اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

مع وجود المستحق فيه ووصل إلى المستحق أجزأه وإن هلك في الطريق كان ضامنا ، قريبا كان ذلك البلد أو بعيدا ، وإن نقلها مع فقد المستحق فهلك فلا ضمان عليه ، وزكاة الفطرة تفرق في بلد صاحبها ، لأنها تتعلق بالأبدان لا بالأموال.

ويجوز وضع الزكاة في صنف واحد من أربابها مع وجود الباقين ، والأفضل أن يجعل لكل صنف منهم سهما إن وجد ، والأقارب الحضر أولى من الأجانب ، يجوز أن يشرك بين الجماعة فيما يجب في نصاب المواشي ، والأفضل أن يعطى كل مستحق ما يجب في نصاب.

إذا دفع زكاة ماله إلى من ظاهره الفقر ثم بان أنه كان غنيا ، أو إلى من ظاهره الإسلام أو الحرية ، أو الصلاح ثم بان أنه كان بخلاف ذلك ، أو كان هاشميا ، فإن كان الأخذ قد مات أو لم يبق معه شي‌ء فلا ضمان على المعطي ، وإن كان قد أعلمه حال الدفع انه صدقة واجبة فله استرجاعه إن بقي أو أخذ قيمته إن تلف.

من لم يجد المستحق لزكاته ولا الإمام وجب أن يعزلها من ماله وانتظر به وجود المستحق أو حضور الإمام فإن حضرته الوفاة وصى بذلك ، فإن مات والحال هذه وجب أن تخرج الزكاة من ما له وصى أو لم يوص إن كانت معلومة الوجوب والمقدار كالدين. ومن دفع الزكاة إلى سلطان الجور أو أخذها منه متغلب لم يجزه ولا تحل ، وروى أنه يجزيه (١) والأول أحوط ، والمخالف إذا أعطى الزكاة لأهل نحلته ثم اعتقد الحق أعادها.

الفصل السابع

كل أرض أسلم أهلها عليها طوعا من غير قتال كان ملكا لهم إذا قاموا بعمارتها ، ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر عند اجتماع الشروط ، فإن تركوها

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٦ ، ب ٢٠ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٢١

خرابا كان للإمام أن يقبلها ممن يعمرها بما يراه ، وعلى المتقبل إذا بقي له النصاب بعد إخراج حق القبالة ومئونة الأرض العشر أو نصف العشر ، ويعطي الإمام أربابها حق الرقبة أي طسق الأرض ، وكل أرض صالح أهلها عليها يلزمهم ما صالحهم الإمام عليه لا غير ، ويكون ذلك للمجاهدين في سبيل الله ويصرفها لأهلها(١) وللإمام أن يزيد وينقص مال الصلح بعد انقضاء مدته ، فإذا أسلموا فحكم أرضهم حكم القسم الأول يسقط عنهم مال الصلح ، لأنه جزية وعليهم العشر أو نصفه.

وكل أرض أخذت بالسيف عنوة فهي للمسلمين قاطبة للمقاتلة وغيرهم يقبلها الإمام ممن يقوم بعمارتها بما يراه ، وعلى المتقبل فيما يفضل له بعد إخراج مال القبالة وحق الرقبة إذا بلغ نصابا العشر أو نصفه ، فلا يصح التصرف في هذا النوع بالبيع والوقف وغير ذلك ، وللإمام التصرف فيه حسب ما يراه من مصلحة المسلمين وأن ينقله من متقبل إلى آخر إذا انقضت مدة زمانه وارتفاع ذلك يصرف إلى المسلمين ومصالحهم ، وأراضي الأنفال تذكر بعد.

الفصل الثامن

وأما المسنون من الزكاة ففي أموال التجارة إذا طلب برأس المال أو الربح ، وفي كل ما يخرج من الأرض مما يكال أو يوزن سوى ما تقدم ، وفي الحلي المحرم لبسه ، وسبائك الذهب والفضة والأواني المصاغة منهما إذا لم يفر بذلك من الزكاة ، والمال الغائب الذي لا يتمكن مالكه من التصرف فيه إذا قدر عليه وقد مضى عليه حول أو أحوال زكاة لحول ، والمال الصامت (٢) لمن ليس بكامل العقل إذا اتجر به

__________________

(١) في الأصل : وتصرفها.

(٢) المال الصامت : الذهب والفضة. مجمع البحرين.

١٢٢

الولي تكرما لهم.

وفي الإناث من الخيل في كل رأس من العتاق ديناران ، ومن البراذين دينار واحد. وشرائط الاستحباب كشرائط الوجوب ، ويسقط في الخيل اعتبار النصاب ، والمقدار المستحق إخراجه مثل المقدار الواجب إلا في الخيل ، ويستحب أيضا في المنازل والدكاكين والعقار وغيرها إذا كانت للغلة.

وقال بعض أصحابنا : إذا طلب مال التجارة برأس المال أو الربح (١) يجب فيه الزكاة. إذا اشترى سلعة بمائتين فأقامت عنده حولا فباعها بألفين زكى المائتين بحوله (٢) ويستأنف لزكاة الفائدة الحول (٣) من حين ظهورها. إذا اشترى سلعة فحال عليه الحول فحولها حول الأصل لأنها مردودة إليه بالقيمة ولا يستأنف ، وإن كان اشتراها بعرض للقنية استأنف بها الحول والزكاة تتعلق بقيمة التجارة لا بها بعينها. (٤) إذا كانت معه سلعة للتجارة فنوى بها القنية سقط زكاتها وإن كانت للقنية فنوى بها التجارة لا تصير تجارة حتى يتصرف فيها للتجارة وما لزم في رأس مال المضاربة من الزكاة به على رب المال وما لزم في الربح كان بينهما.

