اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

الفصل العاشر : في العيوب

لا يجوز بيع المصراة من الناقة والبقرة والشاة ، وهي التي لا تحلب يوما فصاعدا ، إذا أريد عرضها للبيع فيظنها المشتري كثيرة الدر فيرغب في ابتياعها ، وذلك تدليس ، فمن اشتراها على غير بصيرة ثم حلبها وأراد ردها ، رد معها صاعا من تمر ، أو بر ، فإن لم يجد ، فقيمة اللبن وجوبا ، ولا حكم للتصرية فيما عدا ما ذكرناه ، فإن صار لبن المصراة عادة ، لجودة المرعى ، أو كان المشتري عالما بالتصرية وقت الابتياع ، فلا خيار له. (١)

إذا ابتاع شاة محلوبة حال البيع (٢) وحلبها أياما ، ثم وجد بها عيبا ، كان له ردها دون ما حلبه من لبنها ، لأنه حدث في ملكه.

يجب على بائع المعيب أن يبين للمشتري عيبه ، أو يتبرأ إليه من العيوب ، فإن خالف ارتكب محظورا ، وإن وقف المشتري على العيب بعد ، استرد الثمن ، ورد المعيب ، دون ما استفاد من نتاج ، أو ثمرة ، أو كسب ، لقوله ـ عليه‌السلام ـ : الخراج بالضمان ، (٣) فإن كانت الفائدة مما حصل قبل القبض ، ردها مع المعيب. (٤)

من اشترى بهيمة حائلا ، فحملت عنده ، ونقصت قيمتها بالولادة ، ثم اطلع على عيب كان بها ، فله الأرش دون الرد ، لتعذر ردها كما أخذ ، وإن كان اشتراها حاملا ، والحال ما سبق ، ردها مع الولد.

__________________

(١) في الأصل : فلا اختيار له.

(٢) في الأصل : حالة البيع.

(٣) عوالي اللئالي : ١ ـ ٢١٩ ؛ ومستدرك الوسائل : ١٣ ، ب ٧ من أبواب الخيار ؛ وسنن ابن ماجة : ٢ ، ب ٤٣ ، كتاب التجارات ، ح ٢٢٤٣ ، ومسند أحمد بن حنبل : ٦ ـ ٤٩ و ٣٣٧ ؛ وسنن النسائي : ٧ ـ ٢٥٤.

(٤) في الأصل : مع المبيع.

٢٢١

إذا اشترى أمة حائلا ، فولدت عنده عبدا مملوكا ، ثم وجد بها عيبا ، ردها دون الولد ، ما لم تنقص قيمتها بالولادة ، فإن نقصت ، فله الأرش دون الرد ، كالبهيمة ، فإن كان وطأها فله أرش ما بين قيمتها صحيحة ومعيبة لا غير ، وكذا في الجارية إذا وطأها ، وإن لم تلد ، بكرا كانت أو ثيبا ، سواء كان العيب قبل البيع ، أو حدث بعده في يد البائع.

لا يصح شراء الجارية ، حتى ينظر إلى (١) شعرها ، لأنه مقصود ، ويختلف الثمن باختلاف لونه ، من السواد والبياض والشقرة والجعودة والسبوطة ، فإن جعد شعرها ثم بان سبوطته (٢) فللمبتاع الرد ، لأنه عيب ، وكذا إذا أبيض وجهها ثم أسمر أو أحمر ثم اصفر. وإن قلنا : لا رد لفقد الدليل على أنه عيب يوجب الرد ، كان قويا.

إذا رضي المشتري بالعيب فلا خيار له ولا أرش.

إذا أجاز المشتري البيع مع أرش العيب لم يجبر البائع (٣) على بذل الأرش.

إذا اشترى اثنان عبدا بعقد واحد ، فليس لهما الرد بالعيب إلا بالاتفاق ، فأما إذا اشترى كل منهما نصفه بعقد على حدة ، فله رد نصيبه.

إذا اشترى جارية بشرط البكارة ، فخرجت ثيبا ، فله الأرش ، لا الخيار.

إذا خرج العبد مخنثا أو خصيا أو سارقا ، فله الخيار [ وإن شرط أن يكون خصيا فخرج فحلا فله الخيار أيضا لأنه بخلاف الشرط ] (٤) وكذا إذا كان (٥) مجنونا أو أبرص أو أجذم ، ويرد من هذه الأحداث الثلاثة إذا ظهرت بعد البيع إلى سنة ،

__________________

(١) في « س » : حتى ينظر شعرها.

(٢) في « س » : سبوطة.

(٣) في الأصل : يجبر البائع.

(٤) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٥) في الأصل : وكذا إن كان.

٢٢٢

و [ أما ] (١) بعدها فلا.

إذا اشترى عبدا بشرط الإسلام فخرج كافرا فله الخيار (٢) وأما بالعكس فلا ، لقوله ـ عليه‌السلام ـ : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. (٣)

إذا اشترى جارية ، لا تحيض (٤) في ستة أشهر ، ومثلها تحيض ، فله الرد.

إذا اشترى شيئا وباعه بعد علمه بالعيب ، فبيعه رضي ، وإن باعه قبل علمه ، فلا رد ، لزوال الملك ، ولا أرش ، لرجاء الرد ، فإن رجع المبيع إليه برد أو بيع أو هبة أو إرث فله الرد أو أرش العيب ، فإن هلك في يد المشتري الثاني ، أو حدث به عيب أو عتق أو وقف ، فللمشتري الأول الأرش ، ليأسه من الرد.

إذا اشترى عبدا فأبق وكان يأبق قبل البيع ، صبر ، فإن رجع ، رده ، وإن هلك في الإباق أخذ الأرش ، فأما في الإباق الحادث عند المشتري ، فلا رد ولا أرش.

