الرسائل الأحمديّة - ج ١

الشيخ أحمد آل طعّان

الرسائل الأحمديّة - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طعّان


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: أمين
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٦

الرؤية لا يحتاج فيها إلى السماع ، وصحيح حمران (١) تعليل عدم الجهر في العصر بأنَّه لم يكن وراء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد. فأيّ فرق بين هذين التعليلين ليصحّ أحد الدعويين؟

فظهر أنّ القول المشهور من أصالة كلٍّ منهما برأسه هو المؤيّد المنصور وإن كان تعليله بانقسام الصلاة لجهريّة وإخفاتيّة لا يخلو من قصور ؛ إذ الجهر والإخفات من الأوصاف الخارجة عن الماهيّة لا المنوّعة. وإلى الله ترجع الأُمور.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ٩٢٥ ، الوسائل ٦ : ٨٣ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٢٥ ، ح ٢.

٢٤١

المقدمة الثانية

في تحرير محلّ النزاع

اعلم سُقيت بكأس التوفيق ، وكُفيت حوادث التعويق أنّ الصلاة ؛ إمّا ثنائيّة ، أو ثلاثيّة ، أو رباعيّة ، وعلى تلك التقادير فالمصلّي ؛ أمّا إمامٌ ، أو مأموم ، أو منفرد ، وعلى تلك التقادير فهي ؛ إمّا جهريّة ، أو إخفاتيّة ، أو مركّبة من الجهر والإخفات ، وعلى تلك التقادير فالبسملة ، إمّا في الأُوليين ، أو الأخيرة ، أو الأخيرتين.

فالأقسام الحاصلة بحسب القسمة العقليّة أربع وعشرون صورة (١) حاصلة من ضرب ثمانية (٢) في ثلاثة كما لا يخفى على ذي رويّة ، وإنْ أردت معرفتها بالطريق الأسهل فعليك بملاحظة هذا الجدول (٣) ، فتأمّله تجده إن شاء الله تعالى صحيحاً ، وفي المقصود واضحاً صريحاً :

البسملة في ثنائية جهريّة

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

البسملة في ثنائية إخفاتية

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

ثلاثيّة مركّبة من الجهر

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

والإخفات والبسملة في الأُوليين

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

ثلاثية مركّبة

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

والبسملة في الأخيرة

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

__________________

(١) في نسخة « ب » : أحد وعشرون صورة.

(٢) في نسخة « ب » : سبعة.

(٣) ورد في جدول نسخة « ب » أحد وعشرون صورة ، حيث لم ترد صور الثنائية الإخفاتية للإمام والمأموم والمنفرد.

٢٤٢

رباعية إخفاتية

والبسملة في الأُوليين

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

رباعية إخفاتيّة

والبسملة في الأخيرتين

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

رباعيّة مركبة

والبسملة في الأُوليين

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

رباعية مركّبة

والبسملة في الأخيرتين

المصلّي إمام

المصلّي مأموم

المصلّي منفرد

وقد خرج عن محلّ النزاع أقسام الإمام والمنفرد في أُوليي الجهريّة ثنائيّة وثلاثيّة ورباعيّة وأولتي الإخفاتيّة.

أمّا في أُوليي الجهريّة ؛ فللإجماع المنقول (١) ، بل المحصّل على وجوب الجهر بها في ما يجب الجهر فيه ؛ لأنّها آية من الحمد والسورة ، فيجب الجهر بها كما يجب الجهر بهما.

وأمّا في أُوليي الإخفاتية ؛ فللإجماع (٢) أيضاً على جواز الجهر بها فيهما بالمعنى الأعمّ ، وإن اختلف في أنّه على الوجوب أو الاستحباب ، إلّا من ابن الجنيد (٣) ، حيث خصّ الجهر بها بالإمام دون المنفرد.

ذكر الخلاف في قراءة المأموم خلف الإمام

وأمّا أقسام المأموم فتبتني على جواز القراءة خلف الإمام المرضي وعدمه ، ولقد انتصلت فيها سهام النقض والإبرام حتى زلّت فيها أقدام أقلام ، وضلّت فيها أفهام أعلام ، حتى قال شيخنا الشهيد الثاني قدس‌سره في ( روض الجنان ) : ( لم أقف على خلاف في مسألة في الفقه يبلغ ذلك المقدار ) (٤) ، حيث قد بلغت الأقوال فيها على ما قيل ـ

__________________

(١) الخلاف ١ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ / مسألة ٨٣.

(٢) التذكرة ٣ : ١٥٢ / مسألة ٢٣٧ ، الجواهر ٩ : ٣٨٥.

(٣) عنه في المختلف ٢ : ١٥٥ ، المدارك ٣ : ٣٦٠.

(٤) روض الجنان : ٣٧٣.

٢٤٣

ثلاثة عشر قولاً أو ستّة عشر قولاً تعرف من مطوّلات فقهائنا الأبرار ، ولا بدّ من ذكر انموذجٍ منها في هذا المضمار.

وتحرير المقام على وجه يتّضح به فجر المرام أن يقال : إنّ الصلاة ؛ إمّا جهريّة أو سريّة. وعلى الأوّل ، فإمّا أن يسمع المأموم سماعاً عامّاً ، أو سماعاً ما ، أو لا يسمع أصلاً وعلى التقديرات ، فإمّا أن يكون في الأُوليين أو الأخيرتين ، وإمّا أن يكون مسبوقاً ، أو لا.

وقبل ذكر الأقوال لا بأس بذكر عبارة ( السرائر ) لاشتمالها على الإشارة للروايات الصالحة على اختلافها للاستدلال ، قال رحمه‌الله في باب صلاة الجماعة : ( واختلف الرواية في القراءة خلف الإمام الموثوق به ، فروي أنّه لا قراءة على المأموم في جميع الركعات والصلوات ، سواءً كانت جهريّة أو إخفاتيّة ، وهي أظهر الروايات والتي يقتضيها المذهب ؛ لأنّ الإمام ضامن للقراءة بلا خلاف بين أصحابنا. ومنهم من قال يضمن للقراءة والركوع والسجود ؛ لقولهم عليهم‌السلام « الأئمّة ضمناء ».

وروى أنّه : « لا قراءة على المأموم في الركعتين الأُوليين في جميع الصلوات التي يخافت فيها بالقراءة أو يجهر بها ، إلّا أن تكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام فيقرأ لنفسه ».