الفصل التاسع

زكاة الرؤوس هي زكاة الفطرة وتجب على كل حر بالغ مالك للنصاب يجب فيه الزكاة مسلما كان أو كافرا غير أنه لا يصح من الكافر إخراجها إلا بعد الإسلام ، ولا يضمن إلا بشرط الإسلام ، فمن وجبت عليه يلزمه أن يخرجها عن نفسه وجميع من يعوله من والد وولد وزوجة ومملوك غائبا كان أو حاضرا أو ضيف مسلما كان

__________________

(١) في الأصل : « والربح » القائل الصدوق في المقنع : ٥٢.

(٢) في الأصل : لحول.

(٣) كذا في الأصل : ولكن في « س » : ويستأنف الزكاة الفائدة الحول.

(٤) في الأصل : نفسها.

١٢٣

أو ذميا ، وعن المدبر والمكاتب المشروط عليه وغير المشروط عليه إذا لم يتحرر منه شي‌ء فإن تحرر بعضه لزمه بحساب ذلك إن لم يكن ممن يعوله [ فإن كان ممن يعوله ](١) لزمه كمال فطرته ، وكذا غير المكاتب إن كان بعضه ملكا له ، والعبد المغصوب لا يلزم الغاصب فطرته ولا المغصوب منه ، ومن ولد له مولود أو ملك عبدا قبل هلال شوال ولو بلحظة لزمته فطرتهما وإن كان بعد هلاله قبل صلاة العيد استحب ذلك وأما بعدها فلا شي‌ء. (٢)

من ملك نصابا من الأموال الزكوية قبل أن يهل بشوال ولو بلحظة وجب عليه الفطرة ، وكذا إذا أسلم قبل الهلال وإن كان بعد ذلك وقبل الصلاة فندب (٣).

والمرأة إذا كانت مطلقة طلاقا يملك رجعتها إذا أهل شوال لزم الزوج فطرتها ، فإن لم يملك [ رجعتها أو كانت ناشزة فحينئذ فلا.

ومن لا يملك ] (٤) نصابا لا يجب عليه الفطرة بل يستحب له ذلك ، وإن أراد فقراء أهل بيت فضيلة الفطرة ترادوا فطرة رأس واحد ثم أخرجوها إلى خارج ، وقيل : تجب الفطرة على الفقير وإن لم يملك النصاب ، (٥) وليس بصحيح.

والمرأة الموسرة إذا كانت تحت معسر أو مملوك لا يلزمها فطرة نفسها ، وكذا الأمة الموسرة تحت معسر أو مملوك ، لأن بالتزويج سقط عنها فطرتها ونفقتها وسقط عن الزوج أيضا لإعساره. (٦)

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

(٢) في « س » : وما بعدها فلا شي‌ء.

(٣) في الأصل : وإن كان بعد ذلك ، قبل الصلاة فندب.

(٤) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

(٥) حكى ذلك عن الإسكافي لاحظ جواهر الكلام : ١٥ ـ ٤٨٨.

(٦) في الأصل : للإعسار.

١٢٤

ويخرج في الفطرة التمر أو الزبيب أو الحنطة أو الشعير أو الأرز أو الأقط أو اللبن أيها شاء إلا أن الأفضل التمر أو الزبيب أو ما هو أعلى من قوته ، والأصل أن يخرج ما هو أغلب على قوته ، يخرج عن كل رأس صاعا واحدا ، وهو تسعة أرطال بالعراقي أو ستة بالمدني ، إلا اللبن فإنه يجزي منه ستة أرطال بالعراقي أو أربعة بالمدني.

ويجوز إخراج القيمة من أي جنس كانت ، ولا يجوز إخراج صاع واحد من جنسين (١) إلا على جهة القيمة.

ووقت وجوب الفطرة حين استهل هلال شوال ، فإن قدمها على جهة القرض جاز ، وآخر وقتها حين الفراغ من صلاة العيد ، فإن لم يجد المستحق قبل الصلاة عزلها عن ماله ثم يسلمها بعده ، فإن هلكت فلا ضمان عليه ، وإن وجد المستحق قبل الصلاة ولم يدفعها إليه وهلكت فعليه الضمان ، وإن قصر في إخراجها حتى صليت صلاة العيد فعليه قضاؤها ، وقيل : وقت وجوبها من طلوع الفجر من يوم العيد إلى قبيل صلاته. (٢)

فإن أخر إخراجها إلى بعد الصلاة لغير (٣) عذر أخل بواجب وسقط وجوبها وجرت إن أخرجها مجرى ما يتطوع به من الصدقات ، وإن كان عزلها عن ماله انتظار لمستحقها فهي مجزية عنه ، ومستحقها مستحق زكاة الأموال الجامع بين الفقر والإيمان والتنزه عن الكبائر.

ويجوز إعطاؤها أطفال المؤمنين ومن كان بحكمهم من مجانين أهل الإيمان والبله منهم ، فإن فقد المستحق في البلد جاز أن يعطي المستضعفين من غيرهم.

__________________

(١) في « س » : من جنس.

(٢) السيد المرتضى : الجمل لاحظ المختلف : ٣ ـ ٢٩٧ من الطبع الحديث واختاره ابن البراج في المهذب : ١ ـ ١٧٦.