إذا اشترى عبدا فوجده مأذونا في التجارة ، وعليه دين ، فلا خيار له. ودين التجارة في ذمة العبد ، وإن كان مأذونا في الاستدانة ، فالدين في ذمة السيد الآذن.

إذا اشترى عبدا فأعتقه أو وقفه أو قتله ، أو هلك ثم علم بعيبه ، فله الأرش ، فإن علم به بعد تدبيره ، أو هبته ، فله الرد أو الأرش لأن الرجوع هنا جائز. (٥)

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منا.

(٢) كذا في الأصل ، ولكن في « س » : فله الرد.

(٣) وسائل الشيعة : ١٧ ، ب ١ من أبواب موانع الإرث ، ح ١١.

أقول : إن للعلامة الفهامة سيدنا آية الله العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي ـ قدس‌سره ـ ، كلاما حول معنى الحديث فأحببت أن أنقله بعين عبارته ، قال ما هذا نصه :

« هذا الخبر يحتمل معان خمسة : أحدها : بيان كون الإسلام أشرف المذاهب ، وهو خلاف الظاهر جدا. الثاني : بيان أنه يعلو من حيث الحجة والبرهان. الثالث : أنه يعلو بمعنى يغلب على سائر الشرائع. الرابع : أنه لا ينسخ. الخامس : ما أراده الفقهاء من إرادة بيان الحكم الشرعي الجعلي بعدم علو غيره عليه ». تعليقة المكاسب : ٣١.

(٤) في « س » : ولا تحيض.

(٥) في الأصل : لأن له الرجوع هنا.

٢٢٣

إذا اشترى طعاما فأكله ، أو ثوبا فقطعه ، أو صبغه ، ثم علم بالعيب ، فله الأرش ، أو يقبل البائع الثوب مع العيبين ، أو يضمن قيمة الصبغ.

إذا حدث بالمبيع (١) عيب عند المشتري ، زائدا على ما كان عند البائع ، فله الأرش دون الرد.

وكيفية الأرش أن يقوم المبيع صحيحا ومعيبا ، فينظر ما نقص من القيمة ، ينقص بقدره من الثمن ، ويعتبر التقويم في أقل الحالين قيمة من وقتي العقد والقبض.

يسقط الرد بالرضاء بالعيب أو بترك الرد بعد العلم بالعيب ، أو بحدوث عيب آخر عند المشتري ، أو تصرف منه زاد به ثمنه ، أو نقص ، إلا أن يكون العيب من حبل في أمة وقد تصرف فيها بالوطء ، فعليه ردها مع نصف عشر قيمتها ، للوطء [ إن كانت ثيبا فإن كانت بكرا فعليه عشر قيمتها للوطء ]. (٢)

إذا اشترى عبدين أو ثوبين أو درهمين أو زوجي خف أو مصراعي باب ونحو ذلك ، فوجد بأحدهما عيبا ، فله رد الجميع ، أو أرش المعيب ، وليس له رد المعيب دون الصحيح ، وكذا إذا مات أحد العبدين ، لتعذر رد الجميع.

إذا اشترى ما يكون مأكوله في جوفه بعد كسره (٣) ، كالجوز والبطيخ والرمان ونحوها ، فكسره ، فوجده فاسدا ، فله الأرش دون الرد إلا أن يكون مما لا قيمة لفاسده ، كبيض الدجاج ، فيبطل بيعه.

يصح العقد مع البراءة من العيوب ، وتصح هي ، سواء كان العيب معلوما أو مجهولا ، ظاهرا أو باطنا ، حيوانا أو غيره ، فإن لم يبرأ من العيب ، ثم ظهر عيب

__________________

(١) في « س » : « إذا حدث بالمعيب ».

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) في الأصل : وبعد كسره.

٢٢٤

يوجب الرد ، فله الرد ، سواء كان ذلك في المبيع قبل البيع ، أو بعده قبل القبض ، فإن قبض المشتري بعض المبيع دون بعض وحدث العيب بما لم يقبض ، فكما سبق(١).

إذا جنى العبد جناية فباعه مولاه بغير إذن المجني عليه ، فلا يصح بيعه ، ويسترد إن كانت الجناية مما يوجب القصاص ، وإن كانت مما يوجب الأرش ، صح بيعه إذا التزم مولاه الأرش.

إذا اشترى جارية حاملا ولم يعلم بحملها ، فماتت من الطلق (٢) في يده ، فله الأرش.

إذا كان العبد مستحقا للقتل أو القطع في يد البائع ، فقتل ، أو قطع في يد المشتري ، ولم يعلم به حال الشرى ، يرجع على البائع في القتل ، بقيمة العبد ، وفي القطع ، مخير بين الفسخ والإمضاء ، وإن علم قبل الشرى فلا شي‌ء.

إذا اشترى زيتا أو بذرا (٣) ، فوجد فيه درديا (٤) ولم يعلم به حال الابتياع ، فله الرد ، وإن علم فلا.

إذا اختلف أهل الخبرة (٥) في القيمة ، عمل على أوسط ما ذكروه من القيم. (٦)

__________________

(١) في « س » : بما لم قبض فكما سبق.

(٢) طلقت المرأة ـ بالبناء للمفعول ـ طلقا فهي مطلوقة : إذا أخذها المخاض وهو وجع الولادة. المصباح المنير.

(٣) البذر ـ بفتح الباء وكسرها ـ مفسر بدهن الكتان وأصله محذوف المضاف أي دهن البذر. والبذر بالفتح فالسكون : ما يبذر ويزرع من الحبوب كلها وقال بعضهم : البذر في الحبوب كالحنطة ، والبزر ـ بالزاء المعجمة ـ للرياحين والبقول. مجمع البحرين.

