد ، وانفصال العظام وتجزئتها.
( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )
الحجّة ما بين عيسى ومحمّد :
س : من اعتقاداتنا الأساسية نحن الشيعة : أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، لكن من زمن عيسى عليهالسلام إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، هل كانت الأرض من دون حجّة؟ أو كان هناك أنبياء موجودين؟
ج : إنّ عقيدتنا بأنّ الأرض لا تخلو من الحجّة ممّا لا شبهة فيه عقلاً ونقلاً ، والأدلّة الواضحة هي قائمة على هذا المدّعى ، كما لا يخفى على المتتبع في هذا المجال ، ولكن لا نعتقد أنّ هؤلاء الحجج كانوا كُلّهم أنبياء ، بل أنّ بعضهم كانوا أوصياء.
وأمّا في الفترة ما بين عيسى عليهالسلام والنبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله فقد تشير بعض الروايات إلى وجود بعض الأوصياء بل وحتّى الأنبياء ، فمثلاً ينقل الشيخ الصدوق قدسسره أنّ بين نبيّنا صلىاللهعليهوآله وبين عيسى عليهالسلام أنبياء وأئمّة مستورون خائفون ، منهم خالد بن سنان العبسي ، نبي لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر ... ، وكان بين مبعثه ومبعث نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله خمسون سنة (٢).
__________________
١ ـ أُنظر : الثاقب في المناقب : ٥٧٥ ، الخرائج والجرائح ١ / ٤٤٢ ، كشف الغمّة ٣ / ٢٢٥ ، بحار الأنوار ٥٠ / ٢٧١.
٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٦٥٩.
ويؤيّده ما ورد في كتب أهل السنّة بوجود أربعة من الأنبياء في هذه الفترة ، منهم خالد المذكور (١) ، وقد ورد في بعض الآثار : أنّ أبا طالب كان من الأوصياء في هذه الفترة (٢).
( جمال أحمد ـ البحرين ـ .... )
الفرق بين النبيّ والرسول :
س : هل يوجد فرق جوهري بين النبيّ والرسول؟ أم أنّ النبيّ هو ذاته الرسول؟ الرجاء التفصيل مع ذكر الأمثلة.
ج : أختلف العلماء في تعريف النبيّ والرسول ، وبيان الفرق بينهما ، ولكن الحقّ أنّ الرسول أعلى رتبةً من النبيّ ، إذ هو يحمل رسالةً إلى من بعث إليه ، وأمّا النبيّ فلا يتحمّل هداية الآخرين.
نعم الاثنان متّفقان في مسألة نزول الوحي إليهما ، ولكن النبيّ يأتيه الوحي في المنام ، والرسول يرى جبرائيل ، ويتلقّى الوحي معاينةً ومشافهةً (٣).
وبالجملة : فالأمر سهل ، إذ قد تجتمع لبعضهم الرتبتان معاً ، كنبيّنا صلىاللهعليهوآله وإبراهيم عليهالسلام ، ومن جانب قد يستعمل كثيراً التعبير بأحدهما مكان الآخر مسامحةً وعنايةً.
( زكريا عباس راضي ـ البحرين ـ .... )
يأجوج ومأجوج :
س : أودّ أن أسألكم ، هل هناك موضوع يحكي عن يأجوج ومأجوج في موقعكم ، فقد بحثت فيه ولم أجد ، وشكراً لكم.
__________________
١ ـ التفسير الكبير ٤ / ٣٣٠ ، روح المعاني ١٠ / ٢٩٥ ، السيرة الحلبية ١ / ٣٣.
٢ ـ الكافي ١ / ٤٤٥ ، بحار الأنوار ٣٥ / ٧٣.
٣ ـ الكافي ١ / ١٧٦.
ج : هناك الكثير من الأخبار الغريبة في وصف يأجوج ومأجوج نحن اعرضنا عنها ، واكتفينا بنقل الأخبار المقبولة نوعاً ما.
فيأجوج ومأجوج أُمّتان ، وهم من أولاد آدم وحوّاء ، وهو قول أكثر العلماء ، ويشهد له قول الإمام الهادي عليهالسلام : « إنّهم من ولد يافث بن نوح » (١).
