إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

الرّابعة عشر الشّكّ في النّسب

فيما إذا وطئ المولى ، أو الزّوج وأجنبىّ المرأة في طهر واحد ، فمن الولد لا يرث الأب ، بل يستحب له أن يعزل له قسطا من ميراثه.

ولو مات الولد لم يرثه الأب ، وميراثه لولده ، فإن فقدوا فميراثه للإمام عليه‌السلام عند الشّيخ والقاضى ، وهو المروىّ في الامة بسند صحيح ، وأنكر ابن إدريس ذلك والحق الولد بالزّوج

الخامسة عشر

الحمل : الّذي قد يعلم من اصول المذهب وقواعده ونصوصه المستفيضة الّتي منها قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : السّقط لا يرث ولا يورث.

والإجماع بقسميه انّه مانع من الإرث ، إلّا أن ينفصل حيّا فيرث.

قال شيخنا الشّيخ محمّد الحرّ العاملى رحمه‌الله :

والحمل شرط إرثه في الشّرع

تحقّق الحياة بعد الوضع

وإنّما يكون باستهلاله

أو بتحرّك بيان حاله

أعنى به تحرّك الإرادة

إذا أتى مستعقب الولادة

ودية الجنين من يقترب

بالأبوين يحوها أو باب

وما لمن تقرّبوا بالامّ

في دية لو قرّبوا من سهم

ولو سقط ميّتا لم يرث لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : السّقط لا يرث ولا يورث ، ولا يشترط حياته عند موت المورث ، فلو كان نطفة ورث إذا انفصل حيّا ، ولا يشترط استقرار الحياة بعد انفصاله ، ولا استهلاله لجواز كونه أخرس.

وخبر عبد الله بن سنان : إنّ المنفوس لا يرث من الدّية شيئا حتّى يصيح.

٨١

وفي خبر : آخر : حتّى يستهل ويسمع صوته ، محمول على التّقيّة.

ويعتبر الحركة البينة الّتي لا تصدر إلّا عن حىّ لا بنحو التّقلّص الطّبيعى ، لصحيح الفضل قال : سئل الحكم بن عقبة أبا جعفر عليه‌السلام عن الصّبى يسقط من امّه غير مستهلّ أيورث؟ فأعرض عنه ، فأعاد عليه ، فقال عليه‌السلام : إذا تحرّك تحرّكا بيّنا ورث ، فإنّه ربما كان أخرس.

فالقول باشتراط استقرار الحياة في غاية الضّعف ، وإن قال به شيخ الطّائفة.

فلو سقط بجناية جان وتحرّك حركة تدلّ على الحياة ورث وانتقل ماله إلى وارثه ولو خرج بعضه حيّا وبعضه ميّتا لم يرث.

وكما يحجب عن الإرث حتّى ينفصل حيّا يحجب غيره ممّن هو ، دونه كما لو كان للميّت امرأة أو امة حامل وله أخ أو ولد فيترك حتّى يتبيّن ويظهر أمره ، ولو طلبت المرأة الإرث اعطيت الثّمن إذا كانت زوجة ولو طلب الأبوان اعطى السّدسين ، والباقى موقوف ، ولو طلب الإخوة فرض الحمل ذكرين لندور الزّائد.

وقيل يؤخّر نصيب ابن وبنت ، والأوّل أحوط ، فإن انكشف الحال بخلافه استدرك ، ويعلم وجوده حال موت المورث بأن يوضع لدون ستّة أشهر عند الموت أو لأقصى الحمل إذا يوطئ الامّ وطيا يصحّ استناد الحمل إليه ، فلو وطئت ولو بشبهة لم يرث ، لاحتمال تجدّده مع أصالة عدم تقدّمه كما لا يحكم بمنعه من تصرّف من دونه ومن شاركه فيما عدا المتيقّن إلّا مع الجزم بتحققه في الشّريعة المصرّح في كلام ذويه انّه لو طلبت الزّوجة الإرث اعطيت حصّة ذات الولد كما يعطى الأبوان السّدسين لو كانا مع الحمل ويرجى سهم ذكرين لو