(٤) الدردي من الزيت وغيره : ما يبقى في أسفله. مجمع البحرين. وفي « س » : « فوجد فيه رديئا » قال الشيخ في النهاية : ٣٩٥ : « من اشترى زيتا أو بزرا ، ووجد فيه درديا ، فإن كان يعلم أن ذلك يكون فيه ، لم يكن له رده ، وإن لم يعلم ذلك كان له رده ».

(٥) في الأصل : وإن اختلف أهل الخبرة.

(٦) كذا في الأصل ولكن في « س » : من القيمة.

٢٢٥

الفصل الحادي عشر : في ابتياع الحيوان

لا يصح أن يملك الإنسان أحد أبويه أو جديه وإن عليا ، ولا أولاده وإن نزلوا ، ولا إحدى المحرمات عليه ، كالأخت وبناتها وبنات الأخ وإن نزلن والعمة والخالة ، ويصح [ عليه ] (١) فيما عدا هؤلاء ، ومتى حصل أحدهم في ملكه ، انعتق في الحال.

ومن يحرم تملكه من جهة النسب ، يحرم تملك مثله من جهة الرضاع.

ومن ملك ذا رحم ندب إلى إعتاقه في الحال ، ولا يصح أن يملك أحد الزوجين الآخر ، فإن ملك بطل العقد بينهما في الحال ، ولا يملك الكافر المسلم ولا يعتق بإعتاقه. وإذا اشترى الكافر أباه المسلم لم يعتق عليه ، لأن الكافر لا يملك المسلم.

الفصل الثاني عشر

من باع عبدا له مال فالمال لمولاه إلا أن يشترط أنه للمشتري ، وروي أن البائع إذا علم أن له مالا حال البيع فالمال للمشتري وإن لم يعلم فله. (٢) ويجوز أن يشتري عبدا آبقا مع شي‌ء آخر ، وأما منفردا فلا.

ومن اشترى جارية فهلكت ، أو عابت في [ يده ] (٣) مدة الاستبراء ، فإن كان المشتري (٤) سلمها إلى العدل بعد القبض ، فمن ماله ، ولا خيار له إن هلكت ، وإن كان البائع سلمها إلى العدل قبل القبض ، بطل البيع ، وإن عابت فالمشتري

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

(٢) وسائل الشيعة : ١٣ ، ب ٧ من أبواب بيع الحيوان ، ح ٢.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) في « س » : وكان المشتري.

٢٢٦

بالخيار.

ومن اشترى رقبة من سوق المسلمين فادعى الحرية لم يقبل إلا ببينة.

ولا يجوز التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم. إذا ملكوا حتى يستغنوا عنهن ، ولا بأس ببيع أمهات الأولاد بعد موتهم ، فأما مع وجود الولد فلا ، إلا إذا كان ثمن رقبتهن دينا على مولاها ، ولا يقدر على قضائه إلا ببيعها.

المملوكان إذا كانا مأذونين في التجارة ، فاشترى كل منهما صاحبه من مولاه فالبيع للسابق منهما ، والآخر مملوك فإن اتفق العقدان في حال واحدة أقرع بينهما ، وروي : بطلان العقدين ، (١) والأول أحوط.

من أتت جاريته بولد من الزنا ، جاز له بيعهما معا. ويجوز ابتياع أبعاض الحيوان ، ولا يجوز أن يشترى شيئا من الحيوان من جملة قطيع ، على أن ينتقي خيارها (٢) لأن ذلك مجهول ، لكن يميز ويعين ما يشتري بالصفة. (٣)

إذا اشترك اثنان في شراء حيوان ، وقال أحدهما : إن الرأس والجلد لي بمالي من الثمن ، بطل ، بل يقتسمان على أصل المال بالسوية.

إذا باع حيوانا واستثنى الرأس والجلد كان شريكا للمبتاع فيه بما استثناه.

الفصل الثالث عشر : في البيع بالنقد والنسيئة والوفاء

من باع شيئا ولم يذكر لا نقدا ولا نسيئة ، كان الثمن عاجلا ، فإن ذكر أحدهما كان على ما ذكر ، ولو ذكر أجلا مجهولا غير معين ، كقدوم الحاج وإدراك الغلات ، وهبوب الرياح ، أو باع نسيئة ولم يذكر الأجل ، بطل البيع ، وإذا قال : ثمن هذا

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٣ ، ب ١٨ من أبواب بيع الحيوان.

(٢) في « س » : « يبقى خيارها » والصحيح ما في المتن. والانتقاء : الاختيار. مجمع البحرين.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : تميز وتعين.

٢٢٧

المتاع مثلا عشرون إلى سنة ، وأربعون إلى سنتين ، ثم أمضى البيع كان له أقل الثمنين وأبعد الأجلين.

إذا باع شيئا إلى أجل فحل الأجل ، وليس ثمنه عند المشتري ، فأخذ منه المبيع ، بأنقص مما باعه ، لم يصح ، ولزمه الثمن ، وإن أخذه بما باعه سواء ، جاز ، وكذا إن أخذ منه متاعا يستوي (١) ماله عنده.

إذا أحضر المبتاع الثمن قبل حلول الأجل ، فالبايع مخير في قبضه ، وكذا في المثمن.

لا يجوز تأخير الثمن عن وقت وجوبه بزيادة فيه ، ولا بأس بتعجيله بنقصان منه ، ولا بأس أن يشتري حالا ما ليس بحاضر في الحال ، إذا أمكن وجوده ، كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والثياب ، وأما فيما لا يملك وجوده في الحال ، كالبطيخ والقثاء في أوان الشتاء فلا يجوز. وكذا لا يجوز بيع ما لا يملك بعد لا حالا ولا نسيئة ليشتريها ويسلمها إلى المشتري.

