إيضاح تردّدات الشرائع - ج ١

نجم الدين جعفر بن الزهدري الحلي

إيضاح تردّدات الشرائع - ج ١

المؤلف:

نجم الدين جعفر بن الزهدري الحلي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١
الجزء ١ الجزء ٢

والالتفات الى قوله عليه‌السلام « انما الربا في النسيئة (١) » وبه أفتى جماعة من الاصحاب رضوان الله عليهم.

قال رحمه‌الله : ويثبت الربا في الطين الموزون كالارمني على الاشبه.

أقول : قال الشيخ في الخلاف : الطين الذي يأكله الناس حرام لا يحل أكله ولا بيعه (٢) فعلى هذا لا معنى لثبوت الربا فيه وتبعه القاضي عبد العزيز.

وقال في المبسوط : يثبت الربا في الارمني فقط ، لانه من الموزون (٣) ، واختاره المصنف.

وانما كان أشبه ، لتناول أدلة تحريم الربا له ، ولان مع اعتماده تحصل البراءة قطعا ، بخلاف ما لم يعتمد.

قال رحمه‌الله : وفي بيع الرطب بالتمر تردد ، والاظهر اختصاصه بالمنع ، اعتمادا على أظهر الروايتين.

اقول منشأ التردد : النظر الى الاصالة وعموم الآية ، وبه قال الشيخ في موضع من المبسوط (٤) ، واختاره المتأخر مشنعا على الشيخ تشنيعا لا طائل تحته ، وبه رواية عن الصادق عليه‌السلام (٥).

والالتفات الى رواية الحلبي عنه عليه‌السلام (٦) ، وعليها الاكثر. والاولى ضعيفة السند فلا يصح التمسك بها.

قال رحمه‌الله : اذا كانا في حكم الجنس الواحد ، وأحدهما مكيل والاخر

__________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ / ٧٥٤ ، برقم : ٢٢٥٧.

(٢) الخلاف ١ / ٥٢٦ مسألة ٦٩.

(٣) المبسوط ٢ / ٩٠.

(٤) المبسوط ٢ / ٩٣.

(٥) تهذيب الاحكام ٧ / ٩٧ ، ح ٢٣.

(٦) تهذيب الاحكام ٧ / ٩٤ ، ح ٤.

٢٨١

موزون ، كالحنطة والدقيق ، فبيع أحدهما بالآخر وزنا جائز ، وفي الكيل تردد ، والاحوط تعديلهما بالوزن.

اقول : منشؤه : النظر الى أصل الجواز ، ويؤيده عموم الآية.

والالتفات الى أن المساواة شرط في جواز هذا البيع ولم يحصل قطعا ولا ظاهرا ، وهو فتوى الشيخ وتبعه ابن البراج والمتأخر.

قال رحمه‌الله : بيع العنب بالزبيب جائز ـ الى آخره.

اقول : هذا الخلاف مبني على أن القياس المنصوص على علته هل هو حجة أم لا؟ فان قلنا انه حجة ـ وهو اختيار الشيخ رحمه‌الله في بعض أقواله ومنقول عن شيخنا المفيد ـ لم يجز البيع ، وإلا جاز.

وتحقيق القولين في أصول الفقه ، فليطلب من هناك.

قال رحمه‌الله : ويثبت الربا بين المسلم والذمي على الاظهر.

اقول : للاصحاب في هذه المسألة قولان : الثبوت ، اختاره الشيخ رحمه‌الله وتبعه ابن البراج والمتأخر ، عملا بعموم النهي عن الربا ، وهذا جزئي من جزئياته ، فيكون داخلا تحته ولان أموال أهل الذمة معصومة.

وعدمه ، اختاره شيخنا المفيد وعلم الهدى وابنا بابويه ، عملا بالاصل ، ترك العمل به في غير هذه الصورة ، فيبقى معمولا به فيها ، وبه رواية (١) ، والاصل يخالف للدليل ، والرواية شاذة ، فلا ينهض معارضة لعموم القرآن والروايات.

قال رحمه‌الله : والتقابض في المجلس شرط في صحة الصرف ، فلو افترقا قبله بطل على الاشهر.

أقول : لا أعرف مخالفا في هذه المسألة ، الا ابن بابويه فانه لا يشترط التقابض في المجلس ، فلا يفتي بالبطلان ، عملا بروايات ضعيفة تعارضها روايات صحيحة

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٧٨.

٢٨٢

كثيرة مؤيدة بعمل اكثر الاصحاب.

قال رحمه‌الله (١) : اذا اشترى دراهم بمثلها في الذمة ـ الى قوله : وله المطالبة بالبدل قبل التفرق قطعا ، وفيما بعد التفرق تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أصالة لزوم العقد ، فلا يكون له المطالبة بالابدال ترك العمل بها في الصورة الاولى ، لعدم انعقاد العقد شرعا ، فيبقى معمولا بها في الصورة الثانية ، ولان العقد لم يتناول البدل ، فلا يكون له المطالبة ، اذ لم يثبت غيره ناقلا شرعا.

