حاشية مجمع الفائدة والبرهان

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

حاشية مجمع الفائدة والبرهان

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٨١٢

عليه بأنّك لم فعلت هذا بغير إذني؟ إذ لا شكّ في أنّه للوكيل أن يقول : ما فعلت إلّا بإذنك ، وظاهر أنّه لا فرق في أنّه يستأذنه مرّة أخرى أم لا ، وأنّه إذنه ثانيا لا يفيد سوى التأكيد ، وعدم الإذن سوى الفسخ ، فتأمّل.

وبعد إذنه إذا باع أو اشترى أو عامل معاملة أخرى ، بالإذن تكون صحيحة ولازمة ، كما أنّ العبد المأذون في التجارة وغيرها كذلك.

قوله : [ فقال : ما آكل ثمّ أكل ] فالظاهر الجواز ، ولأنّه .. إلى آخره (١).

لا يخفى ما فيه.

قوله : حيث كان حاضرا ، فإنّه بمنزلة إن قال : رضيت بالردّ .. إلى آخره (٢).

ومطلقا ، لكن يشكل ، لعدم الوثوق ببقاء الإذن ، ولأنّه لو أنكر على الوكيل بأنّك رددته عليّ فلم فعلت بعد ذلك؟ لعلّه يكون مقبولا وجيها عند العقلاء ، ولو قال : بعد ما رددت عليّ ظهر لي رأي آخر ، يقبلون قوله وعذره ، فتأمّل.

قوله : ولهذا قيل [ بوجوب قبول الوصيّة ] .. إلى آخره (٣).

فيه تأمّل ظاهر.

قوله : وعموم أدلّة التوكيل ، وكونه جائزا ، ومبناه على المساهلة دون الضيق .. إلى آخره (٤).

العموم ما وجدناه. نعم ، وجدنا إطلاقات ، مثل ما ذكر من أنّ « الوكيل

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٣٠.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٣٠.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٣٠.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٣٣.

٤٦١

وكيل حتّى يبلغه العزل » وأمثاله من الأخبار (١) ، والقاعدة أن ينصرف إلى الأفراد الشائعة ، وكون ما نحن فيه منها محلّ تأمّل.

والأصل ما نعرفه ، لأنّ الحكم الشرعي وترتّب الآثار الشرعيّة يحتاج إلى دليل شرعي ، ومجرّد الجواز لا يقتضي ترتّب الآثار سوى إباحة التصرّف ، فتأمّل!.

قوله : ولأنّه إنّما يلزمه الأجرة لو فعل ما وكّل فيه على ما أمر وقد بطل أمره .. إلى آخره (٢).

يمكن أن يقال : إن فهم منه الرخصة (٣) في التصرّف البتّة أو ظاهرا ، فالإباحة موجودة ، ويستحقّ الجعل الّذي قرّره بإزاء هذا التصرّف ، وإن فهم منه أنّ الرخصة بقيد الوكالة الشرعيّة الّتي يترتّب عليه الآثار الشرعيّة ولم يتحقّق فلا

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٦ ـ ٢١٣ الحديث ٥٠٢ ، وسائل الشيعة : ١٩ ـ ١٦١ البابان ١ و ٢ من أبواب الوكالة.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٣٥.

(٣) ورد في حاشية النسخ : ب ، ج ، د العبارة التالية : ( بأن يفهم منه أنّ مراده حصول المأذون فيه بإذنه ورخصته كيف كان ، فإنّه حينئذ يصدق أنّ المأذون فعل بإذنه ، ولا يمكنه أن يقول : ما فعلت بإذني ، ويجب عليه الوفاء بعقود المأذون ومعاملاته ، لأنّها عقوده ومعاملاته يجب عليه الوفاء أيضا ، لصدورها بإذنه ورخصته ، فيشملها عموم ( أَوْفُوا ) وغيره. وإن كان يفهم منه أنّ مراده الحصول بقيد كونه بعنوان الوكالة الشرعيّة ، لا مطلقا ، وثبت بإجماع أو بنصّ بطلان الوكالة المعلّقة ـ على ما يقول الفقهاء ـ فلا يمكن فهم مطلق الإذن ، ولا صحّة التصرّف ، بل إن لم يثبت ما ذكره الفقهاء رحمهم‌الله يشكل أيضا فهم مطلق الإذن وصحّة التصرّف ، لاحتمال الفساد شرعا ، وجواز حقّية ما ذكره الفقهاء ، إلّا أن يقال : إنّ المعلّقة وكالة لغة لغة وعرفا. والأصل عدم شرط للصحة شرعا حتّى يثبت بدليل ، ولم يثبت ، لعدم ثبوت الإجماع ، ولا نصّ ، فيشملها عموم ما دلّ على صحّة الوكالة ووجوب الوفاء بالعقود وأمثالهما. وعلى تقدير عدم الصحّة وكون المأذون جاهلا معذورا ومغرورا يستحقّ أجرة المثل ظاهرا ، فتأمّل. « منه مدّ ظلّه » .. ).