وروى أنه : « ينصت في ما جهر الإمام فيه بالقراءة ولا يقرأ هو شيئاً ، ويلزمه القراءة في ما خافت ».

وروى أنّه : « بالخيار في ما خافت فيه الإمام ».

فأمّا الركعتان الأخيرتان فقد روي أنه : « لا قراءة على المأموم فيهما بل تسبيح ».

وروى أنّه : « يقرأ فيهما أو يُسبّح » ، والأوّل أظهر ؛ لما قدّمناه ) (١). انتهى.

إذا تقرّر هذا ، فابن إدريس وسلّار (٢) والصدوق (٣) أسقطوا القراءة في جميع هذه الأقسام ؛ للأخبار الصحاح الصراح في النهي عن القراءة خلف الإمام المرضي.

__________________

(١) السرائر ١ : ٢٨٤.

(٢) المراسم العلوية ( سلّار ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٣٨٣.

(٣) المقنع ( الصدوق ) : ١٢٠.

٢٤٤

فمنها : ما رواه المشايخ الثلاثة صحيحاً عن زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، والبرقي في ( المحاسن ) ، عن حمّاد بن عيسى ، وابن إدريس في ( السرائر ) نقلاً من كتاب حريز ، كلّهم عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات ، بعث على غير الفطرة » (١).

وعن الحلبي عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « إذا صلّيت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع » (٢).

وما رواه الشيخ وابن إدريس بتفاوتٍ يسيرٍ صحيحاً عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « إنْ كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئاً في الأُوليين ، وأَنْصِت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين » (٣) ، وإطلاقه مقيّد بالمرضي إن لم ينصرف الإطلاق إليه. إلى غير ذلك من الصحاح الصراح ، وأخبار ضمان الإمام للقراءة.

مضافاً لقوله تعالى ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (٤).

بعد تخصيصها بما في صحيح زرارة : « وإن كنت خلف الإمام فلا تقرأنَّ » (٥) ، مستشهداً فيها بها.

إلّا إنّهم اختلفوا :

فابن إدريس (٦) والصدوق (٧) نصّا على التحريم ، وقوفاً على ظاهر الأخبار.

وهو ظاهر أبي الصلاح في ( الكافي ) ، حيث قال في صلاة الجماعة : ( ولا يقرأ خلفه في الأُوليين من كلّ صلاة ، ولا في الغداة ، الا أن يكون بحيث لا يسمع قراءته ولا صوته في ما يجهر فيه فيقرأ. وهو في الأخيرتين من الرباعيات وثالثة المغرب بالخيار بين قراءة الحمد والتسبيح ، والقراءة أفضل ) (٨). انتهى. بناءً على إفادة الجملة الخبريّة الوجوب.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٥٥ / ١١٥٥ ، التهذيب ٣ : / ٧٧٠ ، المحاسن ١ : ١٥٨ / ٢٢٠ ، السرائر ٣ : ٥٨٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ٢ ، الفقيه ١ : ٢٥٥ / ١١٥٦ ، التهذيب ٣ : ٣٢ / ١١٥.

(٣) تهذيب ٣ : ٤٥ ، ١٥٨ ، السرائر ٣ : ٥٨٥. (٤) الأعراف : ٢٠٤.

(٥) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٠ ، السرائر ٣ : ٥٨٥ ، الوسائل ٨ : ٣٥٥ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣١ ، ح ٣.

(٦) السرائر ١ : ٢٨٤. (٧) المقنع : ١٢٠.

(٨) الكافي في الفقه ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٢٧٥.

٢٤٥

وسلّار (١) جعل تركها مستحبّاً ، وروى القول بالتحريم واستثبت الاستحباب.

وسائر الأصحاب على إباحة القراءة في الجملة.

المسألة الأُولى : في الصلاة الجهريّة وسماع تمام القراءة

وتفصيله : أنّ الصلاة إنْ كانت جهريّة وسمع القراءة كملاً في الأُوليين فقد نقل الشهيد الأوّل رحمه‌الله في ( شرح نكت الإرشاد ) (٢) ، والثاني في ( روض الجنان ) (٣) ، والعلّامة الشيخ سليمان الماحوزي رحمه‌الله في رسالة له في ذكر أقوال المسألة ، الإجماع على سقوط القراءة ، وإن اختلفَ في أنّ السقوط على جهة الوجوب بحيث تحرم القراءة ، أو الاستحباب فتجوز ، فالمشهور هو التحريم ؛ لتلك الآية والصحاح المذكورة.

وقال بعضٌ منهم العلّامة (٤) والمحقّق (٥) بالكراهية ، بل في ( الدورس ) (٦) جعلها أشهر القولين فيها كالسريّة. وعن ظاهر ( التنقيح ) (٧) و ( النجيبيّة ) (٨) الإجماع على استحباب الإنصات ممّن عدا ابن حمزة (٩).

واستدلّ للكراهة بصحيح عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادق عليه‌السلام ، وفيه : « إنّما أُمر بالجهر لينصت من خلفه ، فإن سمعت فأنصت ، وإن لم تسمع فاقرأ » (١٠).

والتقريب فيه : إشعار الإنصات بالاستحباب بناءً على مجامعته القراءة سرّاً ، استناداً إلى ما رُوي أنّه قيل للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تقول في إنصاتك؟ قال : « أقول .. اللهمَّ اغسلني من خطاياي » (١١) ، وما في خبر زرارة : « إذا كنت خلف إمام تأتمّ به فأنصت ، وسبّح في نفسك » (١٢).

وعن الثعلبي : ( قد يسمّى الرجل مصمتاً وهو قارٍ ومسبّح إذا لم يكن جاهراً بالقراءة ).

__________________

(١) المراسم العلوية ( سلّار ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٣٨٣.

(٢) غاية المراد ١ : ٢١١. (٣) روض الجنان : ٣٧٣.

(٤) التذكرة ٤ : ٣٤١. (٥) المعتبر ٢ : ٤٢١.

(٦) الدروس ١ : ٢٢١ ـ ٢٢٢. (٧) التنقيح الرائع ١ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.

(٨) عنه في مفتاح الكرامة ٣ : ٤٤٥. (٩) الوسيلة : ١٠٦.

(١٠) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ١ ، التهذيب ٣ : ٣٢ / ١١٤.

(١١) صحيح مسلم ١ : ٣٥١ / ٥٩٨.

(١٢) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ٣ ، الوسائل ٨ : ٣٥٧ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣١ ، ح ٦.