والالتفات الى أن العقد انما وقع على دراهم صحيحة ثابتة في الذمة ولم يحصل فيكون له المطالبة بالصحيحة ، وهو المراد بقوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » (٢) أوجب الوفاء بالعقود ، ولا نعني بالوفاء بها الا الاتيان بمقتضاها ، وهذا من جملة مقتضاها فيكون واجبا على البائع ، فكانت المطالبة بالبدل سائغة للمشتري ، وهو اختيار الشيخ وابن حمزة.

قال رحمه‌الله : روي جواز بيع درهم بدرهم مع اشتراط صياغة خاتم ، وهل يعدى الحكم؟ الاشبه لا.

اقول : اعلم أن الربا ثابت في هذه المسألة ، اذ هو بيع المتجانسين مع زيادة في أحدهما ، وهذا المعنى موجود هنا ، لكن الاصحاب اعتمدوا في تسويغ ذلك على الرواية المروية عن الصادق عليه‌السلام (٣). وهي صحيحة السند ، وصاحب الوسيلة منع من ذلك ، اعتمادا على عموم الآية والروايات ، والمتأخر تردد في العمل بالرواية.

اذا عرفت هذا فنقول : هل يتعدى الحكم؟ أي : هل يجوز اشتراط صياغة

__________________

(١) كذا فى « س » وفى « م » : دام ظله.

(٢) سورة المائدة : ١.

(٣) تهذيب الاحكام ٧ / ١١٠ ، ح ٧٧.

٢٨٣

غير الخاتم؟ الوجه لا ، اقتصارا على مورد النص ، وتمسكا بعموم الآية ، وجوزه الشيخ رحمه‌الله. وهو ضعيف ، اذ التعدي قياس ، وهو عنده باطل ، وتوجيه المتأخر لكلام الشيخ يعطي جواز ذلك ، وضعفه ظاهر ، فالاعراض عنه جدير.

قال رحمه‌الله : أما النخل ، فلا يجوز بيع ثمرته قبل ظهورها عاما ، وفي جواز بيعها كذلك عامين [ فصاعدا ] تردد ، والمروي الجواز.

اقول : منشؤه : النظر الى الاصل الدال على جواز البيع ، ترك العمل به في الصورة الاولى ، للاتفاق على المنع فيها ، فيبقى معمولا بها فيما عداها ، ويؤيده عموم الآية ، والرواية المروية عن الصادق عليه‌السلام (١) ، وبه أفتى صاحب المقنع (٢).

والالتفات الى تحقق الغرر المنهي عنه شرعا هنا ، فلا يصح البيع وعليه الاكثر حتى أن المتأخر ادعى عليه الاجماع ، ونسب القائل بذلك الى الغلط.

قال رحمه‌الله : ولو بيعت عاما من دون الشروط الثلاثة ، قيل : لا يصح ، وقيل : يكره ، وقيل : يراعى السلامة والاول أظهر (٣).

اقول : القول الاول مذهب الشيخ رحمه‌الله في أكثر كتبه ، ومستنده الروايات.

والثاني مذهب شيخنا المفيد قدس الله روحه ، وهو القول الثاني للشيخ رحمه‌الله ، واختاره المتأخر ، ومستنده التمسك بالاصل وعموم الآيات والاخبار ، وبه رواية مروية عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤). وهو قوي ، اذ فيه توفيق بين الروايات.

والثالث منقول عن سلار.

قال رحمه‌الله : ولو أدركت ثمرة بستان لم يجز بيع [ ثمرة ] البستان الاخر

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٨٥ ، ح ٨.

(٢) المقنع ص ١٢٣.

(٣) فى الشرائع : أشهر.

(٤) تهذيب الاحكام ٧ / ٨٦.

٢٨٤

ولو ضم إليه ، وفيه تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى الاصالة ، ويؤيدها عموم الآية والرواية المروية عن الصادق عليه‌السلام (١) ، ولان أحد شروط الجواز هنا موجود ، فيصح البيع.

أما الاولى ، فلان البستان المدرك يصح كونه ضميمة ، وهي أحد الشروط المقتضية للجواز. وأما الثانية ، فاتفاقية.

والالتفات الى أن بعض المبيع مجهول ، وهو مقصود بالبيع ، فلا يصح البيع حينئذ ، وهو فتوى الشيخ في المبسوط (٢) والخلاف (٣).

قال رحمه‌الله : وأما الاشجار ـ الى آخره.

أقول : هذه اشارة الى ما ذكره الشيخ في المبسوط (٤) من اشتراط زيادات اخر في بدو صلاح ثمرة الشجرة ، سوى ما ذكره. وانما كان أشبه للاصل ، والاقتصار على مورد النقل.

قال رحمه‌الله : ولو كان التلف بعد القبض وهو التخلية ، لم يرجع على البائع بشي‌ء على الاشبه.

أقول : للشيخ قول بالرجوع ، وانما كان أشبه لقوله عليه‌السلام « الخراج بالضمان » (٥).