٨٢

كان معه ولد لندور الزّائد المنزل ندوره بمنزلة الجزم بعدمه عند العقل والنّقل وساير الأصحاب الّذين لم نجد مخالفا منهم في وجوب دفع المتيقّن ، والمنع من كلّ ما شكّ في الدّفع معه ، ولكن في توقّف أخذ المتيقّن على إذن الحاكم ومن قام مقامه وعدمه وجهان ، أحوطهما الأوّل ، وإن كان الثّانى هو الأوفق باصول المذهب المعلوم من أدلّة ، إنّه لو انكشف الحال بخلاف ما أخذ استدرك زيادة ونقصانا ، ولو كان بإذن الحاكم ، فلا تغفل.

السّادسة عشر :

بعد الدّرجة فلا يرث الأبعد مع وجود الأقرب ، وقد يعبّر عنه بالحجب ، كما مرّ مفصّلا.

السّابعة عشر :

العلم باقتران موت اللّذين يتوارثان أو اشتباه المتقدّم إذا كان حتف الأنف أو لا بسبب الغرق والهدم ، فإنّه لا يتوارث الموتى ، بل ميراث كلّ لورثته ، ويلوح من ابن الجنيد والحلبىّ اطراد حكم الغرقى والمهدوم في كلّ مشتبه ، وصرّح ابن حمزة بذلك في الغرق والهدم والقتل.

وإذا حكمنا بالتّوريث مع الغرق والهدم اشترط فيه اشتباه الحال ، فلو علم اقتران الموت فلا توارث ، ولو علم المتقدّم دون العكس ، وأن تكون الموارثة دائرة بينهما فلو غرق أخوان ولكلّ منهما ولدا أو لأحدهما فلا توارث بينهما.

ثمّ إن كان لأحدهما مال صار لمن لا مال له ، ومنه إلى وارثه الحىّ ولا يرث أحدهما ممّا ورث منه الآخر وإلّا يتسلسل واستدعى المحال عادة ،

٨٣

وهو فرض الحياة بعد الموت ، لأنّ التوريث منه يقتضى فرض موته منه ، فلو ورث ما انتقل عنه لكان حيّا بعد انتقال المال عنه وهو ممتنع عادة.

وقال الشّيخ المفيد وسلّار : يرث ممّا ورث منه لوجوب تقديم الأضعف ولا فائدة إلّا التّوريث ممّا ورث عنه.

قلنا : نمنع الوجوب ، ولو سلّم كان تعبّدا ، فلو غرق الأب وولده قدّم موت الابن فيرث الأب نصيبه منه ، ثمّ يفرض موت الأب ، فيرث الولد نصيبه منه ، ويصير مال كلّ واحد منقولا إلى ورثة الآخر الأحياء وإن شاركهما مساو انتقل إلى وارثه الحىّ ما ورثه ، ولو تساويا في الاستحقاق فلا تقديم ويصير مال كلّ منهما لورثة الآخر ، كأخوين لأب ، وكان لكلّ منهما خال ، ولو لم يكن لهما وارث صار مالهما للإمام عليه‌السلام.

وعلى قول المفيد ( رحمه‌الله ) : لو كان لكلّ من الأخوين جدّ الامّ ، ولا مال لأحدهما يقرع ، فإن خرج توريث المعدم أوّلا انتقل مال الآخر إليه وإلى جدّه ثلثه لجدّه وثلثاه لأخيه ، ثمّ نفرض موت المعدم فيرث الموسر منه ثلثى ما انتقل إليه وثلثه لجدّ المعدم وينتقل ما ورث الموسر إلى جدّه ، فيجتمع لجدّه ثلث أصل ماله وثلثا ثلثيه وذلك سبعة اتّساع ماله ولجدّ المعلوم تسعان ، ولو خرج توريث الموسر لم يرث من أخيه شيئا.