وعن حذيفة قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن يأجوج ومأجوج فقال : « يأجوج أُمّة ، ومأجوج أُمّة ، كُلّ أُمّة أربعمائة أُمّة ، لا يموت الرجل منهم حتّى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه ، كُلّ قد حمل السلاح » (٢).
والمروي أنّهم أقوام وحشية غير متمدّنين ، بل يعيشون كالبهائم ، وقد أشار القرآن إلى أنّهم قوم مفسدون في الأرض ، وقيل من فسادهم أنّهم كانوا يخرجون فيقتلون ، ويأكلون لحومهم ودوابهم.
وعن الكلبي : كانوا يخرجون أيّام الربيع ، فلا يدعون شيئاً أخضر إلاّ أكلوه ، ولا يابساً إلاّ احتملوه (٣).
كما إنّهم يتميّزون عن باقي الأقوام بكثرة العدد ، كما في الخبر عن الرسول صلىاللهعليهوآله (٤).
كما وإنّهم من الأقوام الذين يقاتلون عيسى بن مريم عليهالسلام بعد خروجه ، فيغلبهم عليهالسلام ويكون ذلك بين يدي الساعة (٥).
( أميرة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالبة )
علّة تكليم موسى :
س : لماذا النبيّ موسى عليهالسلام هو الذي كلّمه الله تعالى؟
__________________
١ ـ الكافي ٨ / ٢٢٠.
٢ ـ مجمع البيان ٦ / ٣٨٧.
٣ ـ نفس المصدر السابق.
٤ ـ المصدر السابق ٧ / ١٢٦.
٥ ـ الخصال : ٤٤٧.
ج : أورد الشيخ الصدوق روايتين عن العلّة التي من أجلها اصطفى الله تعالى موسى لكلامه دون خلقه :
١ ـ عن الإمام الباقر عليهالسلام قال : « أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى عليهالسلام : أتدري لما اصطفيتك لكلامي دون خلقي؟ فقال موسى : لا يا ربّ ، فقال : يا موسى إنّي قلّبت عبادي ظهراً لبطن ، فلم أجد فيهم أحداً أذلّ لي منك نفساً ، يا موسى إنّك إذا صلّيت وضعت خدّيك على التراب ».
٢ ـ عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « إنّ موسى عليهالسلام احتبس عنه الوحي أربعين أو ثلاثين صباحاً ، قال : فصعد على جبل بالشام يقال له : أريحا ، فقال : يا ربّ إن كنت حبست عنّي وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل ، فغفرانك القديم ».
قال : « فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا موسى بن عمران ، أتدري لم اصطفيتك لوحي وكلامي دون خلقي؟ فقال : لا علم لي يا ربّ ، فقال : يا موسى إنّي أطلعت إلى خلقي إطلاعة ، فلم أجد في خلقي أشدّ تواضعاً لي منك ، فمن ثمّ خصصتك بوحي وكلامي من بين خلقي ».
قال : « وكان موسى عليهالسلام : إذا صلّى لم ينفتل حتّى يلصق خدّه الأيمن بالأرض والأيسر » (١).
هذه بعض العلل ، وقد تكون هناك علل أُخرى ، لا يعلمها إلاّ الله والراسخون في العلم ، بالإضافة إلى أنّ مثل هذه الأُمور لا يسأل عنها لقوله تعالى : ( لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) (٢).
( أبو حيدر ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ بكالوريوس )
اصطفاء الأنبياء :
س : كيف يتمّ اصطفاء واختيار الأنبياء عليهمالسلام؟ وفي أيّ مرحلة يتمّ ذلك؟
__________________
١ ـ علل الشرائع ١ / ٥٦.
٢ ـ الأنبياء : ٢٣.
ج : إنّ الله تعالى ـ ومن منطلق علمه الذاتي والأزلي ـ كان يعلم بأنّ الأنبياء عليهمالسلام سيصلون بجدّهم وجهدهم في عالم الدنيا إلى المرتبة القصوى بين الممكنات ، بعد إعطائهم الخيار والاختيار من جانب الباري تعالى.
