اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

وما يكره للصائم فعله اثنا عشر شيئا : السعوط الذي لم ينزل إلى الحلق سواء بلغ الدماغ أو لا ، والكحل الذي فيه شي‌ء من المسك والصبر (١) ، وإخراج الدم على وجه يضعفه ، ودخول الحمام المؤدي إلى الضعف ، وشم الرياحين كلها ، وأشدها كراهة (٢) النرجس ، واستدخال الأشياف الجامدة (٣) ، وتقطير الدهن في الأذن ، وبل الثوب على الجسد ، واستنقاع المرأة في الماء إلى الحلق ، والقبلة ، وملاعبة النساء المحللات ، ومباشرتهن ما لم يؤد شي‌ء من ذلك إلى الإمناء ، ولا بأس أن يزق الصائم الطائر أو يمضغ الطعام للصبي أو يذوق المرقة إذا لم يبلع شيئا.

الفصل السادس

من نذر أن يصوم شهرا بعينه لزمه الوفاء سواء كان تاما أو ناقصا ، وإن علقه بوقت قدوم زيد مثلا فوافق بعض الشهر لزمه أن يصوم ثلاثين يوما ، وإن أطلق النذر ولم يعينه كان مخيرا بين أن يصوم شهرا بين هلالين أو ثلاثين يوما ، وكذا إذا نذر أن يصوم شهرين أو أكثر ، وإن نذر أن يصومه مسافرا كان أو حاضرا لزمه صومه ، وإن كان مسافرا فوافق ما نذر صومه (٤) معينا يوم العيد أفطر وقضى ، وإن علق صومه بيوم العيدين (٥) أفطر ولا قضاء لأنه نذر في معصية ، وإن نذر أن يصوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا أو نهارا بعد أن أفطر فلا شي‌ء عليه ، وإن قدم قبل الزوال لم يفطر جدد النية وصام ، وإن نذر صوما وعلقه بشرط فلم يعين مقدار الصوم صام أقل ما يكون به صائما إذا حصل الشرط وهو يوم واحد ، والزمان خمسة أشهر ، والحين ستة أشهر. ومن نذر أن يصوم ببلد بعينه شهرا وجب عليه أن يحضره

__________________

(١) الصبر ـ بكسر الباء ـ : الدواء المر. مجمع البحرين. وفي لسان العرب : عصارة شجر مر.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : وأشد كراهية.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : الأشياء الجامدة.

(٤) في الأصل : فإن وافق ما نذر صومه.

(٥) في « س » : بيوم العيد.

١٤١

ويصوم ، فإن حضره وصام بعضه ثم لم يمكنه المقام خرج وقضى الباقي إذا عاد إلى أهله أو حيث عزم المقام فيه عشرة أيام فصاعدا. ومتى عجز عن صيام ما نذر فيه تصدق عن كل يوم بمد من الطعام. ومن(١) نذر أن يصوم غدا وكان يوم الأضحى ولم يعلم ، أفطر ولا قضاء ، والأفضل أن يقضيه. ومن نذر أن يصوم لا على وجه القربة بل على وجه (٢) التمرين ومنع النفس لم ينعقد نذره. ومن صام بنية التطوع جاز له أن يفطر متى شاء إلا بعد الزوال فإنه مكروه إلا أن يدعوه إلى ذلك أخ مؤمن فحينئذ الإفطار أفضل.

الفصل السابع

كل سفر يجب فيه قصر الصلاة يجب فيه الإفطار ، والشرائط هنا كهي ، ثم ومتى كان السفر أربع فراسخ ولم يرد الرجوع من يوم لم يجز له الإفطار ، ومن صام في السفر الذي يجب فيه الإفطار (٣) فعليه الإعادة إذا كان عالما بوجوب الإفطار وإلا فلا.

من بيت للسفر (٤) وخرج قبل الزوال أفطر وقضى ، وإن خرج بعد الزوال لم يفطر وقضى ، وإن لم يبيت النية للسفر وتجدد له رأى فيه ، أتم ذلك اليوم ولا قضاء ، فإن جامع وأفطر فيه فعليه القضاء والكفارة ، ولا يجوز الإفطار بعد تكامل الشروط إلا بعد أن يخرج وتتوارى عنه جدران بلده أو يخفى عليه أذان مصره.

وواجب الصوم لا يجوز في السفر إلا النذر المقيد صومه بحال السفر وصوم الأيام الثلاثة لدم المتعة ، وصوم التطوع مكروه فيه. ويكره للمختار إنشاء السفر في

__________________

(١) في « س » : ومتى.

(٢) في الأصل : على جهة.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : ومن صام في سفر يجب الإفطار.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : « يبيت » بيت النية : إذا عزم عليها ليلا. المصباح المنير.

١٤٢

رمضان إلا بعد مضي ثلاثة وعشرين يوما منه.

وإذا قدم المسافر أهله نهارا وقد أكل في صدره أمسك عما يفطر بقية النهار أدبا ويقضي ، وكذا إذا ورد بلدا يريد فيه المقام عشرا ، وإن دخله ولم يفطر في صدر النهار وجب عليه أن يمتنع ويجدد النية إن كان قبل الزوال ولا قضاء ، وإن كان بعد الزوال أمسك وقضى ، والأفضل لمن يعلم وصولة إلى البلد أن يبيت صوم يومه ذاك.

