اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

دعواه ، ويكون القول قوله مع يمينه ، وإنما كلفناه اليمين(١) ، لجواز أن يكون هذا التصرف مأذونا فيه ، أو مصالحا عليه ، والحائط ملك لهما.

ويحكم بالخص (٢) لمن إليه معاقد القمط (٣) وهي مشاد الخيوط في القصب.

وإذا انهدم الحائط المشترك ، لم يجبر أحد الشريكين على عمارته والإنفاق عليه ، وكذا القول في كل مشترك ، وكذا لا يجبر صاحب السفل على إعادته لأجل العلو.

وإذا أراد أحدهما الانفراد بالعمارة ، لم يكن للآخر منعه ، فإن عمر متبرعا بالآلات القديمة ، لم يكن له المطالبة لشريكه (٤) بنصف النفقة ، ولا منعه من الانتفاع [ به ] ، (٥) وإن عمر بآلات مجددة ، فالبناء له ، وله نقضه إذا شاء والمنع (٦) لشريكه من الانتفاع به ، وليس له سكنى السفل ولا منع شريكه من سكناه ، لأن ذلك انتفاع بالأرض لا بالبناء.

ولا يجوز لأحد الشريكين في الحائط أن يدخل فيه خشبة [ خفيفة ] (٧) لا تضر بالحائط ضررا كثيرا إلا بإذن الآخر ، ومتى أذن لشريكه (٨) في الحائط في وضع خشب عليه ، فوضعه ثم انهدم أو قلع ، لم يكن له أن يعيده إلا بإذن مجدد. (٩)

__________________

(١) في « س » : كلف اليمين.

(٢) الخص بالضم والتشديد. البيت من القصب. مجمع البحرين.

(٣) القمط ـ جمع القماط وهو حبل يشد به الأخصاص. مجمع البحرين.

(٤) في « س » : مطالبة شريكه.

(٥) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٦) في « س » : إذا شاء مجددة والمنع.

(٧) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٨) في « س » : شريكه.

(٩) في الأصل : بإذن مجددة.

٣٠١

وإذا تنازع اثنان [ في ](١) دابة أحدهما راكبها والآخر آخذ بلجامها وفقدت البينة ، فهي بينهما نصفين. ومن ادعى على غيره مالا مجهولا فأقر له به وصالحه فيه على مال معلوم صح الصلح.

اثنان معهما درهمان ، ادعاهما أحدهما ، وادعى الآخر اشتراكهما فيهما ، أعطي من ادعاهما ، درهما لإقرار صاحبه به ، وقسم الآخر بينهما إذا فقدت البينة ونكلا عن اليمين.

زيد دفع إليه عمرو عشرين درهما وبكر ثلاثين ، فاشترى بكل منهما ثوبا ، ثم اشتبها عليه ، بيعا وقسم الثمن على خمسة ، اثنان منها لعمرو وثلاثة لبكر.

استودعه رجل دينارين ، وآخر دينارا ، فضاع دينار ولم يتميز له ، أعطي صاحب الدينارين دينارا ونصفا ، وصاحب الدينار نصف دينار.

لرجل خمسة أرغفة ولآخر ثلاثة ، فآكلهما فيها آخر ، وأعطاهما بدل ما أكله ثمانية دراهم ، كان لصاحب الثلاثة واحد ، والسبعة الباقية لصاحب الخمسة. (٢)

تنازع اثنان حائطا بين ملكيهما ، ولا بينة ، فالجدار لمن حلف مع نكول صاحبه ، فإن حلفا أو نكلا فبينهما نصفين ، واستعمال القرعة أحوط.

لا يجوز (٣) لأحد الشريكين في حائط أن يفتح فيه كوة للضوء (٤) ولا أن يبني عليه ولا أن يدخل فيه خشبا ، أو يضع عليه جذوعا ، إلا بإذن صاحبه ، فإن أذن وفعل المأذون له ذلك ، فلا رجوع ، وإن لم يفعل ، فله الرجوع.

