إيضاح تردّدات الشرائع - ج ٢

نجم الدين جعفر بن الزهدري الحلي

إيضاح تردّدات الشرائع - ج ٢

المؤلف:

نجم الدين جعفر بن الزهدري الحلي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٠
الجزء ١ الجزء ٢

قيل : يعلمها النصف من وراء الحجاب ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة الجواز ، ولان التعليم حق لها ، فيجوز توفيتها اياه كغيره من الحقوق ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (١) والخلاف (٢) ، محتجا بأن الذي وجب عليه واستقر تعليم نصف ما سمي ، فإيجاب غيره يحتاج الى دليل.

والالتفات الى أن تعليم نصف السورة يستدعي سماع صوت المرأة الاجنبية وهو غير جائز. أما أولا ، فلان صوت المرأة عورة. وأما ثانيا ، فلانه لا يؤمن من الافتنان بها ، وهو الوجه الاخر للشافعي ، ولعله الاقرب.

قال رحمه‌الله : ولو شرط لامرأته مهرا ان أبقاها في بلده وأريد منه ان أخرجها فأخرجها الى بلد الشرك ، لم يجب اجابته. وان أخرجها الى بلاد الاسلام ، كان الشرط لازما ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى رواية علي بن رئاب عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : سئل وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة على مائة دينار على أن يخرج بها الى بلاده ، فان لم تخرج معه ، فمهرها خمسون دينارا ، أرأيت ان لم تخرج معه الى بلاده ، قال فقال : ان أراد أن يخرج بها الى بلاد الشرك ، فلا شرط له عليها في ذلك ، ولها مائة دينار التي أصدقها اياها. وان أراد أن يخرج بها الى بلاد المسلمين ودار الاسلام ، فله ما اشترط عليها ، والمسلمون عند شروطهم ، وليس له أن يخرج بها الى بلاده حتى يؤدي إليها صداقها وترضى من ذلك بما رضيت به وهو جائز (٣).

__________________

(١) المبسوط ٤ / ٢٧٥.

(٢) الخلاف ٢ / ١٩٠.

(٣) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٧٣ ، ح ٧٠.

٢١

وهذه الرواية حسنة ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، بناء على أنه اذا شرط لامرأته أن لا يخرجها من بلدها ، كان الشرط لازما.

والالتفات الى مقتضى العقد تسلط الزوج على الزوجة استمتاعا واسكانا ، والشرط المذكور مناف لمقتضاه (١) ، فيكون مخالفا للكتاب والسنة ، فلا يثبت المشترط ، وبه أفتى المتأخر ، بناء على أنه اذا شرط لها أن لا يخرجها من بلدها كان الشرط باطلا ، ونقل عن الشيخ رحمه‌الله أنه رجع عن ذلك في الخلاف (٢) في مسألة اذا أصدقها ألفا وشرط أن لا يسافر بها ، فالشرط باطل والنكاح والصداق صحيحان.

واعلم أن بين المسألتين فرقا بعيدا ، على أنا نمنع بطلان هذا الشرط ، عملا بعموم قوله عليه‌السلام « المؤمنون عند شروطهم » (٣).

قال رحمه‌الله : الصداق يملك بالعقد على أشهر الروايتين ، ولها التصرف فيه قبل القبض على الاشبه.

أقول : قال الشيخ رحمه‌الله في الخلاف : ليس للمرأة أن تتصرف في الصداق قبل القبض ، محتجا بأن جواز التصرف بعد القبض مجمع عليه ولا دليل على جواز تصرفها قبله وبأنه روي عن النبي عليه‌السلام أنه نهى عن بيع ما لم يقبض (٤). والحق الجواز.

لنا ـ عموم قوله عليه‌السلام « الناس مسلطون على أموالهم » (٥) والمنع عن بعض التصرفات ، وهو البيع على تقدير تسليمه لا يستلزم المنع عن باقي التصرفات ،

__________________

(١) فى « س » : لمقتضاها.

(٢) الخلاف ٢ / ١٩٩ مسألة ٣٢.

(٣) عوالى اللئالى ١ / ٢٩٣ و ٢ / ٢٧٥ و ٣ / ٢١٧.

(٤) الخلاف ٢ / ١٩١ مسألة ٧.

(٥) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٢ و ٤٥٧ و ٢ / ١٣٨ و ٣ / ٢٠٨.

٢٢

وهو ظاهر.

قال رحمه‌الله : واذا عفت المرأة عن نصيبها ، أو عفى الزوج عن نصيبه ـ الى قوله : ولا يفتقر الى القبول على الاصح.