٢٤٦

وحملوا أخبار الأمر بالإنصات على الاستحباب ، وأخبار النهي عن القراءة على الكراهة ، وكلاهما لا يخلو من نظر.

أمّا الأوّل ؛ فلأنّ مقابلة الإنصات عند السماع في الجهريّة بالقراءة عند عدم السماع فيها ممّا يدلّ على أنّ المراد بالإنصات عدم القراءة ، فيكون دليلاً للمحرّم لا عليه.

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ حملَ هذه الأخبار المتكثّرة على الندب والكراهة من غير معارض خروجٌ عن ظاهر اللفظ بلا دليل ، كما لا يخفى على نبيه نبيل ، مع أنّ فيها ما يأبى الحمل على الكراهة ، كصحيح زرارة ومحمّد بن مسلم (١) ، الدالّ على أنّ من قرأ خلف إمام يأتمّ به بعث على غير الفطرة ، فتأمّل.

مبنى الخلاف في المسألة الأُولى

وهل الخلاف في الحرمة والكراهة مبني على الخلاف في وجوب الإنصات واستحبابه فيجزي الخلاف في الأذكار ، أم لخصوص قصد الجزئيّة بها حرمةً أو كراهةً؟

وجهان ، بل قولان ، وربّما يشهد للأوّل الظواهر المعلّلة لترك القراءة بالأمر بالإنصات. لكن ينافيه تنافي الشهرتين في المسألتين ، بل لم ينقل شرطيّة الإنصات في صحّة القراءة إلّا عن ابن حمزة (٢) ؛ لجعله من واجبات الاقتداء الإنصات لقراءة الإمام.

كما يشهد للثاني تعليل النهي عن القراءة بالبعث على غير الفطرة ، إلّا أن يحمل على إرادة القراءة بقصد اللزوم ، كما هو قول الخصوم ، إذ بعثهم على غير الفطرة معلوم.

ولعلّ الأشهر الثاني ، ويؤيّده فحوى ما في خبر حُمَيْدِ بن المثنى ، بل صحيحه ، عن الصادق عليه‌السلام : أكون خلف الإمام وهو يجهر بالقراءة ، فأدعو وأتعوّذ؟ قال : « نعم ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ٦ ، الوسائل ٨ : ٣٥٦ أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣١ ، ح ٤.

(٢) الوسيلة : ١٠٦.

٢٤٧

فادعُ » (١). إذ لو كان التحريم لمنافاته الإنصات لحرم كلّ ما ينافيه من الدعاء والذكر ، إلّا أن يحمل على ما مرّ من الجمع بين الاستماع والدعاء والذكر ، أو على ما قبل شروع الإمام في القراءة والدعاء عند آية الرحمة ، والتعوّذ عند آية النقمة ؛ للنصّ الخاصّ ، أو عدم سماع المأموم. والله العالم.

المسألة الثانية : في سماع الهمهمة

وإنْ سمع الهمهمة فقط فكالأوّل في نقل الإجماع (٢) على السقوط في الجملة ، والخلاف في أنّه على جهة الوجوب فتحرم القراءة ، أو الاستحباب فتكره ، والخلاف في تعليل وجه الحكم ، فالأكثر على التحريم هنا أيضاً كالأوّل ؛ لخصوص صحيح قُتَيْبَة عن الصادق عليه‌السلام ، وفيه : « فإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ » (٣) ، وصحيح عُبَيْدِ بن زرارة عنه عليه‌السلام ، وفيه : « إن سمع الهمهمة فلا يقرأ » (٤) ، وموثّق سماعة : « إذا سمع صوته فهو يجزيه ، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه » (٥) ، وعموم غيرهما ؛ لصدق سماع القراءة عليه وإن لم يكن سماعاً تامّاً. ومن قال بالكراهة هناك قال بها هنا ، والدليل الدليل ، والجواب الجواب.

ونقل عن الشيخ رحمه‌الله في ( التهذيب ) (٦) هنا التخيير بين القراءة والترك ؛ لصحيح عليّ بن يقطين ، وفيه : « لا بأس إن صمتَّ وإن قرأ » (٧).

وفي الدلالة نظر ، وفي النقل مناقشة :

أمّا الأوّل ؛ فلكون التخيير مسوقاً في السؤال عمّن لا يسمع القراءة ، ومن سمع الهمهمة يصدق عليه أنّه سمع القراءة وإن لم يكن سماعاً تامّاً يميّز بعض الألفاظ عن بعض.

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ ظاهر كلامه في ( التهذيب ) خلاف ذلك ، فإنّه قال فيه : ( وإذا صلّيت

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٨ ، الوسائل ٨ : ٣٦١ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٢.

(٢) مفتاح الكرامة ٣ : ٤٤٥. (٣) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١١٧.

(٤) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٥٧.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٣ ، الوسائل ٨ : ٣٥٨ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣١ ، ح ١٠.

(٦) التهذيب ٣ : ٣٤ / ذيل الحديث ١٢١.

(٧) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٢.

٢٤٨

خلف من يُقتدى به فلا يجوز لك أن تقرأ خلفه في سائر الصلوات ، سواء كان ممّا لا يجهر فيها بالقراءة أو ممّا يجهر ، وعليك أن تسبّح الله وتهلّله ، اللهمّ إلّا أن تكون صلاة يجهر فيها بالقراءة ولا تسمعها أنت فإنّه حينئذٍ يجب عليك القراءة ، وإنْ سمعت شيئاً من القرآن أجزأك وإنْ خفي عليك بعضه ) (١).

إلى أنْ قال : ( وقد بيّنا أنّه إذا سمع مثل الهمهمة أجزأه ، وقد رُوي أيضاً أنّه : « إذا لم يسمع القراءة في ما يجهر بالقراءة فيه فهو بالخيار ، إن شاء قرأ وإن شاء لم يقرأ حسب ما يراه ». والأحوط ما قدّمناه ) (٢). ثمّ استدلّ عليه بصحيح ابن يقطين المذكور (٣).

وفيه : تنبيه على خلل في السند.

إلا أن سنده في الكتاب المزبور قد اشتمل على خلل مشهور ، حيث رواه عن سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر يعني به أحمد بن محمّد بن عيسى بقرينة غيره عن الحسن بن علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن الأوّل عليه‌السلام .. الى آخره. إذ الحسن لم يلق أبا الحسن الأوّل ، فالصواب : عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين ، عن أبيه علي بن يقطين ، قال : سألت .. إلى آخره. كما وقع في هذا الباب بعد عدّة أخبار (٤) ، وبه صرّح هنا في ( الاستبصار ) (٥).

