الحاشية على الروضة البهيّة

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي

الحاشية على الروضة البهيّة

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-632-3
الصفحات: ٨٤٨

يقتضي خلافه ، وإلا استأنف.

قوله : فإنّ التتابع.

هذا تفريع على قوله : « إلّا في ثلاثة مواضع » ، أو تفصيل لكيفيّة سقوط التتابع. والمراد بالأوّلين : الشهران المتتابعان والشهر المتتابع ، وبالباقي : الباقي بعد صيام شهر ويوم وبعد صيام خمسة عشر يوما ، وبالثالث : صوم يومين في دم المتعة ، والباقي فيه : اليوم الثالث. يعني : أن التتابع في الأولين يسقط في الباقي مطلقا أي : من غير تحديد ، فيجوز له تأخير الباقي فيهما متى شاء ، وأمّا في الثالث ، فيسقط تتابع اليوم الثالث إلى انقضاء أيّام التشريق. أمّا بعده فلا يجوز التأخير عنه ، بل تجب المبادرة إليه.

ومن هذا ظهر أنّ المراد بالتتابع هنا : المبادرة والمسارعة في التتابع من المبادرة ( كذا ) ، وإلّا فأصل التتابع المعهود سقط في الثالث أيضا.

المسألة التاسعة

قوله : وشبهه.

ممّا لا تنفصل أجزاؤه ، ولا طعم له حتّى يتعدى إلى الحلق.

قوله : وزق الطائر.

زرق الطائر : إطعامه كما يطعم الطائر فرخه. والمراد : إمّا إطعام خصوص الطائر ، فالاضافة حينئذ إضافة المصدر إلى المفعول أو المراد : مثل إطعام الطائر ، فالإضافة من باب إضافة المصدر إلى المفعول كما في قولك : « ضربته ضرب زيد » أي : مثل ضربه.

قوله : وخصوصا.

أي : هو مخصوص بالنص ، أو الكراهة فيه آكد.

قوله : روي استحبابه للصائم.

أي : روى الحسن بن راشد قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام إذا صام تطيب بالطيب ويقول :« الطيب تحفة الصائم ». (١) وفي الخصال كان أبو عبد الله الحسين بن علي عليهما‌السلام إذا صام

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٠ / ٩٢.

٤٤١

يتطيب بالطيب ، ويقول « الطيب تحفة الصائم ». (١)

قوله : بالجامد.

وأمّا المائع فقد عرفت تحريمه.

قوله : وقيل : يجب [ القضاء ] عليهما.

القائل هو سلّار وأبو الصلاح ، وهما وإن لم يصرحا إلّا في المرأة ولكنّه جعل من المعلوم الحاق الخنثى بها ، وهو مشكل ، ثمّ الأندر منه قول ابن زهرة وابن البراج بوجوب القضاء والكفّارة معا.

قوله : الممسوح كذلك.

لا يخفى أنّ المعهود من الممسوح ممسوح الخصيتين ، وهو لا يؤثّر في قرب المنفذ إلى الجوف ، بل هو كغيره في غير حال الانتشار. فالظاهر أنّ المراد بالخصي الممسوح هنا المجبوب الذكر أو الذكر والخصيتين جميعا لا ممسوح الخصيتين خاصّة.

وليس لأحد أن [ يقول ] المنفذ في المرأة أوسع ؛ فإنّه ممنوع في البكر. ولو سلّم فلا يجدي ضيق المنفذ إلّا قلّة ما ينفذ فيه من الماء ، بل عسى أن يكون الشفران في المرأة ممّا يمنع الماء من النفوذ ، ولا شفرين للخصي ، إلّا أنّ عند الجلوس لا ينفع الشفران غالبا.

قوله : تبريدا.

أي : من بلّ الثوب على الجسد.

قوله : أن يصمّ.

بـ « الميم » المشدّدة بعد « الصاد » المضمومة من ( صمّ يصمّ ) أو يصم بـ « الصاد » المكسورة من الاصمام وعلى التقديرين يكون عطف البصر وسائر الجوارح على السمع من باب التغليب ، أو حذف فعل تدلّ عليه قرينة المقام ، وهو « يعمي » و « يكف ».

أو بـ « الياء » الساكنة بعد « الصاد » المكسورة من ( أصام يصيم ) من الصوم. قيل : ولم أظفر به من اللغة ، نعم جوّز الأخفش أظنّ وأحسب مثل أعلم ، واستظهر منه بعض شراح المفصل أنّ التعدية بالهمزة عنده قياس ، و « الباء » في قوله : ( بطاعة الله ) بمعنى : « عن » أي :

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٠ / ٩٦.

٤٤٢

إلّا عن طاعة الله أو بتقدير الاشتغال

أي : إلّا عن الاشتغال بطاعة الله.

المسألة العاشرة

٤٤٣
٤٤٤

كتاب الحج

الفصل الأوّل

قوله : الحج.

