الدليل العقلي على إمامة علي عليه السلام

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-257-1
الصفحات: ٥٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

العلم وعلي بابها ».

هذا الحديث موجود في كتبهم ، يرويه :

١ ـ عبد الرزاق بن همّام الصنعاني.

٢ ـ يحيى بن معين ، الإمام في الجرح والتعديل ، مع تصحيحه لهذا الحديث.

٣ ـ أحمد بن حنبل.

٤ ـ الترمذي.

٥ ـ البزّار.

٦ ـ ابن جرير الطبري.

٧ ـ الطبراني.

٨ ـ أبو الشيخ.

٩ ـ ابن السقا الواسطي.

١٠ ـ ابن شاهين.

١١ ـ الحاكم النيسابوري.

١٢ ـ ابن مردويه.

١٣ ـ أبو نعيم الإصبهاني.

١٤ ـ الماوردي.

١٥ ـ الخطيب البغدادي.

٢١

١٦ ـ ابن عبد البر.

١٧ ـ السمعاني.

١٨ ـ ابن عساكر.

١٩ ـ ابن الأثير.

٢٠ ـ ابن النجّار.

٢١ ـ السيوطي.

٢٢ ـ القسطلاني.

٢٣ ـ ابن حجر المكي.

٢٤ ـ المتقي الهندي.

٢٥ ـ علي القاري.

٢٦ ـ المنّاوي.

٢٧ ـ الزرقاني.

٢٨ ـ الشاه ولي الله الدهلوي.

وغيرهم ، وكلّ هؤلاء يشهدون بأنّ رسول الله قال في علي : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » (١).

__________________

(١) تهذيب الاثار « مسند الإمام علي عليه‌السلام » : ١٠٥ رقم ١٧٣ ـ مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر ـ ١٤٠٢ ، صحيح الترمذي. كما في جامع الأصول ٩ / ٤٧٣ ،

٢٢

وهل قال مثل هذا الكلام في غير علي ؟

أنا دار الحكمة وعلي بابها :

ويقول رسول الله في حق علي : « أنا دار الحكمة وعلي بابها » ، وعندما نراجع الكتب نرى هذا الحديث يرويه :

١ ـ أحمد بن حنبل.

٢ ـ الترمذي.

٣ ـ محمّد بن جرير الطبري.

٤ ـ الحاكم النيسابوري.

٥ ـ ابن مردويه.

__________________

وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٧٠ وغيرهما ، المعجم الكبير للطبراني ١١ / ٦٥ رقم ١١٠٦١ ـ دار إحياء التراث العربي ، تاريخ بغداد ٤ / ٣٤٨ ، ٧ / ١٧٢ ، ١١ / ٢٠٤ ، الاستيعاب ٣ / ١١٠٢ ، فردوس الأخبار ١ / ٧٦ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٢ ، الرياض النضرة ٢ / ٢٥٥ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٥ ، تاريخ جرجان : ٢٤ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٥٨ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٤ ، عمدة القاري ٧ / ٦٣١ ، اتحاف السادة المتقين ٦ / ٢٢٤ ، مستدرك الحاكم ٣ / ١٢٦ و ١٢٧ ، ترجمة الإمام علي عليه‌السلام من تاريخ دمشق ٢ / ٤٦٥ رقم ٩٨٤ ، جامع الأصول ٨ / ٦٥٧ رقم ٦٥٠١ ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ١٤٠٣ ، الجامع الصغير للسيوطي ١ / ٤١٥ رقم ٢٧٠٥ ـ دارالفكر ـ بيروت ـ ١٤٠١ ، الصواعق المحرقة : ١٨٩ ، كنز العمال ١١ / ٦١٤ رقم ٣٢٩٧٨ و ٣٢٩٧٩ ، فيض القدير للمنّاوي : ٣ / ٤٦ ـ دارالفكر ـ بيروت ـ ١٣٩١.

٢٣

٦ ـ أبو نعيم.

٧ ـ الخطيب التبريزي.

٨ ـ العلائي.

٩ ـ الفيروزآبادي.

١٠ ـ ابن الجزري.

١١ ـ ابن حجر العسقلاني.

١٢ ـ السيوطي.

١٣ ـ القسطلاني.