قال رحمه‌الله : وتملك المرأة كل أحد ، عدا الاباء وان علوا ، والاولاد وان سفلوا نسبا ، وفي الرضاع تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أصالة جواز التملك ، خرج عنه الصورة الاولى للاتفاق عليها ، فيبقى معمولا بها فيما عداها ، وهو فتوى المفيد والمتأخر وقدماء

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٨٥.

(٢) المبسوط ٢ / ١١٤.

(٣) الخلاف ١ / ٥٤٢.

(٤) المبسوط ٢ / ١١٣.

(٥) المبسوط ٢ / ١٢٦.

٢٨٥

علمائنا.

والالتفات الى قوله عليه‌السلام « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » (١) والتحريم المضاف الى الاعيان يفيد تحريم الفعل المقصود من تلك الذات ، وهو اختيار الشيخ والقول الاخر للمفيد.

قال رحمه‌الله : اذا حدث في الحيوان عيب ـ الى آخره.

أقول : قد سبق تحقيق هذا البحث.

قال رحمه‌الله : ولو حدث فيه بعد القبض عيب من غير جهة المشتري لم يكن ذلك العيب مانعا من الرد بأصل الخيار ، وهل يلزم البائع أرشه؟ فيه تردد والظاهر لا.

اقول : منشؤه : من حيث أنه مضمون على البائع ، وضمان الجملة يستلزم ضمان الابعاض. ومن أن فوائده للمشتري ، فيكون ضمانه عليه ، عملا بقوله عليه‌السلام : الخراج بالضمان (٢).

قال رحمه‌الله : ولو باع الحامل ، فالولد للبائع على الاظهر ، الا أن يشترطه المشتري.

اقول : هذا هو المشهور ، وذهب الشيخ في المبسوط (٣) الى دخول الحمل في بيع الحامل ، بناء على انه جزء منها ، وتبعه ابن البراج ، ونحن نمنع ذلك.

قال رحمه‌الله : ولو قال له : الربح لنا ولا خسران عليك ، فيه تردد ، والمروي الجواز.

أقول : منشؤه : النظر الى قوله « المؤمنون عند شروطهم » (٤) وهذا شرط ،

__________________

(١) عوالى اللئالى ١ / ٤٤.

(٢) المبسوط ٢ / ١٢٦.

(٣) المبسوط ٢ / ١٢٦.

(٤) عوالى اللئالى ١ / ٢٣٥ و ٢٩٣ و ٢ / ٢٧٥.

٢٨٦

فيجب الوفاء به ، خصوصا مع وجود الرواية المروية عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام (١) بتسويغ ذلك ، وعليها فتوى الشيخ رحمه‌الله في النهاية (٢).

والالتفات الى أن الربح والخسران تابعان للاموال ، فلا يصح وضعهما على أحدهما دون الاخر ، اذ لا أولوية ، وهو فتوى المتأخر.

قال رحمه‌الله : ويكره وطئ من ولد من الزنا بالملك والعقد ، على الاظهر.

أقول : قد نازع المتأخر في جواز وطئ من ولد من الزنا ، بناء على أن ولد الزنا كافر. ونحن نمنع دعواه ، ونطالبه بدليل ما ادعاه.

قال رحمه‌الله : ولا يقوم الجارية الموطوءة على الشريك بنفس الوطي على الاصح.

اقول : اعلم أن الشيخ رحمه‌الله أوجب التقويم بنفس الوطي ، عملا برواية يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣). وهي ضعيفة السند.

وانما كان الاول أصح ، لاصالة براءة الذمة ، ولان التقويم خلاف مقتضى الاصل ، ترك العمل به في صورة الحبل ، فيبقى معمولا به في غيرها. نعم لو كانت بكرا كان عليه أرشها ، وهو ما بين قيمتها بكرا وثيبا.

وفي هذه المسألة بحث طويل أضربنا عنه خوف الاطالة.

قال رحمه‌الله : ويجوز اشتراط الجيد والردي ، ولو شرط لم يصح لتعذره وكذا لو شرط الاردء ، ولو قيل في هذا بالجواز كان حسنا ، لامكان التخلص.

اقول : القول الاول مذهب الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (٤). والثاني خرجه

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٧١ ، ح ١٨.

(٢) النهاية ص ٤١١.

(٣) تهذيب الاحكام ٧ / ٧٢ ، ح ٢٣.

(٤) المبسوط ٢ / ١٧٥.

٢٨٧

المصنف رحمه‌الله ، لامكان التخلص بدفع الردي‌ء ، اذ هو أعلى صفة من الاردى ضرورة ، فيجب قبوله على المشترى.

قال شيخنا دامت فضائله : هذا القول ليس بجيد ، لان الشيخ رحمه‌الله لم يبطله من حيث تعذر التسليم ، بل من حيث الجهالة ، فان الاردء لا ينضبط بالوصف ، فلهذا المعنى أبطله الشيخ خصوصا وقد بين رحمه‌الله ذلك ، فقال : لو شرط الاجود والاردء لم يصح ، لانه لا يوقف عليه.

قال رحمه‌الله : وفي جواز الاسلاف في الجلود تردد ، وقيل : يجوز مع المشاهدة ، وهو خروج عن السلم.

