اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

والمملوك لا يجمع بين أكثر من حرتين أو أربع إماء بالعقد ، ولا بأس أن يعقد على حرة وأمتين ، ولا يعقد على حرتين وأمة.

ومن طلق واحدة من أربع نسوة ، طلاقا رجعيا ، لم يجز له العقد على أخرى حتى تخرج هي من عدتها ، بخلاف البائن إذ له العقد فيه في الحال على أخرى.

لا يحل نكاح عبدة الأوثان والكواكب والمجوس وغيرهم من الكفار ، وفي تزويج حرائر اليهود والنصارى قولان ، ويجوز التمتع بالكتابية ، ورخص في المجوسية على كراهية بشرط أن تمنع من محرمات الشرع.

إذا ارتد أحد الزوجين انفسخ العقد ، أما في غير المدخول بها ففي الحال ، وأما في المدخول بها فبعد انقضاء العدة إن لم يرجع إلى الإسلام ، وكذا إذا كانا وثنيين أو مجوسيين فأسلم أحدهما.

متى كانت يهودية تحت مسلم فانتقلت إلى دين آخر غير الإسلام ، فهي كالمرتدة ، ولا ينعقد النكاح على المرتدة لمسلم ولا لوثني ولا لمرتد مثلها ، ولا لذمي ، لأنها لا تقر على ذلك.

لا يحل للمسلم نكاح الأمة المشركة ، ولا للحر نكاح الأمة المسلمة ، إلا لعدم الطول وخوف العنت ، ومتى وجد طولا لحرة لم ينكح أمة وجوبا ، وقيل ندبا. (١)

من ملك عبده شيئا فاشترى العبد جارية فأذن له صاحبه في وطئها ، فله ذلك. ويكره أن يعقد الرجل على قابلته أو ابنتها ، وأن يزوج الرجل ابنه ببنت امرأة كانت زوجته ودخل بها ، وقد ولدت البنت بعد مفارقته ، وإن كانت ولدتها قبل عقده عليها فلا بأس ، ويكره أن يتزوج بامرأة كانت ضرة أمه مع غير أبيه.

__________________

(١) قال في المبسوط : ٤ ـ ٢١٤ : وإن وجد طولا لحرة مسلمة لم يجز له نكاح الأمة أصلا ، وفي أصحابنا من قال : ذلك مستحب لا شرط.

٤٠١

الفصل الثاني

المعتدة الرجعية لا يحل لغير زوجها التعريض بخطبتها ولا التصريح ، أما المعتدة عن الوفاة والمعتدة بالفسخ باللعان وبالرضاع وعن الطلاق الثالث فيجوز التعريض لها دون التصريح ، والتعريض ما يحتمل النكاح وغيره كقوله : رب راغب فيك لا تبقين بلا زوج ونحو ذلك ، والتصريح ما لا يحتمل غير النكاح ، والمواعدة بالسر تعريض مكروه ، وجواب المرأة عما خاطبها به الرجل في حكم خطابه في الحرمة والحل.

الفصل الثالث

إذا كان المشرك متزوجا بأكثر من أربع نسوة ، فأسلم هو أو هن ، أو كن من اليهود أو النصارى خاصة ، فأسلم هو دونهن ، لزمه أن يختار أربعا ويفارق البواقي ، أي أربع شاء منهن ، سواء تزوج بهن بعقد واحد ، أو بواحدة بعد الأخرى ، وليس له اختيار الوثنية أو المجوسية المقيمة على ذلك.

وإذا كان الزوجان يهوديين أو نصرانيين أو أحدهما يهوديا والآخر نصرانيا ، أو كان الزوج وثنيا أو مجوسيا ، والزوجة يهودية أو نصرانية فأسلم الزوج فالنكاح باق بينهما ، وإن أسلمت الزوجة فسيأتي ، وإن كانا وثنيين أو مجوسيين ، أو أحدهما مجوسيا والآخر وثنيا ، فأسلم أحدهما قبل الدخول ، انفسخ العقد في الحال ، وبعد الدخول وقف على انقضاء العدة ، فإن أسلما معا قبل انقضائها ، فالنكاح باق وإلا انفسخ ، وهكذا إذا كانا كتابيين ، فأسلمت الزوجة ، لأن الكتابي لا يتمسك بعصمة مسلمة أبدا ، وقيل : لا ينفسخ نكاحها بإسلامها لكن لا يمكن من الخلو بها. (١)

__________________

(١) الشيخ : النهاية : ٤٥٧.

٤٠٢

ولا يتعلق فسخ النكاح بين الزوجين باختلاف دارهما إلا مع استرقاق أحدهما.

إذا تزوج بأم وبنتها في حال الشرك بعقد واحد أو بعقدين ، ثم أسلموا أمسك أيتهما شاء إذا لم يدخل بإحداهما فأيتهما اختار حرمت عليه الأخرى أبدا إلا البنت فإنها لا تحرم على التأبيد إلا إذا دخل بأمها ، وإن كان دخل بهما جميعا قبل الإسلام ثم أسلموا معا حرمتا عليه أبدا.

إذا نكح امرأة وعمتها أو خالتها ثم أسلموا اختار أيتهما شاء وترك الأخرى ، دخل بها أو لا ، إلا أن ترضى العمة أو الخالة ، فيجمع بينهما. إذا أسلم هو وأزواجه وبعضها أخت بعض ، اختار منهن واحدة لا غير ، دخل بهن أو لا.

