حاشية مجمع الفائدة والبرهان

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

حاشية مجمع الفائدة والبرهان

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٨١٢

بكونه مقبوضا من الراهن أو مودعا عنده برضا صاحب المال ، كما لا يخفى.

قوله : وما شرطه أحد على الظاهر ، ويحتمل أن يكون عطفا على الوكالة .. إلى آخره (١).

عدم شرطهم الدوام ليس على ما ذكره ، ولم يجوّزوا أخذ ذلك منه قهرا ، بأن يكون للراهن التسلّط على أخذ الرهن من المرتهن قهرا بعد أن يكون دقيقة عنده ، لتحقّق شرط الصحّة ، بل مرادهم أنّ المرتهن لو أعطى وسلّم برضاه ، يجوز ويتحقّق الشرط ، إذ الدوام عنده ليس بشرط.

قوله : والظاهر الجواز (٢).

فيه ، ما مرّ ، فتفطّن.

قوله : والاستصحاب يقتضيه ، وكونه مالكا .. إلى آخره (٣).

فساد هذا الاستصحاب على تقدير اشتراط القبض ظاهر ، بل الاستصحاب ـ حينئذ ـ يقتضي خلاف ما ذكره ، وأمّا على القول بعدم الاشتراط ، فقد عرفت أنّ الاستيثاق لا يتحقّق إلّا بأن يكون حفظ الرهن برخصة المرتهن البتّة ، ولم يتأمّل أحد في ذلك.

قوله : ويحتمل جواز دفنه .. إلى آخره (٤).

إن كان ممّا يجوز دفنه.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٥٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٥٤.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٥٤ ، وفيه : ( والاستصحاب وكونه مالكا يقتضيانه ).

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٥٤.

٣٦١

في أحكام الرهن

قوله : ولكن سندهما غير صحيح .. إلى آخره (١).

ومع الضعف يعارضان العمومات والإطلاقات والاستصحاب ، ويخالفان ظاهر الكتاب والمشتهر بين الأصحاب ، والأصل والقاعدة في صحّة الرهن ، وعموم الوفاء بالعهد والشرط ، وفي الخبر : « إذا ورد عليكم حديث فاعرضوه على سائر أحكامنا ، فإن وجدتموه يشبهها وإلّا فاتركوه » ، أو « ليس منّا » (٢) وليس المتن ببالي ، وكذا ورد في الأخبار : « ما لم تجدوا للخبر شاهدا من كتاب الله لا تعملوا به ، والّذي جاءكم أولى » (٣) وكذا عموم « الناس مسلّطون على أموالهم » (٤) ، وغير ذلك.

قوله : وعليه يحمل صحيحة إسحاق بن عمّار .. إلى آخره (٥).

قلت : وبعد الحمل يكون إشكال أصل التراد باقيا ، لأنّ حق المرتهن ثابت إلى أن يبرئ ذمّة الراهن ، فمجرّد اشتغال ذمّته بالرهن أو عوضه لا يبرئ ذمّته ، كما أنّ الأمر في طرف المرتهن أيضا كذلك ، فإمّا أن يكون ما ذكر صلحا إرشاديّا ـ يعني الأولى والأصلح بحالهما أن يفعلا كذلك ـ أو يكون محمولا على الأفراد الغالبة من أنّ حق المرتهن هو الدراهم أو الدنانير ، وأنّ الرهن أمر قيميّ ، وأنّ

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٥٦ ، وفيه إشارة إلى روايتي عبد الله بن الحكم وسليمان بن حفص ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٤٠٥ الحديثين ٢٣٩٣٨ و ٢٣٩٣٩.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ١٢١ الحديث ٣٣٣٧٣.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ١١٠ الحديث ٣٣٣٤٤.

(٤) عوالي اللآلي : ١ ـ ٤٥٧ الحديث ١٩٨.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٥٩ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٣٩١ الحديث ٢٣٩١٠.

٣٦٢

الحقّين مع التساوي يتحقّق [ فيهما ] التقاصّ القهري ، فتأمّل.

أو أنّ التقاصّ في المقام ثبت من الشرع لكنّه موقوف على وجود القائل ، أو عدم كونه خلاف ما يقول به الأصحاب ، فتأمّل.

قوله : لما يظهر من الإجماع على عدم ضمانها .. إلى آخره (١).

لا يخفى ما فيه ، فإنّهم إذا قالوا بأعلى القيم في الغاصب ، فكيف يكون الإجماع على عدم ضمان القيمة السوقيّة؟! وحمل كلامهم على الأعلى بالقياس إلى أجزاء المغصوب أو سنّة ، ففيه أنّه غير مختصّ بالغاصب ، وصرّحوا بأنّ الغاصب مأخوذ بأشقّ الأحوال (٢) ، وهذا أيضا دليل واضح على كون المراد من الأعلى بحسب القيمة السوقيّة.

فمرادهم من الإجماع ـ إن تمّ ـ هو أن يكون نفس المغصوب موجودا ومردودا بلا تفاوت حصل فيه سوى القيمة السوقيّة ، مع التأمّل في هذا أيضا ، كما سيجي‌ء.