ثمّ يقدر موت الموسر فيرث ماله أخوه وجدّه أثلاثا ، فيكون لجدّ الثّلث ولأخيه الثّلثان ، ينتقل ما صار لأخيه إلى جدّه ، فيكون لجدّ الموسر ثلث ماله ولجدّ المعدم ثلثاه ، فوجبت القرعة لتغير الحكم بالتقدّم والتّأخر.

وعلى الأصحّ يصير مال الموسر بين جدّه وجدّ أخيه أثلاثا لجدّه الثّلث ، ولجدّ أخيه الثّلثان ، وكذا يقرع على قوله : لو كان له مال تساويا في

٨٤

قدره ، أو اختلفا ، فإنّ جدّ المتقدّم في الموت يفوز بأكثر ممّا يحصل له لو تأخّر موت مورثه ، وعلى الأصحّ يقسم مال كلّ أخ بين جدّه وجدّ أخيه أثلاثا لجدّه ثلثه ، ولجدّ أخيه ثلثاه.

ولو تكثّرت الغرقى لم يتغيّر الحكم ، فيقدر موت كلّ واحد ، ويورث بحسب الاستحقاق.

الثّامنة عشر :

منع ذي القربى الامّ عن الدّية ، كما عليه الأكثر.

التّاسعة عشر :

في مفقود الخبر ، قال شيخنا الحرّ العاملى :

واعلم بأنّ حكم مفقود الخبر

فيه خلاف في الفتاوى والأثر

وقال في الخلاف هذا يقسم

ميراثه بعد سنين يعلم

أن لا يعيش مثله في العادة

قطعا إليها أى من الولادة

وبعضهم قد حصر السّنينا

بمائة تتمّ مع عشرينا

وبالجملة : الغيبة المنقطعة ، وهى مانعة من نفود الإرث في مدّة التّربّص ، وإن اختلف فيها على أقوال ، كالنّصوص منها ما عليه كثير.

منهم : شيخ الطّائفة في المبسوط ، والخلاف ، والفاضلان والشّهيد من أنّه لا يورث حتّى يعلم موته ، ولو ببيّنة ، أو يمضى له من حين ولادته مدّة لا يعيش مثله إليها عادة.

بل في كلام جماعة ، منهم : أنّه هو المشهور بينهم خصوصا المتأخّرين ، ولم يرد بذلك دليل من النّصّ صريحا ، ولكنّه يوافق الأصل من بقاء الحياة

٨٥

إلى أن يقطع بالموت عادة ، وربّما قدّرت بمائة وعشرين سنة ، بل البلوغ بالسّنة المزبورة على خلاف العادة ، كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أكثر أعمار امّتى بين السّتين والسّبعين ، وقلّ : من يجاوزهما.

فهذه المدّة ليست مقدّره بالقطع واليقين ، بل يختلف بإختلاف الأزمان والأقاليم ، لكن لا يبعد الاكتفاء بها ، فيحكم لورثته الموجودين وقت الحكم.

ومنها ما عليه جمع ، منهم : الصّدوق ، والسّيّد المرتضى ، وابن زهرة من أنّه لا يورث حتّى يطلب في أربع جوانب من الأرض أربع سنين.

ومنها ما قيل به من أنّه لا يورث مطلقا ، أو في خصوص العقار ، حتّى ينتظر عشر سنين ، والأوّل هو الموافق لأصول المذهب وقواعده ، وكلّ ما دلّ من نصّ وإجماع ونحوه على وجوب التّربّص بمجهول المالك ، حتّى ييأس من صاحبه ، فيتصدّق به عنه ، ولو بمعونة الوسائط الّتي منها الفحوى وتنقيح المناط القطعى والإجماع الّذي قد يكون صريحا من المقدّس الأردبيلىّ رحمه‌الله على عدم الفصل بين الميراث وغيره من الحقوق الّتي لم يعرف ذووها.

