موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ٥

مركز الأبحاث العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ٥

المؤلف:

مركز الأبحاث العقائديّة


الموضوع : العقائد والكلام
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-05-8
ISBN الدورة:
978-600-5213-00-3

الصفحات: ٦٦٩

١
٢

٣
٤

دليل الكتاب

القرآن الكريم................................................................... ٧

القسم بغير الله................................................................. ٦١

قول آمين في الصلاة............................................................ ٦٧

القياس........................................................................ ٧٣

کتاب لله ثمّ للتاريخ............................................................ ٩١

كربلاء وواقعة الطف......................................................... ١١٩

اللعن........................................................................ ١٨٧

متعة الحجّ................................................................... ٢٠١

متعة النساء.................................................................. ٢٠٩

المسح على الرجلين........................................................... ٢٣٥

مصحف فاطمة عليها‌السلام......................................................... ٢٣٩

المعاد........................................................................ ٢٤٥

معاوية بن أبي سفيان.......................................................... ٢٦٧

المعجزة...................................................................... ٢٧٩

الملائكة..................................................................... ٢٨٣

النبوّة والأنبياء................................................................ ٢٩٣

النبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.............................................................. ٣١١

النساء....................................................................... ٣٨١

٥

النصّ على الأئمّة............................................................. ٣٩٣

النصب والنواصب........................................................... ٤٠٥

النكاح...................................................................... ٤١٣

نهج البلاغة.................................................................. ٤٣٩

الوحدة الإسلامية............................................................. ٤٤٧

الوضوء..................................................................... ٤٥٣

وطئ الزوجة من الدبر........................................................ ٤٥٧

وقت الإفطار................................................................ ٤٦٩

الولاية التكوينية والتشريعية.................................................... ٤٧١

الوهّابية ومحمّد بن عبد الوهّاب................................................ ٤٨٣

يزيد بن معاوية............................................................... ٥٠٥

الأسئلة المتفرّقة............................................................... ٥١٣

فهرس المصادر............................................................... ٥٨٧

الفهرس الإجمالى.............................................................. ٦٥٣

٦

القرآن الكريم :

( سعيد حبيب اليوسف ـ الإمارات العربية ـ .... )

وجه تسمية السور :

س : نودّ من جنابكم التكرّم بالرّد على النقاط التالية :

أ ـ هل جاءت تسمية السور في القرآن الكريم من قبل الوحي ، أو من جهة أُخرى؟

ب ـ ما هي الحكمة أو القاعدة المتبعة في تسمية السور في القرآن الكريم؟

ت ـ من الملاحظ في العديد من السور بأنّ السورة الواحدة تشتمل على عدد من المواضيع ، لا تنسجم مع عنوان السورة ذاتها ، فعلى سبيل المثال في سورة البقرة بالإضافة إلى قصّة البقرة ـ الآيات ٦٧ إلى ٧١ ـ نجد عدداً من المواضيع الأُخرى مثل :

١ ـ إبراهيم عليه‌السلام : الآيات ١٢٤ ـ ١٣٣.

٢ ـ القبلة : الآيات ١٤٢ ـ ١٥٠.

٣ ـ الحجّ : الآيات ١٩٦ ـ ٢٠٣.

٤ ـ استخلاف آدم عليه‌السلام : الآيات ٣٠ ـ ٣٩.

فكيف يمكن تبرير إدراج هذه المواضيع المختلفة ضمن عنوان البقرة؟ تمنّى لكم دوام التوفيق والعافية.

ج : إنّ تسمية السور جاءت من قبل القرّاء والمقرئين ، مع ملاحظة نظر الذوق العام أو العرف العام ، ففي سورة البقرة ـ مثلاً ـ جلب نظرهم قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ) (١).

__________________

١ ـ البقرة : ٦٧

٧

فابتداءً كانوا يقولون السورة التي تذكر فيها البقرة ، أو السورة التي يذكر فيها آل عمران ، ثمّ اختصاراً تحوّل إلى سورة البقرة ، وسورة آل عمران.