المجوسي إذا أسلم هو وزوجته وكانت إحدى محرماته ، فرق بينهما في الحال. إذا كان عند الكافر أربع زوجات : حرة واحدة وإماء ، فأسلموا معا ثبت نكاح الحرة ووقف نكاح الأمتين (١) على رضاها ، وكذا إن أسلمت الحرة قبل الإماء ، فإن أسلمن (٢) قبل الحرة وأقامت على الشرك إلى انقضاء عدتها. بانت منه باختلاف الدين ، وإن أسلمت قبل انقضائها ، ثبت نكاحها ، ووقف نكاح أمتين على رضاها.

إذا تزوج المملوك المشرك ست زوجات : أمتين وكتابيتين ووثنيتين ، فأسلموا ، كان للحرائر أن يخترن فراق الزوج بخلاف الأمتين.

إذا تزوج العبد أربع إماء في حال الشرك ، فأسلمن دونه ثم أعتقن ، فلهن خيار الفسخ ، فإن اخترن الفسخ ، انقطعت عصمة الزوجية ، وعليهن عدة الحرائر ، وإن لم يخترنه وأقام الزوج على الشرك إلى انقضاء عدتهن ، وقع الفسخ باختلاف الدين ، وكان ابتداء العدة من حين الفسخ ، وإن أسلم الزوج واخترن المقام معه ،

__________________

(١) لعدم جواز الجمع بين أزيد من أمتين. لاحظ المبسوط : ٤ ـ ٢٢٢.

(٢) في الأصل : فإن أسلموا.

٤٠٣

فله أن يختار ثنتين منهن ، وينفسخ نكاح الباقيتين من حين الخيار ، والاختيار يكون بالقول كأن يقول لهن : اخترتكن ، ويكون بالفعل كالوطء.

إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول ، وقع الفسخ في الحال ، فإن كان المرتد الزوج فعليه نصف المهر المسمى إن كان المهر صحيحا ، ونصف مهر المثل إن كان فاسدا ، والمتعة إن لم يسم لها مهرا ، وإن كان المرتد الزوجة فلا مهر ، وإن كان الارتداد بعد الدخول وقع الفسخ في الحال ولم يقف على انقضاء العدة ووجب القتل في الحال ، هذا فيمن ولد على فطرة الإسلام ، وإن كان الارتداد عن إسلام قبله شرك فإنهما يستتابان ، والحكم ما سبق.

أنكحة المشركين صحيحة فإن تزوج مشرك بمشركة ثم طلقها ثلاثا ، لم تحل له إلا بعد زوج وإن كان مشركا. كل فرقة كان موجبها اختلاف الدين فهو فسخ لا طلاق.

الفصل الرابع

يستباح وطء النساء بأربعة أشياء :

النكاح المستدام.

ونكاح المتعة ، وهو أن يعقد على امرأة مدة معلومة بمهر معين ، فإن لم يذكر المهر أو كانت المدة مجهولة لم يصح. (١)

والنكاح بملك اليمين.

وتحليل الجارية للغير بلا عقد على أحد القولين.

وأما ولي المرأة فالأب والجد مع وجود الأب ، والثيب الكبيرة الرشيدة لا تزوج

__________________

(١) في الأصل : « وكانت المدة مجهولة » والصحيح ما في المتن.

٤٠٤

إلا بإذنها ونطقها ، ولا ولاية للأب والجد ولا لغيرهما على الثيب البالغ الرشيدة إلا أن تضع نفسها في غير كفوء ، فيكون لأبيها أو جدها فسخ العقد ، والثيب الصغيرة لوليها أن يجبرها على التزوج سواء ذهبت عذرتها بوطء لا حرمة له كالزنا ، أو له حرمة ، أو بغير وطء من علة أو نزوة أو سقطة.

والبكر الصغيرة لأبيها وجدها وجد أبيها وإن علا أن يزوجها لا غير ، وكذا الكبيرة على أظهر الروايتين ، إلا أنه يستحب له أن يستأذنها ، وإذنها صماتها ، وإن لم يزوجها وليها بالأكفاء ، كان لها أن تتزوج.

وغير الممنوعة من الكفوء إن عقدت على نفسها بلا إذن الولي فالفسخ (١) والإمضاء إلى الولي إلا في المتعة فإنه ينعقد وإن لم يعلم أبوها ، غير أن العاقد ليس له وطؤها في الفرج إلا بإذن. ولا ولاية لغير الأب والجد على البكر من سائر العصبات ، ولا للجد مع عدم الأب. (٢)

البكر البالغة إذا فقدت الأب فلها أن تتزوج بلا ولي وتوكل (٣) من شاءت ، وإن كان لها جد لم تعدل في التوكيل عنه ندبا ، فإن فقدت الجد فالأخ الكبير. إذا زوجها الأب من شخص والجد من آخر ، فالسابق أولى ، فإن اتفقا معا ، فعقد الجد أولى ، والجد الأدنى أولى من أب الجد ، وأب الجد أولى من جد الجد وهلم جرا.

إذا ردت أمرها إلى أقاربها من لا ولي لها ، تعين عقد من سبق بالعقد ، فإن لم يسبق واحد وتشاحوا في ذلك ، أقرع بينهم أو تختار المرأة واحدا منهم.

__________________

(١) في « س » : بلا إذن الولي والجد فالفسخ.

(٢) قال الشيخ في النهاية : ٤٦٦ : فإن لم يكن أبوها حيا لم يجز للجد أن يعقد عليها إلا برضاها وجرى مجرى غيره ، ويستحب للبكر ألا تعدل عنه إلى غيره ولا تخالفه فيما يراه فإن لم تفعل لم يكن له خيار مع كراهيتها.

(٣) في الأصل : وتوكلت.

٤٠٥

لا ولاية للسلطان على امرأة إلا إذا كانت غير رشيدة ، أو مولى عليها أو مغلوبا على عقلها.

