الحاشية على الروضة البهيّة

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي

الحاشية على الروضة البهيّة

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-632-3
الصفحات: ٨٤٨

الاستيطان في هذا البلد وترك السفر إلى بلده » ووافقه العلّامة في جملة من كتبه.

قوله : من الاعتياض عنه.

الضمير المجرور اما راجع إلى ماله في بلده المدلول عليه بقوله : « غناه » أو إلى مال الزكاة الدالّ عليه المقام.

قوله : وحينئذ.

أي : حين الانقطاع وعدم التمكّن يعطى من مال الزكاة ما يليق بحاله.

قوله : ويجب.

أي : يجب على ابن السبيل ردّ الموجود من مال الزكاة أو ممّا أخذ. وهذا بعمومه يشمل ما إذا اعطي ما يزيد على الكفاية ، أو لم يعط إلّا الكفاية ، أو ما دونها ، ولكن ضيق على نفسه فأبقى منها شيئا.

قوله : إلى مستحقّ الزكاة.

ويجب أن ينوي أنّه زكاة عن مالكه.

قوله : ابن السبيل.

أي : ابن السبيل المفسّر المعبّر بالمنقطع به ، إلّا أن الضيف فرد آخر من ابن السبيل غير المنقطع به.

قوله : بل قيل بانحصاره فيه.

أي : انحصار ابن السبيل في الضيف. قال ابن زهرة في بيان ابن السبيل : « إنّه الضيف الذي نزل الانسان وإن كان في بلده غنيا أيضا ».

قوله : نائيا.

إما قيد للانحصار ، أو لقوله : « منه الضيف » وجملة القيل معترضة. وهذا أولى معنى ، وإن كان الأوّل أظهر لفظا من جهة القرب.

قوله : غنيا فيها.

التأنيث في الضمير المجرور لتأويل البلد بالمدينة أو الدار ، أو لكونه مؤنّثا سماعيا ، كما قيل.

٣٠١

قوله : عند شروعه في الأكل.

الظاهر أنّ وقت الشروع في الأكل هو ابتداء وضع اليد على المأكول ومدّها إليه. وقيل إنّه الوضع في الفم ، أو المضغ ، أو البلغ ، والكلّ بعيد.

قوله : وإن كان مجهولا.

يحتمل أن يكون متعلقا بكون النيّة عند الشروع يعني : وإن كان لا يعلم عند الشروع في الأكل مقدار ما سيأكله. ويحتمل التعلّق بالاحتساب يعني : أنّه إذا أكل من الخبز ـ مثلا ـ ما لا يعلم قدره ولا قدر ما فيه من الحنطة لم يناف الاحتساب عليه ، بل إن كان عزل الحنطة للزكاة ، وقد بقي من الخبز شي‌ء أعطاه مستحقّا آخر إن أمكن وإلّا احتسب عليه أقلّ ما يحتمل أكله له.

والأوّل أولى معنى ؛ لأنّ احتمال توهّم الخلاف فيه أقوى والثاني أظهر لفظا.

قوله : والغرض منهم.

وهو تأليف قلوبهم بأحد الوجوه المذكورة.

قوله : ولو كان السفر.

يعنى : لو كان سفره معصية يمنع إجماعا ، كما يمنع الفاسق في غيره عند القائلين باشتراط العدالة.

قوله : من استثني باشتراط العدالة.

المستثنى باشتراط العدالة العاملون ، ومن استثني بعدم اشتراطها المؤلّفة قلوبهم. وقوله : « أو بعدمها » عطف على الاشتراط أي : استثني بعدم العدالة ، وهذا يحتمل معنيين :أحدهما : أنّه استثني باشتراط عدم العدالة. وثانيهما : أنّه استثني بعدم اشتراط العدالة.

وكلاهما صحيحان : أمّا الأوّل ؛ فلاشتراط صدق المؤلّفة قلوبهم على كونهم كفارا ، وشرط الكفر هو شرط عدم العدالة وأما الثاني ؛ فلأنّه إذا اشترط عدم العدالة ، فلا يشترط العدالة قطعا كما لا يخفى.

قوله : لأنّ النص ورد.

٣٠٢

النص هو رواية محمّد بن عيسى ، عن داود الصرمى قال : « سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا؟ قال : لا ». (١)

قوله : وفيه.

أي : في هذا القول ، أو في الدليل المذكور المتضمّن للدلالة على اعتبار تجنّب الكبائر جميعا وعدم اعتبار تجنّب الصغائر ، لا في الإلحاق فقط ، إذ لا يلائمه قوله : « والصغائر » إلى آخره

قوله : لمنع المساواة.

لما كان القول المذكور أو الدليل المذكور متضمّنا لأمرين : أحدهما : تعميم الكبائر والثاني : الاختصاص بها دون غيرها من الذنوب ، فالنظر إنّما هو على الأمرين ، فقوله : « لمنع المساواة وبطلان القياس » بيان النظر في الاول اي التعميم المذكور ، والمراد بالمساواة المساواة المقتضية لإلحاق غيره به ، وهي المساواة من كلّ وجه ، أو فيما يوجب الإلحاق ، وإن تحقّقت المساواة في كون الجميع كبيرة ، ولكن لا نسلّم إيجاب ذلك للالحاق.

وقوله : « وبطلان القياس » ليس نظرا ثانيا ، بل هو أيضا من تتمّة النظر الأوّل ؛ فإنّ إلحاق الغير بالشرب إنّما يتمّ إمّا مع المساواة من كلّ وجه ، أو فيما يوجب الإلحاق ، أو مع صحّة القياس حتّى يقاس غيره به ، فمنع أحدهما غير كاف في النظر ، بل لا بدّ من منع المساواة وإبطال القياس.