وكيف كان ، فلا يخفى أنّه إنّما نسبه إلى الرواية ، وجعل الأحوط ترك القراءة ، كما لا يخفى على ذي دراية.

المسألة الثالثة : في عدم سماع القراءة

وإنْ لم يسمع أصلاً جازت القراءة بالمعنى الأعمّ ، وفي ( الرياض ) : ( أطبق الأكثر بل الكلّ عدا الحلّي (٦) عليه ) (٧) ، وبه أفتى المفيد (٨) ، وشيخ الطائفة (٩) ، والمرتضى ، (١٠)

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٢. (٢) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢١.

(٣) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٢. (٤) التهذيب ٣ : ٣٦ / ١٢٩.

(٥) الاستبصار ١ : ٤٢٩ / ١٦٥٧. (٦) السرائر : ٢٨٤.

(٧) رياض المسائل ٣ : ٣٣. (٨) عنه في المعتبر ٢ : ٤٢٠.

(٩) النهاية ( الطوسي ) : ١١٣.

(١٠) رسائل المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٤٠.

٢٤٩

وأبو الصلاح (١) ، والفاضلان (٢) ، والشهيد (٣) ، إلّا إنّ السيّد (٤) والشيخ في غير ( الخلاف ) كـ ( التهذيب ) (٥) أفتيا بالوجوب ؛ استناداً لظاهر الأمر بالقراءة في صحيح الحلبي المتقدّم ، وفيه « إلّا أن تكون صلاة يجهر فيها بالقراءة ولم تسمع فاقرأ » (٦). وصحيح عبد الرحمن بن الحجّاج المتقدّم (٧) ، وصحيح قتيبة المتقدّم أيضا ، وفيه « إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته ، فاقرأ أنت لنفسك » (٨) وهو الظاهر أيضا مما مرّ في عبارة أبي الصلاح ، بناء على أن مراده من عدم سماع الصوت القسيم لعدم سماع القراءة عدم سماع الهمهمة. وعن الفاضلين والشهيد التصريح هنا بالاستحباب. إلّا إن في استفادته من الجميع نظرا.

[ وقال العلّامة (٩) والمحقّق (١٠) والصدوق (١١) بالاستحباب ، واختاره العلّامة الشيخ سليمان الماحوزي وصرّح بأنّه المشهور ، وتلميذه المحدّث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي ، والمحدّث المحسن الكاشاني (١٢) ، والمحقّق المنصف الشيخ يوسف (١٣) ، وابن أخيه الشيخ حسين (١٤) ] ؛ حملاً لأخبار الوجوب على الاستحباب ، جمعاً بينه وبين غيره ، كصحيح بن يقطين السابق (١٥).

وقال ابن إدريس (١٦) والشيخ على ما نقل عنه في ( الخلاف ) (١٧) بالتحريم ؛ لعموم الأخبار الناهية عن القراءة خلف المرضي.

وعن الديلمي (١٨) الكراهة ؛ حملاً لأخبار التحريم عليها.

__________________

(١) الكافي ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٢٧٥.

(٢) قواعد الأحكام ( العلامة ) ١ : ٤٧ ، المعتبر ( المحقّق ) ٢ : ٤٢١ ، شرائع الإسلام ( المحقّق ) ١ : ١١٣.

(٣) الدروس ١ : ٢٢٢. (٤) رسائل المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٤٠.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٢. (٦) التهذيب ٣ : ٣٢ / ١١٥.

(٧) الكافي ٣ : ١ / ٣٧٧ ، التهذيب ٣ : ٣٢ / ١١٤. (٨) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١١٧.

(٩) المختلف ٣ : ٧٨. (١٠) المعتبر ٢ : ٤٢١.

(١١) المقنع : ١٢٠. (١٢) مفاتيح الشرائع ١ : ١٦٢ / ١٨٣.

(١٣) الحدائق ١١ : ١٢٦.

(١٤) نسخة « ب » ، وفي « أ » : ( نعم ، قد اختاره جملة من المحقّقين كالعلّامة الشيخ سليمان الماحوزي البحراني مصرّحاً بأنه المشهور ). (١٥) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٢.

(١٦) السرائر ١ : ٢٨٤.(١٧) عنه في روض الجنان : ٣٧٣ ، الخلاف ١ : ٣٣٩.

(١٨) المراسم العلوية ( سلّار ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٣٨٣.

٢٥٠

والظاهر الاستحباب ، كما هو المشهور بين الأصحاب ؛ لصحيح بن يقطين السابق ، ولعدم نصّ في الباب ، وعليه يحمل ما ظاهره الإيجاب.

وأمّا أخبار النهي عن القراءة الشامل لموضع النزاع ، فهي مخصّصة بما دلّ عليها مع عدم السماع ؛ لوجوب تقديم الخاصّ على العامّ.

وأمّا الأخبار الدالّة على وجوب الإنصات المستشهد فيها بالآية الكريمة (١) عليه فلا دلالة لها على المدّعى ؛ إذ الأمر بالإنصات معلّل بقراءة القرآن ، ولا معنى للإنصات لشي‌ء لا يسمع أصلاً ؛ إذ المعلول عدم عند عدم علّته.

وأمّا الحمل على الكراهة فلا حاجة إليه ولا تعويل عليه ، ولا فرق في عدم السماع بين كونه لبُعدٍ أو صممٍ أو مزاحمة أصوات ؛ لدخول الجميع في إطلاق صدق عدم السماع.

المسألة الرابعة : في سماع بعض القراءة

وإن سمع بعضاً دون بعضٍ ، فهل تجب القراءة كَمَلاً ؛ لأصالة عدم السقوط إلّا بسماع الجميع ، أو القراءة عند عدم السماع وعدمها عنده مع مراعاة الترتيب ، أو لا تجب أصلاً كالمسموع كَمَلاً؟ وجوهٌ ، أوسطها أوسطها ، فيبتدئ بما لم يسمعه ، فإنْ سمع في الأثناء شيئاً اعتدّ به ، مراعياً عدم الإخلال بالترتيب بين المسموع وغيره ، معيداً لما يتوقّف النظم عليه بقصد المقدّمة لإحراز النظم. والله العالم.