قوله : وأمّا المقاصّة (٣) من مال الراهن رهنا كان أو غيره .. إلى آخره (٤).

حمل إطلاق هذا الكلام على ما إذا اجتمع شرائط المقاصّة بعيد ، فيمكن أن يكون الإطلاق واردا مورد المتعارف ، فإنّ الرهن ـ بحسب التعارف ـ يكون عند المرتهن ، فإذا احتاج إلى النفقة والخدمة يعسر على الراهن ارتكابهما في كلّ ساعة ودقيقة ، كما هو الحال في الحمولة ، فمن هذا يكلونهما على المرتهن ، وارتكاب المرتهن إيّاهما بعوض معيّن عن معوّض عنه معيّن مضبوط لا يزداد ولا ينقص ،

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٦٠.

(٢) لاحظ! رياض المسائل : ٢ ـ ٣٠٤ و ٣٠٨.

(٣) كذا ، وفي المصدر : ( وأمّا المقاصّة به ).

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٦٠.

٣٦٣

ويتحقّقان جميعا دائما أيضا يكون عسرا عليهما.

فمن تلك الجهة يتحقّق التسامح منهما ، سيّما مع كون المنافع تذهب من الراهن ، ويخسر من هذه الجهة أيضا إن لم يستوفها المرتهن.

وإن كان اللازم على المرتهن استيفاؤها بالعوض ـ استوفى أم لم يستوف ـ فهو ضرر عظيم على المرتهن.

وإن كان من غير عوض أصلا ، فهو ضرر عظيم على الراهن.

وإن كان إن استوفى يعطي المستوفي وإلّا فلا يعطي شيئا أصلا ، فربّما لا يستوفي شيئا مطلقا ومع ذلك يأخذ عوض النفقة والخدمة مطلقا ، فهو أيضا ضرر عظيم عليه.

وبالجملة ، من جهة تلك الأمور وغيرها يتحقّق المسامحة في النفقة والانتفاع من المرهون ، ورواية السكوني أيضا لعلّها وردت كذلك (١) ، وأنّ الأولى والأصلح بحال الطرفين كذلك ، وأنّ التقاصّ إرشادي كما قلنا فيما سبق (٢) ، وأنّه صلح ما استصلاح (٣) من حال الطرفين ، وأمثال ذلك من أمير المؤمنين ، بل الرسول ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ كثير ، فتأمّل.

قوله : إن خاف جحودهما خوفا ما (٤) ، سواء أمكن له الإثبات عند الحاكم أم لا .. إلى آخره (٥).

لا يخفى أنّ مجرّد الخوف لا يصير سببا لاستحلال مال امرئ مسلم ومثله ،

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٣ ـ ١٩٥ الحديث ٨٨٦ ، تهذيب الأحكام : ٧ ـ ١٧٥ الحديث ٧٧٥ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٣٩٨ الحديث ٢٣٩٢٥.

(٢) راجع الصفحة : ٣٦٢ من هذا الكتاب.

(٣) كذا ، والظاهر أنّ المراد : ( لا استصلاح ).

(٤) كذا ، ولم ترد في المصدر : ( ما ).

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٦١.

٣٦٤

إذ لا يجوز إلّا بطيب نفسه (١) ، بل الظنّ أيضا لا يكفي ، لعدم الدليل على اعتباره ، بل لدليل العدم ، وهو كثير مسلّم ، فلا بدّ من العلم بالجحود ، بأن يعرض على الورثة بأنّ لي على مورثكم كذا وكذا ، ويجدّ في المطالبة من غير أن يظهر الرهن عنده ، فإن علم جحودهم أخذ ممّا في يده.

وأمّا مجرّد الوهم والخوف والظن فلا ، فلعلّ المورث أوصى بإعطاء دينه وغفل عن الرهن ، أو أوصى بأنّ من طالبكم بكذا وكذا فأعطوه ، أو أوصى بأنّ كلّ من يطالبكم فأعطوه ، أو أنّ الورثة يسامحون كما هو الحال في بعض من الورّاث.

وبالجملة ، ( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (٢) ، ( وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (٣).

وفي « القواعد » صرّح بأنّ جواز الأخذ مع العلم بالجحود (٤) ، وهو كذلك كما عرفت.

فإن لم يمكن الاستعلام ـ مثل أن يكون الوارث صغيرا أو مجنونا أو غائبا ـ فالمسألة لها حكم على حدة ، وليست ممّا نحن فيه ، لعدم جحود أصلا.

قوله : إن كان له على الميّت مال ولا بيّنة له [ عليه ] ، فليأخذ ماله ممّا في يده وليردّ الباقي على الورثة (٥) .. إلى آخره (٦).

__________________

(١) انظر! عوالي اللآلي : ٢ ـ ١١٣ الحديث ٣٠٩.

(٢) الحجرات (٤٩) : ١٢.

(٣) النجم (٥٣) : ٢٨.

(٤) قواعد الأحكام : ١ ـ ١٦٤.

(٥) كذا ، وفي المصدر : ( ورثته ).