قوله : والصغائر إلى آخره

بيان النظر في الجزء الثاني أي : التخصيص بالكبائر دون غيرها من الذنوب وعدم اعتبار العدالة.

والحاصل : أنّه لا وجه للتخصيص بالتجنّب عن الكبائر والقول بعدم اعتبار العدالة ؛ لأنّ الذنوب منحصرة بالكبائر والصغائر ، وتجنّب الكبائر شرط على القولين. وأمّا الصغيرة ، فمع الإصرار فداخل في الكبيرة ، فتجنّبها أيضا شرط على القولين ، وبدون الإصرار لا يوجب فسقا ، فلا يشترط التجنّب عنها على القول باشتراط العدالة.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٩.

٣٠٣

وأمّا التجنب عن منافيات المروّة ، فهو وإن كان شرطا في العدالة ، ولكنّه غير معتبر في العدالة المعتبرة هاهنا ، فيكون مآل القولين واحدا ، ويلزم من اشتراط التجنّب عن الكبائر اشتراط العدالة المعتبرة هنا عند القائلين به أيضا.

واعلم أنّه يجوز إرجاع الضمير في قوله : « وفيه نظر » إلى الإلحاق المذكور ، وكان النظر هو منع المساواة ، وبطلان القياس ، ويكون قوله : « والصغائر » ابتداء كلام يبيّن فيه اتحاد القولين وعدم اختلاف بينهما.

هذا ، ثمّ لا يخفى أنّه قد يفرّق بين القولين : بأن يكون المراد بالكبائر في هذا القول ما هي كبائر بالذات ، لا من حيث الإصرار. وقد يفرّق أيضا : بأنّ العدالة ملكة توجب التجنّب عن المعاصي ، فمن اشترطها اشترط الملكة ، ولا يلزم من اشتراطها اشتراط التجنّب مطلقا ، فالمكلّف في أوائل البلوغ إذا تجنّب المعاصي يصدق عليه التجنّب ، دون العدالة وكذلك الفاسق إذا تاب عن فسقه ولم تحصل له ملكة.

قوله : ومع ذلك.

أي : مع عدم اعتبار المروّة في العدالة ، أو مع ما ذكر من أنّ النص إنّما ورد في شارب الخمر ، ومنع التساوي وبطلان القياس ، أو مع ما ذكرنا من اتّحاد القولين.

قوله : ولو اعتبرت.

هو بيان مسألة وتحقيق حكم ، ولا يتوهّم أنّه استدلال من الشارح أو تأييد منه على عدم اعتبار العدالة ـ كما في المختلف ـ فإنّه لا معنى حينئذ لقوله : « وخروجه بالإجماع موضع تأمّل ».

قوله : وتعذّر الشرط.

فإن قيل : الإيمان شرط بالإجماع ، وقد اسقط اعتباره في الطفل لتعذّره منه ، فكذا العدالة.

قلنا : لا نسلّم تعذّره منه ؛ لأنّهم أجمعوا على تبعيّة الطفل لأبويه في الإيمان دون العدالة.

قوله : ويعيد المخالف الزكاة.

أي : إذا استبصر ، أو مطلقا بمعنى : أنّه تجب عليه الإعادة حين كونه مخالفا أيضا.

٣٠٤

قوله : بل غير المستحق مطلقا.

أي : بل يعيد لو أعطاها غير المستحق عندنا مطلقا أي : وإن كان عدم استحقاقه لفسقه أو غناه أو نحو ذلك ، لا لعدم الإيمان.

قوله : قد تركها.

أي : ترك العبادات أو فعلها على غير الوجه الذي يصحّ عنده ، وإن كانت على الوجه عندنا. و « اللام » في « الوجه » للعهد الذكري أي : الوجه المذكور بقوله : « وجهها » أو « اللام » عوض عن المحذوف المضاف إليه.

قوله : من حيث الفقر.

متعلّق بالمستحق أي : المستحق من حيث الفقر. وكان الأولى أن يصل هذا القيد بالمستحق. كذا قيل.

أقول : الظاهر أنّه متعلّق بالمعطي أي : المعطي من جهة الفقر ، فيكون القيد واقعا في موقعه.

قوله : أو العمولة.

إمّا مصدر ، أو اسمه ، أو جمع عامل ، أو اسمه.

قوله : فيدفع إليه ما يوفي دينه.

ينبغي التخصيص بغير ما إذا كان الدين للنفقة الواجبة التي يجب على القريب أداؤه من قبل وجوب النفقة عليه كما نصّ عليه في التذكرة في الزوجة.

قوله : في وطنه.

حال من الضمير المجرور في قوله : « نفسه » أي : يمنع من قوت نفسه في الوطن وإن كان في السفر ، وليس حالا عن المرفوع في قوله : « يمنع » حتّى يستفاد منه أنّ المنع مختص بحال الاستقرار في الوطن.

قوله : إلّا من قبيله.

أي : إلّا هاشميّا أخذ من قبيله. وكذا قوله : « أو تعذّر كفايته » أي : أو هاشميا تعذر كفايته ، فيكون الاستثناءان من الهاشمي ، والمستثنى هو الهاشمي الموصوف بأحد الوصفين.

٣٠٥

ويحتمل أن يكونا مفرّغين أي : إلّا اذا أخذها من قبيله ، أو تعذّر الخمس.

قوله : ويتخيّر بين زكاة مثله إلى آخره

لا يخفى أنّ هذا الكلام من الشارح هنا واقع في غير موقعه ، لاعتراضه بين القولين في قدر ما يأخذه من زكاة غير قبيله عند تعذّر الخمس ، وكان الأنسب أن يذكر في شرح قوله :« إلّا من قبيله ».