في الحج لغتان الفتح والكسر. وقيل : « الفتح المصدر ، والكسر الاسم ».

قوله : في شرائطه.

أي : شرائط وجوب الحج ، أو استحبابه ، أو صحته ، وكذا أسباب وجوبه أو صحته.

والمراد بالشرط : ما لا يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم ، وبالسبب : ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم. ولمّا كان الكلام هنا في الشرائط والأسباب الشرعيّة فالشرط ما صرّح الشارع باستلزام عدمه العدم ، والسبب ما صرّح باستلزام وجوده الوجود ، وإن قد يتخلّف الوجود لفقد شرط ثبت شرطيته من دليل آخر.

ووجه جعله حينئذ سببا (١) إطلاق الشارع باستلزام وجوده الوجود ، فإنّ بعد تصريحه بذلك لا ( كذا ) يصير ذلك أصلا يصحّ إطلاق السبب عليه ، وإن قد يخرج عن الأصل بدليل مخرج. فالسبب هنا للوجوب : الاستطاعة والنذر وشبهه والاستيجار والإفساد حيث ورد في الظواهر وجوب الحج معها فالشارع جعل وجودها مستلزما لوجود الوجوب ، وصار ذلك أصلا ، حتّى أنّه لو لم يثبت عدم الوجوب على العبد ـ مثلا ـ لم يقل به.

والشرط : البلوغ إلى آخر ما ذكره بعده ، فإنّه لم يرد حديث وآية مصرّحة بأنّه يجب الحج على البالغ ـ مثلا ـ مطلقا ، أو الحر كذلك ، ولكن ورد أنّه لا يجب على عادمهما ،

__________________

(١) فى الاصل : شرطا.

٤٤٥

فرتّب الشارع عدم الوجوب على عدمهما ، والأصل دلّ على عدم ترتّب الوجود على وجودهما ، فصار ذلك أصلا. ولكون الاستطاعة وما بعدها سببا ، والبلوغ وما بعده شرطا قال المصنّف : « ويجب الحج بالاستطاعة » إلى أن قال : « وشرط وجوبه البلوغ ».

قوله : بالإجماع.

متعلّق بقوله : « على الفور » لا وجوب الحج على المستطيع ؛ لعدم اختصاص الإجماع على وجوبه بالفرقة المحقّة.

قوله : والمراد بالفورية.

لما كان الظاهر من الفورية وجوب المبادرة بعد الاستطاعة بلا فصل مع الإمكان ، وكان لازمه أنّه لو استطاع أحد في شهر المحرم ـ مثلا ـ يجب عليه الحج بلا فصل ، وأيضا كان مقتضى فوريته في العام الأوّل كونه وقتا له ، فيصير قضاء بالتأخير ، وأيضا كلّ واجب فوري إذا اخّر لا يكون بعده واجبا فورا ، بيّن أنّ المراد بالفورية وجوب الحج في العام الأوّل في وقت الحج ، وإن فصل بينه وبين الاستطاعة ، لا ما هو الظاهر منها ، وأنّ الفورية هنا لا تقتضي صيرورته قضاء بالتأخير فيه ؛ وأنّ الحج بعد التأخير لا يخرج عن الفورية بعده ، بل يكون في العام اللاحق أيضا فوريا.

قوله : في أوّل عام.

إضافة الأوّل إلى العام من باب « جرد قطيفة » أي : العام الأوّل من الاستطاعة ، لا أوّل العام ؛ لعدم وجوبه قطعا.

قوله : الاستطاعة.

الاستطاعة في الأخبار مفسرة بالزاد والراحلة. وفي بعضها بالحج به ، وهو أيضا بمعنى : الزاد والراحلة ، وأما إمكان المسير وتخلية السرب وإن كانا شرطين في الوجوب ، ولكنّهما غير مرادين من الاستطاعة ، ولذا عطف الفقهاء إمكان المسير ونحوه على الاستطاعة.

فلا يرد : أنّ الاستطاعة مستلزمة للإمكان ، فلا معنى للتقييد بقوله : « مع الإمكان »

قوله : كذلك.

٤٤٦

أي : في أوّل الاستطاعة.

قوله : في استقراره.

أي : في استقرار الحج في ذمّته ووجوبه عليه ، وإن زالت الاستطاعة بعده كما أنّ المؤخّر للحج في العام الأوّل كذلك. وأمّا من يقول بعدم وجوب السير مع اوليها وإن أمكن ، يقول بأنّه لو اتّفق عدم إدراكه مع التالية بشرط احتمال الإدراك أوّلا ، فلا يستقرّ الحج في ذمّته ، ولو زالت الاستطاعة بعده لا إثم عليه ، ولا يجب عليه حج.

قوله : بأصل الشرع.

أي : من غير سبب عارض للوجوب كالنذر وشبهه.

قوله : والاستيجار.

سواء كان واجبا على المنوب أم لا.

قوله : فيتعدّد.