للغائب وليها أن تزوج نفسها أو توكل في ذلك. (١)

وليس للسلطان تزويجها إلا بوكالتها. إذا عقد أبوان على ولديهما قبل بلوغهما ، صح ، وللصبي الخيار إذا بلغ دون الصبية ، وإن كان العاقد غير الأبوين أو الجد مع وجود الأب ، فلكل منهما الخيار إذا بلغ.

من عقد على ابنه الصغير وسمى مهرا ثم مات ، كان المهر من أصل التركة إلا أن يكون للصبي مال حال العقد ؛ فالمهر إذن منه.

إذا ولت المرأة (٢) وليين ، فأيهما سبق بالعقد صح نكاحه ، فإن دخل بها الزوج الثاني ، فعليه مهر مثلها ، فإن أتت بولد الحق بأبيه ، وتعتد منه ، فإذا خرجت من العدة حلت للأول ، وإن دخلا بها جميعا استقر المهر المسمى على الأول ، ومهر المثل على الثاني ، فإن أتت بولد يمكن أن يكون من كل واحد منهما ، أقرع بينهما وتعتد من الثاني وتحل للأول.

وإذا لم يسبق أحد النكاحين الآخر أو اشتبها بطلا جميعا ، (٣) وإن ادعى كل واحد من الوليين أن عقده لها سابق وأنها تعلم ذلك وأنكرت ، فالقول قولها مع اليمين ، فإن حلفت بطل النكاحان معا ، وإن نكلت ردت اليمين عليهما ، فإن لم يحلفا أو حلفا بطل النكاحان ، وإن حلف أحدهما حكم له ، فإن اعترفت المرأة بسبق واحد منهما بعينه حكم بذلك ، والأولى أن تحلف هي للثاني.

من كان له بنات ، فعقد لرجل على إحداهن ولم يعينها ، فإن كان الزوج راهن

__________________

(١) في الأصل : أو توكلت في ذلك.

(٢) في « س » : إذا وكلت المرأة.

(٣) في الأصل : أبطلا جميعا.

٤٠٦

كلهن ، فالقول قول الأب ، وإن لم يرهن بطل العقد متى عقد الأم لابنها على امرأة ، كان مخيرا بين القبول والامتناع منه ، فإن قبل لزمه المهر ، وإن أبى لزم الأم.

لا تبطل ولاية الولي بفسقه ، وليس من شرط انعقاد النكاح حضور الشاهدين ، وإنما هو ندب.

إذا عرف ولي المحجور عليه لسفه من حاله الحاجة إلى التزويج ، فعليه أن يزوجه ، وإلا فليس له ذلك ، فإن فوض إليه ذلك جاز ، وإذا كان بالمجنون حاجة إلى النكاح ، بأن يتبع النساء ويحن إليهن (١) زوجه وليه ، ولا يصح أن يتولى ذلك المجنون بنفسه ، ولا يجوز للعبد أن ينكح بغير إذن سيده فإن فعل كان موقوفا على إجازته ، بخلاف أن يزوج رجلا من امرأة بلا أمرهما ، فإنه لا يصح ، ولا يكون موقوفا على إجازتهما.

إذا تزوج العبد بإذن سيده وقبل أكثر من مهر المثل ، يكون ما زاد في ذمته يتبع به إذا أعتق ، ومهر المثل في كسبه ويستوفي منه ، فإن أبق العبد لم يلزم مولاه نفقة زوجته وقد بانت منه وعليها العدة ، فإن عاد قبل انقضاء العدة ، كان أملك برجعتها ، وبعد ذلك لا سبيل له عليها ، وللسيد أن يجبر عبده على النكاح ، صغيرا كان أو كبيرا ، أم ولد كان أو مدبرا ، بخلاف المكاتب والمعتق بعضه ، وليس لأحد الشريكين إجبار العبد المشترك على التزويج إذا لم يره الآخر.

إذن السيد العبد في التزويج ، إذن له في اكتساب المهر والنفقة ، فإن تكفل السيد بذلك ، كان له حينئذ استخدامه ، وإن كان العبد غير مكتسب ولا مأذون له في التجارة ، وجب المهر في ذمة السيد ، وهكذا من زوج ابنه الصغير فإن كان

__________________

(١) في الأصل : بأن يتبع الفسق ويحن إليهن.

٤٠٧

للطفل مال كان المهر والنفقة في ماله ، وإن كان فقيرا وجب ذلك في ذمة أبيه.

إذا تزوج العبد بغير إذن سيده ودخل بها ، فرق بينهما ، ولزم العبد المهر يتبع به إذا أيسر.

من كان له أمة كان له إجبارها على النكاح (١) ويسقط عنه نفقتها ، ويجب له المهر ، والولد له إن شرط.

وإذا زوج أمته فعليه أن يرسلها إلى زوجها ليلا ، وله أن يمسكها لخدمته نهارا ، وله أن يسافر بها ، فأما إذا زوج عبده ليس له أن يسافر به إلا إذا ضمن المهر والنفقة ، لأن ذلك قد تعلق بكسب العبد.

متى طلق العبد زوجته قبل الدخول بها وقد قبضت مهرها من سيده أو منه ، عاد نصف المهر إلى سيده ، فإن طلقها بعد أن أعتقه سيده ، فالنصف للزوج لا غير ، لأنه من اكتسابه بعد عتقه ، وهكذا من زوج ولده الصغير ، وأدى الصداق من عنده ، ثم كبر الولد وطلق الزوجة قبل الدخول ، فنصف الصداق للولد ، لأنه من اكتسابه.