الفصل الثامن

كل مرض لا يقدر صاحبه على الصوم أو يخاف الزيادة في مرضه يجب معه الإفطار ولو كان قبل الغروب بساعة ، فإن صام والحال هذه أعاد واجبا ، وإن برأ وسط النهار وكان قد تناول مفطرا أمسك بقية النهار أدبا وقضى ، وإن لم يتناول جدد النية قبل الزوال ، وإن كان بعد الزوال قضى تناول أو لا ، والحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن إذا أضر بهما الصوم وخافتا على الولد أفطرتا وتصدقتا (١) عن كل يوم بمدين من طعام فإن لم تقدرا فبمد ثم تقضيانه ، وكذا من به عطاش يرجى زواله ، وأما من لم يرج زوال عطاشه والشيخ الكبير والمرأة الكبيرة إذا عجزوا عن الصوم أفطروا وتصدقوا بما مر ولا قضاء. وكل من أبيح له إفطار لا ينبغي أن يتملأ من الطعام ويروى من الشراب ولا يجوز له أن يجامع.

ومن كان مفيقا في أول (٢) الشهر ونوى الصوم ثم أغمي عليه أياما فلا قضاء عليه ما لم يفطر ، وكذا إن كان مغمى عليه في أول الشهر لأن النية المتقدمة كافية.

ومن جن أياما متوالية ثم أفاق فلا قضاء عليه ـ وإن أفطر ـ لأنه ليس بمكلف ،

__________________

(١) في الأصل : « أفطرا وتصدقا » والصحيح ما في المتن.

(٢) في الأصل : من أول.

١٤٣

ومن بقي نائما قبل دخول الشهر أو بعده أياما وقد سبقت منه نية القربة فلا قضاء عليه ، وكذا من أصبح(١) صائما ثم جن في بقية يوم أو أغمي عليه.

الفصل التاسع

من فاته شي‌ء من شهر رمضان لمرض واستمر به المرض إلى رمضان آخر صام الحاضر وتصدق عن الأول ولا قضاء ، وكذا حكم ما زاد على رمضانين. وإن برأ من مرضه قبل لحوق رمضان آخر وجب عليه القضاء ، فإن لم يقض ثم مات قضى عنه وليه وهو أكبر أولاده الذكور ، فإن كانوا جماعة في سن واحد كان عليهم القضاء بالحصص (٢) أو يقوم به بعضهم فيسقط عن الباقين ، فإن لم يخلف من الأولاد إلا الإناث لم يلزمهم القضاء وكان الواجب الفدية من ماله عن كل يوم بمدين من طعام وأقله مد ، فإن لم يمت وفي عزمه القضاء من غير توان ويجيئه (٣) رمضان آخر صام الحاضر وقضى الأول ولا كفارة ، وإن أخره توانيا صام الحاضر وقضى الأول وتصدق عن كل يوم بما مر ، وإذا لم يبرأ (٤) ومات صام عنه وليه ندبا.

وكل من مات وقد فاته صوم واجب وتمكن منه فلم يصمه يصوم عنه وليه أو يتصدق عنه من أصل تركته إذا لم يكن له ولي ، وإن كان قد اجتمع على الميت الصوم والكفارة صام الولي وتصدق من تركته بما مر ، فإن لم يكن له ولي فلكل يوم كفارتان ، وكذا حكم المرأة الحائض إذا طهرت في بعض النهار أمسكت أدبا وقضت ، سواء أفطرت أو لا ، والأفضل أن يقضي ما فاته من صيام رمضان متتابعا ، وإن تتابع ستة أيام أو ثمانية وفرق الباقي جاز ، والأول أحوط. (٥)

__________________

(١) في الأصل : إذا أصبح.

(٢) في الأصل : بحصص.

(٣) في الأصل : « ولحقه » بدل « ويجيئه ».

(٤) في الأصل : وإن لم يبرأ.

(٥) في الأصل : والأحوط الأول.

١٤٤

ولا يجزي قضاء فائت الصوم الواجب في سفر يجب فيه التقصير ، ومن أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان بعد الزوال قضاه وكفر بإطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ، وروي أن عليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان(١) والصحيح الأول ، وروي أن لا شي‌ء عليه ، (٢) [ وذلك ] (٣) محمول على من لا يتمكن ، وأما قبل الزوال فلا شي‌ء عليه.

ومن أصبح جنبا عامدا أو ناسيا فلا يصم ذلك اليوم (٤) لا قضاء ولا تطوعا ، ومن أجنب في الأول الشهر ونسي الغسل ثم ذكر [ الغسل ] (٥) اغتسل وقضى ما أتى به بينهما من الصلاة والصوم ، وإن اتفق له بينهما غسل يرفع الحدث قضى ما سبق ذلك الغسل.

ومن كان (٦) عليه قضاء صوم واجب لم يجز له أن يتطوع بالصيام. وما ندب إليه من صيام ثلاثة أيام في كل شهر أربعاء بين خمسين يجوز ـ لمن لا يقدر عليه ـ تأخيره من شهر إلى آخر ومن الصيف إلى الشتاء وقضاه ، فإن لم يقدر تصدق عن كل يوم بدرهم أو مد من طعام وإلا فلا شي‌ء.