إذا اشترى من غيره متاعا أو حيوانا أو غير ذلك نقدا أو نسيئة ، ويشترط أن يسلفه منه البائع (٢) في مبيع ، أو يستسلف (٣) منه في شي‌ء ، أو يقرضه شيئا معلوما إلى أجل ، أو يستقرض منه ، صح البيع ووجب الوفاء بالشرط ، وكذا إن اشترى أرضا أو حيوانا أو غيرهما ، وشرط البائع أن يرد عليه ، بما اشتراه به من الثمن ، في وقت معلوم ، صح البيع ، ولزمه الرد في الوقت ، (٤) فإن مضى الوقت ولم يجي‌ء البائع ، كان المشتري مخيرا بين بيعه منه ، وإمساكه ، وإن هلك في مدة الأجل ، كان

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : « متعا يسوى » وهو تصحيف.

(٢) في الأصل : أن يسلفه البائع.

(٣) في « س » : « أو يستلف » والظاهر أنه تصحيف.

(٤) في « س » : لزم الرد في الوقت.

٢٢٨

من مال المشتري ، والمنافع له أيضا فيها.

من اشترى شيئا بحكم نفسه (١) ولم يذكر الثمن بعينه ، بطل البيع وإن هلك كان عليه قيمته يوم اشتراه ، إلا أن يحكم على نفسه بأكثر من ذلك ، فيلزمه ما حكم دون القيمة ، وإن كان المبيع قائماً بعينه ، فللبائع انتزاعه من يده ، وإن أحدث فيه ما نقص قيمته ، أخذ أرشه ، وإن زاد الحدث في قيمته ، رد عليه قيمة الزيادة ، وإن اشتراه بحكم البائع في ثمنه ، فحكم بأكثر من قيمته ، لم يكن له أكثر من القيمة حال البيع ، إلا أن يتبرع المشتري بأكثر منه (٢) وإن حكم بأقل مضى.

وإذا باع ملك غيره والمالك حاضر ، فسكت ولم يطالب به ، ولا أنكر ذلك ، لم يدل ذلك على إجازته البيع ، ولا على فقد تملكه ، وكان له المطالبة متى شاء.

من قال لغيره (٣) : اشتر لي هذا المتاع ، وأزيدك شيئا ، ففعل ، لم يلزم الآمر أخذه ، ويكون مخيرا في اشترائه. ولا بأس أن يبيع متاعا بأكثر مما يسوى في الحال نسيئة إذا كان المشتري من أهل المعرفة ، وإن لم يكن كذلك ، كان البيع مردودا.

إذا قال الواسطة للتاجر : خبرني بثمن هذا المتاع ، واربح علي فيه كذا ، ففعل غير أنه لم يواجبه البيع ، ولا ضمن هو الثمن ، ثم باع الواسطة بزيادة على ذلك كان ذلك للتاجر ، وله أجرة المثل لا أكثر ، فإن كان قد ضمن الثمن ، فله الربح الزائد ، وللتاجر ما قرر (٤) معه من رأس المال لا غير.

ولا يجوز بيع المتاع في أعدال محزومة وجرب مشدودة ، (٥) إلا أن يكون لهما

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : من اشترى عدة أشياء بحكم نفسه.

(٢) في الأصل : إلا أن يتبرع المشتري بالتزامه.

(٣) في « س » : للغير.

(٤) في « س » : ما قدر.

(٥) العدل : اسم حمل معدول بحمل أي مسوى به والجمع أعدال وعدول. والحزم : حزمك الحطب حزمة ، وحزم الشي‌ء يحزمه حزما : شده. والجراب : الوعاء. لسان العرب.

٢٢٩

بارنامج ،(١) يوقف منه على صفة المتاع في ألوانه وأقداره ، فحينئذ يجوز بيعه ، فإن وجد بخلاف ما وصف ، بطل البيع.

الفصل الرابع عشر

يجوز بيع المرابحة إذا ذكر ما وزن من النقد ، وكيفية الصرف يوم وزن المال ، ومقدار ما يربح ، فإن كان رأس المال أو الربح مجهولا ، بطل البيع ، كأن يقول : بعتك بربح عشرة ، ولم يذكر رأس المال ، أو يقول : رأس المال كذا ، والربح ما نتفق عليه. (٢)

ويكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال ، كأن يقول : بعتك بربح عشرة واحدا أو بربح « ده يازده أو ده دوازده ».

إذا اشترى متاعا بمائة ، ثم عمل فيه هو أو أحد من قبله ما أجرته عشرة ، لم يصح أن يقول : اشتريته بمائة وعشرة أو رأس مالي فيه ، مائة وعشرة ، أو هو علي بمائة وعشرة ، لأن عمله على ماله لا يقابله ربح ، بل يقول : هو علي بمائة وعملت فيه ما قيمته عشرة ، وبعتكه بمائة وعشرة وربح درهم على كل عشرة ، ليصح على كراهة. (٣)

وإن لم يعمل هو ولا غيره فيه ، فيقول مثلا : اشتريته بمائة وأبيعكه بمائة وعشرة صح.

إذا اشترى ثوبا بخمسين ، فباعه من غلامه الحر ، بمائة بشرط ألا يبيعه إلا

__________________

(١) قال الحلي في السرائر : « البارنامج » كلمة فارسية معناها : أن الفرس تسمي المحمول « بار » قل أم كثر ، و « النامج » بالفارسية « نامه » وتفسيره الكتاب لمعرفة ما في المحمول من العدد والوزن. لاحظ السرائر المطبوع في ضمن الموسوعة « سلسلة الينابيع الفقهية » : ١٤ ـ ٣٢٩.