أقول : قد مر بحث أن القبول هل هو شرط في صحة الابراء أم لا؟

قال رحمه‌الله : اذا زوج ولده الصغير ، فان كان له مال ، فالمهر على الولد وان كان فقيرا ، فالمهر في عهدة الولد. ولو مات الولد ، أخرج المهر من أصل تركته ، سواء بلغ الولد وأيسر أو مات قبل ذلك.

فلو دفع الأب المهر وبلغ الصبي وطلق قبل الدخول ، استعاد الولد النصف دون الوالد ، لان ذلك يجري مجرى الهبة.

ثم قال : لو أدى المهر عن ولده الكبير تبرعا ، ثم طلق الولد ، رجع الولد بنصف المهر ، ولم يكن للوالد انتزاعه لعين ما ذكرناه في الصغير ، وفي المسألتين تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أن أداء المهر عن الولد بمنزلة الهبة له ، فلا يجوز الرجوع فيه.

أما الصغرى ، فلان المهر عوض البضع ، وهو ملك للولد اجماعا ، فيكون عوضه وهو المهر واجبا عليه كغيره من الاثمان ، واذا ثبت أن المهر يتعلق بذمة الولد بنفس العقد ، تبين أن أداء الوالد للمهر جار مجرى الهبة له.

وأما الكبرى ، فاجماعية عندنا ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١). ولقائل أن يمنع الصغرى ، سلمنا لكن لم قلت أن المنزل منزلة الشي‌ء يكون حكمه حكم ذلك الشي‌ء ، هذا هو القياس بعينه ، وهو عندنا باطل.

والالتفات الى أصالة بقاء الملك على مالكه وعدم انتقاله عنه ، ترك العمل بها

__________________

(١) المبسوط ٤ / ٢٩٢.

٢٣

في الصورة الاولى ، فيبقى معمولا بها في الثانية.

قال رحمه‌الله : ولو بات عند الامة ليلة ، ثم اعتقت قبل استيفاء الحرة ، قيل : يقضي للامة ليلة ، لانها ساوت الحرة ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أنها ساوت الحرة قبل توفية حقها عليها ، فينبغي أن يكون حقها مثل حق الحرة ، لانها حرة مثلها ، ويؤيده عموم قوله تعالى « وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ » (١) أي : التي لا زوج لها ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٢).

والالتفات الى أنها انما صارت حرة بعد استيفاء حقها ، فلا تجب لها شي‌ء آخر ، بل يبتدئ ، بالقسمة بعد توفية الزوجة الاخرى حقها ، وهذا عندي أقوى.

قال رحمه‌الله : ويستحب أن يقرع بين الزوجات اذا أراد استصحاب بعضهن في السفر ، وهل يجوز العدول عن من خرج اسمها الى غيرها؟ قيل : لا ، لانها تعينت للسفر ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة الجواز ، ولان القسم في السفر حق للزوج فقط ، فجاز له تركه ، اما بأن يعدل الى غيرها من الزوجات أولا يستصحب معه واحدة منهن.

والالتفات الى أن القرعة قد عينتها للسفر ، فلا يجوز العدول عنها الى غيرها ، والا لم يكن للقرعة فائدة ، فيكون الامر بها عبثا ، وهو باطل ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (٣).

قال رحمه‌الله : وهل بعث الحكمين على سبيل التحكيم أو التوكيل؟ الاظهر

__________________

(١) سورة النساء : ١٢٩.

(٢) المبسوط ٤ / ٣٣٢.

(٣) المبسوط ٤ / ٣٣٣.

٢٤

أنه تحكيم.

أقول : ذهب الشيخ في الخلاف (١) الى أنه تحكيم ، محتجا بوجوه :

الاول : قوله تعالى « فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها » (٢) وظاهر الآية دالة على التحكيم ، لانه لم يقل فابعثوا وكيلا.

الثاني : الخطاب الشرعي اذا ورد مطلقا انصرف الى الائمة والقضاة ، وهذا من جملة ذاك.

الثالث : لو توجه الخطاب الى الزوجين لقال : فابعثا ، والتالي باطل فالمقدم مثله ، والشرطية ظاهرة اذ هما اثنان.

الرابع : قوله تعالى « إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما » (٣) فأضاف تعالى الإرادة الى الحكمين ، ولو كانا وكيلان (٤) لم يضف إليهما.

الخامس : روى الاصحاب أنهما يمضيان (٥) ما اتفق رأيهما عليه الا الفرقة ، فانهما يستأدياهما ، فدل أنه على سبيل التحكيم ، لان التوكيل لا يجوز فيه انفاذ شي‌ء الا باذن الموكل ، وعليه المتأخر ، وما عرفت من الاصحاب فيه خلافا ، بل من الجمهور.