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٦٢ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٤٠٦ الحديث ٢٣٩٤٠ ، وما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

٣٦٥

يعني : إن كان يستحقّ من الميّت مالا ولا يمكن الإثبات ، فله أن يأخذ من الرهن من غير ضرورة إلى دعوى الورثة وإظهار أنّ عنده رهنا ، لأنّه يؤخذ منه الرهن ولا يمكنه الإثبات ، فيذهب حقّه.

ويمكن حملها على العلم بعدم إعطاء الورثة وجحودهم ، كما هو الغالب في حال الورّاث أنّهم لا يعطون إلّا بالثبوت ، وأنّ المورث إن أوصى أوصى بأخذ الرهن أيضا.

أو أنّ هذا الحكم منه عليه‌السلام في مقام لا يعطون إلّا بالبيّنة ، بقرينة قوله : « ولا بيّنة له عليه » ، فتأمّل!

قوله : ويمكن الجواز والتأويل ، كما في : « لا بيع إلّا في ما يملك » (١) .. إلى آخره (٢).

قد عرفت الكلام فيه في بحث بيع الفضولي (٣) ، وأنّه ليس كما ذكره الشارح.

قوله : بل وردت روايات معتبرة بجواز وطئها للراهن [ إن تمكّن ] .. إلى آخره (٤).

في هذه الروايات (٥) إشكال ، إذ ـ مضافا إلى ما سيجي‌ء عن « التذكرة » والشيخ ـ أنّه لو كان الوطء حلالا لا مانع منه شرعا فكيف يكون القوم يحولون ويمنعون ما ليس بممنوع شرعا أصلا؟!

__________________

(١) عوالي اللآلي : ٢ ـ ٢٤٧ الحديث ١٦ ، مستدرك الوسائل : ١٣ ـ ٢٣٠ الحديث ١٥٢٠٩ ، وفيهما : « لا بيع إلّا فيما تملك ».

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٦٣.

(٣) راجع الصفحة : ٨٤ من هذا الكتاب.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٦٤.

(٥) راجع! وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٣٩٦ الباب ١١ من أبواب كتاب الرهن.

٣٦٦

فإن كانوا من الشيعة ، فاللازم عليهم عليهم‌السلام منعهم عن الحيلولة وإبلاغ الحكم إليهم ومنعهم عن الظلم ، وإن كان حيلولتهم من جهة أنّ الرهن ربّما يصير عليه الضرر ويؤول إليه ، فكيف يحلّل المعصوم عليه‌السلام مطلقا ، مع أنّ الظاهر أنّ الحيلولة من هذه الجهة ، مع أنّ الظاهر أنّ الوطء يجعلها في معرض الضرر والموت أو نقص القيمة؟! وإن كانوا من المخالفين ، فمع بعده ، حيث لم يشر الراوي إلى ذلك أصلا ـ مع أنّ الأصحاب متّفقون على حرمة مالهم كحرمة دمهم ، والأخبار متظافرة في ذلك (١) ـ ربّما يتضمّن خلاف التقيّة البتّة ، لاتّفاقهم على المنع (٢) بحسب الظاهر ، والعلم عند الله وعندهم عليهم‌السلام.

قوله : [ وهذه القاعدة مشهورة في عباراتهم ] ولا نعرف دليلها .. إلى آخره (٣).

قد مرّ الدليل ، وتحقّق الحال (٤).

قوله : فإذا رضي بالرهن وكونه عند الغاصب صار يده عليه بإذن المالك .. إلى آخره (٥).

مفروض مسألة الفقهاء أنّه رهن فقط ، لا أنّه رضا بكونه عند الغاصب وظهر ذلك منه ، ويشهد على ذلك اتّفاقهم على أنّ الّذي عنده الرهن إن كان (٦) عادلا وقع تراضي الراهن والمرتهن ومشارطتهما على كون الرهن بقبضه ، [ فإن ]

__________________

(١) لاحظ! الكافي : ٢ ـ ٢٤ الحديث ١ ، بحار الأنوار : ٦٥ ـ ٢٤٢ الحديثين ٢ و ٣ و ٢٦٤ الحديث ٢١ و ٢٨٢ الحديث ٣٥.

(٢) لاحظ! مسالك الأفهام : ١ ـ ١٢٦.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٦٩.

(٤) راجع الصفحة : ١٣٣ من هذا الكتاب.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٠.

(٦) في النسخ : ( وإن كان ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.

٣٦٧

خرج فاسقا أو متعدّيا في الرهن ، أو ظهر عداوته يخرج عن يده ولا يترك عنده ، وفي المقام علّلوا بعدم المنافاة بين الرهن والضمان ، ولذا لو تعدّى في الرهن لم يخرج عن الرهانة وإن كان ضامنا ، فتأمّل.

قوله : ويحتمل أن يرفع إلى الحاكم .. إلى آخره (١).

لا وجه لهذا الاحتمال أصلا ، بناء على عدم تصرّفه بغير إذن المرتهن مطلقا ، كما لا يخفى.

قوله : والدلالة أيضا غير واضحة ، لكن لا يضرّ .. إلى آخره (٢).

