حاشية مجمع الفائدة والبرهان

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

حاشية مجمع الفائدة والبرهان

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٨١٢

لكن ينبغي تقييد المسألة بالإقرار المذكور ، ومع جريانها في صورة الإشاعة لا يخلو عن إشكال ، فتأمّل!.

قوله : أي لو تداعى اثنان الغرفة الّتي على بيت أحدهما ولها باب إلى الجانب الآخر ، الّذي هو في تصرّف المدّعي الآخر .. إلى آخره (١).

اعلم أنّ الغرفة إمّا أن يكون لها باب إلى جانب صاحب الأسفل وباب إلى جانب الآخر ، أو بابها منحصر إلى جانب الآخر ، بأن لا يكون لها باب أصلا إلى جانب الأسفل ـ أعمّ من أن يكون لها باب آخر إلى جانب شخص آخر لا يدّعي الملكيّة أم لا ـ والأوّل يكون الحكم كما ذكره ، ووجهه ظاهر.

وأمّا الثاني ، فالحكم بترجيح صاحب الأسفل مشكل ، لأنّ انحصار الباب إلى جانب الأخر علامة كونها في تصرّفه بلا شبهة ، وهم بين قائل بكون هذه مساوية لتبعيّة الهواء بالملك ، وقائل بكونها أقوى ، لكون يده عليها بالذات ويد مالك الهواء بالتبعيّة والذاتيّة.

بل المتعارف في عرفنا ـ في أمثال هذه الأزمان ـ عدم كون مثل هذه الغرفة لصاحب السفل ، بل تكون لصاحب الباب ، فتأمّل.

ويمكن تنزيل كلام الشارح رحمه‌الله على الأوّل ، حيث قال : ( ولها باب إلى الجانب الآخر ) (٢) ، بعنوان النكرة ، مضافا إلى تعارف كون الباب إلى جانب صاحب السفل ، وندرة انحصار الباب إلى جانب الآخر ، فتأمّل.

وبالجملة ، إذا لم يكن لصاحب الأسفل طريق إلى دخول الغرفة ولا يتمكّن من التصرّف فيها بالدخول ووضع شي‌ء فيها ، وغير ذلك من التصرّفات الّتي

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٥٢.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٥٢.

٤٤١

وضع الغرفة لها وهي المقصودة منها ، ويكون للآخر الجار منعه من الدخول والخروج وغيرهما من تلك التصرّفات ، فكيف يحكم بكون الغرفة للأسفل بغير إشكال؟! لو لم نقل لا يمكن الحكم بكونها له ، فتأمّل!.

قوله : فالمشهور لا بأس به ، ولا اعتبار بما تقدّم من « شرح الشرائع » (١) .. إلى آخره (٢).

لا بأس بما قال ، لأنّ الشهرة جابرة ، ولعلّ الأصحاب عملوا بها ، كما نقله ويظهر من نقله.

نعم ، ما ذكره من كونه حكمه حكم الجدار ، فيه ما فيه ، واحتمال كونها قضيّة في واقعة ، أيضا فيه ما فيه.

قوله : ( أو يحفر بالوعة أو مرتفعا يجرّ ماءه (٣) إلى بئر جاره ) (٤) ، لما تقدّم .. إلى آخره (٥).

غير بعيد ، لأنّ قولهم ـ صلوات الله عليهم ـ : « الناس مسلّطون على أموالهم » (٦) وأمثاله وإن كان عامّا ، إلّا أنّ قولهم عليهم‌السلام : « لا ضرر ولا ضرار » (٧) وأمثاله أيضا عامّ ، بل يظهر من غير واحد من الأخبار التأكيد والتشديد في

__________________

(١) مسالك الأفهام : ١ ـ ٢١٦.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٥٥.

(٣) كذا ، وفي تذكرة الفقهاء : ( يجري ماؤه ).

(٤) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٩.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٥٨.

(٦) عوالي اللآلي : ١ ـ ٢٢٢ الحديث ٩٩.

(٧) عوالي اللئالي : ١ ـ ٢٢٠ الحديث ٩٣.

٤٤٢

التهديد في أذيّة الجار (١) ، والمؤمن ، والأخ المسلم (٢) ، وسيجي‌ء عن العلّامة أنّ ما ذكره ليس من الإجماعيّات ولا ثابتا من إجماع ، بل إنّما هو عن اجتهاد اجتهده من العموم (٣).

نعم ، إن تضرّر بعدم تصرّف في ملكه بذلك التصرّف أزيد من الضرر الّذي يحصل على جاره أو مساو له يمكن أن يقال بالجواز ، وإن كان تحمّل هذا الضرر أيضا أولى وأحوط ، والله يعلم.

قوله : [ أن تكون الأجرة ] بعد حذف الأرش ، فافهم! وأمّا الأرش ، فيحتمل أن يكون هو عوض [ ما نقص آلات الوضع ] .. إلى آخره (٤).