الضمير راجع إلى الحج الواجب بالعارض مطلقا. و « الفاء » تفريع على قوله : « وقد يجب ».

قوله : متكلّفا.

متعلّق بقوله : « ويستحب » وحال عمّن يستحبّ له.

قوله : والزاد والراحلة.

الشرط كلّ واحد منهما ، وإن كان مجموعهما سببا ، فلا ينافي ذلك جعل الاستطاعة سببا ، وتفسيره بالزاد والراحلة كما ذكرنا. ويمكن أن يكون السبب هو الاستطاعة بمعنى اجتماع جميع الشرائط ، وإن كان المراد بها في قوله : « أوّل عام الاستطاعة » : الزاد والراحلة فقط.

قوله : بما يناسب قوّة وضعفا.

الجار متعلّق بالراحلة. والمراد بالقوّة والضعف : قوّة الراكب وضعفه ؛ فإنّه قد يكون قويا فيمكن له ركوب القتب ، وقد يكون ضعيفا لا يتمكّن من القرار عليه ، بل لا بدّ له من المحمل.

ويمكن أن يراد : قوّة المركوب وضعفه؛فإنّه قدتكون المسافة بعيدة والراكب جسيما ،

٤٤٧

فلا يتحمّله الحمار ، ويحتاج إلى جمل ، أو فرس ، وقد لا يكون كذلك فيكفي الحمار.

وقوله : « لا شرفا وضعة » ردّ على التذكرة حيث اعتبر المناسبة في الشرف والضعة ، فمن كان من شأنه ركوب الفرس والجمل لعلوّ منصبه لا يستطيع بالقدرة على الحمار. وإنّما ردّ عليه ؛ لتصريح الأحاديث بعدم اعتباره.

ويحتمل بعيدا تعلّق الجار بالزاد والراحلة معا ، فإنّ من الزاد ما لا يصلح قوتا للضعيف ويكفي للقوي.

قوله : فيما يفتقر.

متعلّق باشتراط الزاد والراحلة معا كما صرّحوا به. قال في الشرائع : « وهما يعتبران لمن يفتقر إلى قطع المسافة ». (١) ويشعر به قوله : « للسؤال » أيضا ؛ لأنّه إنّما يكون للزاد غالبا.

قوله : ويستثنى له.

والضمير للمستطيع والمراد باستثناء ما ذكر : أنّه لا يصرف في الحج ولا يدخل في الاستطاعة.

قوله : كمّا وكيفا ، عينا أو قيمة.

الأوّلان متعلّقان باللائقة. والثانية بقوله : « يستثنى » يعني يستثنى ما ذكر بقدر يليق بحاله بحسب الكم والكيف معا ، فمن احتاج إلى ثوبين يستثنيان له ، ومن احتاج إلى ثلاثة أثواب تستثنى له ، وهكذا. وكيفيّة الثوب أيضا كذلك بحسب شأن الشخص ، ويستثنى هذه الامور باعيانها أو قيمتها ، فإن كان مالكها يستثنى أعيانها ، وإن لم يملكها وملك قيمتها يستثنى قيمتها.

ولكون المستثنى اللائق في الكم والكيف عطفهما بـ « الواو » ولكونه واحدا من العين أو القيمة عطفهما بـ « أو ».

قوله : بالصحّة.

المراد بالصحّة : انتفاء المرض الذي يتضرّر معه بالركوب أو يحصل المشقّة الشديدة

__________________

(١) الشرائع ١ / ٢٥٢.

٤٤٨

فيه ، وأمّا المرض الذي يتمكّن معه من الركوب ، ولا يتضرّر به فليس مانعا.

قوله : وإن وجب.

ويترتب عليه إثمه بالإخلال.

قوله : وشرط مباشرته.

أي : شرط صحّة مباشرة الحج بأن يأتي بنفسه المناسك مع الإسلام التمييز ، فيصحّ من المميّز مباشرة أفعاله وإن احتاج أوّلا إلى أن أذن الولي في المباشرة ، بخلاف غير المميّز ؛ فإنّه لا يباشرها بنفسه ، بل يحرم الولي عنها إلى آخر ما ذكره.

قوله : وما في حكمه.

لفظة « الواو » بمعنى : « أو ». والضمير للإسلام أي : ما في حكم الإسلام. والغرض :دخول أطفال المسلمين والمجنونين منهم.

قوله : ويحرم الولي.

المراد بإحرام الولي عنه نيّته لجعلهما محرمين ، لأنّه يأتي بنفسه بلوازم الإحرام أيضا.

قوله : لأنّه يجعلهما.

هذا تعليل لصحّة إحرام الولي عن غير المميّز مع كونه محرما أيضا حيث إنّه يوجب إحرامه بحجتين ظاهرا ، وهو غير جائز وتوضيح العلّة ، أنّه وإن نوى الإحرام ، لكنّه لا ينوي إحرامه بنفسه ، بل ينوي إحرامهما ، فهو يجعلهما محرمين. وقوله : « لا نائبا عنهما » أي : لا يجعل نفسه نائبا عنهما. فقوله : « نائبا » مفعول لفعل محذوف يدلّ عليه قوله :« يجعلهما ».