وعلى تقدير القول بالقراءة ، فهل المراد قراءة الفاتحة والسورة ، أو الفاتحة وحدها؟ خلافٌ.

وظاهر جماعة الأوّل ؛ لأنّه المتبادر من إطلاق القراءة في الأخبار ، وكلام علمائنا الأخيار.

وعن الشيخ رحمه‌الله (٢) وجماعة (٣) بأنَّ المراد قراءة الفاتحة وحدها ؛ لأنّها القدر المتيقّن ، ولا يخفى ما فيه ، والله العالم.

__________________

(١) الأعراف : ٢٠٤.

(٢) المبسوط ١ : ١٥٨ ، النهاية ١١٣.

(٣) المهذّب ١ : ٨١ ، الجامع للشرائع : ١٠٠.

٢٥١

المسألة الخامسة : في أخيرتي الجهريّة أو أخيرتها

وإن كان في أخيرتي الجهريّة أو أخيرتها ، ففي ( الروض ) ورسالة الشيخ سليمان الماحوزي المعقودة لذكر أقوال قراءة المأموم : ( فيها أقوال :

وجوب القراءة مخيّراً بينهما وبين التسبيح كالمنفرد ، وهو قول أبي الصلاح (١) وابن زهرة (٢).

واستحباب قراءة الحمد وحدها ، وهو قول الشيخ رحمه‌الله.

والتخيير بين قراءة الحمد والتسبيح استحباباً ، وهو ظاهر جماعة منهم العلّامة في ( المختلف ) (٣) ) (٤). انتهى.

قيل : والمشهور هو التخيير بين قراءة الحمد والتسبيح وجوباً ، سواء كان الإمام فيهما قارئاً أو مسبّحاً ، بل صرّح في ( الفرحة الإنسية ) (٥) بالإجماع على هذا التخيير ، إلّا إنّه لم يفصّل بين أخيرتي الجهريّة والإخفاتيّة ، كما لم يصرّح بوجوبٍ ولا ندبٍ ، لكنّه جعل الأحوط تقييد التخيير بما إذا لم يقرأ الإمام في الأخيرتين ، ولعلّ منشأ الإجماع على تخيير المصلّي مطلقاً بين القراءة والتسبيح ، مع أنّ كلام عمّه الشيخ يوسف (٦) صريح في اختصاص التخيير بغير المأموم.

ونسب بعض الفضلاء وجوب القراءة مخيّراً بينها وبين التسبيح في الجهريّة والإخفاتيّة للأكثر وأبي الصلاح (٧) وابن زهرة (٨) والمرتضى (٩).

ونقل الشهيد في ( نكت الإرشاد ) (١٠) عن السيّد المرتضى (١١) وأبي الصلاح (١٢) استحباب القراءة ، وهو صريح عبارته السابقة وإن كانت مطلقة. وحكاه (١٣) عن ظاهر الشيخ أيضاً (١٤) ؛ لإطلاقه قراءة الحمد في ما لا يجهر فيه.

__________________

(١) الكافي ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ) ٣ : ٢٧٥. (٢) الغنية ( ضمن الينابيع الفقهية ) ٤ : ٥٥٤.

(٣) المختلف ٣ : ٧٦. (٤) روض الجنان : ٣٧٣.

(٥) الفرحة الأُنسيّة ٢ : ٤٨٦. (٦) الحدائق ١١ : ١٢٦.

(٧) الكافي ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ) ٣ : ٢٧٥. (٨) الغنية ( ضمن الينابيع الفقهية ) ٤ : ٥٥٤.

(٩) رسائل المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٤١. (١٠) غاية المراد في شرح نكت الإرشاد : ٢١٣.

(١١) رسائل المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٤١. (١٢) الكافي ( ضمن الينابيع الفقهية ) ٣ : ٢٧٥.

(١٣) غاية المراد في شرح نكت الإرشاد : ٢١٣. (١٤) النهاية : ١١٣.

٢٥٢

وهو مقتضى ما في ( الروض ) ، والعبارة منقولة عنه في ما سيأتي ، حيث قال : ( ويستحبّ أن يقرأ الحمد وحدها في ما لا يجهر الإمام فيها بالقراءة ) (١).

وحكى العلّامة الماحوزي في بعض رسائله عن المرتضى أنّه قال : ( فالأوْلى أنْ يقرأ المأموم في الأخيرتين أو يسبّح ) (٢).

وقال : ( ويعزى إلى أبي الصلاح أنّه أوجب على المؤتمّ القراءة أو التسبيح فيهما ، وإلى ابن زهرة أنّه قال : حكم المؤتمّ في الأخيرتين وثالثة المغرب حكم المنفرد ) انتهى.

وعن ظاهر ( العزّية ) أن أشهر الأقوال كراهة القراءة.

وكلّ هذه الأقوال لا تنافي التخيير ، فتخرج هذه الأقوال عن المنافاة والتعدّد والتكثير ، وترجع إلى وحدة مركز التخيير والاختلاف في التساوي أو الترجيح ، كما يحكم به الذوق السليم ، وسيأتي إنْ شاء الله في أخيرتي الإخفاتيّة أنَّ في نسبة هذه الأقوال والتخصيص بأخيرتي الجهريّة مناقشة جليّة.

وممّا يدلّ على مرجوحيّة القراءة :

صحيح زرارة الناهي عن القراءة في الأخيرتين ، تارةً بقوله : « ولا تقرأنَّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنَّ الله عزوجل يقول للمؤمنين ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ) يعني في الفريضة خلف الإمام ( فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (٣). وتارةً بقوله : « والأخيرتان تبعاً للأوليين » (٤).

ورواية معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين ، قال : « الإمام يقرأ فاتحة الكتاب ، ومَنْ خلفه يسبّح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما ، وإن شئت فسبّح » (٥).

وإطلاق رواية جميل بن درّاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمّا يقرأ الإمام في الركعتين في آخر الصلاة ، فقال : « بفاتحة الكتاب ، ولا يقرأ الّذين خلفه » (٦).

__________________

(١) روض الجنان : ٣٧٢ ـ ٣٧٣.

(٢) رسائل المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٤١.

(٣) الأعراف : ٢٠٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٠ ، الوسائل ٨ : ٣٦١ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦١ ، الوسائل ٨ : ٣٦١ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٩٥ / ١١٨٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٨ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٤٢ ، ح ٤.

٢٥٣

مضافاً لإطلاق ما دلّ على أفضليّة التسبيح على القراءة مطلقاً.