الفصل العاشر

الاعتكاف هو اللبث للعبادة ، وشروطه أن يكون المعتكف مسلما بالغا عاقلا ، وأن ينوي ثلاثة أيام لا يصح أقل منها ، وأن يكون صائما مدة اعتكافه ، وأن

__________________

(١) انظر الوسائل : ٧ ، ب ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح ٣.

(٢) نفس المصدر ، ح ٤.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) في الأصل : « لا يصح ذلك اليوم ».

(٥) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٦) كذا في الأصل ولكن في « س » ومتى كان.

١٤٥

يعتكف في مسجد صلى فيه نبي أو إمام عادل جمعة بشرائطها ، ولا يكون ذلك إلا أحد المساجد الأربعة : المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة. والمرأة في ذلك كالرجل.

والاعتكاف إما واجب وهو ما يوجبه الإنسان على نفسه بالنذر أو العهد ، وإما مندوب ، ومتى شرط المعتكف على ربه أنه متى عرض له عارض رجع فيه ، كان له الرجوع إلا إذا مضى يومان فإن عليه إتمام الثلاثة إذا ، وإن لم يشترط وجب عليه بالدخول فيه إتمام ثلاثة ، ولا يصح الاعتكاف ممن عليه ولاية كالزوجة والعبد والأجير والضعيف إلا بإذن من له الولاية من الزوج والسيد والمستأجر والمضيف ، وحكم المدبر والمكاتب حكم العبد إذا لم تستكمل حريته ، ومن أذن له الولي مدة معينة لم يكن له فسخه عليه إلا بعد مضيها ، فإن كان أطلق في الإذن لم يلزمه الصبر عليه أكثر من ثلاثة أيام وهو أقل مدة الاعتكاف.

يجوز الاعتكاف في جميع أيام السنة إلا ما لا يصح صومه كالعيدين ، وأفضل أوقاته العشرة الأخيرة من شهر رمضان. ولا حد لأكثر أيامه ، فإن زاد على الثلاثة (١) يومين لزمه إتمام ثلاثة أيام أخر ، ومتى نذر أن يعتكف يوما أو يومين لم ينعقد نذره. ويصح الاعتكاف في الأيام مفردة عن الليالي (٢) ولا يصح بالعكس لأنه لا يصح إلا مع الصوم.

وإذا نذر الاعتكاف شهرا ولم يشرط التتابع (٣) جاز له التفريق غير أنه لا يكون كل فرق أقل من ثلاثة أيام ، وإن شرط التتابع لزمه ذلك ، فإن فرق يجب

__________________

(١) في الأصل : على ثلاثة.

(٢) في الأصل : ويصح اعتكاف الأيام مفردة من الليالي.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : ولم يشترط التتابع.

١٤٦

عليه الاستئناف ، فإن كان معلقا بوقت فخالفه وخرج بطل مقدار ما خرج(١) دون ما اعتكف إذا لم ينقص عن ثلاثة ، فإن نقص بطل الجميع. ولا يجب الاعتكاف باليمين ومنع النفس إلا إذا تقرب به إلى الله تعالى.

ويحرم على المعتكف الوطء وسائر ضروب المباشرة والقبلة والملامسة ، واستنزال الماء بجميع أسبابه ، والبيع والشراء ، والخروج من حيث اعتكف فيه إلا لضرورة كالبول والغائط والغسل من الاحتلام ، أو لأداء فريضة أو قربة وعبادة ، كحضور جنازة وعيادة مريض وقضاء حاجة مؤمن غير أنه لا يمشي تحت الظلال ولا يجلس حيث يدخله ولا يصلي إلا حيث اعتكف فيه إلا بمكة فإنه يجوز أن يصلي في أي بيوتها شاء ، وإذا تعينت عليه إقامة شهادة خرج لإقامتها ولا يجلس حتى يعود إليه ، ويجوز أن ينكح وينكح ويشم الطيب ويأكل لحم الصيد (٢) وينظر في أمر معيشته ويتحدث بما شاء من الكلام المباح ، وإن انهدم المسجد كله أتم اعتكافه في عرصته ، وحكم الليل حكم النهار إلا في الصوم.

الخروج من المسجد بغير عذر وطاعة يفسد الاعتكاف ، ويفسده السكر ، وكذا الجماع والمباشرة المؤدية إلى الإنزال عمدا ، ويجب بهذين القضاء والكفارة ، وقيل : يجب بما عدا الجماع القضاء دون الكفارة. (٣) ومتى جامع نهارا لزمته كفارتان ، وأما ليلا فواحدة ، ومن (٤) أكره امرأته على الجماع وهي معتكفة بأمره نهارا لزمته أربع كفارات ، (٥) وليلا كفارتان على قول بعض أصحابنا ، (٦) وإن كان

__________________

(١) في « س » : ما يخرج.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : ويأكل اللحم.

(٣) الشيخ : النهاية ـ ١٧١ ـ ١٧٢.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : وإن.