اقول : منشؤه : النظر الى عموم قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (١) وهذا جزئي من جزئياته ، فيدخل تحته.

والالتفات الى أن الجلود مما لا يمكن ضبطها بالوصف ، لاختلاف خلقته ، فلا يصح السلم فيها ، وهو أحد قولي الشيخ.

وأما التفصيل فشي‌ء ذكره الشيخ رحمه‌الله ، وهو مروي عن أهل البيت عليهم‌السلام وهو خارج عن موضع النزاع ، اذ السلم ابتياع مال مضمون الى أجل معلوم كما حده المصنف.

قال رحمه‌الله : وفي الاسلاف في جوز القز تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى مقتضى الاصل والآية.

والالتفات الى أن جوز القز مشتمل على ما لا يصح بيعه ، فلا يصح بيعه. أما الاولى ، فلانه مشتمل على الدود الذي لا يصح بيعه. أما حيا فلانه لا منفعة فيه بل يفسده ، لانه يقرض القز ويخرج منه. وأما ميتا ، فللنهي عن بيع الميتة وللاولوية. وأما الثانية فظاهرة ، اذ التقدير أن الاسلاف وقع على القز المشتمل على الدود.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٧٥.

٢٨٨

لا يقال : لو لم يجز الاسلاف في ذلك ، لم يجز الاسلاف في الثمرة المشتمل على النوى ، والتالي باطل اجماعا. فالمقدم مثله. بيان الشرطية : أن اشتمال البيع على ما لا يصح بيعه ان كان مانعا من انعقاد البيع على المجموع كان مانعا في الموضعين وان لم يكن مانعا جاز البيع في الموضعين ، اذ التقدير أنه لا يبايع نواه.

لانا نقول : نمنع عدم صحة بيع النوى ، وما الدليل على ذلك؟ سلمنا لكن النوى وان لم يكن فيه منفعة ، فانه لا مفسدة فيه فافترقا ، فبطل القياس.

قال رحمه‌الله : ولا يشترط ذكر موضع التسليم على الاشبه ، وان كان في حمله مئونة.

اقول : أوجب الشيخ رحمه‌الله في الخلاف (١) والمبسوط (٢) ذكر موضع التسليم ، ان كان لنقل المسلم فيه أجرة ، عملا بالاحتياط ، اذ مع ذكره يحكم بالصحة قطعا ، بخلاف ما لو لم يذكر ، وأتبعه ابن حمزة ، وأنكره المتأخر ، ورجحه المصنف ، لاستناده الى أصالة البراءة.

قال رحمه‌الله : ولو دفع خمسين وشرط الباقي من دين له على المسلم إليه صح فيما دفع ، وبطل فيما قابل الدين ، وفيه تردد.

أقول : هذا التردد مبني على أن ثمن المسلم فيه هل يجوز أن يكون من دين على المسلم إليه أم لا ، فان قلنا بالجواز صح في الجميع ، والاصح في المقبوض ويبطل في الباقي.

قال رحمه‌الله : اذا تقايلا ـ الى قوله : وفيه وجه آخر.

اقول : الذي سمعت (٣) من شيخنا وقت القراءة عليه أن المراد بالوجه الاخر هنا عدم صحة التقايل لفقد العوض المتقايل عليه.

__________________

(١) الخلاف ١ / ٥٩٣ مسألة ٩ من كتاب السلم.

(٢) المبسوط ٢ / ١٧٣.

(٣) فى « س » : سمعته.

٢٨٩

قال رحمه‌الله : لا يجوز للملوك أن يتصرف في نفسه ـ الى قوله : وكذا لو أذن له المالك أن يشتري لنفسه ، وفيه تردد ، لانه يملك وطئ الامة المبتاعة مع سقوط التحليل في حقه.

اقول : اذا أذن المولى لمملوكه في الشراء لنفسه هل يملك بذلك؟ تردد فيه المصنف ، ومنشؤه : النظر الى عموم قوله تعالى « ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ » (١) وقد عرفت فيما مضى أن النكرة في سياق النفي يعم.

وفي الاستدلال بهذه الآية تعسف ، اذ لا يلزم من نفي القدرة على بعض المماليك نفيها عن الجميع ، وهو ظاهر.

ويمكن أن يقال : التمليك حكم شرعي ، فيقف على اذن الشرع ولا أذن هنا ، فلا ملك. واعتذر بعضهم بأن النكرة يعم لعدم مرجح فيخصصها ببعض المماليك دون بعض ، فاما أن يكون عامة للجميع وهو المطلوب ، أو لا يتناول أحدا ، وهو باطل قطعا. وفيه ضعف ظاهرة.

والالتفات الى أنه يستبيح وطئ الامة المأذون له في ابتياعها لنفسه ، ولا شي‌ء من الاسباب المبيحة للوطي موجودة هنا الا التملك ، فيلزم القول به.

أما الاولى ، فلان الاسباب المقتضية للاستباحة العقد ، وهو منتف هنا ، والتحليل ، وهو منتف أيضا ، لافتقاره الى اللفظ الدال عليه ، فلم يبق سوى الملك.