وهذا لا يعود إلى وحي ، ولا إلى تسمية معصوم ، وإنّما يعود إلى نظر الذوق العام أو العرف العام ، فالذي جلب نظرهم في هذه السورة المباركة هو موضوع البقرة لا المواضيع الأُخرى ، كموضوع إبراهيم عليه‌السلام لم يجلب نظرهم هنا ، نعم في سورة أُخرى موضوع إبراهيم عليه‌السلام جلب نظرهم ، فسمّيت تلك السورة بسورة إبراهيم ، وهكذا.

( .... ـ الكويت ـ .... )

ترتيب الآيات :

س : أسأل الله تعالى أن يوفّقكم لخدمة أهل البيت عليهم‌السلام ، والدفاع عن المذهب الحقّ ، ما هي عقيدتنا بترتيب الآيات في سور القرآن الكريم؟ هل ترتيبها في القرآن الموجود هو الذي أمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ ولكم جزيل الشكر.

ج : إنّ الترتيب الموجود في الآيات هو ما كان على عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بدلالة نفي التحريف مطلقاً عن القرآن ، الذي بمضمونه الالتزامي يدلّ على الاحتفاظ بترتيب الآيات ، كما نشاهده فعلاً ؛ وأيضاً ممّا يدلّ عليه تعارف وتداول قراءة السور ، مع ترتيب آياتها الموجود حاليّاً عند المسلمين ، من لدن الصدر الأوّل إلى الآن.

ولمزيدٍ من التوضيح ، عليكم بمطالعة الكتب التي دوّنت في هذا المجال ، ومنها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ « البيان في تفسير القرآن » للسيّد الخوئي قدس‌سره ، والرأي المتّبع عند الشيعة هو : ـ كما ذكر وعليه المعوّل ، وصرّح به علماء الطائفة ـ بأنّ الترتيب الفعلي للآيات كان من زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

__________________

١ ـ صراط النجاة ١ / سؤال ١٣٢١.

٨

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

قضية خلقه قضية مفتعلة :

س : هل يعتبر القرآن الكريم مخلوقاً أم لا؟

ج : إنّ منهج أهل البيت عليهم‌السلام هو الاهتمام الجدّي والحقيقي بالقضايا الإسلامية الحيوية ، وعدم اقتحامهم في قضايا لها حساباتها السياسية الخاصّة ، لذا فإنّك تجد أئمّة الهدى عليهم‌السلام أهملوا مسألة خلق القرآن ، لعدم علاقتها بالفكر الإسلامي الحقيقي ، متجنّبين ـ وشيعتهم كذلك ـ مخاطرات اللعب السياسية ، التي كانت الأنظمة تفتعلها لأغراض ليس هنا محلّ ذكرها.

ولو تأمّلت في قضية خلق القرآن ، لوجدتها قضية مفتعلة ليس لها آثارها الواقعية على بساط البحث العلمي ، فلو قلنا : إنّ القرآن مخلوق ، أو غير مخلوق ، فما هي آثار هذه القضية بالضبط في حياة الأُمّة؟ وفي مستقبل المسلمين؟ بل في واقعية الفكر الإسلامي عموماً؟

لذا فإنّ أئمّة آل البيت عليهم‌السلام أغلقوا باب النزاع العقيم هذا ، وحثّوا شيعتهم إلى الاهتمام بقضايا لا تشغلهم عن واقعهم المأساوي الذي يعيشونه ، وبذلك أجاب الإمام الرضا عليه‌السلام بإجابة لا تعطي معها نتيجة واضحة ، تدليلاً على أنّ أصل هذه القضية لا تعدو عن محاولاتٍ سياسية ، لتصفية حسابات خصومٍ سياسيين ، فقال عليه‌السلام في معرض إجابته هل القرآن مخلوق أم لا؟

« ليس بخالق ولا مخلوق ، ولكنّه كلام الله عزّ وجلّ » (١) ، وبذلك أراد الإمام عليه‌السلام أن لا يشغل الشيعة أنفسهم في قضايا عقيمة غير ذات بال.