لرجل بيت وعليه غرفة لآخر ، وتنازعا في حيطان البيت ، فالقول قول

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في « س » : « لصاحبه الخمسة » والصحيح ما في المتن.

(٣) في « س » : ولا يجوز.

(٤) في « س » : كوة ضوء.

٣٠٢

صاحب البيت ، وإن تنازعا في حيطان الغرفة ، فالقول قول صاحبها والبينة(١) على صاحب البيت ، فإن تنازعا في سقف البيت الذي عليه الغرفة ، ولا بينة لأحدهما ، حلف كل منهما على دعوى صاحبه ، فإذا حلفا أقرع بينهما وحكم لمن خرج اسمه.

يجوز قسمة الحائط المشترك طولا وعرضا ، وقسمة عرصته إذا انهدم ، ويجبر الممتنع على ذلك.

من دخل أغصان شجرة جاره إلى داره ، فله أن يطالبه بإزالة ذلك ، لأن هواء داره ملكه ، على طريق التبع ، فإن لم يزل فله أن يعطف الغصن ، أو يقطعه ويرد عليه ما قطع.

زقاق (٢) غير نافذ ليس فيه إلا داران لرجلين ، وباب دار أحدهما قريب من أول الزقاق ، فليس له أن يؤخر بابه من حيث هو ، لأنه يزيد في حقه.

إذا أخرج من داره روشنا (٣) إلى طريق المسلمين ، فإن كان عاليا لا يضربه المارة ، لم يقلع (٤) ، وإن ضر وجب قلعه.

فصل

كل ما يصح قسمته بلا ضرر لأحد الشركاء ، يقسم بينهم إذا طلبوا القسمة أو بعضهم ، ولا قسمة في ما لا يتجزأ على قدر أنصباء الشركاء.

دار بين شريكين فاقتسماها ، وصار السفل لأحدهما والعلو لآخر ، جاز إذا لم

__________________

(١) هذا ما أثبتناه ولكن في الأصل : « فقول صاحبها » وفي « س » : فالقول قول والبينة صاحبها.

(٢) الزقاق ـ بالضم ـ : الطريق والسبيل والسوق ، ومنه زقاق العطارين. مجمع البحرين.

(٣) الروشن : الكوة. لسان العرب.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : لم يضر بالمارة لم يقلع.

٣٠٣

يكن [ فيه ](١) ظلم أو غبن ، فإن كان فيها ذلك وعلماه ورضيا به مضى القسمة ، فإن لم يعلما ولا رضياه ، بطلت ووجب فسخها.

إذا قسموا (٢) دارا أو أرضا بشرط أن لا يكون لواحد منهم طريق إلى ذلك بطل الشرط ، فإن جعلوا الطريق في نصيب أحدهم وللباقين المرور بالاقدام فيها بالتراضي صح.

إذا كان بين جماعة دور فقال بعضهم : أريد أن آخذ حقي في كل دار ، وقال بعضهم : يجمع (٣) لكل واحد حقه في مكان واحد ، وكانت الدور معتدلة في بقاعها وأحوالها ورغبة الناس فيها ، قسم لكل واحد حقه في مكان واحد ، وإن كانت مختلفة اختلافا بينا قسمت لكل دار منها ناحية ، وأخذ كل منهم حقه منها.

إذا كانوا شركاء في حوائط وأراضي في نواح متفرقة قريب بعضها من بعض ، وأراد كل واحد منهم أخذ نصيبه في ناحية واحدة بقيمة عادلة جاز ، وإن كان ذلك لا ينقسم على الأنصباء وفي قسمته ضرر على بعض الشركاء بحيث يخرج حقه بانفراده من الانتفاع به (٤) ، وجب أن يجمع حصة كل واحد من ناحيته (٥) بقيمة عادلة.