(٥) كذا في « س » ولكن في الأصل : لزمه أربع كفارات.

(٦) القاضي ابن البراج : المهذب : ١ ـ ٢٠٤.

١٤٧

اعتكافها بغير إذنه لم يلزمه إلا كفارة نفسه ، والكفارة هي التي تجب في إفطار يوم من شهر رمضان على خلاف في كونها مخيرة أو مرتبة.

ومتى وطأ ليلا أو نهارا أو أكل نهارا أو خرج من المسجد ساهيا لم يفسد اعتكافه ، ومتى خرج المعتكف لعذر من مرض أو خوف أو نحو ذلك عاد إذا زال عذره ، وبنى عليه إن كان خروجه بعد مضي أكثر مدة الاعتكاف ، وإن كان قبل ذلك استأنفه (١) واجبا كان الاعتكاف أو ندبا ، ومن خرج من الاعتكاف بلا عذر وجب عليه قضاؤه واجبا كان أو ندبا ، ومن مات قبل انقضاء مدة اعتكافه قيل : يقضي عنه وليه أو يخرج من ماله إلى من ينوب عنه قدر كفايته (٢) ، ولا ينعقد البيع والشرى في حال الاعتكاف ، ولا يفسد الاعتكاف جدال وسباب ، والنظر في العلم ومذاكرة أهله في حال الاعتكاف أفضل من الصلاة تطوعا.

__________________

(١) كذا في « س » ولكن في الأصل : استأنف.

(٢) قال الشيخ في المبسوط : ومن مات قبل انقضاء مدة اعتكافه في أصحابنا من قال : يقضي عنه وليه ، أو يخرج من ماله إلى من ينوب عنه قدر كفايته ، لعموم ما روي : من أن من مات وعليه صوم واجب ، وجب على وليه أن يقضي عنه أو يتصدق. المبسوط : ١ ـ ٢٩٤.

١٤٨

كتاب الحج

الحج قصد بيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة ، يتعلق بزمان مخصوص ويحتاج إلى معرفة أقسامه وشروطه وكيفية فعله وما يفسده وأحكامه.

الفصل الأول

أما أقسامه فثلاثة : متمتع بالعمرة إلى الحج وقران وإفراد ، فالتمتع أن تقدم على أفعال الحج عمرة يتحلل منها ويستأنف الإحرام للحج ، والقرآن أن يقرن بإحرام الحج سياق الهدي ، والإفراد أن يفرد الحج من الأمرين.

والتمتع (١) فرض من لم يكن من أهل مكة وحاضريها ـ وهم من كان بينه وبينها اثنا عشر ميلا فما دونها ـ لا يجزيهم مع التمكن من حجة الإسلام سواه. (٢)

وأما أهل مكة وحاضروها ففرضهم القران والإفراد ولا يجزيهم في حجة الإسلام سواه. (٣)

__________________

(١) في الأصل : « فالتمتع ».

(٢) في « س » : « غيرها » بدل « سواه » ولعل التأنيث بلحاظ حجة التمتع.

(٣) في الأصل : غيره.

١٤٩

والحج ضربان : مفروض ومسنون ، فالمفروض : حج الإسلام وحج النذر والعهد(١) وحج الكفارة ، والمسنون ما عدا ذلك ، ويفارق الواجب في أنه لا يجب الابتداء به ويساويه بعد الدخول فيه في وجوب المضي فيه وفي سائر أحكامه إلا وجوب القضاء له إذا فات.

الفصل الثاني

وأما شروطه فضربان : شرائط الوجوب وشرائط صحة الأداء ، فشرائط الوجوب في حج الإسلام (٢) : [ الحرية ] (٣) والبلوغ وكمال العقل والاستطاعة تكون بالصحة والتخلية وأمن الطريق ووجود الزاد والراحلة والكفاية له ولمن يعوله والعود إلى كفاية (٤) من صناعة أو غيرها ، وشرائط صحة الأداء : الإسلام وكمال العقل والوقت والنية والختنة. (٥)

الفصل الثالث

أفعال الحج هي : الإحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة والوقوف بالمشعر الحرام ونزول منى والرمي والذبح والحلق.

__________________

(١) في « س » : أو العهد.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : فشرائط وجوب حج الإسلام.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » إلى كفايته.

(٥) كذا في الأصل ولكن في « س » : « الحرية » بدل « الختنة ».

١٥٠

الفصل الرابع

الإحرام ركن من أركان الحج من تركه متعمدا فلا حج له ، ولا يجوز إلا في شوال وذي القعدة وتسع من ذي الحجة ، فمن أحرم قبل ذلك لم ينعقد إحرامه.

ومعقد الإحرام لم حج على طريق المدينة ذو الحليفة وهو مسجد الشجرة ، ولمن حج على طريق الشام الجحفة ، ولمن حج على طريق العراق بطن العقيق وأوله المسلخ وأوسطه غمرة وآخره ذات عرق ، ولمن حج على طريق اليمن يلملم ، ولمن حج على طريق الطائف قرن المنازل لا يجوز إلا كذلك.