متى ملك أحد الزوجين الآخر بأحد وجوه التمليكات ، انفسخ النكاح بينهما.

السلامة من العيوب شرط في النكاح ، وكذلك اليسار ، وحده ما أمكن معه من القيام بنفقة الزوج لا أكثر ، ومتى رضي الأولياء والزوجة بمن ليس بكفؤ ، ووقع العقد على من دونها في النسب والحرية والصناعة واليسار والسلامة من العيوب ، صح العقد.

إذا رضيت المرأة بأقل من مهر المثل ، فلا اعتراض للأولياء عليها ، ويلزمهم

__________________

(١) في الأصل : له إجبارها على الزوج.

٤٠٨

أن يزوجوها بذلك من الكفؤ ، فإن منعوها لذلك ، فقد عضلوها ، وجاز لها خلافهم.

إذا كان للمرأة ولي تحل له ، جاز أن يزوجها من نفسه بإذنها.

إذا كان للكافرة وليان : مسلم وكافر ، يتولى الكافر تزويجها دون المسلم ، لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (١)

الفصل الخامس

ينبغي أن يعرف المنكوحة بعينها إما بالإشارة إليها ، أو ذكر اسمها الخاص ، أو صفتها الخاصة المميزة لها ، ولا بد من النية ، وإن قال : زوجتك فلانة ، ولم ينوها بطل. وإذا قال : زوجتك إحدى ابنتي ، أو قال : بنتي فقط ، وله بنتان بطل النكاح. فإن نوى الكبيرة منهما مثلا ، فقبل الزوج ونواها هو أيضا واتفقا ، صح النكاح. وتزويج الحمل لا يجوز.

ولا ينعقد النكاح إلا بلفظ النكاح أو التزويج في الإيجاب والقبول ، وجاز أن يقع الإيجاب بأحد اللفظين ، والقبول بالآخر ، ولا ينعقد بما عدا ذلك من لفظ البيع والتمليك والهبة وغيرها ، إذا تأخر الإيجاب وسبق القبول جاز وإن لم يعد الزوج القبول ، وكذا في البيع ، كأن يقول : زوجنيها (٢) قال : زوجتكها. وإن قال : أتزوجنيها؟ قال : زوجتكها ، لم ينعقد ، لأن ما سبق استفهام لا قبول ، وكذا في البيع. (٣)

إذا عقد بالفارسية مع القدرة على العربية لم ينعقد ، وأما مع العجز فينعقد ،

__________________

(١) الأنفال : ٧٣.

(٢) في « س » : زوجتنيها.

(٣) في « س » : وكذا بالبيع.

٤٠٩

ولا يلزمه التعلم.

الأخرس يقبل النكاح بالإيماء ، ولا يدخل خيار الشرط ولا خيار المجلس في عقد النكاح ، فإن شرط خيار الثلاث بطل النكاح.

إذا (١) أوجب الولي عقد النكاح للزوج فزال عقله قبل القبول بالإغماء وغيره ، بطل إيجابه ، ولم يكن للزوج القبول بعد ذلك إلا أن يجدد الولي الإيجاب ، فيقبله على أثره ، والخطبة قبل العقد مسنونة.

الفصل السادس

من أراد العقد على أمة غيره ، فلا يعقد عليها إلا بإذن سيدها وان يعطيه المهر (٢) ، وولده منها حر لا حق به لا سبيل لسيدها عليه إلا إذا شرط استرقاقه ، ولا يبطل هذا العقد إلا بطلاق الزوج لها ، أو ببيع مولاها أو عتقها ، فإن باعها فالمشتري بالخيار بين إقرار العقد وفسخه ، فإن أقره فلا خيار له بعد ، وإن أعتقها مولاها كانت مخيرة بين الرضاء بالعقد وبين فسخه ، سواء كان زوجها حرا أو عبدا ، فإن رضيت به بعد العتق فلا خيار لها بعد.

إذا عقد على أمة بغير إذن مولاها ، بطل العقد وولده منها رق لمولاها ، وإن (٣) كان عقد عليها على ظاهر الحال بشهادة شاهدين بحريتها ، فأولاده أحرار ، (٤) وإن عقد عليها بظاهر الحال ولم يقم عنده بينة بحريتها ثم تبين أنها كانت رقا ، كان أولادها لمولاها ، ويجب على الزوج قيمة الولد لمولاها وليس له استرقاقهم ، فإن لم يكن له مال استسعى في قيمتهم ، فإن أبى ذلك فعلى الإمام قيمتهم من سهم

__________________

(١) في « س » : لو.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : وعليه أن يعطيها المهر.

(٣) في « س » : فإن.

(٤) في الأصل : فالأولاد أحرار.

٤١٠

الرقاب ، ورجعت الأمة إلى مولاها ، وللزوج أن يرجع بما أعطاها من المهر على مولاها ، لا عليها ، وعليه لمولاها عشر قيمتها إن كانت بكرا ، وإلا فنصف العشر ، ومتى رضي المولى بالعقد كان رضاه كالعقد المستأنف ، ومن زوج أمته من غيره على أنها حرة فعلم فله الرجوع عليه بالمهر والولد حر.

ولا يجوز للحرة أن تتزوج بمملوك إلا بإذن مولاه ، فإن تزوجت بإذنه فالولد حر إلا أن يشرط (١) مولى العبد استرقاقه ، وكان الطلاق بيد الزوج دون مولاه ، فإن باعه كان المشتري بالخيار بين إقرار العقد وفسخه ، فإن أقره فلا خيار له بعد. وإن أعتق فلا اختيار للحرة عليه.