ويمكن أن يتكلّف ويقال : ليس المراد من قوله : « فيجوز تناول قدر الكفاية منها حينئذ » إلّا بيان جواز تناول الزكاة من غير قبيله دون تعيين القدر الجائز ، وإنّما وقع التعيين بقدر الكفاية عرضا ، ويكون ما سيأتي من قوله : « وقيل » معطوفا على مقدر يدلّ عليه ، ويعيد ما تقدّم كأنّه قال : قد عرفت أنّ له عند التعذّر أن يأخذ قدر الكفاية وقيل كذا.

قوله : لا يجد.

أي : لا يجد عادة.

قوله : من الواجبات.

كالكفّارات ، والهدي ، والنذورات ، والموصى بها صدقة.

قوله : طاعته مطلقا.

أي : في جميع الأحوال سواء كان طلب الزكاة ، أو غيره ، طلبه بنفسه أو نائبه.

قوله : إلى الفقيه الشرعي.

القيد للاحتراز عن الفقيه العرفي ، وهو الذي يكتفي فيه بمعرفة أقوال الفقهاء من غير قوّة على التمييز بين الصحيح منها والفاسد.

قوله : كالساعي بل أقوى.

وذلك لنيابته عن الإمام في جميع ما كان للإمام إلّا ما اختلف فيه ، واستقلاله بذلك ، والساعي إنّما هو وكيل للإمام في عمل مخصوص.

واجيب عنه : بمنع كونه أقوى من الساعي ؛ لأنّه نائب بالخصوص ، وهذا بالعموم ، ولأنّه إنّما يبلغ أمر الإمام ، فاطاعته إطاعة الإمام ، بخلاف الفقيه.

٣٠٦

قوله : للنهي.

المراد بالنهي النهي عن ضد وجوب الإطاعة الّذي هو المخالفة والتفريق بنفسه.

قوله : مع بقائها.

أي : بقاء العين والوجه في جواز الاستعادة حينئذ : أنّه يكون الدفع حينئذ فاسدا ، وإذا كان كذلك لم ينتقل ما دفعه إلى ملك القابض ، فله استعادته متى شاء إذا وجده ، وأمّا إذا لم يكن باقيا ، فلا وجه لاستعادته ، إلّا إذا علم القابض بالحال ، فإنّه إذا علم بها لم يكن له إتلافه ، فإذا أتلفه ضمنه.

قوله : إلى الفقيه المأمون.

قال في المسالك : « المراد بالفقيه حيث يطلق على وجه الولاية ، الجامع لشرائط الفتوى وبالمأمون : من لا يتوصّل إلى أخذ الحقوق مع غنائه عنها بالحيل الشرعية ، فإنّ ذلك وإن كان جائزا إلّا أن فيه نقصا في همّته ، وحطّا لمرتبته ، فإنّه منصوب للمصالح العامّة ، وفي ذلك إضرار بالمستحقّين ».

قوله : والإيجاب عليه.

أي : إيجاب الأخذ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقوله تعالى : ( خُذْ ) يستلزم إيجاب الدفع على الرعيّة ؛ اذ لا أخذ حيث لا دفع ، فيكون الدفع مقدّمة للأخذ ، ومقدّمة الواجب واجبة.

وقوله : « النائب كالمنوب » دفع لما قيل من أنّ غاية ما تدلّ عليه الآية هو الوجوب على النبي لأنّ الخطاب إنّما هو له ، ولا يعلم مساواة الأئمة ونوّابهم الخاصّون أو العامّون له.

ودفعه : أنّ للنائب كلّ ما هو للمنوب ، فيكون له الأخذ ويجب عليهم الدفع إليه.

ولا يخفى ما فيه.

أمّا أوّلا : فلأنّ غاية ما تدلّ عليه الآية هو وجوب الدفع عند الطلب لا مطلقا.

وأمّا ثانيا : فلان الأمر هنا إن كان بالطلب ، فهو لا يتوقف على الإعطاء ، فلا يكون مقدّمة له ، وإن كان بالأخذ لم يكن الإعطاء واجبا ، لانّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به إنما يكون واجبا على من وجب عليه ذو المقدّمة دون غيره ، ووجوبه عليه إنّما يكون لو كان

٣٠٧

مقدورا لمن وجب عليه ذو المقدمة وإعطاء الغير غير مقدور لمن وجب عليه الأخذ ، فلا يكون واجبا.

وأمّا ثالثا ؛ فلانّ الظاهر أنّ الضمير عائد إلى من تقدّموا في قوله تعالى : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) (١) ولا يلزم من وجوب الأخذ منهم الأخذ من غيرهم.

وأمّا رابعا ؛ فلأنّه لا يتعيّن أن يكون الصدقة في الآية هي الزكاة ، بل إنّما هي أموال كانوا يعطونها لتكون كفارة لما أذنبوه من التخلّف ؛ فإنّه روي أنهم قالوا : يا رسول الله! هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدّق بها عنّا وطهرنا واستغفر لنا. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما امرت أن آخذ من أموالكم شيئا ». فأنزل الله هذه الآية.

وأمّا خامسا ؛ فلمنع كون النائب كالمنوب مطلقا.

قوله : لأنّ ذلك حقّ له إلى آخره

يعني : أنّ إخراج الزكاة حقّ للمالك كما أنّه أيضا حقّ عليه بمعنى : أنّ الإخراج متّصف بهذين الوصفين باعتبارين ، أمّا كونه حقّا للمالك فباعتبار أنّه مستقل بالاخراج وله هذه الولاية كما [ أنّ ] لكلّ وكيل الولاية فيما وكّل فيه ، وأمّا كونه حقّا عليه ، فلكونه إضرارا به ظاهرا وباعتبار أنّه تكليف عليه.