وبعبارة أُخرى : إنّ الله تعالى كان يعلم بوفاء الأنبياء عليهمالسلام في عالم الوجود بكافّة المتطلّبات التي تؤهّلهم لهذا المنصب الإلهي ، وعليه فأعطاهم تلك المرتبة السامية بسبب علمه المسبق على الإعطاء.
فالنتيجة : إنّ كافّة المواهب المعطاة هي ناتجة ومكافئة على سلوكهم وسيرتهم عليهمالسلام في الدنيا ، وإن أُعطيت من قبل.
ولا يخفى أنّ هذه النظرية قابلة للتأييد بنصوص روائية ، وعلى سبيل المثال ورد في فقرات من دعاء الندبة هكذا : « اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية ، وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به ، فقبلتهم وقرّبتهم ... » (١).
والخلاصة : إنّ الفضائل والميزات التكوينية والتشريعية للأنبياء عليهمالسلام بأجمعها هي حصيلة الجهود والمتاعب التي تحمّلوها في سبيل نشر الدين والعقيدة ، وتبليغ الوحي وزعامة الأُمّة وغيرها.
( الموالي ـ عمان ـ ٢٤ سنة )
تمنّي مريم لا ينافي التسليم :
س : سؤالي حول السيّدة مريم العذراء عليهاالسلام حين قالت : ( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ) (٢) ، كيف نوفّق بين هذا وبين رضاها بقضاء الله وقدره؟
__________________
١ ـ إقبال الأعمال ١ / ٥٠٤.
٢ ـ مريم : ٢٣.
ج : إنّ مريم عليهاالسلام حينما تمنّت الموت لم تتمنّه رفضاً منها للقضاء الإلهي وإنكاراًً له ، بل كان ذلك منها استحياءً من قومها ، وخوفاً من اتهامهم لها ، إنّه حقّاً موقف عصيب وأمر شديد ، فمريم كانت امرأة معروفة بالعفّة والصلاح والمكانة العالية ، إذا بها فجأة تحمل وتلد من غير زوج ، ماذا تقول لهم؟ وهل يصدّقونها في دعواها؟ أنّه لهذا تمنّت الموت.
وهذا لا يتنافى مع التسليم للقضاء الإلهي ، أنّه تماماً نظير موقف الإمام الحسين عليهالسلام حينما قال : « صبراً على قضائك ، ولا معبود سواك » (١) ، ولكنّه في نفس الوقت كان قلبه يعتصر ألماً لعياله وأطفاله ، بل ولأهل الكوفة المقاتلين له ، حيث يدخلون النار بسبب قتالهم له ، بل إنّ جدّه الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله الذي هو المصداق البارز للراضي بقضاء الله تعالى ، كان يتألّم لقومه ويحزن من إيذائهم له ، حتّى قال : « ما أُوذي نبيّ مثل ما أُوذيت » (٢) ، إنّه كما لا منافاة بين هذا وذاك في حقّ النبيّ صلىاللهعليهوآله والإمام الحسين عليهالسلام ، وكذلك لا منافاة بينهما في حقّ مريم عليهاالسلام.
__________________
١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٨٢.
٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٢ ، كشف الغمّة ٣ / ٣٤٦.
النبي محمّد صلىاللهعليهوآله :
( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )
وآية عبس وتولّى :
س : فيمن نزلت الآية : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى )؟
ج : قد ذهب أبناء العامّة في هذه القضية أنّها نزلت في النبيّ صلىاللهعليهوآله ، واعتمدوا في ذلك على أحاديث ضعيفة السند ، لأنّها تنتهي إلى من لم يدرك هذه القضية أصلاً ، لأنّه أمّا كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد (١).
وورد عن أهل البيت عليهمالسلام أنّها نزلت في رجل من بني أُمية (٢) ، والقرائن أيضاً تدلّ على أنّها بعيدة عن ساحة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وذلك أنّ الآية تصف المعاتب بصفات منها : أنّه يتصدّى للأغنياء لغناهم ، ويتلهّى عن الفقراء لفقرهم ، وهذه الصفات بعيدة عن سجايا نبيّنا الأكرم ، إذ هو الذي وصفه الله بأنّه : ( بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣).