١٤ ـ الصالحي الدمشقي.

١٥ ـ ابن حجر المكي.

١٦ ـ المتقي الهندي.

١٧ ـ المنّاوي.

١٨ ـ الزرقاني.

١٩ ـ ولي الله الدهلوي.

وغيرهم.

وهؤلاء يشهدون بأنّ رسول الله قال في علي : « أنا دار الحكمة

٢٤

وعلي بابها » (١).

فإذا كان رسول الله يقول في حقّ علي هكذا ، وهم يروون هذا الحديث ، فهل علي المتمكن من إقامة الحجج والبراهين على حقيّة هذا الدين ودفع الشبه ، أو غيره الذي لم يرد مثل هذا الحديث في حقّه ؟

أنت تبيّن لاُمّتي ما اختلفوا فيه من بعدي :

والاظهر من هذا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي : « أنت تبيّن لاُمّتي ما اختلفوا فيه من بعدي ».

فقد نصب علياً للحكم بيننا في كلّ ما اختلفنا فيه ، من أُمور ديننا ودنيانا.

وهذا الحديث يرويه :

__________________

(١) فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام : ١٣٨ رقم ٢٠٣ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٣٧ ، تهذيب الاثار « مسند علي عليه‌السلام » : ١٠٤ رقم ٨ ، حلية الأولياء ١ / ٦٤ ، مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي ٢ / ٥٠٤ رقم ٦٠٩٦ ـ دار الأرقم ـ بيروت ، أسنى المطالب لابن الجزري : ٧٠ ـ مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ أصفهان ، الرياض النضرة ٢ / ٢٥٥ ، شرح المواهب اللدنية ٣ / ١٢٩ ، الجامع الصغير للسيوطي ١ / ٤١٥ رقم ٢٧٠٤ ، الصواعق المحرقة : ١٨٩ ، كنز العمال ١١ / ٦٠٠ رقم ٣٢٨٨٩ و١٣ / ١٤٧ رقم ٣٦٤٦٢ ، فيض القدير ٣ / ٤٦.

٢٥

١ ـ الحاكم النيسابوري ، ويصحّحه.

٢ ـ ابن عساكر ، في تاريخ دمشق.

٣ ـ الديلمي.

٤ ـ السيوطي.

٥ ـ المتقي الهندي.

٦ ـ المنّاوي.

وجماعة آخرون يروون هذا الحديث (١).

ولم يرد مثل هذا الحديث في حقّ غير علي.

عليّ هو الاُذن الواعية :

وأيضاً ، لمّا نزل قوله تعالى : ( وَتَعِيهَا أُذُنٌ واعِيَةٌ ) (٢) نرى رسول الله يقول : بأنّ عليّاً هو الأذن الواعية.

فيكون علي وعاءً لكلّ ما أنزل الله سبحانه وتعالى ، يكون وعاء لجميع الحقائق ، يكون واعياً لجميع الأمور.

وهذا الحديث تجدونه في :

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٣ / ١٢٢ ، ترجمة الإمام علي عليه‌السلام من تاريخ دمشق ٢ / ٤٨٨ رقم ١٠٠٨ و ١٠٠٩ ، كنز العمال ١١ / ٦١٥ رقم ٣٢٩٨٣.

(٢) سورة الحاقة : ١٢.

٢٦

١ ـ تفسير الطبري.

٢ ـ تفسير الكشاف.

٣ ـ تفسير الرازي.

٤ ـ الدر المنثور ، حيث يرويه السيوطي هناك عن : سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وابن عساكر ، والواحدي ، وابن النجار.

وتجدونه أيضاً في :

٥ ـ حلية الأولياء.

٦ ـ مجمع الزوائد.

وفي غير هذه الكتب (١).

أقضاكم عليّ :

ويقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أقضاكم علي ».

وكنّا نحتاج إلى الإمام لرفع الخصومات كما ذكر صاحب شرح المواقف ، كنّا نحتاج إليه لرفع الخصومات والتنازعات والخلافات بين الناس ، ورسول الله يقول : « علي أقضاكم ».

__________________

(١) تفسير الطبري ٢٩ / ٣٥ ـ ٣٦ ، تفسير الكشاف ٤ / ١٥١ ، تفسير الرازي ٣٠ / ١٠٧ ، الدر المنثور ٨ / ٢٦٧.