والثّانى :

قوىّ متين لقول الصّادق عليه‌السلام في موثّق عثمان بن عيسى عن سماعة : المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين.

فإن لم يقدر عليه قسم ما به بين الورثة ونحوه في موثق إسحاق الموصوف بالصّحّة في كلام بعض عن مولانا الكاظم عليه‌السلام ، لكنّه مطلق غير مقيّد بالطّلب ، فيحمل على الأوّل المصرّح بدعوى الإجماع على مضمونه في انتصار السّيّد المرتضى ، وغنية ابن زهرة ، وعلى تأييده في كلام غير واحد بفحوى كلّ ما دلّ من نصّ وفتوى على اعتداد المرأة بعد الأربع وجواز تزويجها.

٨٦

ثمّ إنّ خبر سماعة ، وإن كان ضعيفا لكن القول بمضمونه لا بأس به مع طلبه في البلاد كما في الاعتداد ، لأنّ عصمة الفرج والاحتياط في حفظه أشدّ في نظر الشّارع من عصمة المال ، وذهب إليه السّيد المرتضى ، وادّعى انفراد الإماميّة به ، والصّدوق ، وأبو الصّلاح ، والحلبى ، ومال إليه العلّامة ، وقوّاه الشّهيدان في الدّروس والرّوضة.

وقال ابن الجنيد : يورث بعد أربع سنين من كان في عسكر وشهدت هزيمته.

والثّالث :

لا يخلو من قوّة بعد ما عرفت من كونه مدلولا عليه بكلّ ما دلّ على الثّانى مضافا إلى صحيح ابن مهزيار الّذي سأل أبا جعفر الثّانى عليه‌السلام عن دار كانت لامرأة ، وكان لها ابن وابنة فغاب الابن بالبحر وماتت المرأة فادّعت ابنتها إنّ امّها كانت صيرت هذه الدّار لها ، وباعت أشقاصا منها ، وبقيت في الدّار قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا ، وهو يكره إن يشتريها لغيبة الابن ، وما يتخوّف أن لا يحلّ شرائها ، وليس يعرف للابن خبر ، فقال عليه‌السلام : ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، قال : ينتظر به غيبة عشر سنين ، ثمّ يشترى ، فقلت : إذا انتظر به غيبة عشر سنين يحلّ شرائها؟ قال عليه‌السلام : نعم.

ولكنّه مع كونه قضيّة في واقعة غير ظاهر بالحكم في موته لاحتمال كون التّأخير إلى تلك المدّة احتياطا ، كما يرشد إليه جواز البيع للبنت والشّراء منها من دون انتظار يوم لمكان دعواها الملك بلا معارض ، لو أنّ البيع بإذن الحاكم لمصلحة ، كما يمنع من صراحة موثّق سماعة وإسحاق بما قد ذكر بعد احتمال كون القسمة على الورثة بعد تلك المدّة على وجه الضّمان

٨٧

لمصلحة الغائب وخصوصا إذا كانوا بمكان من الملاءة الّتي يجوز لحاكم الشّرع أن يقرض مال الغائب ونحوه لمصلحة ذيه.

بل ربّما يجب عند التّأمّل المعلوم لذويه إنّه لا وجه لقياس الأموال على اعتداد الزّوجة ، وجواز تزويجها بعد وجود الفارق وعموم نفى الضّرر والضّرار اللّازمين على تقدير وجوب صبرها حتّى تعلم بموته كما قد يمنع من إجماع الانتصار ، والغنية في أمثال المقام الّذي يخالف فيه مشايخ عصرها ، كالشّيخ ، والقاضى ، وابن حمزة ، وأساطين من تأخّر كالحلّى والفاضلين والشّهيد وأضرابهم على أنّه لا أقلّ من تعارض النّصوص وتساقطها ، فيرجع إلى اصول المذهب وقواعده الّتي منها أصالة بقاء حياة الوارث وحرمة التّصرّف بأمواله وعدم دخول التّركة في ملك الوارث ، والاحتياط اللّازم في الفروج والأموال وسائر التّصرّفات في أمثال المقام المعلوم من ملاحظة أدلّة أنّ الوجه ما عليه الشّيخ والفاضلان.