٤٦٢

يستحقّ الجعل ، ولا إباحة أيضا في التصرّف.

نعم ، الجاهل لا يتوجّه إليه الخطاب والتحريم بعد اعتقاده الإذن في التصرّف ، إلّا أنّه غير معذور في هذا التصرّف ، لعدم معذوريّة الجاهل بنفس الحكم عند الفقهاء إن كان مقصّرا في ترك التعلّم ، إلّا أن يكون الموكّل يظهر على الوكيل أنّ هذا وكالة صحيحة فتصرّف من هذه الجهة ، فيكون الوكيل مغرورا فيه ، فتأمّل جدّا.

قوله : في مطلق التوكيل ، إذ لا دليل إلّا الإجماع [ ، ولا إجماع ] .. إلى آخره (١).

المفهوم من لفظ الوكالة كون الفعل نيابة عن الموكّل ومن طرفه وجانبه ، والمفهوم من لفظ الإذن هو الرخصة في الفعل ورفع المنع عنه ، كالإذن في أكل طعامه ولبس لباسه وسكنى بيته وأمثال ذلك ، ولا معنى لكون مثل هذه وكالة.

نعم ، لو إذن أن يشتري له أو يبيع له وأمثال ذلك ، يرجع إلى الوكالة ، بخلاف أن يأذن أن يشتري أو يبيع لنفسه لا لمن يأذن ، فهو وأمثاله ليس وكالة قطعا.

وأيضا ، خدمة البيت وأمثالها لعلّها ليست وكالة ، والأمر بها لا يكون توكيلا بل إذنا ، وكذا إجارة العبد وأمثالها ليست وكالة بل كسبا ، وكذا إذن العبد في أن يصير وكيلا لشخص أو يفعل أمور شخص إذن. إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر إذن لا وكالة ، لكن إن تصرّف بالإذن يصير لازما كما ذكرنا ، وأنّه لا فرق بين هذا الإذن وإذن العبد المأذون في التجارة وغيرها.

وممّا ذكرنا ظهر أنّه إذا أذن لعبده فعلا ، يكون فعل الإذن يصير بهذا وكيلا في المعنى ، فإذا باعه أو أعتقه ربّما يكون الإذن باقيا ، لكونه وكالة في المعنى ،

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٣٧.

٤٦٣

والوكالة لا تبطل بهما إلّا أن يكون قرينة يظهر منها كون الإذن ما دام عبدا ، فتأمّل!.

في أحكام الوكالة

قوله : [ منقوض بما مرّ ] وإنّ الجاهل لا يعذر إلّا نادرا عندهم .. إلى آخره (١).

لا يخفى أنّ الجاهل في موضوع الحكم الشرعي ومتعلّقه معذور عندهم بلا شكّ ، وغير المعذور عندهم إنّما هو الجهل في نفس الحكم الشرعي ، ووجه الفرق ظاهر ، ودأبهم وطريقتهم عليه غير خفيّ (٢).

قوله : [ وما ثبت صحّة طريقه إليه ] وإن قال ذلك في « الخلاصة » .. إلى آخره (٣).

التأمّل فيهما لا وجه له ، كما حقّقناه في الرجال (٤) ، مع أنّ ابن طاوس وثّق الحسين (٥) ، وهو مذكور في « الخلاصة » في القسم الأوّل (٦).

قوله : والعمل بمثل (٧) هذه الروايات في مثل هذا ، فيه ما فيه ، ويؤيّده أنّه يجوز للموكّل إبطال ما وكّل فيه ، بأن يفعله بنفسه .. إلى آخره (٨).

لا يخفى أنّ صحّة بعض تلك الأخبار ، واعتبار سند بعض آخر ،

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٤١.

(٢) راجع! الحدائق الناضرة : ١ ـ ٧٧ ـ ٨٧.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٤٤ ، رجال العلّامة الحلّي : ٢٧٦.

(٤) تعليقات على منهج المقال : ٣٨٢.