إذا عقد العبد على حرة بغير إذن مولاه ، كان العقد موقوفا على رضاه ، فإن أمضاه مضى ، والطلاق بيد الزوج ولا فسخ له بعد إلا أن يبيعه ، وإن فسخه وقد ولدت منه فإن كانت (٢) تعلم أن مولاه لم يأذن له في التزويج ، فالولد رق لمولى العبد ، وإن لم تعلم فحر ، وإذا تزوجت الأمة بغير إذن مولاها بعبد فالولد رق (٣) لمولييهما بالسوية ، إذا لم يؤذن العبد في التزويج ، فإن أذن فيه فالأولاد لمولى الأمة.

من زوج جاريته من عبده فعليه أن يعطيها شيئا من ماله مهرا لها ، والفراق بيده ، ولا طلاق للزوج ، بل يقول السيد : فرقت بينكما ، أو يأمر أحدهما باعتزال الآخر ، وإن كان قد وطأها استبرأها بحيضة أو خمسة وأربعين يوما ثم يطأها إن شاء ، (٤) وإن لم يطأها العبد فله وطؤها في الحال ، فإن باعهما فالمشتري بالخيار بين إمضاء العقد وفسخه ، فإن رضي بالعقد فكالمولى الأول ، وإن أبى لم يثبت بينهما

__________________

(١) في « س » : يشترط.

(٢) في الأصل : وكانت.

(٣) في الأصل : فالأولاد رق.

(٤) في « س » : ثم وطأها إن شاء.

٤١١

عقد على حال ، وإن باع أحدهما فقد فرق بينهما ولا عقد إلا أن يشاء المتبايعان ثبات العقد بينهما ، فإن أبى أحدهما فلا عقد ، وأولادهما رق لمولييهما ، ومتى أعتقهما جميعا فالمرأة بالخيار(١) بين إمضاء العقد وإبائه.

وإذا مات من زوج جاريته من عبده لم ينفسخ العقد ما رضي الورثة ، فإن أبوا انفسخ.

إذا عقد لعبده على أمة غيره بإذنه جاز ، والطلاق بيد العبد لا المولى ، فإن باعه كان فراقا بينهما ، وكذا إن باع الجارية مولاها ويكون كل واحد من مشترييهما مخيرا بين إقرار العقد وفسخه ، وإذا أعتقت الجارية فلها الخيار ، وإذا أعتق العبد فلا خيار لمولى الجارية عليه ، فإن رزق بينهما ولد فبين مولييهما على السواء إلا إذا كان بينهما شرط ، فحينئذ يكون على ما شرطا.

إذا كانت جارية بين شريكين فزوجها أحدهما خاصة من رجل ، لم يصح العقد إلا بعد رضاء الآخر ، إذا ورثت الحرة زوجها المملوك أو اشترته انفسخ العقد ، فإن أرادته لم يجز لها ذلك إلا بأن تعتقه أولا ثم تتزوج به ، وإن ورث الحر أو اشترى زوجته المملوكة فله وطؤها بملك اليمين.

يجوز للمرء أن يعتق جاريته ويجعل عتقها مهرها ، ويقدم لفظ التزويج على لفظ العتق ، فإن عكس ذلك انعتقت ولها الامتناع عن التزويج ، فإن طلقها بعد عتقها قبل الدخول بها رجع نصفها رقا واستسعيت فيه ، فإن لم تسع كان له من خدمتها يوم (٢) ولها من نفسها يوم ، وإن كان لها ولد ذو مال ، ألزم أداء ذلك النصف عنها وتنعتق ، فإن كان لم يؤد ثمنها ، وتزوجها كذلك ، ثم مات وترك مالا

__________________

(١) في « س » : فللمرأة خيار.

(٢) في الأصل : فإن لم تسع فله من خدمتها يوم.

٤١٢

يحيط بثمنها ، أدى عنه ومضى العقد والعتق ، ولو لم يترك غيرها فسد عتقها ،(١) والأمة للمولى الأول ، وولدها رق له ، وكذلك (٢) حكم المدبرة والمعتقة بالصفة (٣) والمكاتبة وأم الولد.

إذا قالت الحرة لمملوكها : أعتقتك على أن تتزوج بي ، أو قال العبد لها : أعتقيني على أن أتزوج بك ، ففعلت انعتق (٤) ولا يجب عليه أن يتزوج بها.

لا يجوز أن يتزوج الرجل بمكاتبة غيره قبل انقضاء مكاتبتها ، ولا بأس أن يطأ الرجل مملوكة عبده أو أمته ، لأن ملك مملوكه ملكه ، وأما تحليل الإنسان جاريته لغيره من غير عقد مدة ، فمختلف في جوازه بين أصحابنا ، ومن أجازه فعلى قولين :

أحدهما : أنه تمليك منفعة مع بقاء الأصل ، وهو اختيار الشيخ أبي جعفر ، وأجراه مجرى إسكان الدار وأعمارها قال : ولهذا يحتاج إلى أن تكون المدة معلومة ، ويكون الولد لاحقا بأمه ويكون رقا إلا أن يشترط الحرية ولو كان عقدا للحق بالحرية على كل حال ، لأن الولد عندنا يلحق بالحرية من أي جهة كان. (٥)

وثانيهما : أنه عقد والتحليل عبارة عنه وهو اختيار المرتضى ، (٦) والمرضي هو ما ارتضاه المرتضى. وعلى قول من أجازه إذا أحل له خدمتها لم يحل له إلا استخدامها ، فإن وطأها فجاءت بولد كان غاصبا ، والولد رق لمولاها ولزمه عشر قيمتها إن كانت بكرا ، وإلا فنصف العشر ، وإن كان في حل من وطئها وشرط

__________________

(١) في الأصل : وإن لم يترك غيرهما فسدا معا.