الدلالة ظاهرة ، بل واضحة كما لا يخفى على المتأمّل ، والسند منجبر بعمل الأصحاب ، بل الإجماع ، مضافا إلى ما ذكره من أنّ الزرع نماء الحب (٣) ، فلا وجه للمناقشة ثمّ القول بأنّه لا يضرّ .. إلى آخره.

قوله : فيحتمل كون مقدار الحب [ من الزرع رهنا ] .. إلى آخره (٤).

هذا بعيد ، مخالف للقاعدة ، لا مناسبة بينه وبين صورة المزج.

قوله : لو اتّفقا على رجوع المرتهن عن الإذن للراهن .. إلى آخره (٥).

مقتضى ذلك أنّ مجرّد الإذن في البيع ليس فسخا للرهانة وإسقاط حق فيها ، لا في العين ولا في العوض ، ومنشؤه عدم الدلالة الالتزاميّة أيضا ، بخلاف ما إذا وقع البيع ، فإنّ الرهن خرج عن ملك الراهن فلا يصلح لكونه رهنا ، وعوضه لم يكن رهنا.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٢.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٦.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٦.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٦.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٧.

٣٦٨

لكن يمكن أن يقال : الرخصة في البيع إن دلّ بحسب العرف على إسقاط حقّ العين ، فبمجرّد الرخصة يسقط ، وإن لم يدلّ فلم لا يجوز أن يكون المبيع رهنا وإن انتقل إلى الغير؟! لعدم المنافاة ، ولأنّ مال الغير يصحّ أن يصير رهنا ابتداء ، فبعد ما صار رهنا بطريق أولى ، فتأمّل جدّا.

قوله : وأنّ الأصل عدم البيع قبل الرجوع (١).

هذا الأصل لم نجد له أصلا ، لأنّ كلّ واحد من البيع والرجوع أمر حادث يجوز تأخّر كلّ منهما عن الآخر ، فتعارضا وتساقطا ، ولم (٢) يتحقّق فيهما استصحاب ، وأمّا الرهانة ، فالأصل بقاؤها.

ويمكن أن يقال : الأصل بقاء الإذن أيضا إلى أن يتحقّق المزيل ولم يتحقّق إلّا بعد البيع ، إذ قبله مشكوك فيه ، وبقاء الإذن وإن اقتضى تقديم البيع على الرجوع ، إلّا أنّ بقاء الرهانة اقتضى عكسه ، فهاهنا استصحابان تعارضا.

إلّا أن يقال : استصحاب بقاء الإذن وارد على استصحاب بقاء الرهانة ، فيترجّح الثاني ، لثبوت خلاف الرهانة بالاستصحاب الطارئ.

لكن في كون الطارئ قاطعا للسابق محلّ كلام ، والتحقيق في الأصول.

مع أنّ استصحاب الرهانة استصحاب في موضوع الحكم الشرعي الّذي ليس محلّ تأمّل المحقّقين أصلا حتّى الأخباريّين ، بخلاف استصحاب الإذن ، فإنّه محلّ كلام ، والتحقيق في الأصول (٣).

قوله : وأيضا ، الأصل صحّة البيع .. إلى آخره (٤).

لا يخفى أنّ هذا الأصل لا يتمشّى كلّيا ، إذ لو باع أحد مال شخص بادّعاء

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٧.

(٢) في ب ، ج : ( أو لم ).

(٣) لاحظ! الحدائق الناضرة : ١ ـ ٥٣.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٨.

٣٦٩

الوكالة والرخصة ، والشخص منكر ، فلا شكّ في أنّ الأصل معه ، وإلّا لزم أن يكون تصرّف كلّ أحد في مال غيره صحيحا وإن أنكر الغير الإذن في التصرّف ، بل في المقام لو باع الراهن الرهن بمحض ادّعاء الإذن وأخرجه عن الرهانة والمرتهن ينكر الإذن مطلقا ، فلا شكّ في كون الأصل مع المرتهن.

فالعبرة إنّما تكون باستصحاب بقاء الإذن ، لا أنّ الأصل صحّته. نعم ، لو قال : أذنت في البيع الفاسد ، أو قال : أوقعت الفاسد وأنا أذنت في الصحيح ، يكون الأصل الصحّة.

قوله : [ مثل صحيحة محمد بن مسلم (١) ] ، فلا يلتفت إلى ما يخالفها مع الضعف (٢).

رواية عبّاد بن صهيب (٣) ـ على ما هو ببالي ـ صحيحة ، لأنّ ابن صهيب ثقة ، والضعيف هو ابن كثير ، فالشيخ لعلّه وقع منه الاشتباه (٤) ، بل الظاهر أنّه كذلك ، حيث حكم بضعف ابن صهيب ، وقد حقّقناه في الرجال (٥).

قوله : مع أنّ الفرق حاصل ، لأنّه أخذ عوضا عن الدين .. إلى آخره (٦).

ومن هذا ظهر أنّ كلّما أخذ من صاحب المال بإذنه لا يصير أمانة مالكيّة كما ادّعاه الشارح في مواضع متعدّدة ، واعترض على الفقهاء حيث حكموا بضمان

__________________

(١) الكافي : ٥ ـ ٢٣٧ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٤٠٢ الحديث ٢٣٩٣٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٩.