وأما الثانية ، فظاهرة ، لاستحالة وجود الملزوم من حيث هو ملزوم بدون لازمه ولو قيل بالمنع من الوطي أصلا ـ إلا مع صريح الاذن ـ كان وجها ، ولقائل أن يمنع انتفاء التحليل هنا ، اذ الاذن في الشراء مستلزم للاذن في الوطي ، وهذا انما يتأتى على قول من لم يجعل التحليل لفظا معينا.

قال رحمه‌الله : ويسمع دعوى الراهن لو ادعى المواطاة على الاشهاد ويتوجه

__________________

(١) سورة النحل : ٧٥.

٢٩٠

اليمين على المرتهن ، على الاشبه.

أقول : منشأ الخلاف في هذه المسألة : من أن ظاهر اقراره مكذب لدعواه فلا يسمع ، ومن قضاء الظاهر بما يدعيه فيسمع.

قال رحمه‌الله : ولا يجوز تسليم المشاع الا برضا شريكه ، سواء كان مما ينقل أو لا ينقل ، على الاشبه.

أقول : ذهب بعض علمائنا الى جواز تسليم المشاع بدون اذن الشريك اذا كان مما لا ينتقل ، لانتفاء التصرف في مال الشريك الاخر حينئذ ، اذ التسليم هنا هو التخلية فقط ، والحق أنه لا يجوز ، وانتفاء التصرف في مال الشريك هنا ممنوع.

قال رحمه‌الله : وفي رهن المدبر تردد ، والوجه أن رهن رقبته ابطال لتدبيره.

اقول : منشؤه : النظر الى عموم قوله عليه‌السلام « الناس مسلطون على أموالهم » (١) والمدبر مال فيصح رهنه.

والالتفات الى أن رهنه تعريض لابطال التدبير ، فلا يصح.

واعلم أن التدبير وصية يجوز الرجوع فيها اجماعا منا ، فان قصد برهن رقبته فسخ التدبير بطل التدبير وصح الرهن قطعا.

وان لم يقصد الفسخ ، فاشكال ، ينشأ : من أن نفس الرهن رجوع ، اذ فيه تسليط على البيع ، فيصح الرهن ويبطل التدبير ، ومن أنه لم يقصد الرجوع ، فيبطل الرجوع ، ويكون التدبير باقيا على صحته للاستصحاب.

قال رحمه‌الله : ولو رهن الذمي عند مسلم خمرا لم يصح ، ولو وضعها على يد ذمي على الاشبه.

__________________

(١) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٢ و ٤٥٧ و ٢ / ١٣٨ و ٣ / ٢٠٨.

٢٩١

اقول : ظاهر كلام الشيخ في المبسوط (١) والخلاف (٢) يقتضي الجواز مع وضعها على يد الذمي ، وليس بجيد ، لان الذمي هنا وكيل للمسلم ، وكما لا يصح منه الارتهان مباشرة فكذا استنابة لانه أولى.

قال رحمه‌الله : ويصح رهن العبد الجاني خطا ، وفي العمد تردد.

اقول : البحث في هذه قريب من البحث في مسألة بيعه وقد سبق.

قال رحمه‌الله : واذا شرط المرتهن الوكالة في العقد لنفسه أو لغيره أو وضع الرهن على يد عدل معين لزم ، ولم يكن للراهن فسخ الوكالة ، على تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أن الوكالة عقد جائز من الطرفين قبل الشرط اجماعا منا ، فيجوز للراهن فسخها ، اذ الاصل بقاء ما كان عليه.

والالتفات الى قوله عليه‌السلام « المؤمنون عند شروطهم » (٣) ولانه شرط حصل في عقد لازم ، فلا يجوز فسخه ، كغيره من الشروط الواقعة في العقود اللازمة ، وعليه الشيخ وأتباعه.

قال رحمه‌الله : والمرتهن أحق باستيفاء دينه من غيره من الغرماء ، سواء كان الراهن حيا أو ميتا ، على الاشهر (٤).

اقول : ذهب بعض علمائنا الى أن المرتهن مساو لغيره من الغرماء في استيفاء دينه من الرهن اذا كان الراهن ميتا وكانت التركة قاصرة عن أداء الديون ، وليس بجيد.

لنا ـ أن الرهن وثيقة لدين المرتهن ، ولان حقه أسبق فيكون أولى.

قال رحمه‌الله : وفي صحة عتق الراهن مع الاجازة تردد ، والوجه الجواز.

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٢٢٣.

(٢) الخلاف ١ / ٦١٣ ، مسألة ٥٢.

(٣) عوالى اللئالى ١ / ٢٣٥ و ٢٩٣ و ٢ / ٢٧٥ و ٣ / ٢١٧.

(٤) فى « س » : الاظهر.

٢٩٢

أقول : منشؤه : النظر الى أن العتق نوع تصرف ، فيكون منهيا عنه ، والنهي يدل على الفساد في العبادات ، ولا تؤثر فيه الاجازة اللاحقة لتأخرها عنه ، وهو فتوى الشيخ في المبسوط (١).