(٥) فرج المهموم : ٩٧.

(٦) لم نعثر في القسم الأوّل من الخلاصة على ذكر الحسين بن عبيد الله الغضائري ـ شيخ النجاشي والطوسي ـ بل الموجود فيه هو الحسين بن عبيد الله بن حمران السكوني ، ولم يكن من مشايخ الطوسي قط ، فلاحظ!.

(٧) كذا ، وفي المصدر : ( بأمثال ).

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٤٨.

٤٦٤

واستفاضتها (١) ، وشهرة الفتوى بمضمونها (٢) يكفي للحكم قطعا ، بل أقلّ من ذلك يكفي ، لأنّ ظنّ المجتهد الحاصل بشرائط الاجتهاد بمنزلة اليقين ، كما حقّق في محلّه (٣).

ويؤيّده الاعتضاد والموافقة بعموم مثل ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤) وغيره ، على حسب ما أشرنا إليه سابقا ، مع عدم معارض أصلا سوى كون العقد من العقود الجائزة.

وفيه ، أنّ ثبوت جوازه إلى حدّ يقتضي العزل من دون إعلام محلّ نظر ، لعدم الإجماع ولا النصّ على ذلك ، بل الدليل على عدم ذلك ، ويعضده أيضا أنّه ربّما يترتّب على العزل مفاسد مثل : إن طلّق امرأته ـ بعد العزل ـ الغائب المجهول فتزوّجت وأتت بأولاد وهي مزوّجة تحت عصمة الزوج الأوّل ، ثمّ علم بأنّ الأمر كذلك.

وقس على ذلك سائر التوكيلات في سائر الأمور ، فربّما يؤدّي إلى الهرج والمرج ، وأشدّه الوقوع في الفرج ، ويقع التوكيل ـ في الغالب ـ في المحن والمخاصمات والمنازعات والمفاسد ، بل الخسرانات عادة ، فتأمّل.

قوله : وإن كان دليل الجواز لا يخلو عن قوّة ، فتأمّل .. إلى آخره (٥).

ليس كذلك ، لأنّ الأصل عدم الصحّة حتّى يثبت الإذن ، وهو غير ثابت ،

__________________

(١) لاحظ! مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٤١ ـ ٥٤٧.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٤٨ ، مفتاح الكرامة : ٧ ـ ٦١٧.

(٣) راجع! معالم الدين وملاذ المجتهدين : ٢٧ ، الفوائد الحائريّة : ١٢٧ و ١٣٧.

(٤) المائدة ٥ : ١.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٦٤.

٤٦٥

لاحتمال إرادة البيع من الغير كما هو المتبادر والظاهر ، وعلى تقدير أن لا يكون ظاهرا فخلافه ليس بظاهر ، إذ الشكّ لا أقلّ منه.

ويؤيّده ما ورد في أنّ امرأة وكّلت رجلا على تزويجها ، فقال : لا أفعل حتّى تشهدين بأنّ أمرك بيدي واختيار تزويجك إليّ ، فأشهدت على ذلك فزوّجها من نفسه ، فما رضيت بذلك ، فقال المعصوم عليه‌السلام : « تؤخذ منه ويوجع رأسه » (١) ، فتدبّر!.

قوله : في النفس فيه (٢) وهو ظاهر ، ولم يفرّق بعض العامّة .. إلى آخره (٣).

الظاهر عدم الفرق بين نفسه وبين عبده ووكيله أيضا إذا كان وكيلا في شرائه له ، لأنّه حقيقة بيعه من نفسه ، وأمّا غير ذلك فلعلّه كما يقول ، مع أنّه أيضا لا يخلو عن غبار ما ، إذ لعلّه ببيعه منه لا يماكس المماكسة الّتي يفعلها بالنسبة إلى غيره ، فتأمّل.

قوله : بحيث لا يجوز للموكّل وغيره منعه ، فيجب عليه التسليم كالموكّل ، وإن لم يكن وكيلا في التسليم صريحا .. إلى آخره (٤).

لعلّ مراده في الصورة الّتي يكون البيع بيد الوكيل ، مع أنّه مرّ عنه في كتاب البيع أنّه إذا وقع المبايعة يجب على البائع تسليم المبيع للمشتري والمشتري الثمن للبائع (٥) ، فمقتضى هذا وجوب التسليم قبل إعطاء الثمن ـ سيّما إذا كان الثمن بيده ـ

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٣ ـ ٥٠ الحديث ١٧١ ، تهذيب الأحكام : ٦ ـ ٢١٦ الحديث ٥٠٨ ، وسائل الشيعة : ١٩ ـ ١٦٧ الحديث ٢٤٣٧٣.