٢٧

ولم يرد مثل هذا الكلام في حق غير علي.

فما ذنبنا إن قلنا بأنّ عليّاً هو المتعيّن للإمامة حتّى لو كان الأمر موكولاً إلى الأمّة ، حتّى لو كان الأمر مفوّضاً إلى اختيار الناس ؟ كان عليهم أنْ يختاروا عليّاً ، لأن هذه هي الضوابط التي قرّروها في علم الكلام ، وقالوا : بأن هذه الصفات هي صفات مجمع على اعتبارهم في الإمام.

وحديث « أقضاكم علي » تجدونه في :

١ ـ صحيح البخاري.

٢ ـ مسند أحمد.

٣ ـ المستدرك.

٤ ـ سنن ابن ماجه.

٥ ـ الطبقات الكبرى.

٦ ـ الاستيعاب.

٧ ـ سنن البيهقي.

٨ ـ مجمع الزوائد.

٩ ـ حلية الأولياء.

١٠ ـ أُسد الغابة.

١١ ـ الرياض النضرة.

٢٨

وفي غيرها من الكتب.

هذا فيما يتعلّق ـ باختصار ـ بكلمات رسول الله التي يروونها هم ، وفيها شهادة رسول الله أو إخبار رسول الله بمقامات علي ، وبأنّه المتمكن من إقامة الحجج ، إقامة البراهين ، ودفع الشبه ، إنّ عليّاً هو المرجع من قبل رسول الله في رفع الخلافات ، هو المبيّن لما اختلف فيه المسلمون بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

كلمات الصحابة في المقام العلمي للإمام علي عليه‌السلام :

وأمّا كلمات الصحابة فما أكثرها ، وإنّي أنقل لكم نصّاً من أحد كبار الحفّاظ بترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، يشتمل هذا النص على شهادات من كبار الصحابة والتابعين في حقّ علي عليه‌السلام من حيث مقامه العلمي.

يقول الحافظ النووي في كتاب تهذيب الأسماء واللغات حيث يترجم لعلي عليه‌السلام :

أحد العلماء الربّانيين والشجعان المشهورين والزهاد المذكورين ، وأحد السابقين إلى الإسلام ...

إلى أن قال :

أمّا علمه ، فكان من العلوم في المحلّ العالي ، روى عن

٢٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسمائة حديث وستّة وثمانين حديثاً ، اتفق البخاري ومسلم منها على عشرين ، وانفرد البخاري بتسعة ، ومسلم بخمسة عشر ، روى عنه بنوه الثلاثة الحسن والحسين ومحمّد بن الحنفية ، وروى عنه : ابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو موسى ، وعبدالله بن جعفر ، وعبدالله بن الزبير ، وأبو سعيد ، وزيد بن أرقم ، وجابر بن عبدالله ، وروى عنه من التابعين خلائق مشهورون.

ونقلوا عن ابن مسعود قال : كنّا نتحدّث أن أقضى المدينة علي.

قال ابن المسيّب : ما كان أحد يقول : سلوني غير علي.

وقال ابن عباس : أُعطي علي تسعة أعشار العلم ، ووالله لقد شاركهم في العشر الباقي.

قال ابن عباس : وإذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل إلى غيره.

ثمّ يقول النووي :

وسؤال كبار الصحابة ـ متى قالوا كبار الصحابة فمقصودهم المشايخ الثلاثة وغيرهم من العشرة المبشرة ، هذه الطبقة ـ ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل

٣٠

المعضلات ، مشهور » (١).

فإذا كان كبار الصحابة يرجعون إلى علي في معضلاتهم ، ويأخذون بقوله ولم نجد ـ ولا مورداً واحداً ـ رجع فيه علي إلى واحد منهم ، أو احتاج إلى الاخذ عن أحدهم ، فماذا يحكم عقلنا ؟ وكيف تحكمون ؟

عدم رجوع الإمام علي إلى أحد من الصحابة :

ويشهد بعدم رجوع علي إلى أحد منهم ، ورجوع غير واحد منهم إلى علي في المعضلات كما نصّ النووي ، يشهد بذلك موارد كثيرة ـ يذكرها ابن حزم الأندلسي في كلام له طويل ـ فيها جهل الصحابة وكبار الأصحاب بمسائل الدين ، ورجوعهم إلى غيرهم ، وليس في ذلك الكلام الطويل لابن حزم ـ ولا مورد واحد ـ يذكر رجوع علي إلى أحد من القوم.