ومن تجاوز الميقات (١) بلا إحرام متعمدا ولم يتمكن من الرجوع إليه كان عليه إعادة الحج من قابل ، وإن كان ناسيا أحرم من موضعه ويجوز أن يحرم من منزله دون الميقات ، وإحرامه من الميقات أفضل ، وميقات المجاور ميقات أهل بلده ، فإن لم يتمكن فمن خارج الحرم ، فإن لم يقدر فمن المسجد الحرام.

ويستحب لمريد الإحرام قص أظفاره وإزالة الشعر عن إبطيه وعانته والغسل ويجب عليه لبس ثوبي إحرامه ، يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، ولا يجوز أن يكونا مما لا تجوز الصلاة فيه ، ويكره أن يكونا مما يكونا مما تكره الصلاة فيه ، ويجزي مع الضرورة ثوب واحد ، ويستحب أن يصلي صلاة الإحرام ويذكر ما أراده من التمتع والقران والإفراد.

ويجب عليه أن ينوي للإحرام ويعقده بالتلبية الواجبة وهي : لبيك اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك. (٢)

__________________

(١) في « س » ومتى جاوز الميقات.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : «. والملك لك لا شريك لك لبيك ».

١٥١

ولا ينعقد الإحرام إلا بها أو بما يقوم مقامها(١) من الإيماء ممن لا يقدر على الكلام ومن التقليد أو الإشعار للقارن (٢) ويذكر زائدا على ذلك من ألفاظ التلبية ما ورد به الرسم ندبا ويقول إن كان متمتعا : لبيك متمتعا بالعمرة إلى الحج لبيك.

ولا يقول : لبيك بعمرة وحجة تمامها عليك ، لأن ذلك يفيد بظاهره تعليق نية الإحرام (٣) بالحج والعمرة معا وذلك لا يجوز ، وإن كان قارنا أو مفردا قال : لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك ، وإن كان نائبا عن غيره قال : لبيك عن فلان ابن فلان (٤) لبيك.

وأوقات التلبية أدبار الصلوات وحين الانتباه من النوم وبالأسحار (٥) وكلما علا نجدا أو هبط غورا أو رأى راكبا (٦) ، ويستحب رفع الصوت بها للرجال وأن لا يفعل إلا على طهر ، وآخر وقتها للمتمتع إذا شاهد بيوت مكة ، وحدها من عقبة المدنيين إلى عقبة ذي طوى ، وللقارن والمفرد إذا زالت الشمس من يوم غرفة ، وللمعتمر عمرة مبتولة إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم ، وإن كان المعتمر خارجا من مكة فإذا شاهد الكعبة.

والمتمتع إذا لبى بالحج متعمدا بعد طواف العمرة وسعيها وقبل التقصير بطلت متعته وصار ما هو فيه حجة مفردة ، وإن لبى ناسيا لم يبطل ، وإذا انعقد إحرامه يحرم عليه أن يجامع أو يستمني أو يقبل أو يلامس بشهوة ، وأن يعقد نكاحا

__________________

(١) في « س » : بهما أو بما يقوم مقامهما.

(٢) في « س » : للقرآن.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : لأنه يفيد بظاهره تعليق الإحرام.

(٤) في « س » : عن فلان لبيك.

(٥) في « س » : أو بالأسحار.

(٦) في « س » : وكلما علا أو انحدر أو هبط غورا ورأى راكبا.

١٥٢

لنفسه أو لغيره أو يشهد عقدا ، فإن عقد فالعقد فاسد ، وأن يلبس مخيطا إلا سراويل عند الضرورة عند بعض أصحابنا ،(١) وعند بعضهم لا يلبسه حتى يفتق ويصير كالمئزر وهو أحوط.

وأن يلبس ما يستر ظاهر القدم من خف أو غيره ، وأن تلبس المرأة القفازين (٢) وأن يغطي الرجل رأسه والمرأة وجهها ، وأن يستظل وهو سائر بحيث يكون الظلال فوق رأسه كالقبة ، وأما إذا نزل فلا بأس بجلوسه تحت الظلال من خيمة أو غيرها ، وأن يرتمس في الماء ، وأن يصطاد أو يذبح صيدا أو يدل على صيد أو يكسر بيضة ، وأن يأكل لحمه وإن صاده المحل ولم يكن منه دلالة عليه. وأن يدهن بما فيه طيب أو يأكل مما فيه ذلك وأن يتطيب بالمسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو الزعفران ، وقد الحق بذلك الورس والفسق وهو الكذب على الله تعالى أو على رسوله أو على أحد الأئمة من آله ، والجدال وهو قول : « لا والله » و « بلى والله » ، وأن يقطع شيئا من شجر الحرم الذي لم يغرسه في ملكه وليس من شجر الفواكه والإذخر (٣) [ وأن يجز حشيشه ، فأما شجر الفواكه ] (٤) والإذخر ، وما غرسه الإنسان في ملكه فيجوز قطعه وكذا رعي الحشيش ، وأن يزيل شيئا من شعره أو يقص شيئا من أظفاره وأن يتختم (٥) للزينة أو يدمي جسده بحك أو غيره ، وأن يزيل القمل عن نفسه أو يسد أنفه من الرائحة الكريهة ، وأن يلبس سلاحا أو يشهره إلا لضرورة ، وأن يقتل شيئا من الجراد أو الزنابير مختارا.