لعلّه بناء على ما ذكره من أنّه ليس له القلع مجّانا (٥) ، إذ على تقدير عدم الأرش يكون اللازم عليه إبقاؤه ، ومع اللزوم والوجوب كيف يستحقّ الأجرة؟! وفيه تأمّل ، لأنّ مثل هذا اللزوم لم يثبت مانعيّته عن أخذ الأجرة ، إذ كثيرا ما يجب أن يؤاجر المسلم لاضطراره ، ومع ذلك يجوز أخذ الأجرة ، وكذا الحال في بيع شي‌ء منه وغيره لاضطراره إليه ، وقد مرّ التحقيق في كتاب المتاجر (٦).

قوله : والتزم ذلك ، فصار لازما ، لأنّ « المسلمون عند شروطهم » .. إلى آخره (٧).

فيه تأمّل ، إذ لا تأمّل لهم أنّ العارية بنفسها من العقود الجائزة البتّة

__________________

(١) لاحظ! الكافي : ٢ ـ ٦٦٦ باب حقّ الجوار ، بحار الأنوار : ٧١ ـ ١٥٠ حقّ الجار.

(٢) لاحظ! الكافي : ٢ ـ ٣٥٠ باب من آذى المسلمين واحتقرهم ، بحار الأنوار : ٧٢ ـ ١٤٢ باب من أذلّ مؤمنا أو إهانة.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٩ ، تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٢.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٥٩.

(٥) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٤.

(٦) تقدّم في الصفحة : ٨٠.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٠.

٤٤٣

خارجة عن العقود اللازمة بلا تأمّل ، بل هو مجمع عليه عندهم ، لا أنّه مثل البيع وغيره من العقود اللازمة إلّا أنّه يعرضه جواز في الجملة.

فالأولى ما قاله من أنّه يستلزم الضرر « ولا إضرار في الإسلام » (١) ، وهو بعمومه يشمل ما نحن فيه ، لأنّه يقال عرفا : إنّه أضرّه ، لأنّه وثق بكلامه وعهده وعهدته ، وهو يعرف أنّه لا يفعله إلّا ثقة بقوله ، وأنّه لا يرجع وإن كان يعرف أنّ له تسلّط الرجوع ، وهذا معنى آخر.

مع أنّه أيضا محلّ نظر ، لأنّ دليل جواز العارية إن كان الإجماع فهو غير منعقد في مثل هذه الصورة ، وإن كان الأخبار فلعلّه لا يسلم شمولهما لمثل ما نحن فيه ، بأن يرجع بالإضرار والإفساد والإتلاف للحقوق المحترمة مجّانا بغير تدارك أصلا.

وأمّا مع التدارك والأرش ، فلعلّه له وجه ، لكونه جمعا بين الحقّين مهما أمكن ، مع أنّه يمكن التأمّل فيه من جهة ما ذكره الشارح ، لكن ربّما يعرض المالك اضطرار شديد (٢) إلى ماله وضرر عظيم في الإبقاء.

قوله : مع أنّ العادة قاضية بأنّ مثل هذه العارية [ إنّما تكون للدوام ] .. إلى آخره (٣).

فيه ، أنّه لا كلام في أنّه أعاره للدوام ، ومحلّ النزاع ليس إلّا هذا ، إنّما الكلام من جهة أنّ العارية من العقود الجائزة يجوز الرجوع فيها ، وأمّا أنّ العارية لا تكون على سبيل الدوام بل إلى مدّة ، فلا شكّ في أنّه بعد انقضاء المدّة له أخذ ملكه ، والمستعير يجب عليه ردّه ، وكذا إذا لم يعلم الشمول إلى هذا الوقت ، فإنّ الأصل

__________________

(١) عوالي اللآلي : ١ ـ ٣٨٣ الحديث ١١.

(٢) في ب ، ج : ( إضرار شديد ).

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٠.

٤٤٤

عدم الشمول.

والملك إذا لم يكن عارية يجب ردّه على مالكه قطعا إذا طلبه أو لم يطلب ، لكن عين وقت كونه عنده وينتفع ، ومع ذلك يحرم عليه الانتفاع قطعا ، لأنّ الانتفاع إنّما هو من جهة العارية ، فتأمّل!.

قوله : على تقدير جواز الرجوع [ لا يكون النبش حينئذ حراما ] .. إلى آخره (١).

الظاهر الإجماع [ على ] حرمة النبش ، إلّا في الصورة المعهودة (٢) ، ومع ذلك لا شبهة في أنّه مثله شديدة قبيحة بالنسبة إلى الميّت ، وربّما يحصل من ملاحظة الأخبار (٣) وعناية الشرع بحال المؤمن القطع بعدم جواز النبش حينئذ.

قوله : ما كان ينبغي وجوب الأرش .. إلى آخره (٤).

قد عرفت أنّ الأرش إنّما هو جمع بين الحقّين مهما أمكن ، فتأمّل!

قوله : بل يمكن أن يتصوّر الضرر في الاستناد دونه ، ويفهم ذلك ممّا تقدّم ، وفي دليله ودليل [ الدروس إشارة إليه ] .. إلى آخره (٥).