(٣) في « س » : بغير.

١٢٥

ولا يجوز حملها (١) من بلد إلى بلد آخر ، ولا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له إلا عند التقية أو عدم المستحق ، فالأفضل ألا يعدل بها عن الأقارب إلى الأباعد وعن الجيران إلى الأقاصي (٢) ، وأقل ما يعطى الفقير منها صاع واحد ، وقد روي أنه إذا حضر جماعة وليس هناك من الأصواع ما يصيب كلا منهم صاع جاز أن يفرق عليهم (٣) ولا يجوز مع الاختيار ويجوز أن يعطى الواحد أصواعا.

الفصل العاشر في الخمس :

الخمس يجب في كل ما يغنم من دار الحرب ما يحويه العسكر وما لم يحوه ، ما يمكن نقله إلى دار الإسلام وما لا يمكن من الأموال والذراري والأرض والعقار والسلاح والكراع وغير ذلك مما يصح تملكه وكانت في أيديهم من غير جهة الغصب لمسلم.

وفي المعادن كلها ما ينطبع منها كالذهب والفضة والحديد والصفر والنحاس والرصاص ، وما لم ينطبع كالكحل والزرنيخ والياقوت والزبرجد والبلخش (٤) والفيروزج والعقيق والقير والنفط والزئبق والكبريت والملح والمومياء والمن والعسل الذي يوجد في الجبال ، وكل ما يخرج بالغوص من البحر أو يوجد على رأس الماء ، وفي العنبر ، وفي أرباح التجارات والمكاسب كلها ، وفيما يفضل من الغلات المذكورة عن قوت السنة له ولعياله ، وفي الكنوز التي توجد في دار الحرب من الذهب والفضة والدراهم والدنانير كان عليها أثر الإسلام أو لا ، وفيما يوجد

__________________

(١) في الأصل : نقلها.

(٢) في « س » : إلى قاص.

(٣) التهذيب : ٤ ـ ٨٩ ح ٢٦٢.

(٤) البلخش معرب بلخچ وهو الزاج الأسود.

١٢٦

منها في بلاد الإسلام ولم يكن عليها أثر الإسلام أو كان عليها أثر الجاهلية هذا إذا لم يعرف لها أهل ، وفي ما اختلط الحلال بالحرام من المال ولم يتميزا.

وفي المعدن الخمس وإن كان للمكاتب أو كان العامل فيه عبدا ، وما يجب فيه الخمس لا يعتبر فيه الحول ، ويجب في قليله وكثيرة إلا الكنوز ومعادن الذهب والفضة فإنها لا يجب فيها الخمس إلا إذا بلغت النصاب الذي فيه الزكاة.

والغوص لا يجب فيه الخمس إلا إذا بلغ قيمته دينارا ، ولا خمس فيما يصطاد من حيوان البحر. والغلات والأرباح يجب فيها الخمس بعد إخراج حق السلطان ومئونة الرجل ومئونة عياله لسنته على الاقتصاد.

والكنوز والمعادن يجب فيها الخمس بعد إخراج مؤنها.

والخمس نصفه للإمام القائم مقام الرسول والنصف الآخر يقسم (١) ثلاثة أقسام : قسم ليتامى آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقسم لمساكينهم وقسم لأبناء سبيلهم لا غير ، يقسمه (٢) الإمام بينهم على قدر كفايتهم في السنة على الاقتصاد ، ولا يخص فريقا منهم بذلك (٣) دون فريق ، وليسوي بين الذكر والأنثى (٤) والصغير والكبير ، فإن فضل شي‌ء كان له خاصة ، وإن نقص كان عليه إتمامه من حصته. واليتامى وأبناء السبيل يعطيهم مع الفقر والغنى لأن الظاهر يتناولهم.

ومستحق الخمس من يحرم عليه الزكاة الواجبة من بني هاشم ، ولا يستحقه من كانت أمه هاشمية دون أبيه وإن كان بالعكس منه جاز ، ولا يخص بالخمس الأقرب ولا يفضل بعضهم على بعض ، ولا يعطي إلا من كان مؤمنا أو بحكم الإيمان من الأطفال والمجانين ، ويكون عدلا مرضيا ، فمن فرق في الفساق

__________________

(١) في « س » : فيقسم.

(٢) في « س » : يقسم.

(٣) في « س » : ولا يختص بذلك فريق.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : الذكور والإناث.

١٢٧

فلا ضمان عليه لأن الاسم يتناولهم ، ولا يحمل الخمس من بلد إلى غيره مع وجود مستحقه إلا بشرط الضمان ، وإذا لم يوجد إلا صنف أو صنفان جاز أن يفرق فيهم ولا ينتظر غيرهم.

الفصل الحادي عشر في الأنفال :

الأنفال : كل أرض خربة باد أهلها وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وهي ما انجلى أهلها ، وكل أرض أسلمها أهلها بغير قتال ، ورءوس الجبال وبطون الأودية ، والآجام والأرضون الموات التي لا أرباب لها ، وصواف الملوك وقطائعهم التي كانت في أيديهم لا على وجه الغصب ، وميراث من لا وارث له ، ومن الغنائم قبل القسمة الجارية الحسناء والفرس الفارة والثوب المرتفع ، وما لا نظير له من رقيق أو متاع ما لم يجحف ذلك بالغانمين ولم يستغرق الغنيمة (١) وما غنم من أهل الحرب بغير إذن الإمام كان كل هذا للإمام القائم مقام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمن تصرف فيه بغير إذنه كان غاصبا (٢) وما يحصل من الفوائد يكون للإمام دونه ، وقد وردت الرخصة عن الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ بشيعتهم خاصة أن يتصرفوا في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها مما لا بد منه من المساكن والمتاجر والمناكح دفعا للحرج عنهم وتطييبا لولادتهم ، فأما ما عدا ذلك من أخماسهم فلا يجوز لأحد التصرف فيه ، وحكمه في أيدي شيعتهم ومن اشتغل به ذمتهم حكم ودائع المسلمين وأماناتهم.