واستدلّ للقائلين باستحباب قراءة الحمد وحدها كالشيخ برواية ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إنْ كنت خلف الإمام في صلاةٍ لا يجهر فيها بالقراءة ، .. فلا تقرأ [ خلفه (١) ] في الأُوليين ». وقال : « يجزيك التسبيح في الأخيرتين ». قلت : أي شي‌ءٍ تقول أنت؟ قال : « اقرأ فاتحة الكتاب » (٢).

لأنّه مسوق لبيان ما فوق المجزي ، فإنّه عليه‌السلام لمّا أخبره بإجزاء التسبيح في الأخيرتين ، استشعر أنّ هنا شيئاً فوق المجزي فسأل عنه ، فأجابه بأنّه قراءة الفاتحة.

وما في رواية أبي خديجة عنه عليه‌السلام : « فإذا كنت في الأخيرتين فعلى الذين خلفك أنْ يقرءوا فاتحة الكتاب » (٣).

وفيه مع ظهور أوّلهما في الإخفاتيّة ، وثانيتهما في خلاف الاستحباب ، وما في متنها من الاضطراب ، حتى بعض المتأخّرين (٤) صحّف « الأخيرتين » في قوله عليه‌السلام : « وعلى الإمام أن يسبّح مثل ما يسبّح القوم في الركعتين الأخيرتين » (٥) بـ ( الأُوليين ). وبعض المحقّقين أوّلهما بأنّهما تثنية الأُخرى ، لا الأخيرة أنّهما معارضان بما هو أكثر عدداً ، وأصحّ وأقوى سنداً ، وأوضح دلالةً ، وأصرحُ مقالةً ، والله العالم ومعدن الرسالة.

المسألة السادسة : في أُوليي الإخفاتيّة

وإن كان في أُوليي الإخفاتيّة فالأشهر الأظهر التحريم ، بل قيل : إنّه المشهور تحريم قراءته ؛ لصحيح ابن سنان المذكور (٦) ، وصحيح سليمان بن خالد ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيقرأ الرجل في الأُولى والعصر خلف الإمام وهو لا يعلم أنّه يقرأ؟ فقال : « لا ينبغي له أن يقرأ ، يكله إلى الإمام » (٧) ، وصحيح الحلبي المتقدّم ، وفيه : « إذا صلّيت خلف إمامٍ تأتمّ به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أم لم تسمع ، إلّا أن تكون صلاة يجهر فيها

__________________

(١) من المصدر. (٢) التهذيب ٣ : ٣٥ / ١٢٤.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، وفيه : « كان » بدل : « كنت ».

(٤) مفتاح الكرامة ٣ : ٤٤٨.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، الوسائل ٨ : ٣٦٢ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٦.

(٦) هامش ٢ من نفس الصفحة. (٧) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١١٩.

٢٥٤

بالقراءة » (١) ؛ وصحيح ابن الحجّاج ، وفيه : « أمّا الصلاةُ التي لا يجهر فيها بالقراءة فإن ذلك جعل إليه ، فلا تقرأ خلفه » (٢).

إلى غير ذلك من الأخبار المعتبرة الصراح ، المشتملة على الصحاح ، مضافاً لأخبار ضمان الإمام قراءة المأموم ، ممّا هو في محلّه معلوم.

وقال سلّار بالكراهة (٣) ، بل نسبه بعض مشايخنا للمشهور ، ولعلّه أراد الشهرة بين المتأخّرين والمعاصرين ؛ لصحيح ابن خالد المذكور ، بناءً على جعل « لا ينبغي » حقيقةً في الكراهة ، وخبر عمران بن الربيع البصري ، وإبراهيم بن علي الرّافعي بالراء المشدّدة بعد اللام ، والعين المهملة بعد الفاء ـ ، لا المرافقي بالميم بعد اللام ، والقاف بعد الفاء كما اشتهر بين المتأخّرين تبعاً لأكثر نسخ ( التهذيب ) ، ولا الواقفي كما في بعض نسخه ، ولا الرافقي بالقاف بعد الفاء كما في بعضها أيضاً ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إذا كنت خلف إمام تتولّاه وتثق به فإنّه يجزيك [ قراءته (٤) ] ، فإنْ أحببت أنْ تقرأ فاقرأ في ما يخافت فيه ، فإذا جهر فأنصت » (٥).

والرافعي هو إبراهيم بن إبراهيم بن علي بن الحسن بن علي بن أبي رافع ، وهو مذكور في أصحاب الصادق عليه‌السلام ، وانّما قيّدناه بالرافعي ؛ لأنّ المرافقي وإنْ كانت الطبقة لا تأباه ؛ لأنّ المرافقي ، أو الواقفي ، أو الرافقي هو عبيد الله لا إبراهيم ، له كتاب ، رواه عنه الصدوق ، بإسناده إلى أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي ، وهو محمّد بن أبي عمير الثقة المشهور ، فالطريق إليه صحيح.

وضعّفه السيّد المصطفى (٦) ، والميرزا ، بناءً منهما على أنّه محمّد بن زياد الأشجعي ، المهمل ، وهو ضعيف لتصريح الصدوق (٧) بأنّه الأزدي.

وإنّما خرجنا عن الموضوع ؛ لمسيس الحاجة للتنبيه عليه ؛ لإطباق محقّقي المتأخّرين تبعاً لأكثر نسخ ( التهذيب ) على إبراهيم بن علي المرافقي ، وهو اشتباه

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ٢ ، الفقيه ١ : ٢٥٥ / ١١٥٦ ، التهذيب ٣ : ٣٢ / ١١٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ١ ، التهذيب ٣ : ٣٢ / ١١٤.

(٣) المراسم العلوية ( سلّار ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٣٨٣.

(٤) من المصدر. (٥) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١٢٠.

(٦) نقد الرجال : ٣٠٧. (٧) مشيخة الفقيه ( ضمن من لا يحضره الفقيه ) ٤ : ١٩.

٢٥٥

غريب ، وعلى ما ذكرناه ففي الحكم بصحّته ما لا يخفى.

وكيف كان ، ففي دلالتهما على مدّعاه نظرٌ :

أما الخبر الأوّل ، فبمنع كون « لا ينبغي » حقيقة في الكراهة ، بحيث تصلح لصرف الأخبار الظاهرة في التحريم ، وشيوع استعمالها في الكراهة لا يستلزم ظهورها فيها وضعاً ولا انصرافاً ، مع معارضته لشيوع استعمالها في التحريم ، حتى إن بعض المتأخّرين ذكر استعمالها فيه في خمسة عشر موضعاً ، فحمل « لا ينبغي » على الكراهة مع معارضتها بظهور الصحاح وعدم المعارض وشيوع استعمالها في التحريم لا ينبغي.