والالتفات الى أن المانع من العتق انما هو تعلق حق المرتهن به ، فاذا أسقط حقه ارتفع المانع ، وبه أفتى في النهاية (٢). أما لو سبق الاذن على العتق ، صح قولا واحدا.

قال رحمه‌الله : وفي صحة عتق المرتهن مع اجازة الراهن تردد ، والوجه المنع ، لعدم الملك ما لم يسبق الاذن.

أقول : منشؤه : النظر الى أن شرط صحة العتق سبق الملك ولم يحصل فيكون العتق باطلا.

والالتفات الى أن الاجازة اللاحقة دالة على الرضا بالعتق ، فيكون صحيحا.

قال رحمه‌الله : ولو حملت الشجرة أو الدابة أو المملوكة بعد الارتهان كان الحمل رهنا كالاصل على الاظهر.

اقول : اختلف آراء الاصحاب هنا ، والذي اختاره المصنف مذهب الشيخ في النهاية (٣) ، واختار في نكت النهاية أنه لا يدخل ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط (٤) والخلاف (٥) ، ولعله الاقرب.

قال رحمه‌الله : ولا يدخل الزرع ولا الشجر ولا النخل في رهن الارض ، ولو قال بحقوقها دخل ، وفيه تردد.

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٢٠٦.

(٢) النهاية ص ٤٣٣.

(٣) النهاية ص ٤٣٤.

(٤) المبسوط ٢ / ٢٤١.

(٥) الخلاف ١ / ٦١٥.

٢٩٣

اقول : منشؤه : النظر الى أصالة عدم الرهن ، ترك العمل بها في رهن الارض لوجود اللفظ الدال على رهنها ، فيبقى معمولا بها فيما عداها ، ولان عقد الرهن انما تناول الارش فقط ، وليس الزرع والنخل والشجر جزءا منها. والالتفات الى ظاهر الرواية (١).

قال رحمه‌الله : ولو رهن من مسلم خمرا لم يصح ، فلو انقلب في يده خلا فهو له على تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أن هذا الخل هو الخمر بعينه ، وانما امتاز عنه بأوصاف عارضة له ، فيكون للراهن أخذه ، لقوله عليه‌السلام « من وجد عين ماله كان له أخذها » (٢).

والالتفات الى أن الخمر لا يدخل في ملك المسلم ، بمعنى أنه لا يصح له التصرف فيه ببيع أو هبة أو غير ذلك ، فاذا رهنه خرج عن ملكه وصار كالمباح يملكه المرتهن باجازته له ، وهو فتوى الشيخ.

وفي هذا الوجه ضعف ظاهر ، فاذن الوجه الاول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو أقر المفلس بعين دفعت الى المقر له ، وفيه تردد ، لتعلق حق الغرماء بأعيان أمواله.

اقول : منشؤه : النظر الى قوله عليه‌السلام « اقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٣).

والالتفات الى أن حق الغرماء قد تعلق شرعا بأعيان ماله ، فلا يسمع اقراره لما فيه من تضييع الحقوق الثابتة شرعا.

قال رحمه‌الله : ومن وجد عين ماله كان له أخذها ، ولو لم يكن سواها. وله

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٧ / ١٧٣.

(٢) المعجم المفهرس لالفاظ الحديث النبوى ٤ / ٤٥٤.

(٣) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٣ و ٢ / ٢٥٧ و ٣ / ٤٤٢.

٢٩٤

أن يضرب مع الغرماء بدينه ، سواء كان وفاء أو لم يكن على الاظهر.

اقول : ذهب الشيخ في النهاية (١) والاستبصار (٢) الى عدم الاختصاص مع قصور أمواله عن أداء ديونه ، لما فيه من الاضرار بباقي الغرماء ، والاول مذهب الاكثر.

لنا ـ قوله عليه‌السلام : من وجد عين ماله كان له أخذها (٣).

قال رحمه‌الله : ولو كان النماء متصلا ، كالسمن أو الطول ، فزادت لذلك قيمته ، قيل : له أخذه ، لان هذا النماء يتبع الاصل ، وفيه تردد.

اقول : القائل بهذا القول هو الشيخ أبو جعفر رضي‌الله‌عنه في المبسوط ، لان النماء المتصل تابع للاصل ، أي : ينتقل بانتقاله.

وأما منشأ التردد : فالنظر الى ان الزيادة حصلت في ملك المشتري اجماعا فتكون له كالنماء المنفصل ، ولقوله عليه‌السلام « الخراج بالضمان » (٤) فحينئذ يتخير البائع بين أخذه بقيمته ، ويرد على الغرماء الفاضل من القيمة عن الثمن. وبين الضرب مع الغرماء ، كما اختاره أبو علي.

والالتفات الى أن النماء المتصل (٥) تابع في أكثر صور الانتقالات ، فيكون تابعا هنا ترجيحا للاغلبية.

قال رحمه‌الله : الوصف الثاني ـ الرشد ، وهو أن يكون مصلحا لماله ، وهل يعتبر العدالة؟ فيه تردد.

__________________

(١) النهاية ص ٣١٠.

(٢) الاستبصار ٣ / ٨.