(٢) في الأصل : والربح ما يتفق عليه.

(٣) في « س » : على كراهية.

٢٣٠

منه ، ثم اشتراه بمائة وباعه من غيره مرابحة ، وأخبر بالثمن الثاني ، بطل ، لأنه خيانة ، وللمشتري الخيار إذا علم به.

وما يحطه عن الثمن في مدة الخيار ، يلحق العقد ، ويجب أن يحط عنه عند عقد المرابحة ، وإن كان الحط بعد لزوم العقد ، كان ذلك هبة للمشتري ، والثمن ما عقد عليه ، ولم يجب حطه عند عقد المرابحة.

إذا اشترى سلعتين صفقة واحدة ، لم يجز أن يبيع إحداهما مرابحة بتقويمه على نفسه (١) إلا أن يبين ذلك ، وكذا الحكم في بعض السلعة.

إذا اشترى ثيابا فلا يجوز له أن يبيع خيارها (٢) مرابحة ، لأن ذلك مجهول.

إذا اشترى سلعة إلى أجل ثم باعها مرابحة في الحال ثم علم المشتري به ، كان مخيرا بين أخذه بالثمن حالا ، وبين رده بالعيب ، لأنه تدليس.

إذا قال : بعتكه بمائة ووضيعة (٣) درهم من كل عشرة ، صح ، وكان الثمن تسعين.

إذا قال : اشتريته بمائة وبعتك بربح درهم على كل عشرة لا بل اشتريته بتسعين ، صح البيع ، ولزمه من الثمن تسعة وتسعون ، وإن قال : لإبل اشتريته بأكثر من مائة ، لم يقبل ، وإن أقام البينة ، لأنه كذبها بالقول الأول ، وكان البيع الأول صحيحا.

إذا اشترى جارية فولدت أو ماشية فنتجت أو شجرة فأثمرت ، وأراد بيعها مرابحة ، فعليه أن يخبر بما اشتراها ، ولا يطرح قيمة الفائدة ، لأنها تجددت في ملكه ،

__________________

(١) في الأصل : بتقويمه مع نفسه.

(٢) في الأصل : أن يبيعه خيارها.

(٣) كذا في « س » ولكن في الأصل : « بمائة وضعة ».

٢٣١

فإن اشترى شجرة مثمرة ، فأكل الثمرة ، ثم أراد بيع الشجرة مرابحة ، وجب أن يضع حصة الثمرة من الثمن ، ويخبر عن حصة الشجرة من الثمن الباقي ، لأنها أثمرت قبل أن يشتريها. (١)

إذا اشترى عبدا فجنى جناية يتعلق أرشها (٢) برقبته ، ففداه سيده وأراد بيعه مرابحة لم يجز أن يضم الفدية إلى ثمنه ، لأن إنما (٣) فداه لاستنقاذ ملكه ، (٤) فإن جني على العبد فأخذ السيد أرشه ثم أراد بيعه مرابحة لم يلزمه حط ذلك من ثمنه إلا أن تكون الجناية نقصت من ثمنه ، فحينئذ يلزمه أن يخبر بحاله.

الفصل الخامس عشر : في تفريق الصفقة واختلاف المتبايعين

إذا باع شيئين صفقة واحدة ينفذ في أحدهما البيع دون الآخر ، صح فيما ينفذ وبطل فيما لا ينفذ ، سواء كان أحدهما مالا والآخر غير مال ، ولا في حكم المال ، كأن باع خلا وخمرا أو حرا وعبدا أو شاة وخنزيرا ، أو كان أحدهما ماله والآخر مال غيره ، أو شيئا لا يجوز بيعه ، كوقف أو أم ولد مع بقاء ولدها ، ويقسط الثمن (٥) على أجزائهما.

إذا أمسك المشتري ما نفذ فيه البيع ، يأخذه بحصته من الثمن ، وإن شاء رده ، وإن أخذه بجميع الثمن ، فلا خيار للبائع.

إذا باع ثمرة فيها الزكاة ، بطل البيع في قدر الزكاة ، دون ما عداه.

إذا باع عبدين فمات أحدهما قبل القبض ، بطل البيع في الميت لا غير ،

__________________

(١) في الأصل : قبل أن اشتراها.

(٢) في « س » : تعلق أرشها.

(٣) في الأصل : وإنما فداه.

(٤) في الأصل : لاستبقاء ملكه.

(٥) في الأصل : ويسقط الثمن.

٢٣٢

وللمشتري الخيار بين الإمساك بالحصة أو الرد ،(١) ولا خيار للبائع إذا أمسكه المشتري بكل الثمن.

إذا باع شيئا من غيره بثمن في الذمة ، وقال كل واحد منهما : لا أسلم حتى تسلم ، يجبر الحاكم البائع أولا على تسليم المبيع ، ثم المشتري على تسليم الثمن ، لأن الثمن تابع للمبيع.

إذا باع عبدا بيعا فاسدا وأقبضه ، لم يملكه المبتاع بالقبض ، ولم ينفذ عتقه ولا بيعه ولا هبته ولا وقفه ويجب رده ورد ما كان من نمائه المنفصل منه ، وإن كان ناقصا كان عليه أرش ما نقص ، وإن تلف في يده كان عليه أكثر ما كانت قيمته من وقت القبض إلى وقت التلف. وإن كان المبيع جارية فوطأها فلا حد ، لأنه اعتقد أنه ملكها ، ويجب عليه المهر ، إن كانت بكرا فعشر قيمتها ، وإن كانت ثيبا فنصف العشر ، فإن كان أحبلها ، كان الولد حرا للشبهة ، ولا ولاء لأحد عليه ، ويجب على الواطئ قيمته يوم سقط حيا ، وإن سقط ميتا فلا شي‌ء عليه.