ولا يخفى أنّ اتّصاف الإخراج بالوصفين بالاعتبارين إنما هو على القول المشهور الذي اختاره المصنّف من استقلال المالك بالإخراج ، وأمّا على القول بوجوب الدفع إلى الإمام أو نائبه ابتداء ، فلا يكون حقّا له ويلزمه عدم تصديقه فيه حينئذ ، كما أنّه لا يصدق إذا أمره الامام أو نائبه الخاص أوّلا بعدم الإخراج إلّا بإذنه. ثمّ الوجه في أنّه إذا كان حقّا له يجب تصديقه فيه : أنّه حينئذ لا مدخليّة للغير فيه ، فلا وجه لمطالبته ومؤاخذته وتكذيبه ولا يجب عليه أيضا الإشهاد به.

قوله : ولا يعلم إلّا من قبله.

دليل آخر لتصديق المالك ، وقوله : « وجاز احتسابها » من تتمّة هذا الدليل أي : و

__________________

(١) التوبة : ١٠٢.

٣٠٨

الإخراج لا يعلم غالبا إلّا من قبل المالك ؛ لعدم انحصار المستحق ، ليعلم من قبله ، لا سيّما وقد جاز احتسابها من دين وغيره.

ولا يخفى أنّ هذا الدليل لا ينفي اليمين ، نعم لو تمّ ينفي الإثبات بالبيّنة.

وقوله : « وغيره » إمّا مرفوع عطفا على « احتسابها » أو مجرور عطفا على « دين » والأوّل أولى وأعم.

قوله : وما ينقص النصاب.

الموصول إمّا معطوف على « المال » أي : دعواه تلف ما ينقص النصاب ، فيكون المراد من تلف المال : تلفه كلّه ، أو على التلف أي : دعواه ما ينقص النصاب من تلف جزء من المال ، والمآل واحد.

قوله : ولا تقبل الشهادة عليه في ذلك إلى آخره

أي : لا تقبل الشهادة على المالك في الإخراج : بأن يشهد بأنّه لم يخرج إلّا مع حصر المالك الإخراج في صورة يمكن الشهادة بنفيها ، كأن يقول : دفعت الزكاة إلى هذا المستحق في اليوم الفلاني من غير محاسبته عليه بدين ونحوه ، فيشهد عدلان بأنّه لم يكن في ذلك اليوم في هذا البلد ، أو مات قبل ذلك اليوم أو يقول : دفعت الشاة الفلانيّة في يوم كذا فيشهد عدلان بأنّه تلفت قبله ، إلى غير ذلك.

وأمّا الشهادة في حولان الحول وعدم التلف فتقبل ؛ لأنّهما وجوديان.

قوله : لأنّه نفي.

أي : الشهادة على عدم الإخراج ، أو عدم الإخراج ، فعلى الأوّل يكون قوله : « نفي » مبنيا للفاعل وعلى الثاني للمفعول ويجوز البناء للفاعل حينئذ أيضا بمعنى : أنّ قول هذا اللفظ وإرادة معناه نفي.

ثمّ لا يخفى أنّه على ما قلناه من أنّ قوله : « ذلك » إشارة إلى الإخراج كان المناسب لقوله : « ولا تقبل » إلى آخره أن يتقدّم على قوله : « وكذا تقبل دعواه ».

ويمكن أن يقال : بعدم تخصيص الإشارة بالإخراج ، بل جعل « ذلك » إشارة إلى جميع ما تقدّم من الإخراج والحول والتلف ، ويكون المراد بالحصر : ما يعمّ الإثبات ؛ فإنّه

٣٠٩

يستلزم الحصر. وقوله : « لأنّه نفي » بمعنى : لأنّ غير المحصور نفي حيث إنّ نفي المحصور راجع إلى الإثبات.

وعلى هذا يكون الكلام أعمّ فائدة ، لشموله الشهادة بالنفي في الحول والتلف أيضا بأن يكون ذلك المالك ادعى أنّه أخرج ماله عن ملكه في أثناء الحول ، ثمّ أعاده إلى ملكه ، ثمّ استأنف الحول ولما يتم ، أو ادعى تلف المال بمعنى خروجه عن ملكه بتمليك غيره عن دين أو غيره وأنّه وديعة عنده ، أو ادّعى في النقدين والغلّات أنّه تلف ما كان له منها وأنّ الذي عنده الآن مثله يملكه ولم يجب فيه الزكاة إلى غير ذلك.

قوله : على الأصناف الثمانية.

أي : إذا كانوا موجودين ، وإلّا فعلى الموجودين منهم.

ووجه ترك المصنّف التنصيص على الثمانية مضافا إلى الاختصار أمران :

أحدهما : الشمول لمذهبي اتحاد الفقير والمسكين ، واختلافهما.

والثاني : الشمول لما يكون الأصناف كلّها موجودين ، وما لا يكون بعضها موجودا كزمن الغيبة أو بعض البلاد في زمن الحضور أيضا.

قوله : وعملا بظاهر الاشتراك.

المراد بالاشتراك : الاشتراك المدلول إليه في الآية ؛ لأجل العطف بـ « واو » التشريك ، مع كون المعطوف عليه مدخولا لـ « لام » التمليك ؛ فإنّ ظاهر ذلك اشتراك الجميع في الملكيّة وظاهر الاشتراك عدم اختصاص بعضهم بالمشترك ، أو عدم كون العطف لاشتراكهم في المصرف.

هذا إذا اريد بالقسمة على الأصناف : إعطاء كلّ منهم شيئا من الزكاة ولو بالتفاوت ، ويكون المراد بالتسوية : التسوية في مجرّد الإعطاء.