قوله : بهذا.

المشار إليه هو المولّى عليه.

قوله : مواجها له.

الضمير المجرور في « له » راجع إلى الولى. وقوله : « مواجها » معطوف على « حاضرا » بحذف العاطف ، ويمكن أن يكون قوله : « مواجها » حالا عن الولي ، ويكون الضمير للمولّى عليه.

٤٤٩

قوله : وإلّا لبّى.

بصيغة المعلوم أي : لبّى الولي عنه. وأمّا بصيغة المجهول حتّى يكون المراد : التلبية عنه ، ولو عن غير الولي ، فجوازه غير معلوم ؛ لعدم ثبوت جواز الاستنابة فيها هنا.

قوله : تروكه.

أي : تروك الإحرام.

قوله : وإذا طاف به.

أي : أراد الطواف به.

قوله : وحمله.

الحمل هنا مستعمل في معنيين : أحدهما : التحمل له بأن يجعله على كتفه ونحوه ، وثانيهما : البعث. والمعنى : أن الولي حمل الطفل أي يحتمله ويجعله حملا على نفسه أو يحمله على المشي أي : يبعثه عليه بأن يأمره بالمشي في مشي معه. وقوله : « أو ساق به » أي : يسوقه أو يقوده. والمراد : أنّه أو يحمله على دابّة فيسوقها ، أو يقودها ، ولا يجوز له أمر المولّى عليه بسوق الدابّة بنفسه. والضمير المجرور في قوله : « أو استناب فيه » أي : في طواف الطفل ، لا بأن يطوف النائب عنه ، بل بأن يطوف به كما كان الولي يطوف. ويمكن إرجاع الضمير إلى كلّ من الحمل والسوق والقود بل هو الأظهر.

قوله : نقص سنّه عن ستّ.

وأمّا [ من ] بلغ ست سنين فتصح منه الصلاة كما مرّ في كتاب الصلاة أنّه يؤمر بالصلاة ، وصلاته تمرينيّة ، فلو فعلها لم تكن صورة الصلاة ، بل تكون صلاة.

قوله : فله.

أي : للولي.

قوله : فله الرجوع.

أي : للمولى الرجوع في الإذن قبل تلبّس العبد بالإحرام ، وأمّا بعده فلا. وهذا ردّ على الشيخ حيث قال : « إنّه يصحّ إحرامه وللسيّد أن يحلله ». ثمّ لو رجع المولى قبل التلبس ولم يعلم العبد حتّى أحرم ، فالأقوى وجوب الاستمرار لدخوله دخولا مشروعا ، فكان

٤٥٠

رجوع الولي كرجوع الموكّل قبل التصرف ولم يعلم الوكيل.

قوله : من إطلاقه.

أي : إطلاق المصنّف. والمراد من إطلاقه قوله : « ويستحبّ تكراره ولفاقد الشرائط » حيث أطلق الاستحباب لمطلق فاقد الشرائط ، و [ من ] لم يكرّره الشاملين للولد ، ولم يقيّده بشرط إذن الأب أو الأبوين.

قوله : على إذن الأب والأبوين.

الترديد بين الأب والأبوين باعتبار اختلاف القولين ؛ فإنّ منهم من قال باشتراط إذن الأبوين.

قوله : لم يستلزم.

أي : الحج.

قوله : صحيحا.

بأن يأذن المولى والولي.

قوله : بعد ذلك.

أي : بعد البلوغ والإفاقة.

قوله : فبتلبسه به.

لما مر من أنّ العبد بعد التلبس بإذن المولى يجب عليه الحج ، ولا يجوز للمولى الرجوع في الإذن.

قوله : فالإجزاء فيه أوضح.

وذلك ؛ لأنّ من يقول بعدم الإجزاء متمسك بأنّ ما تقدّم على الكمال وقع مندوبا ، والأصل عدم إجزاء الواجب عن المندوب (١) ، فربما اتى بأفعال كثيرة قبل أحد الموقفين أو قبل المشعر خاصّة ، وهي تكون في غير العبد مندوبة أيضا ، وفيه واجبة ، إلّا التلبّس ، فإذا أجزاء افعال كثيرة مندوبة عن الواجب ، فإجزاء الواجب عنه أو مجرّد التلبس المندوب أوضح.

قوله : له سابقا.

__________________

(١) والاصل عدم اجزاء المندوب عن الواجب. ظ

٤٥١

أي : سابقا على الكمال الذي هو العتق والإفاقة والبلوغ ولاحقا عليه ، أو في الأفعال السابقة على الكمال واللاحقة عليه ، ثمّ إنّهم اختلفوا في الاستطاعة سابقا أنّه هل يعتبر حصولها من الميقات أو من البلد؟ وقيل : يكفي حصولها من حين التكليف به.