لا يخفى أنّ مراده رحمه‌الله : الاستناد الشائع والغالب عدم ضرر فيه أصلا ، لا الفرد النادر المضرّ ولو ضررا قليلا غاية القلّة كالاستضاءة بسراجه ، ولذا قيّد في « التذكرة » بقوله : ( إذا لم يتضرّر به ) (٦) ، وأمّا أخذ أقلّ التراب فهو أخذ عين مال شخص وإتلافها والتصرّف فيها ، كأكل حبّة من حنطة أو حمّص أو سمسم

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٠.

(٢) لاحظ! مفتاح الكرامة : ١ ـ ٥٠٨.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ ـ ٢٠٨ الباب ٤٣ من أبواب الدفن ، مستدرك الوسائل : ٢ ـ ٣٤٦ الباب ٣٨ من أبواب الدفن.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٠.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٣.

(٦) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٥ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٢.

٤٤٥

وأمثالها ، فإنّ الظاهر من الفقهاء منع ذلك. وأنّه غصب كما مرّ التحقيق في ذلك في شرائط البيع (١).

مع أنّه لو جاز ذلك لجاز لكلّ أحد ، فإذا كان كلّ أحد يأخذ حبّة أو ذرّة أو قطعة صغيرة لذهب ماله ، أو مال معتدّ به ، أو القدر الّذي يقع [ من أخذه ] المضايقة لا أقلّ ، والغالب المتعارف عدم تحقّق العلم بكلّ أخذ بأنّ هذا الأخذ منه يوجب الضرر الّذي لا يرضى ، ويتحقّق بسببه المضايقة ، والجاهل معذور ، مع أنّه إذا لم يكن معذورا يلزم المفسدة أيضا والمنع ، ولا بدّ ـ من باب المقدّمة ، أو أصالة ـ أن لا يتصرّف أحد أصلا ، فتأمّل.

ثمّ إنّ عدم المضايقة ـ إن كان ـ هو إذن الفحوى ، فلا بدّ من أن يحصل العلم واليقين ، لعدم ثبوت كون الظنّ حجّة ، بل وثبوت العدم ، للآيات (٢) ، والأخبار (٣) في منع العمل بالظنّ ، ولم يثبت المخرج.

وبعد ثبوت اليقين ، فلا بدّ من حصول اليقين بأنّ صاحب المال ليس بطفل ولا مجنون ولا سفيه ولا عدوّ معاند ، ومن أين يحصل هذا اليقين؟! حتّى أنّه لا بدّ من حصول اليقين بأنّه ليس لهؤلاء ولا لأحد منهم فيه شركة وحقّ بوجه من الوجوه! وإن كان المراد عدم مضايقة الشارع ، فمن أين ظهر وثبت ذلك؟! إلّا أن يقال : من تصرّف المسلمين كذلك في الأعصار والأمصار من غير نكير من أحد من الفقهاء أو أحد من العوام ، لكن ثبوت ذلك في مثل أخذ أقلّ التراب أو حبّة

__________________

(١) تقدّم في الصفحة : ١٠١.

(٢) الأنعام ٦ : ١١٦ و ١٤٨ ، يونس ١٠ : ٣٦ و ٦٦ ، النجم (٥٣) : ٢٨.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ٢٦ الحديث ٣٣١١٨ و ٢٩ الأحاديث ٣٣١٢٨ و ٣٣١٣٠ و ٣٣١٣١ و ٣٣١٣٢.

٤٤٦

سمسم وأمثالهما محلّ نظر ظاهر ، بل ليس كذلك ، كما هو الظاهر.

نعم ، ورد في بعض الأخبار التيمّم بحائط اللبن من الناس ، أو مسح اليد به من غير اشتراط عدم لصوق شي‌ء منه (١) ، سيّما في التيمّم بعد ملاحظة اشتراط العلوق ، كما حقّق في محلّه (٢).

قوله : [ بجواز البناء المتّصل ] مع وقوع ثقله على جدار الغير .. إلى آخره (٣).

فيه تأمّل ظاهر ، لأنّه إضرار بالغير وتصرّف في ملكه عرفا بلا تأمّل ، مع أنّك عرفت التأمّل في أصله.

قوله : فليس ببعيد الاكتفاء في أمثاله بهذا المقدار .. إلى آخره (٤).

لا يخفى أنّ نفي الضرر والإضرار شرعا يقتضي أن يكون جميع ما تضرّر بالهدم يلتزمه ، ومنه صرف مدّة من عمرة أو عمر وكيله على تسوية الجدار ، فالمناسب وجوب الإعادة كما كان أوّلا عند أهل العرف والعقلاء ، بحيث لم يحصل (٥) تفاوت في القيمة ولا في الرغبة ، مع أنّه ربّما لا يمكنه التوجّه إلى إتيان بناء وعمله ، ولا يتخرّج عن أكلهم مثل الغذاء المتعارف ومن تحصيل آلات البناء وما يتوقّف ، وربّما يمكنه ولكن في غاية الصعوبة أو غاية البطء أو غير ذلك.

قوله : خرج مع الضرر بالمارّة بالإجماع .. إلى آخره (٦).