قال رحمه‌الله : ولو وطئ أمته ، ووطأها آخر فجورا ، ألحق الولد بالمولى. ولو حصل مع ولادته أمارة يغلب بها الظن أنه ليس منه ، قيل : لم يجز له الحاقة ولا نفيه عنه ، بل ينبغي أن يوصي له بشي‌ء ولا يورثه ميراث الاولاد ، وفيه تردد.

__________________

(١) الخلاف ٢ / ٢١١.

(٢) سورة النساء : ٣٥.

(٣) سورة النساء : ٣٥.

(٤) فى « م » : ولو كان توكيلا.

(٥) فى « س » : يصيبان.

٢٥

أقول : منشؤه : النظر الى الرواية (١) ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية (٢).

والالتفات الى عموم قوله عليه‌السلام « الولد للفراش » (٣) وهذا فراش ، فيكون لاحقا إليه ما لم ينفه ، فان نفاه فلا لعان. وهو اختيار المتأخر ، ولعله الاقرب.

قال رحمه‌الله : فرع ـ لو ادعى الأب وجود متبرعة وأنكرت الام ، فالقول قول الأب ، لانه يدفع عن نفسه وجوب الاجرة ، على تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى كون الام منكرة ، فيكون القول قولها ، عملا بقوله عليه‌السلام « البينة على من ادعى واليمين على من أنكر » (٤) ولان ارضاع الولد حق لوالديه ، وهو مدع لاسقاطه بوجود متبرعة ، فيكون القول قولها الا أن يقيم البينة بذلك.

والالتفات الى أن انكار الام لوجود المتبرعة يتضمن دعوى شغل ذمة الأب بايجاب الاجرة عليه ، والاصل براءة الذمة ، فمن ادعى شغلها بشي‌ء من الاشياء فعليه البينة وعلى المنكر اليمين ، للخبر المذكور ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط.

قال رحمه‌الله : لو فقد الابوان ، فالحضانة لاب الأب ، فان عدم قيل : كانت الحضانة للاقارب ، ويترتبون ترتب الارث ، نظرا الى الآية ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى قوله تعالى « وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ » (٥) قال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (٦) والخلاف : وهذا عام في كل

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٨ / ١٨٣ ، ح ٦٥.

(٢) النهاية ص ٥٠٦.

(٣) تهذيب الاحكام ٨ / ١٨٣ ، ح ٦٤.

(٤) عوالى اللئالى ١ / ٢٤٤ و ٤٥٣ و ٢ / ٢٥٨.

(٥) سورة الانفال : ٧٥.

(٦) المبسوط ٦ / ٤٢.

٢٦

شي‌ء الا ما خصه الدليل (١).

والالتفات الى أن اثبات الحضانة لغير الأب والام والجد للاب حكم شرعي ، فيفتقر الى الدليل الشرعي ، وحيث لا دلالة فلا حكم ، ونمنع دلالة الآية على موضع النزاع.

قال المتأخر بعد أن أورد معظم ما ذكره الشيخ رحمه‌الله في الخلاف في هذا المعنى : هذا من تخريجات المخالفين ومعظمه قول الشافعي ، وناؤهم على القول بالعصبية ، وذلك عندنا باطل ، ولا حضانة عندنا الا للام والأب. أما غيرهما ، فليس له ولاية سوى الجد من قبل الأب خاصة.

قال رحمه‌الله : اذا طلبت الام للرضاع أجرة زائدة عن غيرها ، فله تسليمه الى الاجنبية ، وفي سقوط حضانة الام تردد ، والسقوط أشبه.

أقول : منشؤه : النظر الى أن الحضانة هل هي تابعة للرضاع أم لا؟ فان قلنا بالاول سقطت والا فلا ، والحق أنها لا تسقط.

لنا ـ أنهما شيئان متغايران ، وتداخلهما على خلاف مقتضى الاصل ، فلا يصار إليه إلا لدليل. أما أنهما شيئان متغايران ، فلانه يصح استئجار المرأة للحضانة دون الرضاع وبالعكس ، ولو لا التغاير لما صح ذلك. وأما الكبرى فظاهرة ، وهو اختيار المتأخر رحمه‌الله. فاذا ثبت أنها لا تسقط وجب على الام تسليمه الى المرضعة كل ما احتاج الى الرضاع ، ثم اذا روي لبنا أخذته منها بحق الحضانة ثم هكذا.