قوله : لأنّ الكمال الحاصل.

أي : العتق والبلوغ والإفاقة أحد شرائط الوجوب ، فالاجزاء الذي صرّح به الفقهاء وورد في الأخبار هو الاجزاء من جهته ، وذلك لا يقتضي الإجزاء من جهة سائر الشرائط لو لم تكن حاصلة.

قوله : بعدم اشتراطها فيه للسابق أمّا اللاحق الى آخره

أي : عدم اشتراط الاستطاعة في العبد للسابق من أفعال الحج على العتق. وأمّا الأفعال اللاحقة فيعتبر الاستطاعة فيها قطعا.

والتذكير في السابق والتأنيث في اللاحق (١) باعتبار أنّ السابق قد يكون فعلا واحدا ، بخلاف اللاحقة ، فإنّه لمّا يشترط أن يكون قبل أحد الموقفين تكون أفعالا عديدة ؛ لتعدّد المناسك الواقعة بعده. ويمكن أن يكون المعنى : الاستطاعة اللاحقة.

قوله : ولزوم تعليق الواجب.

هذا تعليل لعدم كفاية مجرّده ، وحاصله : أنّه لو كفى مجرّد البذل في وجوب الحج لزم كون الواجب معلّقا بالجائز حيث إنّ الوجوب معلّق بالاستطاعة ، والاستطاعة هنا ليست بلازمة بل جائزة ، فيلزم وجوب الحج بالاستطاعة الجائزة.

وحاصل دفعه : أنّ الواجب المطلق لا يعلّق بالجائز بمعنى أن يكون شي‌ء واجبا [ معلّقا ] بأمر جائز مطلقا ، ولو زال ذلك الجائز. أمّا الواجب المشروط بأن يكون وجوبه مشروطا ببقاء الجائز ، فلا امتناع فيه ؛ لسقوط الوجوب بانتفاء الجائز ، فإنّ من حصل له الزاد والراحلة وأمكن السير يجب عليه الحج مع أنّ ذهاب المال والمنع من السير أمر ممكن جائز والوجوب معهما ثابت إجماعا ، وإن سقط بعد انتفائهما.

قوله : إجماعا.

__________________

(١) كان فى نسخة المؤلف : اللاحقة.

٤٥٢

قيد للثابت أو المسقطة.

قوله : الوجوب بالبذل.

يعني : إن كان المبذول بقدر ما يحجّ به خاصّة وكان المبذول له ذا دين ، أو احتاج إلى المستثنيات يجب عليه الحج ، ولا يمنع دينه وعدم وجود المستثنيات عن وجوبه.

قوله : لو بذل له ما يكمل الاستطاعة.

يعني : أنّه لو كان له مال غير واف بالاستطاعة وبذل له ما يكمل له الاستطاعة اشترط زيادة جميع ما كان له أوّلا وما بذل له عن الدين والمستثنيات بقدر ما يحجّ به.

وإطلاقه يشمل ما لو لم يكن ماله أوّلا بقدر الدين والمستثنيات أيضا ، وهو كذلك والسرّ : أنّ ما بذل له لا يفي بالاستطاعة ، فلا يجب الحج به ، وما كان له أوّلا أيضا يجوز صرفه في الدين والمستثنيات فلا يجب به ولكن زيادة الجميع شرط في الوجوب ، لا أن يجوز له صرف ما بذل له في الدين والمستثنيات مطلقا ؛ إذ قد يكون البذل مشروطا بأن يحجّ به.

قوله : وكذا لو وهب.

يعني : مثل ما لو بذل له ما يكمل الاستطاعة في اشتراط زيادة الدين والمستثنيات. أمّا شرط الحج به أي : بالموهوب فهو كالمبذول في أنّه لا يمنع إلّا إذا كان الموهوب ما يكمل الاستطاعة.

وقوله : « فيجب » تفريع على كونه كالمبذول أيضا. ويمكن أن يكون قوله : « وكذا لو وهب » عطفا على قوله : « فلو بذل لها اثمانهما » أي : لا يجب قبول الهبة المطلقة ، وحينئذ فقوله : « فيجب » تفصيل لكونه كالمبذول.

قوله : خلافا.

فقال : لا يجب قبول هبتهما.

قوله : بين البذل والهبة.

الظاهر أنّ المراد الفرق بينهما في الدروس حيث أوجب الحجّ بالبذل دون الهبة. أو المراد : الفرق بينهما بأن أجمعوا على الوجوب بالبذل ووقع الخلاف في الهبة.

٤٥٣

وتوضيح الفرق : أنّ النصوص بعمومها تدلّ على الوجوب بالبذل والهبة ، ولكن في البذل لا معارض لها حتّى يتأتّى فيه الخلاف ، بخلاف الهبة ، فإنّ كونها اكتسابا وهو غير واجب للحج ؛ لأنّه واجب مشروط وتحصيل ما يتوقّف عليه الواجب المشروط غير واجب معارض له ، فيتأتّى فيه الخلاف باعتبار تفاوت الآراء في ترجيحات المتعارضين.