فيه ، أنّ ذلك عامّ كما يشمل الضرر بالمارّة يشمل غيره أيضا ، وقوله :

__________________

(١) الكافي : ٣ ـ ١٧٨ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٣ ـ ٢٠٣ الحديث ٤٧٧ ، وسائل الشيعة : ٣ ـ ١١١ الحديث ٣١٦٢.

(٢) راجع! الحدائق الناضرة : ٤ ـ ٣٣٢.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٣.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٤.

(٥) في ب : ( يجعل ).

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٩.

٤٤٧

( ويؤيّده .. إلى آخره ) (١) فيه أنّ المفروض كان الإضرار بالغير كالإضرار بالمارّة ، ولذا قلت : إنّ قيد ( بالمارّة ) لإخراج الغير ، وإنّ جواز ذلك في ملك نفسه فقدانه محلّ تأمّل أيضا.

اللهم ، إلّا أن يكون إجماع ، فلا يصير ـ حينئذ ـ علّة الجواز في المقام ، إلّا أن يقاس عليه ، والقياس حرام فاسد ، مع أنّه مع الفارق ، لأنّه ملكه ومختصّ به وليس لغيره فيه سبيل وهو مسلّط عليه ، بخلاف المقام ، فإنّ الناس فيه شرع ، فتأمّل جدّا.

وأمّا ما ادّعي بأنّه له في المباح ، فإنّه أيضا محلّ نظر ، لأنّ « لا ضرر ولا ضرار » ثابت قطعا ، بخلاف ما ذكرت ، ولا إجماع فيه.

قوله : ولست أعرف في هذه المسألة بخصوصها نصّا من الخاصّة ولا من العامّة .. إلى آخره (٢).

قد ظهر من هذا أنّه ليس بثابت من الإجماع ، بل من اجتهاده ، وقد عرفت سابقا ما في اجتهاده من عدم التماميّة الظاهر ، فالأحوط المنع بلا شبهة ، لو لم نقل الأظهر والأقرب.

قوله : إذ قد لا يمكن ذلك ، لكثرة الفرسان .. إلى آخره (٣).

فيه ، أنّ مجرّد الإمكان لا يصير منشأ لسقوط الحق ، إذ يمكنهم المشي منحنيا ، أو بانخفاض الرأس وميل العنق ، راكبين أو ماشين ، وأمثال ذلك مثل المشي في الظلمة بالعصا ، وغير ذلك من أمثال ما ذكر ، ولا تأمّل في أنّ هذا ليس مسقطا.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٩.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٩.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٠.

٤٤٨

قوله : كون الأمر بالشي‌ء مستلزما للنهي عن ضدّه الخاصّ .. إلى آخره (١).

مرّ الكلام منّا وذكرنا التحقيق في ذلك ، وأنّ الأمر لا يستلزم النهي عن الضدّ ، لكن الأمر والنهي لا يجتمعان.

قوله : إذ لا فرق بين المسكوك (٢) والمرفوع في الحصول ، إلّا أنّ المتردّدين في الأوّل أكثر .. إلى آخره (٣).

لا يخفى أنّ الطريق المرفوع إذا اتّفق أن يصير مجموع ما في هذا الطريق من الأبواب ودورها ملكا لشخص ، أو اتّفق أنّ أرباب هذه الأبواب رضوا بأن يكون الكلّ مال شخص يتصرّف فيه كيف يشاء ، أو صالحوه على ذلك ، فالظاهر أنّ ذلك الشخص يمكنه أن يتصرّف فيه تصرّف الملّاك في أملاكهم ، بإدخال الطريق في بيته أو جعله دكاكين أو غير ذلك ، فليس مثل الطرق النافذة ، والله يعلم ، فتأمّل!.

قوله : ما قال في « التذكرة » : إنّه محدود بسبع أو خمس ، ولو كان مملّكا لجاز لهم .. إلى آخره (٤).

هذا السبع والخمس ما دام التشاحّ كما يظهر من كلامه (٥) ، فعلى هذا لا مانع بعد الاتّفاق والتراضي ، فلا دليل على عدم الملكيّة ، فتأمّل.

قوله : والظاهر أنّ هذا أعمّ من أن يكون الطريق مرفوعا أم لا. إلى

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧١.

(٢) كذا ، وفي المصدر : ( المسلوك ).

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٥.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٥.

(٥) أي كلام : تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٢ ، الّذي قال فيه : ( حدّ الطريق المتّخذ في الأرض المباحة إذا تشاحّ أهله في وضعه وسعته وضيقه سبع أذرع ).

٤٤٩

آخره (١).

الظاهر أنّ مراده منه الطرق عند إنشاء الأحياء وذلك الحين ، لا الطرق المتداولة في البلدان المتعارفة ـ على ما أظنّ ـ فلا بدّ من ملاحظة عبارته ، وأنّ مراده غير المرفوعة ، لحكمهم بكونه ملكا لهم.

قوله : وهذا صريح في أن ليس هنا ملكيّة .. إلى آخره (٢).

لم نجد صراحة ، بل ربّما كان المراد أنّ الملكيّة تابعة لمحلّ التردّد ، ومن جهة التردّد صار مالكا.