وقال الله تعالى عن نبيّه في سورة القلم التي نزلت قبل سورة عبس ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، فكيف يصدر عنه صلىاللهعليهوآله هذا الأمر المنافي للأخلاق ،
__________________
١ ـ أُنظر : جامع البيان ٣٠ / ٦٤ ، أسباب نزول الآيات : ٢٩٧ ، الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٢١١ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٥٠١.
٢ ـ التبيان ١٠ / ٢٦٩ ، مجمع البيان ١٠ / ٢٦٦ ، الأصفى في تفسير القرآن ٢ / ١٤٠٥.
٣ ـ التوبة : ١٢٨.
٤ ـ القلم : ٤.
ولقد نزلت آية الإنذار ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) قبل سورة عبس بسنتين ، فهل نسي الرسول ذلك ، وإذا كان نسي فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وفي قوله تعالى عن الرسول : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٢).
ومن يتمعّن هذه الآيات يجد أنّها خبر محض ، ولم يُصرّح فيها بالمخبر عنه ، وقوله تعالى : ( وَمَا يُدْرِيكَ ) (٣) ليس الخطاب فيها لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإنّما هو التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه ، فالآية في ظاهرها لا تدلّ أنّها فيمن نزلت ، وإنّما يفسّرها لنا أهل البيت ـ وهم الثقل الثاني الذي به نعتصم من الضلال ـ فورد عنهم أنّها نزلت في رجل من بني أُمية.
وعن الإمام الصادق عليهالسلام قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا رأى عبد الله بن أُمّ مكتوم قال : مرحباً مرحباً ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً » (٤) ، وكان يريد الرسول بذلك التعريض بمن صدر منه ذلك في حقّ ابن أُمّ مكتوم ، كأنّه يقول له : والله أنا لا أعاملك كما عاملك فلان.
فمدلول الآية يكون كالتالي : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) ذلك الرجل من بني أُمية ( أَن جَاءهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيك ) هذا التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه ( لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ ) أيّها العابس الغني ( لَهُ تَصَدَّى ) لأهداف دنيوية ( وَمَا عَلَيْك ) أيّها العابس ( أَلاَّ يَزَّكَّى ) على يد شخص آخر ممّن هو في المجلس كالنبيّ صلىاللهعليهوآله ، ( وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ ) أيّها العابس ( عَنْهُ تَلَهَّى ) لأهداف دنيوية.
__________________
١ ـ الشعراء : ٢١٥.
٢ ـ الأحزاب : ٢١.
٣ ـ عبس : ٣.
٤ ـ مجمع البيان ١٠ / ٢٦٦.
هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرّفت هذا الموقف ، لتدافع عن بني أُمية غفلة منها أن ذلك يكون سبب ليتشبّث به المخالفون للإطاحة بمكانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولكن ( يَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١).
( رضا يوسف التوبلاني ـ البحرين ـ .... )
استشهاده مسموماً :
س : ما مدى صحّة ما ينقل من أنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله استشهد مسموماً ، وما المصادر الذي تؤيّد ذلك؟ وهل تتّفقون مع ما قدّمه الكاتب المعاصر نجاح الطائي من تحقيقات تاريخية في اغتيالات الصدر الإسلامي الأوّل؟ دمتم موفّقين لكُلّ خير.
ج : إنّ استشهاد النبيّ صلىاللهعليهوآله مسموماً أورده الشيخ الصدوق قدسسره ، وعدّه من عقائد الشيعة ، حيث قال : « اعتقادنا في النبيّ أنّه سُمّ في غزوة خيبر ، فما زالت هذه الأكلة تعاوده حتّى قطعت أبهره فمات منها » (٢) ، وقد أخبر النبيّ والأئمّة أنّهم مقتولون ، فمن قال : إنّهم لم يقتلوا فقد كذبهم ... (٣).
نعم ، بعض القدماء من علمائنا الأبرار لم تثبت عندهم شهادة النبيّ بالسمّ ، وذلك يعود للاختلاف في المبنى ، حيث أنّ مبناهم في الأحكام والموضوعات لا يتمّ إلاّ بالأخبار المتواترة ، ومن المعلوم : أنّ شهادة النبيّ بالسمّ ، أو العمومات الدالّة على شهادة جميع المعصومين ، لم ترد بها الأخبار المتواترة التي توجب القطع ، بل وردت بها أخبار تورث الظنّ القوي.