(٢) في « س » : وكذا.

(٣) في « س » : بالصيغة.

(٤) في « س » « ففعلت العتق » والصحيح ما في المتن.

(٥) المبسوط : ٤ ـ ٢٤٦ ، وعبارة الأصل ونسخة « س » مشوشة جدا ، صححنا المتن على المبسوط لأن المصنف نقله عنه.

(٦) الانتصار في ضمن الينابيع الفقهية : ١٨ ـ ٥٩ ـ ٦٠.

٤١٣

حرية الولد كان حرا ، وإن لم يشرط(١) فالولد لمولاها ، وعلى الأب شراؤه إن كان ذا مال ، وإلا استسعى في ولده ، ويكره الوطء إلا بشرط حرية الولد ، (٢) ولا يحل له أكثر مما حلله ولو يوما.

وإذا حلل أحد الشريكين الآخر من وطء الجارية المشتركة جاز ، وإذا كان نصف الجارية حرا ، لم يجز لمالك النصف وطؤها إلا بأن يعقد عليها عقد المتعة في يومها.

ومن زوج جاريته من غيره أو أحله من وطئها لم يجز له وطؤها إلا بعد أن يفارقها الزوج [ أو يقضي مدة الأجل ثم يستبرئ رحمها ] (٣) أو تنقضي مدة الإحلال ثم تستبرئ من زوجها ، ولا له النظر إليها بشهوة (٤) في حال تزويجها ، ومن ملك جارية بوجه ما ، لم يجز له وطؤها إلا بعد استبرائها بحيضة ، وإن لم تكن ممن تحيض ومثلها تحيض ، فبخمسة وأربعين يوما ، فإن لم تبلغ المحيض أو أيست منه فلا استبراء ، وكذا يستبرئ جارية قد وطأها إذا أراد بيعها ، وإن قال البائع : استبرأتها ، وكان موثوقا به ، جاز أن لا يستبرئها المشتري ، وكذا إن اشتراها من امرأة ، والاستبراء أفضل.

وإذا استبرأ جارية ثم أعتقها قبل الاستبراء جاز له العقد عليها ووطؤها ، والأفضل أن لا يطأها إلا بعد الاستبراء ، ومتى أراد العقد عليها لغيره ، وكان قد وطأها بالملك قبل العتق ، لم يجز إلا بعد العدة ثلاثة أشهر.

وإذا اشترى جارية حائضا كفى في استبرائها ألا يطأها حتى تطهر (٥) ، وإن كانت حاملا لم يطأها إلا بعد وضع الحمل ، أو مضي أربعة أشهر وعشرة أيام إلا

__________________

(١) في « س » : وإن لم يشترط.

(٢) في « س » : ويكره ألا يشرط حرية الولد.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) في الأصل : « متجردة » بدل « بشهوة ».

(٥) في « س » : حتى تطهر به.

٤١٤

فيما دون الفرج ، وكذا في التي اشتراها ولم يستبرئها ، والتنزه أفضل.

ولا يحل لرجل وطء جارية وطأها أبوه أو ابنه ، أو قبلاها بشهوة أو رأيا منها ما يحرم على غير مالكها رؤيته ، ويحرم بملك اليمين وطء كل محرمة ذكرناها بنسب أو بسبب.

من كان لولده الكبير جارية لم يطأها ولا نظر إليها بخاص نظر المالك ، لم يجز له وطؤها إلا بإذنه ، وإن كانت لولده الصغير لم يجز له وطؤها إلا بعد تقويمها على نفسه في ضمان ثمنها.

ويكره للرجل أن يطأ جاريته الفاجرة ، ولا بأس أن يطأ أمة اشتراها من دار الحرب ، وكان لها زوج هناك ، وأن يشتري من الكافر بنته أو ابنه أو مما يسبيه الظلمة ، ويستحل فرج نسائهم إذا كانوا مستحقين للسبي.

الفصل السابع

ما ينفسخ به العقد من عيوب الزوج : الجب والعنة والجنون ، وفي الزوجة : الجنون والجذام والبرص والرتق والقرن والإفضاء والعمى والعرج وكونها محدودة في الزنا ، ولا يحتاج مع الفسخ إلى الطلاق ولا يحتاج في الفسخ إلى الحاكم.

إذا كان البرص والجذام خفيا يمكن الاختلاف فيه ، فاختلف الزوجان ، فالقول قول المرأة مع اليمين إلا أن يقيم المدعي البينة عدلين [ من ] (١) مسلمين من ذوي الطب والمعرفة على صحة دعواه ، فيكون له الخيار ، والكثير والقليل فيهما سواء.

والجنون إذا كان خنقا (٢) أو غلبة على العقل من غير حادث مرض ، ففيه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في « س » : « خفيا » وهو تصحيف والصحيح ما في المتن.

٤١٥

الخيار لصاحبه ، وكذا إن غلب على عقله بمرض إغماء ثم زال المرض وبقي الإغماء ، وإذا غلب على العقل مرض غير ذلك فلا خيار فيه ، لا سيما إذا برأ منه وزال الإغماء ، وقد روى أصحابنا أن جنون الرجل إذا عقل معه أوقات الصلاة فلا خيار لها. (١)

والجب إن منع من الجماع فلها الخيار ، وإن بقي ما يغيب منه في الفرج مقدار حشفة فلا خيار لها. ومن بان خصيا أو خنثى فلها الخيار إلا إذا كانت عالمة بذلك فلا خيار لها. إذا وجدته خصيا أو خنثى ورضيت بالمقام معه ، فلا خيار لها بعد ، وإن كانت مدخولا بها فلها الصداق ، وعلى الإمام تعزيره.