( بدر الدين ـ المغرب ـ .... )

قول الأئمّة حول خلقه :

س : ما موقف الشيعة من مسألة خلق القرآن؟ نجد في التاريخ أنّ علماء قد

__________________

١ ـ التوحيد : ٢٢٣.

٩

امتحنوا في هذه القضية ـ على رأسهم أحمد بن حنبل ، ونعيم المروزي ـ لكن لا نجد أثراً يذكر لأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام للتصدّي لهذه المقولة! فهل القول عندهم كان هو أنّ القرآن مخلوق؟ كما يقول الخوارج والمعتزلة ، أم كان لهم موقف لم يصلنا خبره.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ مسألة خلق القرآن إذا كنّا قد عرفنا دوافع افتعالها اتّضح لنا موقف أهل البيت عليهم‌السلام ، فمسألة خلق القرآن لا تحمل طابعها العلمي والديني بقدر ما تحمل طابعاً ودوافع سياسية صرفة ، أهمّها تصفية حسابات الخليفة العباسي المأمون مع أهل السنّة لأسباب عديدة لا يمكن ذكرها في المقام ، على أنّ أهل السنّة قد استفادوا من الإصرار على القول بعدم خلق القرآن اعتبارات سياسية أُخرى ، إذ كان المتوكّل العباسي الذي رفض سياسة المأمون قال بعدم خلق القرآن ، وقرّب الذين رفضوا بالخضوع لقول المأمون السياسي ، وأسبغ عليهم طابع الإصرار على عدم التساؤم في دين الله ... إلى آخرها من الأُمور التي استفاد بها بعضهم سياسياً ، كمعارضين ومؤيّدين لسياسات هوجاء غير صحيحة.

لذا فقد أُريقت دماء لقضية ليس لها أثرها العلمي والديني بحال ، فخلق القرآن وعدم خلقه ، لا يعني إلاّ لعبة سياسية مقيتة ليس لها آثارها على المجتمع الإسلامي ، وبذلك فإنّ أهل البيت عليهم‌السلام يعرفون دوافع هذه القضية ، فأمروا شيعتهم بتجنّب هذه المزالق السياسية صوناً لحياتهم الشريفة ، وبالمقابل فإنّ أهل البيت عليهم‌السلام رفضوا الدخول في هذه اللعبة السياسية ، التي ترجع عوائدها إلى النظام لا غير.

لذا فإنّ الإمام الرضا عليه‌السلام تدارك هذه القضية حينما سئل عن القرآن أهو مخلوق أم لا؟ فقال : « ليس بخالق ولا مخلوق ، ولكنّه كلام الله عزّ وجلّ » (١) ، وبذلك تجد أنّ الإمام عليه‌السلام قد اجتنب الدخول في هذه اللعبة السياسية ، التي أُريقت بسببها دماء دونها طائل.

__________________

١ ـ التوحيد : ٢٢٣.

١٠

وأخيراً : ما نؤمن به هو : أنّ القرآن مخلوق ، لأنّه غير ذاته تعالى ، وكُلّ شيء غير ذاته تعالى فهو مخلوق لا محالة.

( صلاح الدين مفتاح ـ المغرب ـ سنّي ـ ٢٣ سنة ـ طالب جامعة الزراعة )

ترتيب الآيات والسور :

س : ما هو رأي الشيعة في ترتيب آيات وسور القرآن الكريم؟ هل تعتقد بتوقيفيّته؟ وهل يرتبط هذا الموضوع بالتحريف؟

ج : نقول في هذا المجال :

أوّلاً : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية مجمعة على عدم التحريف في جانب الزيادة والنقصان ، والتبديل وترتيب الآيات ، كما هو مذكور في مظانّه ، ويتبنّاه المحقّقون من الشيعة من الصدر الأوّل حتّى الآن.

ثانياً : ليس لنا في ترتيب جميع السور طريق إلى إثبات توقيفيّته ، لأنّ الأدلّة العقلية قاصرة عن هذا المطلب ، والأدلّة النقلية لا تشمله إطلاقاً أو مورداً.