إذا كان بين قوم دار وهي غائبة عنهم قد عرفها جميعهم ، جاز أن يقتسموها على الصفة التي عرفوها ، ويصير لكل واحد منهم حقه بحسب ما عرفوها ، فإن لم يعرفوها أو عرفها بعضهم دون بعض ، لم يصح قسمتها إلا بعد أن يحضروها أو من

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في « س » : إذا اقتسموا.

(٣) في « س » : نجمع.

(٤) في الأصل : بحيث يخرج منه بانفراده على الانتفاع به.

(٥) في « س » : في ناحيته.

٣٠٤

يقوم مقامهم فيه ، وكذا الشجر والأرض.

إذا كان بينهم ساحة وبيوت ، جاز أن يقسموا البيوت بالقيمة ، والساحة بالذراع (١) ، ويترك من الساحة طريق لأصحاب البيوت.

إذا قسم العلو والسفل كان سقف السفل على صاحب السفل ، ويكون كالأرض لصاحب العلو ، ولا يجوز لصاحب السفل هدمه وإلزام صاحب العلو بتسقيفه ، بل إذا استهدم بلا جناية من صاحب العلو لزم صاحب السفل عمله.

__________________

(١) في الأصل : بالذرع.

٣٠٥
٣٠٦

كتاب الوديعة

المرء مخير في قبول الوديعة وردها ، وهو أولى ما لم يكن فيه ضرر على المودع ، ويجب عليه حفظها بعد قبولها.

وهي أمانة لا يلزم ضمانها إلا بالتعدي ، فإن تصرف فيها أو في بعضها ضمنها وما أربحت ، وكذا إن فك ختمها أو حل شدها (١) أو نقلها من حرز إلى ما هو دونه ، كان متعديا ويلزمه الضمان ، وكذا إن لم يكن هناك ضرورة من خوف نهب أو غرق أو غيرهما [ من الفساد فيها ] (٢) فسافر بها أو أودعها أمينا آخر وصاحبها حاضر ، أو خالف ما رسم صاحبها في كيفية حفظها ، وكذا لو أقر بها لظالم يريد أخذها من دون أن يخاف القتل أو سلمها إليه بيده أو بأمره ، وإن خاف ذلك يجوز له أن يحلف أنه ليس عنده وديعة إذا طولب بذلك ، وورى في يمينه بما يسلم به من الكذب. ولا ضمان عليه إن هجم الظالم فأخذ الوديعة قهرا.

ولو تعدى المودع ثم أزال التعدي ، مثل أن يردها إلى الحرز بعد إخراجها ، لم يزل الضمان ، ولو أبرأه صاحبها من الضمان بعد التعدي فقال : قد جعلتها وديعة عندك من الآن ، برئ ويزول الضمان بردها إلى صاحبها أو وكيله ، سواء أودعه إياها

__________________

(١) في الأصل : إن فك ختمها فحل شدها.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٣٠٧

مرة ثانية أم لا.

وإذا علم المودع أن المودع لا يملك الوديعة لم يجز له ردها إليه مع الاختيار ، بل يلزمه رد ذلك إلى مستحقه إن عرفه بعينه ، فإن لم يتعين له حملها إلى الإمام العادل ، فإن لم يتمكن لزمه الحفظ بنفسه في حياته وبمن يثق إليه في ذلك بعد وفاته إلى حين التمكن من المستحق ، ومن أصحابنا من قال : يكون والحال هذه في حكم اللقطة (١) والأول أحوط.

وإن كانت الوديعة من حرام وحلال لا يتميز (٢) أحدهما من الآخر ، لزم رد جميعها إلى المودع متى طلبها (٣) ، ومتى ادعى صاحب الوديعة تفريطا فعليه البينة ، فإن فقدت فالقول قول المودع مع يمينه ، وروي أنه لا يمين عليه إن كان ثقة غير مرتاب به (٤) ، وإذا ثبت التفريط واختلفا في قيمة الوديعة ولا بينة فالقول قول صاحبها مع يمينه ، ومن أصحابنا من قال : يأخذ ما اتفقا عليه ويحلف المودع على ما أنكر من الزيادة. (٥)

وللمودع أن يسترد الوديعة متى شاء ، وللمودع أن يردها كذلك ، ولا يبرأ ذمته بردها على غير صاحبها أو وكيله من حاكم أو ثقة إلا لعذر ، وليس له دفنها إذا أراد سفرا إلا بإذن صاحبها.