قال رحمه‌الله : وفي وجوب نفقة الزوجة بالعقد أو بالتمكين تردد ، أظهره بين الاصحاب وقوف الوجوب على التمكين.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة الذمة من وجوب الانفاق ، ترك العمل بها في صورة حصول التمكين من الاستمتاع ، للاجماع ، فيبقى معمولا بها فيما

__________________

(١) الخلاف ٢ / ٣٣٦.

٢٧

عداها ، وهو اختيار المتأخر.

والالتفات الى اطلاق الروايات الدالة على وجوب الانفاق على الزوجات.

قال رحمه‌الله : وفي وجوب الانفاق على آباء الابوين وأمهاتهم تردد ، أظهره الوجوب.

أقول : منشؤه : النظر الى أنه هل يطلق على هؤلاء الاباء والامهات اسم الأب والام أم لا؟ فان قلنا بالاول نظرا الى العرف ، أوجبنا النفقة لورود النص بوجوب النفقة على الابوين. وان لم نقل به نظرا الى الوضع اللغوي ، لم نوجب شيئا ، تمسكا بأصالة براءة الذمة السالمة عن معارضة النص وفتوى الاصحاب طرا على الاول. وأما الثاني ، فمذهب مالك من الجمهور.

٢٨

فصل

( ذكر الترددات المذكورة فى القسم الثالث فى الايقاعات )

قال رحمه‌الله : وتجوز الوكالة في الطلاق للغائب اجماعا وللحاضر على الاصح.

أقول : قد سبق البحث في هذه المسألة مستوفى ، فلا معنى لاعادته.

قال رحمه‌الله : ولو نظر الى زوجته وأجنبية ، فقال : احداكما طالق ، ثم قال : أردت الاجنبية قبل. ولو كان له زوجة وجارة وكل منهما سعدى ، فقال : سعدى طالق ، ثم قال : أردت الجارة لم يقبل ، لان « احداكما » يصلح لهما ، وايقاع الطلاق على الاسم لا يصرف الى الاجنبية ، وفي الفرق نظر.

أقول : منشؤه : النظر الى أن « احداكما » لفظ متواط يقع على الزوجة والاجنبية وقوعا متساويا ، فيقبل قول الزوج في التخصيص ، لانه أبصر بقصده ونيته.

وليس كذلك المسألة الثانية ، لان العلم في أصل اللغة انما وضع لشي‌ء بعينه غير متناول ما أشبهه ، فاذا أطلق على آخر كان بنوع من الاشتراك ، فاذا ثبت أنه مشترك لم يكن حمله على كلي مفهوميه على سبيل الحقيقة ، لما بين في أصول الفقه بل على سبيل المجاز ، وهو غير نافع هنا.

واذا لم يجز حمله على كلي مفهوميه ، افتقر في دلالته علي أحدهما الي قرينة

٢٩

وإلا لزم الترجيح من غير مرجح ، وهو باطل ، والقرينة هنا من طرفنا ، اذ العادة أن الطلاق لا يواجه به الا الزوجة.

والالتفات الى أن « احداكما » كما يصلح أن يواجه به الزوجة وغيرها ، فكذلك سعدى على تقدير أن يكون موضوعا لهما. وجميع ما ذكرتموه في المسألة الاولى آت هنا ، فاما أن تنوره في الصورتين أو تمنعوا قبول قوله في الصورتين ، والا فقبول النية في احدى الصورتين ومنعها في الصورة الاخرى مع تساويهما ترجيح من غير مرجح ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١).

وقول « احداكما » لفظ متواط ممنوع ، اذ المتواطي يتناول الاشخاص المندرجة تحته على سبيل الجمع ، وليس كذلك أحدهما. واعلم أن الجمهور مطبقون على الفرق بين الصورتين.

قال رحمه‌الله : وفي ثبوت الارث مع سؤالها الطلاق تردد ، أشبهه أنه لا إرث ، وكذا لو خالعته أو بارأته.

أقول : هذه المسألة مبتنية على أن التوريث هل هو لمكان التهمة أم هو حكم معلق على طلاق المريض؟ كيف ما كان فان قلنا بالاول ، كما هو مذهب الشيخ في المبسوط (٢) ، لم يكن لها الميراث هنا ، لانتفاء التهمة بسؤالها.

وان قلنا بالثاني ، كما هو ظاهر كلام الشيخ في الخلاف (٣) ، عملا بعموم الاخبار الدالة على ثبوت الارث مع حصول الطلاق في حال المرض من غير تفصيل كان لها الميراث.

واعلم أن المتأخر أفتى بما اختاره الشيخ في الخلاف ، ونقل عن الشيخ

__________________

(١) المبسوط ٥ / ٩٠.

(٢) المبسوط ٥ / ٨٠.