ولتوضيح المقام نقول : بأنّ الإعجاز الإلهي في القرآن لا يتوقّف على الترتيب الكامل الموجود بين السور ، كما هو واضح لمن له أدنى تأمّل ، ومن جانب آخر فإنّ النصوص الواردة في عدم التحريف تنصرف كُلّها ـ إن لم نقل بالتصريح ـ للتحريف الذي ذكرناه في البند الأوّل ، والذي يلتزم المحققّون بنفيه.

نعم ، كما قلنا : لم نعثر حتّى الآن على دليل علمي لتوقيفية ترتيب السور ، ولكن لا ننكره من الأساس ، بل هو أمر ممكن ، ولكن لا دليل على وقوعه.

( طالب نور ـ ... ـ ..... )

معاني الحروف المقطّعة :

س : ما هي معاني الأسماء المقطّعة؟ وهل هي أسماء لأشياء معيّنة أم ماذا؟

ج : أُختلف المفسّرون في معاني الحروف المقطّعة إلى أحد عشر قول :

١١

إحداها : إنّها من المتشابهات التي استأثر الله سبحانه بعلمها ، لا يعلم تأويلها إلاّ هو.

الثاني : إنّ كلاً منها اسم للسورة التي وقعت في مفتتحها.

الثالث : إنّها أسماء القرآن ، أي لمجموعه.

الرابع : إنّ المراد بها الدلالة على أسماء الله تعالى ، فقوله : ( الم ) معناه : أنا الله أعلم ، وقوله : ( المر ) معناه : أنا الله أعلم وأرى ، وقوله : ( المص ) معناه : أنا الله أعلم وأفصل ، وقوله : ( كهيعص ) الكاف من الكافي ، والهاء من الهادي ، والياء من الحكيم ، والعين من العليم ، والصاد من الصادق ، وهو مروي عن ابن عباس.

الخامس : إنّها أسماء الله تعالى مقطّعة ، لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم ، وهو مروي عن سعيد بن جبير.

السادس : إنّها أقسام أقسم الله بها ، فكأنّه هو أقسم بهذه الحروف على أنّ القرآن كلامه ، وهي شريفة لكونها مباني كتبه المنزلة.

السابع : إنّها إشارات إلى آلائه تعالى وبلائه ، ومدّة الأقوام وأعمارهم وآجالهم.

الثامن : إنّ المراد بها الإشارة إلى بقاء هذه الأُمّة على ما يدلّ عليه حساب الجمل.

التاسع : إنّ المراد بها حروف المعجم.

العاشر : إنّها تسكيت للكفّار ، لأنّ المشركين تواصوا فيما بينهم ، أن لا يستمعوا للقرآن ، وأن يلغوا فيه ، كما حكاه القرآن عنهم بقوله : ( لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ) (١) ، فربما صفّروا ، وربما صفّقوا ، وربما غلّطوا فيه ، يغلّطوا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في تلاوته ، فأنزل الله تعالى هذه الحروف ، فكانوا إذا سمعوها استقربوا واستمعوا إليها ، وتفكّروا فيها ، واشتغلوا بها عن شأنهم ، فوقع القرآن في مسامعهم.

__________________

١ ـ فصلت : ٢٦.

١٢

الحادي عشر : إنّها من قبيل تعداد حروف التعجيز ، والمراد تعجيزهم عن تأليف مثل القرآن ، إلاّ أنّ السيّد الطباطبائي بعد ذكره هذه الوجوه لم يختر أحداً منها ، ويختار رأياً يختصّ به وهو : « أنّ بين هذه الحروف المقطّعة وبين مضامين السور المفتتحة بها ارتباطاً خاصّاً ، ويؤيّد ذلك ما نجد أنّ سورة الأعراف المصدّرة بـ ( المص ) في مضمونها ، كأنّها جامعة بين مضامين الميمات وص.

ويستفاد من ذلك : أنّ هذه الحروف رموز بين الله سبحانه وبين رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله خفية عنّا ، لا سبيل لإفهامنا العادية إليها إلاّ بمقدار أن نستشعر أن بينها وبين المضامين المودعة في السور ارتباطاً خاصّاً » (١).