من غصبه ظالم شيئا ثم تمكن من ارتجاعه أو أخذ عوضه من ماله جاز له

__________________

(١) في « س » : « في الحكم كاللقطة » والقائل الشيخ في النهاية : ٤٣٦. وابن الجنيد لاحظ المختلف : ٤٤٤ ، الطبعة القديمة.

(٢) في « س » : ولا يتميز.

(٣) في الأصل : متى طالبها.

(٤) لاحظ جواهر الكلام : ٢٧ ـ ١٤٨. والوسائل : ١٣ ، ب ٤ من أبواب أحكام الوديعة ، ح ٧.

(٥) الحلبي : الكافي ـ ضمن سلسلة الينابيع الفقهية : ١٧ ـ ١١٢.

٣٠٨

أخذ قدره بلا زيادة ما لم يكن وديعة عنده للغاصب ، فإن الأخذ منها لا يجوز بلا علم الغاصب.

من أودع وديعة بشرط الضمان بطل الشرط ، إذا كانت الوديعة غير محرزة كدنانير في إناء مفتوح الرأس فأخذ منها دينارا ضمن ما أخذ دون الباقي ، فإن رده بعينه إلى موضعه ، أو رد بدله ولم يخلطه بالباقي ضمن ذلك القدر ، وإن خلطه بالباقي ضمن الكل للتصرف فيه ، وكذا إذا خلط الودائع بعضها ببعض.

وإذا أودع حيوانا وغاب صاحبه فلم يقم بسقيه والإنفاق عليه ضمن.

إذا أودعه وديعة ولم يقل اجعلها في موضع كذا بل أطلق يلزمه أن يحفظها في حرز مثلها ، وإن قال : ضعها في موضع كذا ، فخالفه بلا عذر ضمن.

إذا اتجر المودع بمال الوديعة فالربح لصاحبها والخسران على المودع.

من أخذ الوديعة من صبي فتلفت بلا تعد منه ضمن إذ لا حكم لإيداع الصبي وليس له الأخذ منه ولا يزول الضمان بردها عليه ، بل عليه أن يردها على وليه.

إذا وجد في « روزنامچة » ميت مكتوب : لفلان عندي كذا ، لم يلزم الورثة رد ذلك عليه بمجرد ذلك.

٣٠٩
٣١٠

كتاب العارية

العارية ضربان : مضمونة وغير مضمونة ، فالمضمونة العين والورق (١) على كل حال وما عداهما بشرط التضمين أو التعدي أو التفريط ، وغير المضمونة ما عدا ذلك.

وإذا اختلف المالك والمستعير في التضمين أو التعدي ، وفقدت البينة ، فعلى المستعير اليمين ، وإذا اختلفا في مبلغ العارية أو قيمتها ، أخذ ما أقر به المستعير ، وكان القول قول المالك مع يمينه فيما زاد على ذلك.

وإذا اختلف مالك الدابة وراكبها فقال المالك : آجرتكها ، أو غصبتنيها ، وقال الراكب : بل أعرتنيها ، فالقول قول الراكب مع يمينه ، وعلى المالك البينة ، وكذا إذا اختلف مالك الأرض وزارعها.

إذا استعار دابة ليحمل عليها وزنا معينا ، فحمل أكثر منه ، أو ليركبها إلى مكان معين ، فتعداه ضمن ، ولو ردها إلى المكان المعين.

إذا أذن مالك الأرض للمستعير في الغراس (٢) أو البناء ، فزرع جاز ، ولا يجوز

__________________

(١) الورق ـ بكسر الراء والإسكان للتخفيف ـ : النقرة المضروبة ، ومنهم من يقول : النقرة مضروبة كانت أو غير مضروبة المصباح المنير.