يقول ابن حزم :

ووجدناهم ـ أي الصحابة ـ يقرّون ويعترفون بأنّهم لم يبلغهم كثير من السنن ، وهكذا الحديث المشهور عن أبي هريرة ـ لاحظوا

__________________

(١) تهذيب الأسماء واللغات : ١ / ٣٤٤ ـ ٣٤٦ ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٣١

هذا الحديث المشهور عن أبي هريرة ـ يقول : إنّ إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإنّ إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام على أموالهم ».

وعلي ما شغله الصفق في الأسواق ، ولم يشغله القيام بأمواله ، وإنّما لازم رسول الله ليلاً ونهاراً.

يقول ابن حزم :

وهذا أبو بكر لم يعرف فرض ميراث الجدّة وعرّفه محمّد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة [ فاحتاج مثل أبي بكر إلى المغيرة بن شعبة في حكم شرعي !! ] وهذا أبو بكر سأل عائشة في كم كفن كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

وهكذا يذكر موارد أُخرى عنه ، حيث جهل القضايا ورجع إلى غيره.

ثمّ يقول :

وهذا عمر يقول في حديث الاستئذان : أُخفي عَلَيّ ، ألهاني الصفق في الأسواق ، وقد جهل أيضاً أمر إملاص المرأة وعرّفه غيره ، وغضب على عيينة بن حصن حتّى ذكّره الحر بن قيس ، وخفي عليه أمر رسول الله بإجلاء اليهود ، وخفي على أبي بكر قبله ، وخفي على عمر أمره بترك الإقدام على الوباء وعرف ذلك

٣٢

عبد الرحمن بن عوف ، وسأل عمر أبا واقد الليثي عمّا كان يقرأ به رسول الله [ وهذا طريف جدّاً ] في صلاتي الفطر والأضحى ، هذا وقد صلاّهما رسول الله أعواماً كثيرة.

صلّى رسول الله الفطر والاضحى أعواماً كثيرة ، وعمر جهل إنّ رسول الله أيّ سورة كان يقرأ في هاتين الصلاتين وسأل أبا واقد الليثي !!

ثمّ يقول ابن حزم :

ولم يدر [ أي عمر ] ما يصنع بالمجوس حتّى ذكّره عبد الرحمن بأمر رسول الله ، ونسي قبوله الجزية من مجوس البحرين وهو أمر مشهور ، ولعلّه قد أخذ من ذلك المال حظّاً كما أخذ غيره ، ونسي أمره بتيمّم الجنب فقال : لا يتيمّم أبداً ولا يصلّي ما لم يجد الماء ، وذكّره بذلك عمّار ، وأراد قسمة مال الكعبة حتّى ذكّره بعض الصحابة.

ثمّ ينتقل ابن حزم إلى عثمان وغيره فيقول :

وهذا عثمان ... ، وهذه عائشة ... ، وهذه حفصة ... ، وهذا ابن عمر ... ، وهذا زيد بن ثابت ...

وليس ـ ولا مورد واحد ـ يذكره كشاهد على جهل علي بمسألة فيكون محتاجاً إلى غيره ، ليسأله عن تلك المسألة.

٣٣

هذا النص تجدونه في إحكام الأحكام (١).

لولا عليّ لهلك عمر :

وأمّا كلمة عمر بن الخطّاب : لولا علي لهلك عمر ، فإن هذه الكلمة جرت مجرى الأمثال ، سمع بها الكل حتّى الأطفال.

وكذا قوله : لا أبقاني الله لمعضلة لست لها يا أبا الحسن.

وروى كلمة : لولا علي لهلك عمر في واقعة :

١ ـ عبد الرزاق بن همّام.

٢ ـ عبد بن حميد.

٣ ـ ابن المنذر.

٤ ـ ابن أبي حاتم.

٥ ـ البيهقي.

٦ ـ ابن عبد البر.

٧ ـ المحب الطبري.