(٣) الخلاف ٢ / ٢٤١ مسألة ٥٥.

٣٠

رحمه‌الله أنه أفتى في الجزء الثالث من الاستبصار بما أفتى به في المبسوط ، عملا بما رواه زرعة عن سماعة قال : سألته عليه‌السلام عن رجل طلق زوجته وهو مريض ، قال : ترثه ما دامت في عدتها ، فان طلقها في حال اضرار ، فهي ترثه الى سنة ، فان زاد عن السنة يوم واحد لم ترثه ، وتعتد أربعة أشهر وعشرا عدة المتوفى عنها زوجها (١).

ثم قال : ومن العجب : انه تخصيص العموم في استنصاره بخبر سماعة الذي رواه زرعة ، وهما فطحيان ، فان كان يعمل بأخبار الآحاد ، فلا خلاف بين من يعمل بها ان شرط العمل بذلك أن يكون راوي الخبر عدلا ، والفطحي كافر ، فكيف يعمل بخبره؟ ويخصص به العموم المعلوم ، والمخصص يكون دليلا معلوما كالمخصص فهذا لا يجوز عند الجميع.

قال رحمه‌الله : ويعتبر في الزوج الذي يحلل المرأة شروط أربعة : أن يكون الزوج بالغا ، وفي المراهق تردد ، أشبهه أنه لا يحلل.

أقول : منشؤه : النظر الى قوله عليه‌السلام « رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم » (٢) وفي رفع القلم عنه دليل على أنه لا حكم لجميع أفعاله ، ومن جملتها تحليل الزوجة بوطئه ، وهو اختيار المتأخر.

والالتفات الى عموم قوله تعالى « حتى ينكح زوجا غيره » (٣) فعلق الحل بنكاح الزوج ، ولا جرم أن المراهق يسمى زوجا ، ويؤيده قوله عليه‌السلام « حتى تذوق عسيلتها وتذوق عسيلته » (٢) ولا ريب أن المراهق أعني : الصبي الذي قارب البلوغ

__________________

(١) الاستبصار ٣ / ٣٠٧ ح ١٤.

(٢) عوالى اللئالى ١ / ٢٠٩.

(٣) سورة البقرة : ٢٣٠.

٣١

له عسيلة. أي : لذة الجماع ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (١) والخلاف ، قال : ولا يلزم عليه غير المراهق ، لانه لا يعرف العسيلة (٢).

قال رحمه‌الله : ولو قال : راجعتك اذا شئت أو ان شئت لم يقع ، ولو قالت : شئت ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أنه علق الرجعة بشرط وقد وجد ، فيوجد المشروط عملا بالشرط ، ولقوله عليه‌السلام « المؤمنون عند شروطهم » (٣) وهذا خبر في معنى الامر.

والالتفات الى أن الرجعة حق للزوج فقط ، فلا اعتبار بمشيتها ، فيكون وجود هذا الشرط كعدمه ، فلا تصح الرجعة ، ولانه ايقاع فلا يصح معلقا على شرط أو صفة ، قياسا على الطلاق ، وهو اختيار الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (٤).

قال رحمه‌الله : ولو ادعى أنه راجع زوجته الامة في العدة فصدقته ، وأنكر المولى وادعى خروجها قبل الرجعة ، فالقول قول الزوج. وقيل : لا يكلف اليمين لتعلق حق النكاح بالزوجين ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أن الرجعة استباحة بضع تتعلق بالزوجين فقط ، فمع تصادقهما على صحتهما يحكم بصحتها شرعا ، عملا بقوله عليه‌السلام « اقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٥).

ولا يفتقر في الحكم بصحة قوله الى يمين ، اذ فائدة اليمين : اما اسقاط دعوى

__________________

(١) المبسوط ٥ / ١٠٩ ـ ١١٠.

(٢) الخلاف ٢ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

(٣) عوالى اللئالى ١ / ٢٩٣ ، برقم : ١٧٣.

(٤) المبسوط ٥ / ١٠٦.

(٥) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٣ و ٢ / ٢٥٧ و ٣ / ٤٤٢.

٣٢

المدعي ، أو اثبات ما يدعيه ، وهي منتفية هنا ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١).

والالتفات الى أن الرجعة اثبات لنوع تسلط وسلطنة على الامة ، فيقف ثبوتها على اذن المالك لانها ماله ، والنبي عليه‌السلام قال : لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه (٢). ومع دعواه لانقضاء العدة وانكاره وقوع الرجعة قبل خروجها من العدة لم يحصل الاذن ، فلا يحكم بصحة الرجعة ، ونمنع تعلق حق النكاح بالزوجين فقط ، بل انما نقول بذلك اذا كانا حرين فحسب. ويحتمل أن يكون القول قول الزوج مع اليمين ، لانه يدعي الظاهر.