وإن ماتت الجارية من الولادة (٢) لزمته قيمتها ، وإن سلمت وجب ردها وما ينقص من قيمتها بالولادة ، وإن ردها حاملا ، وولدت في يد البائع ، لزمه ما ينقص من قيمتها بالولادة ، وإن ماتت لزمته قيمتها ، لأنها تلفت بسبب من جهته ، وإن ملكها بعد كانت أم ولده.

إذا اشترى عبدا بشرط أن يعتقه ، صح البيع والشرط ، ويجب الوفاء ، فإن لم يف فالبايع بالخيار.

إذا باع شيئا بثمن مؤجل ، وشرط أن يرهن عبدا بعينه ، فامتنع المشتري من ذلك ، فالبايع مخير بين فسخ البيع وإجازته من غير رهن.

__________________

(١) في « س » : بالحصة والرد.

(٢) في « س » : في الولادة.

٢٣٣

إذا باع دارا وشرط سكناها لنفسه مدة معلومة ، أو باع دابة وشرط ركوبها مدة معلومة ، أو مسافة معلومة ، صح.

إذا تلف المبيع أو الثمن المعين قبل القبض ، بطل البيع.

إذا اشترى جارية بشرط ألا خسارة عليه (١) أو بشرط ألا يبيعها ، أو لا يعتقها (٢) أو لا يطأها ، صح البيع ، وبطل الشرط.

كل شرط (٣) يوافق مقتضى العقد ، أو يتعلق به مصلحة العقد للمتعاقدين ، كالأجل والخيار والرهن والضمان والشهادة ، أو لا يتعلق به مصلحة العقد ، لكنه بني على التغليب والسراية ، كشرط العتق ، فإنه جائز ، وما لا يتعلق به مصلحة العقد ولم يبن على التغليب والسراية ، فهو باطل ، إلا أنه لا يفسد العقد ، إذ لا دليل عليه.

إذا اختلفا في الثمن ، فالقول قول البائع مع يمينه ، إذا بقيت السلعة ، وإن تلفت ، فقول المشتري مع اليمين ، وإن اختلفا في قدر الثمن ، فالقول قول البائع (٤) مع يمينه ، وكذا إذا اختلفا في أصل الأجل أو قدره.

إذا قال : بعتك بخمر ، وقال المشتري (٥) : بل بعتني بذهب ، فالقول قول من ينفي ما يفسد البيع ، وكذا إذا قال البائع : تفرقنا عن فسخ ، وقال المشتري : بل عن تراض ، فالقول قول من يدعي الإبرام.

إذا قال : بعتك هذا العبد بألف ، وقال ، المشتري : بل بعتني هذه الجارية

__________________

(١) في الأصل : بشرط الأخيار عليه.

(٢) في الأصل : ولا يبيعها.

(٣) في « س » : كل شي‌ء.

(٤) في الأصل : « فالقول البائع » والصحيح ما في المتن.

(٥) في « س » : فقال المشتري.

٢٣٤

بألف ، ولا بينة فالقول قول البائع ، مع يمينه أنه ما باع الجارية ، وقيل : قول المشتري ، مع يمينه أنه ما اشترى العبد. (١)

الفصل السادس عشر : فيما يوزن أو يمسح

إذا قال : بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم أو نصفها أو ربعها ، لم يصح البيع ، لأنه جزاف.

يجوز أن يستثني مدا أو قفيزا من الصبرة إذا كانت معلومة المقدار ، ويجوز بيع صبرة معلومة المقدار بمثلها ، والثمن في الظرف مفتوح الرأس ينظر إليه المتبايعان يجوز بيعه ، والنظر إليه كالنظر إلى ظاهر الصبرة ، لتساوي أجزائه.

إذا باع ولم يذكر نقدا معينا ، فله ما يجوز بين الناس في البلد من النقد ، فإن اختلف النقد بطل البيع.

ما تختلف (٢) قيمة أجزائه ، كالأرض والدار والثوب ، لا ينقسم الثمن على أجزائه.

إذا قال : بعتك نصيبا من هذه الدار ، أو نصيبين منها بكذا ، لم يجز ، لأنه مجهول.

إذا قال : بعتك هذه الأرض على أنها كذا ذراعا ، فنقصت ، فالمشتري مخير بين فسخ البيع وإجازته بجميع الثمن ، وإن زادت فللبائع ذلك الخيار بعينه ، وكذا في الثوب المنشور.

__________________

(١) لاحظ الخلاف ، كتاب البيوع ، المسألة ٢٤٠. وقال في المبسوط : ٢ ـ ١٤٧ : ومتى قال البائع : بعتك هذا العبد بألف فأنكر المشتري وقال : بل بعتني هذه الجارية بألف ، فهاهنا دعويان في عينين : إحداهما دعوى البائع أنه باعه العبد فعليه البينة أو على المنكر اليمين ، والأخرى دعوى المشتري أن البائع باعه الجارية فعليه البينة أو على البائع اليمين.

(٢) في « س » : ما اختلف.