وأنّه لو علم موته بمضىّ سنة ، فلا يجب الانتظار ، وأنّه لو يعلم بمضىّ المائة والعشرين سنة الّذي جعله كثير من الأصحاب المدّة الّتي لا يعيش إليها في العادة وجب الانتظار.

وإنّه لو مات قريب في تلك المدّة عزل له نصيبه منه وكان بحكم ماله.

وأنّه لا فرق في ذلك كلّه بين الغائب الّذي لا يعلم خبره والأسير في بلاد الرّوم وغيرهم.

والمفقود من مركب أو عسكر قد هلك كثير منه.

وإن توهّم الفرق المصرّح به في كلام الإسكافى المنقول عن مختصره إنّ انتظار المفقود في عسكر قد شهدت هزيمة ، وقتل من كان فيه أو أكثرهم أربع سنين ، وانتظار المفقود لغيبة ونحوها عشر سنين ، ولا ريب إنّه ضعيف ،

٨٨

كاحتمال توقّف اعتداد الزّوجة ، وقسمة المال مع الجزم بالموت على إذن الحاكم الّذي يتوقّف على حكمه فيما لو كان ثبوته ببيّنة ، أو بمضىّ الأربع أو العشر ، بناء عليه على الأظهر.

نعم ؛ لا ريب بتوقّف من ثبت عنده الموت في المال الّذي ينازعه فيه الوكيل ، والوارث ونحوه ممّن له عليه يد على حكم الحاكم وقسمته ، فتدبّر فيما قد يعلم كثير من مسائله وفروعه بأدنى تأمّل بعد ملاحظة أمثال المقام.

العشرون :

منع المستهلّ من الإرث إذا لم تكمل شهور الاستهلال ، فلو شهدت امرأة واحدة منع من ثلاثة أرباع النّصيب ، ولو شهدت اثنتان منع من النّصف ، ولو شهدت ثلاثة منع من الرّبع.

ونقل ابن الجنيد قبول شهادة الواحدة في الجميع ، وهو قول الحسن ، وظاهر المفيد ، فعلى هذا لا يمنع إلّا أنّه متروك.

الحادية والعشرون

الدّين المستغرق

فمن مات وعليه دين مستوعب ، فقد قيل ببقاء التّركة على حكم مال الميّت ، لقوله تعالى :

« من بعد وصيّة يوصى بها أو دين » (١)

وقيل بانتقالها إلى الورثة وتعلّق الدّين بهم لاستحالة بقاء الملك بغير

__________________

(١) سورة النّساء ، الآية ١٢.

٨٩

مالك ، والميّت لا ملك له ، والدّيان لا يملكون بمجرّد الموت إجماعا ، فعلى الأوّل فتاوى الأصحاب والكتاب والسّنّة ، وذهب المعظم إلى أنّه مانع من التّصرّف في غير ما قابله قبل قضائه أيضا ملكان تعلّقه بكلّ جزء من التّركة على سبيل الإشاعة.

واستبعده الفاضل في التّذكرة ، واستقرب رفع الحجر فيما زاد على الدّين في حجر القواعد ، ولعلّه هو الأظهر والأوفق بالاعتبار ، وظاهر السّيرة ، واصول المذهب وقواعده الّتي قد يستفاد منها أنّ الدّين لا يصدق عليه اسم المانع من الإرث إلّا على القول بدخول ما قابله في ملك الغريم ، أو ببقائه في حكم مال الميّت ضرورة ، إنّه لو صدق عليه حتّى على القول بدخوله في ملك الورثة لصدق على العين المرهونة ، والمستأجرة والمنذور استعمالها زمانا مات في أثنائه والمغصوبة ونحو ذلك ممّا لا يتمكّن الوارث من التّصرّف به أنّه من موانع الإرث الّذي لا يبعد أن تعدّ هذه الأشياء من موانعه ، فتدبّر ؛