(٣) الكافي : ٥ ـ ٢٣٨ الحديث ٤ ، من لا يحضره الفقيه : ٣ ـ ١٩٥ الحديث ٨٨٨ ، تهذيب الأحكام : ٧ ـ ١٧٦ الحديث ٧٧٦ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٤٠١ الحديث ٢٣٩٣٢.

(٤) راجع! معجم رجال الحديث : ٩ ـ ٢١٤.

(٥) تعليقات على منهج المقال : ١٨٧.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٧٩.

٣٧٠

الآخذ مثل ما قال في المأخوذ للمساومة والمقبوض بالبيع الفاسد وغيرهما (١).

قوله : [ ويمكن أن يعتذر بأنّ الكلام ] مع عدم الإسقاط .. إلى آخره (٢).

مع أنّ الراهن أقرّ بأنّ عنده رهن المرتهن ، و « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٣) ، فلا يمكنه التصرّف فيه إلّا بعد أداء حقّ المرتهن ، والمرتهن ما أسقط ، لما ذكره الشارح ، فتأمّل.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٩٢ ـ ١٩٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٠.

(٣) عوالي اللآلي : ٢ ـ ٢٥٧ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٢٣ ـ ١٨٤ الحديث ٢٩٣٤٢.

٣٧١

الحجر

في أسباب الحجر

قوله : [ وأمّا عن جميع التصرّفات ] ، فالظاهر أنّه لا دليل عليه .. إلى آخره (١).

هذا يخالف ما سيذكر من عموم المنع بالكتاب (٢) والسنّة (٣) ، بل الإجماع.

قوله : ويؤيّده عموم أدلّة الوصيّة (٤) ، فيخصّص بها ما يدلّ على عدم جواز تصرّف الغلام .. إلى آخره (٥).

لا يخلو من تأمّل ، فإنّ العامّين إذا تعارضا من وجه فلا بدّ ـ للحكم بتخصيص أحدهما بالآخر ـ من مرجّح ومؤيّد ، والتأييد بالصحيحة (٦) يوجب الدور ، فتأمّل.

قوله : بموسى بن بكر .. إلى آخره (٧).

موسى بن بكر قويّ ،

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٢.

(٢) النساء : ٦.

(٣) وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٤٠٩ الباب ١ و ٢ من أبواب كتاب الحجر.

(٤) وسائل الشيعة : ١٩ ـ ٢٥٧ الباب ١ من أبواب كتاب الوصايا.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٤.

(٦) أي صحيحة محمد بن مسلم : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٤ ، من لا يحضره الفقيه : ٤ ـ ١٤٦ الحديث ٥٠٤ ، وسائل الشيعة : ١٩ ـ ٣٦٠ الحديث ٢٤٧٦١.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٤ ، وفيه ( لموسى بن بكر ).

٣٧٢

كما ذكرناه في الرجال (١).

قوله : فقال في « التذكرة » : هو مختصّ بشعر العانة الخشن .. إلى آخره (٢).

ووافقه الشهيد في « المسالك » ، بل قال : ( لا عبرة بشعر غير العانة عندنا ، وإن كان الأغلب تأخّره عن البلوغ ، إذ لم يثبت كون ذلك دليلا شرعا ، خلافا لبعض العامّة (٣) ) (٤).

أقول : رواية يزيد الكناسي تدلّ على اعتبار شعر الوجه ، حيث قال عليه‌السلام فيها : « أو شعر في وجهه أو نبت في عانته قبل ذلك » (٥) ، ولذا استقرب في « التحرير » كون نبات اللحية دليلا (٦) ، وكذا هو في « الروضة » (٧) مع إلحاقه اخضرار الشارب أيضا ، وهو رحمه‌الله اعترف بأنّ الأغلب تأخّره ، وظاهر أنّ الأغلب هنا هو مقتضى العادة لا مجرّد الأكثرية ، فتأمّل جدّا.

قوله : والمشهور بين علمائنا أنّه يبلغ الذكر [ بإكمال خمس عشرة سنة ] .. إلى آخره (٨).

بل قال في « المسالك » : ( بل كاد أن يكون إجماعا ) (٩) ، والمستفاد من كلام المقداد رحمه‌الله في « كنز العرفان » أنّه إجماعي وأنّه من شعار الشيعة والشافعيّة (١٠) ،

__________________

(١) تعليقات على منهج المقال : ٣٤٧.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧.

(٣) لاحظ! المغني لابن قدامة : ٤ ـ ٢٩٧.

(٤) مسالك الأفهام : ١ ـ ١٩٦ ، مع اختلاف يسير في الألفاظ.

(٥) تهذيب الأحكام : ٧ ـ ٣٨٢ الحديث ١٥٤٤ ، الاستبصار : ٣ ـ ٢٣٧ الحديث ٨٥٥ ، وسائل الشيعة : ٢٠ ـ ٢٧٨ الحديث ٢٥٦٢٦ ، مع اختلاف يسير في الألفاظ.

(٦) تحرير الأحكام : ١ ـ ٢١٨.