وقد أمليت في ذلك مسألة مستوفاة مستقصاة وسميتها « تنبيه الأنام لرعاية حق الإمام » يطلع بها على ثنايا هذه المسألة وخباياها (٣) وبالله التوفيق. (٤)

__________________

(١) في « س » : القيمة.

(٢) في « س » : عاصيا.

(٣) الخبايا جمع الخبيئة من الخبإ وهو كل شي‌ء مستور.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : « وقد أمليت في ذلك مسألة مستقصاة وسميتها بتنبيه الأنام لرعاية حق الإمام يطلع بها على ثنايا هذه المسألة وبأخبارها » والصحيح ما في المتن.

١٢٨

كتاب الصوم

الفصل الأول

الصوم إمساك مخصوص على وجه مخصوص في وقت مخصوص من ذي وصف مخصوص.

أعني : الإمساك عن الطعام والشراب وغيرهما مما نذكر بعد ، على وجه العمد دون النسيان ، في النهار (١) دون الليل ، ممن كان طاهرا ليس بجنب ولا حائض ، ومؤمنا ليس بكافر ، مقيما ليس بمسافر.

ومن شرط انعقاده النية المقارنة له فعلا أو حكما كالنائم طول شهر رمضان والمغمى عليه فإنه لا نية لهما وقد صح صومهما.

ومن شرط وجوبه كمال العقل والطاقة (٢) والبلوغ ، وليس من شرط الوجوب الإسلام لأن الكافر متعبد بالشرائع إلا أنه لا يلزمه القضاء إذا أسلم ، لأن القضاء فرض ثان ، ومن صام غير عارف بالحق ثم استبصر فلا إعادة عليه ، والمرتد إذا أسلم يلزمه قضاء ما فاته في حال الارتداد ولا يبطل صومه بنفس الارتداد ما لم يفعل ما يفطره ، وأما زوال العقل ، إن كان بما يفعله (٣) المكلف بنفسه على وجه يرجى زواله بمجرى العادة كالسكر وغيره ، فإنه يلزمه قضاء ما فاته حينئذ من

__________________

(١) في « س » : وفي النهار.

(٢) في « س » : والإطاقة.

(٣) في الأصل : مما يفعله.

١٢٩

العبادات ، وإن زال عقله بجناية على وجه لا يعود ، كأن صار مجنونا مطبقا أو بفعل من قبل الله تعالى فلا قضاء ، فعلى هذا إذا دخل عليه شهر رمضان وهو مغمى عليه أو مجنون أو نائم وبقي كذلك أياما ـ أفاق في بعضها أو لا ـ فلا قضاء عليه إلا لما أفطر فيه ، أو طرح في حلقه دواء وهو مفيق.

وحد البلوغ الاحتلام في الرجال ، والحيض في النساء ، والإنبات فيهما ، أو كمال خمس عشرة سنة في الرجال وفي النساء عشر سنين ، ويستحب أخذ الصبي بالصوم إذا أطاقه من تسع سنين تمرينا له.

الفصل الثاني

الصوم على خمسة أقسام : مفروض ، ومسنون ، وصوم إذن ، وصوم تأديب ، وصوم قبيح.

فالمفروض (١) ضربان : مطلق من غير سبب ، وواجب عند السبب.

فالمطلق صوم شهر رمضان ، وشرائط وجوبه ستة : البلوغ ، وكمال العقل ، والصحة ، والإقامة أو حكمها ، والطهارة من الحيض وغيره ، ومن شرط صحة الأداء الإسلام ، وشرائط وجوب القضاء ثلاثة : البلوغ ، وكمال العقل ، والإسلام.

والواجب عند سبب ضربان : ما كان سببه تفريطا أو عصيانا ، أو ما لم يكن كذلك.

فالأول ستة : صوم كفارة الظهار ، وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا ، وكفارة من أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان بعد الزوال ، وكفارة القتل عمدا ، وجزاء الصيد ، وكفارة اليمين.

__________________

(١) في الأصل : فالفرض.

١٣٠

والثاني ستة أنواع : قضاء ما فات من شهر رمضان لعذر من مرض أو سفر أو حيض ، وصوم النذر ، وصوم كفارة أذى حلق الرأس ، وصوم دم متعة الحج ، وصوم الاعتكاف ، وكفارة قتل الخطاء.

وتنقسم هذه الواجبات ثلاثة أقسام : مضيق ومخير ومرتب.

فالمضيق خمسة : صوم شهر رمضان ، وقضاء ما فات منه ، وصوم النذر ، وصوم كفارة قتل العمد ، وصوم الاعتكاف.

والمخير أربعة : صوم كفارة أذى حلق الرأس ، وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا ، على خلاف فيه بين الطائفة في كونه مخيرا أو مرتبا ، وصوم كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال متعمدا بلا عذر ، وصوم جزاء الصيد.