( إبراهيم زاير حسين ـ البحرين ـ ٣٤ سنة ـ طالب جامعة )

آخر ما نزل منه :

س : سؤالي حول قوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) (٢) من حيث الترتيب ، حيث أنّنا نؤمن بأنّ آية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (٣) قد نزلت بعد آية : ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ) (٤) وهي آخر ما أنزل.

السؤال : ما وجه القول بأنّ قوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) قد نزلت بعد الآيات السابقة؟

أرجو أن توضّحوا المسألة بالتفصيل قدر الإمكان ، لكون السائل من إخواننا السنّة ، ودمتم ذخراً ، وسدّد الله خطاكم ، ولكم الشكر على ما أسلفتم من ردود ، في أمان الله.

ج : من المتسالم عليه عند أهل البيت عليهم‌السلام : أنّ آخر ما نزل من الفرائض في القرآن سورة المائدة ، وبالتحديد آية إكمال الدين.

__________________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٨ / ٦.

٢ ـ المعارج : ١.

٣ ـ المائدة : ٣.

٤ ـ المائدة : ٦٧.

١٣

قال الإمام الصادق عليه‌السلام : « يقول الله عزّ وجلّ : لا أنزل عليكم بعد هذه ـ فريضة الولاية ـ فريضة ، قد أكملت لكم الفرائض » (١).

وتؤيّد هذا الرأي روايات صحيحة وكثيرة في مصادر أهل السنّة ، منها :

١ ـ عن أبي ميسرة قال : آخر سورة أُنزلت سورة المائدة ، وأن فيها لسبع عشرة فريضة (٢).

٢ ـ روينا من طريق عائشة أُمّ المؤمنين أنّ سورة المائدة آخر سورة نزلت ، فما وجدتم فيها حلالاً فحلّلوه ، وما وجدتم فيها حراماً فحرّموه (٣).

٣ ـ قال عبد الله بن عمر : آخر سورة نزلت المائدة (٤).

ويمكن القول بأنّ آية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) وحدها تكفي دليلاً على أنّها آخر آية نزلت من كتاب الله تعالى ، لأنّها تنصّ على أنّ نزول الفرائض قد تمّت بها ، فلا يصحّ القول بأنّه نزل بعدها فريضة.

وعليه ، فكُلّ ما نزل بعدها من القرآن ، لابدّ أن يكون خالياً من الفرائض والأحكام ، لأنّ التشريع قد تمّ بنزولها ، فلا حكم بعدها.

وآية ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) ليست حكماً ولا فريضة ، فلا مانع من نزولها بعد آية الإكمال ، فتكون آية الإكمال آخر آية تشريعية نزلت ، وآية السائل آخر آية غير تشريعية نزلت.

ثمّ إنّ هناك احتمال آخر وهو : أن تكون آية ( سَأَلَ سَائِلٌ ) قد نزلت بصورة مكرّرة بعد آية الإكمال ، وهذا الاحتمال له نظائر في موارد أُخرى ، كما هي غير خافية على المتّتبع في مجال نزول الآيات.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٨٩.

٢ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٢٥٢.

٣ ـ المحلّى ٩ / ٤٠٧.

٤ ـ التبيان في تفسير القرآن ٣ / ٤١٣.

١٤

( أمير أحمد ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

نزوله باللغة العربية :

س : ما هي أسباب اختيار الله تعالى اللغة العربية كي ينزل بها القرآن الكريم؟ ويجب قدر المستطاع الإتيان بها في بعض العبادات والمعاملات ـ كالصلاة ـ وكثير من الأعاجم يعتبرونها اللغة الأصعب والأعقد عليهم ، والمستشرقون يأخذون هذا حجّة سلبية على الإسلام.

ج : إنّ اختيار الله تعالى للّغة العربية كلسانٍ لخاتم الأديان كان عن مصلحة ، إذ هو حكيم وخالق لكافّة اللغات والألسنة ، فترجيحه لابدّ وأن يصدر عن علمٍ وحكمة.