قال العلاّمة المجلسي : « مع ورود الأخبار الكثيرة الدالّة عموماً على هذا الأمر ، والأخبار المخصوصة الدالّة على شهادة أكثرهم ، وكيفيتها كما سيأتي في أبواب تواريخ وفاتهم عليهمالسلام ، لا سبيل إلى الحكم بردّه ، وكونه من
__________________
١ ـ التوبة : ٣٢.
٢ ـ الاعتقادات : ٩٧.
٣ ـ المصدر السابق : ٩٩.
الأرجاف ، نعم ليس فيمن سوى أمير المؤمنين ، وفاطمة والحسن والحسين ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى عليهمالسلام أخبار متواترة توجب القطع بوقوعه ، بل إنّما تورث الظنّ القوي بذلك ، ولم يقم دليل على نفيه ، وقرائن أحوالهم وأحوال مخالفيهم شاهدة بذلك » (١).
وأمّا سؤالك عن التحقيقات التاريخية في اغتيالات الصدر الأوّل ، فهي أيضاً تبقى في دائرة الاحتمال ، لعدم وجود دليل قطعي على إثباتها أو نفيها.
( خليفة ـ ... ـ ..... )
لا يتأثّر بالسحر :
س : توجد بعض المذاهب تعتقد بأنّ النبيّ قد سحر في فترة من فترات حياته ، فما رأيكم في هكذا اعتقاد؟ وما ردّكم عليهم؟
ج : جاء في بعض المجامع الحديثية من الفريقين ما يشعر بوقوع السحر (٢) ، ولكنّ الصحيح أنّ السحر لا يؤثّر في نفوس الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ـ كما عليه المشهور والمحقّقون من علماء الإمامية ـ ويدلّ عليه عقلاً ، بأنّه صلىاللهعليهوآله في فترة السحر ـ على فرض المحال ـ تكون تصرّفاته غير لائقة بالإنسان العادي ، فكيف وهو نبي؟!
وأيضاً يعتبره القرآن من تقوّلات الكفّار والمعاندين في سبيل عدم الرضوخ للحقّ ( إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ) (٣) ، و ( فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ) (٤) ، و ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا ) (٥).
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٢٧ / ٢١٦.
٢ ـ الخرائج والجرائح ١ / ٣٤ ، طبّ الأئمّة : ١١٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٩ و ٨٨ و ١٦٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١١٧٣.
٣ ـ الإسراء : ٤٧.
٤ ـ الإسراء : ١٠١.
٥ ـ الفرقان : ٨ ـ ٩.
وعليه فلابدّ من تأويل الأحاديث الواردة في هذا المجال بما لا ينافي المسلّمات ، أو طرحها من الأساس باعتبار ضعف أسانيدها.
وهنا نقطة لابأس بالإشارة إليها وهي : أنّ الروايات الشيعية في هذا الموضوع تدلّ فقط على محاولة بعض اليهود لسحر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وليس فيها دلالة على تأثير ذلك السحر في نفسه الكريمة صلىاللهعليهوآله ، بل وفيها دلالة على صدق نبّوته ، إذ أنّه صلىاللهعليهوآله اطّلع على هذا التمويه بإخبار من الله تعالى ، فأمر باستخراج السحر من مكان خاصّ ، فكان كما أخبر هو صلىاللهعليهوآله ، وهذه القضية أصبحت تأييداً آخر لنبوّته ورسالته.
وعلى العكس ، فإنّ في روايات أهل السنّة في هذا المجال ما يأباه العقل والنقل ، ويردّه حتّى القرآن ـ كما ذكرنا ـ بالصراحة ، فتأويلها أو رفع اليد عنها أحرى وأجدر من طرح الأدلّة العقلية والنقلية بهذا الشأن.