(٢) كذا ، وفي المصدر : ( دليل المنع في النفس فيهما .. ).

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٦٤.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٦٦.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

٤٦٦

ويقول : سلّم المبيع وخذ الثمن ، ويعلم أنّه إن سلّم يعطي الثمن البتّة ، وخصوصا إذا علم أنّه يسلّم الثمن بيد البائع الموكّل ، فتأمّل فيه.

وما في « التذكرة » (١) و « القواعد » (٢) لعلّه محمول على وقوع التعارف وكونه مبنيّا عليه.

والوكالة في التسليم لا تقتضي جواز التسليم قبل توفية الثمن ، إذ لعلّه يكون وكيلا في التسليم ، لكن بعد توفية الثمن ، كما أنّه لو وكّل أحدا صريحا في التسليم فإنّ الوكيل تصرّفه لا بدّ أن يكون منوطا بمصلحة الموكّل. نعم ، إن أذن التسليم قبل التوفية يجوز له ذلك.

وبالجملة ، الإذن في التسليم أمر على حدة ، والتسليم قبل التوفية أو بعدها أمر آخر ، وحرمة منع المالك عن التصرّف في ماله أمر آخر ، فتأمّل!.

قوله : إذ الجواز مبنيّ على الإذن المفهوم من كلام الموكّل ، فينبغي عدم الضمان ، وإن لم يفهم ينبغي عدم الجواز ، حيث أنّه تصرّف في مال الغير من غير الإذن .. إلى آخره (٣).

يمكن أن يقال : لعلّ الفهم هنا يكون من إذن الفحوى ، وإلّا فهو لم يأذن صريحا ، وإذن الفحوى دائر مع وقوع الأمر بوجه شرعيّ صحيح ، لأنّ الّذي يعلم رضاه هو هذا. وأمّا إذا وقع فاسدا ، فلم يكن فيه إذن فحوى ، إذ لا شكّ في أنّه راض إذا وقع صحيحا ، وإذا وقع فاسدا فيعلم عدم رضاه.

ولا يجوز أن يقال له : إنّك إذا رضيت بوجه الصحّة يلزمك الرضا أيضا إن ظهر فاسدا ، لأنّه له أن يقول : رضائي إنّما هو من جهة أنّه يحقّق مصلحتي ، فلا

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٢٣.

(٢) قواعد الأحكام : ١ ـ ٢٥٥.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٧٥.

٤٦٧

يلزمني الرضا في صورة تحقّق مفسدتي ، ولا يلزم هذا في الإذن الصريح ، لأنّه صرّح بالرخصة (١) ، والإذن من غير شرط ضمان ، والوكيل [ هو ] الّذي صرّح به ، فإذا تلف في يده فلا يمكن الاعتراض عليه ب : لم فعلت ، ولا ب : لم صار في مالي كذا ، والضمان إنّما يكون إذا وقع التصرّف بغير إذن المالك ، وهنا وقع بإذنه قطعا.

وأيضا ، ظاهر كلام الموكّل ومقتضاه أنّه لا ضمان على الوكيل ، و « المؤمنون عند شروطهم » (٢) ، ويجب عليهم الوفاء بما عاهدوا وعقدوا ، وشي‌ء من ذلك لم يتحقّق في إذن الفحوى ، كما هو ظاهر ، فتأمّل!.

قوله : وليس (٣) في رواية البارقي (٤) الّتي جعلت دليل هذا الحكم ، وجعلت دليلا على جواز الفضولي في البيع ، بل الشراء أيضا .. إلى آخره (٥).

لأنّ مضمونها حكاية حال لا عموم فيها ، كما هو المحقّق ، ولا تعيين هاهنا أيضا ، لاحتمال كونه فضوليّا فيحتاج إلى الإجازة ، واحتمال الحمل على الظاهر والعرف ، واحتمال كونه وكيلا.

مع أنّ الظاهر هو الاحتمالان الأخيران ، بقرينة أنّه ( سلّم الشاة. إلى آخر ما قال ) (٦) ، ولأنّ الظاهر والعرف يقتضي الرضا والإذن ، كما هو المشاهد الآن من العرف وظاهر مقاصدهم ، ولكونه محسنا و ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٧) ، ولأنّه لو كان فضوليّا لوقع فيه النزاع ، لأنّ الفضولي محلّ النزاع ، مع أنّ هذا

__________________

(١) في د ، ه : ( لأنّه صريح بالرخصة ).