٢٣٥

الفصل السابع عشر

السلم والسلف (١) : أن يسلف عوضا حاضرا أو في حكم الحاضر ، بعوض موصوف في الذمة إلى أجل معلوم. ولا بد أن يذكر النوع وصفاته ومقداره وأجله وموضع (٢) تسليمه إذا كان لحمله مؤنة ، وأن يكون مأمون الانقطاع في محله ، عام الوجود ، وأن يكون الثمن مشاهدا ، أو وصفه مع مشاهدته ، وأن يقبض الثمن في مجلس العقد. فإن اختل شي‌ء من هذه الشروط الثمانية بطل السلم ووجب على المسلف إليه رد ما قبضه من الثمن إن بقي ، أو مثله إن تلف ، وإن اختلفا في المقدار فالقول قول المسلم إليه مع يمينه (٣) لأنه الغارم.

وإذا كان الثمن جوهرا أو لؤلؤة مشاهدة ، لم يلزم ذكر الوصف ، لأنه ليس مما يكال أو يوزن أو يذرع.

من أسلم في الرطب مثلا في أوانه إلى أجل ، فلم يتمكن من مطالبة المسلم إليه به ، لغيبة أحدهما ، فإذا تحاضرا ، انقطع الرطب وفقد ، فالمسلف بالخيار بين فسخه وتأخيره إلى قابل.

كل حيوان يجوز بيعه ، يجوز السلم فيه ، إذا ذكر الجنس والأسنان والأوصاف بالشرائط المذكورة ، ما لم ينسب إلى قطيع بعينه ، وكذا يجوز في الأثمان إذا كان ثمنها من غير جنسها ، وكذا في الغلات ما لم تكن منسوبة إلى أراض معينة ، أو قرى

__________________

(١) السلم والسلف : هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال عكس النسيئة ، ويقال للمشتري : « المسلم » بكسر اللام ، وللثمن « المسلم » بفتحها ، وللبائع : « المسلم إليه » وللمبيع : « المسلم فيه ». ومن خواصه أن كل واحد من البائع والمشتري صالح لأن يصدر منه الإيجاب والقبول من الآخر. لاحظ وسيلة النجاة : ١ ـ ٤٢٢ ، تأليف الفقيه السيد أبو الحسن الأصفهاني ـ قدس‌سره.

(٢) في « س » : « وموضوع » وهو تصحيف والصحيح ما في المتن.

(٣) في « س » : مع اليمين.

٢٣٦

مخصوصة ، والفواكه إلى أشجار مسماة ، والأدهان إلى بزور معينة ، والثياب إلى نساجة أشخاص مذكورة ، أو غزل شخص معين ، والشحوم والسمون والألبان إلى نعاج معروفة ، وكذا الأصواف والأوبار والأواني والأمتعة إلى صنعة صانع معين ، والآجر(١) إلى ضرب المسلم إليه أو أحد سواه معين فمهما ذكر ذلك في حال العقد لم ينعقد وكان المبيع غير مضمون.

وينبغي أن يذكر في الثياب طولها وعرضها وغلظها ودقتها وجنسها ، ولا يجوز السلم فيما لا يتحدد بحد ولا يتصف بصفة (٢) يتميز بهما ؛ كروايا الماء واللحم والخبز.

ولا يجوز أن يسلم الجنس الواحد مما يدخله الربا بعضه ببعض وزنا إذا كان أصله الكيل ، ولا كيلا إذا كان أصله الوزن ، لئلا يتفاضل لثقل أحدهما وخفة الآخر.

ولا يجوز أن يسلم السمسم بالشيرج ولا الكتان بالبزر ، بل بثمن كلا منهما على حياله.

ولا بأس بالسلف في جنسين مختلفين ، أو جنس واحد إلى أجلين أو أكثر.

والمختلط من الطيب كالغالية (٣) والند (٤) والعود والمطر (٥) لا يجوز السلم

__________________

(١) الآجر ـ بالمد والتشديد أشهر من التخفيف ـ : اللبن إذا طبخ ، والواحدة الأجرة ، وهو معرب. مجمع البحرين.

(٢) في « س » : « لا يحدده بحد ولا يتصفه بصفة ».

(٣) الغالية : ضرب من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان وعود. مجمع البحرين.

(٤) الند والند : ضرب من الطيب يدخن به. لسان العرب.

(٥) قال في المبسوط : ٢ ـ ١٨٥ : وأما العطر فعلى ضربين : ضرب هو صنف مفرد وضرب هو أخلاط مجتمعة. والضرب المختلط فمثل الغالية والند والعود والمطر ..

٢٣٧

فيه ، لأن كل نوع منه مقصود ولا يعرف(١) قدره ، فيكون سلما في مجهول ، وكذا لا يجوز السلم في متاع الصيادلة ، (٢) إذا كان مختلطا ، كالمعجونات ، أو كان جنسا مجهولا عند عدول المسلمين ، وإن كان معروفا عند الأطباء من غيرهم.

ولا يجوز بيع الترياق والسلف فيه ، لأنه يعمل من لحوم الأفاعي ، وهي نجسة إذا قتلت ، وكذا سموم الحيات كلها.

والسم النباتي ، ما كان قليله وكثيره قاتلا ، لم يجز بيعه ، وما كان قليله نافعا وكثيره قاتلا ، كالسقمونياء ، يجوز بيع قليله وكثيره والسلف فيه ، ولا يجوز السلم في اللبن المشوب بالماء ، لأن الماء قد أفسده ، وكذا المخيض ، لما فيه من الماء ، ولا في القز الذي فيه دود ، لأن الدود ليس بمقصود ، ولا في النبل ، لأن فيه الخشب والريش والحديد والغراء والقشر ، فلا يضبط بالصفة ، ولا في الجواهر التي يتحلى بها ، من لؤلؤ وياقوت وزبرجد وعقيق وفيروزج وغيرها ، لأنها لا تنضبط بالصفة ، وتتباين تباينا عظيما ، ولا في نبات الأرض كالقثاء والبطيخ والفجل (٣) والبقول والفواكه عددا ، لتفاوتها إلا وزنا معلوما ، ولا في قصب السكر إلا وزنا بعد ما انقطع (٤) أعلاه وأسفله ، وما لا حلاوة له ، ويطرح ما عليه من القشور ، وكذا القصب والقصيل.