( يحيى العلوي ـ البحرين ـ .... )
من اختصاصاته الزواج بأكثر من أربع نساء :
س : إذا كان الزواج بالمرأة الخامسة مع وجود أربع زوجات في ذمّة الرجل يعتبر غير جائز ، فما هو وجه الاستثناء بالنسبة للرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله؟ إذ بلغ عدد زوجاته ـ على أصحّ الروايات ـ تسع زوجات دائمات؟
أليس من الأحرى بالرسول صلىاللهعليهوآله أن يلتزم بالحكم القرآني لعدد الزوجات ، وهو قدوة العالمين؟ هل السبب السياسي للزواجات هو كاف لتسويغ هذا الحكم؟ والحالة الاستثنائية له صلىاللهعليهوآله.
وإن كان هذا هو السبب وغيره من الأسباب الاجتماعية أو النفسية ، أو غيرها من مسوّغات هذه الحالة الاستثنائية ، فلماذا لم ينزل فيها قرآن؟ مع علمنا بحكم الآية ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١).
__________________
١ ـ الحشر : ٧.
ج : هناك أحكام شرعية خاصّة برسول الله صلىاللهعليهوآله لمصالح وأسباب وحِكم لا يعلمها إلاّ الله ورسوله ، ومن تلك الأحكام ، له أن يتزوّج أكثر من أربع زوجات بعقد دائم.
وأمّا قضية ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) فهي بمعنى أنّ الأحكام الشرعية التي جاء بها رسول الله صلىاللهعليهوآله لعموم المسلمين ، عليهم أن يتبعوه فيها ويطيعوه ، أمّا الأحكام الشرعية الخاصّة به فليس عليهم شيء.
( أبو قاسم ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ طالب ثانوية )
ليس له أُخوة :
س : هل الرسول صلىاللهعليهوآله عنده إخوة؟ وما أسماؤهم؟ وأتمنّى أن تكون الإجابة سريعة ، والله يعطيكم العافية ، وشكراً على هذا الموقع الممتاز.
ج : لم يكن لرسول الله صلىاللهعليهوآله إخوة من النسب.
نعم ، ورد في حديث المؤاخاة الذي رواه جماعة من أعلام السنّة في أنّ علي بن أبي طالب عليهالسلام أخو رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل نفسه كما ورد في آية المباهلة (١).
( زينب ـ بريطانيا ـ .... )
لا يحتاج إلى اجتهاد :
س : عفواً أطرح على حضرتكم هذا السؤال : نحن الشيعة نقول بعدم وقوع الاجتهاد من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلماذا لم يقع الاجتهاد منه صلىاللهعليهوآله مع أنّه معصوم ، والمعصوم لا يخطأ؟
ج : إنّ المراد من الاجتهاد الممنوع وقوعه من النبيّ صلىاللهعليهوآله هو العمل بالظنّ في الأحكام الشرعية ، وبما أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله متّصل بالوحي وعنده العلم التام بالأحكام الواقعية ، فحينئذ لا يحتاج إلى اجتهاد وإلى عمل بالظنّ.
__________________
١ ـ آل عمران : ٦١.
( تيما ـ الكويت ـ .... )
ابنته الوحيدة فاطمة :
س : هل صحيح أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله لم يكن لديه من البنات إلاّ السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام؟ وأنّ باقي البنات هنّ ربيباته ، وبنات السيّدة خديجة عليهاالسلام؟
ج : أقوال في عدد بنات رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والقول الحقّ هو ما عليه شيعة أهل البيت عليهمالسلام تبعاً لأئمّتهم عليهمالسلام ، وأهل البيت أدرى بما فيه.
وقولهم هو : لم يكن لرسول الله صلىاللهعليهوآله بنتاً غير فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وأمّا رقية وزينب فهما ابنتي هالة أُخت خديجة ، حيث تكفّلهما رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد وفاة هالة وهما طفلتان ، وليستا هما بنات خديجة عليهاالسلام ، لأنّ خديجة تزوّجت من رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي عذراء ، ولم تلد له من البنات إلاّ فاطمة عليهاالسلام (١).
( أُمّ البنين ـ السعودية ـ .... )
تعقيب على الجواب السابق :
قالت فاطمة الزهراء عليهاالسلام في خطبتها الشهيرة أمام الغاصبين : « فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون آبائكم وأنا ابنته دون نسائكم » (٢).