(٧) الروضة البهيّة : ٢ ـ ١٤٥.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧.

(٩) مسالك الأفهام : ١ ـ ١٩٧.

(١٠) كنز العرفان : ٢ ـ ١٠٢.

٣٧٣

وسنشير إلى ما يؤيّده ، فلاحظ وتأمّل.

ومن هذا يظهر أنّ ما دلّ على خلافه وارد على التقيّة ، لاتّفاق الشيعة وكونه من شعارهم ، وكون الشافعيّة في غالب الفتاوي موافقين للشيعة كما لا يخفى على المطّلع ، ولما حقّق في موضعه من أنّ التقيّة إنّما تكون من المذهب المتداول في ذلك الزمان ، ومعلوم أنّ الشافعي وجد في زمان الكاظم عليه‌السلام واشتهر مذهبه بعد زمانه بمدّة ، وأيضا ورد عن الصادق : « إنّ أصحاب أبي كانوا يأتون أبي غير شاكّين فكان يفتهم بمرّ الحقّ ، وإنّ أصحابي يأتوني شكّا فافتيهم بالتقيّة .. » (١).

والروايتان اللتان ذكرنا دليلا للمشهور ، هما عن الباقر عليه‌السلام (٢).

وأيضا ، الباقر عليه‌السلام ما كان يتّقي من وجوه أخر :

منها ، أنّ بني أميّة وبني العبّاس كانوا مشغولين بأنفسهم في المحاربة ، وأوائل زمان الصادق عليه‌السلام أيضا كان كذلك ، إلّا أنّ أواخره صار دولة بني العبّاس بلا محاربة ، وزمان المنصور اشتدّت التقيّة ، لما ذكر في محلّه.

ومنها ، أنّ العامّة كانوا يقولون : فتاويه مأخوذة عن جابر ، عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومنها ، أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبلغ إليه السلام ، وصرّح بأنّه باقر العلوم (٣).

ومنها ، أنّه ما ظهر مذهب الشيعة ، والعامّة كانوا في غاية الاختلاف في

__________________

(١) الكافي : ٣ ـ ٣٣٩ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ ـ ٩١ الحديث ٣٤١ ، وسائل الشيعة : ٦ ـ ٢٦٣ الحديث ٧٩١٠ ، مع اختلاف في الألفاظ.

(٢) أي رواية يزيد الكناسي : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧ ، وسائل الشيعة : ٢٨ ـ ٢٠ ، الحديث ٣٤١١٦ ورواية حمران : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٨ ، وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٣ الحديث ٧٢.

(٣) لاحظ! أمالي الصدوق : ٢٨٩ الحديث ٩ ، بحار الأنوار : ٤٦ ـ ٢٢٣ الحديث ١.

٣٧٤

الفتاوي ، وما كان العصبيّة ومذهب أهل السنّة مشتدّة.

ومنها ، غير ذلك.

ومن الشواهد ، أنّ الصادق عليه‌السلام أيضا وافق الباقر عليه‌السلام في الخبر الصحيح ، من دون عكس (١).

هذا كلّه ، مضافا إلى أنّ الكتاب والسنّة المتواترة والإجماعات المنقولة الكثيرة ، بل الإجماع اليقيني بلا شبهة ، والاستصحاب وأصل براءة الذمّة ، مقتضاها عدم التكليف حتّى يتحقّق العلم واليقين بالتكليف ، ووافق الجميع العقل ، فتدبّر!

قوله : والدليل عليه أنّ الأصل والاستصحاب .. إلى آخره (٢).

الأصل هو أصالة البراءة ، والاستصحاب متعدّد ، وهو استصحاب عدم البلوغ ، واستصحاب عدم التكليف ، واستصحاب عدم صحّة العقود والإيقاعات.

قوله : ويؤيّده بعض الأخبار ، مثل : ضعيفة حمران الممدوح .. إلى آخره (٣).

النجاشي نقل ضعفه (٤) عن ابن نوح وأسنده إليه ، ثمّ ذكر أنّ ( له كتابا يرويه جماعة .. إلى آخره ) ، وذكر أنّ الحسن بن محبوب ممّن يرويه (٥) ، والحسن لعلّه ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم (٦).

__________________

(١) الكافي : ٤ ـ ١٢٥ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ١٠ ـ ٢٣٣ الحديث ١٣٢٩٧.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧ ، والرواية في : وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٣ الحديث ٧٢.

(٤) المقصود : ضعف عبد العزيز العبدي. راجع : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧.

(٥) رجال النجاشي : ٢٤٤ الرقم ٦٤١.

(٦) راجع! رجال الكشي : ٢ ـ ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.

٣٧٥

وفي كلام « النجاشي » إشارة إلى تأمّل منه في ضعفه ، وأنّ كتابه معتمد معتبر ، والظاهر أنّ هذه الأخبار من كتابه هذا.

والظاهر أنّ موضع حمران حمزة ابنه ، وفي نسخة الشارح وقع سقط (١).

وحمزة أيضا ذكرنا له أسبابا كثيرة للاعتداد بقوله في التعليقة (٢).

قوله : وعدم توثيق حمران .. إلى آخره (٣).