والمرتب أربعة : صوم كفارة اليمين ، وصوم كفارة قتل الخطاء ، وصوم كفارة الظهار ، وصوم دم الهدي.

وينقسم الواجب قسمين آخرين : أحدهما يتعلق بإفطاره متعمدا بلا ضرورة قضاء وكفارة وهو أربعة : صوم شهر رمضان ، وصوم النذر المعين بزمان ، وصوم قضاء شهر رمضان إذا أفطر بعد الزوال ، وصوم الاعتكاف ، والثاني (١) لا يتعلق به كفارة وهو ما عدا ما ذكرناه. وينقسم الواجب أيضا قسمين آخرين : أحدهما يراعى فيه التتابع ، والآخر لا يراعى.

فالأول ضربان :

منه ما إذا أفطر في حال دون حال بنى ، وهو سبعة : من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إما في قتل العمد أو قتل الخطاء أو الظهار أو إفطار يوم من شهر

__________________

(١) في الأصل : والآخر.

١٣١

رمضان. أو نذر معين بيوم ، أو وجب عليه صوم شهرين متتابعين بنذر غير معين ، فمتى أفطر في الشهر الأول أو قبل أن يصوم من الثاني شيئا ولو يوما واحدا بلا عذر من مرض أو حيض استأنف ، وإن كان إفطاره بعد أن صام من الثاني ولو يوما واحدا ، أو كان إفطاره في الشهر الأول لمرض(١) أو حيض بنى على كل حال ، وكذا من أفطر يوما من شهر نذر صومه متتابعا ، أو وجب عليه ذلك في كفارة قتل الخطاء أو الظهار لكونه مملوكا قبل أن يصوم خمسة عشر يوما بلا عذر من مرض أو حيض [ استأنف ، وإن كان بعد أن صام خمسة عشر يوما أو كان إفطاره قبل ذلك لمرض أو حيض ] (٢) بنى ، وصوم ثلاثة أيام لدم المتعة فإن صام يومين ثم أفطر بنى ، فإن صام يوما ثم أفطر أعاد.

ومنه ما يوجب الاستئناف على كل حال وهو ثلاثة مواضع : صوم كفارة اليمين ، وصوم الاعتكاف ، وصوم كفارة من أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان بعد الزوال.

والقسم الثاني وهو ما لا يراعى فيه التتابع ، أربعة مواضع : السبعة الأيام في دم المتعة ، وصوم النذر إذا لم يشرط التتابع ، وصوم جزاء الصيد ، وصوم قضاء شهر رمضان لمرض أو سفر أو حيض ، وإن كان التتابع فيه أفضل.

ولا يجوز الصوم الواجب في السفر ، ولا في يوم العيدين ، (٣) ولا لمن كان بمنى في أيام التشريق ، إلا القاتل في الأشهر الحرم (٤) فإنه يجب عليه صوم شهرين متتابعين من الأشهر الحرم وإن دخل فيه صوم يوم العيدين والتشريق ، ومن وجب

__________________

(١) في « س » : بمرض.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس بموجود في الأصل.

(٣) في الأصل : في يوم العيد.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : في الشهر الحرام.

١٣٢

عليه صوم شهرين متتابعين في أول شعبان تركه إلى انقضاء شهر رمضان ، فإن صام شعبان وشهر رمضان لم يجز(١) إلا أن يكون قد صام من رجب (٢) شيئا مع شعبان فيكون قد زاد على الشهر فيبني عليه بعد رمضان.

وأما الصوم المسنون فجميع أيام السنة إلا ما يحرم فيه الصوم إلا أن فيها ما هو أشد تأكيدا على ما عد في كتب العبادات.

وأما صوم الإذن فثلاثة : لا تصوم المرأة تطوعا إلا بإذن زوجها فإن صامت بغير إذنه لم ينعقد صومها وكان له تفطيرها ، ولا المملوك إلا بإذن سيده ، ولا الضيف إلا بإذن مضيفه ، كل ذلك في التطوع خاصة.

وأما صوم التأديب فخمسة : المسافر إذا قدم أهله وقد أفطر ، والحائض إذا طهرت ، والمريض إذا برأ ، والكافر إذا أسلم ، والصبي إذا بلغ ، كل منهم يمسك بقية نهاره أدبا. (٣)

وأما الصوم القبيح فعشرة : يوم الشك على أنه من شهر رمضان ، ويوم الفطر ، ويوم الأضحى ، وثلاثة أيام التشريق لمن كان بمنى ، وصوم نذر المعصية ، وصوم الصمت ، وصوم الوصال. وهو أن يجعل عشاءه سحوره أو يطوي يومين من غير أن يفطر بينهما ، وصوم الدهر ، لأنه يدخل فيه العيدان ، والتشريق.

الفصل الثالث

علامة شهر رمضان رؤية الهلال أو قيام البينة برؤيته دون العدد ، فمن لم يره وقد رئي في البلد رؤية شائعة وجب عليه الصوم ، وكذا إن كان في السماء غيم أو

__________________

(١) في « س » : لم يجزئه.

(٢) في الأصل : من الرجب.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : تطوعا.