ثمّ إنّه لا يبعد أن يحمل الآية على الملك المستقرّ للجمع وتظهر الفائدة في النّماء المتجدّد بعد الوفاة وقبل وفاء الدّين فعلى الأوّل تبع العين ، وعلى الثّانى يكون للوارث ، ولو لم يكن مستغرقا انتقل إليهم ما زاد ، وفي منعه من التّصرّف في الكلّ أو فيما قابل الدّين وجهان ، أوجهها الثّانى ، لكن أن قصر الباقى لتلف أو غيره لزم الإكمال.

تتميم :

قد ذكرنا هنا موانع الإرث على سبيل الإجمال ، كما ذكرها الأصحاب من فحول الرّجال ، وإن كان في كثير منها تكلّف وتسامح في صدق اسم المانع عليه بلا مقال تعميما للنّفع ، وتتميما للفائدة.

٩٠

المطلب الثّاني

في الجمع والتّفريق والتّضعيف والضّرب والتّنصيف

والقسمة زيادة عدد على آخر : جمع ونقصه منه تفريق ، وتكريره مرّة تضعيف ، ومرارا بعدّة عدد آحاد آخر ضرب ، وتجزيته بمتساويين تنصيف ، وبمتساويات بعدّة آحاد آخر قسمة ، ولنورد هذه الأعمال في فصول.

٩١

الفصل الأوّل

الجمع :

ترسم العددين متحاذيين وتبدأ من اليمين بزيادة كلّ مرتبة على محاذيها ، فإن حصل أقلّ من عشرة ترسمه تحتها ، أو أزيد ، فالزّائد ، أو عشرة فصفرا حافظا في هذين للعشرة واحد لتزيده على ما في المرتبة التّالية ، أو ترسمه بجنب سابقة ، إن خلت وكلّ مرتبة لا يحاذيها عدد فانقلها بعينها إلى سطر الجمع ، وهذا صورته :

فإن تكثّرت سطور الأعداد ، فارسمها متحاذية المراتب ، وابدء من اليمين حافظا لكلّ عشرة واحدا ، كما عرفت ، وهذه صورته :

واعلم ؛ أنّ التّضعيف في الحقيقة جمع المثلين ، إلّا أنّك لا تحتاج إلى رسم المثل ، بل تجمع كلّ مرتبة إلى مثلها ، كأنّه بحذائها ، وهذه صورته :

٩٢

الفصل الثّانى

في التّنصيف :

تبدأ من اليسار وتضع نصف كلّ تحته إن كان زوجا ، والصّحيح من نصفه إن كان فردا حافظا للكسر خمسة لتزيدها على نصف ما في المرتبة السّابقة إن كان فيها عدد غير الواحد ، وإن كان واحدا وصفرا ، وضعت الخمسة تحته ، فإن انتهت المراتب ومعك كسر ، فضع صورة النّصف هكذا :

٩٣

الفصل الثّالث

في التّفريق :

تضعهما ، أى المفروق والمفروق منه كما مرّ ، وتبدأ من اليمين ، وتنقص كلّ صورة من محاذيها ، وتضع الباقى تحت الخطّ العرضىّ ، فإن لم يبق شي‌ء ، فصفرا ، وإن تعذّر النّقصان منه أخذت إليه واحدا من عشراته ، ونقصت منه ، ورسمت الباقى ، فإن خلت عشراته أخذت من مأئة وهو عشرة بالنّسبة إلى عشراته ، فضع فيها منه تسعة ، واعمل بالواحد ما عرفت ، وتمّم العمل هكذا ، وهذه صورته :

٩٤

الفصل الرّابع

في الضّرب :

وهو تحصيل عدد نسبة أحد المضروبين إليه ، كنسبة الواحد إلى المضروب الآخر ، ومن هاهنا يعلم أنّ الواحد لا تأثير له في الضّرب ، وهو ثلاثة مفرد في مفرد ، أو مفرد في مركّب ، أو مركّب في مركّب ، والأوّل إمّا آحاد في آحاد ، أو في غيرها ، أو غيرها في غيرها.