مدحه كالتوثيق.

قوله : وبريد مجهول (٤).

ذكر الدار قطني إنّه شيخ من شيوخ الشيعة (٥) ، ويروي عن الباقر والصادق عليهما‌السلام ، بل لا يبعد اتّحاده مع أبي خالد القمّاط الثقة ، وإن ذكرهما الشيخ في رجاله (٦) ، كما لا يخفى على من لاحظ طريقته فيه ، ويروي عنه الأجلّة مثل : هشام بن سالم ، وأبي أيّوب الخزّاز (٧).

قوله : وهذه أيضا ضعيفة ، مع عدم الدلالة فيها (٨).

الضعف منجبر بالشهرة على تقدير تسليم الضعف وعدم كون الشهرة إجماعا ، فإنّ الضعيف ينجبر بالشهرة ، سيّما الّتي كادت أن تكون إجماعا.

__________________

(١) سند الرواية في كلّ من الكافي ووسائل الشيعة هكذا : ( محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن حمزة بن حمران ، عن حمران ) ، ولكن في السرائر : ٣ ـ ٥٩٦ ذكر هذا الحديث دون أن يذكر ( حمران ) في سنده.

(٢) تعليقات على منهج المقال : ١٢٦.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧ ، وفيه : ( وعدم توثيق حمزة بن حمران ).

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٨ ، وفيه : ( ويزيد مجهول ).

(٥) نقله عنه : لسان الميزان : ٢ ـ ١٤ الرقم ١٥٥٢.

(٦) رجال الطوسي : ٣٣٦ الرقم ٥٠.

(٧) جامع الرواة : ٢ ـ ٣٤١.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٨.

٣٧٦

والدلالة ظاهرة واضحة ، سيّما في الرواية الأولى (١) ، وأمّا الرواية الثانية (٢) ، فبملاحظة ما سيجي‌ء من صحيحة معاوية (٣) وما تتضمّنه ، وما سيذكر فيها ، فلاحظ!.

وأمّا الإكمال ، فلعلّه هو الظاهر أيضا ، لأنّ خمس عشرة سنة ظاهر في الكامل ، بل لا تأمّل فيه ، والظاهر من البلوغ هو الإدراك ، ولذا فهم المشهور ، وفهمهم قرينة ومؤيّد ، فتأمّل.

قوله : وبالجملة ، ما رأيت خبرا صحيحا صريحا في الدلالة [ على خمسة عشر سنة ] .. إلى آخره (٤).

صحيحة معاوية الآتية واضحة الدلالة في عدم تحقّق البلوغ قبل خمس عشرة سنة لا غبار عليها ، كما ستعرف.

قوله : فالوجه في هذه الأخبار (٥) أن نحملها على ضرب من الاستحباب والندب .. إلى آخره (٦).

الحكم بمجرّد هذا بكونه مذهبه مشكل إذا كان مخالفا لما ذهب إليه في كتب فتاويه ، وسيّما إذا لم يتعرّض له في كتابه « الخلاف » (٧) ، بل الحكم بمجرّد هذا مشكل وإن لم يفت بخلافه في كتب فتاويه ، فإنّ الظاهر منه أنّ ما ذكره لمجرّد الجمع

__________________

(١) أي رواية حمران : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧ ، وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٣ الحديث ٧٢.

(٢) أي رواية يزيد الكناسي : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٨ ، وسائل الشيعة : ٢٨ ـ ٢٠ الحديث ٣٤١١٦.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٩ ، وسائل الشيعة : ١٠ ـ ٢٣٣ الحديث ١٣٢٩٧.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٨.

(٥) لم ترد في المصدر : ( الأخبار ).

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٩.

(٧) لاحظ! الخلاف : ٢ ـ ١٢٠.

٣٧٧

ورفع التعارض ، لا أنّه فتواه أيضا ، كما لا يخفى على المتتبّع المتأمّل ، ولذا قال بعض الفقهاء : إنّ مذهبه في كتابه غير ظاهر من مجرّد ما ذكره في الجمع (١) ، فتأمّل.

مع أنّ كون وجوب الصلاة بلوغا أيضا محلّ تأمّل ، سيّما مع تصريح الشيخ فيهما بأنّ الوجوب عندنا على ضربين ، ضرب على تاركه العقاب (٢) ، ومقتضى ظاهر الآية والسنّة أنّه لا يحصل إلّا بالحلم ، خرج ما خرج بالإجماع وبقي الباقي ، وعموم أدلّة التكليف مخصّص بالبالغ العاقل إجماعا ، إذ لا تأمّل لأحد من المسلمين أنّ غير البالغ العاقل إجماعا ، إذ لا تأمّل لأحد من المسلمين أنّ غير البالغ غير داخل فيه ، فالمشكوك فيه لا دليل على إلحاقه بالعام ، فتأمّل.

ويظهر من كلام الشارح فيما سيأتي في بلوغ الأنثى أنّ بلوغها بتسع سنين ، ولا تأمّل فيه ، بل وأنّه إجماعي (٣) ، وهذا شاهد على ما ذكرناه من أنّه ليس مذهب الشيخ.