١٣٣

غبار وشهد عدلان مسلمان برؤيته من أهل البلد أو من خارجه وجب الصوم ، ومع فقد العلة لا يقبل إلا بشهادة(١) خمسين رجلا من البلد أو الخارج ، ومتى لم ير في البلد ورئي في بلد آخر أو في البراري وجب العمل به إذا كان البلد الذي رئي فيه بحيث لو كانت السماء مصحية (٢) والموانع مرتفعة لرئي في الموضعين معا لتقاربهما ، وأما إذا بعدت فلكل بلد حكم نفسه ، ولا يجب على أهل أحدهما العمل بما رئي في الآخر ، ولا يقبل شهادة النساء في رؤية الهلال لا على الانفراد ولا مع الرجال ، ولا شهادة الفساق والصبيان والكفار إلا إذا بلغت حد التواتر ، ومتى غم هلال رمضان (٣) عد شعبان ثلاثين يوما وصام بعده بنية رمضان ، فإن غم شعبان أيضا عد رجبا ثلاثين وصام فرضا بعد الستين ، فإن رئي هلال شوال ليلة تسع وعشرين من رمضان قضى يوما واحدا بدله لا غير ، لأن الشهر لا يكون أقل من تسعة وعشرين يوما ، فإن لم يتحقق هلال شهر من شهور السنة سوى الأول نظر اليوم الذي صام من السنة الماضية وعد خمسة أيام وصام اليوم الخامس لأن شهور السنة لا يكون كلها تامة.

ولا اعتبار بتطوق الهلال أو غيابه بعد الشفق أو رؤيته قبل الزوال أو بعده بل يجب العمل بالرؤية ، ويوم الشك يصومه على أنه من شعبان وقد أجزأه وإن كان من رمضان ، وإن صامه بنية رمضان بلا إعادة ، يجب عليه قضاؤه (٤) متى صح أنه كان من رمضان ، ويجوز أن ينوي الفرض إن كان من رمضان والنفل إن كان من شعبان غير قاطع على أحدهما ، ومتى عد شعبان ثلاثين يوما وصام بعده

__________________

(١) في الأصل : « شهادة ».

(٢) الصحو : ذهاب الغيم يقال : أصحت السماء بالألف أي انقشع عنها الغيم فهي مصحية. مجمع البحرين.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : ومتى لم ير هلال رمضان.

(٤) في « س » : عليه القضاء.

١٣٤

ثم قامت البينة بأنه رئي الهلال قبله بيوم قضى يوما بدله لا غير ، ومتى قامت البينة على هلال شوال بعد الزوال في الليلة الماضية وجب الإفطار.

ومن كان أسيرا أو محبوسا بحيث لا يهتدي إلى العلم بشهر رمضان فليتوخ شهرا وليصمه (١) بنية القربة ، فإن وافق شهر رمضان فقد أجزأه ، وكذا إن كان بعده كان قضاء ، وإن كان قبله فعليه القضاء.

الوقت الذي يجب فيه الإمساك عن الطعام والشراب هو طلوع الفجر الثاني ، فإن طلع وفي فيه طعام أو شراب لفظه وتم صومه ، فإن شك في الفجر فأكل (٢) وبقي على شكه فلا شي‌ء ، فإن علم بعد أنه كان طالعا فعليه القضاء.

ويجوز الجماع إلى أن يبقى إلى طلوع الفجر قدر إمكان الغسل ، فإن جامع بعده فعليه القضاء والكفارة ، وإن جامع ظانا امتداد الوقت إلى الفجر فطلع وهو مجامع (٣) امتنع واغتسل وقد صح صومه ، وإن تحرك حركة تعين على الجماع لا على الامتناع فقد أفطر ، وكذا إن غلب في ظنه أن الفجر قد قرب أو علم ذلك وأقدم على الجماع فطلع عليه مجامعا فعليه القضاء والكفارة ، ووقت الإفطار أول وقت المغرب وقد مر.

الفصل الرابع

صوم شهر رمضان يكفي فيه نية القربة ولا يحتاج في انعقاده إلى نية التعيين ، ونية القربة أن ينوي أنه يصوم متقربا إلى الله تعالى ، ونية التعيين أن يعين أنه يصوم شهر رمضان والجمع بينهما أفضل ، وإذا كان من نيته أنه (٤) يصوم الشهر إذا حضر

__________________

(١) في « س » : فليصمه.

(٢) في « س » : وأكله.

(٣) في « س » وهو يجامع.

(٤) في « س » : بنيته أن.

١٣٥

ولم يجددها عند دخول الشهر لسهو أو نوم أو إغماء صح صومه ، ويجوز في نية القربة أن تكون متقدمة ، والأفضل أن تكون مقارنة يأتي بها ليلة الشهر(١) من أولها إلى آخرها متى شاء ، ويجزيه أن ينوي ليلة الشهر صوم الشهر كله ، والأفضل أن يجددها كل ليلة ، ومتى نوى بصوم شهر رمضان النذر أو القضاء أو نفلا لم يقع إلا عن رمضان.

إذا صام الشاك أول الشهر بنية النفل أجزأه ، وأما بنية الفرض فلا ، فإن لم ينو إلى قبيل الزوال لسهو أو فقد علم بدخول الشهر صح ، وكذا في غير رمضان من الصوم المفروض ، وإن (٢) أخر النية إلى بعد الزوال في رمضان لعدم علمه بدخوله جددها وقضى إن كان أصبح بنية الإفطار ، وإن كان صائما بنية النفل يجزئه متى جددها ، وإن أصبح بنية الإفطار مع العلم بأنه من الشهر ثم جدد النية لم ينعقد وعليه القضاء.