وأما الثاني ؛ فلجواز كونه في الصلاة المركّبة ، مع الغض عن سنده لما ذكرناه.

وحينئذٍ ، فالمراد بما يجهر فيه : الركعتان الأُوليان ، وما يخافت فيه : الأخيرة والأخيرتان. وقد مرّ ويأتي جواز القراءة فيها مخيّراً فيها بينها وبين التسبيح.

وقد استدلّ له أيضاً بقوله في صحيح علي بن يقطين ، عن أبي الحسن عليه‌السلام : عن الركعتين اللّتين يصمت فيهما الإمام ، أيقرأ فيهما الحمد وهو إمامٌ يُقتدى به؟ قال : « إن قرأت فلا بأس ، وإن سكت فلا بأس » (١).

ولا دلالة فيه أيضاً ؛ لاحتمال أن يراد بالركعتين المذكورتين خصوص الأخيرتين ، لجعل الموصول للعهد ، فلا يشمل الأوليين الأخفاتّيتين ، فالاستدلال به للقول بالإباحة أوْلى.

وحينئذٍ ، فالمنصور هو التحريم المشهور ؛ إذ العدول عن مدلول الصحاح الصراح من النهي عن القراءة في أُوليي الإخفاتيّة بدليل ضعيف ممّا لا يجسر عليه منصف عفيف ، سيّما مع اشتمال بعضه الأقوى على ما أعرض عنه المشهور من استحباب القراءة ؛ لأنّه إنّما يستحب له حينئذٍ التسبيح للأمر به في أخبارٍ كثيرةٍ كصحيح بكر بن محمّد الأزدي ، عن الصادق عليه‌السلام ، أنه قال : « إنّي لأكرهُ للمرء أنْ يصلّي خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة ، فيقوم كأنه حمار ».

قال : قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا؟ قال

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٢.

٢٥٦

« يسبّح » (١) ، وخبر علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل صلّى خلف إمام يقتدى به في الظهر والعصر يقرأ؟. قال : « لا ، ولكن يسبّح ، ويحمد ربّه ، أو يصلّي على نبيّه » (٢).

إلى غير ذلك من الأخبار. بل قال بعض محقّقي المتأخّرين : ( إن استحباب القراءة ممّا لا قائل به ، بل هو مطّرح عند الكلّ ، حتى عند سلار ). ولكن النظر في كلامه ظاهرٌ لذوي الأنظار.

المسألة السابعة : في سماع المأموم القراءة في أُوليي الإخفاتيّة

فلو سمع المأموم القراءة في الإخفاتيّة فالأحوط الإنصات وترك التسبيح ؛ لاختصاص صحيح الأزدي بقرينة التشبيه بالحمار بصورة عدم السماع ، كاختصاص وجوب الإنصات على القول به بخصوص الصلاة الجهريّة ، فلا يشمل الصلاة التي يسمع قراءتها وإنْ كانت إخفاتيّة.

المسألة الثامنة : في جهر الإمام نسياناً في الإخفاتيّة

ولو نسي الإمام فجهر في الإخفاتيّة لم يستحبّ الإنصات ؛ لما مرّ. وجعله بعض المحقّقين أحوط. ونقل بعض مشايخنا المحقّقين قولين آخرين من دون تعيين القائل ، وجعلهما في الغاية ضعيفين :

أحدهما : إباحة القراءة وعدم الكراهة ؛ إمّا بمعنى تساوي القراءة والتسبيح ، أو بمعنى أنّها ليست من مستحبّات الاقتداء أو مكروهاته ، لا بمعنى أنّها لا رجحان فيها أصلاً ؛ لأنّ قراءة القرآن إذا لم تكن مرجوحةً لا تكون إلّا راجحة.

ويمكن الاستدلال له بصحيح ابن يقطين المذكور ، لقوله عليه‌السلام : « إنْ قرأت فلا بأس ، وإنْ سكتّ فلا بأس » (٣).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦١.

(٢) قرب الاسناد : ٥١ / ٨٢٦ ، مسائل علي بن جعفر : ١٢٨ / ١٠٢ ، الوسائل ٨ : ٣٦١ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٣.

(٣) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٢.

٢٥٧

واستدلّ له بعض المحقّقين بخبر البصري والرافعي (١) ، لكنّه لا يتمّ إلّا بجعل الأمر الوارد بعد توهّم الحظر للإباحة.

الثاني : استحبابها ، ولعلّ القائل به الشيخ قدس‌سره لما مرّ من نقل الشهيد في ( النكت ) (٢) عنه استحباب قراءة الحمد في ما لا يجهر فيه ، وكذا نقل عنه الشهيد في ( الروض ) في الإخفاتيّة مطلقاً ، فيشملهما وإن لم تتعيّن إرادتهما بانصراف الإطلاق إليهما.

لكنّه إنّما يتمّ لو أراد هذا القائل خصوص الحمد لا قراءتهما مع السورة ، فيوافق ما نقله في ( الروض ) عن ظاهر ( الإرشاد ) (٣) من استحباب قراءتهما في الإخفاتيّة.

وكيف كان ، فلا شاهد له ، مع مصادمته لأدلّة النهي ، ومعارضته بدليل الأمر بالذِّكر.

ثمّ على المختار من سقوط القراءة لا خلاف في سقوط قراءة الحمد والسورة معاً ، وأمّا على القول بالقراءة فقد ظهر ممّا مر وممّا يأتي سيظهر وقوع الخلاف في أنه هل يقرأ الفاتحة وحدها ، أو هي مع السورة؟ وقد صرّح البعض النافي للقول بالقراءة : ( إن الثاني قول الأكثر ). ومنه يعلم ما في كلامه من النظر.

المسألة التاسعة : على القول برجحان الذكر ، ماذا يكفي منه؟

وعلى القول برجحان الذكر كما في صحيح الأزدي (٤) ، وخبر علي بن جعفر (٥) هل يكفي كلٌّ من التسبيح والتحميد والصلاة منفرداً ، أم يضمُّ الجميع ، أم يقتصر على التسبيح ؛ لدلالة الخبرين عليه؟ وجوهٌ :

أظهرها الأوّل ، بقرينة الاكتفاء به في الصحيح ، وبانتفاء التشبيه بصورة القيام كالحمار بالاقتصار عليه ، فتكون ( الواو ) في خبر علي بن جعفر للتقسيم لا الجمع وإنْ كان الجمعُ أكمل ، إلّا أن يراد الاقتصار على أحدها فالتسبيح أفضل.