قال رحمه‌الله : ولا تجب العدة بالخلوة منفردة عن الوطي على الاشهر.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٣) الى وجوبها ، بناء على أن المهر يستقر بمجرد الخلوة ، فتجب العدة ، للحكم بثبوت الوطي المترتب عليه العدة ، وأنكره الباقون بناء على أنه لا يستقر الا بالدخول ، لان العدة تترتب على الوطي ، فحيث لا وطئ فلا عدة. ولما كان الحق أن المهر لا يستقر الا بالدخول ، لا جرم كان القول بوجوب العدة بمجرد الخلوة ضعيفا لضعف أصله.

قال رحمه‌الله : ويلزم المتوفى عنها [ زوجها ] الحداد ، وهو ترك ما فيه ريبة ـ الى قوله : وفي الامة تردد ، أظهره أنه لا حداد عليها.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة الذمة من وجوب الحداد ، ترك العمل بها في الحرة ، للاتفاق عليه ، فيبقى معمولا بها فيما عداها ، وهو ظاهر كلام المتأخر.

والالتفات الى عموم الاحاديث الدالة على وجوب الاحداد على الزوجات ، وطريقة الاحتياط قاضية بذلك ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (٤) ، لقوله عليه‌السلام « لا تحل

__________________

(١) المبسوط ٥ / ١٠٧.

(٢) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٢ ، برقم : ٩٨.

(٣) النهاية ص ٥١٢.

(٤) المبسوط ٥ / ٢٦٣.

٣٣

لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج أربعة أشهر وعشرا (١). فشرع الاحداد على الزوجة أربعة أشهر وعشرا ، ولم يفرق في ذلك بين الامة والحرة.

قال رحمه‌الله : لا نفقة على الغائب في زمان العدة ، ولو حضر قبل انقضائها نظرا الى حكم الحاكم بالفرقة ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أن نفقة الزوجة تابعة لبقاء زوجيتها ، ومع حكم الحاكم بالفرقة تنقطع الزوجية ، فتنقطع معلولها وهو النفقة ، عملا بالعلية ، وهو ظاهر كلام الشيخ في المبسوط (٢).

والالتفات الى أنها في حكم الزوجة ما دامت في العدة ، فتجب لها النفقة لو حضر قبل انقضائها.

أما الصغرى ، فلانه أملك بها مع حضوره قبل خروجه من عدتها ، ولو لا أنها زوجته لما صح له ذلك الا بعقد جديد ومهر مستأنف.

وأما الكبرى فاجماعية ، ولانها محبوسة عليه في هذه الحال ، فتجب لها النفقة عليه.

أما لو حضر بعد انقضاء العدة قبل التزويج أو بعده ، ففي وجوب نفقتها عليه في زمان اعتدادها منه اشكال ، ينشأ : من انقطاع العصمة بينهما ، ومن أنها حال الاعتداد في حكم زوجته ، لما ذكرناه.

قال رحمه‌الله : ولو طلقت في مسكن دون مستحقها ، جاز لها الخروج عند الطلاق الى مسكن يناسبها ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى عموم النهي عن اخراج المعتدة من بيتها ، ولا

__________________

(١) المبسوط ٥ / ٢٦٥.

(٢) المبسوط ٦ / ١٢.

٣٤

ريب في صدق اسم البيت هنا على المسكن الذي طلقت فيه مطلقا ، اذا المراد بالبيت المذكور في قوله تعالى « لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ » (١) المسكن الذي يسكنها الزوج فيه وليس بمملوك لها ، بدليل أنه يقال : يسوغ اخراجها منه مع الاتيان بالفاحشة ، ولو كان ملكا لها لما ساغ اخراجها منه على كل حال.

والالتفات الى أن على الزوجة في ذلك عضاضة ، وربما لحقها باعتباره عار وضرر ، فيشرع لها الانتقال الى مسكن يناسبها ، دفعا للضرر ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٢).

__________________

(١) سورة الطلاق : ١.

(٢) المبسوط ٥ / ٢٥٤.

٣٥

فصل

( ذكر الترددات المذكورة فى كتاب الخلع )

قال رحمه‌الله : لو طلبت منه طلاقا بعوض ، فخلعها مجردا عن لفظ الطلاق لم يقع على القولين ، ولو طلبت منه خلعا بعوض ، فطلق به لم يلزم البذل ، على القول بوقوع الخلع بمجرده فسخا ، ويلزم على القول بأنه طلاق ، أو أنه يفتقر الى الطلاق.