هذا إذا كان قوله : « وكذا لو وهب مالا » عطفا على قوله : « نعم لو بذل له ». وأمّا لو كان معطوفا على قوله : « لو بذل له أثمانهما » فيكون فرق آخر بين البذل والهبة ، وهو وجوب قبول البذل المطلق إذا كان عين الزاد والراحلة دون الهبة المطلقة كذلك.

ووجه الفرق حينئذ : أنّ الوارد في النصوص هو عرض الحج المخصوص ظاهرا بعين الزاد والراحلة لأجل الحج ، فيجب كلّما كان كذلك ومنه بذل العين للحج وهبتها له. وأمّا بذل العين وهبتها مطلقة فلا يدلّ عليهما تلك النصوص وتكون خارجة. ولكن البذل لعدم كونه اكتسابا إذا تحقّق يتحقّق معه الاستطاعة من غير احتياج إلى كسب من المبذول له ، فيجب قبوله بإطلاقات الاستطاعة ، بخلاف الهبة ، فإنّها لمّا كانت اكتسابا وهو غير واجب للحج لا يكون قبولها واجبا.

قوله : البذل ) الواجب.

أي : الواجب قبوله.

قوله : والمراد بها.

الضمير للمئونة التي يدلّ عليها قوله : « ما يمون ».

قوله : بحسب حاله ) لهم.

يعني : الاقتصاد بما يقتضيه حال هذا الشخص للعيال ، لا حال هذا الشخص لنفسه ، فيعتبر في ثوب الخادم ما يقتضيه حال هذا الشخص لخادمه ، لا لنفسه.

قوله : وهو ممنوع.

أي : كون الاستطاعة شرطا ممنوع ؛ لأنّ المسلّم أنّها شرط في وجوب الحج مباشرة ، لا استنابة. ويمكن بعيدا أن يكون المراد : منع فقد الاستطاعة حيث إنّ الاستطاعة مختلفة ،

__________________

(١) هكذا كانت عبارة شرح اللمعة في نسخة المحشّي ره.

(٢) هكذا كانت عبارة شرح اللمعة في نسخة المحشّي ره.

٤٥٤

فهي لمثل ما نحن فيه التمكّن من الاستنابة.

قوله : بالاستطاعة.

القيد هنا ليس للاحتراز ، بل لأنّ محل الخلاف الوجوب بالاستطاعة ، وأمّا في الوجوب بالنذر وأمثاله فلا خلاف في عدم اشتراط ذلك.

قوله : من صناعة أو حرفة أو بضاعة أو ضيعة.

الفرق بين الصناعة والحرفة : أنّ الصناعة هي الملكة الحاصلة من التمرّن على العمل كالكتابة والخياطة ، والحرفة ما يكتسب ممّا لا يفتقر إلى ذلك كالاحتطاب والاحتشاش ، والبضاعة مال التجارة والضيعة الاملاك.

قوله : لرواية أبي الربيع إلى آخره.

متن الرواية هكذا : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله ( عزوجل ) ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فقال : « ما يقول الناس »؟ قال : فقلت له : الزاد والراحلة قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « قد سئل أبو جعفر عن هذا. فقال : « هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به عياله ويستغنون به عن الناس ، فينطلق إليهم فيسلبهم إيّاه لقد هلكوا إذا ، فقيل له : فما السبيل؟ قال : فقال : السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا لقوت عياله ، أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلّا على من يملك مائتي درهم ». (١)

ووجه عدم دلالتها على مطلوبهم ظاهر.

قوله : الخوف على البضع.

وهو خوف مجامعته ، والخوف على العرض : الخوف على أن يعاب أي : فعل به ما يوجب العيب وإن لم يكن مجامعة.

قوله : ومع الحاجة إليه.

أي : ومع الحاجة إلى المحرم ، يشترط في وجوب الحج على المرأة سفر المحرم معها ، ولا يجب على المحرم إجابة المرأة إلى السفر تبرّعا ، ولا باجرة ، وللمحرم طلب الاجرة

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١١ / ٣٧.

٤٥٥

فيكون الاجرة جزءا من استطاعة المرأة حينئذ.

قوله : لو اعترفت نفعه.

أي : نفع الزوج اعترافها حيث يمنع من الحج ، فيسقط عنها المسافرة ومئونتها ، وينتفع الزوج ببضعها والتمتع منها ، فلا يكون إنكارها مسموعا بمجرّده ، بل يضم معه اليمين ، لأنّه حقيقة إنكار لما فيه منفعة الغير ، وفي الانكار تضرر به فيكون كسائر الدعاوي ويتوجّه اليمين على المنكر.

قوله : وله حينئذ منعها.