(٢) عوالي اللآلي : ١ ـ ٢١٨ الحديث ٨٤.

(٣) كذا ، وفي المصدر : ( فليس ).

(٤) عوالي اللآلي : ٣ ـ ٢٠٥ الحديث ٣٦ ، مستدرك الوسائل : ١٣ ـ ٢٤٥ الحديث ١٥٢٦٠.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٧٧.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٧٧.

(٧) التوبة ٩ : ٩١.

٤٦٨

إجماعيّ ، كما ظهر من عبارة « التذكرة » (١).

وأيضا ، المعاطاة محلّ النزاع ، كما مرّ في أوّل الكتاب ، والفضولي هو عقد مال الغير وبيعه ، مع أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستفصل أنّه اشترى وباع معاطاة أو بالصيغة ، لو لم نقل أنّ الظاهر الوقوع معاطاة.

وممّا ينادي بعدم الفضوليّة أنّ البارقي سلّم دينار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ مع أنّه غير جائز في الفضولي قطعا ـ وأقرّه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تسليمه الحرام.

وأيضا ، كان يقول للبائع : إنّي أشتري فضولا إن رضي صاحب الدينار ، وإلّا أردّ الشاتين عليك.

وأيضا ، لو اشترى كذلك فكيف كان يبيع أحدهما في الطريق؟! وأيضا ، لو باع في الطريق فضوليّا كان يقول : أبيعك فضولا إن رضي صاحبه الفضولي أو رضي صاحبه الأصلي وإلّا أردّ الثمن وأبطل البيع.

وأيضا ، كان حين ما جاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان يقول : فعلت كذا وكذا فضولا إن رضيت وإلّا رددت.

ولا شكّ في أنّ من تأمّل الرواية (٢) يرى الرواية ظاهرة في خلاف كلّ واحد واحد ممّا ذكرنا.

وأيضا ، مسألة الفضولي في غاية الإشكال ترجيحها ، فكيف كان البارقي يجترئ؟ إلّا أن يكون مطّلعا عليها من طرف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأصل عدمه ، فأيّ فرق بينه وبين تحقّق الوكالة والعلم بالرضا ، على فرض أن لا نقول بأنّ العرف والعادة والظاهر تدلّ عليه؟! فتأمّل!

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٢٥.

(٢) أي رواية عروة البارقي ، وقد مرّت الإشارة إلى مصادرها آنفا.

٤٦٩

قوله : فما حصل الغرض من الفعل (١) ، وليس هنا شي‌ء يقال : إنّه صحيح في ذلك .. إلى آخره (٢).

يمكن الفرق بين أن يقول : صالح عوض أن أتملّك منه الخمر أو عوض أن نخرج من بيته خموره ونسلّمه بيدك ، إذ لعلّ غرضه إهراق خموره ، أو لأجل أن يصيّره خلّا أو غير ذلك ، مثل إساغة اللقمة أو التداوي ، على القول بصحّة التداوي مطلقا أو على بعض الوجوه.

قوله : ويمكن أن يقال هنا : لا شكّ أنّه عفى عن الدم .. إلى آخره (٣).

ليس بشي‌ء ، كما ذكره ، لأنّه لم يعف مطلقا ، بل عفى بشرط وقيد لم يتحقّق.

قوله : [ لا كلام ] في كونهما وكيلين مجتمعين .. إلى آخره (٤).

إذا قال : افعلا هذا ، فالظاهر كونهما وكيلين بالاجتماع ، ولعلّ قوله : وكّلتكما في فعل كذا أيضا ظاهر في الاجتماع ، ولو لم يكن ظاهرا فظاهر أنّه ليس بظاهر في استبداد كلّ واحد منهما ، فلا يثبت صحّة ما فعله بالاستبداد ، كما أشار إليه الشارح (٥).

وأمّا إذا قال لأحدهما : أنت وكيلي في كذا ، ثمّ قال للآخر بمثل ما قال للأوّل فالظاهر منه استبداد كلّ واحد منهما ، فتأمّل!

قوله : بأنّه قد يتعدّد الإنشاء لغرض من الأغراض .. إلى آخره (٦).

ما ذكر بعيد ، ولعلّ مثل هذا يورث التهمة ، فلا يثبت المطلوب ، لأنّ الثبوت

__________________

(١) كذا ، وفي المصدر : ( فما يحصل الغرض من العفو ).