ومن هو في سفر التقصير إذا صام بنية رمضان لم يجزه (٣) وبنية التطوع يجزئ ، ومن نذر أياما فوافق شهر رمضان فصام عن أيهما شاء حاضرا فقد أجزأه عن كليهما ، وإن كان مسافرا وكان قد نذر أنه يصوم مسافرا كان أو حاضرا فذلك للنذر وعليه القضاء لرمضان (٤) ، وإن لم يكن قيد النذر لم يجز عن أحدهما لأن ما عداه من واجب الصوم لا يصح في السفر ، وما عدا ما ذكرناه من مفروض الصوم ومسنونة لا يجزئ فيه نية القربة عن التعيين. (٥)

ووقت النية في ذلك ليلة الصوم من أولها إلى طلوع الفجر الثاني لا تجزئ

__________________

(١) في « س » : ليلا لشهر.

(٢) في « س » : « وإذا » بدل « وإن ».

(٣) في « س » : لم يجزئه.

(٤) في « س » : فذلك للنذر لم يجز وعليه القضاء لرمضان.

(٥) كذا في « س » ولكن في الأصل : لا يجزئ فيه نية القربة غير نية التعيين.

١٣٦

المتقدمة عليه ، ويجوز تجديدها إلى الزوال فإن زالت فقد فات الوقت إلا في النوافل ، إذ قد روي تجديد النية فيها إلى أن يبقى من النهار ما يمكن أن يكون صوما ،(١) ويصح من الصبي نية الصوم.

لا يؤثر في الصوم المنعقد نية الإفطار حتى يتناول مفطرا ولا كراهة الامتناع من الأشياء المخصوصة. ونية الصوم يجب أن يتعلق بكراهة المفطرات من حيث كانت إرادة ، والإرادة تتعلق بحدوث الشي‌ء ولا تتعلق بأن لا يفعل الشي‌ء وليس هناك إلا الكراهة وقيل : إنما هي تتعلق بإحداث توطين النفس وقهرها على الامتناع بتجديد الخوف من العقاب والرجاء للثواب وغير ذلك. (٢)

الفصل الخامس

ما يجب على الصائم الإمساك عنه ضربان : واجب وندب ، والواجب ضربان : أحدهما فعله يفسد الصوم ، والآخر لا يفسده. وما يفسده إما أن يقع في صوم شهر رمضان والنذر المعين بزمان مخصوص ، أو في غيرهما مما لا يتعين ، فما يقع فيهما ضربان : أحدهما يوجب القضاء والكفارة ، والآخر يوجب القضاء دون الكفارة. فما يوجبهما جميعا تسعة : الأكل والشرب لكل ما يكون به آكلا وشاربا ، والجماع في الفرج أنزل أو لا قبلا كان أو دبرا فرج امرأة أو غلام أو ميتة أو بهيمة ، وقد روي أن الوطء في الدبر بلا إنزال لا ينقض الصوم وأن المفعول به لا ينقض صومه بحال ، (٣) والأول أظهر وأحوط ، وإنزال الماء الدافق متعمدا ، والكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ متعمدا مع العلم بأنه كذب ، والارتماس في

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٧ ب ٣ من أبواب وجوب الصوم ونيته.

(٢) في الأصل : والرجاء إلى الثواب. والقائل هو الشيخ في المبسوط : ١ ـ ٢٧٨.

(٣) الوسائل : ١ ب ١٢ ، من أبواب الجنابة ، ح ٣ ـ ٤.

١٣٧

الماء ، وإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق كغبار الدقيق والتراب ونحوهما ، وفي أصحابنا من قال : إن الارتماس والكذب المذكور لا يفطران(١) وإن الغبار يوجب القضاء دون الكفارة (٢) ، والبقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر متعمدا بلا ضرورة ، ومعاودة النوم جنبا بعد انتباهتين حتى يطلع الفجر متعمدا.

والكفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدان وأقله مد مخيرا في ذلك ، وروي أنها مرتبة ، (٣) والتخيير أظهر وأشيع ، وروي أنه إذا أفطر يوما من رمضان بمحظور كالخمر والزنا لزمه الجمع بين هذه الكفارات الثلاث. (٤) ومن أفطر يوما معينا نذر صومه فحكمه حكم رمضان ، وروي أن عليه كفارة اليمين ، وذلك محمول على من لا يقدر إلا عليها ، وروي أنه لا شي‌ء عليه ، (٥) وذلك محمول على من لا يقدر أصلا.

__________________

(١) السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ، ورسائل الشريف المرتضى : ٣ ـ ٥٤ ، وسلار وابن عقيل ، لاحظ المختلف : ٣ ـ ٣٩٧ و ٤٠٠ من الطبع الحديث.

(٢) ابن إدريس : السرائر : ١ ـ ٣٧٧ ، أقول : ذهب الأصحاب في هذه المسألة إلى ثلاثة أقوال ، كما صرح بها صاحب الحدائق ـ قدس‌سره ـ على ما هذا نصه : اختلف الأصحاب في إيصال الغبار إلى الحلق ، فذهب جمع ـ منهم الشيخ في أكثر كتبه ـ إلى أن إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق متعمدا موجب للقضاء والكفارة ، وإليه مال من أفاضل متأخري المتأخرين المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر في كتاب الوسائل.

وذهب جمع ـ منهم ابن إدريس والشيخ المفيد على ما نقل عنه وأبو الصلاح وغيرهم ، والظاهر أنه المشهور ـ إلى وجوب القضاء خاصة متى كان متعمدا.