(٢) في الأصل : إذا أذن مالك المستعير للغراس.

٣١١

بالعكس ، لأن ضرر الغراس والبناء أكثر ، والإذن في القليل لا يكون إذنا في الكثير ، وكذا لا يجوز له أن يزرع الدخن أو الذرة إذا أذن له في زرع الحنطة ، ويجوز [ له ](١) أن يزرع الشعير ؛ وإذا أراد مستعير الأرض للغراس والبناء قلعه ، كان له ذلك ، لأنه عين ماله ، وإذا لم يقلعه وطالبه المعير بذلك بشرط ضمان أرش النقص ، وهو ما بين قيمته قائماً ومقلوعا ، أجبر المستعير على ذلك.

وليس للمستعير أن يطالب بالتبقية بشرط أن يضمن أجرة الأرض ، فإن طالبه المعير بالقلع من غير أن يضمن أرش النقصان ، لم يجبر عليه ، فإذا أذن له إلى مدة معلومة ثم رجع قبل مضيها (٢) وطالب بالقلع لم يلزمه إلا بعد ضمان الأرش.

وإذا أعار (٣) شيئا بشرط الضمان ، فرده المستعير إليه أو إلى وكيله برئ من ضمانه ، ولا يبرأ إن رده إلى ملكه ، كأن يكون دابة فيشدها (٤) في إصطبل صاحبها.

ولا يجوز للمستعير إعارة العارية ولا إجارتها ، ويجوز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها ، والجارية للخدمة خاصة. وتقدير مدة العارية أولى وأحوط ، وإن لم يكن ذلك من شرطها.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في « س » : قبل تقضيها.

(٣) في « س » : ولو أعاره.

(٤) في « س » : فشدها.

٣١٢

كتاب الحوالة

الحوالة تفتقر (١) في صحتها إلى شروط :

منها رضاء المحتال والمحيل والمحال عليه (٢) وأن يكون المحال عليه مليا في حال الحوالة ، فإن رضي المحتال (٣) بعدم ملائه (٤) جاز.

وتصح الحوالة على من ليس عليه دين إذا قبل الحوالة.

وإذا كان عليه دين اعتبر شرطان آخران : اتفاق الحقين في الجنس والنوع والصفة ، وأن يكون الحق مما يصح أخذ البدل فيه قبل قبضه ، ولا يجوز الحوالة بالمسلم فيه ، ولا تصح الحوالة إلا في ذوات الأمثال من الأموال.

وإذا صحت الحوالة انتقل الحق إلى ذمة المحال عليه ، ولا يعود الحق إلى ذمة المحيل إذا جحد المحال عليه الحق وحلف عليه أو مات مفلسا أو أفلس وحجر الحاكم عليه.

__________________

(١) في « س » : تفقر وهو تصحيف. وحقيقة الحوالة تحويل المديون ما في ذمته إلى ذمة غيره وهي متقومة بأشخاص ثلاثة : « المحيل » وهو المديون و « المحتال » وهو الدائن و « المحال عليه » وأما المحال به فهو المال الذي أحاله المحيل إلى ذمة المحال عليه.

(٢) كذا في « س » ولكن في الأصل : رضاء المحيل والمحال عليه.

(٣) في الأصل : « فإن رضي المحال » بدل « المحتال » وكذا في ما يأتي.

(٤) في الأصل : بعدم ملاته.

٣١٣

وإذا أحال المشتري البائع بالثمن ثم رد المبيع بالعيب بطلت الحوالة ، لأنها بحق البائع وهو الثمن وإذا بطل البيع سقط الثمن فبطلت ، فإن أحال البائع على المشتري بالثمن ثم رد المبيع بالعيب لم تبطل الحوالة ، لأنه تعلق به حق لغير المتعاقدين.