أي : حين فقد شاهد الحال ، والبيّنة إذا كان محقّا في الواقع.

قوله : في الدروس غيره.

أي : لم يذكر غير العشرين ، بل خصّه بالذكر.

قوله : في الحل.

بأن يخرج من الحرم بعد الدخول فيه لأمر.

قوله : كما لو مات.

مثال للموت محلا.

قوله : في إحرام الحج أم العمرة.

متعلّق بقوله : « مات » أي : سواء مات في إحرام الحج بأن يكون حجّه قرانا أو إفرادا ، أو بأن يفرغ عن أفعال العمرة وأحرم بالحج ، أو في إحرام العمرة بأن يكون حجّة تمتّعا وأحرم أوّلا بالعمرة ، أو بأن يفرغ عن أعمال الحج في غير التمتّع ، وأحرم بالعمرة المفردة.

قوله : جميع أفعال الحج.

فيه ردّ على من قال بالاستقرار بمضي زمان يتمكّن فيه من أداء الأركان خاصّة. ومن قال به بمضي زمان يمكنه فيه الإحرام ودخول الحرم.

قوله : من بلده.

الظاهر من بلده بلد استيطانه ، وقيل : بلد موته ، وقيل : بلد يساره.

قوله : يراد بها الجنس.

٤٥٦

حتّى تشمل الواحد والمتعدّد.

قوله : عن اجرته.

متعلّق بقوله : « زاد » ، والضمير المجرور فيه للحج. وقوله : « من الميقات » متعلّق بمرجع الضمير. و « من الثلث » متعلّق بالخروج. وقوله : « إجماعا » متعلّق بقوله : « يتعيّن » أي : يتعيّن الوفاء بما عيّنه بشرط أن يكون غير اجرة الحج من الميقات خارجا من ثلث ماله ، واما إذا لم يخرج ، فلا إجماع على الخروج.

قوله : ووجوب سلوكها.

مبتدأ ، خبره قوله : « يندفع ». وقوله : « فيجب » تفريع على وجوب السلوك وتوقّفه على مئونته ، والضمير في « توقّفه » للسلوك ، وكذا في « مئونته » على النسخ التي فيها الضمير. وفي « قضائها » للمقدّمة أو الطريق. وفي قوله : « عنه » للميّت.

وقوله : « ووجوب » دليل للقائلين بوجوب القضاء عن البلد ، وتوضيحه : أن السلوك واجب من باب المقدمة ، وهو موقوف على المئونة ، فتكون المئونة أيضا واجبة على المتوفى ، ويتعلّق الوجوب بها حال حياته ، فيكون هذا أيضا دينا كسائر الديون ، فيجب أداؤها بأن يقضى عنها.

قوله : إذا لم تكن مقصودة.

هذا احتراز عن مثل الوضوء والغسل ممّا امر به أصالة في الشرع أيضا.

قوله : لا تجب.

هذا مبني على منع وجوب مقدّمة الواجب ، ويمكن أن يكون المراد : أنّه ليس واجبا مطلقا على ما هو الحق من أنّ مقدّمة الواجب مشروط بشرط التوقف ، فإذا زال التوقّف سقط الوجوب.

قوله : ذاهلا.

أي : ذاهلا في سفره ، بأن لا يشعر بأنّه يسافر بأن يركب في منزل قريب من مكّة ولا يشعر بأنّه يسافر ، بل يكون قلبه مشغولا بفكر آخر. أو المراد : الذهول عن الحج. والفرق بينه وبين قوله : « لا بنيّته » : أنّ المراد منه أن يكون شاعرا بالسفر ، ولكن لم يكن له مقصود كأن يهرب من منزله ، أو يضطر في أمره فيخرج عن بيته من غير أن يقصد في سفره أمرا

٤٥٧

بالقسر والقهر ومثل ذلك.

قوله : لغيره.

أي : لغير الحج ، وأمّا إذا آجر للحج فيجب عليه الحج لغيره ، ولا يجزئ عن نفسه.

قوله : الغرامة.

الظاهر أنّ المراد منه [ عدم ] الاجتزاء عمن تسكع بأن يستدين ويحج ؛ فإنّه لا يجزي عن الحج ؛ لأنّه لا يستطيع بعد الوصول إلى ميقات الحج أيضا ، وذلك مبني على أنّ الدين مطلقا يمنع عن وجوب الحج إذا لم يكن له مانع به زائدا عن مئونة الحج.

قوله : حمل هذه.

أي : الروايات الأربع.

قوله : هذا الخبر.

أي : الرواية المتقدّمة. والمراد بغيره أي : غيره من الروايات الأربع.

قوله : سندها.

أي : سند الغير ، والتأنيث باعتبار كونه ثلاثة.

قوله : وهنا جعله.

أي : في هذا الكتاب جعله ظاهر الرواية المستفاد منه أنّه رواية واحدة ، مع أنّ الموجود منها أربع.