أقول : اعلم أن الذي يلوح في أول النظر عدم الفرق بين المسألتين في هذا التفصيل ، اذ لقائل أن يقول : لا يخلو اما أن يكون المعتبر في استحقاق البذل الاتيان بالصيغة أو بمرادفها ، فان كان الاول لم يقع الخلع على القولين في الصورة الاولى ، لايقاعه غير ملتمسها. ويقع الطلاق في الصورة الثانية رجعيا ، ولا يستحق باعتباره البذل ، لما قلناه أولا على القولين أيضا.

وان كان المعتبر هو الثاني يأتي التفصيل في المسألتين ، فالفرق تحكم ، لكن الشيخ رحمه‌الله في المبسوط قال : لو قالت : خالعني على ألف مثلا ، ونوت به الطلاق ، فقال : طلقتك ، صح عندنا وعندهم. فأما ان قالت : طلقني على ألف ، فقال : خلعتك عليها ناويا الطلاق ، فعلى ما اخترناه لا يقع ، وعلى ما

٣٦

يذهب إليه بعض أصحابنا من أن تلفظ الخلع يقع الفرقة ينبغي الوقوع.

ثم قال بعد أن ذكر أن القائل بالوقوع من الاصحاب ينبغي له الاقتصار على لفظ الخلع. واذا اثبت هذا فعلى ما اخترناه من طلبت منه طلاقا بعوض فخلعها به ، لم يصح على المذهبين جميعا ، أعني : مذهبي أصحابنا ، لانه أجابها الى غير ملتمسها ، لانها طلبت منه فراقا يقع به نقصان الطلاق ، فأجابها بما لا ينقص الطلاق فأما ان طلبت منه فسخا بعوض فطلقها به ، ينبغي أن يقول من أجاز من أصحابنا ذلك أنه لا يقع ، لاعطائها غير مطلوبها ، وحكى عن بعض الوقوع (١). فأتبع المصنف تفصيله الاخر ، وليس بجيد.

قوله « لانه أجابها الى غير ملتمسها » قلنا متى يكون كذلك اذا جعلنا الخلع فسخا أو طلاقا ، الاول مسلم والثاني ممنوع ، لان صيغة الطلاق والخلع عند هذا القائل مترادفتان ، وقد مر في أصول الفقه صحة اقامة كل من المترادفين مقام صاحبه.

ومن العجب أن الشيخ والمصنف رحمهما‌الله ذكرا أن فائدة الخلاف الاعتداد به في عدد الطلقات على الثاني دون الاول ، ثم قالا هذه المقالة. واذا تقرر ما قلناه فالتفصيل الذي ذكرناه جيد.

قال رحمه‌الله : ويصح بذل الفداء منها ومن وكيلها وممن يضمنه باذنها ، وهل يصح من المتبرع؟ فيه تردد ، والاشبه المنع.

أقول : منشؤه : النظر الى أن وقوع الخلع الشرعي بهذا النوع من البذل حكم شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعية ، فحيث لا دلالة فلا شرع ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (٢) والخلاف (٣) ، محتجا بقوله تعالى « فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ

__________________

(١) المبسوط ٤ / ٣٤٨.

(٢) المبسوط ٤ / ٣٦٨.

(٣) الخلاف ٢ / ٢٢٢.

٣٧

فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ » (١).

فأضاف تعالى الفداء إليها ، وفي اضافته إليها دليل على أنه لا يصح بذله من غيرها ، وبأصالة بقاء العقد ، فيتمسك بها الى حين ظهور المزيل قطعا ، وأتبعه المتأخر.

والالتفات الى الاصل الدال على الجواز ، وبه قال جميع الفقهاء الا الثوري.

قال رحمه‌الله : أما لو قال : طلقها على ألف من مالها وعلي ضمانها ، أو على عبدها هذا وعلي ضمانه صح ، فان لم ترض بدفع البذل صح الخلع وضمن المتبرع وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أنه أجنبي ، فلا يصح بذل الفداء منه ، لما قدمناه ، ولانه ضمان ما لم يجب ، فلا يكون لازما.

والالتفات الى أن في ذلك مصلحة عامة مقصودة للعقلاء ، وهو مما يمس الحاجة إليه ، فيكون مشروعا لمساس الحاجة إليه ، كما لو قال عند خوف الغرق : ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه ، وان كانا جميعا ضمان ما لم يجب ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (٢).