وبالجملة ، أمثال ما ذكره لا يقاوم تصريحهم بالملكيّة ، فكيف أن يغلب عليه؟!

قوله : وأيضا يدلّ عليه أنّ كلّ أحد يدخل هذه المرفوعة من غير إذن أهلها .. إلى آخره (٣).

لا يخفى أنّ الخانات وأراضي الصحاري وغيرها من أمثال ما ذكر ، سيّما الأراضي المفتوحة عنوة ، بل الوقف ، فإنّها ملك الموقوف عليهم ـ على المشهور ـ يجوز الدخول من غير إذن ، والإجماع حاصل على الجواز ، والدليل والمنشأ في الكلّ واحد.

قوله : [ ولو بأخذ تراب قليل ينشره على الكتابة ] ، ومعلوم أنّ الداخل فيها والخارج عنها لا ينفكّ عن ذلك .. إلى آخره (٤).

غير معلوم ، وعلى فرض المعلوميّة يكون هذا القدر خارجا بالإجماع

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٦.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٦.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٧.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٧.

٤٥٠

وغيره كسائر الأراضي المملوكة.

قوله : على أنّه قد يصرّح واحد منهم بالمنع .. إلى آخره (١).

هذا أيضا وارد في أمثال ما أشرنا.

قوله : ( إلّا مع إذن الجميع فيه ) (٢) ، هذا موافق لما قاله .. إلى آخره (٣).

فيه شهادة واضحة على ما ذكرناه من أنّه ليس ما ذكره من لوازم كلّ ملك.

قوله : إذ اليد ليس بملك ، وهو ظاهر .. إلى آخره (٤).

ظاهر اليد الملكيّة ، ولا أقل من أنّه شاهد عليها ، كما هو ظاهر من النصّ (٥) ، سيّما مع فتاوي الأصحاب (٦) ، فتأمّل!.

قوله : في ملكه بمثله تأمّل واضح ، ولهذا قال في « التذكرة » في الّذي لا باب له .. إلى آخره (٧).

التأمّل ليس بمكانه ، إذ بحسب العادة والمشاهد أنّ أمثال هذه تؤدّي إلى التصرّف في ملك الغير بغير حقّ منجرّ إليه ، ولا ينفع الشهود ولا الخطوط أيضا ، وهو واضح لمن لاحظ العادة والتعارف بين الناس ، فعموم « لا ضرر » (٨) يشمله ، لأنّ الظنّ المتاخم ، بل العلم العادي حاصل بالانجرار إليه ، والإمكان الّذي ذكره

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٧.

(٢) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٤.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٨.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٧٨ ، وفيه : ( إذ السدّ ليس بمملّك .. ) ، ويبدو من عبارة المحشّي رحمه‌الله أنّ نسخته من مجمع الفائدة والبرهان مختلفة.

(٥) لاحظ! دعائم الإسلام : ٢ ـ ٥٠٥ الحديث ١٨١٠.

(٦) راجع! جامع المقاصد : ٥ ـ ٤١٥ ، مفتاح الكرامة : ٥ ـ ٤٧٦ ، الحدائق الناضرة : ٢١ ـ ١١٨.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٨٠.

(٨) عوالي اللآلي : ١ ـ ٣٨٣ الحديث ١١.

٤٥١

في « التذكرة » (١) ضعيف ، إذ فرق واضح بين رفع الجدار وفتح الباب ، بل لو فرض أنّ في رفع الجدار يقع أمثال هذه الشبهة ، فلا نسلّم تسلّطه عليه أيضا ، بل ورد في الأخبار من أنّه لا بدّ للناس من حفظ أموالهم ، بل ربّما ورد الأمر به ، على أنّه يكون ذلك لهم لا تأمّل فيه من ملاحظة الأخبار (٢) والفتاوي (٣).

ومن الأخبار : « إنّ الناس مسلّطون على أموالهم » (٤) ، ولأنّه نوع سلطنة ، بل ربّما كان عدم المنع موجبا للسفاهة ويعدّ غير المانع سفيها عرفا إذا لم يكن هناك غرض مصحّح عند العقلاء ، فتأمّل!.

قوله : [ ودليله تسلّط الناس على أموالهم ] الثابت بالعقل والنقل (٥).

قد مرّ التأمّل في ذلك ، وفي دلالة النقل ، لوجود المعارض المقابل لو لم نقل : إنّه أقوى.

وأمّا العقل ، فهو مانع عن إضرار الجار كالنقل ، بل ربّما كان أشدّ منعا ، فتأمّل.

على أنّه لو لم يمنع ، فلا نسلّم حكمه بعدم المنع ، كما هو ظاهر.

نعم ، ربّما كان في بعض الصور الأمر كما ذكره ، وإن كان الأحوط مطلقا ، كما مرّ.

قوله : لكان الفاضل في آخر المرفوعة ملكا لآخر (٦) ، ولأنّه قد يكون

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٣.

(٢) أنظر! وسائل الشيعة : ١٥ ـ ١١٩ الباب ٤٦ من أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه.