وهذا دليل على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يكن له بنات غيرها عليهاالسلام ، ودليل على أنّ عمر لم يتزوّج بنات رسول الله ، وشكراً.
( رملة السيّد مصطفى ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )
على الأكثر مات مسموماً :
س : أودّ أن أطرح إلى حضرتكم سؤال ، وهو يتعلّق بنبي الرحمة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله باختلاف وتعدّد الروايات ، بعضها تقول : إنّ النبيّ مات مسموماً من
__________________
١ ـ أُنظر : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم ٢ / ١٢١.
٢ ـ الطرائف : ٢٦٤.
امرأة يهودية ، وبعضها تقول : موته طبيعي ، وسؤالي : ما هو سبب موت النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله؟
ج : إنّ بعض الروايات تؤكّد أنّ النبيّ استشهد في أثر السمّ الذي قدّم له بعد غزوة خيبر (١) ، وهذا ممّا يدلّ عليه الدليل النقلي مثل : « ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم » (٢) ، وكما عليه الشيخ الصدوق قدسسره (٣) ، وأكثر علمائنا الأبرار ، وإن كان بعضهم لا يرتضي بهذا القول بنحو الإطلاق ، بل يرى أنّ الشهادة ثابتة في حقّ بعضهم عليهمالسلام ، لعدم توفّر شرط تواتر الخبر عنده ، وإن كان صحيحاً.
ويؤيّده أيضاً الدليل العقلي بأنّ المعصوم عليهالسلام بما هو عارف بمنافع ومضارّ الأشياء فلا يتناول ضرراً جسيماً على حدّ التهلكة على نفسه ؛ وعليه فلا مناص من الالتزام بأنّ موته لا يكون كالمتعارف بين باقي الناس ، بل هو نتيجة مؤامرة تحاك عليه فتنجرّ إلى استشهاده.
ثمّ إنّ هناك اختلاف في منشأ السمّ ، فالمعروف أنّه من امرأة يهودية ، ولكن بعض الروايات الخاصّة لا توافق هذا الرأي ، بل ترى أنّ عملية دسّ السم كانت من عمل الآخرين ، ممّن لم تكن مصلحة في إظهار أساميهم لعلاقاتهم الوثيقة بالحكم السائد بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله (٤).
ولا يبعد أن تشير قصّة اللدود إلى هذا المطلب ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بعدما نهى أن يلدوه في مرضه ، أفاق وعلم بلدودهم فاعترض عليهم ، وأمر أن يلد كُلّ من كان في البيت من الرجال والنساء!! (٥) ، وهذا يثير التساؤل ، فهل كان
__________________
١ ـ الخرائج والجرائح ١ / ٣٤ ، طب الأئمّة : ١١٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٩ و ٨٨ و ١٦٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١١٧٣.
٢ ـ كفاية الأثر : ١٦٢.
٣ ـ الاعتقادات : ٩٩.
٤ ـ بحار الأنوار ٢٨ / ٢٠ و ٣١ / ٦٤١ ، تفسير العيّاشي ١ / ٢٠٠.
٥ ـ صحيح البخاري ٨ / ٤٢ ، صحيح مسلم ٧ / ٢٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٤ / ٣٧٤ ، صحيح ابن حبّان ١٤ / ٥٥٤ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٣٧ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٤٦ ، مسند أحمد ٦ / ٥٣ و ١١٨.
النبيّ صلىاللهعليهوآله على علم مسبق من الموضوع؟ وشكّ في مؤامرة داخل بيته ، فأمرهم بتناول اللدود ، أم ماذا؟! والله أعلم بحقائق الأُمور.
( هناء علي ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )
تعليق على الجواب السابق وجوابه :
س : أُريد أن أعرف ماذا قصدتم من اللدود؟ وبأنّه صلىاللهعليهوآله أمر بأن يلد كُلّ من كان في البيت من الرجال والنساء.
ج : إنّ المقصود من اللدود هو نوع من الدواء ـ عجينة مُرّة ـ يُعطى لمن أُصيب بداء ذات الجنب.
والنبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا أحسّ بأنّه أُعطي هذا الدواء ، أمر بأن يُعطى لكُلّ من كان في البيت من الرجال والنساء.