ويمكن أن يكون المراد بالقسمة : القسمة على السويّة ، وحينئذ يكون المراد بظاهر الاشتراك تساوي نصيب كلّ منهم. فإنّ الظاهر من الاشتراك ذلك ما لم ينصّ على اختصاص بعضهم بالزائد.

قوله : وإعطاء جماعة من كلّ صنف.

٣١٠

بمعنى : أن لا يقتصر من كلّ صنف على واحد. وقوله : « اعتبارا بصيغة الجمع » أي : قوله تعالى : ( لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ) (١) وهكذا إلى آخرهم حيث ذكر الأصناف بصيغة الجمع ، وهذه الصيغة لكونها جمعا محلّى بـ « اللام » وإن كانت ظاهرة في الاستغراق إلّا أنّه غير مراد هنا إجماعا ؛ لتعذر استغراق كلّ فرد من كلّ صنف ، فيكون المراد منه المجاز نحو :

« ركبت الخيل » و « نكحت النساء ».

ولا شك أنّ اعتبار أقرب المجازات أولى من أبعدها ، والجمع أقرب أفراد المجاز إلى الحقيقة ، أو يكون التجوّز في لفظة « اللام » ويراد بها : الجنسية ، وإن كان ذلك تجوّزا حين دخولها على الجمع ، ولكن لم يثبت التجوّز في الجمع ، فلا بدّ من تحقّق مدلوله.

ثمّ لا يخفى أنّ ما ذكره لا يجري في « سبيل الله » و « ابن السبيل » ، إذ لا جمعيّة إلّا أن يعمّم العبارة لما في بعض الاخبار أيضا ، كما في خبر على بن إبراهيم ـ على ما في تفسيره ـ عن العالم عليه‌السلام من : « وفي سبيل الله قوم يخرجون » وقوله : « وابن السبيل أبناء الطريق ».

قوله : من كونه.

أي : ذكر الصنف ، أو ظاهر الاشتراك.

قوله : فلا يجب التشريك.

أي : التشريك في الإعطاء ، لأنّه حينئذ يكون التشريك المدلول عليه في الآية هو التشريك في المصرف والاستحقاق ، وذلك لا يقتضي التشريك في الاعطاء.

و « اللام » في الآية على هذا يكون للملكيّة الحكميّة التي هي الاستحقاق والاختصاص والعطف حينئذ لا يكون مقتضيا إلّا للتشريك في الاستحقاق ، وهو لا يقتضي البسط عليهم.

قوله : ويجوز الإغناء ، وهو إعطاء.

الإغناء وإن صدق على إعطاء قدر الكفاية أيضا ، إلّا أنّه فسّره باعطاء فوق الكفاية لقوله : « إذا كان دفعة » ؛ فإنّ إعطاء الفوق مشروط بالدفعة ، دون قدر الكفاية.

__________________

(١) التوبة : ٦٠.

٣١١

قوله : لم يجتمع منه.

أي : من كلّ من النقدين نصب كثيرة يبلغ الواجب فيها قدر الواجب في النصاب الأوّل ، أو المراد بالنصب ما في النصب مجازا أي : لم يجتمع منه بعد النصاب الأوّل من الزكاة ما يبلغ الأوّل أي : الواجب أوّلا. ولا يخفى أنّه لا بدّ من قيد آخر ، وهو أن لا يمكن إعطاء القدر الأقل للفقير الأوّل الذي أعطاه ما في النصاب الأوّل فانّه اذا امكن يستحب اعطاؤه حتّى لا يكون ما اعطى أقل من النصاب الاول.

قوله : للاتباع.

أي : اتباع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث إنّه دعا بصيغة « الصلاة » كما روي عبد الله بن أبي أو فى :كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا اتاه قوم بصدقتهم قال : « اللهم صلّ على آل فلان » فاتاه أبي بصدقته فقال : « اللهم صلّ على آل أبي أو فى ». وفي رواية : إذا أتى رجل النبي بصدقته قال : « اللهم صل عليه ».

قوله : وبغيرها ؛ لأنّه معناها.

أي : لأنّ الغير من معنى الصلاة أيضا ، فإنّ الصلاة لغة : الدعاء ، فتشمل كلّ ما كان دعاء.

واحتمال أن يكون المراد غير المعنى اللغوي مدفوع بأصالة عدم النقل هنا وإن علم النقل في أواخر زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو زمان الأئمّة حيث إنّ الصلاة نقلت فيها إلى الأركان المخصوصة.

قوله : لذلك.

أي : لدلالة الأمر عليه أو الاتباع.

قوله : والمراد بالنائب هنا.

التقييد بقوله : « هنا » ؛ لأنّه قد يطلق ، ولا يراد به إلّا النائب بخصوصه ، فلا يشمل الفقيه وقد يراد به ما يشمل الفقيه دون الساعي ، والمراد هنا ما يشملهما.

قوله : فيستحبّ له.

أي : الدعاء للمالك.

٣١٢

قوله : يحتاج إليه.

أي : إلى أحدهما.

قوله : « وهو الفقيه »

أي : من يحتاج إليه في الأوّل بخصوصه وهو الساعي ، والقرينة على التخصيص قوله :« إذا تمكّن من نصب الساعي ».

قوله : وإذا وجب.

ليس عطفا على قوله : « إذا تمكّن » بقرينة قوله : « فيجوز بالفقيه وغيره » بل « الواو » للاستئناف. وقوله : « فيجوز » جواب للشرط ، و « الباء » في قوله : « بالفقيه » بمعنى : « اللام » أي : فيجوز التأليف للفقيه وغيره ، أو للاستعانة أي : تأليف المسلمين باستعانة الفقيه.

قوله : المتجمّل.

أي : بالمتجمل بمعنى : أن يعطى زكاتها بالفقراء المتجمّلين.