(٣) المعجم المفهرس لالفاظ الحديث النبوى ٤ / ٤٥٤.

(٤) عوالى اللئالى ١ / ٢١٩.

(٥) فى « س » : المنفصل.

٢٩٥

اقول : منشؤه : اختلاف التفسير في الرشد المذكور في الآية ، فان بعض المفسرين فسره باصلاح المال والعدالة ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (١) ، وبعضهم فسره باصلاح المال فقط ، وعن ابن عباس انه الوقار والحلم والعقل.

قال رحمه‌الله : ويعلم رشده باختباره بما يلائمه من التصرفات ، ليعلم قوته على المكايسة في المبيعات.

اقول : المكايسة بالياء المنقطة من تحتها نقطتين المغالبة.

قال الجوهري : كايسته فكسته أي : غلبته ، وهو يكايسه في البيع (٢).

قال رحمه‌الله : لا يثبت حجر المفلس الا بحكم الحاكم ، وهل يثبت في السفيه بظهور سفهه؟ فيه تردد ، والوجه أنه لا يثبت.

اقول : منشؤه : النظر الى كون الحجر حكما شرعيا ، فيقف على اذن الحاكم كغيره من الاحكام ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (٣).

والالتفات الى أن تحقق السبب الموجب للحجر وهو السفه.

قال رحمه‌الله : ولو أودعه انسان وديعة فأتلفها ، فيه تردد ، والوجه أنه لا يضمن.

اقول : منشؤه : النظر الى أصالة البراءة ، ولان المودع أتلف ماله بايداعه السفيه ، فلا يستحق عليه شيئا ، كما لو أودعه الصبي والمجنون.

والالتفات الى كونه مباشرا للاتلاف ، فيجب عليه الضمان كغيره.

قال رحمه‌الله : اذا حلف السفيه انعقدت يمينه ، ولو حنث كفر بالصوم ، وفيه تردد.

أقول : لا خلاف في انعقاد يمينه مع الاولوية ، أو تساوي الطرفين. وانما

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٢٨١.

(٢) صحاح اللغة ٢ / ٩٧٠.

(٣) المبسوط ٢ / ٢٨٦.

٢٩٦

الاشكال في الاقتصار على الصوم مع الحنث الذي تجب به الكفارة.

اذا عرفت هذا فنقول : منشأ التردد : النظر الى كونه ممنوعا من التصرف في أمواله ، فلا يجوز له التكفير بغير الصوم.

والالتفات الى أن كل واحد من خصال الكفارة مأذون في فعله شرعا ، فيجوز له التكفير به ، ونمنع عموم المنع من التصرف في المال ، بل انما نمنع من انفاق المال في غير الاعراض السديدة.

قال رحمه‌الله : ولا عبرة برضا المضمون عنه ، لان الضمان كالقضاء ، ولو أنكر بعد الضمان لم يبطل ، على الاصح.

اقول : قال الشيخ في النهاية : متى تبرع الضامن بالضمان وقبل المضمون له ذلك ، صح الضمان وبرأت ذمة المضمون عنه ، الا أن ينكر ذلك ويأباه ، فيبطل ضمان المتبرع ويكون الحق باقيا على أصله ، لم ينتقل عنه بالضمان (١).

وهو فتوى شيخنا المفيد ، وتبعهما ابن البراج وابن حمزة ، وانما كان الاول أصح لوجوه :

الاول : أن الضمان يجري مجرى القضاء ، فلو قضى الاجنبي دين الغريم ورضي المدين ، برأت ذمة المدين اجماعا ولم يكن له رده ، فكذا هنا.

الثاني : أن عليا عليه‌السلام ضمن عن الميت ولو كان رضي المضمون عنه معتبرا لما صح هذا الضمان. وفيه نظر ، لاحتمال الاختصاص بالميت.

الثالث : الضمان ناقل عندنا ، فاعادة المال الى ذمة المضمون عنه بعد انتقاله الى ذمة الضامن يحتاج الى دليل شرعي.

قال رحمه‌الله : والضمان المؤجل جائز اجماعا ، وفي الحال تردد ، أظهره الجواز.

__________________

(١) النهاية ص ٣١٤.

٢٩٧

اقول : منشؤه : النظر الى الاصل الدال على الجواز ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (١) ، وأتبعه المتأخر.

والالتفات الى أن الضمان عقد شرع للارفاق ، ولا ارفاق في الحال ، وبه أفتى الشيخ في النهاية (٢) ، ولقائل أن يمنع المقدمتين.

قال رحمه‌الله : الثاني ـ في الحق المضمون ، الى قوله : وكذا ما ليس بلازم لكن يؤول الى اللزوم ، كمال الجعالة قبل فعل ما شرط ، وكمال السبق والرماية على تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى كون الجعالة عقدا جائزا من الطرفين قبل الشروع فلا يصح ضمان مالها ، اذ هو ضمان ما لم يجب ، وبه أفتى الشيخ في الخلاف (٣).