إذا تزوج الرجل امرأة خنثى مع الجهل ، فله الخيار.

والعنة يثبت بها الخيار للمرأة ، ويمهل الرجل سنة ، فإن جامعها ولو مرة واحدة ، وإلا فرق بينهما فسخا لا طلاقا ، وإذا تزوجت به على أنه عنين فلا خيار لها إذن ولا تبين إلا بالطلاق ، وإذا اعترفت بأن العنة حدثت بعد الجماع ، فلا خيار لها ، وإذا كان صحيحا ، ثم جب فلها الخيار.

إذا اختلفا في الإصابة فإن كانت ثيبا أمرت بأن تحشو قبلها خلوقا (٢) ثم يطأها فإن تأثر ذكره بالخلوق صدق في الإصابة وإلا فلا ، وإن كانت بكرا أريت أربع نساء عدول من القوابل ؛ فإن شهدن بالبكارة وكذبهن الزوج لم يسمع منه ، وإن صدقهن وقال : أزلت عذرتها ثم عادت ، فالقول قولها مع اليمين ، فإن حلفت فلها الخيار ، وكان بين الرضاء والفسخ ، وإن نكلت حلف الزوج وكانا على النكاح.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٤ ـ ٢٥٠.

(٢) خلوق ـ مثل رسول ـ : ما يتخلق به من الطيب ، قال بعض الفقهاء : وهو مائع فيه صفرة. المصباح المنير.

٤١٦

وحد الإصابة غيبوبة الحشفة في الفرج أو قدر الحشفة لمقطوعها لا غير ، لأن كل أحكام الوطء يتعلق بذلك.

والرتق المانع من الدخول ، فيه الخيار ، فإن صلح بالدواء يسقط خياره.

وفي القرن الخيار ، وهو عظم في الفرج يمنع الجماع ، وقيل : هو حال يلحقها عند الولادة ينبت اللحم في فرجها. (١)

ومتى بانت عاقرا فلا خيار له ، وإذا كان لكل من المتزاوجين عيب ، فلكل منهما الخيار ، فإن فسخت المرأة سقط مهرها إن كان قبل الدخول ، وإن كان بعده سقط المهر المسمى ووجب لها مهر المثل ، وإن كان الفاسخ الزوج سقط المهر إن كان قبل الدخول ، وإن كان بعده يلزمه مهر المثل ، ويرجع هو به على من دلس عليه العيب من الولي.

ثم إن كان الولي ممن لا يخفى عليه العيب كالأب والجد ممن يخالطها ويعرفها فالرجوع عليه بالمهر ، لأنه الذي غر ، وإن كان ممن يخفى عليه ، فإن صدقته المرأة أنه لا يعلم ، فالرجوع عليها ، وإن خالفته فالقول قوله مع اليمين ، والرجوع عليها أيضا ، هذا إذا كان العيب موجودا بأحدهما حال العقد ، وإن حدث بعده ، فلا يرد به الرجل إلا بالجنون الذي لا يعقل معه أوقات الصلاة.

وإن كانت زوجة ، فكلما يحدث بها بعد العقد من العيوب المذكورة فلزوجها الخيار ، ومتى دخل أحدهما مع العلم بالعيب سقط الخيار ، وكل عيب يحدث بعد الدخول ، فالرضا بالعيب الأول لا يثبت به الخيار.

والخيار بالعيب على الفور. إذا تزوج الرجل بامرأة على أنها حرة ، فوجدها أمة ، أو تزوجته على أنه حر ، فوجدته عبدا ، فلكل منهما الرد والرضا بالعقد.

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٤ ـ ٢٥٠ : قال أهل الخبرة : العظم لا يكون في الفرج لكن يلحقها عند الولادة حال ينبت اللحم في فرجها.

٤١٧

إذا تزوجها على أنها حرة ، فبانت أمة فللزوج الرجوع بالمهر على من غره ، إما الوكيل أو الزوجة أو سيدها ، فإن كان الغرور من الزوجة كان المهر في ذمتها ، يتبعها به إذا أيسرت بعد العتق ، وإن كان من السيد ، كان ذلك إقرارا لها بالحرية وسقط الخيار.

إذا تزوجها على أنها بنت مهيرة ، فوجدها بنت أمة ، فله ردها ، فإن لم يدخل بها ، فلا شي‌ء عليه ، والمهر على أبيها على ما روى ، (١) والأصل أنه غير واجب وإن دخل بها فعليه المهر بما استحل من فرجها ، ثم إن رضي بالعقد سقط الخيار.

ومن كان له بنت مهيرة وبنت أمة ، فعقد لرجل على بنت المهيرة ، ثم أدخلت عليه الأخرى ، فله ردها ، ولا شي‌ء عليه إن لم يدخل بها ، وإن دخل بها ، وقد أعطاها المهر فهو لها بما استحل من فرجها ، وعلى الأب أن يدفع إليه بنت المهيرة ، والمهر على الأب إن كان المهر الأول وصل إلى الأولى ، وإن لم يصل إليها ، ولا دخل بها ، فالمهر في ذمة الزوج.

ومتى عقد رجلان على امرأتين فأدخلت امرأة كل منهما على الآخر ، ثم علم ، ردت كل واحدة إلى صاحبها ما لم يدخلا بهما ، فإن دخلا بهما ، فلكل واحدة منهما الصداق ، وعلى الولي غرامته إن تعمد ذلك ، ولا يقرب كل منهما امرأته إلا بعد أن تعتد من الداخل بها.