قوله : رواه عبد الله بن سنان إلى آخره

متن الرواية هكذا : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إن صدقة الخف والظلف تدفع إلى المتجملين من المسلمين ، فأمّا صدقة الذهب والفضّة وما كيل بالقفيز ممّا أخرجت الأرض فإلى الفقراء المدقعين. قال ابن سنان : قلت : وكيف صار هذا هكذا؟ قال : لأنّ هؤلاء متجملون يستحيون من الناس ، فيدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس [ وكل صدقة ] ». (١)

قوله : وإيصالها.

فاعل المحذوف دلّ عليه ما تقدّم من الكلام أي : وينبغي إيصالها ، أو يستحبّ إيصالها هدية ـ بالنصب ـ أي : على جهة الهدية.

ويحتمل أن يكون معطوفا على قوله : « زكاة النعم » ويكون منصوبا أي : وليخصّ إيصالها إلى المستحق بالهدية. ويمكن أن يكون « إيصالها » مبتدأ خبره « هدية » بالرفع أو النصب على معنى إيصالها هدية أو على جهة هدية وإنّما خصّ احتسابها عليه بعد وصولها إلى يده أو يد وكيله ، ولم يذكر حين تسليمها إليه ، لأنّ المعروف المعهود من الإهداء إرسال الهدية إلى المهدى إليه ، لا تسليمها إليه وهو حاضر.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٦٣.

٣١٣

الفصل الرابع في زكاة الفطرة

قوله : في زكاة الفطرة.

الزكاة إمّا مصدر ، أو اسم بمعنى : ما يخرج ، والفطرة هنا إمّا بمعنى الخلقة ، أو الإسلام أو بمعنى الإفطار كما ذكره في المسالك ، أو اسم لما يخرج كما صرّح به بعض اللغويين.

فإن كانت الزكاة مصدرا فالاضافة بمعنى « اللام » مطلقا ، وإن كانت اسما فإن كانت الفطرة باحد المعاني الثلاثة الاول فكذلك أيضا أي : الإضافة لاميّة. وإن كانت بالمعنى الرابع فالاضافة بيانية.

قوله : وتطلق على الخلقة والإسلام.

الخلقة هي الحالة التي عليها الخلق من الهيئات أو النوع منه. واطلقت على الاسلام أيضا ؛ لأنّه حالة عليها الخلق أو نوع منه يعني : أن الفطرة تطلق على معنيين ، وإن لم تكن هنا بهذا المعنى ، بل بمعنى ما يخرج لتطهير الخلقة أو الإسلام.

ويحتمل أن يكون المراد بها هنا أيضا أحد هذين المعنيين.

قوله : والمراد بها.

اعلم أنّ معنى الفطرة في قوله : « زكاة الفطرة » إن كان هو الخلقة أو الاسلام ، فالضمير في قوله : « بها » راجع إلى الزكاة مطلقا ، ويكون لفظ « زكاة » في قوله : « زكاة الأبدان » مصدرا على مصدرية الزكاة في قوله : « زكاة الفطرة » واسما على تقدير اسميتها.

وإن كان معنى الفطرة : ما يخرج ، فالضمير يحتمل رجوعه إلى « الزكاة » وإلى « الفطرة ».

قوله : زكاة الأبدان مقابل المال.

فهي مطهّرة للابدان عن أوساخ المعاصي ومنمّية لها كما أنّ زكاة المال مطهّرة للمال ومنمّية له. ويؤيّد ذلك أنّ هذه الزكاة بحسب الرءوس ، ورواية معتب عن أبي عبد الله ( صلوات الله عليه ) قال : « اذهب ، فأعط عن عيالنا الفطرة ، وعن الرقيق ، واجمعهم ، ولا تدع منهم أحدا ؛ فإنّك إن تركت منهم انسانا تخوفت عليه الفوت ، قال : قلت : وما الفوت؟ قال : الموت ». (١)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٢٨.

٣١٤

قوله : زكاة الدين والاسلام.

أي : مطهرهما ومنمّيهما ، أو موجبهما ومقتضاهما ، أو من لوازمهما ، ويؤيد ذلك ما ورد من « كونها تمام الصوم » ومن « أنّ من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له ».

قوله : ومن ثمّ وجبت على من أسلم إلى آخره

أي : بقي وجوبها وثبت بخلاف من أسلم بعد الهلال ؛ فإنّه يسقط عنه الوجوب ، فلا تجب عليه يعني : أنّها لما كانت من مقتضيات الإسلام ولوازمه لم يسقط وجوبها عن من أسلم قبل الهلال وثبت وجوبها عليه من غير اشتراط حول أو صوم أو فطر بعد صوم ، ولو لم تكن من مقتضيات محض الاسلام ، بل كان له شرط ومقتض آخر لما كان كذلك.

وإنّما فسّرنا قوله : « وجبت » بقولنا : « بقي وجوبها وثبت » ؛ لأنّ الكافر أيضا تجب عليه زكاة الفطرة ، وإن لم تصح منه ، فتكون قبل الإسلام أيضا واجبة.

لا يقال : إذا وجبت على الكافر أيضا ، فلا تكون من مقتضيات محض الاسلام.

لأنّا نقول : إنّ هذا يصحّ لو وجبت على الكافر مع كفره أيضا ، ولكنّه يجب عليه أن يسلم ويزكّي ، فلا ينافي

قوله : « إن كان من أهلها »

أي : كان من يعولهم من أهل زكاة الفطرة أي : جامعا لشرائط وجوبها.

قوله : بعض المطلق.

أي : بعض المكاتب المطلق ، فيجب عليه بحسابه ، فإن تحرّر نصفه وجب عليه نصف صاع وهكذا.

قوله : وفي جزئه.