وهذا ما نراه فعلاً في مميّزات هذه اللغة عن غيرها ، فلم توجد هناك لغة ـ على ما نعرف ـ في حدّ شموليّتها للتعبير عن مختلف جوانب الحياة الدنيوية والأُخروية ، بما فيها من تعابير حقيقية ومجازية ، واستعارات وكنايات وغيرها.

ولابأس في هذا المجال أن تقاس الكتب الأدبية والمعاجم اللغوية التي أُلّفت في اللغة العربية بغيرها من اللغات كمّاً وكيفاً ، حتّى نرى وسع دائرة شمول هذه اللغة ، وهذا شيء يرجع فيه إلى ذوي الاختصاص ، والأهمّ دلالةً في هذا المقام ، هو الإعجاز الخالد للقرآن الكريم ، فهو وإن لم ينحصر في مظهره الأدبي ـ بل ويشمل كافّة أنحاء المفاهيم والمواضيع المختلفة ـ ولكن لا يخفى أنّ أسلوبه في التعبير والقالب ، له الدور الأساسي في تركيز معانيه القيّمة ، وهذا ممّا أتاحت له مميّزات هذه اللغة الفريدة ، حتّى استطاع أن يبرز كمعجزة خالدة عبر الدهور والأجيال.

ثمّ إنّ الإشكال المتوهّم في عدم إمكانية الإفصاح بهذه اللغة عند البعض ، فليس في محلّه ، إذ أنّ الواجب واللازم الإتيان بقدر الاستطاعة لا أكثر ( لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) (١).

__________________

١ ـ البقرة : ٢٨٦.

١٥

نعم الأحرى والأجدر أن يبذل المسلم المكلّف الجهد في سبيل تعلّم هذه اللغة ، بمقدار متطلّبات الأحكام ، حتّى لا يحرم عن فهم معانيها وميزاتها الفريدة.

( علي عدنان العلي ـ الكويت ـ .... )

الفرق بين التدبّر والتفسير والتأويل :

س : ما هو الفرق بين التدبّر في القرآن والتفسير والتأويل؟ وما هو التفسير المنهي عنه في روايات أهل البيت عليهم‌السلام؟

ج : إنّ التدبّر هو : الوقوف عند الآيات والتعمّق وأخذ العبر للعمل بها ، فهو في الواقع ناتج عن التفسير والتأويل الصحيحين.

وأمّا التفسير في الاصطلاح هو : كشف الغوامض والأستار عن ظاهر القرآن ، بمعونة شرح الألفاظ ، والتفقّه في موارد اللغة ، واستنتاج المفاهيم والمعاني ، خصوصاً بمراجعة المأثور من كلام المعصومين عليهم‌السلام ، وعلى الأخصّ في مجال تمييز المتشابهات عن المحكمات ، وبيان المراد منها.

وأمّا التأويل فهو في الحقيقة : تطبيق المفاهيم والآيات في الخارج ، أي تعيين المصاديق الخارجية لمعاني الآيات ، فالتأويل الصحيح يترتّب من ناحية المعنى على التفسير الصحيح ، ولا يخفى أنّ التأويل الصحيح لا مجال للوصول إليه إلاّ من طريق الوحي ، وكلام المعصومين عليهم‌السلام.

وأمّا التفسير المنهي عنه في كلام أهل البيت عليهم‌السلام ، فهو إظهار معانٍ خاصّة تناقض كلام الوحي والعصمة ، اعتماداً على آراءٍ وأهواءٍ ، والذي يسمّى بالتفسير بالرأي ؛ إذ لا يعقل أن يكون تفسير آية ـ مثلاً ـ على خلاف باقي الآيات ، أو نقيض كلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، فإنّها كُلّها نزلت من مبدأ واحدٍ ، فلابدّ من التوحيد.