(٣) لاحظ! السرائر : ٢ ـ ١٩ ، جواهر الكلام : ٢١ ـ ١٦.

(٤) عوالي اللآلي : ١ ـ ٢٢٢ الحديث ٩٩.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٨٠ ، وفيه : ( الثابت بالنقل والعقل ).

(٦) كذا ، وفي المصدر : ( ملكا للأدخل ).

٤٥٢

المرفوعة واسعة .. إلى آخره (١).

لا وجه لكون الفاضل ملك الآخر ، لعدم الترجيح ، مع كونه ملكا عندهم كما مرّ ، فلا بدّ من الاشتراك ، ولو كان المرفوعة واسعة يكون للأدخل المرور من كلّ موضع ، كما أنّ الأقدم أيضا كذلك ، وإذا كان في مقابله باب فلا شك في الاشتراك بينهما.

والفقهاء لم يتعرّضوا الذكر غير البابين ، اكتفاء بذكرهما عن ذكر غيرهما ، إذ الفروض كثيرة ، والكلّ حكمه حكم البابين ، وذكر البابين على سبيل المثال ، لظهور عدم تفاوت الحال.

قوله : فكأنّهم جوّزوا جميع ما حرّموا ، وأيضا إذا كان الفاضل مشتركا وقد جوّز إخراج الباب في المشترك .. إلى آخره (٢).

إنّهم ما جوّزوا ما ذكره. نعم ، جوّز بعضهم إحداث باب آخر اخرج من الأوّل ، بناء على أنّ لصاحب الباب حقّ الاستطراق (٣) ، ولا فرق عنده بين أن يكون هذا الحقّ بباب واحد أو متعدّد ، كما إذا كان بابه أضيق فيجعله أوسع ، وإن كان أوسع بمراتب ، فإنّ (٤) هذا لا يوجب تفاوتا في حقّ الاستطراق.

واحتمل العلّامة إدخال الباب (٥) ، بناء على أنّه حين الإحياء والإحداث كان له ذلك وهو مستصحب ، وأنّ إحداث الباب الأدخل أو إدخاله ليس بأشدّ من رفع الحائط ، ومعلوم أنّ له رفع مجموع الحائط ، فبعضه بطريق أولى.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٨٢.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٨٣.

(٣) جامع المقاصد : ٥ ـ ٤٢١.

(٤) في ب ، ج : ( وأنّ ).

(٥) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٨٣.

٤٥٣

ومع هذا ذكر ذلك بعنوان الاحتمال ، وكثيرا ما يذكر الاحتمالات الضعيفة غاية الضعف في « القواعد » وغيره ، بحيث يمكن الظنّ القوي بأنّه لا يرضى به ، بل ربّما يحصل العلم ، لأنّه احتمال بحسب قواعد العامّة ، بل وبعض العامّة ، ولذا أكثر العامّة لا يقول به.

وما ذكرنا ظاهر على من لاحظ عادته رحمه‌الله.

سلّمنا ، لكن مجرّد تجويز ما ذكر لا يقتضي تجويز جميع ما حرّموا.

نعم ، تجويز ما حرّموا ربّما يتحقّق بالنسبة إلى ما بين البابين ، والظاهر أنّ هذا مراد الشارح ، لكن لا ضرر فيه ، لما عرفت.

والحقّ ، أنّ ما ذكر من جواز الإدخال مشكل قطعا ، سيّما على قاعدتهم من اختصاص الإدخال بما بين البابين بأنّه ملكه خاصّة ، إذ يوجب التصرّف في ملك الغير وجعله ملكا له بغير حقّ ، بل وإحداث الباب أيضا مشكل ، لاقتضائه زيادة حقّ في الاستطراق ، كما يشكل مثل هذا في الملك المشترك.

نعم ، يجوز الإخراج (١) بلا تأمّل وفتح باب أخرج أو مساو مع سدّ الآخر ، ووجهه ظاهر ، فتأمّل.

وهذا موافق لرأي الشيخ رحمه‌الله (٢).

وأمّا كون ما بين البابين مختصّا بالأدخل ، فهو مشكل أيضا كما ذكره رحمه‌الله ، فإنّ دليلهم أنّ التصرّف دليل الملكيّة ، وليس للأقدم تصرّف فيه ، فلا يكون له شركة. ففيه ، أنّ الطرف الآخر الداخل مشترك بينهما كما ذكره ، فيلزم أن يكون للإقدام الاستطراق إليه ، فتأمّل جدّا.

__________________

(١) في ب ، ج ، د : ( تجويز الإخراج ).

(٢) الخلاف : ٢ ـ ١٢٨ مسألة ١٢.

٤٥٤

الإقرار

قوله : واحتماله مشكل ، لوجوب العمل بإقراره بأدلّته المتقدّمة ، ومع عدم القبول يكون وصيّة ، وجهه [ أنّه قصد إعطاءه إيّاه ] .. إلى آخره (١).