وإذا اختلفا فقال المحيل : وكلتك بلفظ الوكالة ، وقال المحتال : بل أحلتني بلفظ الحوالة ، فالقول قول المحيل لأنهما اختلفا في لفظه وهو أعرف به [ من غيره ] (١) ولو كان النزاع بالعكس كان القول قول المحتال ، لأن الأصل بقاء حقه في ذمة المحيل.

إذا اتفقا على اللفظ وأنه قال : أحلتك بمالي عليه من الحق ، ثم اختلفا فقال المحيل : أنت وكيلي في ذلك وقال المحتال : بل أحلتني [ بلفظ الحوالة ] (٢) لآخذ ذلك لنفسي ، فالقول قول المحيل ، ويجوز الحوالة لمن لا حق له عنده ومتى أحال بدين مؤجل ، لم يحل الدين بموت المحيل أو المحال له وإنما يحل بموت المحال عليه ، لأن الدين المؤجل يحل بموت من هو عليه.

وتجوز الحوالة بما لا مثل له من الثياب والحيوان إذا ثبتت في الذمة بالقرض ، وكذلك تجوز إذا كان الحيوان ثابتا في الذمة بجناية كأرش الموضحة وغيرها ، ولا يجوز للسيد أن يحيل بمال المكاتبة غريما له على مكاتبه لأنه ليس بثابت.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين في كلا الموردين موجود في الأصل وهو الصحيح.

(٢) ما بين المعقوفتين في كلا الموردين موجود في الأصل وهو الصحيح.

٣١٤

كتاب الضمان والكفالة

من شرط صحة الضمان (١) أن يكون الضامن مختارا غير مولى عليه مليا في حال الضمان إلا أن يرضى المضمون له بعدم ملاءته فيسقط هذا الشرط.

وأن يكون إلى أجل معلوم وأن يقبل المضمون له ذلك.

وأن يكون المضمون حقا لازما في الذمة كمال القرض والأجرة وما أشبه ذلك.

ويصح ضمان مال الجعالة بشرط أن يفعل ما يستحق به ، وليس من شرط صحته أن يكون المضمون معلوما ، بل لو قال : كل حق ثبت (٢) على فلان فأنا ضامنه ، صح ولزمه ما يثبت بالبينة أو الإقرار ، وقد اشترطه بعض أصحابنا. (٣)

وليس من شرط صحته رضي المضمون عنه ولا معرفته ومعرفة المضمون له. وإذا صح الضمان انتقل الحق إلى ذمة الضامن وبرئ المضمون عنه منه ومن الطالبة به ، ولا يرجع الضامن على المضمون عنه بما ضمنه إذا ضمن بغير إذنه ، فإن كان أذن له في الضمان رجع عليه ، (٤) سواء أذن في الأداء أو لا ، ويصح ضمان الدين عن الميت

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٢ ـ ٣٢٣ : فمن شرطه وجود ثلاثة أشخاص : ضامن ، ومضمون له ، ومضمون عنه ، فالضامن هو الكفيل بالدين والمتحمل له ، والمضمون له هو صاحب الدين ، والمضمون عنه فهو من عليه الدين.

(٢) في « س » : كل حق ما ثبت.

(٣) الشيخ : الخلاف ، كتاب الضمان ، المسألة ١٣ ، والمبسوط : ٢ ـ ٣٢٨.

(٤) في « س » : رجع إليه.

٣١٥

المفلس.

إذا كان الضامن غير مليئ بما ضمن ولم يعلم بذلك المضمون له ، لم تبرأ ذمة المضمون عنه ، وإن علم بذلك فقد برئت ، فإن ظن المضمون له ملائه في حال الضمان ثم ظهر خلاف ذلك فله الرجوع على المضمون عنه ، وإن كان مليا في الحال ثم عجز فلا رجوع.

ولا يصح ضمان مال ليس بلازم في الحال ، كنفقة المرأة إذا كانت مستقبلة ومال الكتابة ، وقد يصح الضمان فيما لا يكون مستقرا في الحال ، غير أنه يسقط ببطلان أسبابه ، كثمن مبيع قبل التسليم ، أو أجرة قبل انقضاء مدتها أو مهر قبل الدخول.