٨ ـ المتقي الهندي في كنز العمال (٢).

__________________

(١) الإحكام في أصول الأحكام المجلّد الأول الجزء ٢ / ١٥١ ـ ١٥٣ ـ دار الجيل ـ بيروت ١٤٠٧.

(٢) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ١١٠٣ ، الرياض النضرة في مناقب العشرة ٤ / ١٩٤.

٣٤

وفي مورد آخر أيضاً قال هذه الكلمة ـ لولا علي لهلك عمر ـ وذلك المورد قضية المرأة المجنونة التي زنت فهمّ عمر برجمها ، وتلك القضية رواها

١ ـ عبد الرزاق.

٢ ـ البخاري.

٣ ـ الدارقطني.

وغيرهم من كبار الأئمّة (١).

وقد قالها في موارد أُخرى ، لا نطيل بذكرها.

ولا بأس بذكر كلمة المنّاوي بهذا الصدد ، يقول المنّاوي في شرح قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض » ، وهذا حديث أيضاً وارد عن رسول الله ، يقول :

أخرج أحمد : إنّ عمر أمر برجم امرأة ، فمرّ بها علي فانتزعها ، فأُخبر عمر ، فقال عمر : ما فعله إلاّ لشيء ، فأرسل إليه فسأله ، فقال علي : أما سمعت رسول الله يقول : « رفع القلم عن ثلاث .... قال : نعم ، فقال عمر : لولا علي لهلك عمر.

قال المنّاوي :

__________________

(١) فيض القدير ٤ / ٣٥٧.

٣٥

واتفق له مع أبي بكر نحوه ـ أي اتفق إنّ أبا بكر أيضاً همّ بمثل هذه القضية وعلي منعه واستسلم لقول علي ـ وربّما قال : لولا علي لهلك أبو بكر (١).

كما أنّا وجدنا في بعض المصادر مورداً عن عثمان قال فيه : لولا علي لهلك عثمان (٢).

إذن ، مَنِ المتمكن من إقامة الحجج والبراهين ودفع الشبه ؟

نحن الآن في القرن الرابع عشر أو في القرن الخامس عشر ، ومن أين نعرف حالات علي وأحوال أبي بكر ، ونحن نريد أن نختار أحدهما للإمامة على مسلك القوم ؟.

أليس من هذه الطرق ؟ أليس طريقنا ينحصر بالاطلاع على هذه القضايا لنعرف من الذي توفّر فيه الشرط الأول ، الشرط الأول المتفق عليه ، المجمع عليه بين العلماء من المسلمين ، فهذا علي وهذه قضاياه ، وهذه هي الكلمات الواردة في حقّه ، وهذا رجوع غيره إليه ، وعدم رجوعه إلى غيره ، أي إنّه كان مستغنياً عن الغير وكان الاخرون محتاجين إليه.

__________________

(١) فيض القدير ٤ / ٣٥٧.

(٢) زين الفتى في سورة هل أتى ١ / ٣١٧ رقم ٢٢٥.

٣٦

انتشار العلوم الإسلامية بالبلاد بواسطة الإمام علي وتلامذته :

ولذا نرى أنّ العلوم الإسلامية كلّها قد انتشرت بالبلاد الإسلامية بواسطة علي وتلامذته من كبار الصحابة ، وهذا أمر قد حقّقناه في موضعه في بحث مفصل ، لأن البلاد الإسلامية في ذلك العصر كانت : المدينة المنوّرة ، مكة المكرمة ، البصرة ، الكوفة ، اليمن ، الشام.

وقد دقّقنا النظر وحقّقنا في الأمر ، ورأينا أنّ العلوم انتشرت في جميع هذه البلدان عن علي عليه‌السلام.

أمّا في المدينة والكوفة ، فقد عاش علي في هاتين المدينتين وأفاد فيهما الناس بعلومه.

أمّا الكوفة فقبل مجيء علي إليها كان فيها عبدالله بن مسعود.

والشام كان عالمها الاكبر أبو الدرداء ، وأبو الدرداء تلميذ عبدالله بن مسعود ، وعبدالله بن مسعود تلميذ علي عليه‌السلام.