١٦

( محمّد شاوف ـ المغرب ـ سنّي مالكي ـ ٣١ سنة )

تفسير ( وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى ) :

س : يقول الله تعالى : ( وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى ) (١) ما تفسيركم؟

ج : قال العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان حول الآية ما نصّه : « وقوله ( وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى ) أي وعد الله كلاً من القاعدين والمجاهدين ، أو كلاً من القاعدين غير أُولى الضرر ، والقاعدين أُولى الضرر ، والمجاهدين الحسنى ، والحسنى وصف محذوف الموصوف ، أي العاقبة الحسنى أو المثوبة الحسنى ، أو ما يشابه ذلك ، والجملة مسوقة لدفع الدخل ، فإنّ القاعد من المؤمنين ربما أمكنه أن يتوهّم من قوله ( لاَّ يَسْتَوِي ) ـ إلى قوله ـ ( دَرَجَةً ) أنّه صفر الكفّ ، لا فائدة تعود إليه من إيمانه وسائر أعماله ، فدفع ذلك بقوله : ( وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى ) » (٢).

( حيدر ـ بريطانيا ـ .... )

تفسير آية ٦٢ من البقرة :

س : أُريد شرحاً لآية ٦٢ من سورة البقرة.

ج : قال العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان حول الآية ما نصّه : « تكرار الإيمان ثانياً ، وهو الاتصاف بحقيقته ، كما يعطيه السياق يفيد أنّ المراد بالذين آمنوا في صدر الآية هم المتصفون بالإيمان ظاهراً ، المتسمّون بهذا الاسم ، فيكون محصّل المعنى أنّ الأسماء والتسمّي بها مثل المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين لا يوجب عند الله تعالى أجراً ، ولا أمناً من العذاب ،

__________________

١ ـ النساء : ٩٥.

٢ ـ الميزان في تفسير القرآن ٥ / ٤٦.

١٧

كقولهم : ( لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى ) (١) ، وإنّما ملاك الأمر وسبب الكرامة والسعادة حقيقة الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح ، ولذلك لم يقل من آمن منهم بإرجاع الضمير إلى الموصول اللازم في الصلة ، لئلاّ يكون تقريراً للفائدة في التسمّي على ما يعطيه النظم كما لا يخفى.

وهذا ما تكرّرت فيه آيات القرآن أنّ السعادة والكرامة تدور مدار العبودية ، فلا اسم من هذه الأسماء ينفع لتسمّيه شيئاً ، ولا وصف من أوصاف الكمال يبقى لصاحبه وينجيه إلاّ مع لزوم العبودية ، الأنبياء ومن دونهم فيه سواء ، فقد قال تعالى في أنبيائه بعد ما وصفهم بكُلّ وصف جميل : ( وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) (٢).

وقال تعالى في أصحاب نبيّه ومن آمن معه ، مع ما ذكر من عظم شأنهم وعلوّ قدرهم : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٣) ، فأتى بكلمة منهم ، وقال في غيرهم ممّن أُوتي آيات الله تعالى : ( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ) (١) ، إلى غير ذلك من الآيات الناصّة على أنّ الكرامة بالحقيقة دون الظاهر » (٢).

وقال العلاّمة الطباطبائي في بحثه الروائي ما نصّه : « في الدرّ المنثور : عن سلمان الفارسي قال : سألت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أهل دين كنت معهم ، فذكر من صلاتهم وعبادتهم فنزلت : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ ) (٣).

أقول : وروي أيضاً نزول الآية في أصحاب سلمان بعدّة طرق أُخرى.

__________________

١ ـ البقرة : ١١١.

٢ ـ الأنعام : ٨٨.

٣ ـ الفتح : ٢٩.

٤ ـ الأعراف : ١٧٦.

٥ ـ الميزان في تفسير القرآن ١ / ١٩٣.

٦ ـ البقرة : ٦٢.

١٨

وفي المعاني : عن ابن فضّال قال : قلت للرضا عليه‌السلام لم سمّي النصارى نصارى؟ قال : « لأنّهم كانوا من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام ، نزلتها مريم وعيسى بعد رجوعيهما من مصر ».