والالتفات الى الآية ، وعموم قوله عليه‌السلام « الزعيم غارم » (٤) ولان في الضمان مصلحة مقصودة للعقلاء لا يمكن حصولها الا به ، فيكون مشروعا ، لقوله عليه‌السلام « ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن » (٥) وبه أفتى الشيخ في المبسوط (٦).

وأما عقد السبق والرماية ، فان قلنا انه عقد لازم كالاجارة ، صح ضمان ماله وان قلنا انه جائز كالجعالة ، كان البحث فيه كالبحث في الجعالة.

قال رحمه‌الله : وفي ضمان الاعيان المضمونة ، كالغصب والمقبوض بالبيع الفاسد تردد ، والاشبه الجواز.

اقول : منشؤه : النظر الى مقتضى الاصل ، ولان في الضمان مصلحة مقصودة

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٣٢٣.

(٢) النهاية ص ٣١٥.

(٣) الخلاف ١ / ٦٣٩.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ / ٨٠٤ برقم : ٢٤٠٥.

(٥) عوالى اللئالى ١ / ٣٨١.

(٦) المبسوط ٢ / ٣٢٥.

٢٩٨

فيكون مشروعا ، اذ الاحكام تابعة للمصالح عندنا ، ولانها أعيان مضمونة فيصح ضمانها.

والالتفات الى كونها غير ثابتة في الذمة ، اذ الواجب تسليمها فقط ، فلا يصح ضمانها ، اذ معناه انتقال المال من ذمة الى أخرى ، وهذا المعنى غير متحقق هنا.

قال رحمه‌الله : ولا يشترط العلم بكمية المال ، فلو ضمن ما في ذمته ، صح على الاشبه.

اقول : ذهب الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (١) والخلاف (٢) الى اشتراط العلم بكمية المال المضمون ، دفعا للغرر والجهالة ، وتبعه ابن البراج في المهذب والمتأخر ، ولم يشترطه في النهاية (٣) ، عملا بالاصل ، وعليه الاكثر.

قال رحمه‌الله : اذا ضمن عهدة الثمن ، لزمه دركه ـ الى قوله : أما لو طالب بالارش رجع على الضامن ، لان استحقاقه ثابت عند العقد ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة الذمة ، ولان ضمان عهدة الثمن عبارة عن الالزام باداء الثمن مع خروج المبيع مستحقا ، وهذا المعنى غير موجود هنا.

والالتفات الى أن دفع الثمن في مقابلة المبيع يقتضي تقسطه على جميع أجزائه ، فاذا ظهر به عيب سابق تبينا أن بعض الثمن لم يكن مستحقا للبائع ، فيكون له الرجوع على الضامن.

قال رحمه‌الله : اذا كان الدين مؤجلا ، فضمنه حالا ، لم يصح ، وكذا لو كان الى شهرين ، فضمنه الى شهر ، لان الفرع لا يرجح على الاصل ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أصل الصحة ، ولاشتماله على المنفعة المقصودة للعباد.

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٣٢٣.

(٢) الخلاف ١ / ٦٣٨.

(٣) النهاية ص ٣١٦.

٢٩٩

والالتفات الى أن الضامن فرع على المضمون عنه ، فلا يجوز أن يكون المال عليه أثقل مما كان على المضمون عنه ، اذ فيه ترجيح الفرع على الاصل ، وهو فتوى الشيخ في المبسوط (١) ، ولما ضعف هذا الوجه ظاهرا ، كان الاعراض عنه حقيقا.

قال رحمه‌الله : ويبرأ المحيل وان لم يبرأه المحتال ، على الاظهر.

أقول : اشترط الشيخ في براءة ذمة المحيل ابراء المحتال ، عملا بالرواية (٢) وعليه دل ظاهر كلام الاكثر ، ولم يعتبر المتأخر ذلك ، لان الابراء اسقاط ما في الذمة ، وبالحوالة قد حصل سقوط ما في الذمة ، فلا معنى لاشتراط الابراء ، اذ هو تحصيل للحاصل ، وأنه محال.

قال رحمه‌الله : ويشترط تساوي المالين جنسا ووصفا ، تفصيا من التسلط على المحال ، اذ لا يجب أن يدفع الامثل ما عليه ، وفيه تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أصالة عدم الاشتراط.

والالتفات الى أن في عدم اعتبار تساوي الحقين تسلطا على المحال عليه والاضرار به ، فيكون منفيا بالآية والرواية ، فيكون التساوي معتبرا ، وبه أفتى الشيخ في المبسوط (٣) ، وأتبعه ابن البراج وابن حمزة. وهو ضعيف ، لانا نعتبر في صحة الحوالة رضا المحال عليه ، ومع رضاه بذلك يندفع هذا المقال.

قال رحمه‌الله : اذا قال أحلتك عليه فقبض ، وقال المحيل : قصدت الوكالة ، وقال المحتال : انما أحلتني بمالي عليك فالقول قول المحيل ، لانه أعرف بلفظه وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى ظاهر اللفظ ، فيكون القول قول المحتال ، لاستناده

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٣٢٤.

(٢) تهذيب الاحكام ٦ / ٢١٢.

(٣) المبسوط ٢ / ٣٣٧.

٣٠٠