فأما البق والبراغيث فلا بأس أن يقتل في غير الحرم ولا بأس بقتل ما

__________________

(١) القاضي ابن البراج : المهذب : ١ ـ ٢١٢.

(٢) القفاز مثل تفاح : شي‌ء تتخذه نساء الأعراب ويحشى بقطن يغطي كفي المرأة وأصابعها. المصباح المنير.

(٣) الإذخر ـ بكسر الهمزة والخاء ـ : نبات معروف زكي الريح. المصباح المنير.

(٤) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل وهو الصحيح.

(٥) كذا في الأصل ولكن في « س » : « يتحنى » ولعله تصحيف.

١٥٣

يخافه(١) من الحيات والعقارب والسباع في الحرم وغيره ، وأن يمسك ما كان معه من صيد قبل الإحرام ، وأن يخرج شيئا من حمام الحرم منه وأن لا يرده (٢) بعد إخراجه وأن يمسك ما يدخل به إلى الحرم من الطير.

الفصل الخامس

ويمضي المحرم على حاله حتى يشاهد بيوت مكة فيقطع التلبية إن كان متمتعا ، ومن الندب أن يكثر حمد الله على بلوغها ، ويغتسل إذا انتهى إلى الحرم ويدخله ماشيا بسكينة ، ويدخل مكة من أعلاها ويغتسل قبل دخولها (٣) ويدعو بما رسم ويغتسل قبل دخول المسجد ويدخله من باب بني شيبة ويقبل الحجر الأسود ويمسحه بيده ثم ينوي للطواف وجوبا ويطوف.

والطواف على ضربين (٤) : مفروض ومسنون ، فالمفروض ثلاثة : طواف المتعة وطواف الزيارة ـ وهو طواف الحج ـ وطواف النساء وما عدا ذلك مسنون ، ومن الندب على ما روي أن يطوف مدة مقامه بمكة ثلاثمائة وستين أسبوعا [ فإن لم يتمكن طاف ] (٥) ثلاثمائة وستين شوطا.

ووقت طواف المتعة للمختار من حين يدخل مكة إلى أن تغيب الشمس من يوم التروية وللمضطر إلى أن يبقى من غروب الشمس ما يدرك في مثله عرفة في آخر وقتها ، فمن فاته مختارا بطل حجه متمتعا وكان عليه قضاؤه من قابل إن كان فرضا وصار ما هو فيه حجة مفردة ولم يجز عنه طواف الحج.

__________________

(١) في الأصل : ما خافه.

(٢) كذا في « س » ولكن في الأصل : وعليه أن يرده.

(٣) في « س » : قبل الدخول.

(٤) في الأصل : والطواف ضربان.

(٥) في « س » : بدل ما بين المعقوفتين « أو ثلاث. ».

١٥٤

ومن فاته طواف المتعة مضطرا قضاه بعد فراغه من مناسك الحج ولا شي‌ء عليه ، وطواف الزيارة ركن من تركه متعمدا فلا حج له ، وإن تركه ناسيا قضاه إذا ذكره ، فإن لم يذكره حتى عاد إلى بلده لزمه قضاؤه عن قابل بنفسه ، فإن لم يستطع استناب من يطوفه ، ووقته للمتمتع من حين يحلق رأسه من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ، ويجوز للمضطر والمعذور بعد ثلاثة ، وأول وقته للقارن والمفرد من حين دخول مكة وإن كان ذلك قبل الموقفين.

ووقت طواف النساء من حين الفراغ من سعي الحج إلى آخر أيام التشريق ، فمن تركه متعمدا أو ناسيا حتى عاد إلى أهله لم يفسد حجه لكنه لا يحل له النساء حتى يطوفه أو يطاف عنه ، والواجب في الطواف النية ومقارنتها واستمرار حكمها ، والطهارة من الحدث والنجس وستر العورة والبداءة بالحجر الأسود والختام به ، وأن يكون سبعة أشواط ، وأن يكون البيت عن يسار الطائف (١) وأن يكون خارج الحجر ، وأن يكون بين البيت والمقام ، فمن ترك شيئا من ذلك لم يجزه الطواف ، ويستلم الأركان كلها ندبا ويلصق بطنه وخده بالمستجار في الشوط السابع.

ولا يجوز قطع الطواف إلا لصلاة فريضة أو لضرورة ، فإن قطعه للصلاة بنى على ما طاف ولو كان شوطا واحدا ، وإن قطعه لضرورة أو سهو بنى على ما طاف إن كان أكثر من النصف ، وإن كان أقل منه استأنف ، ويستأنفه إن قطعه مختارا على كل حال ، ويستأنفه إن شك وهو طائف فلم يدر كم طاف أو شك بين ستة وسبعة ، فإن شك بين سبعة وثمانية قطعه ولا شي‌ء عليه وهكذا لو ذكر وهو في بعض الثامن أنه طاف سبعة ، فإن ذكر بعد أن تممه (٢) أضاف إليه ستة أخرى وصار له طوافان ولزمه لكل طواف ركعتان ، ولا يجوز له الطواف راكبا إلا لضرورة.