لم يثبت من الأدلّة السابقة إلّا وجوب العمل بإقرار المقرّ على نفسه ، لا على غيره مثل الديّانين والغرماء والورثة ، والمقصود في المقام هو الثاني لا الأوّل ، كما لا يخفى على من تأمّل كلامه بأدنى تأمّل ، سيّما قوله : ( مثل إن علم من حاله. إلى

آخره ) (٢).

نعم ، لو ظهر من حاله أنّه يريد الإخراج منه حين إقراره وتسليمه للمقرّ له ذلك الحين ، بأن يأخذه ويجعله في عرض ماله ويتصرّف فيه لنفسه تصرّف الملّاك في ملكهم ومالهم ، فيصير ـ حينئذ ـ إقرارا على نفسه فيجب العمل به ، إلّا أن يثبت أنّ هذا الإظهار حيلة وتدبّر لإضرار الورثة أو الغرماء.

على أنّ في ظهور ما ذكر من حاله كافيا لإضرار الغرماء محلّ إشكال حقّق الأمر فيه في محلّه ، فلاحظ!.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٩٦.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٩٥ ـ ٣٩٦.

٤٥٥

الوكالة

قوله : لأنّ الفضولي خلاف الأصل ، وظاهر الآية والحديث من لزوم التجارة (١) عن تراض ، وهذه غير صحيحة ، لأنّها منقولة من طرق العامّة .. إلى آخره (٢).

لم نجد أصلا سوى أصالة عدم الصحّة حتّى يثبت بدليل شرعي ، وهو كذلك ، إلّا أنّ الأدلّة الّتي استدلّ بها الشارح على عدم اشتراط الصيغة في البيع ـ مع مبالغته فيها ـ يشمل الفضولي ، بل بطريق أولى ، لأنّ جميع ما اعتبر في البيع موجود فيه مع زيادة العقد والصيغة ، ولا شكّ في كونه عقدا ، بخلاف البيع بغير الصيغة ، ويكون بمجرّد التقابض ، لعدم كونه عقدا ، أو عدم ثبوت كونه عقدا لا أقلّ.

وظاهر الآية (٣) أيضا يشمل الفضولي أيضا ، لأنّه بالتراضي من صاحب المالين البتّة ، وبغير التراضي منهما لا ثمرة له أصلا ، ومن جهة كونه عقدا لا تأمّل في كونه تجارة ، بخلاف مجرّد التقابض.

وهذه الرواية (٤) وإن لم تكن صحيحة ، إلّا أنّها منجبرة بعمل الأصحاب

__________________

(١) كذا ، وفي المصدر : ( من لزوم تجارة ).

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٤٨٩.

(٣) النساء ٤ : ٢٩.

(٤) أي رواية عروة البارقي : عوالي اللآلي : ٣ ـ ٢٠٥ الحديث ٣٦ ، مستدرك الوسائل : ١٣ ـ ٢٤٥ الحديث ١٥٢٦٠.

٤٥٦

والموافقة مع تلك الأدلّة.

وكون البارقي وكيلا على العموم خلاف الأصل وخلاف ما يظهر من الخبر ، وكذا احتمال أن يكون فهم منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرضا بما فعله.

والظاهر من « شاة » الشاة الواحدة بلا شبهة ، مع أنّ في آخر الخبر أيضا قرينة واضحة على ذلك.

والوكيل من أين يعلم أنّ الشاة الّتي أرادها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدينار كانت مساوية لإحدى الشاتين اللتين اشتراهما؟ فإنّ الشياه متفاوتة قطعا.

إلّا أن يقال : يكون البارقي وكيلا على الإطلاق ، لكن مقتضى مثل هذه الوكالة على الإطلاق أن يشتري شاة واحدة وبأيّ قيمة تكون ويردّ باقي الثمن على صاحبه ، لا أنّ يشتري شاتين ثمّ يبيع إحداهما ، لعدم دلالة الصيغة ، وعدم إذن الفحوى أيضا ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يريد باقي الدينار ، كما هو مقتضى تلك الوكالة ، لا أنّه كان يريد شاة أخرى أيضا جزما أو ظنّا ، على تقدير تجويز كفاية الظنّ في إذن الفحوى.

نعم ، يتوجّه عليه أنّ البارقي سلّم الشاة ، وهم لا يقولون بجواز التسليم ، إلّا أن يقال : لعلّ المشتري كان معه ، أو أنّه سلّمه إليه لا بعنوان الإقباض في المبايعة بل بعنوان النيابة إلى أن يستأذن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو أنّ بيعه الشاة وتسليمه كان بإذن الفحوى ، لحصول الظنّ ، بل العلم بأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو كان راضيا ببعض الدينار فرضاه بالكلّ بطريق أولى ، وهذا هو الظاهر ، واستدلالهم بشرائه لا ببيعه ، فتأمّل

٤٥٧

أركان الوكالة

الموكّل

قوله : لعدم الاعتداد بعبارته ، وإن كان ذلك [ محلّ التأمّل ] .. إلى آخره (١).

صرّح بعض الفقهاء بأنّه يجوز أن يتولّى العقد للبيع وغيره لغيره (٢) ، فالاعتداد بعبارته ثابت عندهم ، وستعرف في قول المصنّف : ( والمحجور .. إلى آخره ) (٣) ، ولعلّه ليس محلّ التأمّل عندهم ، فتأمّل!.