أي : جزء المطلق. وقوله [ المشروط ] عطف على « جزئه » أي : وفي المشروط أي :المكاتب المشروط.

قوله : أشهرهما وجوبها.

وغير الأشهر عدم الوجوب مطلقا. أمّا في الجزء الرق فاستنادا إلى رواية دالّة على أنّ شرط وجوب زكاة العبد على المولى أن لا يكون للإنسان أقل من رأس من العبد فلا يجب

٣١٥

على المولى ، وأمّا وجوبه على نفسه فمنتف لرقيته بالنسبة إلى هذا الجزء. (١)

وأمّا على المشروط فاستنادا إلى أنّه ليس بملك لمولاه فلا يجب عليه [ ولا هو حرّ ] حتّى يجب على نفسه.

قوله : لفقره.

أي : [ لا من ] استحقّها لعمل أو لغرم أو نحوهما.

قوله : ولا يشترط إلى آخره

أي : لا يشترط في وجوب الفطرة على مالك قوت السنة فعلا أو قوّة أن يفضل عنه أي :عن القوت أصواع بعدد رءوس من يخرج عنه الفطرة كما احتمله في المسالك ، وذهب إليه المصنّف في البيان في معنى القوت.

قوله : فيخرجها.

تفريع على قول المصنّف : « وتجب على البالغ العاقل الحر ».

قوله : عنه وعن عاليه.

الجار في كلام المصنّف يحتمل وجوها : فإنّ لفظة « الزكاة » إن كانت مصدرا كان زكاة الفطرة بمعنى أدائها ، وكان يجب بمعنى : يجب أداؤها ، فإن جاز تعلّق الجار والظرف بالضمير ـ كما قيل ـ كان الجار هنا متعلّقا بضمير « يجب » وإلّا كان مع مجروره مستقرّا حالا عن الضمير ، ولا يتفاوت المعنى ، وإن كانت بمعنى : ما يخرج ، فإن قدّر مع ضمير « يجب » مضاف أي : « أداؤها » تعلّق به الجار ، وإن لم يقدّر ، بل جعل وجوبها بمعنى وجوب أدائها كان الجار مع المجرور مستقرا حالا عنه.

قوله : ولو تبرّعا.

متعلّق بقوله : « وعن عياله » أي : ولو كانت العيلولة أو كان العيال على جهة التبرّع ، أو ولو تبرع بالعيلولة تبرّعا. وفي تقديم الضيف على هذا الكلام إشارة إلى أنّ الضيف ربما تجب عيلولته ، ولو بالعرض.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٦٦.

٣١٦

قوله : وشبهه.

ممّن يعوله الانسان تبرّعا. والضمير في قوله : « اسمه » راجع إلى « العيال » ، ويحتمل الرجوع إلى « الضيف » أيضا. وقوله : « قبل الهلال » متعلّق بالصدق.

قوله : ومع وجوبها عليه.

أي : مع وجوب الفطرة على الشخص المذكور يسقط عن العيال ، وإن لم يخرج الشخص المذكور الفطرة.

قوله : بل تجب الفطرة مطلقا.

أي : سواء كانا عيالين أم لا. والضمير في قوله : « غيره » راجع إلى الشخص الموصوف أو إلى كلّ من الزوج والمولى المدلول عليه بقوله : الزوجة والعبد.

قوله : وإن استحبّت.

أي : لو أسلم قبل الزوال.

قوله : بالشروط.

إمّا خبر لقوله : « والاعتبار » الذي هو مبتدأ ، أو متعلّق بالمبتدإ ، والخبر ما بعده.

قوله : لم تجب.

عدم الوجوب في الأمثلة الثلاثة الاولى على المذكور أي : العبد المعتق ، والفقير المستغني ، والكافر المسلم وفي المثال الأخير على غير المذكور أي : الزوج.

قوله : الموجب.

أي : لو كان قبل الهلال.

قوله : إلى الزوال.

لفظة « إلى » واقعة موقع « الواو » للإشعار بالانتهاء ، أو المعنى : ما بين أجزاء الوقت المبتدأ من الهلال إلى الزوال.

قوله : أو الأقط.

الأقط كالكتف. وربما تسكن « القاف » مع كسر « الهمزة » وفتحها.

قوله : وهذه الأصول.

٣١٧

تسمية هذه الأجناس بالاصول ؛ لكونها مجزئة ، وإن لم تكن قوتا غالبا ، بخلاف غيرها فكأنّها واجبة ذاتا وأصلا ، وغيرها بدلا وعرضا.

قوله : في قوت المخرج.

وقيل : في قوت أهل البلد.

قوله : وأقلّ كلفة.

لأنّه إذا وقع في يد الفقير أكل مع تعارف أكله عوضا عن القوت بين العرب ، ولذا قدّم على الزبيب.

قوله : من الأجناس.

« اللام » للعهد أي : الأجناس المذكورة.

قوله : هذا غاية لوجوب الصاع.

المشار إليه بقوله : هذا : « ولو من اللبن » ، والتعبير بالغاية ؛ لأنّه في معنى حتّى من اللبن. والمراد : أنّ قوله : « ولو من اللبن » متعلّق بقوله : « وقدرها صاع » لا أنّه غاية لتقدير الصاع حتّى يكون متعلّقا بقوله : « والصاع تسعة أرطال ».

قوله : فإنّ مقابل الأقوى.

هذا تعليل لكونه غاية لوجوب الصاع ، لا لتقديره. وتوضيحه : أنّ قوله : « على الأقوى » يدلّ على أنّ في المسألة قولا آخر مقابلا له ، وهذا متحقّق في وجوب الصاع بالنسبة إلى اللبن ؛ لأنّ منهم من ذهب إلى أنّ الواجب في اللبن ليس الصاع الذي هو تسعة أرطال ، بل يجزي ستّة أرطال عراقية ، ذهب إليه الشيخ في المبسوط والمصباح ومختصره ووافقه ابنا حمزة وادريس والعلامة في التذكرة ، والتبصرة.