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : عن يساره.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : بعد أنه تممه.

١٥٥

الفصل السادس

فإذا أراد السعي ندب إليه أن يأتي (١) الحجر الأسود فيستلمه (٢) ، ويأتي زمزم ويشرب من مائها ويغتسل منه إن تمكن أو يصب على بعض جسده من الدلو المقابل للحجر الأسود ويخرج إلى السعي من الباب المقابل له.

الفصل السابع

السعي ركن وهو ضربان : سعي المتعة وسعي الحج ، وأول وقت سعي المتعة حين يفرغ من طوافها ، وأول وقت سعي الحج حين الفراغ من طوافه ، وحكمه في جواز التقديم للضرورة حكم الطواف ويمتد كل واحد منهما بامتداد وقت الطواف ، وحكم كل واحد منهما في الإخلال به اختيارا أو اضطرار (٣) ما سبق من حكم المخل بالطواف.

والمفروض في السعي النية ومقارنتها واستدامة حكمها والبداية بالصفا والختام بالمروة ، وأن يكون سبعة أشواط ، والمسنون فيه أن يكون على طهارة وأن يصعد الصفا ويستقبل الكعبة ويكبر الله ويحمده ويهلله سبعا سبعا ويصلي على محمد وآله ويقرأ إنا أنزلناه وإذا بلغ المنارة هرول الرجل دون المرأة ، فإذا وصل إلى سوق العطارين قطع الهرولة ومشى إلى المروة وصعد عليها وأتى بالتكبير والتحميد والتهليل والصلاة على محمد وآله كما قال على الصفا ، وإذا انحدر عائدا إلى الصفا فعل في كل موضع كما فعل أولا ، هكذا يكمله سبعة أشواط ، وحكم قطع السعي

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : ندب إلى أن يأتي.

(٢) في الأصل : فليستلمه.

(٣) في الأصل : عن اختيار أو اضطرار.

١٥٦

والسهو فيه والشك حكم ذلك في الطواف ، ولا يجوز الجلوس بين الصفا والمروة ويجوز الوقوف عند الإعياء والجلوس على الصفا والمروة ويجوز السعي راكبا والمشي أفضل.

الفصل الثامن

فإذا فرغ من سعي المتعة قصر واجبا وهو أن يقص شيئا من أظفاره وأطراف شعر رأسه ولحيته أو من أحد ذلك ، وقد أحل من كل شي‌ء أحرم منه إلا الصيد لكونه في الحرم ، والأفضل له أن يتشبه بالمحرمين إلى أن يحرم (١) بالحج [ فإن نسي التقصير حتى أحرم بالحج ] (٢) فعليه دم شاة ، والإحرام بالحج ينبغي أن يكون عند زوال الشمس من يوم التروية في المسجد الحرام ، وأفضل ذلك تحت الميزاب أو عند المقام ، ويصنع فيه كما صنع في الإحرام الأول من الغسل ولبس ثوبيه والصلاة والدعاء والنية ، وعقد بالتلبية الواجبة إلا أنه لا يذكر في الدعاء إلا الحج فقط ولا يرفع صوته بالتلبية ، ثم يخرج متوجها إلى منى قارئاً إنا أنزلناه ، فإذا بلغ إلى الرقطاء دون الردم (٣) وأشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية الواجبة والمندوبة ويقول : « لبيك بحجة تمامها عليك » ويبيت بمنى ندبا ويصلي بها العشائين والفجر لتكون الإفاضة منها إلى عرفات ، ولا يفيض منها الإمام حتى تطلع الشمس ويلبي بالواجبة والمندوبة رافعا بهما صوته ويقرأ إنا أنزلناه حتى يأتي عرفات.

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : يخرج ، والصحيح ما في المتن.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

(٣) الرقطاء : موضع دون الردم ، يسمى مدعى الأقوام مجتمع قبائلهم ، و « الردم » أي السد ومنه الردم بمكة وهو حاجز يمنع السيل عن بيت الحرام ويعبر عنه الآن بالمدعى. مجمع البحرين.

١٥٧

الفصل التاسع

الوقوف بعرفة ركن ، وأول وقته حين تزول الشمس (١) من اليوم التاسع وآخره للمختار إلى غروبها وللمضطر إلى طلوع الفجر يوم النحر ، فمن فوته مختارا بطل حجه ، وإن كان مضطرا فأدرك المشعر الحرام فحجه ماض ، وندب لمن أتى عرفات أن يضرب خباءه بنمرة ، وهي بطن عرنة وأن يغتسل إذا زالت الشمس ويجمع بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وأن يكون وقوفه في ميسرة الجبل وأن يدعو في حال الوقوف.

والواجب في الوقوف النية ومقارنتها واستدامة حكمها وأن لا يكون تصعيده في الجبل (٢) إلا لضرورة ولا في نمرة ولا ثوية ولا ذي مجاز ولا تحت أراك ، وأن يكون إلى غروب الشمس ، فإن أفاض قبل الغروب متعمدا ، عالما بأن ذلك لا يجوز فعليه بدنة ، وكيفية الوقوف أن يتوجه إلى القبلة فيسبح الله ويحمده ويهلله ويكبره ويصلي على محمد وآله مائة مائة ، ويأتي بعد ذلك من الآيات والأذكار والأدعية بما هو مذكور في مظانه.