وفي الجمع بين قوله في هذه المسألة والتي قبلها تضاد ظاهر ، لان المصلحة الداعية الى مشروعيتهما واحدة ، فالعمل بها في احدى المسألتين الغاؤها في الاخرى ترجيح من غير مرجح ، وهو باطل.

قال رحمه‌الله : وفي وقوع الظهار موقوفا على الشرط تردد ، أظهره الجواز.

أقول : منشؤه : النظر الى عموم الروايات الدالة على الوقوع ويؤيده عموم

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٩.

(٢) المبسوط ٤ / ٣٦٧.

٣٨

الآية (١) ، وبه أفتى الشيخ في النهاية (٢) والخلاف (٣).

والالتفات الى أن الظهار ايقاع ، فلا يصح موقوفا على شرط كالطلاق ، ويؤيده أصالة براءة الذمة ، وحل الزوجة ممن حرم وطؤها بهذا النوع من الظهار ، وأوجب الكفارة به فعليه الدلالة ، وبه أفتى المتأخر ، محتجا بهذه الادلة ، ونقل ذلك عن شيخنا المفيد وعلم الهدى وجلة المشيخة من أصحابنا.

وبما قاله روايتان : احداهما عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (٤) ، والثانية عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥).

لكن المتأخر لا يرضى بهما استدلالا ، لانهما مع كونهما من أخبار الآحاد ، فيهما ضعف ، لان في طريق الرواية الاولى أبا سعيد الادمي ، وقد طعن فيه الشيخ رحمه‌الله وجماعة من أصحابنا ، وفي طريق الثانية ابن فضال ، وهو فطحي ، ومع ذلك فروايته مرسلة.

وأما الدلائل التي استدل بها فضعيفة جدا : أما الاول ، فلانه قياس محض ، وهو عندنا باطل. وأما الثاني ، فلان الاصالة تخالف لقيام الدلالة وقد بيناها.

لا يقال : لا خلاف بين الاصحاب أن الظهار حكمه حكم الطلاق ومن جملة أحكام الطلاق أن لا يقع موقوفا على الشرط.

قلنا : هذه الدعوى ممنوعة ، وهي منقوضة بمسائل كثيرة لا حاجة بنا الى تعدادها وانما هذا شي‌ء ادعاه المتأخر واما نقله ذلك عن أكثر الاصحاب.

قال رحمه‌الله : وهل يقع الظهار بالموطوءة بالملك؟ فيه تردد ، والمروي

__________________

(١) سورة المجادلة : ٢.

(٢) النهاية ص ٥٢٥.

(٣) الخلاف ٢ / ٢٦٠.

(٤) تهذيب الاحكام ٨ / ١٣ ، ح ١٧.

(٥) تهذيب الاحكام ٨ / ١٣ ، ح ١٨.

٣٩

أنه يقع كما يقع بالحرة.

أقول : منشؤه : النظر الى رواية اسحاق بن عمار قال : سألت أبا ابراهيم عليه‌السلام عن الرجل يظاهر من جاريته ، فقال : الحرة والامة في هذا سواء (١). وفي معناها رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

ورواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم‌السلام قال : سألته عن الظهار يقع على الحرة والامة؟ فقال : نعم (٣). وعليها فتوى الشيخ في النهاية (٤) والخلاف (٥) ، محتجا بالاجماع ، وعموم آية الظهار ، واختاره ابن أبي عقيل في المتمسك.

والالتفات الى أصالتي الاباحة وبراءة الذمة من وجوب الكفارة ، فمن ادعى تحريم المملوكة وشغل الذمة بالكفارة ، فعليه الدلالة. وهو اختيار المفيد وعلم الهدى في بعض مسائلة وسلار وأبي الصلاح والمتأخر.

ويؤيده الرواية المروية عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه قال : يأتيها وليس عليه شي‌ء (٦).

والارجح الاول ، لان رواياته أصح طريقا ، ومع ذلك فهي مؤيدة بعموم القرآن. وأما الرواية الدالة على عدم الوقوع ، فضعيفة لان في طريقها علي بن فضال ، وهو فاسد العقيدة ، وفي طريقها ابن بكير وهو أيضا كذلك ، وحمزة بن حمران وهو مجهول الحال.

لا يقال : ففي طريق روايتكم الاولى عمار ، وهو فطحي.

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٨ / ٢٤ ، ح ٥١.

(٢) تهذيب الاحكام ٨ / ٢٤ ، ح ٥٢.

(٣) تهذيب الاحكام ٨ / ١٧ ، ح ٢٨.

(٤) النهاية ص ٥٢٧.

(٥) الخلاف ٢ / ٢٥٩.

(٦) تهذيب الاحكام ٨ / ١٠ ، ح ٧.

٤٠