ولا يصح ضمان مال مجهول سواء كان واجبا أو غير واجب ، فالواجب مثل أن يقول : أنا ضامن لما يقضي لك به القاضي أو يقوم لك البينة من المال على فلان أو ما تكون لك مثبتة في دفترك ، وعند بعض أصحابنا يصح ضمان جميع ذلك دون ما يخرج به دفتر الحساب. (١) وغير الواجب كأن يقول : ضمنت لك ما تعامل فلانا.

إذا أبرأ المضمون له المضمون عنه لم يبرأ الضامن ، لأنه إبراء من لا حق له عليه. (٢)

إذا ادعى على رجلين ألف درهم بالسوية وأن كلا منهما ضمن عن صاحبه ما لزمه من نصف الألف بإذنه وأحدهما غائب لم يكن له مطالبة الحاضر بالألف ، لأن ما يخصه من ذلك قد انتقل عنه إلى شريكه بإقراره.

__________________

(١) الشيخ : النهاية : ٣١٥.

(٢) في الأصل : لأنه أبرأ لا من حق له عليه ، ووجهه أن الضمان ، من قبيل انتقال ذمة إلى ذمة وعليه يكون ذمة المضمون عنه بريئة ، وإبراء البري‌ء غير صحيح.

٣١٦

فصل

ولا يجوز أن يتكفل بمال مؤجل على غيره حالا ، ويجوز أن يتكفل به مؤجلا وهو حال.

لا يصح ضمان العبد غير المأذون له في التجارة إلا بإذن سيده ، فإن أذن له في الضمان ، وأطلق الضمان ، تعلق بكسبه ، وإن عين مال الضمان في كسبه أو في ذمته أو غير ذلك وجب فيما عين (١) وكذا الحر إذا عين ضمانه في مال ، لزمه قضاؤه منه ، ويصح ضمان المأذون له في التجارة ، ويلزمه فيما في يده.

ولا يصح ضمان من لا يعقل (٢) ولا الضمان عنه. وكل مال لا يكون مضمونا كالودائع ومال المضاربة في يد المضارب ، ومال الوصاية في يد الوصي ، وغير ذلك ، لم يصح الضمان عنهم إلا أن يتلف في أيديهم بتفريط من قبلهم ، فصاروا ضامنين له ، فحينئذ يصح ضمانه عنهم.

يصح ضمان النفوس حالا ومؤجلا ، ولا يجوز ذلك إلا بإذن من تكفل عنه ، ومتى تكفل ببدن إنسان مطلقا ، كانت الكفالة حالة ، وللمكفول له مطالبته بتسليمه في الحال ، وإذا تكفل به على أن يسلمه في موضع بعينه فسلمه إليه في موضع آخر ، لم يلزمه قبوله ، إلا إذا تبرع بالقبول ، فيبرأ الكفيل ، فإن لم يعين لتسليمه موضعا ، وجب تسليمه في موضع عقد الكفالة ، وإذا جاء المكفول به إلى المكفول له وقال : سلمت نفسي إليك من كفالة فلان ، وأشهد على ذلك شاهدين بري‌ء الكفيل.

إذا أحضره الكفيل للتسليم ، فلم يتسلمه مع التمكن ، فقد برئت ذمته.

__________________

(١) في « س » : « فيما بيده » بدل « فيما عين » والصحيح ما في المتن.

(٢) في الأصل : « من لا يعدل ».

٣١٧

إذا مات المكفول به برئت ذمة الكفيل من الكفالة ولم يلزمه المال ، وروي أنه إذا قال الكفيل : ضمنت فلانا إلى كذا إن لم آت به كان علي كذا ، وحضر الأجل ، لم يلزمه إلا إحضار الرجل ، وإن قال : علي كذا إلى كذا إن لم أحضر فلانا ثم لم يحضره ، وجب عليه المال (١) [ ويصح ]. (٢)

ومن خلي غريما لرجل من يده إكراها ، ضمن ما عليه.