وأمّا البصرة ومكة المكرمة ، فانتشرت العلوم في هاتين البلدتين أو هذين القطرين بواسطة عبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عباس تلميذ علي عليه الصلاة والسلام.

٣٧

وهنا نصوص سجّلتها فيما يتعلق بهذا الموضوع من ذلك البحث الذي حقّقت فيه هذه القضية ، ولكن لا أُريد أنْ أقرأ تلك النصوص لئلاّ يطول بنا المجلس.

وأمّا اليمن ، فقد سافر إليها علي عليه‌السلام بنفسه أكثر من مرّة ، وقبيلة همدان أسلمت على يده.

فكان حديث مدينة العلم ، وحديث أنا دار الحكمة ، وغير هذين الحديثين ، وما ورد في تفسير قوله تعالى : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) وشهادات كبار الصحابة ، وشهادات كبار العلماء في القرون المختلفة ، وأيضاً انتشار العلوم بواسطة علي ، كلّ هذه الاُمور كانت أدلّة على أنّ المبرّز في هذا الميدان هو علي عليه‌السلام ، فالشرط الأول إنّما توفّر في علي دون غيره.

ولدلالة هذه الاُمور على تقدّم علي على غيره من الأصحاب ، يضطر القوم إلى التحريف والتكذيب ، فانكم إذا راجعتم صحيح الترمذي لا تجدون حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ، مع رواية غير واحد من الحفاظ الأعلام كابن الأثير والسيوطي وابن حجر هذا الحديث عنه !

وهكذا يضطرّ ابن تيميّة أنْ يكذّب كلّ هذه الاُمور ، حتّى أنّ كون ابن عباس تلميذاً لعلي يكذّبه ابن تيميّة ، حتّى أخذ عبدالله بن

٣٨

مسعود عن علي يكذّبه ، وحديث مدينة العلم يكذّبه ، وهكذا الأحاديث الاُخرى التي ذكرت بعضها.

يقول بالنسبة إلى حديث : « هو الاُذُن الواعية » يقول : إنّه حديث موضوع باتفاق أهل العلم.

وحديث « أقضاكم علي » يكذّبه ابن تيميّة ، حتّى يقول : هذا الحديث لم يثبت ، وليس له إسناد تقوم به الحجة ، لم يروه أحد في السنن المشهورة ، ولا المسانيد المعروفة ، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف (١).

وقد ذكرنا أنّه في البخاري ، وفي سنن النسائي ، وسنن ابن ماجة ، وفي الطبقات لابن سعد ، وفي مسند أحمد ، وغيرها من الكتب.

وتكذيب ابن تيمية هو الآخر دليل على ثبوت هذه القضايا ، وعلى تقدم علي في هذا الشرط على غيره.

وتلخّص ، أنّه إذا كان العلم بالأصول والفروع ، وإذا كان التمكن من إقامة الحجج والبراهين ودفع الشبه ، هو الشرط الأول المتفق عليه بين المسلمين في الإمام الذي يريد المسلمون أن

__________________

(١) منهاج السنة ٧ / ٥١٢.

٣٩

يختاروه على مسلك الإختيار ، فهذا الشرط موجود في علي دون غيره.

فأيّ حديث يروونه في حقّ أبي بكر في مقابل هذه الأدلة وغيرها ؟

يروون حديثاً يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أي ينسبونه إلى رسول الله ـ « ما صبّ الله في صدري شيئاً إلاّ وصببته في صدر أبي بكر ».

إن كان هذا الحديث صدقاً ، فلماذا يقول ابن حزم جهل كذا فرجع إلى فلان ، جهل كذا فرجع إلى فلان ، جهل كذا فرجع إلى فلان.

ولكنّ هذا الحديث أدرجه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات ونصّ على أنّه كذب (١).

ولا يوجد حديث آخر في باب العلم يروونه بحق أبي بكر سوى هذا الحديث الذي ذكرته.

فكيف تحكمون ؟ قال الله تعالى : ( فَكَيْفَ تَحْكُمُونَ ).

__________________

(١) كتاب الموضوعات لابن الجوزي ١ / ٢١٩ ، الأخبار الموضوعة : ٤٥٤ للملاّ علي القاري ـ المكتب الاسلامي ـ بيروت ـ ١٤٠٦.

٤٠