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٧٩.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٧٩.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٨٦.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٨٧.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٩٥.

٤٧٠

يحتاج إلى ظهور وعدم تدافع ظاهر ، فتأمّل!

قوله : والقوانين الأصوليّة [ تقتضي البطلان ] .. إلى آخره (١).

لم نجد قاعدة تقتضي البطلان ، كما حقّق في الأصول.

قوله : وفي فتح باب مثل هذا سدّ لباب قبول الوكالة .. إلى آخره (٢).

هذا مناف لما سيذكره عند قول المصنّف : ( وقول الموكّل ) من أنّه لا يلزم سدّ الباب ، لإمكان الإشهاد (٣) ، فلاحظ!

قوله : وفيه تأمّل ، إذ قد يكون خفاء القضاء أيضا مطلوبا بخلاف الوديعة (٤) .. إلى آخره (٥).

الظاهر ، أنّ نظره إلى الغالب المتعارف ، لا الفروض النادرة ، لأنّ المدار في الفروض على القرائن إن وجدت فيها ، وإلّا فيحمل الإطلاق على المتعارف ، لأنّ هذا هو المدار فيه.

والبناء في التقصير وعدمه إنّما هو على ما يفهم من عبارة الموكّل ، لكن الحقّ أنّ الحكم بالغرامة في قضاء الدين أيضا مشكل ، لعدم تحقّق تعارف في أخذ الشاهد بحيث يكون الإطلاق منصرفا إليه البتّة ، بل لا يصحّ الغفلة عنه أيضا ، أو لا يكون مقصّرا في الغفلة إلّا أنّه ضامن ، بل ظاهر أنّه ليس كذلك وأنّ الموكّل إذا كان لم يشترط على الوكيل الإشهاد فالتقصير منه ، فتأمّل!.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٩٦.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٩٨.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦٠٧.

(٤) كذا ، وفي المصدر : ( مطلوبا كالوديعة ).

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٩٩.

٤٧١

مسائل النزاع

قوله : مبنيّا على عدم ثبوت أصل التوكيل [ غير ظاهر ] .. إلى آخره (١).

الوكيل مقرّ بثبوت الوكالة وصحّة العقد وأنّه لا يستحقّ أن يأخذ من المشتري أزيد من الثمن المسمّى. وأمّا إذا كان ما أخذه الموكّل من الوكيل أقلّ من الثمن ، فيمكن للمشتري أن يقول : لم يثبت بمجرّد قولك صحّة المعاملة ، لأنّها لعلّها تكون باطلة وأكون أنا تالفا لمال الموكّل ، وهو ما أخذ عوض ماله إلّا كذا ، فتأمّل!.

قوله : ويحتمل العدم هنا ، لأنّ الأصل عدم الفعل وبقاء الملك لمالكه .. إلى آخره (٢).

لا يخلو من إشكال ، بالنظر إلى القاعدة المسلّمة عند الفقهاء في أبواب الفقه ، من ( أنّ الأمين ليس عليه إلّا اليمين ) (٣) ، إذ في تلك المواضع ـ أيضا ـ ما يدّعيه ليس إلّا خلاف الأصل ، مثل أن يقول : تلفت العين وأمثال ذلك ، فتأمّل!.

قوله : ولا يلزم سدّ باب قبول الوكالة ، إذ الإشهاد [ على الردّ ممكن ] .. إلى آخره (٤).

يلزم من ذلك صعوبة الأمر على الوكيل ، سيّما في كثير من المواضع ، لتعسّر الاستشهاد ، سيّما مع ما ذكره الشارح في قول المصنّف : ( ويجب التسليم ) ، وقد

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦٠٤.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦٠٦.

(٣) راجع! جامع المقاصد : ٨ ـ ٣١٨ ، الروضة البهيّة : ٤ ـ ٣٦٢.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦٠٧.

٤٧٢

مرّ (١) فلاحظ ، بل ربّما لا يمكن.

مع أنّه على ما ذكره لم يكن فرق بين الأمين وغيره ـ يعني من استأمنه الموكّل ـ ، والظاهر من الطريقة المسلوكة من الفقهاء في أبواب الفقه الفرق ، فتأمّل.

ومضى منه رحمه‌الله في المسألة السابقة أنّه يلزم السدّ (٢) ، فلاحظ!.

قوله : [ فالقول قول الموكّل ، ] وإلّا فقول الوكيل ، فإنّ التصرّف كان لمصلحة المالك .. إلى آخره (٣).