__________________

(١) لاحظ النهاية : ٣١٥.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٣١٨

كتاب الوكالة

لا تصح الوكالة إلا فيما يصح دخول النيابة فيه ، مع حصول الإيجاب والقبول ممن يملك عقدها بالإذن فيه ، أو بصحة التصرف منه فيما هي وكالة (١) فيه بنفسه. فلا تصح الوكالة في أداء الصلاة والصوم عن المكلف بأدائهما من ذلك ، لأن ذلك مما لا تدخل النيابة فيه ، ولا يصح من محجور عليه أن يوكل فيما قد منع من التصرف ، ولا تصح الوكالة من العبد وإن كان مأذونا له في التجارة ، لأن الإذن له في ذلك ليس بإذن في الوكالة ، وكذا الوكيل لا يجوز له أن يوكل فيما جعل له التصرف فيه إلا بإذن [ موكله ]. (٢)

ولا يصح أن يتوكل المسلم على تزويج المشركة من الكفار ، ولا أن يتوكل الكافر على تزويج المسلمة من المسلم ، لأنهما لا يملكان ذلك لأنفسهما ، ولا يجوز للمسلم أن يوكل الكافر ، ولا أن يتوكل له على المسلم.

وتصح وكالة الحاضر إلا في الطلاق ، ويلزم الخصم مخاصمة الوكيل ولا يعتبر رضاه بالوكالة ، وتصرف الوكيل موقوف على ما يقع العقد عليه ، وإن (٣) كان

__________________

(١) في « س » : « فيما بنى وكالته » والصحيح ما في المتن.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) في « س » : فإن.

٣١٩

مطلقا عمت الوكالة كل شي‌ء إلا الإقرار بما يوجب حدا أو تأديبا ، فإن كان مشروطا بشي‌ء اختصت الوكالة به.

ومتى فعل الوكيل ما لم يجعل له لم يصح ولزمه الدرك فيه ، ولو أقر الوكيل في الخصومة دون الإقرار بقبض موكله الحق الذي وكله في المخاصمة عليه لم يلزمه إقراره إلا إذا أذن له في الإقرار عنه.

والوكيل مؤتمن لا ضمان عليه إلا أن يتعدى ، ومطلق الوكالة بالبيع يقتضي أن يبيع بثمن المثل من نقد البلد حالا ، فإن خالف لم يصح البيع ، وإذا اشترى (١) الوكيل وقع الملك للموكل من غير أن يدخل في ملك الوكيل ؛ ولهذا لو وكله على اشتراء عبد فاشترى الوكيل من يعتق عليه لم ينعتق.

والوكالة عقد جائز من كلا الطرفين يجوز لكل واحد منهما فسخه ، فإذا فسخه الوكيل وعزل نفسه انفسخ ؛ سواء كان موكله حاضرا أو غائبا ، ولم يجز له بعد ذلك التصرف فيما وكل فيه.

ومتى أراد الموكل فسخه وعزل الوكيل ، افتقر ذلك إلى إعلامه إن أمكن ، فإن لم يمكن فليشهد به ، (٢) وإذا فعل ذلك انعزل الوكيل ، ولم ينفذ بعده شي‌ء من تصرفه ، وإن اقتصر على عزله من غير إشهاد ، أو على الإشهاد من غير إعلام وهو متمكن لم ينعزل ، ونفذ تصرفه إلى أن يعلم.

فإن اختلفا في الإعلام فعلى الموكل البينة به ، فإن فقدت فعلى الوكيل اليمين أنه ما علم بعزله ، فإن حلف مضى ما فعله ، وإن نكل عن اليمين بطلت وكالته من وقت قيام البينة بعزله ، وتنفسخ الوكالة بموت الموكل أو عتقه للعبد الذي وكل في بيعه ، أو بيعه له قبل بيع الوكيل.

__________________

(١) في الأصل : وإن اشترى.

(٢) في « س » : يشهد به.

٣٢٠