أمّا الأوّل :

فهذان الشّكلان متكفّلان به :

٩٥

وأمّا الأخيران :

فردّ فيهما غير الآحاد إلى سمّيها منها ، واضرب الآحاد في الآحاد ، واحفظ الحاصل ، ثمّ اجمع مراتب المضروبين ، والسّبط المجتمع من جنس

٩٦

متلوّ المرتبة الأخيرة ، ففى ضرب الثّلاثين في الأربعين تبسط الاثنى عشر مأئة ، إذ المراتب أربع والثّالثة مرتبة المئات ، وفي ضرب أربعين في خمسمائة تبسط العشرين ألوفا ، إذ المراتب خمس ، أى : لكلّ من المضروب والمضروب فيه مرتبتان الآحاد ، والعشرات ، فالمجموع أربعة مراتب ، والمرتبة الرّابعة هى مرتبة الألف ، فيجب أن يبسط من جنس المرتبة السّابقة ، وهى المئات منه.

وأمّا الثّانى والثّالث : فإذا حلّ المركّب إلى مفرداته رجع إلى الأوّل ، فاضرب المفردات بعضها إلى بعض ، واجمع الحواصل ، فإن تكثّرت المراتب ، وتشعّب العمل ، فاستعن بالقلم ، فإن كان ضرب مفرد في مركّب ، فارسمهما ، ثمّ تضرب المفرد بصورته في المرتبة الاولى ، فارسم آحاد الحاصل تحتها ، واحفظ لعشراته آحادا بعدّتها ، لتزيدها على حاصل ضرب ما بعدها إن كان عددا ، وإن كان صفرا رسمت عدّة العشرات تحته ، وإن لم يحصل آحاد فضع صفرا حافظا لكلّ عشرة واحدا لتفعل به ما عرفت.

ومتى ضربت عددا في صفر ، فارسم صفرا ، وإن كان مع المفرد أصفار فارسمها عن يمين سطر الخارج ، مثالها خمسة في هذا العدد ٦٢٠٤٣ ، فصورة العمل هكذا :

فلو كان خمسمائة لزدت قبل سطر الحاصل صفرين هكذا :

٩٧

وإن كان ضرب مركّب في مركّب ، فالطّرق فيه كثيرة ، كالشّبكة ، وضرب التّوشيح والمحاذات ، والضّرب بالطّول والقائم والأصفار والنّقل والضّرب المشهور ، والأشهر الشّبكة.

وقاعدتها : أن ترسم شكلا ذا أربعة أضلاع ، وتقسمه إلى مربّعات ، وكلّا منها إلى مثلّثين فوقانى وتحتانى بخطوط مؤرّبة ، كما سترى ، وتضع أحد المضروبين فوقه كلّ مرتبة على مربّع ، والآخر على يساره الآحاد تحت العشرات ، وهى تحت المئات ، وهكذا ، ثمّ اضرب صور المفردات كلّا في كلّ وضع الحاصل في مربّع محاذ لهما آحاد في المثلّث التّحتانى ، وعشراته في الفوقانى ، واترك المربّعات المحاذية للصّفر خالية ، فإذا تمّ الحشو فضع ما في المثلّث التّحتانى الأيمن تحت الشّكل ، فإن خلا فصفرا وهو أوّل مراتب الحاصل ، ثمّ اجمع ما بين كلّ خطّين مؤرّبين ، وضع الحاصل عن يسار ما وضعت أوّلا ، فإن خلا ، فصفرا ، كما في الجمع ، مثالها هذا العدد ٦٢٣٧٤ في هذا العدد ٢٥٧ ، وهذه صورة العمل المذكور :

ثمّ اعلم ؛ أنّ ضرب التّوشيح قسمان : فهذان الشكلان متكفلان بالقسمين المذكورين.