الظاهر أنّ ذلك لأنّه محسن ، و ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٤) ، ولأنّه أمين محض ، فيكون حاله حال الودعي ، فتأمّل!.

قوله : لأنّه ضيّع حقّها وقصّر بترك الإشهاد .. إلى آخره (٥).

ولأنّه ورد رواية ظاهرة في أخذ كل المهر ، رواها في « التهذيب » (٦).

قوله : لأنّ الأصل عدم الأخذ ، ولا يلزم الخيانة ، ولا يلزم (٧) سدّ الباب ، وأصل عدم الغرامة [ يضمحلّ مع وجود الدليل عليه ] (٨).

جميع ما علّل به في الصورة الأولى جار في هذه الصورة ، لأنّه أمين والأصل عدم الغرامة ، ولأنّه لو لم يقبل يلزم سدّ باب التوكيل ، ولأنّ دعوى الموكّل بأنّك ما أخذت وأنت كاذب في الأخذ ، يستلزم خيانته ، فإنّ الكذب أيضا يخرج عن

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٩٥ ـ ٥٩٦.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٩٨.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦٠٨.

(٤) التوبة ٩ : ٩١.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦٠٨.

(٦) تهذيب الأحكام : ٧ ـ ٤٨٣ الحديث ١٩٤٤.

(٧) كذا ، وفي المصدر : ( ولا يستلزم ).

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦١٠.

٤٧٣

الأمانة ، كما صرّح به الفقهاء في مواضع لا تحصى (١).

وبالجملة ، التفاوت بين الصورتين ليس إلّا أنّ الموكّل يستلزم دعواه خيانة الوكيل في التصرّف في الصورة ، وفي هذه الصورة خيانته في الكذب ، وعلى التقديرين يكون الأصل مع الوكيل ، ليس عليه إلّا اليمين ، لما ذكر من الوجوه ، ولأنّه محسن و ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٢).

مع أنّه ظاهر عدم خيانته في إقباضه المبيع قبل الثمن ، لأنّ هذا هو الظاهر المتعارف المتداول في المعاملات وإطلاق اللفظ ينصرف إلى المتعارف ، على أنّه ليس بمتعارف عكس هذا حتّى يدّعى انصراف الإطلاق.

وليس دليل شرعي يقتضي إيجاب إقباض المبيع بعد قبض الثمن ـ لا معه ولا قبله ـ سيّما إذا كان جاهلا ، وأولى منه أن لا يكون مجتهد حاكم بذلك ، أو يكون لكن لم يتمكّن من الأخذ عنه.

وبالجملة ، لم نجد دليلا على غرامة الوكيل أصلا ، سيّما أن تكون أدلّة عدم الغرامة تضمحلّ به ، غاية ما في الباب أنّ الموكّل يمكنه أن يدّعي على الغريم ببقاء حقّه عنده ، ويتسلّط على حلفه ، ويحلفه على الإقباض.

لكن إن أمكنه هذه الدعوى هنا أمكنه في الصورة الأولى أيضا ، لعدم التفاوت أصلا ، سوى ما ذكر من التفاوت في دعوى الخيانة ، وأنّ في الصورة الأولى يزيد دعواه الخيانة على الثانية ، بأنّه يدّعي خيانة فيما سبق وكذبا الآن ، بخلاف الثانية ، فإنّه يدّعي الخيانة الآن ، وغير أنّه لا فرق بحسب القواعد الشرعيّة ، فتأمّل!.

__________________

(١) لاحظ! تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٣٧ ، جامع المقاصد : ٨ ـ ٢٦٣.

(٢) التوبة ٩ : ٩١.

٤٧٤

قوله : [ لا تسمع دعواه ] ولا بيّنته ، لأنّها مكذّبة لدعواه ، وسماع البيّنة فرع سماع الدعوى .. إلى آخره (١).

لا يخفى أنّ بيّنته لم تكذّب دعواه ثانيا ، بل كذّب الدعوى الّذي رجع عنه وأكذبه وأظهر أنّه كان كاذبا فيه وأبطله بالمرّة ، بل الأوّل ما كان دعوى بل محض الإنكار ، والدعوى هو الثاني ليس إلّا.

وعموم ما دلّ على قبول شهادة العدلين شامل لما نحن فيه ، وليس هاهنا تهمة وتحقّق ريبة ، لأنّ العبرة بقول الشاهدين ، ولم يفهمهما إلّا دعواه لا على إنكاره ، مع أنّ الإنكار لا يثبت بالبيّنة ، وليس شأنه الإثبات. اللهم إلّا أن يكون إجماع على عدم قبول مثل هذه الشهادة ، ولم ينقل إجماع ، سيّما إذا أظهر عذرا لإنكاره أوّلا ، فتأمّل! وربّما يحصل الظنّ القوي غاية القوّة أنّ الأمر كذلك ، بل ربّما يحصل العلم ، فتأمّل!