قوله : بحيث يعلم عدم خيانته فيه مع عدم العدالة والاستئمان .. إلى آخره (٤).

حصول العلم مشكل ، بل إن كان يحصل فالظنّ القوي غاية القوّة ، وحجّية كلّ ظنّ محلّ تأمّل عندهم ، سيّما مع الأمر بالتثبّت في خبرهم (٥) ، والأمر بالعدالة (٦) ، ويحصل العدل في مواضع لا تحصى ، فتأمّل.

قوله : فإنّه غير مقيّد بالعدالة ، وترك التفصيل في (٧) دليله .. إلى آخره (٨).

لا شبهة في أنّ كون الظنّ حجّة وكذا التقليد يحتاج إلى دليل شرعي ، لأنّ

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٤٩٤.

(٢) شرائع الإسلام : ٢ ـ ١٠١ ، مسالك الأفهام : ١ ـ ١٩٨.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٠٨.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٤٩٧.

(٥) لاحظ! بحار الأنوار : ٢ ـ ١٥٨ ـ ١٦٨.

(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ١٣٨ الحديث ٣٣٤١٩ و ١٤٠ الحديث ٣٣٤٢٤.

(٧) لم ترد : ( في ) في المصدر.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٤٩٨.

٤٥٨

الأصل عدم الحجّية ، وللأدلّة الكثيرة على المنع عن العمل من الكتاب (١) ، والسنّة (٢) ، والإجماع ، فإنّ كلّ من يقول بحجّية ظنّ إنّما يقول بها بدليل قطعا ، ولا يخفى على المتتبّع.

وفي هذه المواضع دلّ دليل ، والمواضع الّتي دلّ الدليل على اعتبار العدلين وما ماثله أكثر من أن تحصى.

قوله : وقبول كرّية الماء ومن الحمّامي (٣) .. إلى آخره (٤).

الأصل طهارة الماء حتّى يثبت خلافها ، وهذا يكفي للحكم بالطهارة ، إلّا أن يقال : مع إمكان الاستعلام لا يكفي الأصل ، ويمكن الاستعلام كرّية مائة ، فتأمّل فيه.

ما تصحّ به الوكالة

قوله : [ على تقدير صحّة التوكيل ] والقول به ظاهر كونه إقرارا .. إلى آخره (٥).

عموم « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٦) شامل لذلك ، إذ أهل العرف يعدّونه إقرارا بلا تأمّل ، فلا يبقى ثمرة حينئذ ، إذ التوكيل في الإقرار لا بدّ من ثبوته

__________________

(١) لاحظ! بحار الأنوار : ٢ ـ ١١١ ـ ١١٣.

(٢) لاحظ! بحار الأنوار : ٢ ـ ١١١ الباب ١٦ من أبواب كتاب العلم.

(٣) في المصدر : ( من الحمّامي ).

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٤٩٨.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٢١.

(٦) عوالي اللآلي : ١ ـ ٢٢٣ الحديث ١٠٤ ، وسائل الشيعة : ٢٣ ـ ١٨٤ الحديث ٢٩٣٤٢.

٤٥٩

فيثبت إقراره البتّة ، أقرّ أو لم يقرّ.

وإن أقرّ وكالة ، لم يسمع منه حتّى يثبت الوكالة ، فإذا أثبت سمع منه.

صيغة الوكالة

قوله : ففيه إشارة إلى ما قدّمناه من جواز المعاطاة والتملّك بها .. إلى آخره (١).

لا يخفى أنّ الوكالة عرفا ليست إلّا استنابة في الفعل ، ورخصة فيه ، ووكول الأمر عليه ، وهذا القدر يكفي في تحقّقه ظهور الرخصة والإذن والاستنابة كيف كان.

فيجب على الموكّل إمضاء جميع ما فعله الوكيل بإذنه ورخصته ، فهو مأمور بالوفاء بالعقود اللازمة الصادرة عن الوكيل ، لأنّها عقده وعهده وشرطه ، بخلاف نفس العقود اللازمة ، فإنّ الأصل فيها عدم الصحّة حتّى تثبت بدليل إجماع أو نصّ ، وتحقّقهما في المعاطاة لا يخلو عن صعوبة وتأمّل ، كما مرّ الإشارة في كتاب البيع (٢) ، سيّما مع دعوى الشهيد الإجماع على وجوب مراعاة الصيغة لأجل اللزوم وسائر ثمرات البيع (٣) ، فتأمّل!.

قوله : بل إذنه باق بحكم الاستصحاب الّذي كاف في أمثال هذه الأمور بغير شكّ .. إلى آخره (٤).

ويقال : إنّه فعل بإذنه ، ويصدق ذلك عرفا ، ولا يمكن للموكّل الاعتراض

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٢٩.

(٢) راجع الصفحة : ٦٠.

(٣) لاحظ! مسالك الأفهام : ١ ـ ١٣٢.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٢٩ ـ ٥٣٠.

٤٦٠