ولا ينافيه أفضليّة الصلاة على النبيّ وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله على سائر الأذكار ؛ لكون العبادة توقيفيّة فيلزم الاقتصار ، إلّا أنْ يأتي بها لا بقصد الخصوصيّة في هذا المضمار.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١٢٠. (٢) غاية المراد ١ : ٢١٣.

(٣) إرشاد الأذهان ١ : ٢٧٢. (٤) انظر ص ٢٥٧ هامش ١.

(٥) انظر ص ٢٥٧ هامش ٢.

٢٥٨

ويحتمل قويّاً أنْ يراد بالتسبيح في صحيح الأزدي التسبيحات الأربع ، وهي ( سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر ) ؛ لأنّها صارت كالمراد الشرعي من لفظ التسبيح في لسان المتشرّعة ، بحيث ينصرف لها الإطلاق وإنْ لم توجد قرينةٌ في السياق. ويؤيّده أيضاً ما في خبر أبي خديجة (١) من التصريح بهذه الكيفيّة.

ولا فرق كما مرّ بين أنْ يسمع المأموم قراءة الإمام الإخفاتيّة أم لا ؛ لإطلاق الخبرين. ولا إشكال فيه على القول بعدم وجوب الإنصات للقراءة ، أمّا على القول بوجوبه مطلقاً كما في بعض الأخبار وظاهر الآية ، أو في خصوص قراءة الإمام في الفريضة كما مرّ في صحيح زرارة فلا يخلو من إشكالٍ ، إلّا أنْ يمكن الجمع بين التسبيح والأذكار ، بناءً على أنّ الإنصات هو السكوت في مقابلة الجهر بالكلام للاستماع ، أو يحمل الإنصات المأمور به في الآية والرواية على خصوص السكوت عن القراءة ، مضافاً لما مرّ من انصراف الأمر بالإنصات إلى الإنصات في سماع القراءة الجهريّة لا مطلق السماع ولو في الإخفاتيّة ، إلّا أنْ يدّعى انصراف أوامر الذكر لما هو الغالب من عدم السماع في الإخفاتيّة ، وترك الذكر حال السماع في الإخفاتيّة ، إنْ لم يمكن الجمع ، والله العالم.

المسألة العاشرة : في أخيرتي الإخفاتيّة

وإن كان في أخيرتي الإخفاتيّة فالذي نقله أوّل الشهيدين في ( شرح نكت الإرشاد ) (٢) عن السيّد والشيخ استحبابُ قراءة الفاتحة ؛ لصحيح ابن سنان وخبر أبي خديجة المتقدّمين (٣).

ولكن قال ثانيهما في ( روض الجنان ) وتبعه عليه الشيخ سليمان ما لفظه :

( وإنْ كانت إخفاتيةً ، ففيها أقوالٌ :

أحدها : استحباب القراءة فيها مطلقاً. وهو الظاهر من كلام المصنّف هنا ، يعني ( الإرشاد ) (٤).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠.

(٢) غاية المراد : ٢١٣.

(٣) انظر ص ٢٥٤ ، هامش ٢ ، ٣.

(٤) انظر ص ٢٥٨ ، هامش ٣.

٢٥٩

وثانيها : استحباب قراءة الحمد وحدها ، وهو اختياره في ( القواعد ) (١) ، وقبله الشيخ قدس‌سره (٢).

وثالثها : سقوط القراءة في الأُوليين ، ووجوبها في الأخيرتين ، مخيّراً بين الحمد والتسبيح ، وهو قول أبي الصلاح (٣) ، وابن زهرة (٤) ، كما مرّ.

ورابعها : استحباب التسبيح في نفسه ، وحمد الله ، أو قراءة الحمد مطلقاً ، وهو قول نجيب الدين يحيى بن سعد (٥) ) (٦). انتهى كلامهما زِيد إكرامهما.

ولا يخفى أنّ سياق كلامهما والتصريح بإطلاقهما يقتضي جريان الأقوال المذكورة في الأخيرتين كالأُوليين. ويؤيّدهُ تفصيلهما في الجهريّة بين ذينك الموضعين.

وقال المحقّق المقابي في ( مجمع الأحكام ) بعد تفصيله أحكام الجهريّة مثلهما ما لفظه :

( وأمّا القراءة في الركعتين الأخيرتين من الإخفاتيّة ، فقال الفاضلان (٧) بالكراهة تبعاً لسلّار (٨). وقال في ( الخلاف ) (٩) بالحرمة ، وهو اختيار الصدوق (١٠) مع تصريحه بوجوب التسبيح. وذهب السيّد (١١) إلى وجوب أحدهما تخييراً ).

ثمّ ذكر أدلّة الأقوال الثلاثة ، وقد تقدّم في عبارة ( الفرحة ) نقلُ الإجماع مع مبالغته في عدم حصوله على التخيير بين القراءة والتسبيح ، من غير فرقٍ بين أخيرتي الجهريّة والإخفاتيّة ، ولا تعيين لجهة الوجوب أو الندب.

ونسبه بعض المصنّفين للأكثر ، وفي بعض الحواشي ، عن ابن حمزة التخيير بينهما وبين السكوت ، وأفضليّة القراءة ، ثمّ التسبيح.

__________________

(١) قواعد الأحكام ١ : ٤٧.

(٢) المبسوط ١ : ١٥٨ ، النهاية ( الطوسي ) : ١١٣.

(٣) الكافي ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٢٧٥.

(٤) الغنية ( ابن زهرة ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٤ : ٥٥٤.

(٥) الجامع للشرائع : ١٠٠.

(٦) روض الجنان : ٣٧٣.

(٧) المعتبر ( المحقّق ) ٢ : ٤٢٠ ، تذكرة الفقهاء ( العلّامة ) ٤ : ٣٤١.

(٨) المراسم العلوية ( سلّار ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٣٨٣.

(٩) الخلاف ١ : ٣٣٩.

(١٠) المقنع ( الصدوق ) : ١٢٠.

(١١) جمل العلم والعمل ( المرتضى ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ١٨٣.

٢٦٠