فإن ماتتا قبل انقضاء العدة ، فليرجع الزوجان بنصف الصداق على ورثتهما ، ويرثهما الرجلان ، وإن مات الرجلان ، وهما في العدة ترثانهما ، ولهما المهر المسمى ، وعليهما عدة المتوفى عنها الزوج ، بعد الفراق من العدة الأولى.

ومتى أقام رجل بينة على أنه تزوج بامرأة ، وأقامت أختها البينة بأنه عقد عليها دون أختها ، فالبينة بينة الرجل ، ولم يلتفت إلى بينة المرأة إلا أن تقيم المرأة

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ١٤ ، ب ٨ من أبواب العيوب والتدليس ، ح ٢ ـ ٣.

٤١٨

البينة بأنه عقد عليها قبل عقده على أختها ، فحينئذ البينة بينتها دون بينة الرجل.

إذا تزوج امرأة على أنها من قبيلة كذا ، ولم تكن كذلك ، فله الخيار. إذا تزوجها (١) على أنها مسلمة ، فبانت كتابية ، بطل النكاح.

إذا أعتقت أمة غير بالغ (٢) تحت عبد ، فلها الخيار ، وليس لوليها أن يختار من قبلها ، والنفقة على الزوج إلى وقت بلوغها ، فإن اختارته وقت البلوغ ، ثبت النكاح ، وإن فسخت انفسخ ، وإذا أعتق الزوج وكان تحته أمة ، فلا خيار له.

الفصل الثامن

نكاح المتعة لا بد فيه من ذكر الأجل وتعيينه وذكر المهر ، فإن كانت المدة مجهولة أو لم يذكر المهر ، لم يصح العقد ، وإن ذكره ولم يذكر المدة ، كان النكاح دائما ، ويلزمه النفقة والميراث ، ولا تبين إلا بالطلاق ، أو ما يجري مجراه ، وبهذين الشرطين يتميز من نكاح الدوام.

والمدة ما تراضيا عليه من الأيام والشهور والسنين ، قل أم كثر ، بشرط أن لا يكون مجهولا ، كهبوب الرياح ، ومجي‌ء المطر ، وقدوم الحاج ، وإدراك الغلات ، وغيرها مما يجوز أن يتقدم أو يتأخر أو لا يتفق ذلك ، وروي أنه يجوز أن يوقت بأن يواقعها مرة أو مرتين (٣) وذلك محمول على أن يسنده إلى يوم معلوم أو زمان معين ، فإن لم يكن كذلك ، كان العقد دائما.

ويجوز أن يشرط عليها أن يأتيها ليلا (٤) أو نهارا ، أو في أسبوع يوما بعينه ، أو يومين ، ومتى عقد عليها شهرا على الإطلاق ولم يعين ، ومضى عليها شهر (٥) ، فلا

__________________

(١) في « س » : إذا كان تزوجها.

(٢) بلغ الصبي بلوغا فهو بالغ ، والجارية بالغ أيضا بغير هاء فاستغنوا بذكر الموصوف وبتأنيثه عن تأنيث صفته كما يقال : امرأة حائض. المصباح المنير.

(٣) لاحظ الوسائل : ١٤ ، ب ٢٥ ، من أبواب المتعة.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : ويجوز أن يشترط عليها أن يأتي ليلا.

(٥) هذا ما أثبتناه ولكن في الأصل : « ومضى عليها شهرا » وفي « س » : « ومضى عليها شهره ».

٤١٩

سبيل له عليها.

إذا انقضى أجل المتعة جاز له أن يعقد عليها عقدا مستأنفا في الحال ، ومتى أراد أن يزيد في المدة قبل انقضائها ، لم يكن له ذلك إلا بعد أن يهب لها ما بقي من أجلها.

والمهر ما وقع عليه الاتفاق بينهما قل أم كثر ، ولا بد أن يكون معلوما ، وإن لم يعطها في حال العقد ، وأقل ما يجزي منه كف من طعام أو تمثال من سكر أو شبه ذلك.

ومتى أراد مفارقتها قبل الدخول فليهب لها أيامها وقد انفسخ العقد بينهما ، وإذا فارقها بعد الدخول لم يحل لغيره العقد عليها بمتعة أو دوام إلا بعد العدة.

وإن فارقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف المهر ، وإن أخلت له بشي‌ء من أيامه جاز له أن ينقصها بحساب ذلك من المهر إلا أيام حيضها ، فإن تبين بعد الدخول بها ، أن لها زوجا ، وقد أعطاها بعض مهرها ، لم يلزمه إعطاء ما بقي منه.

ومتى وهبت المرأة مهرها لزوجها قبل مفارقته (١) وكان قد أعطاها ، ثم وهب الزوج لها أيامها قبل الدخول بها ، كان له أن يرجع عليها بنصف مهرها.

ويستحب أن يذكر أن لا نفقة لها ، ولا توارث بينهما ، وأنه تلزمها العدة ، وأن له أن يعزل عنها ، وليس من شرطه الإشهاد والإعلان إلا عند خوف التهمة ، فحينئذ يستحب ذلك ولا توارث بينهما إلا إذا شرطا ذلك ، وللرجل العزل وإن لم يشرط.

إذا شرط في حال العقد أن لا يطأها في فرجها لم يكن له وطؤها فيه ، فإن رضيت بعد العقد جاز ، ولا عدة عليها إذا لم يطأها في الفرج وفارقها بغير الموت ، والشرط المؤثر للرجل هو ما يذكره بعد العقد دون ما يتقدم العقد ، إلا أن يعيد ذكره بعد العقد.

__________________

(١) في « س » : قبل المفارقة.

٤٢٠