وذهب جمع من متأخري المتأخرين إلى عدم الإفساد وعدم وجوب شي‌ء من قضاء أو كفارة ، وهو الأقرب. لاحظ الحدائق : ١٣ ـ ٧٢.

(٣) لاحظ الوسائل : ٧ ، ب ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم : ح ٢ و ٥.

(٤) نفس المصدر : ب ١٠ ، ح ١.

(٥) لاحظ الوسائل : ٧ ، ب ٧ من أبواب بقية الصوم الواجب ، أحاديث الباب ومستدرك الوسائل : ٧ ، ب ٤ من أبواب بقية الصوم الواجب. والمختلف : ٣ ـ ٥٦٨ من الطبع الحديث.

١٣٨

وتكرار الفعل يوجب تكرار الكفارة سواء كان ذلك في يومين أو في رمضانين ، وسواء كفر عن الأول أو لا. وإذا تكرر في يوم واحد ففي وجوب التكرار قولان ، والأظهر أنه يتكرر ، وإذا طاوعت المرأة زوجها في جماعها في نهار شهر رمضان كان عليها أيضا القضاء والكفارة ويضرب كل واحد منهما خمسة وعشرين سوطا ، وإن أكرهها الزوج فعليه كفارتان ويضرب خمسين سوطا.

ومن وجبت عليه الكفارة ولم يقدر على شي‌ء منها صام ثمانية عشر يوما ، وكذا من وجب عليه صوم شهرين متتابعين بنذر أو غيره ، فإن عجز عن ذلك استغفر الله ولم يعد ، ومن وجبت عليه كفارة فتبرع عنه إنسان بها جاز ، ومن أفطر في شهر رمضان متعمدا بلا عذر وقال : لا حرج علي في ذلك ، وجب قتله ، فإن قال : علي فيه حرج ، عزره الإمام مغلظا فإن عاد ثالثا (١) بعد تعزيره دفعتين قتل.

فأما ما يوجب القضاء دون الكفارة فثمانية عشر شيئا : الإقدام على الأكل والشرب والجماع وإنزال الماء [ الدافق ] (٢) قبل أن يرصد الفجر مع القدرة عليه ويكون طالعا ، وترك القبول عمن قال : إن الفجر قد طلع وكان طالعا ، والإقدام على ما مر أو على الجماع ونحوه ، وتقليد الغير في أن الفجر لم يطلع مع القدرة على مراعاته ، [ والإقدام على ما سبق وقد طلع الفجر ، وتقليد الغير في دخول الليل مع القدرة على مراعاته ] (٣) والإقدام على الإفطار بدخوله ولم يدخل ، وكذا الإقدام على الإفطار لما يعرض في السماء من ظلمة بلا احتياط ثم تبين أن الليل لم يدخل ، ومعاودة النوم بعد انتباهة واحدة على الجنابة ولم ينتبه حتى يطلع الفجر ، ووصول (٤)

__________________

(١) في الأصل : ثلاثا.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل. وفيه : على الأكل والشرب أو الجماع أو إنزال الماء قبل.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) في « س » : ودخول الماء.

١٣٩

الماء إلى الحلق من غير قصد إليه للتبرد به دون المضمضة(١) ، والنظر إلى ما لا يحل بشهوة حتى أنزل ، وتعمد القي‌ء وابتلاع ما يحصل في فيه من قي‌ء ذرعه (٢) ولم يتعمده مع الاختيار ، وابتلاع ما يخرج من بين أسنانه بالتخلل متعمدا ، وابتلاع ما ينزل من رأسه من الرطوبة أو ما يصعد إلى فيه من صدره من النخامة والدم وغيرهما مع إمكان التحرز ، وابتلاع ما وضعه في فيه من خرز وذهب وغيرهما بلا حاجة إليه (٣) ناسيا ، وابتلاع الريق الذي انفصل من الفم ، والسعوط (٤) الذي يصل إلى الحلق ، والاحتقان بالمائعات ، وصب الدواء في الإحليل حتى وصل إلى الجوف ، واستجلاب ما له طعم ويجري مجرى الغذاء كالكندر في إحدى الروايتين ، وفي الأخرى أنه لا يفطر ، قال الشيخ : والأول هو الاحتياط (٥). ومتى وقع شي‌ء من ذلك في غير ما ذكرناه من الصوم أبطله ويوجب القضاء إن كان فرضا.

وإن وقع في قضاء شهر رمضان بعد الزوال فعليه مع صيام يوم بدله إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام متوالية (٦) ومن فعل شيئا من جميع ذلك ناسيا في أي صوم كان فلا شي‌ء عليه وصح صومه ، وإن فعل شيئا من ذلك ناسيا في صوم معين (٧) ثم اعتقد أن ذلك يفطر فأكل أو شرب أو أتى بمفطر آخر فعليه القضاء والكفارة ، وقيل : عليه القضاء لا غير.

وأما ما يجب الإمساك عنه وإن لم يفسد الصوم فجميع المحرمات والقبائح سوى ما سبق.

__________________

(١) كذا في « س » ولكن في الأصل : للمتبرد دون المتمضمض.

(٢) ذرعه القي‌ء : غلبه وسبقه. المصباح المنير.

(٣) في الأصل : بلا حاجة به إليه.

(٤) السعوط على وزن رسول : دواء يصب في الأنف. المصباح المنير.

(٥) المبسوط : ١ ـ ٢٧٣.

(٦) كذا في الأصل ولكن في « س » : متواليات.

(٧) في الأصل : في صوم متعين.

١٤٠