وكل ما أنبتته الأرض لا يسلم فيه إلا وزنا ، ويجوز في التين كيلا ووزنا من جنس معين ، وفي اللوز والفستق والفندق لا يجوز [ فيه ] (٥) إلا كيلا أو وزنا ، ويجوز في البيض والجوز وزنا ، ولا يجوز في الرؤوس وجلود الغنم ، لتفاوتها ، وتعذر ضبطها

__________________

(١) في الأصل : مقصود لا يعرف.

(٢) الصيادلة جمع الصيدلاني وهو بائع الأدوية. المصباح المنير.

(٣) الفجل ـ وزان قفل ـ : بقلة معروفة. المصباح المنير.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : بعد أن قطع.

(٥) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٢٣٨

بالصفة ، ولا فيما يتخذ منها من الخفاف والنعال وغيرهما ، وروي جوازه في الجلود إذا شوهد الغنم(١) والأول أحوط ، ويجوز في القرطاس إذا ضبط بصفته بالطول والعرض والرقة واللون والوزن كالثياب ، ولا يجوز في العقار ، لأنه يختلف باختلاف الأماكن وإن عين الموضع لم يصح ، لأن بيع العين بصفة مضمونة لا يصح.

ولا يجوز عقد السلم بالسلم ، لوجوب قبض الثمن قبل التفرق ، حتى يصح السلم.

إذا أسلم مائة درهم في كر من طعام ، وشرط خمسين نقدا وخمسين دينا له في ذمته ، صح في النقد بالحصة ، دون الدين.

تصح الإقالة في جميع المسلم فيه وفي بعضه ، وكذا في سائر البيوع ، والإقالة فسخ وليست ببيع ، ولذلك لا يثبت حق الشفعة عندها. (٢)

إذا أقاله بأكثر من الثمن ، أو أقل ، أو بجنس غيره في أنواع البيوع ، فسدت الإقالة ، والمبيع على ملك المشتري ، وإذا حصلت الإقالة ، جاز أن يأخذ بدل ما أعطاه من غير جنسه.

إذا أسلف في شي‌ء لم يجز أن يشرك فيه غيره ولا أن يوليه (٣) قبل القبض ، ويجوز ان بعده ، وروي : جواز الشركة في بيوع الأعيان قبل القبض. (٤)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٣ ، ب ٥ من أبواب السلف ، ح ٤.

(٢) في « س » : « عندنا » قال الشيخ في الخلاف ـ كتاب السلم ، المسألة ١٣ ـ : الإقالة فسخ في حق المتبايعين. وقال مالك : الإقالة بيع. وفائدته في وجوب الشفعة بالإقالة فعند أبي حنيفة يجب الشفعة بالإقالة وعندنا وعند الشافعي لا تجب.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : ولا توليته.

(٤) قال في المبسوط : ٢ ـ ١٨٧ : إذا سلف في شي‌ء فلا يجوز أن يشرك فيه غيره ولا أن يوليه. قبل القبض. وقد روى أصحابنا جواز بيعه والشركة فيه قبل القبض.

٢٣٩

إذا أتى المسلم إليه بالمسلم فيه قبل محله ، لم يلزم المسلم قبوله ، وإذا قال المسلم إليه : زدني شيئا وأقدم لك المسلم فيه قبل أجله ، لم يجز. وإذا لم يكن عنده ما باعه ، جاز للمسلم أن يأخذ رأس ماله بلا زيادة.

إذا أخذ قيمة المسلم فيه عند محل الأجل ، جاز ما لم يزد ثمنه على ما أعطاه ، فإن زاد وقد باعه بمثل ما اشتراه من الجنس ، لم يجز بيعه. فإن اختلف الجنسان جاز.

إذا كان له عليه طعام كيلا ، لم يجز أن يأخذه وزنا ، وكذا بالعكس.

إذا شرط مكان التسليم حال البيع ، فبذله في غير موضعه ، لم يجبر على قبوله ، وإن بذل أجرة المثل بحمله. (١)

إذا وجد المسلم بالمسلم فيه عيبا ، فله الرد بالعيب والمطالبة بما في ذمة المسلم إليه (٢) فإن حدث عنده عيب آخر فيه ، فله الأرش دون الرد.

لا يجوز بيع مؤجل لم يحل ، فإن حل جاز أن يبيعه من الذي عليه ، أو من غيره ، وإن باعه من غيره ، وأحال عليه بالمتاع جاز وإن لم يقبض هو المتاع. ويكره ذلك فيما يكال أو يوزن. (٣) فإن وكل المبتاع منه بقبضه جاز. ويجوز أن يبتاع ما أكتاله غيره ويصدقه إلا أنه لا يبيعه إلا بعد الكيل. (٤)

الفصل الثامن عشر : فيما يجوز بيعه وما لا يجوز ووجوه المكاسب

ما يكال أو يوزن (٥) أو يعد ، يبطل بيعه جزافا ، فإن تعذر الوزن أو العد ، يوزن

__________________

(١) في « س » : لحمله.

(٢) في الأصل : والمطالبة بما فيه ذمة المسلم إليه.

(٣) في الأصل : فيما يكال ويوزن.

(٤) وقد وقع الاختلاف في « س » في المقام فقدم المؤخر وأخر المقدم.

(٥) في الأصل : ما يكال ويوزن.

٢٤٠