وفي الرواية أنّ اليهود سمّوا باليهود لأنّهم من ولد يهودا بن يعقوب.

وفي تفسير القمّي : قال : قال عليه‌السلام : « الصابئون قوم لا مجوس ولا يهود ، ولا نصارى ولا مسلمون ، وهم يعبدون النجوم والكواكب ».

أقول : وهي الوثنية ، غير أنّ عبادة الأصنام غير مقصورة عليهم ، بل الذي يخصّهم عبادة أصنام الكواكب » (١).

( حسن عبد الشهيد ـ البحرين ـ .... )

معنى الكفر في ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) :

س : أشكركم على هذا الموقع الرائع والمثير للإعجاب ، حتّى لأعداء الإسلام ، أودّ الحصول على الإجابة على تفسير قوله تعالى : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) (٢) ، حتّى ولو كان الحاكم أو القاضي ينطق بالشهادتين؟

ج : الكفر لغة بمعنى الستر ، فالكافر من يستر على الحقّ ولا يظهره ، والكفر تارة في العقيدة ، كمن يكفر بالله أو رسوله أو وصيّه ، فيكون كافراً بالتوحيد أو خاتم النبوّة ، أو الإمامة الحقّة ، وأُخرى كفر في العمل ، ومنه كفر النعمة وجحودها ، فمن يترك الصلاة وهو مقرّ بالشهادتين فهو كافر ـ كما ورد في الأحاديث ـ ولكن هذا من الكفر في العمل ، وكذلك في قوله تعالى : ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) (٣) ، فهذا لمن ترك الحجّ وهو مستطيع ، فإنّه كافر في

__________________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ١ / ١٩٤.

٢ ـ المائدة : ٤٤.

٣ ـ آل عمران : ٩٧.

١٩

العمل ، ولا يوجب ذلك نجاسته ، كما هو ثابت في محلّه من الفقه الإسلامي ، وإن كان يعاقب على تركه الحجّ.

وحينئذٍ من يحكم بغير ما أنزل الله ، تارة ينكر ما أنزل الله فيحكم بغيره ، ويعتقد أنّ غير حكم الله هو الصواب والحقّ ، فهذا يرجع إلى إنكار الله سبحانه ، والكفر به في العقيدة ، ويحكم عليه بالنجاسة في الدنيا ، والخلود في النار في الآخرة ـ كالشيوعيين الذين ينكرون الله ، وينكرون حكمه ـ وأُخرى يؤمن بالله ويقول بالشهادتين إلاّ أنّه جهلاً ، يتصوّر أنّ الأحكام الوضعية أوفق بالتطبيق في عصرنا الحاضر ، فيحكم بغير ما أنزل الله جهلاً ، وإن كان مثقّفاً وقاضياً يحمل العلوم العصرية ، فهذا كافر في العمل ، وفاسق في التطبيق ، فيعاقب على فسقه وكفره العملي ، إلاّ أنّه لا يخلّد في النار ، كما كان يخلّد الكافر في العقيدة ، فنقول بالتفصيل بين الكفر العملي والكفر في العقيدة.

( عبد الحسين ـ لبنان ـ .... )

هو مخلوق :

س : هل القرآن مخلوق؟

ج : لا يخفى عليك أنّ هذا السؤال طرح في زمن الأئمّة عليهم‌السلام ، واستغلّه ملوك العباسيين لتثبيت مناصبهم من جهة ، ولإيجاد التفريق بين المذاهب من جهة أُخرى ، وحصلت فيه الكثير من القضايا التي أبعدت المسلمين عن أُمورهم الأساسية ، وتقوية الدولة الإسلامية ، لذا نجد أهل البيت عليهم‌السلام كانوا يحاولون تجنيب أنفسهم وشيعتهم من الدخول في مثل هذه الفتنة العمياء.

فكان الإمام الصادق عليه‌السلام حينما يسأل عن خلق القرآن يقول : « كلام الله » ، ولكن بعد أن انجلت الفتنة وانتهى أمدها ، صرّحوا عليهم‌السلام بحدوثه.

٢٠