الفصل العاشر

فإذا غربت الشمس أفاض منها إلى المشعر فإذا وصل إليه نزل به ، وحده ما بين المأزمين (٣) إلى الحياض وإلى وادي محسر. (٤)

__________________

(١) في الأصل : حتى تزول الشمس.

(٢) في الأصل : وأن لا يكون يصعد في الجبل.

(٣) المأزم ـ وزان مسجد ـ : الطريق الضيق بين الجبلين ويقال للموضع الذي بين عرفة والمشعر « مأزمان ». مجمع البحرين.

(٤) وهو بين منى ومزدلفة ، سمي بذلك لأن فيل أبرهة كل فيه وأعيى فحسر أصحابه بفعله وأوقعهم في الحسرات. المصباح المنير.

١٥٨

الفصل الحادي عشر

الوقوف بالمشعر ركن ، ووقته للمختار من طلوع الفجر إلى ابتداء طلوع الشمس ، ويمتد للمضطر إلى الليل كله ، فمن فاته حتى طلعت الشمس فلا حج له.

والواجب في الوقوف النية ومقارنتها واستدامة حكمها وأن لا يرتفع الواقف إلى الجبل إلا لضرورة من ضيق أو غيره ، والدعاء بأقل ما يسمى به المرء داعيا عند بعض أصحابنا. (١)

والمستحب أن يطأ المشعر وأن يكبر الله ويسبحه ويحمده ويهلله مائة مائة ويصلي على محمد وآله وأن يجتهد في الدعاء والمسألة إلى ابتداء طلوع الشمس ، فإذا طلعت أفاض من المشعر ، ولا يجوز للمختار أن يخرج منه قبل طلوع الفجر ولا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس ، [ ولا يخرج الإمام من المشعر حتى تطلع الشمس ] (٢) ويجوز للنساء إذا خفن مجي‌ء الدم الإفاضة ليلا وإتيان منى والرمي والذبح والتقصير ودخول مكة للطواف والسعي ، ولا يجوز أن يصلى العشاءان إلا في المشعر إلا أن يخاف فوتها بخروج وقت المضطر ، ويستحب الجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين وأن يسير ـ إذا أفاض من المشعر إلى منى ـ ذاكرا لله تعالى ومستغفرا له وأن يقطع وادي محسر بالهرولة ويجزئه أن يهرول فيه مائة خطوة وإن كان راكبا حرك فيه راحلته.

الفصل الثاني عشر

من السنة المبيت بمنى ليلة عرفة ، ونزولها يوم النحر لقضاء المناسك بها من

__________________

(١) الحلبي : إشارة السبق : ١٣٥. والحلي : السرائر المطبوع في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية : ٨ ـ ٦٠٩.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

١٥٩

رمي جمرة العقبة والذبح والحلق أو التقصير ، ونزولها أيام التشريق للرمي ، والمبيت بها ليالي هذه الأيام إلى(١) حين الإفاضة ، وحد منى من طرف وادي محسر إلى العقبة ، فإن ترك المبيت بها مختارا بلا عذر ليلة فعليه دم ، فإن ترك ليلتين فدمان ، فإن ترك الثالثة فلا شي‌ء عليه ، لأن له أن ينفر في النفر الأول وهو يوم الثاني من أيام التشريق ، فإن لم ينفر فيه حتى غربت الشمس فعليه المبيت الليلة الثالثة ، فإن نفر ولم يبت فعليه دم ثالث.

ومن أصاب النساء أو شيئا من الصيد أو كان صرورة (٢) فليس له أن ينفر في النفر الأول بل يقيم إلى النفر الأخير وهو اليوم الثالث من أيام التشريق ، ويجوز لمن عدا من ذكرناه أن ينفر في الأول ، وتأخير النفر إلى [ النفر ] (٣) الأخير أفضل له ، ومن أراد النفر في الأول فلا ينفر حتى تزول الشمس إلا لضرورة فإنه يجوز معها قبل الزوال ، ومن أراد النفر في الأخير جاز له ذلك بعد طلوع الشمس متى شاء ، ومن أراد المقام بها جاز له ذلك إلا الإمام وحده فإن عليه أن يصلي الظهر بمكة.

الفصل الثالث عشر

لا يجوز الرمي إلا بالحصى ، ولا يجوز بالحصى المأخوذ من غير الحرم ولا بالمأخوذ من المسجد الحرام أو من مسجد الخيف ، ولا بالحصى الذي قد رمي به مرة أخرى ، سواء كان هو الرامي به أو غيره ، ومقدار الحصاة (٤) كرأس الأنملة وأفضله الملتقط من المشعر الحرام البرش (٥) منه ثم البيض والحمر ، ويكره السود

__________________

(١) في الأصل : « إلا » بدل « إلى ».

(٢) والصرورة ـ بالفتح ـ : الذي لم يحج. المصباح المنير.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس بموجود في الأصل بل موجود في « س ».

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : ومقدار الحصى.

(٥) هي المشتملة على ألوان مختلفة. مجمع البحرين.

١٦٠