٩٨

هذا شكل ضرب المحاذات :

مثال الضّرب بالطّول :

وأمّا الضّرب بالطّول ، فضع أحد المضروبين عن يمينك في سطر الآحاد تحت العشرات ، وهى تحت المئات ، وهكذا المضروب الآخر عن يسارك كذلك بحيث يسع الفرجة الّتي بينهما بما في العمل ، ويكون كلّ مرتبة محاذيا لنظيره ممّا في اليسار ، ثمّ مدّ خطّا في الطّول على يسار ما في اليمين ، وعلى يمين ما في اليسار ، ثمّ اضرب آخر ما في الطّرف الأيمن ، أى : ما في أعلاه فيما يحاذيه ممّا في اليسار ، وأثبت الحاصل بإزائهما في الطّرف الأيسر قريبا من الخطّ ، بحيث يكون عشراته آخر المراتب إن وجدت ، ثمّ اضرب ما في تحت آخر في ذلك ، وأثبت الحاصل من الآحاد ، والعشرات أو من إحداهما ، بحيث يكون عشراته تحت الآحاد الأوّل ، ثمّ اضرب ما في تحت ما قبل الآخر ، وأثبت الحاصل ، بحيث يكون عشراته تحت آحاد الثّانى ، وهكذا إلى انتهاء

٩٩

مراتب المضروب ، ثمّ أنزل سطر المضروب إلى السّفل بمرتبة ، واجعل أوّله محاذيا لما قبل أوّل المضروب فيه ، واضرب ما في أوّله فيما يحاذيه ممّا في اليسار ، وأثبت الحاصل من عشراته تحت آحاد الحاصل الأوّل ، والحاصل من آحاده فيما قبل العشرات ، وإن لم يحصل عشرات ، فأثبت آحاده فيما قبل آحاد الضّرب السّابق ، ثمّ اضرب الثّانية منه في ثانية المضروب فيه كذلك ، ثمّ الثّالث في ثانية إلى الانتهاء ، ثمّ أنزل سطر المضروب إلى الأسفل بمرتبة ، واجعل أوّله محاذيا لما قبل ثانية المضروب فيه ، واضرب كلّ واحد من مراتب المضروب فيما قبل الثّانية ، كما عرفت ، وأثبت الخارج حيث أوجب النّزول على ما تقرّر حتّى يحاذى أوّله آخره ، ثمّ اجمع الخارجات : ا ، ثا ، لم ، لمح ، فيما كان ، فهو المطلوب.

مثاله : (٤٢٥) أربعمائة وخمسة وعشرون في (٣٤٢) ثلاثمائة واثنين وأربعين ، فضع أحد المضروبين في يمينك ، والآخر يسارك منفردا هكذا ، ثمّ مدّ خطّا طولا ينافى كلّ من الجانبين على ما عرفت.

ثمّ اضرب الأربعة في الثّلاثة باثني عشر ، فأثبت العشرة بواحد قريبا من الثّلاثة الّتي في الطّرف الأيسر ، والاثنين فيما قبلها.

ثمّ اضرب الاثنين فيها بستّة ، وأثبت فيما قبل الاثنين ، ثمّ الخمسة فيها بخمسة عشر ، فأثبت الخمسة فيما قبل السّتّة والعشرة تحتها ، ثمّ أنزل سطر المضروب مرتبة ، وأثبت الأربعة في مقابلة الأربعة ، والاثنين في مقابلة الاثنين ، والخمسة تحتها.

ثمّ اضرب الأربعة بالأربعة بستّة عشرة ، فأثبت العشرة تحت الآحاد الحاصلة من الضّرب الأوّل ، وهو الاثنان ، والسّتّة تحت العشرة الحاصلة منه ،

١٠٠