( ريما الجزيري ـ البحرين ـ .... )
أزواجه وسبب زواجه منهنّ :
س : يقولون لنا : إنّ الرسول صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام كانوا يتزوّجون في الحروب ، فأنا أُريد أن أعرف لماذا كانوا يفعلون ذلك؟ مع العلم أنّ البعض يقول : أنّهم لا يستغنون عن الزوجات ، وكيف ذلك وهم قد ارتقوا إلى مرحلة أعلى من الملائكة؟! ولكم جزيل الشكر.
ج : قد قصد النبيّ صلىاللهعليهوآله بزواجه ـ في بعض الحالات ـ مصاهرة من تقوى بهم شوكته ويشتدّ بهم أزره ، وقصد في حالات أُخرى منح عطفه وحنانه ورعايته لبعض الأرامل والمنكوبات ، ممّن ترمّلن أو نكبن بسبب الإسلام وحروبه.
وإليك قائمة بزوجات النبيّ صلىاللهعليهوآله :
١ ـ خديجة عليهاالسلام : تزوّج بها النبيّ صلىاللهعليهوآله وهي في الأربعين من العمر ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله يعيش الخامسة والعشرين من حياته ، معرفة منه صلىاللهعليهوآله بها ، فأصبحت المؤمنة الأُولى برسالته صلىاللهعليهوآله.
٢ ـ سودة بنت زمعة : أرملة توفّي زوجها المسلم في مكّة قبل الهجرة ، فخلّفها محنتي الوحدة والترمّل في تلك الظروف العصيبة ، فتزوّجها النبيّ صلىاللهعليهوآله تقديراً لها ولزوجها ، وحفظاً عليها.
٣ ـ عائشة بنت أبي بكر : تزوّجها النبيّ صلىاللهعليهوآله وهي صغيرة السن , لمصالح يعرفها رسول الله صلىاللهعليهوآله تخدم الاسلام والمسلمين.
٤ ـ حفصة بنت عمر : مات زوجها متأثّراً بجراحات غزوة بدر ، واستدعى أبوها زواجها من عثمان وأبي بكر فأبيا ، فتزوّجها الرسول صلىاللهعليهوآله (١) تقديراً لمواقف زوجها ، ولنفس المصالح التي كانت في زواج عائشة.
٥ ـ زينب بنت خزيمة : تزوّجت قبل النبيّ صلىاللهعليهوآله مرّتين ، واستشهد زوجها الثاني يوم بدر ، فتزوّجها النبيّ صلىاللهعليهوآله تكريماً لها وتقديراً له ؛ ولم تمكث في دار النبيّ صلىاللهعليهوآله سوى ثمانية أشهر حتّى ماتت.
٦ ـ أُمّ سلمة : استشهد زوجها أثر جراحات غزوة أُحد فيما بعد ، وخلّف أولاداً له منها ، فتزوّجها النبيّ صلىاللهعليهوآله تكريماً لزوجها وإشفاقاً عليها ورعايةً لأطفالها ، مضافاً إلى أنّ زوجها الشهيد كان ابن عمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله.
٧ ـ زينب بنت جحش : ابنة عمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، طلّقها زيد بن حارثة بعد أن كان قد زوجّه النبيّ صلىاللهعليهوآله بها ، فتزوّجها الرسول صلىاللهعليهوآله ، لأنّ زيد كان في الماضي قد تبنّاه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعرف بزيد بن محمّد إلى أن نزلت الآية ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ ) (٢) فنسب إلى أبيه الحقيقي حارثة ، فأراد النبيّ صلىاللهعليهوآله من زواجه هذا أن يظهر الحكم الشرعي في جواز الزواج مع مطلّقة الابن غير الحقيقي.
٨ ـ جويرية بنت الحارث : أُسرت وهي بنت سيّد بني المصطلق ، وعلى أثر زواج النبيّ صلىاللهعليهوآله بها بادر المسلمون بإطلاق سراح كُلّ أسرى هذه القبيلة ، باعتبارهم أصهار الرسول صلىاللهعليهوآله.
__________________
١ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٧ ، الطبقات الكبرى ٨ / ٨١.
٢ ـ الأحزاب : ٥.