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦١٠.

٤٧٥
٤٧٦

كتاب الإجارة

٤٧٧
٤٧٨

في شرائط الإجارة

قوله : [ الإيجاب والقبول الدالّين صريحا ] بنقل المنفعة المعيّنة بعوض معيّن ، فالإيجاب مثل : آجرتك وأكريتك ، وما يؤدّي معناهما .. إلى آخره (١).

لا يخفى أنّ المراد بالمنفعة هنا ما يقابل العين ، فلا يصحّ إجارة البساتين لأجل الثمرة ولا غيرها لأجل عين ، وإن كانت منفعة بالقياس والإضافة إلى عين ، كما هو المراد في بحث الوقف ، وذلك لأنّ الإجارة لغة هي ما ذكرناه ، ولا يتبادر عرفا إلّا ذلك ، ويصحّ سلبها عن نقل الأعيان ، ونقل الأعيان ليس إلّا بالبيع والهبة والصلح.

والحاصل ، أنّ العرب وضع لنقل الأعيان بعنوان العوض واللزوم : لفظ البيع ، ولا بهذا العنوان لفظ الهبة ، ولنقل المنافع بعنوان العوض واللزوم : لفظ الإجارة ، ولا بالعنوان المذكور ، بل وبعنوان الإمتاع لفظ العارية ، وبعنوان اللزوم بعد العمل : لفظ الجعالة ، ووضع لرفع الفساد في جميع ذلك : لفظ الصلح ، وهذا هو المتبادر الثابت منهم.

وقد يطلق لفظ أحدها في معنى الآخر مجازا ، بمعونة القرينة ووجود العلاقة المصحّحة ، مع وجود الأمارات المقرّرة للمجاز.

فعلى هذا ، استئجار المرأة للرضاع ـ يعني لخصوص اللبن ـ مجاز جزما ، وللإرضاع أو الحضانة مع الإرضاع حقيقة ، لأنّ اللبن حينئذ ليس داخلا في

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٧.

٤٧٩

الماهيّة ، بل شرط لتحقّق المنفعة ، أو يكون مقصودا بالعرض كمنافع المبيع والثمن في البيع.

فما ورد في بعض الأخبار من إجارة البساتين (١) إمّا مجازا ، أو تقيّة ، لما ستعرف ، أو محمول على كون الثمرة مقصودة بالعرض ، فتأمّل جدّا!.

فما اعتذر من الحاجة ربّما تدعوا إلى الإجارة بالنسبة إلى اللبن ومثله ، إن كان مرادهم ما ذكرناه فلا بأس به ، وإن كان مرادهم كونه إجارة حقيقة ، ففيه ما لا يخفى ، لأنّ الحاجة لا تصير منشأ لقلب الماهيّة ، غاية ما يكون أن تصير منشأ لاشتراك الحكم الشرعي.

وليس نفس المعاملة من مستحدثات الشرع ، بالاتّفاق والضرورة ، بل أحكامها من الشرع ، كما لا يخفى على من له أدنى فطنة ، ويعضد ذلك أنّ المتعارف أخذ الأجرة بإزاء الإرضاع ، كما هو ظاهر الآية ، قوله تعالى ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٢) ، ولم يتعارف أخذ العوض من جهة اللبن ، كما هو الحال في ضراب الفحل أنّهم يأخذون بإزاء الضراب لا المني ، فتأمّل جدّا!.

قوله : [ لزوم ما ادّعى لزومه ] في العقود اللازمة من العربيّة .. إلى آخره (٣).

قد مرّ الكلام في ذلك في كتاب البيع (٤).

قوله : [ مشكل ] ، إذ يلزم ردّ جميع المختلفات مثل تقديم القبول .. إلى آخره (٥).

ليس إجماعنا هو اتّفاق الكلّ حتّى يلزم ما ذكره ، بل إجماع أهل السنّة

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٩ ـ ٦١ الحديثين ٢٤١٥٥ و ٢٤١٥٦.

(٢) الطلاق (٦٥) : ٦.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٧.

(٤) راجع الصفحتين : ٧١ ـ ٧٢ من هذا الكتاب.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٨.

٤٨٠