ومنهم من ذهب إلى أنّ الواجب في اللبن أربعة أرطال عراقية. اختاره الشيخ في الجمل والنهاية وكتابي الأخبار ظاهرا ، والفاضلان في الشرائع والنافع والقواعد.

وليس مثل ذلك متحقّقا في تقدير الصاع ؛ إذ لم يقل أحد بأنّ الصاع من اللبن قدر آخر غير تسعة أرطال ، بل اتّفق الكل على أن الصاع مطلقا سواء كان من اللبن أو غيره تسعة أرطال.

٣١٨

هذا توضيح كلام الشارح ، ولا يخفى أنّ هذا بعيد من اللفظ ، بل لا يلائم مع ذكر اللبن أوّلا ؛ بقوله : « أو اللبن » والصواب أنّه غاية للتقدير حيث إنّه يفهم من بعض كلمات القوم أنّ الصاع في اللبن ستّة أرطال وأربعة ، منها كلام الشيخ في المصباح قال : « ويجب عليه من كلّ رأس صاع من تمر ، أو حنطة ، أو شعير ، أو أرز ، أو أقط ، أو لبن ، والصاع تسعة أرطال بالعراقى من جميع ذلك ، إلّا اللبن ؛ فإنّه أربعة أرطال بالمدني ، وستّة بالعراقي ». ونحوه عبارة مختصره ، وجمله.

ومنها عبارة البيان ، قال : « والصاع تسعة أرطال بالعراقي وزنه ألف درهم ومائة وسبعون درهما من جميع الأجناس على الظاهر من كلام الأكثر ، وقال الشيخ : يجزي من الأقط واللبن ستة أرطال ». انتهى.

قوله : من غير انحصار في درهم إلى آخره

ذكر ذلك للاشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار من أنّه يجزي عن الصاع درهم ، (١) وفي بعض آخر أنّه يجزي عنه ثلثا درهم كما يأتي.

قوله : وما ورد منها مقدرا.

أي : ما ورد من القيمة حال كونها مقدّرا بأحد التقديرين المذكورين أي : الدرهم أو ثلثيه فالمقدّر ـ بفتح الدال ـ حال عن الموصول ، وقوله : « منها » بيان للموصول.

ويمكن أن يكون مقدّرا ـ بكسر الدال ـ ولفظة « من » بمعنى « في » ، والمراد بالموصول : الأخبار أي الأخبار التي وردت في القيمة حال كونها مقدّرة للقيمة منزلة على سعر ذلك الوقت أي : وقت ورود الخبر أو ورود القيمة يعني كان التقدير لأجل كون القيمة في وقت التقدير ذلك.

ثمّ إنّ ما ورد إشارة إلى ما ذكره المفيد قال : وسئل ـ يعني : الصادق عليه‌السلام ـ عن مقدار القيمة فقال : « درهم في الغلاء والرخص ». (٢) وروي : « أنّ أقلّ القيمة في الرخص ثلثا درهم ». (٣)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٩.

٣١٩

وروى الشيخ في الاستبصار عن اسحاق بن عمّار ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس أن تعطيه قيمتها درهما ». (١) وفي المبسوط وقد روي : « أنّه يجوز أن يخرج عن كلّ رأس درهما » وروي : « أربعة دوانيق في الرخص والغلاء ».

قوله : وفي الماليّة.

أي : في الزكاة الماليّة. وقوله : « من المالك » متعلّق بالنية. وقوله : « عموما » متعلّق بقوله : « أو وكيله » الثاني أي : وكيل المستحق من جهة العموم. وقوله : « عامّا » متعلّق بقوله : « نائبه » أي : نائب الإمام نيابة عامّة أو خاصّة.

وعموم وكالة الإمام ونائبه للمستحقّين باعتبار عدم خصوصها بمستحقّ دون مستحقّ وعدم خصوص وكالتهم بحال توكيل أو غيرها ويزيد في الإمام ونائبه العام أنّه لا يختص وكالتهما للمستحقّين بهذه المصلحة ، بل يعمّها وغيرها من المصالح.

فقوله : « أو خصوصا » معطوف على قوله : « أو عموما » أي : وكيل الفقير خصوصا. وقوله : « كوكيله » أي : وكيل المستحق بالمعنى المعروف المخصوص بصيغة التوكيل.

قوله : غير المستحق.

التخصيص بغير المستحق وغير وكيله ؛ لأنّه إذا دفعها إلى أحدهما بدون نيّة لم يحسب من الزكاة ولا نيّة اخرى يجزي عن نيّته.

قوله : ووكيله الخاص.

عطف على المستحق أي : لو لم ينو المالك عند دفع الزكاة إلى غير المستحق وغير وكيله الخاص بان دفعها إلى الإمام أو نائبه. وقوله : « فنوى القابض » عطف على قوله : « لم ينو » وليس جوابا للشرط ، وجوابه. قوله : « أجزأ ». والضمير المجرور في قوله : « إليه » راجع إلى المستحق أو وكيله الخاص. ويحتمل رجوعه إلى القابض أيضا أي : نوى القابض عند دفع المالك الزكاة إليه وقبضه من المالك ، ولكن الأوّل هو الظاهر ، وإن ظهر الثاني أيضا من بعض عبارات القوم. قال فخر الإسلام في شرح الإرشاد : « إذا أخذها الساعي قهرا ، فهل ينوي حين الأخذ من المالك أو حين الدفع إلى الفقير ».

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٨.

٣٢٠