قوله : لأنّ ماله.

ضمير « ماله » و « إليه » راجع إلى الموصي. ويمكن أن يكون المراد : قوله : « ماله ».

قوله : وكذا لو لم يمكن.

أي : وكذا يجب استنابة الحج من الميقات لو لم يمكن الاستنابة ـ بعد فوات البلد فيما إذا وفت التركة بالاستنابة منه ، أو بعد فوات طريق يسع التركة من هذا الطريق فيما إذا لم يف (١) بالبلد ، ولكن وسع من الطريق ـ إلّا من الميقات والمراد بعدم الإمكان : عدمه من جهة الموانع الخارجية. والمراد بالموصول : الطريق. والمستتر في قوله : « يسع » للتركة أو

__________________

(١) فى الاصل : اذا يفى.

٤٥٨

المال. والضمير المجرور في « منه » للموصول.

وملخص المراد : أنّه إذا وفت التركة بالاستنابة عن البلد ، ولكن فات البلد أي : انقضى وقت الاستنابة عنه ، أو لم يحصل النائب فيه ، ولم يمكن الاستنابة حينئذ إلّا من الميقات ، فتجب الاستنابة منه ، وكذا إذا لم يف التركة بالبلد ، ولكن وفت من بعض المنازل ، دون الميقات كالكوفة مثلا وفات ما يفي المال به مثل : أن ينقضي وقته ، أو لم يتمكّن منه من جهة اخرى ، ولم يمكن إلّا من الميقات تجب الاستنابة منه ، وإن كان المال واسعا لغيره أيضا.

قوله : ولو عيّن كونها.

أي : كون الاستنابة. والضمير المنصوب في « يسعه » إما للحج أو لقوله : « كونها ». والضمير المجرور في « منه » للبلد والمراد : أنّه لو أوصى بالاستنابة من البلد صريحا يكون أولى بتعيين الحجّ البلدي ممّا أوصى بمال يسع الحجّ البلدي ؛ لأنّه ليس نصّا فيه ، لجواز أن يريد إعطاء مال كثير للنائب من الميقات بأن يكون رجلا عالما فاضلا.

قوله : ويعتبر الزائد.

أي : الزائد من القدر اللازم في الميقاتي.

قوله : إن لم نوجبه إلى آخره.

أي : إن لم نقل بوجوب القضاء من البلد ابتداء كما هو مدلول الروايات الأربع.

قوله : وحيث يتعذّر.

على القول بوجوب القضاء منه كما هو الأقوى عند الشارح.

قوله : ولو من البلد حيث.

يعنى : يجب ولو بالاستنابة من البلد. ويحتمل بعيدا أن يكون المراد : يجب الأزيد ، ولو كان أزيد من البلد أيضا.

قوله : والآية.

المراد بالآية : قوله سبحانه : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ ) (١) إلى آخره حيث إنّه قرّر في

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

٤٥٩

الاصول أنّ الأمر يدلّ على إجزاء الاتيان بالمأمور به ، وقد أتى به.

والخبر ما روي عن الباقر عليه‌السلام : « من كان مؤمنا فحجّ ، ثمّ أصابته فتنة فكفر ثمّ تاب يحسب له كلّ عمل صالح ، ولا يبطل منه شي‌ء » (١)

وقد يقال : المراد بالآية : قوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) (٢) ولا بأس به.

قوله : لآية الاحباط.

آية الاحباط قوله تعالى : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) (٣) والآية المثبتة للكفر بعد الإيمان وعكسه قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ). (٤) وقوله :« لأنّ المسلم لا يكفر » مضمون الحديث وهو استدلال للقائل بالاعادة ، وتوضيحه : أنّ المسلم لا يكفر ، فإذا كفر يعلم أنّه لم يكن مسلما قبل ذلك ، فلا يكون حجّه صحيحا ؛ لكون الاسلام شرط الصحّة.

وقوله : « باشتراط » جواب للدليل الأوّل أي : آية الاحباط والضمير فيه للإحباط ، وفي « عليه » للكفر. والمراد بالموافاة : الموت أي : يشترط الاحباط بالموت على الكفر ؛ وذلك لقوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ) (٥)

وقوله : « ومنع عدم كفره » أي : كفر المسلم ؛ جواب عن الدليل الثاني.

قوله : يعتبر استدامته حكما.

كالنية والاحرام. وقوله : « كالإحرام » مثال لما يعتبر استدامته حيث إنّه أيضا نيّة. و

قوله : « فيبني عليه » تفريع على « كذا بعضه » والضمير المجرور للبعض.

قوله : من القيد.

أي : القيد الذي ذكره المصنّف وهو قوله : « إلّا أن يخلّ بركن ».

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ / ١٢٥ مع تلخيص

(٢) سورة الزلزال : ٧.

(٣) المائدة : ٥.

(٤) النساء : ١٣٧.

(٥) البقرة : ٢١٧.

٤٦٠