قوله : [ ومعارض ] بعموم أدلّة التكليف (٤).

عموم أدلّة التكليف بمخصّص بالمكلّفين بالنصوص والإجماع ، بل الضرورة من الدين ، فلا بدّ من ثبوت كونه مكلّفا حتّى يثبت الدخول ، مع أنّ عموم ما دلّ على رفع القلم عن غير المكلّف (٥) شامل ، خرج منه ما اتّفق على إخراجه أو دلّ دليل.

وهذا أولى ممّا ذكره ، لأنّ الأصل براءة الذمّة حتّى يثبت شغل الذمّة ، لا أنّ

__________________

(١) السرائر : ١ ـ ٥٣ و ١١٠.

(٢) لاحظ! تهذيب الأحكام : ٢ ـ ٣٨١ ، الاستبصار : ٢ ـ ١٢٣.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٩٢.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٩.

(٥) لاحظ! الخصال : ١ ـ ٩٣ الحديث ٤٠ ، وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٥ الحديث ٨١.

٣٧٨

الأصل شغل الذمّة حتّى يثبت البراءة ، فتأمّل.

قوله : فخرج منها ما اتّفق على إخراجه .. إلى آخره (١).

سيجي‌ء من الشارح في مسألة الخنثى المشكل ما يخالف ما ذكره هنا (٢) ، فلاحظ!.

قوله : في « التهذيب » و « الاستبصار » و « الفقيه » ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في كم يؤخذ الصبيّ بالصيام؟ قال (٣) : فيما بين خمس عشرة سنة .. » .. إلى آخره (٤).

الرواية هكذا : « فقال : ما بينه وبين خمس عشرة سنة وأربع عشرة (٥) ، فإن هو صام قبل ذلك فدعه ، ولقد صام » (٦) الحديث.

هذه الرواية تنادي بأنّ الصبيّ لا يجب عليه الصيام قبل خمسة عشر سنة ، إذ ظاهر منها أنّه لا يؤخذ بفعل الصوم قبل أربعة عشر أو خمسة عشر ، وكلمة « أو » تفيد التخيير ، فهي صريحة في أنّ أخذه به قبل خمسة عشر ليس على سبيل اللزوم والتعيين ، وأنّه يجوز عدم أخذه به قبل خمسة عشر ، ولا حرج في ذلك ولا مانع له.

والوجوب التخييري لا معنى له قطعا ، ولم يقل به أحد ، بل هو خلاف

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٩ ، وقد وردت هذه الحاشية في كافّة النسخ قبل سابقتها إلّا أنّنا رتّبناها حسب ترتيبها في مجمع الفائدة والبرهان.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٩٢.

(٣) كذا ، وفي المصدر : ( فقال ).

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٩.

(٥) في : من لا يحضره الفقيه ووسائل الشيعة : ( وأربع عشرة سنة ).

(٦) الكافي : ٤ ـ ١٢٥ الحديث ٢ ، من لا يحضره الفقيه : ٢ ـ ٧٦ الحديث ٣٣٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ ـ ٣٨١ الحديث ١٥٩٠ ، وسائل الشيعة : ١٠ ـ ٢٣٣ الحديث ١٣٢٩٧.

٣٧٩

ضروري الدين ، فتعيّن كون المراد تفاوت مرتبة الأخذ في الأربعة عشر والخمسة عشر ، فتدبّر.

قوله : وبذلك يمكن الجمع بين الأخبار ، ويحتمل الشروع بالأربع عشرة (١) وإكمال ثلاث عشرة .. إلى آخره (٢).

فيه ما فيه ، وكذا في قوله : ( ويحتمل .. إلى آخره ) (٣) ، ولعلّه بناء على كون رواية عبد الله (٤) صحيحة ، وفيه تأمّل ظاهر ، وبعد التسليم بكون مثلها يقاوم ويرجّح على المنجبر بعمل الأصحاب محلّ تأمّل ، سيّما ولم يظهر بعد عامل بها ، إذ ما نقله عن الشيخ (٥) قد عرفت التأمّل فيه.

وعلى تقدير أن يكون مذهبه فيهما ، فرجوعه عنه يضعفه ويخرجه عن الاعتبار ، لأنّه لو لم يظهر عليه فساده لم يرجع عنه ، فتأمّل.

وممّا يضعف معارضتها لصحيحة ابن وهب (٦).

وما ذكره من الجمع بعيد أيضا ، بل ولا يكاد يصحّ ، كما لا يخفى على المتأمّل.

قوله : وكثرة الأخبار ، وصراحة الدلالة .. إلى آخره (٧).

وإن كانت كثيرة ، إلّا أنّها متعارضة (٨) ، بل وبعضها يشمل الأنثى أيضا ،

__________________

(١) في المصدر : ( في الأربع عشرة ).

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٩٠.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٩٠.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٩٠ ، وسائل الشيعة : ١٩ ـ ٣٦٤ الحديث ٢٤٧٧١.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٩.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٩ ، وسائل الشيعة : ١٠ ـ ٢٣٣ الحديث ١٣٢٩٧.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٩١.

(٨) في ه : ( معارضة ).

٣٨٠